تصنیف نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تصنیف نهج البلاغه - نسخه متنی

لبیب بیضون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فاذا أنتم ألنتم له "أي للامام علي" رقابكم، و أشرتم إليه بأصابعكم، جاءه الموت فذهب به، فلبثتم بعده ما شاء اللّه، حتّى يطلع اللّه لكم من يجمعكم و يضمّ نشركم. فلا تطمعوا في غير مقبل، و لا تيأسوا من مدبر "أي من أدبرت حاله في عمله و لم يزل طالبا"، فإنّ المدبر عسى أن تزلّ به إحدى قائمتيه "أي رجليه"، و تثبت الأخرى، فترجعا حتّى تثبتا جميعا. ألا إنّ مثل آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله كمثل نجوم السّماء، إذا خوى نجم طلع نجم، فكأنّكم قد تكاملت من اللّه فيكم الصّنائع، و أراكم ما كنتم تأملون. "الخطبة 98، 193"

و قال "ع" يتنبأ بمجي ء عبد الملك بن مروان أحد ملوك بني أمية البارزين: أيّها النّاس،

لا يجرمنّكم شقاقي، و لا يستهوينّكم عصياني، و لا تتراموا بالأبصار عند ما تسمعونه منّي. فو الّذي فلق الحبّة، و برأ النّسمة، إنّ الّذي أنبئكم به عن النّبيّ الأمّيّ صلّى اللّه عليه و آله ما كذب المبلّغ، و لا جهل السّامع. لكأنّي أنظر إلى ضلّيل قد نعق بالشّام "يقصد به عبد الملك بن مروان"، و فحص براياته في ضواحي كوفان "أي الكوفة". فإذا فغرت فاغرته "أي انفتح فمه"، و اشتدّت شكيمته، و ثقلت في الأرض وطأته، عضّت الفتنة أبناءها بأنيابها، و ماجت الحرب بأمواجها، و بدا من الأيّام كلوحها، و من اللّيالي كدوحها. فإذا أينع زرعه و قام على ينعه، و هدرت شقاشقه و برقت بوارقه، عقدت رايات الفتن المعضلة، و أقبلن كاللّيل المظلم، و البحر الملتطم. هذا، و كم يخرق الكوفة من قاصف، و يمرّ عليها من عاصف. و عن قليل تلتفّ القرون بالقرون، و يحصد القائم، و يحطم المحصود. "الخطبة 99، 194"

و قال "ع" عن حوادث البصرة المقبلة: فتن كقطع اللّيل المظلم، لا تقوم لها قائمة و لا تردّ لها راية. تأتيكم مزمومة مرحولة: يحفزها قائدها، و يجهدها راكبها. أهلها قوم شديد كلبهم، قليل سلبهم. يجاهدهم في سبيل اللّه قوم أذلة عند المتكبّرين، في الأرض مجهولون، و في السّماء معروفون. فويل لك يا بصرة عند ذلك، من جيش من نقم اللّه لا رهج له "أي غبار" و لا حسّ "أي جلبة

و ضوضاء". و سيبتلى أهلك بالموت الأحمر، و الجوع الأغبر. "الخطبة 100، 195"

و ذلك زمان لا ينجو فيه إلاّ كلّ مؤمن نومة "أي كثير النوم، يريد به البعيد عن مخالطة الناس". إن شهد لم يعرف، و إن غاب لم يفتقد. أولئك مصابيح الهدى، و أعلام السّرى "أي السير في ليالي المشاكل". ليسوا بالمساييح "جمع مسياح و هو الذي يسيح بين الناس بالفساد و النمائم"، و لا المذاييع "أي الذين اذا سمعوا بفاحشة أذاعوها" البذر "جمع بذور و هو الذي يكثر سفهه". أولئك يفتح اللّه لهم أبواب رحمته، و يكشف عنهم ضرّاء نقمته.

أيّها النّاس، سيأتي عليكم زمان يكفأ فيه الإسلام، كما يكفأ الإناء بما فيه.

