تصنیف نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تصنیف نهج البلاغه - نسخه متنی

لبیب بیضون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

و قالوا: يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين "ع" من تقسيم القلب؟ فقال أمير المؤمنين:

دعوه، فإنّ الّذي يريده الأعرابيّ هو الّذي نريده من القوم. ثمّ قال "ع": يا أعرابي، إنّ القول في أنّ اللّه واحد على أربعة أقسام: فوجهان منها لا يجوزان على اللّه، و وجهان يثبتان فيه، فأمّا اللّذان لا يجوزان عليه، فقول القائل: واحد، يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز، لأنّ ما لا ثاني له، لا يدخل في باب الأعداد، ألا ترى أنّه كفر من قال ثالث ثلاثة؟. و قول القائل هو واحد، من النّاس، من يريد النّوع من الجنس، فهذا ما لا يجوز، لأنّه تشبيه، و جلّ ربّنا عن ذلك و تعالى. و أمّا الوجهان اللّذان يثبتان فيه، فقول القائل: هو واحد، ليس له في الأشباه شبه، كذلك ربّنا. و قول القائل:

أنّه عزّ و جلّ أحد، المعنى يعني به، أنّه لا ينقسم في وجود و لا عقل و لا وهم، كذلك ربّنا عزّ و جلّ. "مستدرك، 160"

صفات اللّه تعالى


مدخل:

اللّه سبحانه و تعالى هو الكمال المطلق، له الصفات الحسنى التي هي عين ذاته. و هو في كلّ صفاته لا يشبه صفة المخلوقين، لأنّه ليس كمثله شي ء. فهو كائن لا بمعنى أنه لم يكن ثم حدث، و هو موجود لا بمعنى أنه كان معدوما ثم وجد. و هو بصير و سميع و عليم بدون حاجة الى عين و أذن و حواس. و هو فاعل بدون حاجة الى آلة أو أداة أو إجالة فكر أو اختبار، انّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. و إذا كنّا نطلق عليه سبحانه هذه الصفات فمن قبيل التجاوز، لأنّه بعد عن مشابهة المخلوقين، الذين تطرأ عليهم الحوادث، و اللّه ليس محلا للحوادث.

و تقسم صفات اللّه تعالى الى نوعين:

الأول: صفات ذاته و هي الصفات الثبوتية الحقيقية، كالعلم و القدرة و الغنى و الارادة و الحياة.

و الثاني: صفات أفعاله و هي الصفات الثبوتية الاضافية كالخالقية و الرازقيّة و الإحياء و الإماتة، و هي صفات حادثة و ليست قديمة.

و الفرق بين صفات الذات و صفات الفعل، انّ صفات الذات ما اتّصف اللّه بها و امتنع اتصافه بضدها، كالعلم، فلا يجوز أن يقال إنه عالم بكذا و غير عالم بكذا. و صفات الفعل ما يتّصف تعالى بها و بضدها، كالخلق، فيقال انّ اللّه تعالى خلق زيدا و لم يخلق عمرا.

يراجع المبحث "21" حمد اللّه، و المبحث "1" معرفة اللّه.

يراجع الفصل الثالث "الخلق" و الفصل الرابع "العدل" من هذا الباب.

يراجع المبحث "77" الأدعية و المناجاة.

النصوص:

قال الإمام علي "ع":

الحمد للّه الّذي لا يبلغ مدحته القائلون، و لا يحصي نعماءه العادّون، و لا يؤدّي حقّه المجتهدون. الّذي لا يدركه بعد الهمم، و لا يناله غوص الفطن. الّذي ليس لصفته حدّ محدود، و لا نعت موجود، و لا وقت معدود، و لا أجل ممدود. فطر الخلائق بقدرته، و نشر الرّياح برحمته، و وتّد بالصّخور ميدان أرضه. "الخطبة 1، 23"

كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم. مع كلّ شي ء لا بمقارنة، و غير كلّ شي ء لا بمزايلة "أي مفارقة و مباينة". فاعل لا بمعنى الحركات و الآلة. بصير إذ لا منظور إليه من خلقه. متوحّد إذ لا سكن يستأنس به و لا يستوحش لفقده. "كل هذه الأمثلة لبيان أن ما نتّخذه من ألفاظ و عبارات في وصف اللّه سبحانه، لا نقصد بها أبدا ما تعارفنا عليه من دلالتها، حال اطلاقها على المخلوقين". "الخطبة 1، 25"

و قال "ع" في صفة الملائكة: لا يتوهّمون ربّهم بالتّصوير، و لا يجرون عليه صفات المصنوعين، و لا يحدّونه بالأماكن، و لا يشيرون إليه بالنّظائر "الخطبة 1، 28"

إنّه لا يضلّ من هداه، و لا يئلّ من عاداه، و لا يفتقر من كفاه. "الخطبة 2، 35"

الّذي لا تبرح منه رحمة، و لا تفقد له نعمة. "الخطبة 45، 103"

الحمد للّه الّذي بطن خفيّات الأمور، و دلّت عليه أعلام الظّهور، و امتنع على عين البصير، فلا عين من لم يره تنكره: و لا قلب من أثبته يبصره... لم يطلع العقول على تحديد صفته، و لم يحجبها عن واجب معرفته. فهو الّذي تشهد له أعلام الوجود، على

إقرار قلب ذي الجحود "أي أن قلب الجاحد يقرّ بوجود اللّه و إن أنكره بلسانه". تعالى اللّه عمّا يقوله المشبّهون به و الجاحدون له علوّا كبيرا. "الخطبة 49، 106"

الحمد للّه الّذي لم تسبق له حال حالا، فيكون أوّلا قبل أن يكون آخرا، و يكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا، كلّ مسمّى بالوحدة غيره قليل، و كلّ عزيز غيره ذليل، و كلّ قويّ غيره ضعيف، و كلّ مالك غيره مملوك، و كلّ عالم غيره متعلّم، و كلّ قادر غيره يقدر و يعجز، و كلّ سميع غيره يصمّ عن لطيف الأصوات، و يصمّه كبيرها، و يذهب عنه ما بعد منها، و كلّ بصير غيره يعمى عن خفيّ الألوان و لطيف الأجسام، و كلّ ظاهر غيره غير باطن، و كلّ باطن غيره غير ظاهر. لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان، و لا تخوّف من عواقب زمان، و لا استعانة على ندّ مثاور، و لا شريك مكاثر، و لا ضدّ منافر، و لكن خلائق مربوبون، و عباد داخرون "أي أذلاّء". لم يحلل في الأشياء فيقال: هو كائن، و لم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن. لم يؤده "أي يتعبه" خلق ما ابتدأ، و لا تدبير ما ذرأ، و لا وقف به عجز عمّا خلق، و لا ولجت عليه شبهة فيما قضى و قدّر. بل قضاء متقن، و علم محكم، و أمر مبرم. المأمول مع النّقم، المرهوب مع النّعم. "الخطبة 63، 118"

اللّهمّ داحي المدحوّات "أي الأرضين" و داعم المسموكات، و جابل القلوب على فطرتها: شقيّها و سعيدها. "الخطبة 70، 125"

الحمد للّه الّذي علا بحوله، و دنا بطوله، مانح كلّ غنيمة و فضل، و كاشف كلّ عظيمة و أزل "أي ضيق". أحمده على عواطف كرمه، و سوابغ نعمه. و أومن به أولا باديا، و أستهديه قريبا هاديا، و أستعينه قاهرا قادرا، و أتوكّل عليه كافيا ناصرا. "الخطبة 81، 1، 136"

أوصيكم عباد اللّه بتقوى اللّه، الّذي ضرب الأمثال، و وقّت لكم الآجال، و ألبسكم الرّياش، و أرفغ لكم المعاش، و أحاط بكم الإحصاء، و أرصد لكم الجزاء، و آثركم بالنّعم السّوابغ، و الرّفد الرّوافغ، و أنذركم بالحجج البوالغ. فأحصاكم عددا، و وظّف لكم مددا. في قرار خبرة، و دار عبرة. أنتم مختبرون فيها، و محاسبون عليها. "الخطبة

