هجرة علي
هزَّه الشوق للنبي فشدَّ ال++
-عزم يهفو إلى جُماع المآثر
صابر في العذاب والجوع حتى++
عجب الفقر من تقشف صابر
فيناجي السهى يصعِّد في الأج++
-واء طرفاً، يشق ستر الدياجر
إن هذا الصمت الرهيب لقدسٌ++
يغسل المرء بالعذاب الصاهر
فالخطوب الجسام والألم المم++
-دود وحي مطهر للضمائر
فإذا كان طاهراً كعلي++
شدّ للَّه قلبه بأواصر
يذكر اللَّه بكرة وعشياً++
ويصلي في كل ومضة خاطر
فالمناجاة والصلاة عطور++
تتعالى إلى السماء مباخر
يا رمال الصحراء هذا عليّ++
فاملئي الدرب والضفاف أزاهر
هو بعد النبي أشرف ظلّ++
لاح في السَّبْسَبِ الحليّ مهاجر
حمِّلي أجنُح الأثير نسيماً++
من جفون الأسحار ريان عاطر
وليفض صدرك المعبِّس واحاً++
باسماً بالرطيب في وجه عابر
تسرح الرئم حوله والحباري++
والنعامات والمها والجآذر
وابسطي حوله الزنابق فرشاً++
وانشري فوقه الغمام مقاصر
كل ما تبلغ الرؤى من جمال++
فتَّحتْ افقه أمانيُّ شاعر
عليّ في يثرب
وحول وصوله إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله يعرّج قائلاً:
تعب القفر من أناة الساري++
إذ أتى النسر ساحة الأنصار
وأبى أن يكون ضيفاً فراح ال++
-ليث يرتاد مهنة الأكَّار
يَغرس النخل عاملاً ويخلّي++
للعشاء الهزيل أجر النهار
ويعود المساء والصدر يشكو++
عَرَق الكدّ لاصقاً بالغبار
حسبه الدرهم الرخيص فلم يح++
-لم عليٌّ بصفرة الدينار
تحمل الرفش كفه وهي كفٌّ++
صاغها اللَّه للشؤون الكبار
لليراع النضير للخيل تجري++
للقناة السمراء للبتَّار
فهي محق للغادرين وحرب++
وبلاء يُحيق بالأشرار
تسكب الموت والصواعق وبلاً++
فتميد الغبراء بالفجَّار
أيّ كفّ من جبهة الصخر قدّت++
هي أسطى من صولة الاقدار
حسبها أن تسلَّه مشرفيا++
فتطل المنون من ذي الفقار
قل: هو اللَّه أكبر إن سيف ال++
-لَّه يزهو بفارسٍ من نزار
مدّ في رفرف الخلود جناحاً++
يُلبس المسلمين هالة غار
تلك كفّ لم يعلق اللؤم فيها++
فتسامت عن الهوى والصغار
إنها الشمس في الضحى لم تدنّس++
يعصم اللَّه أن تهمّ بعار
يبذل المال لليتامى فقير++
ويلفُّ العطاء بالأستار
من يجد من خصاصةٍ مستجنّاً++
فالعطايا هدية للباري
تلكم الكف تسطر الوحي فالقر++
طاس كون يشع بالأنوار
بينها "النجم" "والضحى" "وبروج"++
"وانشقاق" يجي ء بعد "انفطار"
هذه الكف للمعارف باب++
مُشرع من مدينة الأسرار
لم يؤاخِ النبيُّ غير علي++
حفنة التبر أدمجت بالنضار
حسدٌ جال في الصدور وهمس++
وعيون في حيرة وازورار
بدر
وله معرّجاً على موقعة بدر قوله:
حَمل الليل من صميم الدعاء++
ما أهاج الحزون في البيداء
أحمد الساهر الوحيد يصلي++
يغرق الخوف في صباح الرجاء
'يا إلهي اكفني قريشاً' وألبس++
أرض بدر مطارف الخيلاء
ودعا "بالعقاب" رايته السو++
داء منسوجة بكف الضياء
واصطفى حيدر الهصور علياً++
فلواء يعتز فوق لواء
جال في حومة البراز عليٌّ++
جولة الليث في قطيع الشاء
لا يدانيه في الصيال كميّ++
غيرُ عَمٍّ موكل بالفناء
اسد اللَّه "حمزة" لا يبالي++
