تصنیف نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تصنیف نهج البلاغه - نسخه متنی

لبیب بیضون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

و أما الذي مال الى صهره فهو عبد الرحمن بن عوف كان صهرا لعثمان. و مجمل قصة الشورى أنه بعد وفاة عمر اجتمع الصحابة الستة الذين عينهم عمر و هم: علي بن أبي طالب 'ع' و عثمان بن عفان، و طلحة، و الزبير، و سعد بن أبي وقاص، و عبد الرحمن بن عوف. و تشاوروا في امر الخلافة فاختلفوا، فوهب طلحة حقه في الشورى لعثمان، حيث تحرك ضغنه على بني هاشم، و أعطى الزبير حقه لعلي "ع" لقرابته من علي "ع" فهو ابن عمته صفية، و أعطى سعد حقه لابن عمه عبد الرحمن لأنهما من قبيلة زهرة. لكن عبد الرحمن ما لبث أن أخرج نفسه من الخلافة لعلمه بأن قبيلته زهرة لا ترقى الى الخلافة.

فبقى في الحلبة علي "ع" و عثمان. و لما كان عمر قد أعطى عبد الرحمن حق الفصل في حال تعادل الاصوات، توجه عبد الرحمن بن عوف الى الامام علي "ع" و قال له: أمدد يدك أبايعك على كتاب اللّه و سنة رسوله و سيرة الشيخين، فقال "ع": بل أبايع على كتاب اللّه و سنة رسوله و مبلغ علمي و اجتهادي. فتحول عبد الرحمن الى صهره عثمان، فبايعه عثمان على ما يريد، و انتهت قصة الشورى، بين فلان يميل لبغضه من فلان، و فلان يميل الى قرابته من فلان. ثم يطلقون عليها اسم الشورى، و الشورى منها براء، و انما هي شورى الهنات و الخصومات و المصالح و الغايات".

إلى أن قام ثالث القوم نافجا حصنيئه بين نثيله و معتلفه "النثيل: الروث، و المعنى أن همه الأكل". و قام معه بنو أبيه "أي بني أمية" يخضمون مال اللّه خضم الإبل نبتة الرّبيع.

إلى أن انتكث عليه فتله، و أجهز عليه عمله، و كبت به بطنته "أي أهلكه جشعه و اسرافه في الشبع".

فما راعني إلاّ و النّاس كعرف الضّبع إليّ، ينثالون عليّ من كلّ جانب، حتّى لقد وطي ء الحسنان "أي الحسن و الحسين عليهما السلام"، و شقّ عطفاي. مجتمعين حولي كربيضة الغنم "كناية عن ازدحام الناس الذين تواردوا لمبايعة الامام علي عليه السلام". فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة "أي أصحاب الجمل و على رأسهم طلحة و الزبير و عائشة" و مرقت أخرى "أي أصحاب النهروان و هم الخوارج" و قسط آخرون "أي اصحاب صفين و هم أهل الشام و على رأسهم معاوية و عمرو بن العاص، و القسط هو الفسوق و الخروج عن الطاعة". كأنّهم لم يسمعوا اللّه سبحانه يقول تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُريدُونَ عُلُوُّّاً فِي الأَرْضِ وَ لاَ فَسَاداً وَ العَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ بلى و اللّه، لقد سمعوها و وعوها، و لكنّهم حليت الدّنيا في أعينهم، و راقهم زبرجها "أي زينتها". أما و الّذي فلق الحبّة، و برأ النّسمة، لو لا حضور الحاضر، و قيام الحجّة بوجود النّاصر "أي ان اجتماع الانصار حول الامام

عليه السلام هو حجة عليه في أن يقوم بالامر، مما لم يحصل له عند وفاة النبي 'ص'"،

و ما أخذ اللّه على العلماء، أن لا يقارّوا "أي لا يوافقوا مقرّين" على كظّة ظالم "الكظة: الثقل الناتج عن تخمة الطعام" و لا سغب مظلوم "السغب: شدة الجوع"،

لألقيت حبلها "أي حبل الخلافة" على غاربها، و لسقيت آخرها بكأس أوّلها،

و لألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز "أي عطسة عنزة و هي ليست بذات قيمة".

