تصنیف نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تصنیف نهج البلاغه - نسخه متنی

لبیب بیضون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

مدخل:

لم يقتصر الامام علي "ع" في علمه على العلوم الدينية، بل انه كان جامعا لجميع العلوم، و هو القائل، العلوم أربعة: الفقه للاديان، و الطب للابدان، و النحو للسان، و النجوم لمعرفة الازمان. بيد ان نهج البلاغة لم يحو من العلوم العصرية الا شذرات بسيطة، لذلك اعتمدنا في هذا الفصل أيضا على "مستدرك نهج البلاغة للسيد الهادي كاشف الغطاء، من منشورات مكتبة الاندلس في بيروت" يراجع المبحث "1" معرفة اللّه تعالى.

يراجع المبحث "22" السموات و النجوم و الكواكب.

يراجع المبحث "24" الارض و الجبال و السحب و الامطار.

يراجع المبحث "23" الشمس و القمر و الليل و النهار.

يراجع المبحث "25" الملائكة و صفاتهم.

يراجع المبحث "261" خلق الانسان.

تراجع المباحث من "27" "31" خلق الحيوانات و وصفهم: الخفاش الطيور الطاووس الجرادة النملة و صغار المخلوقات.

خلق الكون و السموات


مدخل:

تكلم الامام علي "ع" عن خلق الكون في عدة مواضع من نهج البلاغة. و ملخص نظريته

حول خلق الكون أن أول الخلق كان للفضاء الذي فتقه اللّه من العدم، و شقّ فيه النواحي و الارجاء و طرق الهواء. ثم خلق سبحانه في هذا الفضاء سائلا كثيفا متلاطما،

حمله على متن ريح قوية عاصفة، تلمّه الى بعضه، و تحجزه عن الانتشار و الاندثار. ثم خلق سبحانه ريحا عقيمة من نوع آخر، سلّطها على ذلك السائل من جهة واحدة، فبدأت بتصفيقه و إثارته، حتى مخضته مخضّ السقاء، و بعثرته في أنحاء الفضاء كالدخان. و من الغاز الناتج "و هو الهدروجين على ما يظن" خلق اللّه السموات و النجوم و الكواكب. و لا زالت الفراغات بين عناصر المجرات مليئة بهذا الغاز.

و قد تمّ تشكل النجوم من هذا الغاز بتجمع دقائقه في مراكز معينة مشكلة أجراما، و ذلك عن طريق دورانها حول هذه المراكز. و بتبرد هذا الغاز و تحوله الى عناصر أكثر تعقيدا تحولت الغازات الى سوائل كما في الشمس، ثم تحولت السوائل الى جسم صلب كما في الارض و الكواكب السيارة "المزيد من المعلومات راجع كتاب: علوم الطبيعة في نهج البلاغة للمؤلف".

النصوص:

قال الامام علي "ع":

ثمّ أنشأ سبحانه فتق الأجواء، و شقّ الأرجاء، و سكائك الهواء. فأجرى فيها ماء متلاطما تيّاره، متراكما زخّاره "يستفاد من هذا الكلام أن اللّه سبحانه خلق في الفضاء ماء من نوع خاص، ثم سلط عليه ريحا حتى ارتفع فخلق منه الاجرام العليا.

و المقصود بالماء هنا، الجوهر السائل الذي هو أصل كل الاجسام" حمله على متن الرّيح العاصفة، و الزّعزع القاصفة، فأمرها بردّه و سلّطها على شدّه، و قرنها إلى حدّه.

الهواء من تحتها فتيق "أي منبسط"، و الماء من فوقها دقيق "أي متدفق".

ثمّ أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبّها، و أدام مربّها، و أعصف مجراها، و أبعد منشأها،

فأمرها بتصفيق الماء الزّخّار، و إثارة موج البحار، فمخضته مخض السّقاء، و عصفت به عصفها بالفضاء. تردّ أوّله إلى آخره، و ساجيه إلى مائره، حتّى عبّ عبابه، و رمى بالزّبد ركامه، فرفعه في هواء منفتق، و جوّ منفهق "أي واسع مفتوح" فسوّى منه سبع

سموات، جعل سفلاهنّ موجا مكفوفا، و علياهنّ سقفا محفوظا، و سمكا مرفوعا، بغير عمد يدعمها، و لا دسار ينظمها. "الخطبة 1، 26"

