تصنیف نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تصنیف نهج البلاغه - نسخه متنی

لبیب بیضون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

و أمّا ما سألت عنه من رأيي في القتال، فإنّ رأيي قتال المحلّين، حتّى ألقى اللّه، لا يزيدني كثرة النّاس حولي عزّة، و لا تفرّقهم عني وحشة. و لا تحسبنّ ابن أبيك و لو أسلمه النّاس متضرّعا متخشّعا، و لا مقرّا للضّيم واهنا، و لا سلس الزّمام للقائد، و لا وطي ء الظّهر للرّاكب المتعقّد، و لكنّه كما قال أخو بني سليم:

فإن تسأليني كيف أنت فإنّني

صبور على ريب الزّمان صليب

يعزّ عليّ أن ترى بي كآبة

فيشمت عاد أو يساء حبيب

"الخطبة 275، 493"

تذمر الامام من أصحابه و تأنيبهم على بعض افعالهم


يراجع المبحث التالي "186" حث الامام اصحابه على القتال، و انكاره تقاعسهم و أعذارهم.

تراجع مباحث الباب التاسع: المواعظ و الارشادات.

قال الامام علي "ع":

من خطبة له "ع" خطبها بعد موقعة الجمل، يندد فيها بأصحابه: بنا اهتديتم في الظّلماء، و تسنّمتم ذروة العلياء و بنا انفجرتم عن السّرار "أي الظلمة التي تكون في آخر ليلة من الشهر القمري". و قر سمع لم يفقه الواعية "أي العبر و المواعظ"، و كيف يراعي النّبأة "الصوت الخفي" من أصمّته الصّيحة "الصوت القوي". ربط جنان لم يفارقه الخفقان "هذا دعاء للقلب الذي لازمته مخافة اللّه بان يثبت و يستمسك".

ما زلت أنتظر بكم عواقب الغدر، و أتوسّمكم بحلية المغترّين، حتّى سترني عنكم جلباب الدّين، و بصّرنيكم صدق النّيّة. أقمت لكم على سنن الحقّ في جوادّ المضلّة، حيث تلتقون و لا دليل، و تحتفرون و لا تميهون "أي لا تجدون الماء". اليوم أنطق لكم العجماء ذات البيان. عزب رأي امري ء تخلّف عنّي. ما شككت في

الحقّ مذ أريته. لم يوجس موسى عليه السّلام خيفة على نفسه، بل أشفق من غلبة الجهّال و دول الضّلال. اليوم توافقنا على سبيل الحقّ و الباطل. من وثق بماء لم يظمأ "أي من وثق بإمامه وجد غايته عنده". "الخطبة 4، 45"

قال "ع" متضجرا من تثاقل اصحابه عن الجهاد، و مخالفتهم له في الرأي، بعد ان تواترت عليه الاخبار بتغلب بسر بن أبي أرطاة على عامليه على اليمن: أنبئت بسرا قد اطّلع اليمن. و إنّي و اللّه لأظنّ أنّ هؤلاء القوم سيدالون منكم "أي ستكون لهم الدولة بدلكم"، باجتماعهم على باطلهم، و تفرّقكم عن حقّكم، و بمعصيتكم إمامكم في الحقّ،

و طاعتهم إمامهم في الباطل، و بأدائهم الأمانة إلى صاحبهم و خيانتكم و بصلاحهم في بلادهم و فسادكم. فلو ائتمنت أحدكم على قعب "أي قدح" لخشيت أن يذهب بعلاقته "أي ما يعلّق به". اللّهمّ إنّي قد مللتهم و ملّوني و سئمتهم و سئموني، فأبدلني بهم خيرا منهم، و أبدلهم بي شرا منّي. اللّهمّ مث "أي أذب" قلوبهم كما يماث الملح في الماء. أما و اللّه لوددت أنّ لي بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم، هنالك لو دعوت أتاك منهم فوارس مثل أرمية الحميم "الخطبة 25، 72"

