تصنیف نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تصنیف نهج البلاغه - نسخه متنی

لبیب بیضون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

كان أصوب في القول، و أبلغ في العذر. و قلتم مكان سبّكم إيّاهم: اللّهمّ احقن دماءنا و دماءهم، و أصلح ذات بيننا و بينهم، و اهدهم من ضلالتهم، حتّى يعرف الحقّ من جهله، و يرعوي عن الغيّ و العدوان من لهج به. "الخطبة 204، 398"

و قال "ع" في أهل الشام: جفاة طغام، و عبيد أقزام. جمعوا من كلّ أوب، و تلقّطوا من كلّ شوب "أي خلط"، ممّن ينبغي أن يفقّه و يؤدّب، و يعلّم و يدرّب، و يولّى عليه،

و يؤخذ على يديه. ليسوا من المهاجرين و الأنصار، و لا من الّذين تبوّؤا الدّار و الإيمان. "الخطبة 236، 438"

... و ليس أهل الشّام بأحرص على الدّنيا، من أهل العراق على الآخرة. "الخطبة 256، 455"

و من كتاب له "ع" الى قثم بن العباس و هو عامله على مكة: أمّا بعد، فإنّ عيني بالمغرب كتب إليّ يعلمني أنّه وجّه إلى الموسم أناس من أهل الشّام العمي القلوب، الصّمّ الأسماع، الكمه الأبصار. الّذين يلتمسون الحقّ بالباطل، و يطيعون المخلوق في معصية الخالق. و يحتلبون الدّنيا درّها بالدّين، و يشترون عاجلها بآجل الأبرار المتّقين. و لن يفوز بالخير إلاّ عامله، و لا يجزى جزاء الشّرّ إلاّ فاعله. "الخطبة 272، 491"

موقعة صفين و ليلة الهرير


من خطبة خطبها "ع" و هو بالنخيلة خارجا من الكوفة الى صفين: أمّا بعد، فقد بعثت مقدّمتي، و أمرتهم بلزوم هذا الملطاط، حتّى يأتيهم أمري، و قد رأيت أن أقطع هذه النّطفة "ماء الفرات" إلى شرذمة منكم، موطّنين أكناف دجلة، فأنهضهم معكم إلى عدوّكم، و أجعلهم من أمداد القوّة لكم. "الخطبة 48، 105"

و من خطبة له "ع" لما غلب أصحاب معاوية على شريعة الفرات بصفين و منعوا أصحابه الماء: قد استطعموكم القتال، فأقّروا على مذلّة، و تأخير محلّة، أو روّوا السّيوف من

الدّماء ترووا من الماء، فالموت في حياتكم مقهورين، و الحياة في موتكم قاهرين. ألا و إنّ معاوية قادلمّة من الغواة. و عمّس عليهم الخبر حتّى جعلوا نحورهم أغراض المنيّة. "الخطبة 51، 107"

من خطبة له "ع" يصف فيها مبايعة أصحابه له بصفين: فتداكّوا عليّ تداكّ الإبل الهيم "أي العطشى" يوم وردها، و قد أرسلها راعيها، و خلعت مثانيها، حتّى ظننت أنّهم قاتليّ،

أو بعضهم قاتل بعض لديّ. و قد قلّبت هذا الأمر بطنه و ظهره حتّى منعني النّوم، فما وجدتني يسعني إلاّ قتالهم أو الجحود بما جاء به محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،

فكانت معالجة القتال أهون عليّ من معالجة العقاب، و موتات الدّنيا أهون عليّ من موتات الآخرة "أي أهوالها". "الخطبة 54، 110"

و من كلام له "ع" و قد استبطأ أصحابه اذنه لهم في القتال بصفين: أمّا قولكم: أكلّ ذلك كراهية الموت؟ فو اللّه ما أبالي: دخلت إلى الموت أو خرج الموت إليّ. و أمّا قولكم شكّا في أهل الشّام فو اللّه ما دفعت الحرب يوما إلاّ و أنا أطمع أن تلحق بي طائفة فتهتدي بي، و تعشو إلى ضوئي. و ذلك أحبّ إليّ من أن أقتلها على ضلالها، و إن كانت تبوء بآثامها. "الخطبة 55، 111"