قالوا: و قام الى الامام "ع" رجل من أهل السواد عند بلوغه الى هذا الموضع من خطبته، فناوله كتابا "قيل أن فيه مسائل كان يريد الاجابة عنها"، فأقبل "ع" ينظر فيه "فلما فرغ من قراءته" قال له ابن عباس: يا أمير المؤمنين، لو اطّردت خطبتك من حيث افضيت.

فقال: هيهات يا ابن عبّاس تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت "الشّقشقة ما يخرجه البعير من فمه اذا هاج، و لذلك سميت هذه الخطبة بالشقشقية". "الخطبة 3، 39"

من خطبة له "ع" لما قبض الرسول "ص" و خاطبه العباس و أبو سفيان في أن يبايعا له بالخلافة "و ذلك بعد أن تمت البيعة لأبي بكر في السقيفة"، يقول 'ع': أيّها النّاس:

شقّوا أمواج الفتن بسفن النّجاة، و عرّجوا عن طريق المنافرة، و ضعوا تيجان المفاخرة.

أفلح من نهض بجناح "أي بناصر"، أو استسلم فأراح. هذا "أي الخلافة" ماء آجن،

و لقمة يغصّ بها آكلها. و مجتني الثّمرة لغير وقت ايناعها كالزّارع بغير أرضه.

فإن أقل يقولوا: حرص على الملك. و إن أسكت يقولوا: جزع من الموت. هيهات بعد اللّتيّا و الّتي، و اللّه لابن أبي طالب آنس بالموت من الطّفل بثدي أمّه. بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية "أي الحبال" في الطّويّ البعيدة "أي الآبار العميقة". "الخطبة 5، 47"

لما انتهت الى أمير المؤمنين "ع" انباء سقيفة بني ساعدة، بعد وفاة رسول اللّه "ص".

قال "ع": ما قالت الانصار؟ قالوا: قالت: منا أمير و منكم أمير. قال "ع": فهلاّ احتججتم عليهم بأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وصّى بأن يحسن إلى محسنهم، و يتجاوز عن مسيئهم؟ قالوا: و ما في هذا من الحجة عليهم؟

فقال "ع": لو كانت الإمامة فيهم لم تكن الوصيّة بهم. ثم قال "ع": فماذا قالت

قريش؟ قالوا: احتجت بأنها شجرة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. فقال عليه السلام: احتجّوا بالشّجرة، و أضاعوا الثّمرة 'يريد بالثمرة آل بيت النبي "ص"'. "الخطبة 65، 122"

من كلام له "ع" لما عزموا على بيعة عثمان:

لقد علمتم أنّي أحقّ النّاس بها من غيري، و و اللّه لأسلمنّ ما سلمت أمور المسلمين، و لم يكن فيها جور إلاّ عليّ خاصّة، التماسا لأجر ذلك و فضله، و زهدا فيما تنافستموه من زخرفه و زبرجه. "الخطبة 72، 129"

و قال "ع" لبعض أصحابه و قد سأله: كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام و انتم أحق به.

فقال: يا أخا بني أسد، إنّك لقلق الوضين "الوضين: الحبل الذي يشد به الرحل على ظهر الدابة الى تحت بطنها، و هو كناية عن الاضطراب في الكلام". ترسل في غير سدد، و لك بعد ذمامة الصّهر و حقّ المسألة، و قد استعلمت فاعلم: أمّا الاستبداد علينا بهذا المقام و نحن الأعلون نسبا، و الأشدّون برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نوطا "أي تعلقا"، فإنّها كانت أثرة شحّت عليها نفوس قوم، و سخت عنها نفوس آخرين.

و الحكم اللّه، و المعود إليه القيامة.