و قد بلغتم من كرامة اللّه تعالى لكم منزلة تكرم بها إماؤكم، و توصل بها جيرانكم،

و يعظّمكم من لا فضل لكم عليه، و لا يدلكم عنده. و يهابكم من لا يخاف لكم سطوة، و لا لكم عليه إمرة. و قد ترون عهود اللّه منقوضة فلا تغضبون، و أنتم لنقض ذمم آبائكم تأنفون. و كانت أمور اللّه عليكم ترد، و عنكم تصدر، و إليكم ترجع، فمكّنتم الظّلمة من منزلتكم، و القيتم إليهم أزمّتكم، و أسلمتم أمور اللّه في أيديهم. يعملون بالشّبهات، و يسيرون في الشّهوات. و أيم اللّه لو فرّقوكم تحت كلّ كوكب، لجمعكم اللّه لشرّ يوم لهم. "الخطبة 104، 203"

لم يستضيئوا بأضواء الحكمة، و لم يقدحوا بزناد العلوم الثّاقبة. فهم في ذلك كالأنعام السّائمة و الصّخور القاسية. قد انجابت السّرائر لأهل البصائر، و وضحت محجّة الحقّ لخابطها، و اسفرت السّاعة

عن وجهها، و ظهرت العلامة لمتوسّمها. ما لي أراكم أشباحا بلا أرواح؟ و أرواحا بلا أشباح، و نسّاكا بلا صلاح، و تجّارا بلا أرباح. و أيقاضا نوّما، و شهودا غيّبا.

و ناظرة عمياء، و سامعة صمّاء، و ناطقة بكماء.. "الخطبة 106، 205"

أين تذهب بكم المذاهب، و تتيه بكم الغياهب، و تخدعكم الكواذب؟ و من أين تؤتون، و أنّي تؤفكون؟ فلكلّ أجل كتاب، و لكلّ غيبة إياب. "الخطبة 106، 206"

و لكنّكم نسيتم ما ذكّرتم، و أمنتم ما حذّرتم، فتاه عنكم رأيكم، و تشتّت عليكم أمركم. و لوددت أنّ اللّه فرّق بيني و بينكم، و ألحقني بمن هو أحقّ بي منكم... أما و اللّه ليسلّطنّ عليكم غلام ثقيف الذّيّال الميّال، يأكل خضرتكم و يذيب شحمتكم، إيه أبا وذحة. "الخطبة 114، 225"

إنّ الشّيطان يسنّي لكم طرقه، و يريد أن يحلّ دينكم عقدة عقدة، و يعطيكم بالجماعة الفرقة، و بالفرقة الفتنة، فاصدفوا عن نزغاته و نفثاته، و اقبلوا النّصيحة ممّن أهداها إليكم، و اعقلوها على أنفسكم. "الخطبة 119، 230"

أيّتها النّفوس المختلفة و القلوب المتشتّتة، الشّاهدة أبدانهم، و الغائبة عنهم عقولهم،

أظأركم "أي أعطفكم" على الحقّ، و أنتم تنفرون عنه نفور المعزى من وعوعة الأسد. هيهات أن أطلع بكم سرار العدل "السرار: الظلمة، أي ان أطلع بكم شارقا يكشف عما عرض على العدل من ظلمة"، أو أقيم اعوجاج الحقّ. "الخطبة 129، 241"

قد اصطلحتم على الغلّ فيما بينكم، و نبت المرعى على دمنكم. و تصافيتم على حبّ الآمال، و تعاديتم في كسب الأموال. لقد استهام بكم الخبيث، و تاه بكم الغرور، و اللّه المستعان على نفسي و أنفسكم. "الخطبة 131، 246" أيّها النّاس، لو لم تتخاذلوا عن نصر الحقّ، و لم تهنوا عن توهين الباطل، لم يطمع فيكم من ليس مثلكم، و لم يقو من قوي عليكم. لكنّكم تهتم متاه بني إسرائيل.