بالمنايا فالترس حلي نساء
يخسف السهل والجبال ويبقى++
وعيه الفَذّ في السنا والصفاء
يسحب السيف ذا الفقار رهيفاً++
ويُدوّي بالضربة العصماء
لمعة البرق في السحاب ورعد++
وقتام ينجاب عن اشلاء
صامتٌ في الطعان صمت رياح++
منذرات بالعصفة الهوجاء
أعمل الفتكَ في أميّة حتى++
تخم السيف من سموم الرياء
حنظل والوليد وابن سعيد++
وحماة الوطيس في اللأواء
نالهم ذو الفقار نيل ضرام++
شبّ طيّ السنابل الحصداء
وتبارى الجمعان ضرباً وطعناً++
وانثنت كل صعدة سمراء
زواج عليّ
وله بمناسبة زواجه صلوات اللَّه عليه قوله:
عاد إثر الوقيعة البكر ليث++
رمقته القلوب بالإيماء
سار خلف النبي غير حفيّ++
بالرياحين في أكفّ الإماء
يلمس الدرع فيئهُ وهي كنز++
لفقير لم يلتفت للثراء
أتراها تفي بمهر عروسٍ++
أتراه يُردّ ردّ جفاء
وأبوها لو رام عدل صداق++
مال قارون ظلَّ دون الوفاء
دون ما تستحق إيوان كسرى++
واللآلي وحلية الزّباء
ولو ان الدهناء تبرٌ لكانت++
بعض شي ء بجانب الزهراء
بضعة من أب عظيم يراها++
نور عينيه مشرقاً في رداء
جاء بيت النبي والقلب خفق++
فهو في مثل رجفة البرداء
قال: 'إني ذكرت فاطمة' وان++
-بثّ صوت مكبَّل بالحياء
فأجاب النبي: أبشر علياً++
خير صهر مشى على الغبراء
بيعت الدرع في الصداق وزفَّت++
لعلي سليلة الأنبياء
هو خير الأزواج عفَّة ذيل++
وهي خير الزوجات من حوّاء
في نقاء السحاب خلقاً وطهراً++
في صفاء الزنابق العذراء
احد
وفي معركة أحد له:
ترك النصر في النفوس ذحولا++
وبكاءً مضرجاً وعويلا
كلما قارب الضرام انطفاءً++
راح "صخر" يمدّ فيه الفتيلا
زوج هند، ألدّ أعداء طه++
وأخسّ الأنام خلقاً وقيلا
إلى أن يقول:
والأحابيش من رعاع أبي سف++
-يان حلَّت في الطود حملاً ثقيلا
راية المشركين في كفّ "عبدال++
-دار" تدعو إلى البراز الفحولا
أرجف الأرض "طلحة" يتحدى++
باسطاً للنضال باعاً طويلا
وهو في زهوة الطواويس دلّا++
وزئير الأسود تمنع غيلا
وإذا بالذي يسابق درَّ ال++
-غيث خلقاً وصارماً ومقولا
بعلي، يجري إليه سكوتاً++
شيمة الصقر يأنف التهويلا
أوجز السيف خطبة الموت حتى++
لم يشأ من جلاله أن يقولا
خفّ "عثمان" ثائراً لشقيق++
ولواء لا يرتضيه ذليلا
فإذا حمزة يهزُّ قناة++
خضبت رافع اللواء جديلا
ومضى ثالث الصريعين يهوي++
بالردينيّ للطعان عسولا
فرماه على الرغام علي++
فاتقاه بعورة مخذولا
عورة يكشفونها، فيغضّ ال++
-طرف، ليث جاز الحياة نبيلا
وانجلى النقع عن عتاد قريش++
سائباً والفلول تقفو الفلولا
فتعادى الرماة للغُنم والأس++
-لاب والمال يبهر الضلِّيلا
وتناسوا أمر النبي يقول: 'ال++
-نبل لا غيره يصُدّ الخيولا'
واستحرّ الضرابُ، وانهزم الأب++
-طال، ناسين أن فيهم رسولا
وأصيب الرأس الشريف بجرح++
لفَّه اللَّه بالسنا منديلا
يتقيه "أبودجانة" حتى++
طوّق النبل رأسه اكليلا
وعليّ حاط النبي بسور++
من رؤوس أقام منها تلولا
ثابت والجراح مدت رداء++
من عقيق غطاه إلّا قليلا
الخندق
وعن الخندق كتب يقول:
