تصنیف نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تصنیف نهج البلاغه - نسخه متنی

لبیب بیضون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

التنبيه من الغفلة


العبرة و الاعتبار و العظة و الاتعاظ و الاعتبار بالأمم السالفة


قال الامام علي "ع":

و قر سمع لم يفقه الواعية، و كيف يراعي النّبأة من أصمّته الصّيحة. "الخطبة 4، 46"

إنّ من صرّحت له العبر عمّا بين يديه من المثلات، حجزته التّقوى عن تقحّم الشّبهات. "الخطبة 16، 55"

لا تقلع المنيّة اختراما، و لا يرعوي الباقون اجتراما. "الخطبة 81، 1، 138"

و من خطبته الغراء "ع": عباد مخلوقون اقتدارا، و مربوبون اقتسارا، و مقبوضون احتضارا،

و مضمّنون أجداثا، و كائنون رفاتا، و مبعوثون أفرادا، و مدينون جزاء، و مميّزون حسابا.

قد أمهلوا في طلب المخرج، و هدوا سبيل المنهج. و عمّروا مهل المستعتب، و كشفت عنهم سدف الرّيب. و خلّوا لمضمار الجياد، و رويّة الارتياد، و أناة المقتبس المرتاد. في مدّة الأجل، و مضطرب المهل. "الخطبة 81، 1، 139"

فيا لها أمثالا صائبة، و مواعظ شافية، لو صادفت قلوبا زاكية، و أسماعا واعية، و آراء عازمة، و ألبابا حازمة. فاتّقوا اللّه تقيّة من سمع فخشع... و عبّر فاعتبر، و حذّر فحذر، و زجر فازدجر. "الخطبة 81، 1، 140"

و قدّر لكم أعمارا سترها عنكم، و خلّف لكم عبرا من آثار الماضين قبلكم، من

مستمتع خلاقهم، و مستفسح خناقهم. أرهقتهم المنايا دون الآمال، و شذّ بهم عنها تخرّم الآجال. لم يمهدوا في سلامة الأبدان، و لم يعتبروا في أنف الأوان. فهل ينتظر أهل بضاضة الشّباب إلاّ حواني الهرم؟ و أهل غضارة الصّحّة إلاّ نوازل السّقم؟ و أهل مدّة البقاء إلاّ آونة الفناء؟ "الخطبة 81، 2، 142"

أولستم أبناء القوم و الآباء، و إخوانهم و الأقرباء؟ تحتذون أمثلتهم، و تركبون قدّتهم، و تطؤون جادّتهم؟ "الخطبة 81، 2، 143"

عباد اللّه، أين الّذين عمروا فنعموا، و علّموا ففهموا، و أنظروا فلهوا، و سلّموا فنسوا أمهلوا طويلا، و منحوا جميلا، و حذّروا أليما، و وعدوا جسيما احذروا الذّنوب المورّطة، و العيوب المسخطة. "الخطبة 81، 3، 148"

فاتّعظوا عباد اللّه بالعبر النّوافع، و اعتبروا بالآي السّواطع، و ازدجروا بالنّذر البوالغ، و انتفعوا بالذّكر و المواعظ، فكأن قد علقتكم مخالب المنيّة... "الخطبة 83، 150"

و السّعيد من وعظ بغيره، و الشّقيّ من انخدع لهواه و غروره. "الخطبة 84، 152"

نظر فأبصر، و ذكر فاستكثر. و ارتوى من عذب فرات سهّلت له موارده، فشرب نهلا، و سلك سبيلا جددا. "الخطبة 85، 153"

أمّا بعد فإنّ اللّه لم يقصم جبّاري دهر قطّ إلاّ بعد تمهيل و رخاء، و لم يجبر عظم أحد من الأمم إلاّ بعد أزل و بلاء، و في دون ما استقبلتم من عتب و ما استدبرتم من خطب معتبر و ما كلّ ذي قلب بلبيب، و لا كلّ ذي سمع بسميع و لا كلّ ناظر ببصير. "الخطبة 86، 156"