و لعمري ليضعّفنّ لكم التّيه من بعدي أضعافا، بما خلّفتم الحقّ وراء ظهوركم، و قطعتم الأدنى و وصلتم الأبعد. و اعلموا أنّكم إن اتّبعتم الدّاعي لكم، سلك بكم منهاج الرّسول،

و كفيتم مؤونة الاعتساف، و نبذتم الثّقل الفادح عن الأعناق. "الخطبة 164، 300"

و إنّي لأخشى عليكم أن تكونوا في فترة "أي فترة من الغرور". و قد كانت أمور مضت، ملتم فيها ميلة، كنتم فيها عندي غير محمودين. و لئن ردّ عليكم أمركم إنّكم لسعداء. و ما عليّ إلاّ الجهد. و لو أشاء أن أقول لقلت: عفا اللّه عمّا سلف. "الخطبة 176، 320"

و قال "ع" في ذم العاصين من اصحابه: أحمد اللّه على ما قضى من أمر، و قدّر من فعل.

و على ابتلائي بكم أيّتها الفرقة الّتي إذا أمرت لم تطع، و إذا دعوت لم تجب. إن أمهلتم خضتم، و إن حوربتم خرتم. و إن اجتمع النّاس على إمام طعنتم، و إن أجئتم إلى مشاقّة "أي حرب" نكصتم. لا أبا لغيركم، ما تنتظرون بنصركم و الجهاد على حقّكم؟ الموت أو الذّلّ لكم. فو اللّه لئن جاء يومي و ليأتينّي ليفرّقنّ بيني و بينكم، و أنا لصحبتكم قال "أي كاره" و بكم غير كثير. للّه أنتم أما دين يجمعكم و لا حميّة تشحذكم أو ليس عجبا أنّ معاوية يدعو الجفاة الطّغام فيتّبعونه على غير معونة و لا عطاء، و أنا أدعوكم و أنتم تريكة الإسلام و بقيّة النّاس إلى المعونة أو طائفة من العطاء، فتفرّقون عنّي و تختلفون عليّ؟ إنّه لا يخرج إليكم من أمري رضا فترضونه، و لا سخط فتجتمعون عليه، و إنّ أحبّ ما أنا لاق إليّ الموت.

قد دارستكم الكتاب، و فاتحتكم الحجاج. و عرّفتكم ما أنكرتم، و سوّغتكم ما مججتم. لو كان الأعمى يلحظ، أو النّائم يستيقظ. و أقرب بقوم من الجهل باللّه قائدهم معاوية، و مؤدّبهم ابن النّابغة "أي عمرو بن العاص". "الخطبة 178، 321"

و قال "ع" في الخطبة القاصعة: ألا و قد أمعنتم في البغي، و أفسدتم في الأرض، مصارحة للّه بالمناصبة، و مبارزة للمؤمنين بالمحاربة. "الخطبة 190، 1، 360"

ألا و إنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطّاعة. و ثلمتم حصن اللّه المضروب عليكم بأحكام الجاهليّة. فإنّ اللّه سبحانه قد امتنّ على جماعة هذه الأمّة فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة الّتي ينتقلون في ظلّها، و يأوون إلى كنفها، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة، لأنّها أرجح من كلّ ثمن، و أجلّ من كلّ خطر.

و اعلموا أنّكم صرتم بعد الهجرة أعرابا، و بعد الموالاة أحزابا. ما تتعلّقون من الإسلام إلاّ باسمه، و لا تعرفون من الإيمان إلاّ رسمه.

تقولون النّار و لا العار كأنّكم تريدون أن تكفئوا الإسلام على وجهه انتهاكا لحريمه، و نقضا لميثاقه الّذي وضعه اللّه لكم، حرما في أرضه و أمنا بين خلقه.

و إنّكم إن لجأتم إلى غيره حاربكم أهل الكفر، ثمّ لا جبرائيل و لا ميكائيل و لا مهاجرون و لا أنصار ينصرونكم، إلاّ المقارعة بالسّيف حتّى يحكم اللّه بينكم.

