تصنیف نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تصنیف نهج البلاغه - نسخه متنی

لبیب بیضون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

المشيرون


يراجع المبحث "399" المشاورة.

قال الامام علي "ع":

فلا تكفّوا عن مقالة بحقّ، أو مشورة بعدل. فإنّي لست في نفسي بفوق أن أخطي ء، و لا آمن ذلك من فعلي، إلاّ أن يكفي اللّه من نفسي ما هو أملك به منّي. فإنّما أنا و أنتم عبيد مملوكون لربّ لا ربّ غيره. يملك منّا ما لا نملك من أنفسنا، و أخرجنا ممّا كنّا فيه إلى ما صلحنا عليه. فأبدلنا بعد الضّلالة بالهدى،

و أعطانا البصيرة بعد العمى. "الخطبة 214، 413"

و لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل، و يعدك الفقر. و لا جبانا يضعفك عن الأمور. و لا حريصا يزيّن لك الشّره بالجور. فإنّ البخل و الجبن و الحرص غرائز شتّى يجمعها سوء الظّنّ باللّه. "الخطبة 292، 1، 520"

و أكثر مدارسة العلماء، و منافثة الحكماء، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك،

و إقامة ما استقام به النّاس قبلك. "الخطبة 292، 1، 522"

و قال "ع" لعبد اللّه بن العباس: لك أن تشير عليّ و أرى، فإن عصيتك فأطعني.

"321 ح، 630"

معاملة ذوي المروءات و الاحساب


و من كتابه "ع" لمالك الاشتر، لما ولاه مصر: ثمّ الصق بذوي المروءات و الأحساب و أهل البيوتات الصّالحة و السّوابق الحسنة، ثمّ أهل النّجدة و الشّجاعة و السّخاء و السّماحة، فإنّهم جماع من الكرم، و شعب من العرف "أي المعروف". ثمّ تفقّد من

أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما، و لا يتفاقمنّ في نفسك شي ء قوّيتهم به،

و لا تحقرنّ لطفا تعاهدتهم به و إن قلّ، فإنّه داعية لهم إلى بذل النّصيحة لك، و حسن الظّنّ بك. و لا تدع تفقّد لطيف أمورهم اتّكالا على جسيمها، فإنّ لليسير من لطفك موضعا ينتفعون به، و للجسيم موقعا لا يستغنون عنه. "الخطبة 292، 2، 524"

سياسة الجنود


و يتابع الامام "ع" كتابه لمالك الاشتر قائلا:

فولّ من جنودك أنصحهم في نفسك للّه و لرسوله و لإمامك، و أنقاهم جيبا، و أفضلهم حلما. ممّن يبطي ء عن الغضب، و يستريح إلى العذر، و يرأف بالضّعفاء، و ينبو على الأقوياء. و ممّن لا يثيره العنف، و لا يقعد به الضّعف. "الخطبة 292، 2، 524"

و ليكن آثر رؤوس جندك عندك، من واساهم في معونته، و أفضل عليهم من جدته.

بما يسعهم و يسع من وراءهم من خلوف أهليهم، حتّى يكون همّهم هما واحدا في جهاد العدوّ. فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك. و إنّ أفضل قرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد، و ظهور مودّة الرّعيّة. و إنّه لا تظهر مودّتهم إلاّ بسلامة صدورهم، و لا تصحّ نصيحتهم إلاّ بحيطتهم على ولاة الأمور، و قلّة استثقال دولهم،

و ترك استبطاء انقطاع مدّتهم. فافسح في آمالهم، و واصل في حسن الثّناء عليهم،

و تعديد ما أبلى ذوو البلاء منهم، فإنّ كثرة الذّكر لحسن أفعالهم تهزّ الشّجاع،

و تحرّض النّاكل، إن شاء اللّه.

