إذا قصد المسافة وصلى قصرا ثم عدل عن سفره فالاحوط أن یعیدها تماما.

لا یعتبر فی قصد المسافر موضعا معینا، فلو سافر قاصدا ثمانیة فراسخ مترددا فی مقصده وجب علیه التقصیر، وكذلك الحال فیما إذا قصد موضعا خاصا وعدل فی الطریق إلى موضع آخر وكان المسیر إلى كل منهما مسافة.

یجوز العدول من المسیر فی المسافة الامتدادیة إلى المسیر فی المسافة التلفیقیة وبالعكس ولا یضر شئ من ذلك بلزوم التقصیر.
(الشرط الثالث) إن لا یتحقق أثناء المسافة شئ من قواطع السفر: (المرور بالوطن على ما سیجئ، قصد الاقامة عشرة أیام، والتوقف ثلاثین یوما فی محل مترددا وسیأتی تفصیل ذلك) فلو خرج قاصدا طی المسافة الامتدادیة أو التلفیقیة وعلم أنه یمر بوطنه أثناء المسافة أو أنه یقیم أثناءها عشرة أیام لم یشرع له التقصیر من الاول، وكذلك الحال فیما إذا خرج قاصدا المسافة واحتمل أنه یمر بوطنه أو یقیم عشرة أیام اثناء المسافة أو أنه یبقى أثناءها أو فی محل ثلاثین یوما مترددا فإنه فی جمیع ذلك یتم صلاته من أول سفره، نعم إذا اطمأن من نفسه أنه لا یتحقق شئ من ذلك قصر صلاته وإن احتمل تحققه ضعیفا.

إذا خرج قاصدا المسافة واتفق أنه مر بوطنه أو قصد اقامة عشرة أیام، أو أقام ثلاثین یوما مترددا، أو أنه احتمل شیئا من ذلك اثناء المسافة احتمالا لا یطمأن بخلافه، ففی جمیع هذه الصور یتم صلاته، وما صلاه قبل ذلك قصرا یعیده تماما، ولابد فی التقصیر بعد ذلك من انشاء مسافة جدیدة والا أتم فیما بقی من سفره أیضا.
نعم فی الصورة الاخیرة إذا عزم على المضی فی سفره - بعد أن إحتمل قطعه ببعض القواطع - یجری علیه ما تقدم فی المسألة 399.
(الشرط الرابع) أن یكون سفره سائغا، فإن كان السفر بنفسه حراما، أو قصد الحرام بسفره أتم صلاته، ومن هذا القبیل ما إذا سافر قاصدا به ترك واجب كسفر الغریم فرارا من أداء دینه مع وجوبه علیه، ومثله السفر على الدابة المغصوبة إذا قصد الفرار بها عن المالك، ویدخل فیه ایضا السفر فی الارض المغصوبة على الاظهر.

العاصی بسفره یجب علیه التقصیر فی ایابه إذا لم یكن الایاب بنفسه من سفر المعصیة، ولا فرق فی ذلك بین من تاب عن معصیته ومن لم یتب.

إذا سافر سفرا سائغا، ثم تبدل سفره إلى سفر المعصیة أتم صلاته مادام عاصیا، فإن عدل عنه إلى سفر الطاعة قصر فی صلاته سواء كان الباقی مسافة أم لا على الاظهر.

إذا كانت الغایة من سفره أمرین: أحدهما مباح والآخر حرام أتم صلاته، إلا إذا كان الحرام تابعا وكان الداعی إلى سفره هو الامر المباح.

اتمام الصلاة - إذا كانت الغایة محرمة - یتوقف على تنجز حرمتها، فإن لم تتنجز أو لم تكن الغایة محرمة فی نفس الامر لم یجب الاتمام، مثلا إذا سافر لغایة شراء دار یعتقد إنها مغصوبة فانكشف - اثناء سفره أو بعد الوصول إلى المقصد - خلافه كانت وظیفته التقصیر، وكذلك إذا سافر قاصدا شراء دار یعتقد جوازه ثم انكشف إنها مغصوبة نعم لا یضر بالاتمام عدم تحقق الغایة المحرمة صدفة.
(الشرط الخامس): أن لا یكون سفره للصید لهوا، وإلا أتم صلاته فی ذهابه وقصر فی إیابه إذا لم یكن كالذهاب للصید لهوا، وإذا كان الصید لقوت نفسه أو عیاله وجب التقصیر، وكذلك إذا كان الصید للتجارة.
(الشرط السادس): أن لا یكون ممن لا مقر له بأن یكون بیته معه كالسائح الذی یرتحل من بلد إلى بلد ولیس له مقر فی أی منها، ولو كانت له حالتان كأن یكون له مقر فی الشتاء یستقر فیه ورحلة فی الصیف یطلب فیها العشب والكلا مثلا كما هو الحال فی بعض أهل البوادی كان لكل منهما حكمه فیقصر لو خرج إلى حد المسافة فی الحالة الاولى ویتم فی الثانیة.
(الشرط السابع): أن لا یكون السفر عملا له عرفا إما باتخاذ عمل سفری مهنة له كالسائق والملاح أو بتكرر السفر منه خارجا، فالمعیار كثرة السفر ولو تقدیرا كما فی القسم الاول، ولو سافر السائق أو شبهه فی غیر عمله وجب علیه التقصیر كغیره من المسافرین إلا مع تحقق الكثرة الفعلیة فی حقه.

الحطاب أو الراعی أو السائق أو نحوهم إذا كان عمله فیما دون المسافة واتفق أنه سافر ولو فی عمله یقصر فی صلاته.

من كان السفر عمله فی أكثر أیام السنة أو فی بعض فصولها كمن یدور فی تجارته أو یشتغل بالمكاراة أو الملاحة أیام الصیف فقط یتم صلاته حینما یسافر فی عمله، وأما من كان السفر عمله فی فترة قصیرة - كثلاثة أسابیع - من كل عام وإن زاد على مرة واحدة كمن یؤجر نفسه للنیابة فی حج أو زیارة، أو لخدمة الحجاج أو الزائرین أو لارائتهم الطریق أو للسیاقة أو الملاحة ونحوهما أیاما خاصة فلا یبعد وجوب القصر علیهم.