و إنّ عندكم الأمثال من بأس اللّه و قوارعه، و أيّامه و وقائعه، فلا تستبطئوا وعيده جهلا بأخذه، و تهاونا ببطشه، و يأسا من بأسه. فإنّ اللّه سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلاّ لتركهم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. فلعن اللّه السّفهاء لركوب المعاصي، و الحلماء لترك التناهى.

ألا و قد قطعتم قيد الإسلام، و عطّلتم حدوده، و أمتّم أحكامه. "الخطبة 190، 4، 371"

... فلا تكلّموني بما تكلّم به الجبابرة، و لا تتحفّطوا منّي بما يتحفّظ به عند أهل البادرة، و لا تخالطوني بالمصانعة.. "الخطبة 214، 412"

جاهلكم مزداد "أي يزداد في جهله"، و عالمكم مسوّف "أي يؤخر اعماله عن وقتها". "283 ح، 623"

تحريض الامام أصحابه على الجهاد و القتال و انكاره تقاعسهم و أعذارهم


يراجع المبحث السابق "185" تذمر الامام "ع" من أصحابه و تأنيبهم على بعض أفعالهم.

قال الامام علي "ع":

فخدوا للحرب أهبتها، و أعدّوا لها عدّتها، فقد شبّ لظاها، و علا سناها. و استشعروا الصّبر، فإنّه أدعى إلى النّصر. "الخطبة 26، 74"

و من خطبة له "ع" يستنهض بها الناس حين ورد خبر غزو معاوية للانبار فلم ينهضوا:

أمّا بعد، فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة، فتحه اللّه لخاصّة أوليائه. و هو لباس التّقوى، و درع اللّه الحصينة، و جنّته الوثيقة. فمن تركه رغبة عنه، ألبسه اللّه ثوب الذّلّ و شمله البلاء، و ديّث بالصّغار و القماءة، و ضرب على قلبه بالإسهاب، و أديل الحقّ منه بتضييع الجهاد، و سيم الخسف و منع النّصف.

ألا و إنّي قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا و نهارا، و سرّا و إعلانا. و قلت لكم:

اغزوهم قبل أن يغزوكم، فو اللّه ما غزي قوم قطّ في عقر دارهم إلاّ ذلّوا، فتواكلتم و تخاذلتم، حتّى شنّت عليكم الغارات، و ملكت عليكم الأوطان. و هذا أخو غامد "يعني سفيان ابن عوف" و قد وردت خيله الأنبار، و قد قتل حسّان بن حسّان البكريّ، و أزال خيلكم عن مسالحها، و لقد بلغني أنّ الرّجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة،

و الأخرى المعاهدة فينتزع حجلها و قلبها و قلائدها و رعثها "أي أقراطها" ما تمتنع منه إلاّ بالاسترجاع و الإسترحام. ثمّ انصرفوا وافرين ما نال رجلا منهم كلم، و لا أريق لهم دم، فلو أنّ امرءا مسلما مات من بعد هذا أسفا ما كان به ملوما، بل كان به عندي جديرا. فيا عجبا عجبا و اللّه يميت القلب و يجلب الهمّ، من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم، و تفرّقكم عن حقّكم فقبحا لكم و ترحا، حين صرتم غرضا يرمى: يغار عليكم و لا تغيرون، و تغزون و لا تغزون، و يعصى اللّه و ترضون فاذا أمرتكم بالسّير إليهم في أيّام الحرّ، قلتم: هذه حمّارة القيظ، أمهلنا يسبّخ "أي يخف" عنّا الحرّ،

و إذا أمرتكم بالسّير إليهم في الشّتاء، قلتم: هذه صبّارة القرّ، أمهلنا ينسلخ عنّا البرد، كلّ هذا فرارا من الحرّ و القرّ، فإذا كنتم من الحرّ و القرّ تفرّون، فأنتم و اللّه من السّيف أفرّ.