81، 1، 137"

عباد مخلوقون اقتدارا، و مربوبون اقتسارا "أي عباد خلقهم اللّه بقدرته و ملكهم بسطوته". "الخطبة 81، 1، 139"

و كفى باللّه منتقما و نصيرا. "الخطبة 81، 2، 145"

لا تقع الأوهام له على صفة، و لا تعقد القلوب منه على كيفيّة، و لا تناله التّجزئة و التّبعيض، و لا تحيط به الأبصار و القلوب. "الخطبة 83، 150"

قد علم السّرائر، و خبر الضّمائر. له الإحاطة بكلّ شي ء، و الغلبة لكلّ شي ء، و القوّة على كلّ شي ء. "الخطبة 84، 151"

الحمد للّه المعروف من غير رؤية، و الخالق من غير رويّة، الّذي لم يزل قائما دائما، إذ لا سماء ذات أبراج، و لا حجب ذات إرتاج، و لا ليل داج، و لا بحر ساج، و لا جبل ذو فجاج، و لا فجّ ذو اعوجاج، و لا أرض ذات مهاد، و لا خلق ذو اعتماد. ذلك مبتدع الخلق و وارثه، و إله الخلق و رازقه، و الشّمس و القمر دائبان في مرضاته، يبليان كلّ جديد، و يقرّبان كلّ بعيد. قسم أرزاقهم، و أحصى آثارهم و أعمالهم، و عدد أنفسهم، و خائنة أعينهم، و ما تخفي صدورهم من الضّمير، و مستقرّهم و مستودعهم من الأرحام و الظّهور، إلى أن تتناهى بهم الغايات. هو الّذي اشتدّت نقمته على أعدائه في سعة رحمته، و اتّسعت رحمته لأوليائه في شدّة نقمته. قاهر من عازّه "أي رام مشاركته في عزته"، و مدمّر من شاقّه، و مذلّ من ناواه، و غالب من عاداه. من توكّل عليه كفاه، و من سأله أعطاه، و من أقرضه قضاه، و من شكره جزاه. "الخطبة 88، 159"

و من خطبة له "ع" تعرف بخطبة الأشباح، و هي من جلائل خطبه: الأوّل الّذي لم يكن له قبل فيكون شي ء قبله، و الآخر الّذي ليس له بعد فيكون شي ء بعده، و الرّادع أناسيّ الأبصار عن أن تناله أو تدركه. ما اختلف عليه دهر فيختلف منه الحال، و لا كان في مكان فيجوز عليه الإنتقال. "الخطبة 89، 1، 161"

و ردّ على سائل سأله أن يصف اللّه تعالى حتى كأنّه يراه عيانا فقال: فانظر أيّها السّائل

فما دلّك القرآن عليه من صفته فائتمّ به، و استضي ء بنور هدايته، و ما كلّفك الشّيطان علمه ممّا ليس في الكتاب عليك فرضه، و لا في سنّة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و أئمّة الهدى أثره، فكل علمه إلى اللّه سبحانه، فإنّ ذلك منتهى حقّ اللّه عليك.

و اعلم أنّ الرّاسخين في العلم هم الّذين أغناهم عن اقتحام السّدد المضروبة دون الغيوب، الأقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فمدح اللّه تعالى اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما، و سمّى تركهم التّعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عن كنهه رسوخا. فاقتصر على ذلك، و لا تقدّر عظمة اللّه سبحانه على قدر عقلك فتكون من الهالكين. هو القادر الّذي إذا ارتمت الأوهام لتدرك منقطع قدرته، و حاول الفكر المبرّأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته، و تولّهت القلوب إليه لتجري في كيفيّة صفاته، و غمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه الصّفات، لتناول علم ذاته، ردعها و هي تجوب مهاوي سدف الغيوب، متخلّصة إليه سبحانه، فرجعت إذ جبهت معترفة، بأنّه لا ينال بجور الإعتساف كنه معرفته، و لا تخطر ببال أولي الرّويّات خاطرة من تقدير جلال عزّته.

