تصنیف نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تصنیف نهج البلاغه - نسخه متنی

لبیب بیضون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

سعيدا و عبد اللّه بن عمر لم ينصرا الحقّ و لم يخذلا الباطل. "262 ح، 618" لا تنظر إلى من قال، و انظر إلى ما قال. "مستدرك 157" قال "ع" للحارث الهمداني: إنّ خير شيعتي النمط الأوسط، إليهم يرجع الغالي،

و بهم يلحق التالي. و إنّك امرؤ ملبوس عليك. إنّ دين اللّه لا يعرف بالرجال، فاعرف الحقّ تعرف أهله. "مستدرك 159"

الشبهات


يراجع المبحث "62" اليقين و الشك.

قال الامام علي "ع":

إنّ من صرّحت له العبر عمّا بين يديه من المثلات، حجزته التّقوى عن تقحّم الشّبهات. "الخطبة 16، 55"

و قال "ع" عمن تصدى للحكم و القضاء و ليس لذلك بأهل: فهو من لبس الشّبهات في مثل نسج العنكبوت، لا يدري أصاب أم أخطأ. "الخطبة 17، 60"

و إنّما سميّت الشّبهة شبهة لأنّها تشبه الحقّ. "الخطبة 38، 97"

فلو أنّ الباطل خلص من مزاج الحقّ لم يخف على المرتادين. و لو أنّ الحقّ خلص من لبس الباطل، انقطعت عنه ألسن المعاندين. و لكن يؤخذ من هذا ضغث و من هذا ضغث، فيمزجان. "الخطبة 50، 107"

و قال "ع" في صفة الفاسق: قد حمل الكتاب على آرائه، و عطف الحقّ على أهوائه.

يؤمن النّاس من العظائم، و يهوّن كبير الجرائم. يقول: أقف عند الشّبهات و فيها وقع، و يقول أعتزل البدع و بينها اضطجع. "الخطبة 85، 154"

و إن المبتدعات المشبّهات هنّ المهلكات، إلاّ ما حفظ اللّه منها. "الخطبة 167، 303".

فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا، فليكن طلبك ذلك بتفهّم و تعلّم، لا بتورّط الشّبهات و علق الخصومات و ابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة

بإلهك، و الرّغبة إليه في توفيقك، و ترك كلّ شائبة أولجتك في شبهة، أو أسلمتك إلى ضلالة. "الخطبة 270، 2، 478"

و قال "ع" في عهده لمالك الاشتر: و اردد إلى اللّه و رسوله ما يضلعك من الخطوب، و يشتبه عليك من الأمور، فقد قال اللّه تعالى لقوم أحبّ إرشادهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ، فَإنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شي ءٍ فردّوه إِلَى اللّهِ وَ الرَّسُولِ فالرّدّ إلى اللّه: الأخذ بمحكم كتابه، و الرّدّ إلى الرّسول: الأخذ بسنّته الجامعة غير المفرّقة. "الخطبة 292، 2، 525"

ثم يقول في عهده "ع": ثمّ اختر للحكم بين النّاس أفضل رعيّتك في نفسك، ممّن لا تضيق به الأمور، و لا تمحكه الخصوم، و لا يتمادى في الزّلّة، و لا يحصر من الفي ء إلى الحقّ إذا عرفه، و لا تشرف نفسه على طمع، و لا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، و أوقفهم في الشّبهات، و آخذهم بالحجج. "الخطبة 292، 2، 526"

و من كتاب له "ع" الى معاوية: فماذا بعد الحقّ إلاّ الضّلال المبين، و بعد البيان إلاّ اللّبس؟ فاحذر الشّبهة و اشتمالها على لبستها، فإنّ الفتنة طالما أغدفت جلابيبها، و أغشت الأبصار ظلمتها. "الخطبة 304، 553"

إنّ الأمور إذا اشتبهت اعتبر آخرها بأوّلها. "76 ح، 577" و لا ورع كالوقوف عند الشّبهة. "113 ح، 586" أو منقادا لحملة الحقّ، لا بصيرة له في أحنائه. ينقدح الشّكّ في قلبه لأوّل عارض من شبهة. "147 ح، 595"

الفتنة و التحذير من الفتن


يراجع المبحث "130" إخبار الامام "ع" بالمغيبات.