و من كلام له "ع" في بعض أيام صفين: و قد رأيت جولتكم، و انحيازكم عن صفوفكم،

تحوزكم الجفاة الطّغام، و أعراب أهل الشّام، و أنتم لهاميم العرب، و يآفيخ الشّرف، و الأنف المقدّم، و السّنام الأعظم. و لقد شفى وحاوح صدري، أن رأيتكم بأخرة تحوزونهم كما حازوكم، و تزيلونهم عن مواقفهم كما أزالوكم، حسّا بالنّضال "أي المباراة في الرمي"، و شجرا بالرّماح، تركب أولاهم أخراهم، كالإبل الهيم المطرودة، ترمى عن حياضها، و تذاد عن مواردها. "الخطبة 105، 204"

و قال "ع" لما عزم على لقاء القوم بصفين: اللّهمّ.. إن أظهرتنا على عدوّنا، فجنّبنا البغي و سدّدنا للحقّ. و إن أظهرتهم علينا فارزقنا الشّهادة، و اعصمنا من الفتنة.

أين المانع للذّمار، و الغائر عند نزول الحقائق من أهل الحفاظ. العار وراءكم و الجنّة أمامكم. "الخطبة 169، 305"

و من خطبة له "ع" بالكوفة قال: ما ضرّ إخواننا الّذين سفكت دماؤهم و هم بصفّين ألا يكونوا اليوم أحياء؟ يسيغون الغصص و يشربون الرّنق "أي الكدر". قد و اللّه لقوا اللّه فوفّاهم أجورهم، و أحلّهم دار الأمن بعد خوفهم.

أين إخواني الّذين ركبوا الطّريق و مضوا على الحقّ؟ أين عمّار؟ و أين ابن التّيّهان "اسمه مالك"؟ و أين ذو الشّهادتين "و هو خزيمة ابن ثابت الانصاري"؟ و أين نظراؤهم من إخوانهم الّذين تعاقدوا على المنيّة، و أبرد برؤوسهم إلى الفجرة "أي أرسلت رؤوسهم مع البريد الى البغاة".

ثم ضرب بيده على لحيته الشريفة، فأطال البكاء. ثم قال عليه السلام:

أوّه على إخواني الّذين تلوا القرآن فأحكموه، و تدبّروا الفرض فأقاموه، أحيوا السّنّة و أماتوا البدعة. دعوا للجهاد فأجابوا. و وثقوا بالقائد فاتّبعوه.

ثم نادى بأعلى صوته: الجهاد الجهاد عباد اللّه ألا و إنّي معسكر في يومي هذا،

فمن أراد الرّواح إلى اللّه فليخرج.

قال نوف: و عقد للحسين "ع" في عشرة آلاف، و لقيس بن سعد في عشرة آلاف، و لأبي أيوب الانصاري في عشرة آلاف، و لغيرهم على أعداد أخر، و هو يريد الرجعة الى صفين.

فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون عبد الرحمن بن ملجم، فتراجعت العساكر، فكنا كأغنام فقدت راعيها، تختطفها الذئاب من كل مكان. "الخطبة 180، 328"

و من كلام له "ع" و قد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين: إنّي أكره لكم أن تكونوا سبّابين... "الخطبة 204، 398"

و من كلام له "ع" في بعض أيام صفين، و قد رأى الحسن "ع" يتسرع الى الحرب: أملكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني، فإنّي أنفس بهذين "يعني الحسن و الحسين عليهما السلام" على الموت، لئلاّ ينقطع بهما نسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. "الخطبة 205، 399"

و من كتاب له "ع" كتبه الى أهل الامصار، يقص فيه ما جرى بينه و بين أهل صفين:

و كان بدء أمرنا أنّا التقينا و القوم من أهل الشّام. و الظّاهر أنّ ربّنا واحد، و نبيّنا

واحد، و دعوتنا في الإسلام واحدة. و لا نستزيدهم في الإيمان باللّه و التّصديق برسوله و لا يستزيدوننا: الأمر واحد، إلاّ ما اختلفنا فيه من دم عثمان، و نحن منه براء فقلنا: تعالوا نداو ما لا يدرك اليوم، باطفاء الثّائرة و تسكين العامّة. حتّى يشتدّ الأمر و يستجمع، فنقوى على وضع الحقّ مواضعه. فقالوا: بل نداويه بالمكابرة فأبوا حتّى جنحت الحرب و ركدت، و وقدت نيرانها و حمست "أي اشتدت". فلمّا ضرّستنا و إيّاهم و وضعت مخالبها فينا و فيهم، أجابوا عند ذلك إلى الّذي دعوناهم إليه، فأجبناهم إلى ما دعوا، و سارعناهم إلى ما طلبوا، حتّى استبانت عليهم الحجّة،