الّذي ابتدع الخلق على غير مثال امتثله، و لا مقدار احتذى عليه، من خالق معبود كان قبله. "الخطبة 89، 1، 161"

فأشهد أنّ من شبّهك بتباين أعضاء خلقك، و تلاحم حقاق مفاصلهم المحتجبة لتدبير حكمتك، لم يعقد غيب ضميره على معرفتك، و لم يباشر قلبه اليقين بأنّه لا ندّ لك، و كأنّه لم يسمع تبرّؤ التّابعين من المتبوعين إذ يقولون: تَاللّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ، إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ كذب العادلون بك، إذ شبّهوك بأصنامهم، و نحلوك حلية المخلوقين بأوهامهم، و جزّؤوك تجزئة المجسّمات بخواطرهم، و قدّروك على الخلقة المختلفة القوى بقرائح عقولهم. و أشهد أنّ من ساواك بشي ء من خلقك فقد عدل بك، و العادل بك كافر بما تنزّلت به محكمات آياتك، و نطقت عنه شواهد حجج بيّناتك و إنّك أنت اللّه الّذي لم تتناه في العقول، فتكون في مهبّ فكرها مكيّفا، و لا في رويّات خواطرها فتكون محدودا مصرّفا. "الخطبة 89، 1، 163"

قدّر ما خلق فأحكم تقديره، و دبّره فألطف تدبيره، و وجّهه لوجهته فلم يتعدّ حدود منزلته، و لم يقصر دون الإنتهاء إلى غايته، و لم يستصعب إذ أمر بالمضيّ على إرادته، فكيف و إنّما صدرت الأمور عن مشيئته؟ المنشى ء أصناف الأشياء بلا رويّة فكر آل إليها، و لا قريحة غريزة أضمر عليها، و لا تجربة أفادها من حوادث الدّهور، و لا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور، فتمّ خلقه بأمره، و أذعن لطاعته، و أجاب إلى دعوته، لم يعترض دونه ريث المبطي ء، و لا أناة المتلكّى ء. فأقام من الأشياء أودها، و نهج حدودها، و لاءم بقدرته بين متضادّها، و وصل أسباب قرائنها، و فرّقها أجناسا مختلفات في الحدود و الأقدار، و الغرائز و الهيئات، بدايا "جمع بدي ء أي مصنوع" خلائق. أحكم صنعها، و فطرها على ما أراد و ابتدعها. "الخطبة 89، 1، 164"

و جاء في خطبة الأشباح: و قدّر الأرزاق فكثّرها و قلّلها، و قسّمها على الضّيق و السّعة فعدل فيها، ليبتلي من أراد بميسورها و معسورها، و ليختبر بذلك الشّكر و الصّبر من غنيّها و فقيرها. ثمّ قرن بسعتها عقابيل "أي شدائد" فاقتها، و بسلامتها طوارق آفاتها، و بفرج أفراحها غصص أتراحها. و خلق الآجال فأطالها و قصّرها، و قدّمها و أخّرها، و وصل بالموت أسبابها، و جعله خالجا لأشطانها، و قاطعا لمرائر أقرانها "أي حبالها الشديدة الفتل". "89، 4، 175" اللّهمّ أنت أهل الوصف الجميل، و التّعداد الكثير. إن تؤمّل فخير مأمول، و إن ترج فخير مرجوّ. "89، 4، 177" الحمد للّه النّاشر في الخلق فضله، و الباسط فيهم بالجود يده. نحمده في جميع أموره، و نستعينه على رعاية حقوقه، و نشهد أن لا إله غيره. "98، 193" الحمد للّه المتجلّي لخلقه بخلقه، و الظّاهر لقلوبهم بحجّته. خلق الخلق من غير رويّة، إذ كانت الرّويّات لا تليق إلاّ بذوي الضّمائر، و ليس بذي ضمير في نفسه.