و دع عنك نهبا صيح في حجراته

و هلمّ "أي اذكر" الخطب في ابن أبي سفيان. فلقد أضحكني الدّهر بعد إبكائه.

و لا غرو و اللّه، فيا له خطبا يستفرغ العجب، و يكثر الأود حاول القوم إطفاء نور اللّه من مصباحه، و سدّ فوّاره من ينبوعه، و جدحوا "أي خلطوا" بيني و بينهم شربا وبيئا.

فإن ترتفع عنّا و عنهم محن البلوى، أحملهم من الحقّ على محضه. و إن تكن الأخرى فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ، إنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. "الخطبة 160، 287"

و قد قال قائل: إنّك على هذا الأمر يا بن أبي طالب لحريص. فقلت: بل أنتم و اللّه لأحرص و أبعد، و أنّا أخصّ و أقرب. و إنّما طلبت حقّا لي و أنتم تحولون بيني و بينه، و تضربون وجهي دونه. فلمّا قرّعته بالحجّة في الملأ الحاضرين هبّ "أي صاح كالتيس" كأنّه بهت لا يدري ما يجيبني به

اللّهمّ إنّي أستعديك على قريش و من أعانهم. فإنّهم قطعوا رحمي، و صغّروا عظيم منزلتي، و أجمعوا على منازعتي أمرا هو لي. ثمّ قالوا: ألا إنّ في الحقّ أن تأخذه، و في الحقّ أن تتركه. "الخطبة 170، 306"

قال "ع" لمعاوية: و زعمت أنّي لكلّ الخلفاء حسدت و على كلّهم بغيت. فإن يكن ذلك كذلك، فليست الجناية عليك، فيكون العذر إليك.

و تلك شكاة ظاهر عنك عارها

و قلت: إنّي كنت أقاد كما يقاد الجمل المخشوش "أي في أنفه خشبة يقاد منها" حتّى أبايع. و لعمر اللّه لقد أردت أن تذمّ فمدحت، و أن تفضح فافتضحت و ما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوما، ما لم يكن شاكّا في دينه، و لا مرتابا بيقينه و هذه حجّتي إلى غيرك قصدها "أي أن معاوية ليس له حق في الخلافة أصلا، فاحتجاج الامام ليس موجه له" و لكنّي أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذكرها.

ثمّ ذكرت ما كان من أمري و أمر عثمان... و ما كنت لأعتذر من أنّي كنت أنقم عليه أحداثا "أي بدعا" فإن كان الذّنب إليه إرشادي و هدايتي له، فربّ ملوم لا ذنب له.

و قد يستفيد الظّنّة المتنصّح

و ما أردت إلاّ الإصلاح ما استطعت. و ما توفيقي إلاّ باللّه، عليه توكّلت و إليه أنيب. "الخطبة 267، 470"

من كتاب له "ع" الى أهل مصر، مع مالك الاشتر لما ولاه امارتها: أمّا بعد، فإنّ اللّه سبحانه بعث محمّدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نذيرا للعالمين، و مهيمنا على المرسلين. فلمّا مضى عليه السّلام تنازع المسلمون الأمر من بعده. فو اللّه ما كان يلقى في روعي "أي قلبي" و لا يخطر ببالي، أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن أهل بيته، و لا أنّهم منحّوه عنّي من بعده فما راعني إلاّ انثيال النّاس على فلان "أي انصبابهم على ابي بكر" يبايعونه. فأمسكت يدي، حتّى رأيت راجعة النّاس قد رجعت عن الإسلام "يقصد بهم أهل الردة كمسيلمة الكذاب

و سجاح و طليحة بن خويلد"، يدعون إلى محق دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فخشيت إن لم أنصر الإسلام و أهله أن أرى فيه ثلما أو هدما، تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم الّتي إنّما هي متاع أيّام قلائل، يزول منها ما كان،

كما يزول السّراب، أو كما يتقشّع السّحاب. فنهضت في تلك الأحداث، حتّى زاح الباطل و زهق، و اطمأنّ الدّين و تنهنه. "الخطبة 301، 547"

نقد الامام للخلفاء الذين سبقوه

لا ينكر أن الامام "ع" انتقد الخلفاء السابقين له، و لكن نقده لم يكن نقدا عاطفيا، و انما كان نقدا منطقيا، و هذا هو الذي يمنحه أهمية عظمى.