و انقطعت منهم المعذرة. فمن تمّ على ذلك منهم فهو الّذي أنقذه اللّه من الهلكة، و من لجّ و تمادى فهو الرّاكس "أي الناكث" الّذي ران اللّه على قلبه، و صارت دائرة السّوء على رأسه. "الخطبة 297، 543"

موقعة النهروان


'عند نهر النهروان في العراق'

مدخل:

بعد ان أنهزم معاوية في موقعة صفين انهزاما ذريعا، و قد كاد ان يفنى جيشه، أشار عليه عمرو بن العاص برفع المصاحف على الرماح. فقامت فئة من جيش الامام علي "ع" تدعوه الى التحكيم و هم الخوارج. و دفعوا بأبي موسى الأشعري حكما في وجه عمرو بن العاص. فحذرهم الامام "ع" من خديعة التحكيم و أنها حيلة كاذبة. فلما أصروا على رأيهم، قال لهم: اذا كان لا بد من التحكيم فليكن لعبد اللّه بن عباس، دون أبي موسى الاشعري، لان الاشعري رجل مغفل أحمق، و كانت سمعته عند الامام "ع" غير حسنة.

و لكن الخوارج هددوا الامام "ع" بالخروج عليه أذا لم يقبل بشروطهم كاملة. فلما التقى الحكمان تمت خديعة عمرو بن العاص لأبي موسى الاشعري كما توقع الامام "ع". فقام الخوارج يلومون الامام "ع" على قبوله التحكيم، و هم الذين ألزموه به، فظهر بذلك نفاقهم.

و قالوا: ان عليا كفر منذ ان قبل بالتحكيم. و كانت اول عملية قام بها الامام "ع" بعد الانتهاء من صفين، أن جهز جيشا لقتال الخوارج، و التقى بهم في معركة النهروان،

و أفناهم عن بكرة أبيهم، و لم يفلت منهم اكثر من عشرة.

الخوارج التحكيم و أبو موسى الأشعري


قال الامام علي "ع":

بعد التحكيم و بعد ما بلغه من أمر الحكمين: أمّا بعد، فإنّ معصية الناصح الشّفيق العالم

المجرّب، تورث الحسرة و تعقب النّدامة. و قد كنت أمرتكم في هذه الحكومة أمري، و نخلت لكم مخزون رأيي، لو كان يطاع لقصير أمر "قصير: هو مولى جذيمة المعروف بالابرش، و كان حاذقا. و قد أشار على سيده جذيمة أن لا يأمن للزباء ملكة تدمر، فخالفه و قصدها بناء على دعوتها لزواجه، فقتلته" فأبيتم عليّ إباء المخالفين الجفاة، و المنابذين العصاة. حتّى أرتاب النّاصح بنصحه، و ضنّ الزّند بقدحه.

فكنت أنا و إيّاكم كما قال أخو هوازن:




  • أمرتكم أمري بمنعرج اللّوى
    فلم تستبينوا النّصح إلاّ ضحى الغد



  • فلم تستبينوا النّصح إلاّ ضحى الغد
    فلم تستبينوا النّصح إلاّ ضحى الغد



"الخطبة 35، 93"

و من كلام له "ع" في الخوارج لما سمع قولهم "لا حكم إلاّ للّه" قال عليه السلام:

كلمة حقّ يراد بها باطل نعم إنّه لا حكم إلاّ للّه. و لكنّ هؤلاء يقولون: لا إمرة إلاّ للّه، و إنّه لا بدّ للنّاس من أمير.. و في رواية أخرى انه "ع" لما سمع تحكيمهم قال:

حكم اللّه أنتظر فيكم. "الخطبة 40، 98"

و من كلام له "ع" كلم به الخوارج حين اعتزلوا الحكومة و تنادوا: "الا حكم إلاّ للّه" و شرطوا عليه في دعوتهم الى طاعته ان يعترف بأنه كان قد كفر ثم آمن: أصابكم حاصب، و لا بقي منكم آبر. أبعد إيماني باللّه، و جهادي مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أشهد على نفسي بالكفر لَقَدْ ضَلَلْتُ إذاً وَ مَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ فأوبوا شرّ مآب، و ارجعوا على أثر الأعقاب. أما إنّكم ستلقون بعدي ذلاّ شاملا،