و قال "ع" في صفة خلق السماء: و نظم بلا تعليق رهوات فرجها، و لاحم صدوع انفراجها، و وشّج بينها و بين أزواجها "أي أمثالها و قرائنها"... و ناداها بعد إذ هي دخان، فالتحمت عرى أشراجها "جمع شرج و هي المجرة"، و فتق بعد الإرتتاق صوامت أبوابها. "الخطبة 89، 2، 165"

و كان من اقتدار جبروته، و بديع لطائف صنعته، أن جعل من ماء البحر الزّاخر المتراكم المتقاصف يبسا جامدا، ثمّ فطر منه أطباقا، ففتقها سبع سموات بعد ارتتاقها، فاستمسكت بأمره، و قامت على حدّه. "الخطبة 209، 403"

علم الفلك و الحساب


قال الامام علي "ع":

عن خلق السماء: ثمّ زيّنها بزينة الكواكب، و ضياء الثّواقب، و أجرى فيها سراجا مستطيرا و قمرا منيرا. في فلك دائر، و سقف سائر، و رقيم مائر "الرقيم اسم من أسماء الفلك،

و المائر المتحرك". "الخطبة 1، 27"

و قال "ع" عن كيفية خلق السماء: و ناداها بعد إذ هي دخان، فالتحمت عرى أشراجها،

و فتق بعد الإرتتاق صوامت أبوابها. "الخطبة 89، 2، 166"

تعليق:

يتصور علماء الفلك اليوم ان اول نشوء الكون كان نتيجة انفجار كبير شاع منه دخان مؤلف من دقائق ناعمة، و ساد عندها في الكون سكون و ظلام دامس، ثم بدأت الذرات تتجمع في مناطق معينة مشكلة أجراما، ما لبثت أن بدأت فيها التفاعلات النووية، التي جعلت هذه الاجرام نجوما مضيئة. و في قول الامام فالتحمت عرى اشراجها، تشبيه لنجوم المجرة بالحلقات المرتبطة ببعضها بوشاج الجاذبية و التأثير المتبادل. و بعد نشوء النجوم الملتهبة الدائرة بدأت تقذف بالحمم التي شكلت الكواكب السيارة كالارض و غيرها،

و هو ما عبر عنه الامام "ع" بالفتق بعد الارتتاق.

ثم قال "ع": و أقام رصدا من الشّهب الثّواقب على نقابها، و أمسكها من أن تمور في خرق الهواء بأيده "أي بقوته"، و أمرها أن تقف مستسلمة لأمره. "الخطبة 89، 2، 166"

تعليق:

قوله "ع": و أقام رصدا من الشهب الثواقب على نقابها، يشير بذلك "ع" الى ما أثبته العلم الحديث من ان الشهب تغذي بعض أجرام الكواكب بما نظمه لها من التفاتق، فما نقب و خرق من جرم عوض بالشهاب. ثم قال "ع": و أمسكها من أن تمور في خرق الهواء بأيده، أي أمسك الكواكب من ان تضطرب في الهواء بقوته، و أمرها أن تقف مستسلمة لأمره، أي تلتزم مراكزها لا تفارق مداراتها".

و جعل شمسها آية مبصرة لنهارها، و قمرها آية ممحوّة من ليلها، و أجراهما في مناقل مجراهما، و قدّر سيرهما في مدارج درجهما، ليميّز بين اللّيل و النّهار بهما، و ليعلم عدد السّنين و الحساب بمقاديرهما. "الخطبة 89، 2، 166"

و قال "ع": أيّها النّاس سلوني قبل أن تفقدوني، فلأنا بطرق السّماء أعلم منّي بطرق الأرض. "الخطبة 187، 350"

و سئل "ع": كم المسافة بين المشرق و المغرب؟

فقال عليه السلام: مسيرة يوم للشّمس. "294 ح، 626" و قال "ع" من دعاء له في الصباح:

يا من دلع لسان الصّباح بنطق تبلّجه "دلع أي أخرج"،

و سرّح قطع اللّيل المظلم بغياهب تلجلجه،

و اتقن صنع الفلك الدّوار في مقادير تبرّجه "التبرج من الابراج"،

و شعشع ضياء الشّمس بنور تأجّجه. "مستدرك 35" و قيل له "ع" كم بين السماء و الارض؟ فقال: دعوة مستجابة. "مستدرك 164" و سئل عليه السلام عن أصغر عدد يقسم على الاعداد الطبيعية من واحد الى تسعة بدون باق، فقال على الفور: اضرب أيّام أسبوعك في أيّام سنتك. "مستدرك 164"

توضيح:

المقصود بعدد أيام السنة 360 يوما، و اذا حللنا هذا العدد الى عوامله الاولية وجدنا 2 3 3 2 5 360 اذن فهو يقسم على كل الاعداد الطبيعية ما عدا السبعة، فاذا ضربنا 360 ب 7 و هو عدد أيام الاسبوع حصلنا على 2520 و هو العدد الذي يقسم على الاعداد الطبيعية من 1 الى 9 بدون باقي.