و ينقسم هذا النقد في نهج البلاغة الى قسمين:

قسم عام: يشتمل على توجّده من الخلفاء لاغتصابهم حقه القطعي المسلّم به.

قسم خاص: يشتمل على نقده لشخصية كل خليفة و بيان نقاط ضعفه.

نقد أبي بكر الصديق

تركز نقد الامام علي "ع" للخليفة الاول على ثلاثة أمور:

الاول: انه أخذ الخلافة و هو يعلم أن الامام "ع" أولى بها منه و من غيره. يقول "ع": 'أما و اللّه لقد تقمّصها "ابن أبي قحافة"، و إنّه ليعلم محلّي منها محلّ القطب من الرّحى'.

الثاني: كان أبو بكر كثيرا ما يطلب إقالته من الخلافة لشعوره بأنه غير أهل لها، و من ذلك قوله الصريح: 'أقيلوني أقيلوني، فلست بخيركم'.

فكيف بمن كان يقرّ بعدم أهليته للخلافة، يجوز له أن يعين أيضا غيره للخلافة.

الثالث: أنكر الخليفة الاول أن يكون النبي "ص" قد أوصى بالخلافة لأحد، و زعم أنه تركها شورى بين المسلمين. لكنه ما لبث أن ضرب بالشورى عرض الحائط، حين أوصى بالخلافة لشخص معين. فكأن الشورى عنده وسيلة للوصول الى الغاية، ينفيها حيث يريد، و يثبتها حيث يشاء.

نقد عمر بن الخطاب

و أما الخليفة الثاني فان الامام "ع" ينتقده اضافة لما سبق من غصبه حقه في الخلافة، في

ثلاثة أمور:

ألاول: خشونته المفرطة، و هو في ذلك عكس أبي بكر. و في المثل: 'درة عمر أهيب من سيف الحجاج'. و قد ضرب بها أم فروة أخت أبي بكر لأنها ناحت عليه.

الثاني: أنه كان يفتي بالحكم ثم ينقضه و يفتي بخلافه. حتى قال: 'من أراد أن يتقحّم جراثيم جهنّم فليقل في الجد برأيه'. و مسألة الجد هي مسألة في الارث عرضت له عدة مرات في خلافته، فأفتى كل مرة فيها بخلاف الاخرى. و اذا ما تسنى له الرجوع الى الامام علي فيكتشف خطأه كان يقول: 'لولا عليّ لهلك عمر'.

الثالث: أنه جعل نفسه وصيا على الامة الاسلامية، ضاربا عرض الحائط بمبدأ الشورى،

الذي تمسك به في السقيفة. ثم هو يعطي نفسه صلاحيات ليست له، فحين طعن عيّن ستة من الصحابة ذكر أنهم الوحيدون الذين توفي النبي "ص" و هو راض عنهم، و حين دعاهم بيّن رأيه في كل واحد منهم و أنه غير أهل للخلافة. فمن الذي أعطاه الحق في حصر الخلافة في أفراد معدودين يمدحهم تارة و يذمهم تارة أخرى؟

و حتى هذه اللحظة و عمر لم يقرّ للامام علي "ع" بأهليته للخلافة، و لا بأفضليته على الستة،

و إلا لعينه من بعده خليفة دونما حاجة الى هذه الشورى التي لعبت فيها الاهواء و المصالح،

و كان نتيجة ذلك ما كان من فتن.