يراجع المبحث "195" بنو أمية و فتنة بني أمية.

قال الامام علي "ع":

عن حال الناس في الجاهلية: و النّاس في فتن انجذم "أي انقطع" فيها حبل الدّين،

و تزعزعت سواري اليقين، و اختلف النّجر "أي أصول الحق"، و تشتّت الأمر، و ضاق المخرج، و عمي المصدر. فالهدى خامل، و العمى شامل. عصي الرّحمن، و نصر الشّيطان. و خذل الإيمان فانهارت دعائمه، و تنكّرت معالمه، و درست سبله،

و عفت شركه. أطاعوا الشّيطان فسلكوا مسالكه، و وردوا مناهله. بهم سارت أعلامه و قام لواؤه. في فتن داستهم بأخفافها، و وطئتهم بأظلافها، و قامت على سنابكها.

فهم فيها تائهون حائرون، جاهلون مفتونون. في خير دار و شرّ جيران. نومهم سهود، و كحلهم دموع. بأرض عالمها ملجم، و جاهلها مكرم. "الخطبة 2، 36"

و من خطبة له "ع" لما قبض رسول اللّه "ص" و خاطبه العباس و أبو سفيان في أن يبايعا له بالخلافة، و ذلك بعد السقيفة: شقّوا أمواج الفتن بسفن النّجاة، و عرّجوا عن طريق المنافرة، و ضعوا تيجان المفاخرة. "الخطبة 5، 47"

ذمّتي بما أقول رهينة، و أنا به زعيم. إنّ من صرّحت له العبر عمّا بين يديه من المثلات "أي العقوبات"، حجزته التّقوى عن تقحّم الشّبهات. ألا و إنّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. و الّذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة، و لتغربلنّ غربلة، و لتساطنّ سوط القدر، حتّى يعود أسفلكم أعلاكم،

و أعلاكم أسفلكم. و ليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا، و ليقصّرنّ سبّاقون كانوا سبقوا. "الخطبة 16، 55"

قال "ع": إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتّبع، و أحكام تبتدع. يخالف فيها كتاب اللّه، و يتولّى عليها رجال رجالا "أي يستعين عليها رجال برجال"، على غير دين اللّه. فلو أنّ الباطل خلص من مزاج الحقّ لم يخف على المرتادين "أي الطالبين للحقيقة".

و لو أنّ الحقّ خلص من لبس الباطل، انقطعت عنه ألسن المعاندين. و لكن يؤخذ من

هذا ضغث، و من هذا ضغث، فيمزجان فهنالك يستولي الشّيطان على أوليائه، و ينجو الّذين سبقت لهم من اللّه الحسنى. "الخطبة 50، 107"

و لقد نزلت بكم البليّة جائلا خطامها "الخطام يجعل في انف البعير لينقاد به، و الكلام تصوير لانطلاق الفتنة"، رخوا بطانها. فلا يغرّنّكم ما أصبح فيه أهل الغرور، فإنّما هو ظلّ ممدود، إلى أجل معدود. "الخطبة 87، 158"

و قال "ع" عن فتنة بني أمية: أمّا بعد حمد اللّه، و الثّناء عليه. أيّها النّاس، فإنّي فقأت عين الفتنة. و لم يكن ليجتري ء عليها أحد غيري، بعد أن ماج غيهبها، و اشتدّ كلبها... "الخطبة 91، 183"

إنّ الفتن إذا أقبلت شبّهت، و إذا أدبرت نبّهت. ينكرن مقبلات، و يعرفن مدبرات، يحمن حوم الرّياح، يصبن بلدا و يخطئن بلدا. ألا و إنّ أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أميّة 'تراجع تتمة الكلام في المبحث "195" بنو أمية و فتنة بني أمية'. "الخطبة 91، 184"