علم النجوم و السحر


من كلام للامام علي "ع":

قاله لأحد أصحابه لما عزم على المسير الى الخوارج، و قد قال له: ان سرت يا أمير المؤمنين في هذا الوقت، خشيت ألا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم فقال عليه السلام:

أتّزعم أنّك تهدي إلى السّاعة الّتي من سار فيها صرف عنه السّوء؟ و تخوّف من السّاعة الّتي من سار فيها حاق به الضّرّ؟ فمن صدّقك بهذا فقد كذّب القرآن،

و استغنى عن الإستعانة باللّه في نيل المحبوب و دفع المكروه، و تبتغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربّه، لأنّك بزعمك أنت هديته إلى السّاعة الّتي نال فيها النّفع، و أمن الضّرّ.

ثم أقبل عليه السلام على الناس فقال: أيّها النّاس، إيّاكم و تعلّم النّجوم، إلاّ ما يهتدى به في برّ أو بحر، فإنّها تدعو إلى الكهانة، و المنجّم كالكاهن، و الكاهن كالسّاحر،

و السّاحر كالكافر، و الكافر في النّار سيروا على اسم اللّه. "الخطبة 77، 132"

العين حقّ، و الرّقى حقّ، و السّحر حقّ، و الفأل حقّ. و الطّيرة "أي الفأل الشؤم" ليست بحقّ، و العدوى ليست بحقّ. و الطّيب نشرة و العسل نشرة، و الرّكوب نشرة، و النّظر إلى الخضرة نشرة "نشرة أي تعويذة من كل مكروه". "400 ح، 647"

علم الطبيعة "الفيزياء"


قال الامام علي "ع":

و كلّ سميع غيره يصمّ عن لطيف الأصوات، و يصمّه كبيرها. "الخطبة 63، 119"

تعليق:

أثبت العلم الحديث باستخدام الهزازات الصوتية، أن الأذن البشرية تتحسس فقط بمجال معين من الاهتزازات، هي التي يقع تواترها بين 15 هزة في الثانية و 15000، فاذا كان تواتر الصوت أقل من 15 هزة في الثانية لا تسمعه الاذن، و كذلك اذا كان تواتر الصوت أعلى من 15000 هزة في الثانية. و لعل هذا هو المقصود ب "لطيف الاصوات" و "كبير الاصوات".

و كلّ بصير غيره يعمى عن خفيّ الألوان و لطيف الأجسام. "الخطبة 63، 119"

تعليق:

كثير من الحيوانات لا ترى الالوان، بل ترى الصورة سوداء بيضاء فقط. أما الانسان فانه يرى الالوان السبعة التي هي ألوان الطيف المرئي و التي تنحصر أطوال موجاتها بين 4، 0 مكرون "البنفسجي" و 8، 0 مكرون "الاحمر". أما الاضواء التي تقع أطوال موجاتها خارج هذا المجال فان الانسان لا يراها، و منها الاشعة فوق البنفسجية و الاشعة تحت الحمراء.

اذن فقدرة الانسان البصرية محدودة، أما اللّه تعالى فهو يرى كل جسم و كل لون مهما كان نوعه أو لطافته. و قد وجد بقدرة اللّه ان النحلة تستطيع أن تميز بين سبعة ألوان مختلفة من اللون الابيض، يراها الانسان لونا واحدا. و بهذه الدقة الكبيرة تستطيع أن تميز بين أنواع الزهور و هي تطير في أعلى السماء.