فاعتبروا عباد اللّه، و اذكروا تيك الّتي آباؤكم و إخوانكم بها مرتهنون، و عليها محاسبون. و لعمري ما تقادمت بكم و لا بهم العهود، و لا خلت فيما بينكم و بينهم الأحقاب و القرون، و ما أنتم اليوم من يوم كنتم في أصلابهم ببعيد. "الخطبة 87، 158"

و اعلموا أنّه من لم يعن على نفسه حتّى يكون له منها واعظ و زاجر، لم يكن له من غيرها لا زاجر و لا واعظ. "الخطبة 88، 160"

أو ليس لكم في آثار الأوّلين مزدجر، و في آبائكم الماضين تبصرة و معتبر، إن كنتم

تعقلون أو لم تروا إلى الماضين منكم لا يرجعون، و إلى الخلف الباقين لا يبقون...

و على أثر الماضي ما يمضي الباقي. "الخطبة 97، 192"

رحم اللّه امرءا تفكّر فاعتبر، و اعتبر فأبصر. "الخطبة 101، 197"

ألا إنّ أبصر الأبصار ما نفذ في الخير طرفه. ألا إنّ أسمع الأسماع ما وعى التّذكير و قبله "الخطبة 103، 200"

و قال "ع" في صفة المغتر بالدنيا: و لا ينزجر من اللّه بزاجر، و لا يتّعظ منه بواعظ، و هو يرى المأخوذين على الغرّة، حيث لا إقالة و لا رجعة. كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون، و جاءهم من فراق الدّنيا ما كانوا يأمنون، و قدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدون. "الخطبة 107، 210"

ألستم في مساكن من كان قبلكم: أطول أعمارا، و أبقى آثارا، و أبعد آمالا، و أعدّ عديدا، و أكثف جنودا. "الخطبة 109، 216"

و اتّعظوا فيها بالّذين قالوا "من أشدّ منّا قوّة". حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا، و أنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا. و جعل لهم من الصّفيح أجنان، و من التّراب أكفان، و من الرّفات جيران. "الخطبة 109، 216"

و من عبرها "أي الدنيا" أنّ المرء يشرف على أمله فيقتطعه حضور أجله. فلا أمل يدرك، و لا مؤمّل يترك. فسبحان اللّه ما أعزّ سرورها و أظمأ ريّها و أضحى فيئها. لا جاء يردّ، و لا ماض يرتدّ. "الخطبة 112، 221"

فاعتبروا بنزولكم منازل من كان قبلكم، و انقطاعكم عن أوصل إخوانكم. "الخطبة 115، 226"

عباد اللّه إنّ الدّهر يجري بالباقين كجريه بالماضين. لا يعود ما قد ولّى منه، و لا يبقى سرمدا ما فيه. آخر فعاله كأوّله. متشابهة أموره، متظاهرة أعلامه. فكأنّكم بالسّاعة تحدوكم حدو الزّاجر بشوله "أي سائق الابل التي مضى على حملها سبعة أشهر". فمن شغل نفسه بغير نفسه تحيّر في الظّلمات و ارتبك في الهلكات.

و مدّت به شياطينه في طغيانه، و زيّنت له سيّي ء أعماله. فالجنّة غاية السّابقين،

و النّار غاية المفرّطين. "الخطبة 155، 278"

فاتّعظوا بالعبر، و اعتبروا بالغير، و انتفعوا بالنّذر. "الخطبة 155، 278"

و اعتبروا بما قد رأيتم من مصارع القرون قبلكم. قد تزايلت أوصالهم، و زالت أبصارهم و أسماعهم، و ذهب شرفهم و عزّهم، و انقطع سرورهم و نعيمهم. فبدّلوا بقرب الأولاد فقدها، و بصحبة الأزواج مفارقتها. لا يتفاخرون و لا يتناسلون، و لا يتزاورون و لا يتحاورون. "الخطبة 159، 286"

فقد جرّبتم الأمور و ضرّستموها و وعظتم بمن كان قبلكم و ضربت الأمثال لكم،

و دعيتم إلى الأمر الواضح. فلا يصمّ عن ذلك إلاّ أصمّ. و لا يعمى عن ذلك إلاّ أعمى.