و في هذا الصدد يرد الامام "ع" على عمر بلهجة حادة حيث يقول: 'فيا للّه و للشّورى،

متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل منهم، حتّى صرت أقرن إلى هذه النّظائر'. فحق الامام "ع" مقدم على الخليفة الاول أصلا، فكيف بهؤلاء الخمسة؟.

أما ما ورد في الخطبة "226" من كلمات فيها ثناء على شخص مكنى عنه بكلمة "فلان" فقد اختلف الشرّاح في المراد بهذا الرجل، و قال كثير منهم أنه "عمر بن الخطاب".

و من هذا الكلام قوله: 'للّه بلاء فلان، فلقد قوّم الأود، و داوى العمد، و أقام السّنّة،

و خلّف الفتنة ذهب نقيّ الثّوب، قليل العيب...'.

قال الطبري: لما مات عمر بكته النساء، فقالت ابنة ابي حثمة: 'واعمراه أقام الأود، و أبرأ العمد. أمات الفتن، و أحيا السّنن. خرج نقيّ الثوب، بريئا من العيب'.

قال الطبري: روى صالح بن كيسان عن المغيرة بن شعبة، قال: لما دفن عمر، أتيت عليا "ع" و أنا أحب أن أسمع منه في عمر شيئا. فخرج ينفض رأسه و لحيته و قد اغتسل،

و هو ملتحف بثوب، لا يشك أن الامر يصير اليه فقال: رحم اللّه ابن الخطاب لقد صدقت ابنة أبي حثمة: 'ذهب بخيرها و نجا من شرّها أما و اللّه ما قالت و لكن قوّلت'.

فالظاهر مما سبق أن هذه الكلمات ليست من إنشاء الامام "ع" و انما رددها على لسانه لغاية معينة. فيكون الشريف الرضي قد توهم في نسبتها اليه.

نقد عثمان بن عفان

أما عثمان بن عفان فقد جاء ذكره في نهج البلاغة أكثر من سابقيه. و قد توجه اليه الامام "ع" بعدة انتقادات أساسية، منها أنه كان ضعيف الارادة، يقنعه الامام "ع" بالحق، فلا يلبث أن يدخل عليه مروان بن الحكم فيقنعه بخلاف ذلك. ثم ان بطانته الفاسدة ألحقت به أضرارا كبيرة.

و المتحصل من كلام الامام "ع" في النهج أنه كان له نقد شديد على سيرة عثمان، فلذلك فهو يرى أن الثوار الذين قاموا عليه كانوا على حق. و لكنه مع ذلك كان يرى أن قتله و هو خليفة بيد الثوار مما لا يتفق مع المصالح العامة للاسلام و المسلمين.

و لقد نصحه الامام "ع" كثيرا و حذره من عواقب الامور، فلم يفلح. و كان أمله الوحيد أن تتحقق المطالب المشروعة للثوار المسلمين، دون سفك دماء. و لذلك فقد نقد "ع" الطرفين المتنازعين فقال: 'استأثر فأساء الأثرة و جزعتم فأسأتم الجزع'.

و في حين كان الامام "ع" في موقف حرج بين عثمان و أعدائه، كان عثمان يتهم الامام "ع" بممالأة الثوار ضده. و كان يقف منه موقفا مترددا. فتارة يطلب من الامام "ع" الجلاء عن المدينة الى عين ماء له ب "ينبع" بحجة أن وجوده يزيد في هياج الثوار، ثم لا يلبث أن يبعث اليه بالقدوم لعلمه بأنه الوحيد الذي يستطيع أن يفيده بتهدئة الثوار ضده. و لقد تألم الامام "ع" كثيرا من هذه التصرفات حتى قال لابن عمه: 'يا ابن عبّاس ما يريد عثمان إلاّ أن يجعلني جملا ناضحا بالغرب. أقبل و أدبر بعث إليّ أن أخرج، ثمّ بعث إليّ أن أقدم، ثمّ هو الآن يبعث إليّ أن أخرج و اللّه لقد دفعت عنه حتّى خشيت أن أكون آثما'.