ثمّ اعرف لكلّ امري ء منهم ما أبلى، و لا تضيفنّ بلاء امرى ء إلى غيره. و لا تقصّرنّ به دون غاية بلائه، و لا يدعونّك شرف امرى ء إلى أن تعظم من بلائه ما كان صغيرا،

و لا ضعة امرى ء إلى أن تستصغر من بلائه ما كان عظيما. "الخطبة 292 و 2 و 524"

سياسة القضاة


و يتابع الامام "ع" كتابه لمالك الاشتر قائلا:

ثمّ اختر للحكم بين النّاس أفضل رعيّتك في نفسك، ممّن لا تضيق به الأمور، و لا تمحكه الخصوم، و لا يتمادى في الزّلّة، و لا يحصر من الفي ء إلى الحقّ إذا عرفه،

و لا تشرف نفسه على طمع، و لا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه. و أوقفهم في الشّبهات. و آخذهم بالحجج، و أقلّهم تبرّما بمراجعة الخصم، و أصبرهم على تكشّف الأمور، و أصرمهم عند اتّضاح الحكم. ممّن لا يزدهيه إطراء، و لا يستميله إغراء.

و أولئك قليل. ثمّ أكثر تعاهد قضائه، و افسح له في البذل ما يزيل علّته، و تقلّ معه حاجته إلى النّاس. و اعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصّتك. ليأمن بذلك اغتيال الرّجال له عندك. فانظر في ذلك نظرا بليغا، فإنّ هذا الدّين قد كان أسيرا في أيدي الأشرار، يعمل فيه بالهوى، و تطلب به الدّنيا. "الخطبة 292، 2، 526"

سياسة العمال على البلاد


و يتابع الامام "ع" كتابه لمالك الاشتر قائلا: ثمّ انظر في أمور عمّالك فاستعملهم اختبارا "أي و لهم الاعمال بعد الامتحان"، و لا تولّهم محاباة و أثرة، فإنّهما جماع من شعب الجور و الخيانة. و توخّ منهم أهل التّجربة و الحياء، من أهل البيوتات الصّالحة و القدم في الإسلام المتقدّمة، فإنّهم أكرم أخلاقا و أصحّ أعراضا، و أقلّ في المطامع إشراقا، و أغلب في عواقب الأمور نظرا. ثمّ أسبغ عليهم الأرزاق، فإنّ ذلك قوّة لهم على استصلاح أنفسهم، و غنى لهم عن تناول ما تحت أيديهم، و حجّة عليهم إن خالفوا أمرك أو ثلموا أمانتك. ثمّ تفقّد أعمالهم و ابعث العيون من أهل

الصّدق و الوفاء عليهم، فإنّ تعاهدك في السّرّ لأمورهم حدوة لهم على استعمال الأمانة و الرّفق بالرّعيّة. و تحفّظ من الأعوان، فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها عليه عندك أخبار عيونك، اكتفيت بذلك شاهدا، فبسطت عليه العقوبة في بدنه، و أخذته بما أصاب من عمله. ثمّ نصبته بمقام المذلّة، و وسمته بالخيانة،

و قلّدته عار التّهمة. "الخطبة 292، 3، 527"

سياسة جباية الخراج و عمارة الارض


و يتابع الامام "ع" كتابه لمالك الاشتر قائلا: و تفقّد أمر الخراج بما يصلح أهله، فإنّ في صلاحه و صلاحهم صلاحا لمن سواهم، و لا صلاح لمن سواهم إلاّ بهم. لأنّ الناس كلّهم عيال على الخراج و أهله. و ليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأنّ ذلك لا يدرك إلاّ بالعمارة. و من طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد و أهلك العباد، و لم يستقم أمره إلاّ قليلا. فإن شكوا ثقلا أو علّة أو انقطاع شرب أو بالّة "أي مطر تبل الارض"، أو إحالة أرض اغتمرها غرق أو أجحف بها عطش، خفّفت عنهم بما ترجو أن يصلح به أمرهم، و لا يثقلنّ عليك شي ء خفّفت به المؤونة عنهم، فإنّه ذخر يعودون به عليك في عمارة بلادك، و تزيين ولايتك، مع استجلابك حسن ثنائهم، و تبجّحك باستفاضة العدل فيهم، معتمدا فضل قوّتهم، بما ذخرت عندهم من إجمامك لهم "أي اراحتك لهم" و الثّقة منهم بما عوّدتهم من عدلك عليهم في رفقك بهم، فربّما حدث من الأمور ما إذا عوّلت فيه عليهم من بعد احتملوه طيبة أنفسهم به. فإنّ العمران محتمل ما حمّلته، و إنّما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها، و إنّما يعوز أهلها لإشراف أنفس الولاة على الجمع، و سوء ظنّهم بالبقاء، و قلّة انتفاعهم بالعبر. "الخطبة 292، 3، 528"