و من لم ينفعه اللّه بالبلاء و التّجارب لم ينتفع بشي ء من العظة، و أتاه التّقصير من أمامه "أي ظهر له عيانا"، حتّى يعرف ما أنكر، و ينكر ما عرف. "الخطبة 174، 316"

و قال "ع" عن سليمان بن داود "ع": فلمّا استوفى طعمته، و استكمل مدّته، رمته قسيّ الفناء بنبال الموت. و أصبحت الدّيار منه خالية، و المساكن معطّلة، و ورثها قوم آخرون. و إنّ لكم في القرون السّالفة لعبرة.

أين العمالقة و أبناء العمالقة أين الفراعنة و أبناء الفراعنة أين أصحاب مدائن الرّسّ الّذين قتلوا النّبيّين، و أطفؤوا سنن المرسلين، و أحيوا سنن الجبّارين أين الّذين ساروا بالجيوش و هزموا بالألوف، و عسكروا العساكر و مدّنوا المدائن. "الخطبة 180، 326"

... فإنّه "أي الكبر" ملاقح الشّنآن، و منافخ الشّيطان، الّتي خدع بها الأمم الماضية، و القرون الخالية. حتّى أعنقوا في حنادس جهالته، و مهاوي ضلالته، ذللا عن سياقه، سلسا في قياده. أمرا تشابهت القلوب فيه، و تتابعت القرون عليه. و كبرا تضايقت الصّدور به. "الخطبة 190، 1، 360"

فاعتبروا بما أصاب الأمم المستكبرين من قبلكم، من بأس اللّه و صولاته، و وقائعه و مثلاته "عقوباته". و اتّعظوا بمثاوي حدودهم، و مصارع جنوبهم، و استعيذوا باللّه من لواقح الكبر، كما تستعيذونه من طوارق الدّهر. "الخطبة 190، 2، 362"

و احذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات، بسوء الأفعال و ذميم الأعمال. فتذكّروا في الخير و الشّرّ أحوالهم، و احذروا أن تكونوا أمثالهم. فإذا تفكرتم في تفاوت حاليهم، فالزموا كلّ أمر لزمت العزّة به شأنهم، و زاحت الأعداء له عنهم، و مدّت العافية به عليهم، و انقادت النّعمة له معهم، و وصلت الكرامة عليه حبلهم، من الاجتناب للفرقة، و اللّزوم للألفة، و التّحاضّ عليها و التّواصي بها. و اجتنبوا كلّ أمر كسر فقرتهم، و أوهن منّتهم. من تضاغن القلوب و تشاحن الصّدور، و تدابر النّفوس و تخاذّل الأيدي. و تدبّروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم، كيف كانوا في حال التّمحيص و البلاء. ألم يكونوا أثقل الخلائق أعباء، و أجهد العباد بلاء، و أضيق أهل الدّنيا حالا اتّخذتهم الفراعنة عبيدا، فساموهم سوء العذاب، و جرّعوهم المرار،

فلم تبرح الحال بهم في ذلّ الهلكة و قهر الغلبة. لا يجدون حيلة في امتناع، و لا سبيلا إلى دفاع. حتّى إذا رأى اللّه سبحانه جدّ الصّبر منهم على الأذى في محبّته، و الاحتمال للمكروه من خوفه، جعل لهم من مضايق البلاء فرجا. فأبدلهم العزّ مكان الذّلّ، و الأمن مكان الخوف، فصاروا ملوكا حكّاما. و أئمّة أعلاما. و قد بلغت الكرامة من اللّه لهم، ما لم تذهب الآمال إليه بهم.

فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء "جمع ملأ" مجتمعة، و الأهواء مؤتلفة،

و القلوب معتدلة. و الأيدي مترادفة، و السّيوف متناصرة. و البصائر نافذة، و العزائم واحدة. ألم يكونوا أربابا في أقطار الأرضين، و ملوكا على رقاب العالمين. فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر أمورهم، حين وقعت الفرقة، و تشتّتت الألفة. و اختلفت الكلمة و الأفئدة. و تشعّبوا مختلفين، و تفرّقوا متحازبين. قد خلع اللّه عنهم لباس كرامته، و سلبهم غضارة نعمته. و بقي قصص أخبارهم فيكم عبرا للمعتبرين.

فاعتبروا بحال ولد إسماعيل و بني إسحق و بني إسرائيل عليهم السّلام. فما أشدّ اعتدال الأحوال، و أقرب اشتباه الأمثال.

تأمّلوا أمرهم في حال تشتّتهم و تفرّقهم، ليالي كانت الأكاسرة و القياصرة أربابا لهم. يحتازونهم عن ريف الآفاق، و بحر العراق، و خضرة الدّنيا. إلى منابت الشّيح،

و مهافي الرّيح، و نكد المعاش. فتركوهم عالة مساكين إخوان دبر و وبر. أذلّ الأمم دارا، و أجدبهم قرارا. لا يأوون إلى جناح دعوة يعتصمون بها، و لا إلى ظلّ ألفة يعتمدون على عزّها. فالأحوال مضطربة، و الأيدي مختلفة، و الكثرة متفرّقة. في بلاء أزل "الازل هو الشدة"، و أطباق جهل. من بنات موؤودة، و أصنام معبودة، و أرحام مقطوعة، و غارات مشنونة.

فانظروا إلى مواقع نعم اللّه عليهم حين بعث إليهم رسولا، فعقد بملّته طاعتهم، و جمع على دعوته ألفتهم. كيف نشرت النّعمة عليهم جناح كرامتها، و أسالت لهم جداول نعيمها، و التّفّت الملّة بهم في عوائد بركتها، فأصبحوا في نعمتها غرقين، و في خضرة عيشها فكهين. قد تربّعت الأمور بهم، في ظلّ سلطان قاهر، و آوتهم الحال إلى كنف عزّ غالب. و تعطّفت الأمور عليهم في ذرى ملك ثابت. فهم حكّام على العالمين، و ملوك في أطراف الأرضين. يملكون الأمور على من كان يملكها عليهم.

و يمضون الأحكام فيمن كان يمضيها فيهم. لا تغمز لهم قناة، و لا تقرع لهم صفاة.

ألا و إنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطّاعة. و ثلمتم حصن اللّه المضروب عليكم بأحكام الجاهليّة. فإنّ اللّه سبحانه قد امتنّ على جماعة هذه الأمّة فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة الّتي ينتقلون في ظلّها، و يأوون إلى كنفها، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة، لأنّها أرجح من كلّ ثمن، و أجلّ من كلّ خطر. "الخطبة 190، 3، 368"

و اعلموا أنّكم صرتم بعد الهجرة أعرابا، و بعد الموالاة أحزابا. ما تتعلّقون من الإسلام إلاّ باسمه، و لا تعرفون من الإيمان إلاّ رسمه.

تقولون النّار و لا العار كأنّكم تريدون أن تكفئوا الإسلام على وجهه انتهاكا لحريمه، و نقضا لميثاقه الّذي وضعه اللّه لكم، حرما في أرضه و أمنا بين خلقه.

و إنّكم إن لجأتم إلى غيره حاربكم أهل الكفر، ثمّ لا جبرائيل و لا ميكائيل و لا مهاجرون و لا أنصار ينصرونكم، إلاّ المقارعة بالسّيف حتّى يحكم اللّه بينكم.