و سيفا قاطعا، و أثرة يتّخذها الظّالمون فيكم سنّة. "الخطبة 58، 113"

و قال "ع" في الخوارج: لا تقاتلوا الخوارج بعدي "يقصد ابناء الخوارج و أحفادهم"،

فليس من طلب الحقّ فأخطأه "يعني الخوارج" كمن طلب الباطل فأدركه "يعني معاوية و اصحابه". "الخطبة 59، 115"

و من كلام له "ع" بعد ليلة الهرير، و قد قام اليه رجل من اصحابه فقال: نهيتنا عن الحكومة ثم أمرتنا بها، فلم ندر أي الامرين أرشد؟ فصفق عليه السلام احدى يديه على الاخرى ثم قال: هذا جزاء من ترك العقدة. أما و اللّه لو أنّي حين أمرتكم بما أمرتكم به

حملتكم على المكروه الّذي يجعل اللّه فيه خيرا، فإن استقمتم هديتكم، و إن اعوججتم قوّمتكم، و إن أبيتم تداركتكم لكانت الوثقى. و لكن بمن و إلى من؟

أريد أن أداوي بكم و أنتم دائي، كناقش الشّوكة بالشّوكة، و هو يعلم أنّ ضلعها معها.

اللّهمّ قد ملّت أطباء هذا الدّاء الدّويّ، و كلّت النّزعة بأشطان الرّكيّ.. إنّ الشّيطان يسنّي لكم طرقه، و يريد أن يحلّ دينكم عقدة عقدة، و يعطيكم بالجماعة الفرقة و بالفرقة الفتنة. فأصدفوا عن نزغاته و نفثاته، و اقبلوا النّصيحة ممّن أهداها إليكم، و اعقلوها على أنفسكم. "الخطبة 119، 229"

و من كلام له "ع" قاله للخوارج و قد خرج الى معسكرهم و هم مقيمون على انكار الحكومة، فقال عليه السلام: أكلّكم شهد معنا صفّين؟ فقالوا: منّا من شهد و منّا من لم يشهد. قال: فامتازوا فرقتين، فليكن من شهد صفّين فرقة، و من لم يشهدها فرقة،

حتّى أكلّم كلا منكم بكلامه. و نادى النّاس فقال: أمسكوا عن الكلام، و أنصتوا لقولي، و أقبلوا بأفئدتكم إليّ، فمن نشدناه شهادة فليقل بعلمه فيها. ثمّ كلّمهم عليه السّلام بكلام طويل، من جملته أن قال عليه السّلام: ألم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة و غيلة، و مكرا و خديعة: إخواننا و أهل دعوتنا، استقالونا و استراحوا إلى كتاب اللّه سبحانه، فالرّأي القبول منهم و التّنفيس عنهم. فقلت لكم: هذا أمر ظاهره إيمان و باطنه عدوان. و أوّله رحمة، و آخره ندامة. فأقيموا على شأنكم،

و الزموا طريقتكم، و عضّوا على الجهاد بنواجذكم. و لا تلتفتوا إلى ناعق نعق: إن أجيب أضلّ، و إن ترك ذلّ. و قد كانت هذه الفعلة، و قد رأيتكم أعطيتموها. و اللّه لئن أبيتها ما وجبت عليّ فريضتها، و لا حمّلني اللّه ذنبها. و و اللّه إن جئتها إنّي للمحقّ الّذي يتّبع. و إنّ الكتاب لمعي، ما فارقته مذ صحبته. فلقد كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و إنّ القتل ليدور على الآباء و الأبناء و الإخوان و القرابات، فما نزداد على كلّ مصيبة و شدّة إلاّ إيمانا، و مضيّا على الحقّ، و تسليما للأمر، و صبرا على مضض الجراح. و لكنّا إنّما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزّيغ و الإعوجاج و الشّبهة و التّأويل. فإذا طمعنا في خصلة يلمّ اللّه بها شعثنا،

و نتدانى بها إلى البقيّة فيما بيننا، رغبنا فيها و أمسكنا عمّا سواها. "الخطبة 120، 230"