سياسة الكتّاب


و يتابع الامام "ع" كتابه لمالك الاشتر قائلا: ثمّ انظر في حال كتّابك، فولّ على أمورك خيرهم، و اخصص رسائلك الّتي تدخل فيها مكائدك و أسرارك بأجمعهم لوجوه صالح الأخلاق، ممّن لا تبطره الكرامة، فيجتري ء بها عليك في خلاف لك بحضرة ملأ، و لا تقصر به الغفلة عن إيراد مكاتبات عمّالك عليك، و إصدار جواباتها على الصّواب عنك، فيما يأخذ لك و يعطي منك، و لا يضعف عقدا اعتقده لك،

و لا يعجز عن إطلاق ما عقد عليك. و لا يجهل مبلغ قدر نفسه في الأمور، فإنّ الجاهل بقدر نفسه يكون بقدر غيره أجهل. ثمّ لا يكن اختيارك إيّاهم على فراستك و استنامتك "أي ثقتك" و حسن الظّنّ منك، فإنّ الرّجال يتعرّفون لفراسات الولاة بتصنّعهم و حسن خدمتهم، و ليس وراء ذلك من النّصيحة و الأمانة شي ء. و لكن اختبرهم بما ولّوا للصّالحين قبلك، فاعمد لأحسنهم كان في العامّة أثرا، و أعرفهم بالأمانة وجها، فإنّ ذلك دليل على نصيحتك للّه و لمن ولّيت أمره. و اجعل لرأس كلّ أمر من أمورك رأسا منهم، لا يقهره كبيرها، و لا يتشتّت عليه كثيرها، و مهما كان في كتّابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته. "الخطبة 292، 3، 529"

سياسة التجار و ذوي الصناعات


و يتابع الامام "ع" كتابه لمالك الاشتر قائلا: ثمّ استوص بالتّجّار و ذوي الصّناعات و أوص بهم خيرا: المقيم منهم و المضطرب بماله و المترفّق ببدنه، فإنّهم موادّ المنافع،

و أسباب المرافق، و جلاّبها من المباعد و المطارح، في برّك و بحرك و سهلك و جبلك، و حيث لا يلتئم النّاس لمواضعها و لا يجترؤون عليها، فإنّهم سلم لا تخاف

بائقته، و صلح لا تخشى غائلته. و تفقّد أمورهم بحضرتك و في حواشي بلادك.

و اعلم مع ذلك أنّ في كثير منهم ضيقا فاحشا، و شحّا قبيحا، و احتكارا للمنافع،

و تحكّما في البياعات. و ذلك باب مضرّة للعامّة و عيب على الولاة. فامنع من الإحتكار، فإنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم منع منه. و ليكن البيع بيعا سمحا: بموازين عدل، و أسعار لا تجحف بالفريقين من البائع و المبتاع. فمن قارف حكرة بعد نهيك إيّاه فنكّل به، و عاقبه في غير إسراف. "الخطبة 292، 3، 530"

معاملة الطبقة السفلى "المحرومين"


و يتابع الامام "ع" كتابه لمالك الاشتر قائلا: ثمّ اللّه اللّه في الطّبقة السّفلى من الّذين لا حيلة لهم من المساكين و المحتاجين و أهل البؤسى و الزّمنى "أي أصحاب العاهات المانعة من الكسب"، فإنّ في هذه الطّبقة قانعا "أي سائلا" و معترا "أي يعطى بلا سؤال". و احفظ للّه ما استحفظك من حقّه فيهم، و اجعل لهم قسما من بيت مالك، و قسما من غلاّت صوافي الإسلام في كلّ بلد، فإنّ للأقصى منهم مثل الّذي للأدنى، و كلّ قد استرعيت حقّه، فلا يشغلنّك عنهم بطر، فإنّك لا تعذر بتضييعك التّافه، لإحكامك الكثير المهمّ. فلا تشخص "أي لا تصرف" همّك عنهم،