أيّها النّاس، إنّ اللّه قد أعاذكم من أن يجوز عليكم، و لم يعذكم من أن يبتليكم، و قد قال جلّ من قائل إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَاتٍ وَ إنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ. "الخطبة 101، 198"

فأقسم باللّه يا بني أميّة، عمّا قليل لتعرفنّها في أيدي غيركم و في دار عدوّكم. "الخطبة 103، 200"

و قال "ع" يحذر أصحابه من بني أمية: و أيم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب، لجمعكم اللّه لشرّ يوم لهم "أي يوم تقهرونهم فيه". "الخطبة 104، 203"

و قال "ع" عن فتنة بني أمية المقبلة: راية ضلال قد قامت على قطبها، و تفرّقت بشعبها، تكيلكم بصاعها، و تخبطكم بباعها. قائدها خارج من الملّة قائم على الضّلّة فلا يبقى يومئذ منكم إلاّ ثقالة كثقالة القدر "الثفالة: ما يبقى في القدر من عكر"،

أو نفاضة كنفاضة العكم "ما يسقط من الكيس بالنفض". تعرككم عرك الأديم "أي الجلد"، و تدوسكم دوس الحصيد. و تستخلص المؤمن من بينكم استخلاص الطّير الحبّة البطيئة "أي السمينة" من بين هزيل الحبّ... فعند ذلك أخذ الباطل مآخذه،

و ركب الجهل مراكبه. و عظمت الطّاغية، و قلّت الدّاعية. و صال الدّهر صيال السّبع العقور، و هدر فنيق "أي فحل الابل" الباطل بعد كظوم "أي سكون"، و تواخى النّاس على الفجور، و تهاجروا على الدّين، و تحابّوا على الكذب، و تباغضوا على الصّدق.

فإذا كان ذلك كان الولد غيظا "أي يغيظ والده لشبوبه على العقوق"، و المطر قيظا.

و تفيض اللّئام فيضا، و تغيض الكرام غيضا "أي تقل". و كان أهل ذلك الزّمان ذئابا، و سلاطينه سباعا. و أوساطه أكّالا، و فقراؤه أمواتا. و غار الصّدق، و فاض الكذب. و استعملت المودّة باللّسان و تشاجر النّاس بالقلوب. و صار الفسوق نسبا، و العفاف عجبا. و لبس الإسلام لبس الفرو مقلوبا. "الخطبة 106، 206"

أما و اللّه ليسلّطنّ عليكم غلام ثقيف "أي الحجاج" الذّيّال الميّال. يأكل خضرتكم و يذيب شحمتكم. إيه أبا وذحة "الوذحة هي الخنفساء، و للحجاج قصة معها". "الخطبة 114، 225"

من كلام له "ع" فيما يخبر به عن الملاحم التي ستحدث في البصرة: يا أحنف، كأنّي به و قد سار بالجيش الّذي لا يكون له غبار و لا لجب، و لا قعقعة لجم، و لا حمحمة خيل.

يثيرون الأرض بأقدامهم كأنّها أقدام النّعام "يومي بذلك الى صاحب الزنج".

ثم يقول "ع": ويل لسكككم العامرة، و الدّور المزخرفة الّتي لها أجنحة كأجنحة النّسور، و خراطيم كخراطيم الفيلة، من أولئك الّذين لا يندب قتيلهم، و لا يفتقد غائبهم. أنا كابّ الدّنيا لوجهها، و قادرها بقدرها، و ناظرها بعينها.

"منه في وصف الاتراك": كأنّي أراهم قوما كأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة. يلبسون السّرق و الدّيباج "أي الحرير"، و يعتقبون الخيل العتاق. و يكون هناك استحرار قتل،

حتّى يمشي المجروح على المقتول، و يكون المفلت أقلّ من المأسور.

"فقال له بعض أصحابه: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب فضحك عليه السلام.