خرق علمه باطن غيب السّترات، و أحاط بغموض عقائد السّريرات. "106، 204" و قال "ع" في بيان قدرة اللّه و انفراده بالعظمة: كلّ شي ء خاشع له، و كلّ شي ء قائم به:

غنى كلّ فقير، و عزّ كلّ ذليل، و قوّة كلّ ضعيف، و مفزع كلّ ملهوف. من تكلّم

سمع نطقه، و من سكت علم سرّه، و من عاش فعليه رزقه، و من مات فإليه منقلبه.

لم ترك العيون فتخبر عنك بل كنت قبل الواصفين من خلقك. لم تخلق الخلق لوحشة، و لا استعملتهم لمنفعة، و لا يسبقك من طلبت و لا يفلتك من أخذت، و لا ينقص سلطانك من عصاك، و لا يزيد في ملكك من أطاعك، و لا يردّ أمرك من سخط قضاءك، و لا يستغني عنك من تولّى عن أمرك. كلّ سرّ عندك علانيّة، و كلّ غيب عندك شهادة. أنت الأبد لا أمد لك، و أنت المنتهى فلا محيص عنك، و أنت الموعد فلا منجى منك إلاّ إليك. بيدك ناصية كلّ دابّة، و إليك مصير كلّ نسمة.

سبحانك ما أعظم شأنك سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك و ما أصغر عظيمة في جنب قدرتك و ما أهول ما نرى من ملكوتك و ما أحقر ذلك فيما غاب عنّا من سلطانك و ما أسبغ نعمك في الدّنيا، و ما أصغرها في نعم الآخرة. "107، 208" سبحانك خالقا و معبودا بحسن بلائك عند خلقك، خلقت دارا، و جعلت فيها مأدبة:

مشربا و مطعما، و أزواجا و خدما و قصورا، و أنهارا و زروعا و ثمارا، ثمّ أرسلت داعيا يدعو إليها. "107، 209" أفيضوا في ذكر اللّه فإنّه أحسن الذّكر، و ارغبوا فيما وعد المتّقين، فإنّ وعده أصدق الوعد. "108، 213" و قد توكّل اللّه لأهل هذا الدّين بإعزاز الحوزة، و ستر العورة. و الّذي نصرهم و هم قليل لا ينتصرون، و منعهم و هم قليل لا يمتنعون. حيّ لا يموت. "132، 246" الحمد للّه الدّال على وجوده بخلقه، و بمحدث خلقه على أزليّته، و باشتباههم على أن لا شبه له. لا تستلمه المشاعر "أي لا تصل إليه"، و لا تحجبه السّواتر. لافتراق الصّانع و المصنوع، و الحادّ و المحدود، و الرّبّ و المربوب. الأحد بلا تأويل عدد،

و الخالق لا بمعنى حركة و نصب. و السّميع لا بأداة، و البصير لا بتفريق آلة. و الشّاهد لا بمماسّة، و البائن لا بتراخي مسافة. و الظّاهر لا برؤية، و الباطن لا بلطافة. بان من الأشياء بالقهر لها، و القدرة عليها. و بانت الأشياء منه بالخضوع له و الرّجوع إليه.

من وصفه فقد حدّه، و من حدّه فقد عدّه، و من عدّه فقد أبطل أزله. و من قال "كيف"

فقد استوصفه، و من قال "أين" فقد حيّزه. و عالم إذ لا معلوم، و ربّ إذ لا مربوب، و قادر إذ لا مقدور. "150، 266"

الحمد للّه الّذي انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته، و ردعت عظمته العقول، فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته.