و لا تصعّر خدّك لهم، و تفقّد أمور من لا يصل إليك منهم ممّن تقتحمه العيون، و تحقره الرّجال. ففرّغ لأولئك ثقتك من أهل الخشية و التّواضع، فليرفع إليك أمورهم، ثمّ اعمل فيهم بالإعذار إلى اللّه يوم تلقاه، فإنّ هؤلاء من بين الرّعيّة أحوج إلى الإنصاف من غيرهم، و كلّ فاعذر إلى اللّه في تأدية حقّه إليه. و تعهّد أهل اليتم و ذوي الرّقّة في السّنّ ممّن لا حيلة له، و لا ينصب للمسألة نفسه، و ذلك على الولاة ثقيل "و الحقّ كلّه ثقيل". و قد يخفّفه اللّه على أقوام طلبوا العاقبة فصبّروا أنفسهم،

و وثقوا بصدق موعود اللّه لهم.

و اجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرّغ لهم فيه شخصك، و تجلس لهم مجلسا عامّا

فتتواضع فيه للّه الّذي خلقك، و تقعد عنهم جندك و أعوانك من أحراسك و شرطك، حتّى يكلّمك متكلّمهم غير متتعتع، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول في غير موطن: 'لن تقدّس أمّة لا يؤخذ للضّعيف فيها حقّه من القويّ غير متتعتع'. ثمّ احتمل الخرق منهم و العيّ، و نحّ عنهم الضّيق و الأنف،

يبسط اللّه عليك بذلك أكناف رحمته، و يوجب لك ثواب طاعته. و أعط ما أعطيت هنيئا، و امنع في إجمال و إعذار. "الخطبة 292، 3، 531"

سياسة الرعية "العامة"


يراجع المبحث "214": وصايا الامام "ع" لأصحابه و حكامه و ولاته و عماله و قضاته.

من كتاب له "ع" الى بعض عماله: أمّا بعد. فإنّ دهاقين أهل بلدك "أي أكابرهم" شكوا منك غلظة و قسوة، و احتقارا و جفوة، و نظرت فلم أرهم أهلا لأن يدنوا لشركهم "أي لأنهم مشركون" و لا أن يقصوا و يجفوا لعهدهم. فالبس لهم جلبابا من اللّين تشوبه بطرف من الشّدّة، و داول لهم بين القسوة و الرّأفة، و امزج لهم بين التّقريب و الإدناء، و الإبعاد و الإقصاء. إن شاء اللّه. "الخطبة 258، 457"

و من عهد له "ع" الى محمد بن أبي بكر يوصيه بالرعية: فاخفض لهم جناحك، و ألن لهم جانبك، و أبسط لهم وجهك. و آس "أي سوّ" بينهم في اللّحظة و النّظرة. حتّى لا يطمع العظماء في حيفك لهم، و لا ييأس الضّعفاء من عدلك عليهم. فإنّ اللّه تعالى يسائلكم معشر عباده عن الصّغيرة من أعمالكم و الكبيرة، و الظّاهرة و المستورة، فإن يعذّب فأنتم أظلم، و إن يعف فهو أكرم... "الخطبة 266، 465"

و من كتاب له "ع" الى بعض عماله: أمّا بعد، فإنّك ممّن أستظهر به على إقامة الدّين،

و أقمع به نخوة الأثيم، و أسدّ به لهاة الثّغر المخوف. فاستعن باللّه على ما أهمّك،

و اخلط الشّدّة بضغث من اللّين، و ارفق ما كان الرّفق أرفق، و اعتزم بالشّدّة حين لا يغني عنك إلاّ الشّدّة. و اخفض للرّعيّة جناحك، و ابسط لهم وجهك، و ألن لهم

جانبك و آس "أي سوّ" بينهم في اللّحظة و النّظرة، و الإشارة و التّحيّة، حتّى لا يطمع العظماء في حيفك، و لا ييأس الضّعفاء من عدلك، و السّلام "الخطبة 285، 510"