و إنّ عندكم الأمثال من بأس اللّه و قوارعه، و أيّامه و وقائعه، فلا تستبطئوا وعيده جهلا

بأخذه، و تهاونا ببطشه، و يأسا من بأسه. فإنّ اللّه سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلاّ لتركهم الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر. فلعن اللّه السّفهاء لركوب المعاصي، و الحلماء لترك التّناهي. "الخطبة 190، 4، 372"

و اعلموا عباد اللّه أنّكم و ما أنتم فيه من هذه الدّنيا على سبيل من قد مضى قبلكم، ممّن كان أطول منكم أعمارا، و أعمر ديارا، و أبعد آثارا. أصبحت أصواتهم هامدة...

'تراجع بقية الكلام في المبحث "375" القبر و صفة الموتى'. "الخطبة 224، 428"

... و لا تغرّنّكم الحياة الدّنيا كما غرّت من كان قبلكم من الأمم الماضية، و القرون الخالية. الّذين احتلبوا درّتها "أي لبنها" و أصابوا غرّتها. و أفنوا عدّتها، و أخلقوا جدّتها.

و أصبحت مساكنهم أجداثا، و أموالهم ميراثا. لا يعرفون من أتاهم، و لا يحفلون من بكاهم، و لا يجيبون من دعاهم. "الخطبة 228، 432"

و قال "ع" في وصيته لابنه الحسن "ع": أحي قلبك بالموعظة، ... و بصّره فجائع الدّنيا،

و حذّره صولة الدّهر، و فحش تقلّب اللّيالي و الأيّام، و اعرض عليه أخبار الماضين،

و ذكّره بما أصاب من كان قبلك من الأوّلين، و سر في ديارهم و آثارهم. فانظر فيما فعلوا، و عمّا انتقلوا، و أين حلّوا و نزلوا فإنّك تجدهم قد انتقلوا عن الاحبّة، و حلّوا ديار الغربة. و كأنّك عن قليل قد صرت كأحدهم. فأصلح مثواك، و لا تبع آخرتك بدنياك. و دع القول فيما لا تعرف... "الخطبة 270، 1، 475"

و يتابع "ع" وصيته للحسن "ع" فيقول:

أي بنيّ، إنّي و إن لم أكن عمّرت عمر من كان قبلي، فقد نظرت في أعمالهم، و فكّرت في أخبارهم، و سرت في آثارهم، حتّى عدت كأحدهم. بل كأنّي بما انتهى إليّ من أمورهم قد عمّرت مع أوّلهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره، و نفعه من ضرره، فاستخلصت لك من كلّ أمر نخيله، و توخّيت لك جميله، و صرفت عنك مجهوله. "الخطبة 270، 1، 476"

و من عهده "ع" لمالك الاشتر: ثمّ اعلم يا مالك، أنّي قد وجّهتك إلى بلاد قد جرت عليها دون قبلك، من عدل و جور، و أنّ النّاس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه

من أمور الولاة قبلك، و يقولون فيك ما كنت تقول فيهم. "الخطبة 292، 1، 517"

و صدّق بما سلف من الحقّ، و اعتبر بما مضى من الدّنيا ما بقي منها، فإنّ بعضها يشبه بعضا، و آخرها لاحق بأوّلها. و كلّها حائل مفارق. "الخطبة 308، 556"

و سئل "ع" عن الايمان فقال: الإيمان على أربع دعائم: على الصّبر و اليقين و العدل و الجهاد.

الى أن قال "ع": و اليقين منها على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، و تأوّل الحكمة،

و موعظة العبرة، و سنّة الأوّلين. فمن تبصّر في الفطنة تبيّنت له الحكمة، و من تبيّنت له الحكمة عرف العبرة، و من عرف العبرة فكأنّما كان في الأوّلين. "30 ح، 569" و من كان له من نفسه واعظ، كان عليه من اللّه حافظ. "89 ح، 580" لكلّ امري ء عاقبة حلوة أو مرّة. "151 ح، 597" لم يذهب من مالك ما وعظك. "196 ح، 602" و من اعتبر أبصر، و من أبصر فهم، و من فهم علم. "208 ح، 604" بينكم و بين الموعظة حجاب من الغرّة "أي الغرور بالدنيا". "282 ح، 623" ما أكثر العبر و أقلّ الاعتبار. "297 ح، 626" و الإعتبار منذر ناصح. "365 ح، 638" و إنّما ينظر المؤمن إلى الدّنيا بعين الاعتبار، و يقتات منها ببطن الاضطرار.