و قال للرجل و كان كلبيا": يا أخا كلب، ليس هو بعلم غيب. و إنّما هو تعلّم من ذي علم. و إنّما علم الغيب علم السّاعة، و ما عدّده اللّه سبحانه بقوله: إِنَّ اللّهَ عِنْدَهُ عِلمُ السَّاعَةِ.. الآية. فيعلم اللّه سبحانه ما في الأرحام من ذكر أو أنثى، و قبيح أو جميل، و سخيّ أو بخيل، و شقيّ أو سعيد. و من يكون في النّار حطبا، أو في الجنان للنّبيّين مرافقا. فهذا علم الغيب الّذي لا يعلمه أحد إلاّ اللّه. و ما سوى ذلك فعلم علّمه اللّه نبيّه، فعلّمنيه، و دعا لي بأن يعيه صدري، و تضطمّ "أي تنضم" عليه جوانحي. "الخطبة 126،؟؟؟"

و قال "ع" يتنبأ بمجي ء عبد الملك بن مروان: كأنّي به قد نعق بالشّام، و فحص براياته في ضواحي كوفان "أي الكوفة"، فعطف عليها عطف الضّروس "أي الناقة السيئة الطبع"، و فرش الأرض بالرّؤوس. قد فغرت فاغرته، و ثقلت في الأرض وطأته. بعيد الجولة، عظيم الصّولة. و اللّه ليشرّدنّكم في أطراف الأرض، حتّى لا يبقى منكم إلاّ قليل، كالكحل في العين. فلا تزالون كذلك، حتّى تؤوب إلى العرب عوازب أحلامها. "الخطبة 136، 250"

و من كلام له "ع" في وقت الشورى: فاسمعوا قولي، و عوا منطقي، عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم، تنتضى فيه السّيوف، و تخان فيه العهود، حتّى يكون بعضكم أئمّة لأهل الضّلالة، و شيعة لأهل الجهالة. "الخطبة 137، 251"

و إنّه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شي ء أخفى من الحقّ، و لا أظهر من الباطل، و لا أكثر من الكذب على اللّه و رسوله. و ليس عند أهل ذلك الزّمان سلعة أبور من الكتاب إذا تلي حقّ تلاوته، و لا أنفق "أي أروج" منه إذا حرّف عن مواضعه. و لا في البلاد شي ء أنكر من المعروف و لا أعرف من المنكر. فقد نبذ الكتاب حملته، و تناساه حفظته. فالكتاب يومئذ و أهله طريدان منفيّان، و صاحبان مصطحبان، في طريق واحد لا يؤويهما مؤو. فالكتاب و أهله في ذلك الزّمان في النّاس و ليسا فيهم، و معهم و ليسا معهم. لأنّ الضّلالة لا توافق الهدى و إن اجتمعا.

فاجتمع القوم على الفرقة، و افترقوا عن الجماعة، كأنّهم أئمة الكتاب و ليس الكتاب إمامهم. فلم يبق عندهم منه إلاّ اسمه، و لا يعرفون إلاّ خطّه و زبره "أي كتابته". و من قبل ما مثّلوا بالصّالحين كلّ مثلة، و سمّوا صدقهم على اللّه فرية. و جعلوا في الحسنة عقوبة السّيّئة. "الخطبة 145، 258"

و قال "ع" عن زمان الضلال المقبل و حال المؤمن فيه: و أخذوا يمينا و شمالا ظعنا في مسالك الغيّ، و تركا لمذاهب الرّشد فلا تستعجلوا ما هو كائن مرصد و لا تستبطئوا ما يجي ء به الغد. فكم من مستعجل بما إن أدركه ودّ أنّه لم يدركه. و ما أقرب اليوم من تباشير غد

يا قوم هذا إبّان ورود كلّ موعود، و دنوّ من طلعة ما لا تعرفون. ألا و إنّ من أدركها منّا يسري فيها بسراج منير، و يحذو فيها على مثال الصّالحين. ليحلّ فيها ربقا، و يعتق رقا، و يصدع شعبا، و يشعب صدعا. في سترة عن النّاس، لا يبصر القائف أثره،