من كتاب له "ع" كتبه لمالك الاشتر لما ولاه مصر: ثمّ اعلم يا مالك، أنّي قد وجّهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل و جور، و أنّ النّاس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك، و يقولون فيك ما كنت تقول فيهم، و إنّما يستدلّ على الصّالحين بما يجري اللّه لهم على ألسن عباده. فليكن أحبّ الذّخائر إليك ذخيرة العمل الصّالح. فاملك هواك و شحّ بنفسك عمّا لا يحلّ لك، فإنّ الشّحّ بالنّفس الإنصاف منها فيما أحبّت أو كرهت. و أشعر قلبك الرّحمة للرّعيّة، و المحبّة لهم، و اللّطف بهم، و لا تكوننّ عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم، فإنّهم صنفان: إمّا أخ لك في الدّين، أو نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزّلل "أي يسبق منهم الخطأ"، و تعرض لهم العلل، و يؤتى على أيديهم في العمد و الخطإ. فأعطهم من عفوك و صفحك مثل الّذي تحبّ أن يعطيك اللّه من عفوه و صفحه، فإنّك فوقهم،

و والي الأمر عليك فوقك، و اللّه فوق من ولاّك و قد استكفاك أمرهم و ابتلاك بهم. و لا تنصبنّ نفسك لحرب اللّه، فإنّه لا يد لك بنقمته، و لا غنى بك عن عفوه و رحمته، و لا تندمنّ على عفو، و لا تبجحنّ "أي تفرحن" بعقوبة، و لا تسرعنّ إلى بادرة وجدت منها مندوحة، و لا تقولنّ إنّي مؤمّر آمر فأطاع، فإنّ ذلك إدغال في القلب، و منهكة للدّين، و تقرّب من الغير "نوائب الدهر". "الخطبة 292، 1، 517"

أنصف اللّه و أنصف النّاس من نفسك و من خاصّة أهلك و من لك فيه هوى من رعيّتك، فإنّك إلاّ تفعل تظلم و من ظلم عباد اللّه كان اللّه خصمه دون عباده، و من خاصمه اللّه أدحض حجّته، و كان للّه حربا حتّى ينزع أو يتوب. و ليس شي ء أدعى إلى تغيير نعمة اللّه و تعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإنّ اللّه سميع دعوة المضطهدين و هو للظّالمين بالمرصاد. "الخطبة 292، 1، 519"

و ليكن أبعد رعيّتك منك و أشنأهم عندك "أي أبغضهم" أطلبهم لمعائب النّاس، فإنّ في النّاس عيوبا، الوالي أحقّ من سترها. فلا تكشفنّ عمّا غاب عنك منها، فإنّما

عليك تطهير ما ظهر لك. و اللّه يحكم على ما غاب عنك. فاستر العورة ما استطعت يستر اللّه منك ما تحبّ ستره من رعيّتك. أطلق عن النّاس عقدة كلّ حقد، و اقطع عنك سبب كلّ وتر، و تغاب "أي تغافل" عن كلّ ما لا يصحّ لك، و لا تعجلنّ إلى تصديق ساع، فإنّ السّاعي غاشّ، و إن تشبّه بالنّاصحين. و لا تدخلنّ في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل و يعدك الفقر. و لا جبانا يضعفك عن الأمور. و لا حريصا يزيّن لك الشّره بالجور. فإنّ البخل و الجبن و الحرص غرائز شتّى، يجمعها سوء الظّنّ باللّه. "الخطبة 292، 1، 520"

و إنّما عماد الدّين، و جماع المسلمين، و العدّة للأعداء العامّة من الأمّة، فليكن صغوك لهم، و ميلك معهم. "292، 1، 520" و لا يكوننّ المحسن و المسي ء عندك بمنزلة سواء، فإنّ في ذلك تزهيدا لأهل الإحسان في الإحسان، و تدريبا لأهل الإساءة على الإساءة و ألزم كلا منهم ما ألزم نفسه. و اعلم أنّه ليس شي ء بأدعى إلى حسن ظنّ راع برعيّته من إحسانه إليهم، و تخفيفه المؤونات عليهم، و ترك استكراهه إيّاهم على ما ليس له قبلهم.

