النذر هو (ان یجعل الشخص لله على ذمته فعل شئ أو تركه).

یعتبر فی صیغة النذر اشتمالها على قوله (لله) أو ما یشابهه من اسمائه المختصة به فلو قال الناذر مثلا (لله علی أن أتی بنافلة اللیل) أو قال (للرحمن علی أن أدع التعرض للمؤمنین بسوء) صح النذر، وله أن یؤدی هذا المعنى بأیة لغة أخرى غیر العربیة على الاظهر.

یعتبر فی الناذر البلوغ والعقل والاختیار والقصد وعدم الحجر عن التصرف فی متعلق النذر، فیلغو نذر الصبی وإن كان ممیزا وكذلك نذر المجنون ولو كان ادواریا حال جنونه والمكره والسكران ومن اشتد به الغضب إلى أن سلبه القصد أو الاختیار والمفلس إذا تعلق نذره بما تعلق به حق الغرماء من امواله والسفیه إذا تعلق نذره بمال خارجی أو بمال فی ذمته.

یعتبر فی متعلق النذر من الفعل أو الترك أن یكون مقدورا للناذر، فلا یصح منه أن ینذر الحج ماشیا مع عدم قدرته على ذلك، وكذلك یعتبر فیه أن یكون راجحا شرعا حین العمل كأن ینذر فعل واجب أو مستحب أو ترك حرام أو مكروه، وأما المباح فإن قصد به معنى راجحا كما لو نذر شرب الماء قاصدا به التقوی على العبادة مثلا انعقد نذره وإلا لم ینعقد، كما ینحل فیما إذا أصبح متعلقه مرجوحا ولو دنیویا لبعض الطوارئ كما لو نذر ترك التدخین فضره تركه.

لا یصح نذر الزوجة بدون إذن زوجها فیما ینافی حقه فی الاستمتاع منها، وفی صحة نذرها فی مالها من دون اذنه - فی غیر الحج والزكاة والصدقة وبر والدیها وصلة رحمها - اشكال، ویصح نذر الولد سواء أذن له الوالد فیه أم لا، ولكن إذا نهاه أحد الابوین عما تعلق به النذر فلم یعد بسببه راجحا فی حقه انحل نذره ولم یلزمه الوفاء به كما لا ینعقد مع سبق توجیه النهی إلیه على هذا النحو.

إذا نذر المكلف الاتیان بالصلاة فی مكان بنحو كان منذوره تعیین هذا المكان لها لا نفس الصلاة، فإن كان فی المكان جهة رجحان بصورة أولیة، كالمسجد أو بصورة ثانویة طارئة مع كونها ملحوظة حین النذر كما إذا كان المكان أفرغ للعبادة وأبعد عن الریاء بالنسبة إلى الناذر صح النذر وإلا لم ینعقد وكان لغوا.

إذا نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة فی زمان معین وجب علیه التقید بذلك الزمان فی الوفاء، فلو أتى بالفعل - قبله أو بعده لم یعتبر وفاء، فمن نذر أن یتصدق على الفقیر إذا شفی من مرضه، أو إن یصوم اول كل شهر، ثم تصدق قبل شفائه، أو صام قبل اول الشهر أو بعده لم یتحقق الوفاء بنذره.

إذا نذر صوما ولم یحدده من ناحیة الكمیة كفاه صوم یوم واحد، وإذا نذر صلاة بصورة عامة دون تحدید كفته صلاة واحدة، وإذا نذر صدقة ولم یحددها نوعا وكما اجزأه كل ما یطلق علیه اسم الصدقة، وإذا نذر التقرب إلى الله بشئ - على وجه عام - كان له أن یأتی بأی عمل قربی، كالصوم أو الصدقة أو الصلاة ولو ركعة الوتر من صلاة اللیل، ونحو ذلك من طاعات وقربات.

إذا نذر صوم یوم معین جاز له أن یسافر إذا شاء فی ذلك الیوم فیفطر ویقضیه، ولا كفارة علیه وكذلك إذا جاء علیه الیوم وهو مسافر فإنه لا یجب علیه قصد الاقامة، بل یجوز له الافطار والقضاء، وإذا لم یسافر فإن صادف فی ذلك الیوم أحد موجبات الافطار كمرض أو حیض أو نفاس أو اتفق احد العیدین فیه أفطر وقضاه، أما إذا أفطر فیه - دون موجب - عمدا فعلیه القضاء والكفارة، والاظهر ان كفارة حنث النذر هی الكفارة فی مخالفة الیمین على ما یأتی.

إذا نذر المكلف ترك عمل فی زمان محدود لزمه تركه فی ذلك الزمان فقط وإذا نذر تركه مطلقا - قاصدا الالتزام بتركه فی جمیع الازمنة - لزمه تركه مدة حیاته، فإن خالف وأتى بما التزم بتركه عامدا فعلیه الكفارة ولا جناح علیه فیما أتى به خطاءا أو غفلة أو نسیانا أو اكراها أو اضطرارا.