يا أشباه الرّجال و لا رجال حلوم الأطفال، و عقول ربّات الحجال. لوددت أنّي لم أركم و لم أعرفكم معرفة و اللّه جرّت ندما، و أعقبت سدما. قاتلكم اللّه لقد ملأتم قلبي قيحا، و شحنتم صدري غيظا، و جرّعتموني نغب التّهمام "أي جرع الهم" أنفاسا، و أفسدتم عليّ رأيي بالعصيان و الخذلان، حتّى لقد قالت

قريش: إنّ ابن أبي طالب رجل شجاع، و لكن لا علم له بالحرب.

للّه أبوهم و هل أحد منهم أشدّ لها مراسا، و أقدم فيها مقاما منّي لقد نهضت فيها و ما بلغت العشرين، و ها أنذا قد ذرّفت على السّتّين، و لكن لا رأي لمن لا يطاع. "الخطبة 27، 75"

و خطب "ع" بعد غارة الضحاك بن قيس صاحب معاوية على الحاجّ بعد قصة الحكمين،

فقال: أيّها النّاس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم. كلامكم يوهي الصّمّ الصّلاب، و فعلكم يطمع فيكم الأعداء، تقولون في المجالس: كيت و كيت، فإذا جاء القتال قلتم: حيدي حياد ما عزّت دعوة من دعاكم، و لا استراح قلب من قاساكم.

أعاليل بأضاليل، و سألتموني التّطويل دفاع ذي الدّين المطول. لا يمنع الضّيم الذّليل. و لا يدرك الحقّ إلاّ بالجدّ. أيّ دار بعد داركم تمنعون، و مع أيّ إمام بعدي تقاتلون؟ المغرور و اللّه من غررتموه، و من فاز بكم فقد فاز و اللّه بالسّهم الأخيب،

و من رمى بكم فقد رمى بأفوق ناصل "أي بسهم ليس له نصل، فهو لا يصيب".

أصبحت و اللّه لا أصدّق قولكم، و لا أطمع في نصركم، و لا أوعد العدوّ بكم.

ما بالكم؟ ما دواؤكم؟ ما طبّكم؟ القوم رجال أمثالكم. أ قولا بغير علم؟ و غفلة من غير ورع، و طمعا في غير حقّ. "الخطبة 29، 81"

و من خطبة له في استنفار الناس الى أهل الشام و تأنيبهم و ذكر بعض مثالبهم: أفّ لكم لقد سئمت عتابكم أرضيتم بالحياة الدّنيا من الآخرة عوضا؟ و بالذّلّ من العزّ خلفا إذا دعوتكم إلى جهاد عدوّكم دارت أعينكم، كأنّكم من الموت في غمرة، و من الذّهول في سكرة. يرتج عليكم حواري فتعمهون، و كأنّ قلوبكم مألوسة "أي مجنونة" فأنتم لا تعقلون. ما أنتم لي بثقة سجيس اللّيالي "سجيس بمعنى أبدا"، و ما أنتم بركن يمال بكم، و لا زوافر عزّ يفتقر إليكم. ما أنتم إلاّ كإبل ضلّ رعاتها،

فكلّما جمعت من جانب انتشرت من آخر، لبئس لعمر اللّه سعر نار الحرب أنتم تكادون و لا تكيدون، و تنتقص أطرافكم فلا تمتعضون. لا ينام عنكم و أنتم في غفلة ساهون. غلب و اللّه المتخاذلون و أيم اللّه إنّي لأظنّ بكم أن لو حمس الوغى

"أي اشتد" و استحرّ الموت، قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج الرّأس "أي انفصاله عن البدن". و اللّه إنّ امرءا يمكّن عدوّه من نفسه، يعرق لحمه، و يهشم عظمه، و يفري جلده، لعظيم عجزه ضعيف ما ضمّت عليه جوانح صدره. أنت فكن ذاك إن شئت، فأمّا أنا فو اللّه دون أن أعطي ذلك ضرب بالمشرفيّة تطير منه فراش الهام، و تطيح السّواعد و الأقدام، و يفعل اللّه بعد ذلك ما يشاء. "الخطبة 34، 90"