و من كلام له "ع" في التحكيم و ذلك بعد سماعه لأمر الحكمين: إنّا لم نحكّم الرّجال،

و إنما حكّمنا القرآن. هذا القرآن إنّما هو خطّ مستور بين الدّفّتين، لا ينطق بلسان، و لا بدّ له من ترجمان. و إنّما ينطق عنه الرّجال. و لمّا دعانا القوم إلى أن نحكّم بيننا القرآن، لم نكن الفريق المتولّي عن كتاب اللّه سبحانه و تعالى، و قد قال اللّه سبحانه: فَإنْ تَنَازَعْتُم فِي شَي ءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللّهِ وَ الرَّسُولِ. فردّه إلى اللّه أن نحكم بكتابه، و ردّه إلى الرّسول أن نأخذ بسنّته. فإذا حكم بالصّدق في كتاب اللّه،

فنحن أحقّ النّاس به، و إن حكم بسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فنحن أحقّ النّاس و أولاهم بها. و أمّا قولكم: لم جعلت بينك و بينهم أجلا في التّحكيم؟

فإنّما فعلت ذلك ليتبيّن الجاهل و يتثبّت العالم. و لعلّ اللّه أن يصلح في هذه الهدنة أمر هذه الأمّة، و لا تؤخذ بأكظامها، فتعجل عن تبيّن الحقّ، و تنقاد لأوّل الغيّ.

إنّ أفضل النّاس عند اللّه من كان العمل بالحقّ أحبّ إليه و إن نقصه و كرثه من الباطل، و إن جرّ إليه فائدة و زاده. فأين يتاه بكم و من أين أتيتم استعدّوا للمسير إلى قوم حيارى عن الحقّ لا يبصرونه، و موزعين بالجور "أي أغراهم الظلم" لا يعدلون به. جفاة عن الكتاب، نكب عن الطّريق. ما أنتم بوثيقة يعلق بها، و لا زوافر عزّ يعتصم إليها. لبئس حشّاش نار الحرب أنتم أفّ لكم لقد لقيت منكم برحا،

يوما أناديكم و يوما أناجيكم، فلا أحرار صدق عند النّداء، و لا إخوان ثقة عند النّجاء. "الخطبة 123، 234"

و من كلام له "ع" و فيه يبين بعض أحكام الدين، و يكشف للخوارج الشبهه و ينقض حكم الحكمين: فإن أبيتم إلاّ أن تزعموا أنّي أخطأت و ضللت، فلم تضلّلون عامّة أمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله بضلالي، و تأخذونهم بخطئي، و تكفّرونهم بذنوبي سيوفكم على عواتقكم تضعونها مواضع البرء و السّقم، و تخلطون من أذنب بمن لم يذنب. و قد علمتم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله رجم الزّاني المحصن،

ثمّ صلّى عليه، ثمّ ورّثه أهله. و قتل القاتل و ورّث ميراثه أهله. و قطع السّارق و جلد الزّاني غير المحصن، ثمّ قسم عليهما من الفي ء، و نكحا المسلمات. فأخذهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بذنونهم، و أقام حقّ اللّه فيهم، و لم يمنعهم سهمهم من الإسلام، و لم يخرج أسماءهم من بين أهله 'كان من زعم الخوارج ان من أخطأ و أذنب فقد كفر، فأراد الامام "ع" أن يقيم الحجة على بطلان زعمهم بما رواه عن النبي "ص"'. ثمّ أنتم شرار النّاس و من رمى به الشّيطان مراميه، و ضرب به تيهه.

و سيهلك فيّ صنفان: محبّ مفرط يذهب به الحبّ إلى غير الحقّ، و مبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحقّ، و خير النّاس فيّ حالا النّمط الأوسط فالزموه.

و الزاموا السّواد الأعظم فإنّ يد اللّه على الجماعة. و إيّاكم و الفرقة فإنّ الشّاذّ من النّاس للشيطان، كما أنّ الشّاذّ من الغنم للذّئب. ألا من دعا إلى هذا الشّعار فاقتلوه. و لو كان تحت عمامتي هذه. فإنّما حكّم الحكمان ليحييا ما أحيا القرآن،