و قال "ع" و قد نظر الى السماء في الشتاء: لا تقولوا قوس قزح، و لكن قولوا: قوس اللّه،

و أمان من الغرق. "مستدرك 165" كان الامام علي "ع" جالسا على نهر الفرات و بيده قضيب، فضرب به على صفحة الماء و قال: لو شئت لجعلت لكم من الماء نورا و نارا. "قول مشهور"

تعليق:

لم يفصح الامام "ع" عن مضمون كلامه بل أجراه مجرى الرموز، و ذلك لأن عقول الناس في ذلك الزمان لا تتحمل أكثر من هذا. و في قوله "ع": 'لجعلت لكم من الماء نورا و نارا'، دلالة خفية الى ما في الماء من طاقة يمكن أن تولد النور "و هو الكهرباء" و النار "و هو الطاقة الحرارية". و اذا تعمقنا في النظرة وجدنا ان الماء يتركب من عنصرين هما الهيدرجين و الاكسجين، الاول قابل للاحتراق و اعطاء النور، و الثاني يساعد على الاحتراق و يعطي الحرارة. و أبعد من ذلك فان وجود الماء الثقيل 2 في الماء الطبيعي بنسبة 2 الى 000، 10، يجعله أفضل مصدر طبيعي للهيدرجين الثقيل الذي نسمية "الدوتريوم" و نرمز له بالرمز. و هذا النظير هو حجر الاساس في تركيب القنبلة الهيدروجينية، القائمة على اندماج ذرتين من الدوتيريوم لتشكيل الهليوم. علما بأن الطاقة الناتجة عن هذا الاندماج و التي هي منشأ طاقة الشمس تفوق آلاف المرات الطاقة الناتجة عن القنبلة الذرية التي تقوم على انشطار اليورانيوم و لأخذ فكرة فان اصطناع غرام من الهليوم نتيجة اندماج الدوتيريوم يعطي طاقة 675 مليون بليون ارغة 200 الف كيلوواط ساعي.

كل هذه المعاني الدقيقة و الاسرار العميقة تضمنها قول الامام علي "ع" و علمه، و هو القائل: 'بل اندمجت على مكنون علم، لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطّويّ البعيدة' أي كاضطراب حبل الدلو في البئر العميقة.

وظيفة الجبال في الأرض


مدخل:

يؤكد الامام "ع" على أن اللّه سبحانه حين خلق الجبال في الأرض، جعل لكل جبل منها جذرا في الارض هو الوتد، و لهذا الوتد وظيفتان:

الاولى: أنه يحفظ الجبل من التهافت و الانزلاق، كما حدث لجبل السلط قرب عمان،

الذي انزلق من مكانه و سار.

الثانية: أن الوتد المغروس في أديم الارض يمسك طبقات الارض نفسها، بعضها ببعض،

فيمنعها من الاضطراب و الميدان، تماما كما نفعل عند ما نمسك الصفائح المعدنية ببعضها عن طريق غرس مسامير قوية فيها.

هذه وظيفة الجبال بالنسبة لاستقرار الارض، أما وظيفتها بالنسبة لاستقرار حياة الانسان، فوجود الجبال على الارض يحافظ على التربة و الصخور الموجودة على سطح الارض من الزوال و الانتقال، و يحفظها من تأثير الرياح العاصفة بها، فيتسنى بذلك إقامة حياة انسانية رتيبة في الجبال و السهول و الوديان. و لو كان سطح الارض مستويا بدون جبال لكان عرضة للتغير المستمر.

أما أهمية الجبال في تشكيل الينابيع و الانهار فسوف نتكلم عنها بعد قليل.

النصوص:

قال الامام علي "ع":

فطر الخلائق بقدرته، و نشر الرّياح برحمته، و وتّد بالصّخور ميدان أرضه. "الخطبة 1، 24"

تعليق:

أن في ذكر خلق الخلائق ثم نشر الرياح و ارساء الجبال، أشارة لطيفة الى أن الرياح و الجبال من العوامل الضرورية لحياة الخلائق.

و قال "ع" عن خلق الارض: و عدّل حركاتها بالرّاسيات من جلاميدها، و ذوات الشّناخيب "أي القمم" الشّمّ من صياخيدها "جمع صيخود و هي الصخرة الشديدة".

فسكنت من الميدان "أي الاضطراب" لرسوب الجبال في قطع أديمها، و تغلغلها متسرّبة في جوبات خياشيمها، و ركوبها أعناق سهول الأرضين و جراثيمها. "الخطبة 89، 3، 172"

و ربّ الجبال الرّواسي، الّتي جعلتها للأرض أوتادا، و للخلق اعتمادا. "الخطبة 169، 305"

و أنشأ الأرض فأمسكها من غير اشتغال، و أرساها على غير قرار. و أقامها بغير قوائم، و رفعها بغير دعائم. "الخطبة 184، 344"

تعليق:

هذا الكلام ردا على من زعم أن الارض تدور على قرن ثور و خلافه من الاباطيل و الاوهام.