و لو تابع نظره. ثمّ ليشحذنّ فيها قوم شحذ القين "الحداد" النّصل. تجلى بالتّنزيل "أي القرآن" أبصارهم، و يرمى بالتفسير في مسامعهم، و يغبقون "أي يسقون" كأس الحكمة بعد الصّبوح "أي ما يشرب في الصباح". "الخطبة 148، 262"

و قال "ع" محذرا من الفتن المقبلة: ثمّ إنّكم معشر العرب أغراض بلايا قد اقتربت. فاتّقوا سكرات النّعمة، و احذروا بوائق النّقمة. و تثبّتوا في قتام "أي غبار" العشوة "أي ركوب الامر على غير بيان"، و اعوجاج الفتنة عند طلوع جنينها، و ظهور كمينها،

و انتصاب قطبها و مدار رحاها. تبدأ في مدارج خفيّة، و تؤول إلى فظاعة جليّة.

شبابها "أي أولها" كشباب الغلام، و آثارها كآثار السّلام. يتوارثها الظّلمة بالعهود.

أوّلهم قائد لآخرهم، و آخرهم مقتد بأوّلهم. يتنافسون في دنيا دنيّة، و يتكالبون على جيفة مريحة. و عن قليل يتبرّأ التّابع من المتبوع، و القائد من المقود. فيتزايلون بالبغضاء،

و يتلاعنون عند اللّقاء. ثمّ يأتي بعد ذلك طالع الفتنة الرّجوف، و القاصمة الزّحوف.

فتزيغ قلوب بعد استقامة، و تضلّ رجال بعد سلامة. و تختلف الأهواء عند هجومها،

و تلتبس الآراء عند نجومها "أي ظهورها". من أشرف لها قصمته، و من سعى فيها حطمته. يتكادمون فيها تكادم "أي يعض بعضهم بعضا" الحمر في العانة "أي جماعة حمر الوحش". قد اضطرب معقود الحبل، و عمي وجه الأمر. تغيض فيها الحكمة، و تنطق فيها الظّلمة. و تدقّ أهل البدو بمسحلها، و ترضّهم بكلكلها. يضيع في غبارها الوحدان "أي المتفردون"، و يهلك في طريقها الرّكبان. ترد بمرّ القضاء و تحلب عبيط الدّماء. و تثلم منار الدّين، و تنقض عقد اليقين. يهرب منها الأكياس "أي العاقلون"، و يدبّرها الأرجاس. مرعاد مبراق، كاشفة عن ساق. تقطع فيها الأرحام، و يفارق عليها الإسلام. بريّها سقيم، و ظاعنها مقيم.

"منها" بين قتيل مطلول، و خائف مستجير. يختلون بعقد الأيمان، و بغرور الإيمان.

فلا تكونوا أنصاب الفتن، و أعلام البدع. و الزموا ما عقد عليه حبل الجماعة، و بنيت عليه أركان الطّاعة. و اقدموا على اللّه مظلومين، و لا تقدموا عليه ظالمين. و اتّقوا مدارج الشّيطان، و مهابط العدوان. و لا تدخلوا بطونكم لعق الحرام. فإنّكم بعين من حرّم عليكم المعصيّة و سهّل لكم سبل الطّاعة "أي أن اللّه سبحانه يراكم دائما". "الخطبة 149، 264"

و من خطبة له "ع": فعند ذلك لا يبقى بيت مدر و لا وبر، إلاّ و أدخله الظّلمة ترحة، و أولجوا فيه نقمة. فيومئذ لا يبقى لهم في السّماء عاذر، و لا في الأرض ناصر. أصفيتم بالأمر غير أهله، و أوردتموه غير مورده. و سينتقم اللّه ممّن ظلم، مأكلا بمأكل، و مشربا بمشرب، من مطاعم العلقم، و مشارب الصّبر و المقر "أي السم". و لباس شعار الخوف، و دثار السّيف. و إنّما هم مطايا الخطيئات و زوامل الآثام. فأقسم ثمّ أقسم، لتنخمنّها أميّة من بعدي كما تلفظ النّخامة "هي ما يدفعه الصدر أو الانف من المخاط"، ثمّ لا تذوقها و لا تطعم بطعمها أبدا، ما كرّ الجديدان. "الخطبة 156، 279"