ابوبكر الصديق و خلافته


تراجع الخطبة الشقشقية كاملة في المبحث "150".

قال الامام علي "ع":

في الخطبة الشقشقية: أما و اللّه لقد تقمّصها ابن أبي قحافة، و إنّه ليعلم أنّ محلّي منها

محلّ القطب من الرّحى. ينحدر عنّي السّيل و لا يرقى إليّ الطّير... حتّى مضى الأوّل لسبيله، فأدلى بها إلى ابن الخطّاب بعده.. فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته، لشدّ ما تشطّرا ضرعيها "أي أخذ كل واحد منهما ضرعا من الخلافة، أي اقتسماها بالتساوي"... حتّى إذا مضى لسبيله "أي عمر" جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم. فيا للّه و للشّورى، متّى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل منهم "أي أبي بكر" حتّى صرت أقرن إلى هذه النّظائر. "الخطبة 3، 39"

و من كلام له "ع" في أمر البيعة، و فيه يعرّض بخلافة ابي بكر: لم تكن بيعتكم إيّاي فلتة، و ليس أمري و أمركم واحدا. إنّي أريدكم للّه و أنتم تريدونني لأنفسكم.

أيّها النّاس، أعينوني على أنفسكم. و أيم اللّه لأنصفنّ المظلوم من ظالمه، و لأقودنّ الظّالم بخزامته، حتّى أورده منهل الحقّ و إن كان كارها. "الخطبة 134، 247"

و قال "ع" يخاطب عثمان: و ما ابن أبي قحافة و لا ابن الخطّاب بأولى بعمل الحقّ منك، و أنت أقرب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وشيجة رحم منهما.

و قد نلت من صهره ما لم ينالا. "الخطبة 162، 291"

و من كتاب له "ع" الى معاوية جوابا: و زعمت أنّ أفضل النّاس في الإسلام فلان و فلان، فذكرت أمرا إن تمّ اعتزلك كلّه، و إن نقص لم يلحقك ثلمه. "الخطبة 267، 467"

و من كتاب الى واليه على البصرة عثمان بن حنيف يشير فيه الى اغتصاب "فدك" منه:

بلى كانت في أيدينا فدك، من كلّ ما أظلّته السّماء، فشحّت عليها نفوس قوم، و سخت عنها نفوس قوم آخرين، و نعم الحكم اللّه. "الخطبة 284، 506"

أمّا بعد، فإنّ اللّه سبحانه بعث محمّدا "ص" نذيرا للعالمين و مهيمنا على المرسلين.

فلمّا مضى صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، تنازع المسلمون الأمر من بعده. فو اللّه ما كان يلقى في روعي، و لا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده "ص" عن أهل بيته، و لا أنّهم منحّوه عنّي من بعده فما راعني إلاّ انثيال النّاس على "فلان"

يبايعونه، فأمسكت يدي "أي امتنعت عن مبايعته" حتّى رأيت راجعة النّاس قد رجعت عن الإسلام. "الخطبة 301، 547"

عمر بن الخطاب و خلافته


يراجع المبحث "175" رد الامام "ع" على منتقديه.

تراجع الخطبة الشقشقية كاملة في المبحث "150" قال الامام علي "ع":

في الخطبة الشقشقية: حتّى مضى الأوّل لسبيله، فأدلى بها إلى "ابن الخطاب" بعده... فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته، لشدّ ما تشطّرا ضرعيها فصيّرها في حوزة خشناء، يغلظ كلامها، و يخشن مسّها، و يكثر العثار فيها، و الاعتذار منها. فصاحبها كراكب الصّعبة "أي الناقة غير الذلول"، إن أشنق لها خرم، و إن أسلس لها تقحّم "أي لا يستطيع راكب هذه الناقة، لا ان يشد حبل لجامها فيخرم أنفها، و لا أن يرخي لها الحبل فترميه في الهلكة". فمني النّاس لعمر اللّه، بخبط و شماس، و تلوّن و إعتراض.. حتّى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم. فيا للّه و للشّورى متى اعترض الرّيب فيّ مع الأوّل منهم،