و قال "ع" يتنبأ بمجي ء عبد الملك بن مروان أحد ملوك بني أمية البارزين: أيّها النّاس، لا يجرمنّكم شقاقي، و لا يستهوينّكم عصياني، و لا تتراموا بالأبصار عند ما تسمعونه منّي. فو الّذي فلق الحبّة، و برأ النّسمة، إنّ الّذي أنبّئكم به عن النّبيّ الأمّيّ صلّى اللّه عليه و آله ما كذب المبلّغ، و لا جهل السّامع. لكأني أنظر إلى ضلّيل قد نعق بالشّام "يقصد به عبد الملك بن مروان"، و فحص براباته في ضواحى كوفان "أي الكوفة". فإذا فغرت فاغرته "أي انفتح فمه"، و اشتدّت شكيمته، و ثقلت في الأرض وطأته، عضّت الفتنة أبناءها بأنيابها، و ماجت الحرب بأمواجها، و بدا من الأيّام كلوحها، و من اللّيالي كدوحها. فإذا أينع زرعه و قام على ينعه، و هدرت شقاشقه و برقت بوارقه، عقدت رايات الفتن المعضلة، و أقبلن كاللّيل المظلم، و البحر الملتطم. هذا، و كم يخرق الكوفة من قاصف، و يمرّ عليها من عاصف. و عن قليل تلتفّ القرون بالقرون، و يحصد القائم، و يحطم المحصود. "الخطبة 99، 194"

و قال "ع" عن حوادث البصرة المقبلة: فتن كقطع اللّيل المظلم، لا تقوم لها قائمة

و لا تردّ لها راية. تأتيكم مزمومة مرحولة: يحفزها قائدها، و يجهدها راكبها. أهلها قوم شديد كلبهم، قليل سلبهم. يجاهدهم في سبيل اللّه قوم أذلة عند المتكبّرين. في الأرض مجهولون، و في السّماء معروفون. فويل لك يا بصرة عند ذلك، من جيش من نقم اللّه لا رهج له "أي غبار" و لا حسّ "أي جلبة وضوضاء". و سيبتلى أهلك بالموت الأحمر، و الجوع الأغبر. "الخطبة 100، 195"

و قال "ع" عن فتنة بني أمية المقبلة: راية ضلال قد قامت على قطبها، و تفرّقت بشعبها،

تكيلكم بصاعها، و تخبطكم بباعها، قائدها خارج من الملّة، قائم على الضّلّة. فلا يبقى يومئذ منكم إلاّ ثقالة كثفالة القدر "الثفالة: ما يبقى في القدر من عكر"، أو نفاضة كنفاضة العكم "ما يسقط من الكيس بالنفض". تعرككم عرك الأديم "أي الجلد"، و تدوسكم دوس الحصيد. و تستخلص المؤمن من بينكم استخلاص الطّير الحبّة البطينة "أي السمينة" من بين هزيل الحبّ... فعند ذلك أخذ الباطل مآخذه،

و ركب الجهل مراكبه. و عظمت الطّاغية، و قلّت الدّاعية. و صال الدّهر صيال السّبع العقور، و هدر فنيق "أي فحل الابل" البّاطل بعد كظوم "أي سكون"، و تواخى النّاس على الفجور، و تهاجروا على الدّين، و تحابّوا على الكذب، و تباغضوا على الصّدق.

فإذا كان ذلك كان الولد غيظا "أي يغيظ والده لشبوبه على العقوق"، و المطر قيظا.

و تفيض اللّئام فيضا، و تغيض الكرام غيضا "أي تقل". و كان أهل ذلك الزّمان ذئابا،

و سلاطينه سباعا. و أوساطه أكّالا، و فقراؤه أمواتا. و غار الصّدق، و فاض الكذب.

و استعملت المودّة باللّسان، و تشاجر النّاس بالقلوب. و صار الفسوق نسبا، و العفاف عجبا. و لبس الإسلام لبس الفرو مقلوبا. "الخطبة 106، 206"

و قال "ع" محذرا من الفتن المقبلة: ثمّ إنّكم معشر العرب أغراض بلايا قد اقتربت. فاتّقوا سكرات النّعمة، و احذروا بوائق النّقمة. و تثبّتوا في قتام "أي غبار" العشوة "أي ركوب الامر على غير بيان"، و اعوجاج الفتنة عند طلوع جنينها، و ظهور كمينها،

و انتصاب قطبها و مدار رحاها. تبدأ في مدارج خفيّة، و تؤول إلى فظاعة جليّة.