و من كلام له "ع" الى عثمان: و إنّي أنشدك اللّه أن لا تكون إمام هذه الأمّة المقتول، فإنّه كان يقال: يقتل في هذه الأمّة إمام يفتح عليها القتل و القتال إلى يوم القيامة و يلبس أمورها عليها، و يبثّ الفتن فيها، فلا يبصرون الحقّ من الباطل. يموجون فيها موجا، و يمرجون فيها مرجا. "الخطبة 162، 292"

و قال "ع" عن فتنة بني أمية: افترقوا بعد ألفتهم، و تشتّتوا عن أصلهم. فمنهم آخذ بغصن أينما مال مال معه. على أنّ اللّه تعالى سيجمعهم لشرّ يوم لبني أميّة، كما تجتمع قزع الخريف. يؤلّف اللّه ينهم، ثمّ يجمعهم ركاما كركام السّحاب. ثمّ يفتح لهم أبوابا يسيلون من مستثارهم كسيل الجنّتين، حيث لم تسلم عليه قارة، و لم تثبت عليه أكمة، و لم يردّ سننه رصّ طود، و لا حداب أرض. يزعزعهم اللّه في بطون أوديته، ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض. يأخذ بهم من قوم حقوق قوم، و يمكّن لقوم في ديار قوم. و أيم اللّه ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ و التّمكين، كما تذوب الألية على النّار.

أيّها النّاس، لو لم تتخاذلوا عن نصر الحقّ، و لم تهنوا عن توهين البّاطل، لم يطمع فيكم من ليس مثلكم، و لم يقومن قوي عليكم. لكنّكم تهتم متاه بني إسرائيل. و لعمري ليضعّفنّ لكم التّيه من بعدي أضعافا، بما خلّفتم الحقّ وراء طهوركم، و قطعتم الأدنى و وصلتم الأبعد. "الخطبة 164، 300"

و قال "ع" عن مدى علمه بالمغيبات: و اللّه لو شئت أن أخبر كلّ رجل منكم بمخرجه و مولجه "أي من أين يخرج و يدخل" و جميع شأنه لفعلت. و لكن أخاف أن تكفروا فيّ "أي بسببي" برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.

ألا و إنّي مفضيه "أي موصله" إلى الخاصّة ممّن يؤمن ذلك منه. و الّذي بعثه بالحقّ و اصطفاه على الخلق، ما أنطق إلاّ صادقا، و قد عهد إليّ بذلك كلّه "الفاعل المستتر راجع للنبي"، و بمهلك من يهلك، و منجى من ينجو، و مآل هذا الأمر. و ما أبقى شيئا يمرّ على رأسي إلاّ أفرغه في أذنيّ و أفضى به إليّ. "الخطبة 173، 311"

.. ألا فتوقّعوا ما يكون من إدبار أموركم، و انقطاع وصلكم و استعمال صغاركم. ذاك حيث تكون ضربة السّيف على المؤمن أهون من الدّرهم من حلّه "لاختلاط المكاسب بالحرام". ذاك حيث يكون المعطى "أي الفقير" أعظم أجرا من المعطي "أي الغني المترف". ذاك حيث تسكرون من غير شراب. بل من النّعمة و النّعيم.