فليكن منك في ذلك أمر يجتمع لك به حسن الظّنّ برعيّتك، فإنّ حسن الظّنّ يقطع عنك نصبا طويلا. و إنّ أحقّ من حسن ظنّك به لمن حسن بلاؤك عنده، و إنّ أحقّ من ساء ظنّك به لمن ساء بلاؤك عنده.

و لا تنقض سنّة صالحة عمل بها صدور هذه الأمّة، و اجتمعت بها الألفة، و صلحت عليها الرّعيّة. و لا تحدثنّ سنّة تضرّ بشي ء من ماضي تلك السّنن، فيكون الأجر لمن سنّها و الوزر عليك بما نقضت منها. و أكثر مدارسة العلماء و منافثة الحكماء "أي محادثتهم"، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك، و إقامة ما استقام به النّاس قبلك.

"الخطبة 292، 1، 521"

و اجعل لذوي الحاجات منك قسما تفرّغ لهم فيه شخصك، و تجلس لهم مجلسا عامّا،

فتتواضع فيه للّه الّذي خلقك، و تقعد عنهم جندك و أعوانك، من أحراسك و شرطك،

حتّى يكلّمك متكلّمهم غير متتعتع، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

و سلّم يقول في غير موطن: 'لن تقدّس أمّة لا يؤخذ للضّعيف فيها حقّه من القويّ غير متتعتع'. ثمّ احتمل الخرق منهم و العيّ "الخرق العنف، و العي العجز عن النطق"، و نحّ عنهم الضّيق و الأنف، يبسط اللّه عليك بذلك أكناف رحمته، و يوجب لك ثواب طاعته. و أعط ما أعطيت هنيئا، و امنع في إجمال و إعذار.

ثمّ أمور من أمورك لا بدّ لك من مباشرتها: منها إجابة عمّالك بما يعيا عنه كتّابك، و منها إصدار حاجات النّاس يوم ورودها عليك بما تحرج به صدور أعوانك. "الخطبة 292، 4، 533"

و إذا قمت في صلاتك للنّاس، فلا تكوننّ منفّرا و لا مضيّعا، فإنّ في النّاس من به العلّة و له الحاجة. و قد سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حين وجّهني إلى اليمن كيف أصلّي بهم؟ فقال: 'صلّ بهم كصلاة أضعفهم، و كن بالمؤمنين رحيما'. "الخطبة 292، 4، 534"

و أمّا بعد، فلا تطوّلنّ احتجابك عن رعيّتك، فإنّ احتجاب الولاة عن الرّعيّة شعبة من الضّيق، و قلّة علم بالأمور. و الإحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه، فيصغر عندهم الكبير، و يعظم الصّغير، و يقبح الحسن، و يحسن القبيح، و يشاب الحقّ بالباطل. و إنّما الوالي، بشر لا يعرف ما توارى عنه النّاس به من الأمور، و ليست على الحقّ سمات تعرف بها ضروب الصّدق من الكذب. و إنّما أنت أحد رجلين: إمّا امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحقّ، ففيما احتجابك من واجب حقّ تعطيه، أو فعل كريم تسديه أو مبتلى بالمنع، فما أسرع كفّ النّاس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك مع أنّ أكثر حاجات النّاس إليك ممّا لا مؤونة فيه عليك، من شكاة مظلمة،

أو طلب إنصاف في معاملة. "الخطبة 292، 4، 534"

و ألزم الحقّ من لزمه من القريب و البعيد، و كن في ذلك صابرا محتسبا، واقعا ذلك من قرابتك و خاصّتك حيث وقع. و ابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه. فإنّ مغبّة ذلك محمودة. و إن ظنّت الرّعيّة بك حيفا، فأصحر "أي أبرز" لهم بعذرك، و اعدل عنك ظنونهم باصحارك. فإنّ في ذلك رياضة منك لنفسك و رفقا برعيّتك، و إعذارا تبلغ

/ 86