"367 ح، 639"

التنبيه من الغفلة


قال الامام علي "ع":

فاتّقى عبد ربّه، نصح نفسه، و قدّم توبته، و غلب شهوته. فإنّ أجله مستور عنه، و أمله خادع له. و الشّيطان موكّل به، يزيّن له المعصية ليركبها، و يمنّيه التّوبة ليسوّفها. إذا هجمت منيّته عليه أغفل ما يكون عنها. فيا لها حسرة على كلّ ذي غفلة أن يكون

عمره عليه حجّة، و أن تؤدّيه أيّامه إلى الشّقوة. "الخطبة 62، 118"

و من خطبته الغراء "ع": فهل ينتظر أهل بضاضة الشّباب إلاّ خواني الهرم؟ و أهل غضارة الصّحّة إلاّ نوازل السّقم؟ و أهل مدّة البقاء إلاّ آونة الفناء؟ مع قرب الزّيال، و أزوف الانتقال. "الخطبة 81، 2، 142"

فالقلوب قاسية عن حظّها، لاهية عن رشدها، سالكة في غير مضمارها. كأنّ المعنيّ سواها، و كأنّ الرّشد في إحراز دنياها. "الخطبة 81، 2، 143"

أولي الأبصار و الأسماع، و العافية و المتاع، هل من مناص أو خلاص، أو معاذ أو ملاذ، أو فرار أو محار أم لا؟ فأنّى تؤفكون أم أين تصرفون؟ أم بماذا تغترّون؟

و إنّما حظّ أحدكم من الأرض، ذات الطّول و العرض، قيد قدّه، متعفّرا على خدّه.

الآن عباد اللّه و الخناق مهمل، و الرّوح مرسل. في فينة الإرشاد، و راحة الأجساد،

و باحة الاحتشاد. و مهل البقيّة، و أنف المشيّة. و إنظار التّوبة، و انفساح الحوبة. قبل الضّنك و المضيق، و الرّوع و الزّهوق. و قبل قدوم الغائب المنتظر، و أخذة العزيز المقتدر. "الخطبة 81، 3، 148"

فاستدركوا بقيّة أيّامكم، و اصبروا لها أنفسكم، فإنّها قليل في كثير الأيّام الّتي تكون منكم فيها الغفلة، و التّشاغل عن الموعظة، و لا ترخّصوا لأنفسكم، فتذهب بكم الرّخص مذاهب الظّلمة، و لا تداهنوا "أي تظهروا خلاف ما في الطوية" فيهجم بكم الإدهان على المعصية. "الخطبة 84، 152"

فأين تذهبون، و أنّى تؤفكون و الأعلام قائمة، و الآيات واضحة، و المنار منصوبة. فأين يتاه بكم، و كيف تعمهون؟ و بينكم عترة نبيّكم.. "الخطبة 85، 155"

و ما كلّ ذي قلب بلبيب، و لا كلّ ذي سمع بسميع، و لا كلّ ذي نظر ببصير. "الخطبة 86، 156"

و اللّه ما أسمعكم الرّسول شيئا إلاّ و ها أنا ذا مسمعكموه، و ما أسماعكم اليوم بدون أسماعكم بالأمس، و لا شقّت لهم الأبصار، و لا جعلت لهم الأفئدة في ذلك الزّمان، إلاّ و قد أعطيتم مثلها في هذا الزّمان. و و اللّه ما بصّرتم بعدهم شيئا جهلوه،

/ 86