شبابها "أي أولها" كشباب الغلام، و آثارها كآثار السّلام. يتوارثها الظّلمة بالعهود.

أوّلهم قائد لآخرهم، و آخرهم مقتد بأوّلهم. يتنافسون في دنيا دنيّة، و يتكالبون على جيفة مريحة. و عن قليل يتبرّأ التّابع من المتبوع، و القائد من المقود. فيتزايلون بالبغضاء، و يتلاعنون عند اللّقاء.

ثمّ يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرّجوف، و القاصمة الزّحوف. فتزيغ قلوب بعد استقامة، و تضلّ رجال بعد سلامة. و تختلف الأهواء عند هجومها، و تلتبس الآراء عند نجومها "أي ظهورها". من أشرف لها قصمته، و من سعى فيها حطمته.

يتكادمون فيها تكادم "أي يعض بعضهم بعضا" الحمر في العانة "أي جماعة حمر الوحش". قد اضطرب معقود الحبل، و عمي وجه الأمر. تغيض فيها الحكمة، و تنطق فيها الظّلمة. و تدقّ أهل البدو بمسحلها، و ترضّهم بكلكلها. يضيع في غبارها الوحدان "أي المتفردون"، و يهلك في طريقها الرّكبان. ترد بمرّ القضاء و تحلب عبيط الدّماء. و تثلم منار الدّين، و تنقض عقد اليقين. يهرب منها الأكياس "أي العاقلون"، و يدبّرها الأرجاس. مرعاد مبراق، كاشفة عن ساق. تقطع فيها الأرحام، و يفارق عليها الإسلام. بريّها سقيم، و ظاعنها مقيم.

"منها" بين قتيل مطلول، و خائف مستجير. يختلون بعقد الأيمان، و بغرور الإيمان.

فلا تكونوا أنصاب الفتن، و أعلام البدع. و الزموا ما عقد عليه حبل الجماعة، و بنيت عليه أركان الطّاعة. و أقدموا على اللّه مظلومين، و لا تقدموا عليه ظالمين. و اتّقوا مدارج الشّيطان، و مهابط العدوان. و لا تدخلوا بطونكم لعق الحرام. فإنّكم بعين من حرّم عليكم المعصية و سهّل لكم سبل الطّاعة "أي أن اللّه سبحانه يراكم دائما" "الخطبة 149، 264"

قد خاضوا بحار الفتن، و أخذوا بالبدع دون السّنن. و أرز "أي ثبت" المؤمنون، و نطق الضّالّون المكذّبون. "الخطبة 152، 270"

و قام الى الامام "ع" رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الفتنة، و هل سألت رسول اللّه "ص" عنها، فقال "ع":

إنّه لمّا أنزل اللّه سبحانه قوله ألم أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لاَ يُفْتَنُونَ

علمت أنّ الفتنة لا تنزل بنا و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بين أظهرنا. فقلت:

يا رسول اللّه، ما هذه الفتنة الّتي أخبرك اللّه تعالى بها؟ فقال: 'يا عليّ إنّ أمّتي سيفتنون من بعدي'. فقلت: يا رسول اللّه، أو ليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين، و حيزت عنّي الشّهادة، فشقّ ذلك عليّ. فقلت لي: 'أبشر فإنّ الشّهادة من ورائك' فقال لي 'إنّ ذلك لكذلك، فكيف صبرك إذن؟'. فقلت: يا رسول اللّه، ليس هذا من مواطن الصّبر، و لكن من مواطن البشرى و الشّكر. و قال: 'يا عليّ إنّ القوم سيفتنون بأموالهم، و يمنّون بدينهم على ربّهم،

و يتمنّون رحمته، و يأمنون سطوته. و يستحلّون حرامه بالشّبهات الكاذبة و الأهواء السّاهية. فيستحلّون الخمر بالنّبيذ، و السّحت بالهديّة، و الرّبا بالبيع'. قلت:

يا رسول اللّه، فبأيّ المنازل أنزلهم عند ذلك؟ أبمنزلة ردّة، أم بمنزلة فتنة؟

فقال: 'بمنزلة فتنة'. "الخطبة 154، 275"

... ألا فتوقّعوا ما يكون من إدبار أموركم، و انقطاع وصلكم، و استعمال صغاركم. ذاك حيث تكون ضربة السّيف على المؤمن أهون من الدّرهم من حلّه "لاختلاط المكاسب بالحرام". ذاك حيث يكون المعطى "أي الفقير" أعظم أجرا من المعطي "أي الغني المترف". ذاك حيث تسكرون من غير شراب. بل من النّعمة و النّعيم.