و تحلفون من غير اضطرار، و تكذبون من غير إخراج. ذاك إذا عضّكم البلاء كما يعضّ القتب غارب البعير "القتب: كساء يوضع على ظهر البعير، و الغارب: ما بين العنق و السنام". ما أطول هذا العناء و أبعد هذا الرّجاء. "الخطبة 185، 346"

أيّها النّاس، سلوني قبل أن تفقدوني، فلأنا بطرق السّماء أعلم منّي بطرق الأرض. قبل أن تشغر برجلها فتنة تطأ في خطامها، و تذهب بأحلام قومها. "الخطبة 187، 350"

و قال "ع" لمعاوية يتنبأ برفع المصاحف في صفين و الدعوة الى التحكيم: فكأنّي قد رأيتك تضجّ من الحرب إذا عضّتك ضجيج الجمال بالأثقال. و كأنّي بجماعتك تدعوني جزعا من الضّرب المتتابع، و القضاء الواقع، و مصارع بعد مصارع إلى كتاب اللّه، و هي كافرة جاحدة، أو مبايعة حائدة. "الخطبة 249، 450"

و قال "ع" عن صفة آخر الزمان: يأتي على النّاس زمان لا يقرّب فيه إلاّ الماحل،

و لا يظرّف فيه إلاّ الفاجر، و لا يضعّف فيه إلاّ المنصف. يعدّون الصّدقة فيه غرما،

و صلة الرّحم منّا، و العبادة استطالة على النّاس. فعند ذلك يكون السّلطان بمشورة النّساء و إمارة الصّبيان و تدبير الخصيان. "102 ح، 582" يأتي على النّاس زمان لا يبقى فيهم من القرآن إلاّ رسمه، و من الإسلام إلاّ اسمه.

و مساجدهم يومئذ عامرة من البناء، خراب من الهدى. سكّانها و عمّارها شرّ أهل الأرض. منهم تخرج الفتنة، و إليهم تأوي الخطيئة. يردّون من شذّ عنها فيها،

و يسوقون من تأخّر عنها إليها. يقول اللّه سبحانه "فبي حلفت، لأبعثّنّ على أولئك فتنة، تترك الحليم فيها حيران" و قد فعل. و نحن نستقيل اللّه عثرة الغفلة.

"369 ح، 640" إنّ لبني أميّة مرودا "أي مهلة" يجرون فيه، و لو قد اختلفوا فيما بينهم، ثمّ كادتهم الضّباع لغلبتهم "أي لو حاربتهم الضباع دون الاسود لقهرتهم". "464 ح، 659" يأتي على النّاس زمان عضوض "أي شديد"، يعضّ الموسر فيه على ما في يديه و لم يؤمر بذلك. قال اللّه سبحانه وَ لاَ تَنْسُوا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ. تنهد فيه الأشرار و تستذلّ الأخيار. و يبايع المضطرّون، و قد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن بيع المضطرّين. "468 ح، 660"

زهد الامام و تقواه


مدخل:

يقول ابن ابي الحديد المعتزلي في شرحه للنهج عن زهد الامام "ع": و أما الزهد في الدنيا فهو سيد الزهاد، و بدل الابدال، و اليه تشد الرحال.

ما شبع من طعام قط. و كان أخشن الناس مأكلا و لباسا. و كان لا يأكل من اللحم الا قليلا، و يقول: لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوان. و كان مع ذلك أشد الناس قوة و اعظمهم أيدا. و هو الذي طلق الدنيا ثلاثا. و كانت الاموال تجبى اليه من جميع بلاد

الاسلام فكان يفرقها ثم يقول:

هذا جناي و خياره فيه

اذ كل جان يده الى فيه

قال عمر بن عبد العزيز: ما علمنا أن أحدا كان في هذه الامة بعد النبي "ص" أزهد من علي بن أبي طالب "ع".