حتّى صرت أقرن إلى هذه النّظائر. "الخطبة 3، 40"

و من كلام له "ع" و قد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج الى غزو الروم بنفسه:

إنّك متى تسر إلى هذا العدوّ بنفسك، فتلقهم فتنكب، لا تكن للمسلمين كانفة "أي عاصمة يلجؤون اليها" دون أقصى بلادهم. ليس بعدك مرجع يرجعون إليه.

فابعث إليهم رجلا محربا، و احفز معه أهل البلاء و النّصيحة. فإن أظهر اللّه فذاك ما تحبّ، و إن تكن الأخرى كنت ردءا للنّاس، و مثابة للمسلمين. "الخطبة 132، 246"

و من كلام له "ع" و قد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه:

إنّ هذا الأمر لم يكن نصره و لا خذلانه بكثرة و لا بقلّة. و هو دين اللّه الّذي أظهره،

و جنده الّذي أعدّه و أمدّه، حتّى بلغ ما بلغ، و طلع حيث طلع. و نحن على موعود من اللّه. و اللّه منجز وعده، و ناصر جنده. و مكان القيّم بالأمر مكان النّظام "أي السلك" من الخرز، يجمعه و يضمّه. فان انقطع النّظام تفرّق الخرز و ذهب، ثمّ لم يجتمع بحذافيره أبدا. و العرب اليوم و إن كانوا قليلا، فهم كثيرون بالإسلام، عزيزون بالإجتماع. فكن قطبا، و استدر الرّحى بالعرب، و أصلهم دونك نار الحرب فإنّك إن شخصت من هذه الأرض، انتقضت عليك العرب من أطرافها و أقطارها، حتّى يكون ما تدع وراءك من العورات أهمّ إليك ممّا بين يديك.

إنّ الأعاجم إن ينظروا إليك غدا يقولوا: هذا أصل العرب، فإذا قطعتموه استرحتم، فيكون ذلك أشدّ لكلبهم عليك، و طمعهم فيك. فأمّا ما ذكرت من مسير القوم إلى قتال المسلمين، فإنّ اللّه سبحانه، هو أكره لمسيرهم منك، و هو أقدر على تغيير ما يكره. و أمّا ما ذكرت من عددهم، فإنّا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة، و إنّما كنّا نقاتل بالنّصر و المعونة. "الخطبة 144، 257"

و قال "ع" يخاطب عثمان: و ما ابن أبي قحافة و لا ابن الخطّاب بأولى بعمل الحقّ منك، و أنت أقرب إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم وشيجة رحم منهما.

و قد نلت من صهره ما لم ينالا. "الخطبة 162، 291"

للّه بلاء فلان "يريد عمر بن الخطاب" فلقد قوّم الأود "أي الاعوجاج"، و داوى العمد، و أقام السّنّة، و خلّف الفتنة ذهب نقيّ الثّوب، قليل العيب. أصاب خيرها، و سبق شرّها. أدّى إلى اللّه طاعته، و اتّقاه بحقّه. رحل و تركهم في طرق متشعّبة، لا يهتدي بها الضّالّ، و لا يستيقن المهتدي. "الخطبة 226، 430"

و روي انه ذكر عند عمر بن الخطاب في أيامه حلي الكعبة و كثرته، فقال قوم: لو أخذته فجهزت به جيوش المسلمين لكان أعظم للاجر، و ما تصنع الكعبة بالحلي؟ فهمّ عمر بذلك، و سأل أمير المؤمنين علي "ع" فقال عليه السلام: إنّ القرآن أنزل على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و الأموال أربعة... و كان حلي الكعبة فيها يومئذ، فتركه اللّه على حاله. و لم يتركه نسيانا، و لم يخف عليه مكانا. فأقرّه حيث أقرّه

/ 86