و تحلفون من غير اضطرار، و تكذبون من غير إحراج. ذاك إذا عضّكم البلاء كما يعضّ القتب غارب البعير "القتب: كساء يوضع على ظهر البعير، و الغارب: ما بين العنق و السنام". ما أطول هذا العناء و أبعد هذا الرّجاء.

أيّها النّاس، ألقوا هذه الأزمّة الّتي تحمل ظهورها الأثقال من أيديكم، و لا تصدّعوا على سلطانكم فتذمّوا غبّ فعالكم. و لا تقتحموا ما استقبلتم من فور نار الفتنة "أي ارتفاع لهبها". و أميطوا عن سننها "أي تنحوا عن طريقها"، و خلّوا قصد السّبيل لها. فقد لعمري يهلك في لهبها المؤمن، و يسلم فيها غير المسلم. "الخطبة 185، 346"

و من كلام له "ع" الى أهل الكوفة:

و اعلموا أنّ دار الهجرة قد قلعت بأهلها و قلعوا بها، و جاشت جيش "أي غليان" المرجل. و قامت الفتنة على القطب "يقصد به الامام نفسه "ع" قامت عليه فتنة اصحاب الجمل". فأسرعوا إلى أميركم، و بادروا جهاد عدوّكم. إن شاء اللّه عزّ و جلّ. "الخطبة 240، 442"

و قال "ع": لو قد استوت قدماي من هذه المداحض "أي لو استتب الامر لي من هذه الفتن" لغيّرت أشياء. "272 ح، 621"

نكث البيعة و ذم الناكثين


مدخل:

لم تصل الخلافة الى الامام علي "ع" الا بعد أن انتقض فتلها، و عاثت الفتن بها، و حين أدرك الناس أنه لن يخلّص الأمة من هذه المحنة غير الامام علي "ع". عند ذلك انثال الناس على أبي الحسن "ع" يبايعونه، فبايعه كل أهل المدينة من المهاجرين و الانصار، و في مقدمتهم ابن عمته الزبير بن العوام.

حتى اذا قام بالامر و أراد إرجاع الحق الى نصابه، تألب عليه الكثيرون من الساعين وراء مصالحهم الشخصية، و منهم الزبير و طلحة، مختلقين الاعذار الواهية. فحارب الناكثين من أصحاب الجمل في البصرة ثم حارب القاسطين من اصحاب معاوية في صفين، ثم حارب المارقين من الخوارج في النهروان. يبغي تطهير المجتمع الاسلامي من الفتن العوان و النفوس المريضة.

النصوص:

قال الامام علي "ع":

في الخطبة الشقشقية: فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة، و مرقت أخرى، و قسط آخرون | يشير بذلك "ع" الى اصحاب الجمل "الناكثين"، و الى أصحاب النهروان و هم الخوارج "المارقين"، و الى اصحاب صفين "القاسطين" |. كأنّهم لم يسمعوا كلام اللّه سبحانه

حيث يقول تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيْدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَ لاَ فَساداً، وَ العَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. بلى و اللّه لقد سمعوها و وعوها، و لكنّهم حليت الدّنيا في أعينهم و راقهم زبرجها "أي زينتها". "الخطبة 3، 43"

قال "ع" عن الزبير و كان اول من بايع الامام "ع": يزعم أنّه قد بايع بيده، و لم يبايع بقلبه. فقد أقرّ بالبيعة، و ادّعى الوليجة. فليأت عليها بأمر يعرف، و إلاّ فليدخل فيما خرج منه. "الخطبة 8، 50"

و من خطبة له "ع" حين بلغه خبر الناكثين ببيعته: ألا و إنّ الشّيطان قد ذمّر حزبه،

و استجلب جلبه، ليعود الجور إلى أوطانه، و يرجع البّاطل إلى نصابه. و اللّه ما أنكروا عليّ منكرا، و لا جعلوا بيني و بينهم نصفا "أي انصافا". "الخطبة 22، 66"

من كلام له "ع" يخاطب به طلحة و الزبير: و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه، و دما هم سفكوه... اللّهمّ إنّهما قطعاني و ظلماني، و نكثا بيعتي، و ألّبا النّاس عليّ.