و يميتا ما أمات القرآن. و إحياؤه الاجتماع عليه، و إماتته الافتراق عنه. فإن جرّنا القرآن إليهم اتّبعناهم، و إن جرّهم إلينا اتّبعونا. فلم آت لا أبا لكم بجرا "أي أمرا و شرا عظيما"، و لاختلتكم عن أمركم، و لا لبّسته عليكم. إنّما اجتمع رأي ملئكم على اختيار رجلين، أخذنا عليهما أن لا يتعدّيا القرآن، فتاها عنه، و تركا الحقّ و هما يبصرانه، و كان الجور هواهما فمضيا عليه. و قد سبق استثناؤنا عليهما في الحكومة بالعدل و الصّمد للحقّ سوء رأيهما، و جور حكمهما. "الخطبة 125، 236" و من كلام له "ع" في معنى الحكمين: فأجمع رأي ملئكم على أن اختاروا رجلين،

فأخذنا عليهما أن يجعجعا عند القرآن "أي يقيما"، و لا يجاوزاه، و تكون ألسنتهما معه و قلوبهما تبعه، فتاها عنه، و تركا الحقّ و هما يبصرانه. و كان الجور هواهما،

و الاعوجاج رأيهما. و قد سبق استثناؤنا عليهما في الحكم بالعدل و العمل بالحقّ،

سوء رأيهما و جور حكمهما "أي أن وصية الامام "ع" لهما بأن لا يحكما الا بالعدل،

كانت سابقة لمخالفتهما هذا الشرط"، و الثّقة في أيدينا لأنفسنا، حين خالفا سبيل الحقّ، و أتيا بما لا يعرف من معكوس الحكم. "الخطبة 175، 318"

و قال "ع" في قوم من جند الكوفة لحقوا بالخوارج لينضموا اليهم: بُعْداً لَهُمْ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ أما لو أشرعت الأسنّة إليهم، و صبّت السّيوف على هاماتهم، لقد ندموا على ما كان منهم. إنّ الشّيطان اليوم قد استفلّهم "أي دعاهم الى الانهزام عن الجماعة" و هو غدا متبرّي ء منهم، و متخلّ عنهم. فحسبهم بخروجهم من الهدى، و ارتكاسهم في الضّلال و العمى، و صدّهم عن الحقّ، و جماحهم في التّيه. "الخطبة 179، 322"

و قال "ع" للبرج بن مسهر الطائي و كان من الخوارج، و قد سمعه يقول: لا حكم الا للّه:

أسكت قبّحك اللّه يا أثرم، فو اللّه لقد ظهر الحقّ، فكنت فيه ضئيلا شخصك، خفيّا صوتك، حتّى إذا نعر الباطل "أي صاح" نجمت "أي ظهرت" نجوم قرن الماعز. "الخطبة 182، 333"

و قال "ع" يذكر ذا الثدية من رؤساء الخوارج: ألا و قد قطعتم قيد الإسلام، و عطّلتم حدوده، و أمتّم أحكامه. ألا و قد أمرني اللّه بقتال أهل البغي و النّكث و الفساد في الأرض. فأمّا النّاكثون فقد قاتلت، و أمّا القاسطون فقد جاهدت، و أمّا المارقة فقد دوّخت. و أمّا شيطان الرّدهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه و رجّة صدره.

و بقيت بقيّة من أهل البغي. و لئن أذن اللّه في الكرّة عليهم لأديلنّ منهم "أي لأمحقنهم" إلاّ ما يتشذّر "أي يتفرق" في أطراف البلاد تشذّرا. "الخطبة 190، 4، 372"

و من كلام له "ع" لما اضطرب عليه أصحابه في أمر الحكومة: أيّها النّاس، إنّه لم يزل أمري معكم على ما أحبّ، حتّى نهكتكم الحرب. و قد و اللّه، أخذت منكم و تركت، و هي لعدوّكم أنهك. لقد كنت أمس أميرا، فأصبحت اليوم مأمورا.

و كنت أمس ناهيا، فأصبحت اليّوم منهيّا. و قد أحببتم البقاء و ليس لي أن أحملكم على ما تكرهون. "الخطبة 206، 399"

و من كلام له "ع" في شأن الحكمين: ألا و إنّ القوم اختاروا لأنفسهم أقرب القوم ممّا تحبّون. و إنّكم اخترتم لأنفسكم أقرب القوم ممّا تكرهون. و إنّما عهدكم بعبد اللّه بن قيس "و هو أبو موسى الاشعري" بالأمس يقول 'إنّها فتنة فقطّعوا أو تاركم،

و شيموا سيوفكم' فإن كان صادقا فقد أخطأ بمسيره غير مستكره، و إن كان كاذبا

/ 86