هو اللّه الملك الحقّ المبين، أحقّ و أبين ممّا ترى العيون. لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبّها. و لم تقع عليه الأوهام بتقدير فيكون ممثّلا. خلق الخلق على غير تمثيل، و لا مشورة مشير، و لا معونة معين. فتمّ خلقه بأمره، و أذعن لطاعته، فأجاب و لم يدافع، و انقاد و لم ينازع. "الخطبة 153، 271"

أمره قضاء و حكمة، و رضاه أمان و رحمة. يقضي بعلم، و يعفو بحلم. "الخطبة 158، 280"

فلسنا نعلم كنه عظمتك، إلاّ أنّا نعلم أنّك حيّ قيّوم، لا تأخذك سنة و لا نوم. لم ينته إليك نظر، و لم يدركك بصر. أدركت الأبصار، و أحصيت الأعمال، و أخذت بالنّواصي و الأقدام. و ما الّذي نرى من خلقك، و نعجب له من قدرتك، و نصفه من عظيم سلطانك، و ما تغيّب عنّا منه، و قصرت أبصارنا عنه، و انتهت عقولنا دونه،

و حالت ستور الغيوب بيننا و بينه، أعظم. فمن فرّغ قلبه، و أعمل فكره، ليعلم كيف أقمت عرشك، و كيف ذرأت خلقك، و كيف علّقت في الهواء سمواتك، و كيف مددت على مور الماء أرضك، رجع طرفه حسيرا، و عقله مبهورا، و سمعه والها، و فكره حائرا. "الخطبة 158، 280"

الحمد للّه خالق العباد، و ساطح المهاد، و مسيل الوهاد، و مخصب النّجاد. ليس لأوّليّته ابتداء، و لا لأزليّته انقضاء. هو الأوّل و لم يزل و الباقي بلا أجل. خرّت له الجباه و وحّدته الشّفاه. حدّ الأشياء عند خلقه لها إبانة له من شبهها. لا تقدّره الأوهام بالحدود و الحركات، و لا بالجوارح و الأدوات. لا يقال له "متى؟" و لا يضرب له أمد "بحتّى". الظّاهر لا يقال "ممّا؟" و الباطن لا يقال "فيم؟". لا شبح فيتقصّى، و لا محجوب فيحوى. لم يقرب من الأشياء بالتصاق، و لم يبعد عنها بافتراق.

و لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة و لا كرور لفظة، و لا ازدلاف ربوة و لا انبساط خطوة. في ليل داج و لا غسق ساج، يتفيّأ عليه القمر المنير، و تعقبه الشّمس ذات النّور في الأفول و الكرور، و تقلّب الأزمنة و الدّهور. من إقبال ليل مقبل، و إدبار نهار مدبر. قبل كلّ غاية و مدّة، و كلّ إحصاء و عدّة. تعالى عمّا ينحله المحدّدون من صفات الأقدار، و نهايات الأقطار. و تأثّل المساكن و تمكّن الأماكن. فالحدّ لخلقه مضروب و إلى غيره منسوب. "الخطبة 161، 288"

لم يخلق الأشياء من أصول أزليّة، و لا من أوائل أبديّة، بل خلق ما خلق فأقام حدّه، و صوّر ما صوّر فأحسن صورته. ليس لشي ء منه إمتناع، و لا له بطاعة شي ء انتفاع. علمه بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين. و علمه بما في السّموات العلى كعلمه بما في الأرضين السّفلى. "الخطبة 161، 290"

لا يشغله شأن و لا يغيّره زمان، و لا يحويه مكان، و لا يصفه لسان. و لا يعزب عنه عدد قطر الماء و لا نجوم السّماء، و لا سوافي الرّيح في الهواء، و لا دبيب النّمل على الصّفا، و لا مقيل الذّرّ "صغار النمل" في اللّيلة الظّلماء. يعلم مساقط الأوراق و خفيّ طرف الأحداق. و أشهد أن لا إله إلاّ اللّه غير معدول به، و لا مشكوك فيه، و لا مكفور دينه، و لا مجحود تكوينه "أي خلقه للخلق". "الخطبة 176، 318"

