حديث ضرار
قال المحب الطبري في الرياض النضرة: و قد روي أن معاوية قال لضرار الصدائي: صف لي عليا. فقال: أعفني يا أمير المؤمنين. قال: لتصفنه.
قال: أما إذا لا بد من وصفه، كان و الله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، و يحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، و تنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا و زهرتها، و يأنس إلى الليل و وحشته، و كان غزير العبرة، طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما قصر، و من الطعام ما خشن، كان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، و ينبئنا إذا استنبأناه.
و نحن و الله مع تقريبه إيانا و قربه منا، لانكاد نكلمه هيبة له، يعظم أهل الدين، و يقرب المساكين، و لا يطمع القوي في باطله، و لا ييأس الضعيف من عدله، و أشهد لقد رأيته في بعض مواقفه، و قد أرخى الليل سدوله، و غارت نجومه، قابضا لحيته، يتململ تململ السليم، ___________________________________السليم: الملدوغ. و يبكي بكاء الحزين، و يقول: 'يا دنيا، غري غيري، إلي تعرضت، أم إلي تشوقت؟هيهات هيهات، لقد طلقتك ثلاثا لا رجعة فيها، فعمرك قصير، و خطرك قليل، آه آه، من قلة الزاد، و بعد السفر، و وحشة الطريق'.
قال: أخرجه الدولابي و أبو عمر و صاحب الصفوة. ___________________________________الرياض النضرة، ج 3، ص 187.