من خطبة له "ع" خطبها عند علمه بغزوة النعمان بن بشير صاحب معاوية لعين التمر: منيت بمن لا يطيع إذا أمرت، و لا يجيب إذا دعوت. لا أبالكم ما تنتظرون بنصركم ربّكم؟ أما دين يجمعكم، و لا حميّة تحمشكم أقوم فيكم مستصرخا، و أناديكم متغوّثا، فلا تسمعون لي قولا، و لا تطيعون لي أمرا، حتّى تكشّف الأمور عن عواقب المساءة؟ فما يدرك بكم ثار، و لا يبلغ بكم مرام. دعوتكم إلى نصر إخوانكم فجرجرتم جرجرة الجمل الأسرّ، و تثاقلتم تثاقل النّضو الأدبر "أي الجمل الهزيل المجروح"، ثمّ خرج إليّ منكم جنيد متذائب ضعيف كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إلى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ. "الخطبة 39، 97"

و من خطبة له "ع" لما غلب اصحاب معاوية أصحابه على شريعة الفرات بصفين و منعوهم الماء: قد استطعموكم القتال، فأقرّوا على مذلّة، و تأخير محلّة، أو روّوا السّيوف من الدّماء ترووا من الماء. فالموت في حياتكم مقهورين، و الحياة في موتكم قاهرين. "الخطبة 51، 107"

و قال "ع" يخاطب اصحابه يوم صفين حين أمر الناس بالصلح: و لقد كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نقتل آباءنا و أبناءنا و إخواننا و أعمامنا، ما يزيدنا ذلك إلاّ إيمانا و تسليما، و مضيّا على اللّقم "أي جادة الطريق"، و صبرا على مضض الألم،

و جدا في جهاد العدوّ. و لقد كان الرّجل منّا و الآخر من عدوّنا يتصاولان تصاول الفحلين، يتخالسان أنفسهما، أيّهما يسقي صاحبه كأس المنون، فمرّة لنا من عدوّنا، و مّرة لعدوّنا منّا. فلمّا رأى اللّه صدقنا أنزل بعدوّنا الكبت، و أنزل علينا

النّصر، حتّى استقرّ الإسلام ملقيا جرانه "كناية عن التمكن" و متبوّئا أوطانه.

و لعمري لو كنّا نأتي ما أتيتم ما قام للدّين عمود، و لا اخضرّ للإيمان عود. و أيم اللّه لتحتلبنّها دما، و لتتبعنّها ندما. "الخطبة 56، 111"

و من كلام له "ع" في توبيخ بعض أصحابه: كم أداريكم كما تدارى البكار العمدة "أي الابل الفتية"، و الثّياب المتداعية، كلّما حيصت "أي خيطت" من جانب تهتّكت من آخر. كلّما أطلّ عليكم منسر من مناسر أهل الشّام أغلق كلّ رجل منكم بابه، و انجحر انجحار الضّبّة في جحرها، و الضّبع في وجارها "أي بيتها".

الذّليل و اللّه من نصرتموه و من رمي بكم فقد رمي بأفوق ناصل. إنّكم و اللّه لكثير في الباحات، قليل تحت الرّايات، و إنّي لعالم بما يصلحكم، و يقيم أودكم، و لكنّي لا أرى إصلاحكم بإفساد نفسي. أضرع اللّه خدودكم، و أتعس جدودكم لا تعرفون الحقّ كمعرفتكم الباطل، و لا تبطلون الباطل كإبطالكم الحقّ "الخطبة 67، 123"