فاحلل ما عقدا، و لا تحكم لهما ما أبرما، و أرهما المساءة فيما أمّلا و عملا. "الخطبة 135، 248"

و قال "ع" عن أهل الجمل: في جيش ما منهم رجل إلاّ و قد أعطاني الطّاعة، و سمح لي بالبيعة، طائعا غير مكره. "الخطبة 170، 307"

الفئة الباغية و أهل الضلال


قال الامام علي "ع":

و إنّها للفئة الباغية، فيها الحمأ و الحمّة "أي الزبير و عائشة لقرابتهما" و الشّبهة المغدفة.

و إنّ الأمر لواضح. و قد زاح البّاطل عن نصابه، و انقطع لسانه عن شغبه. و أيم اللّه لأفرطنّ لهم حوضا أنا ماتحه، لا يصدرون عنه بريّ، و لا يعبّون بعده في حسي "أي يسقيهم الامام كأسا لا يتجرعون سواها". "الخطبة 135، 248"

فاسمعوا قولي و عوا منطقي. عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم تنتضى فيه

السّيوف، و تخان فيه العهود، حتّى يكون بعضكم أئمّة لأهل الضّلالة، و شيعة لأهل الجهالة. "الخطبة 137، 251"

قد قامت الفئة الباغية، فأين المحتسبون "أي المجاهدون احتسابا للّه". فقد سنّت لهم السّنن، و قدّم لهم الخبر. و لكلّ ضلّة علّة، و لكلّ ناكث شبهة. و اللّه لا أكون كمستمع اللّدم "أي الضرب على الصدر" يسمع النّاعي و يحضر الباكي ثمّ لا يعتبر. "الخطبة 146، 260"

و من خطبة له "ع" يومي فيها الى الملاحم و يصف فئة من أهل الضلال: و أخذوا يمينا و شمالا، ظعنا في مسالك الغيّ، و تركا لمذاهب الرّشد. "الخطبة 148، 262"

المطالبة بدم عثمان و البراءة من دمه المطالبة بقتلة عثمان


مدخل:

كان اول الخارجين على الامام علي "ع" بعد بيعته طلحة و الزبير و عائشة، و ذلك بدعوى المطالبة بدم عثمان، و اتهامهم الامام "ع" باشتراكه في ذلك. و قام معاوية ايضا يتخذ من قميص عثمان حجة له في حرب الامام علي 'ع'. و لقد كان الامام "ع" يمحض عثمان النصيحة دائما، فآثر عثمان ان يسير على هوى مروان بن الحكم، حتى كانت المحنة بقتله و ذبحه. و كانت بين معاوية و عثمان معاهدة حماية اذا ما تعرض عثمان للخطر المرتقب.

فلما وقع الخليفة في الخطر، و كان معتمدا كلية على حماية معاوية، تثاقل معاوية عن حمايته حتى ذبح في داره. هذا و كان طلحة و الزبير من أكبر المحرضين على الفتنة ضد عثمان في حياته، و كانت عائشة تدعو الناس لقتله في مقالتها المشهورة 'اقتلوا نعثلا، قتل اللّه نعثلا'. فلما توفي قامت تطالب الامام "ع" بدم عثمان، و تحرض طلحة و الزبير لقتاله،

حتى كانت فتنة الجمل، ثم فتنة صفين، و من بعدها فتنة النهروان. فكانت مهمة الامام "ع" في مدة خلافته التي قاربت الاربع سنوات، اعادة الاستقرار الداخلي للمجتمع الاسلامي، و تطهيره من الناكثين و المارقين و القاسطين. و هي مهمة تفوق في

/ 86