النصوص:

قال الامام علي "ع"

في نهاية الخطبة الشقشقية: و لألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز. "الخطبة 3، 44"

قال عبد اللّه بن العباس "رض": دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام بذي قار و هو يخصف نعله، فقال لي: ما قيمة هذه النعل؟ فقلت: لا قيمة لها فقال "ع": و اللّه لهي أحبّ إليّ من إمرتكم، إلاّ أن أقيم حقّا، أو أدفع باطلا. "الخطبة 33، 89"

و من كلام له "ع" لما عزموا على بيعة عثمان: لقد علمتم أنّي أحقّ النّاس بها من غيري، و و اللّه لأسلمنّ ما سلمت أمور المسلمين، و لم يكن فيها جور إلاّ عليّ خاصّة. التماسا لأجر ذلك و فضله، و زهدا فيما تنافستموه من زخرفه و زبرجه. "الخطبة 72، 129"

و من كلام له "ع" في ذكر عمرو بن العاص: أما و اللّه إنّي ليمنعني من اللّعب ذكر الموت، و إنه ليمنعه من قول الحقّ نسيان الآخرة. "الخطبة 82، 149"

و قال "ع": و اللّه لقد رقّعت مدرعتي هذه حتّى استحييت من راقعها. و لقد قال لي قائل: ألا تنبذها عنك؟ فقلت: أعزب عنّي، فعند الصّباح يحمد القوم السّرى "و هو السير ليلا". "الخطبة 158، 285"

أيّها النّاس، إنّي و اللّه ما أحثّكم على طاعة إلاّ و أسبقكم إليها، و لا أنهاكم عن معصية إلاّ و أتناهى قبلكم عنها. "الخطبة 173، 311"

و من كلام له "ع" في معاوية: و اللّه ما معاوية بأدهى منّي، و لكنّه يغدر و يفجر. و لو لا

كراهية الغّدر لكنت من أدهى النّاس. و لكن كلّ غدرة فجرة، و كلّ فجرة كفرة.

'و لكلّ غادر لواء يعرف به يوم القيامة'. "الخطبة 198، 394"

و إنّ دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها. ما لعليّ و لنعيم يفنى، و لذّة لا تبقى. "الخطبة 222، 427"

من كتاب له "ع" الى عثمان بن حنيف الانصاري و كان عامله على البصرة، و قد بلغه أنه دعي الى وليمة قوم من أهلها، فمضى اليها قوله:

أمّا بعد، يا بن حنيف، فقد بلغني أنّ رجلا من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها. تستطاب لك الألوان، و تنقل إليك الجفان و ما ظننت أنّك تجيب إلى طعام قوم، عائلهم مجفوّ "أي محتاجهم مطرود" و غنيّهم مدعوّ. فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم "قضم: اكل بطرف اسنانه". فما اشتبه عليك علمه فالفظه، و ما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه.

ألا و إنّ لكلّ مأموم إماما يقتدي به و يستضي ء بنور علمه، ألا و إنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه "أي ثوبيه الباليين"، و من طعمه بقرصيه "أي رغيفيه".

ألا و إنّكم لا تقدرون على ذلك، و لكن أعينوني بورع و اجتهاد و عفّة و سداد. فو اللّه ما كنزت من دنياكم تبرا، و لا ادّخرت من غنائمها وفرا، و لا أعددت لبالي ثوبي طمرا، و لا حزت من أرضها شبرا. و لا أخذت منه إلاّ كقوت أتان دبرة "التي عقر ظهرها فقل أكلها". و لهي في عيني أوهى و أهون من عفصة مقرة. بلى كانت في أيدينا فدك "قرية نحلها النبي "ص" لابنته الزهراء" من كلّ ما أظلّته السّماء،

فشحّت عليها نفوس قوم "أي الخليفة الاول و الثاني" و سخت عنها "أي زهدت بها" نفوس قوم اخرين "أي بني هاشم" و نعم الحكم اللّه. و ما أصنع بفدك، و غير فدك و النّفس مضانّها في غد جدث "أي قبر" تنقطع في ظلمته آثارها، و تغيب أخبارها،

و حفرة لو زيد في فسحتها، و أوسعت يدا حافرها، لأضغطها الحجر و المدر، و سدّ فرجها التّراب المتراكم.

و إنّما هي نفسي أروضها بالتّقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، و تثبت على

/ 86