ثم قال "ع": و حصّنها من الأود و الاعوجاج، و منعها من التّهافت و الانفراج. أرسى أوتادها، و ضرب أسدادها. "الخطبة 184، 344"

و قال "ع" عن تكوين الجبال: و جبل جلاميدها، و نشوز متونها و أطوادها، فأرساها في مراسيها، و ألزمها قراراتها. فمضت رؤوسها في الهواء، و رست أصولها في الماء.

فأنهد جبالها عن سهولها، و أساخ قواعدها في متون أقطارها و مواضع أنصابها. فأشهق قلالها، و أطال أنشازها، و جعلها للأرض عمادا، و أرّزها فيها "أي ثبّتها" أوتادا.

فسكنت على حركتها "أي رغم حركتها" من أن تميد بأهلها، أو تسيخ بحملها، أو تزول عن مواضعها. "الخطبة 209، 404"

تسيير سحب الامطار الى أعالي الجبال


مدخل:

يبين الامام علي "ع" في الخطبة "89" من نهجه، نعمة من نعم اللّه على عباده، تتصل بتحريك الجو و ما فيه من هواء و رياح و غيوم. ففي تقدير اللّه تعالى أنه أجرى في السهول أنهارا ليشرب منها الناس و الدواب و النبات، أما المناطق العالية في الجبال فلم يتركها بدون ماء و حياة، بل سيّر لها نصيبها من الماء عن طريق حركة الرياح التي تنشأ عن اختلاف الحرارة بين سطح البحر و سطح الجبل، فاذا تبخر ماء البحر علا في الجو لخفته، و انحدر من الجبل هواء بارد يملأ فراغه، فتحدث بذلك دورة للرياح، تحمل بموجبها سحب الامطار الى أعالي الجبال، فاذا وصلت الى هنالك فوجئت ببرودة جو الجبال، فتكاثفت و انعقدت أمطارا، تجري على رؤوس الجبال، مشيعة الحياة و الخصب و النضارة و الرزق، للنبات و الانعام و الانام.

استمع الى هذه الصورة الفيزيائية البديعة، يصورها لنا الامام عليه السلام في هذا المقطع من البلاغة و البيان:

النص

قال الامام علي "ع":

و فسح بين الجوّ و بينها "الضمير عائد الى الجبال"، و أعدّ الهواء متنسّما لساكنها،

و أخرج إليها أهلها على تمام مرافقها. ثمّ لم يدع جرز الأرض "أي الارض التي تنبت عند مرور مياه العيون عليها" الّتي تقصر مياه العيون عن روابيها، و لا تجد جداول الأنهار ذريعة إلى بلوغها، حتّى أنشأ لها ناشئة سحاب تحيي مواتها، و تستخرج نباتها. ألّف غمامها بعد افتراق لمعه، و تباين قزعه. حتّى إذا تمخّضت لجّة المزن فيه،

و التمع برقه في كففه، و لم ينم وميضه في كنهور "القطع العظيمة من السحاب أو المتراكم منه" ربابه "الابيض المتلاحق من السحاب"، و متراكم سحابه، أرسله سحّا متداركا قد أسفّ هيدبه "أي دنا سحابه المتدلي كالذيل"، تمريه الجنوب درر أهاضيبه "أي تستدر ريح الجنوب الماء من السحاب كما يستدر الحالب لبن الناقة" و دفع شآبيبه "جمع شؤبوب و هو المطر الشديد" فلمّا ألقت السّحاب برك بوانيها "تشبيه السحاب بالناقة اذا بركت و ضربت بعنقها على الارض و لاطمتها بأضلاع زورها"،

و بعاع "ألقى السحاب بعاعه: أمطر كل ما فيه" ما استقلّت به من العب ء المحمول عليها، أخرج به من هوامد الأرض النّبات، و من زعر الجبال الأعشاب، فهي تبهج بزينة رياضها، و تزدهي بما ألبسته من ريط "جمع ريطة و هي كل ثوب رقيق لين" أزاهيرها، و حلية ما سمطت به من ناضر أنوارها "جمع نور و هو الزهر" و جعل ذلك بلاغا للأنام. و رزقا للأنعام. و خرق الفجاج في آفاقها، و أقام المنار للسّالكين على جوادّ طرقها. "الخطبة 89، 3، 172"

/ 86