أراد ذعلب اليماني أن يقحم أمير المؤمنين "ع" فقال له: هل رأيت ربك؟ فقال "ع" أفأعبد ما لا أرى؟ فقال: و كيف تراه؟ فقال "ع": لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، و لكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان. قريب من الأشياء غير ملامس، بعيد منها غير مباين. متكلّم لا برويّة، مريد لا بهمّة، صانع لا بجارحة. لطيف لا يوصف بالخفاء، كبير لا يوصف بالجفاء، بصير لا يوصف بالحاسّة، رحيم لا يوصف بالرّقّة. تعنو الوجوه لعظمته، و تجب "أي تخفق" القلوب من مخافته. "الخطبة 177، 320"

لم يولد سبحانه فيكون في العزّ مشاركا.. و لم يلد فيكون موروثا هالكا. و لم يتقدّمه وقت و لا زمان. و لم يتعاوره زيادة و لا نقصان. بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التّدبير المتقن و القضاء المبرم. فمن شواهد خلقه خلق السّموات... "الخطبة، 180، 324"

الحمد للّه الكائن قبل أن يكون كرسيّ أو عرش، أو سماء أو أرض، أو جانّ أو إنس.

لا يدرك بوهم، و لا يقدّر بفهم. و لا يشغله سائل، و لا ينقصه نائل "أي عطاء". و لا ينظر بعين، و لا يحدّ بأين. و لا يوصف بالأزواج، و لا يخلق بعلاج. و لا يدرك بالحواسّ، و لا يقاس بالنّاس. الّذي كلّم موسى تكليما، و أراه من آياته عظيما. بلا جوارح و لا أدوات، و لا نطق و لا لهوات. بل إن كنت صادقا أيّها المتكلّف لوصف ربّك، فصف جبرائيل و ميكائيل و جنود الملائكة المقرّبين في حجرات القدّس مرجحنّين "أي متحركين، كناية عن الإنحناء لعظمة اللّه" متولّهة عقولهم أن يحدّوا أحسن الخالقين. فإنّما يدرك بالصّفات ذوو الهيئات و الأدوات، و من ينقضي إذا بلغ أمد حدّه بالفناء. فلا إله إلاّ هو، أضاء بنوره كلّ ظلام، و أظلم بظلمته كلّ نور. "الخطبة 180، 325"

الحمد للّه المعروف من غير رؤية، و الخالق من غير منصبة "أي تعب". خلق الخلائق بقدرته، و استعبد الأرباب بعزّته، و ساد العظماء بجوده. و هو الّذي أسكن الدّنيا خلقه، و بعث إلى الجنّ و الإنس رسله.. "الخطبة 181، 329"

الحمد للّه الّذي لا تدركه الشّواهد، و لا تحويه المشاهد، و لا تراه النّواظر، و لا تحجبه السّواتر. الدّال على قدمه بحدوث خلقه، و بحدوث خلقه على وجوده، و باشتباههم على أن لا شبه له. الّذي صدق في ميعاده و ارتفع عن ظلم عباده. و قام بالقسط في خلقه، و عدل عليهم في حكمه. مستشهد بحدوث الأشياء على أزليّته، و بما وسمها به من العجز على قدرته، و بما اضطرّها إليه من الفناء على دوامه. واحد لا بعدد، و دائم لا بأمد، و قائم لا بعمد. تتلقّاه الأذهان لا بمشاعرة، و تشهد له المرائي لا بمحاضرة. لم تحط به الأوهام، بل تجلّى لها بها، و بها امتنع منها، و إليها حاكمها.

ليس بذي كبر امتدّت به النّهايات فكبّرته تجسيما، و لا بذي عظم تناهت به الغايات فعظّمته تجسيدا. بل كبر شأنا و عظم سلطانا. "الخطبة 183، 334"

فاعل لا باضطراب آلة. مقدّر لا بجول فكرة، غنيّ لا باستفادة. لا تصحبه الأوقات، و لا ترفده الأدوات. سبق الأوقات كونه، و العدم وجوده، و الإبتداء أزله. بتشعيره

/ 86