و من خطبة له "ع" في ذم أهل العراق، و فيها يوبخهم على ترك القتال، و النصر يكاد يتم، ثم تكذيبهم له: أمّا بعد يا أهل العراق، فإنّما أنتم كالمرأة الحامل حملت فلمّا أتمّت أملصت "أي أسقطت" و مات قيّمها "أي زوجها"، و طال تأيّمها، و ورثها أبعدها. أمّا و اللّه ما أتيتكم اختيارا، و لكن جئت إليكم سوقا. و لقد بلغني أنّكم تقولون:

عليّ يكذب، قاتلكم اللّه تعالى فعلى من أكذب؟ أعلى اللّه؟ فأنا أوّل من آمن به. أم على نبيّه؟ فأنا أوّل من صدّقه. كلاّ و اللّه، لكنّها لهجة غبتم عنها، و لم تكونوا من أهلها. ويل امّه، كيلا بغير ثمن لو كان له وعاء. و لتعلمنّ نبأه "أي نبأ جهلكم به" بعد حين. "الخطبة 69، 124"

و من خطبة له "ع": و لئن أمهل الظّالم فلن يفوت أخذه، و هو له بالمرصاد على مجاز طريقه، و بموضع الشّجى من مساغ ريقه. أما و الّذي نفسي بيده، ليظهرنّ هؤلاء القوم عليكم، ليس لأنّهم أولى بالحقّ منكم، و لكن لإسراعهم إلى باطل

صاحبهم، و إبطائكم عن حقّي. و لقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها، و أصبحت أخاف ظلم رعيّتي. استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، و أسمعتكم فلم تسمعوا، و دعوتكم سرّا و جهرا فلم تستجيبوا، و نصحت لكم فلم تقبلوا. أشهود كغيّاب، و عبيد كأرباب أتلو عليكم الحكم فتنفرون منها، و أعظكم بالموعظة البالغة فتتفرّقون عنها، و أحثّكم على جهاد أهل البغي، فما آتي على آخر قولي حتّى أراكم متفرّقين أيادي سبأ. ترجعون إلى مجالسكم و تتخادعون عن مواعظكم.

أقوّمكم غدوة، و ترجعون إليّ عشيّة، كظهر الحنيّة "أي القوس". عجز المقوّم، و أعضل المقوّم.

أيّها القوم الشّاهدة أبدانهم، الغائبة عنهم عقولهم، المختلفة أهواؤهم، المبتلى بهم أمراؤهم. صاحبكم يطيع اللّه و أنتم تعصونه، و صاحب أهل الشّام يعصي اللّه و هم يطيعونه. لوددت و اللّه أنّ معاوية صارفني بكم صرف الدّينار بالدّرهم، فأخذ منّي عشرة منكم و أعطاني رجلا منهم. يا أهل الكوفة، منيت منكم بثلاث و اثنتين:

صمّ ذوو أسماع، و بكم ذوو كلام، و عمي ذوو أبصار. لا أحرار صدق عند اللّقاء،

و لا إخوان ثقة عند البلاء تربت أيديكم يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها، كلّما جمعت من جانب تفرّقت من آخر. و اللّه لكأنّي بكم فيما إخالكم: أن لو حمس الوغى، و حمي الضّراب، قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن قبلها "عند الولادة أو عند ما يشهر عليها سلاح". و إنّي لعلى بيّنة من ربّي، و منهاج من نبيّي. و إنّي لعلى الطّريق الواضح ألقطه لقطا. "الخطبة 95، 188"

و قال "ع" في الصالحين من اصحابه: أنتم الأنصار على الحقّ، و الإخوان في الدّين، و الجنن يوم البأس، و البطانة دون النّاس. بكم أضرب المدبر، و أرجو طاعة المقبل. فأعينوني بمناصحة خليّة من الغشّ، سليمة من الرّيب. فو اللّه إنّي لأولى النّاس بالنّاس. "الخطبة 116، 226"

و من كلام له "ع" و قد جمع الناس و حضهم على الجهاد فسكتوا مليا، فقال عليه السلام:

ما بالكم أمخرسون أنتم؟ "فقال قوم منهم: يا أمير المؤمنين، ان سرت سرنا معك".

/ 86