جمع المشركين رحب فنائه++
حاقد ظلّ سادراً في عدائه
خالفته اليهود من كل فج++
يبعثون الدفين من بغضائه
إلى أن يقول:
قادهم فارس يقود المنايا++
ويثير الوطيس بعد انطفائه
راح يدعو إلى البراز فخوراً++
كاختيال الطاووس في لألائه
بارزوني يقول هل من شهيد++
قربته المنون من حورائه
واستعاد النبي منْ لابن ودٍّ++
وجنان النعيم بعض جزائه
لم يجب طوع صوته غير صهر++
يبذل الروح باسماً لافتدائه
فيقول النبي لا! ذاك عمرو++
هو نار الجحيم عند التظائه
قال: إني له وإن كان عمرواً++
وغلى كالهجير عند اصطلائه
وانتضى ذا الفقار سيف خلود++
لم تزل زرقة السماء بمائه
يا إلهي هذا أخي وابن عمي++
فليكن نصره جزاء وفائه
'لا تذرني فرداً فغب "عبيد"++
"حمزة" الليث غاب قبل مسائه'
ومشى حيدر يروم هصوراً++
يلتوي الأخشبان قبل التوائه
أيها النسر دونه كل نسر++
ليس غير النجوم في أجوائه
جلجلت فيك روح عبدمناف++
"وقصيّ" و "غالب" من ورائه
فاذا بطشه رماد وذلّ++
وعيون تبكي على أشلائه
كبّر المسلمون لما رأوه++
جبلاً ماد في خضيب دمائه
ضربة ذكرها يظل فتياً++
بعد موت الزمان بعد فنائه
هابها الضيغمان كسرى وروما++
وتغنى الحادي بها في حدائه
خيبر
وعن وقعة خيبر أنشأ يقول:
قلعة السهل يا مطلّ الغمائم++
ومقر الخنى وكهف المآثم
حتى يقول:
والمغيرون لا حصون تقيهم++
غير بيض الظبى وسمر اللهاذم
ويهودٌ ترميهم بصخور++
صاعقات تنقض من كف راجم
أعجز المسلمين خصم عنيد++
إنه في السحاب في حصن "ناعم"
كل يوم يُعطى اللواء عقيد++
فيعود المساء والوجه ساهم
قائد تلو قائد يتولى++
واللواء الحزين كالقبر جاهم
واذا بالرسول يرفع طرفاً++
ويشق السكوت لمعة صارم
قال إني غداً سأعطي لوائي++
رجلاً راح مفرداً في الأوادم
قد أحب الإله حتى كأن ال++
-لّه في قلبه خفوق ملازم
وأحب الرسول حتى تحدى++
كل ما ضمَّت الدنى من عوالم
وهو حبّ الرحمان وهو حبيبي++
قاسم مات فهو عندي قاسم
بطل لا يفرّ لو فرّ "رضوى"++
ويصيد الرئبال والليث آجم
فاشرأبت آمالهم وتمنى++
كلهم أن يكون ذاك الضبارم
فاذا أصبح الصباح تلاشت++
وأباد الضياء أضغاث حالم
ودعا أحمد عليّاً وقال: ال++
-يوم يوم اللواء، يوم العظائم
وعلي لا يهتدي لطريق++
أرمد العين، أحمر الجفن، وارم
لامست إصبع النبي جفون ال++
-نسر فالطرف كالمهند حاسم
وحباه سلاحه ذا الفقار ال++
-عضب يهوي على الجلاميد فاصم
ويقول النبي: بشراك فاهنأ++
سيد العرب لا يضيرك هاجم
ومشى كاشف الكروب وثُوبَ ال++
-ليث يجري وراء خيط النعائم
فاذا "حارث" يصدّ عليّاً++
بحسام كالموت أحمر جاحم
لم تكن غير ضربة وتردى++
"حارث" كالبناء وهن الدعائم
فأتى "مرحب" أخوه يثير ال++
أرض رعباً والجو رجع زمازم
ثم أهوى بضربة لعلي++
فأطار المجنَّ من كف خاطم
واذا بالأمير يخلع بابَ ال++
-حِصن ترساً ويتَّقي ضرب قاصم
هو باب الحديد كالطود ثقلاً++
محكم السبك كالصخور الصلادم
وكوى ذو الفقار كفّ علي++
يهتف: اضرب فليس حدي براحم
فلق العضب هامة سيَّجتها++
خوذة فوق صخرة وعمائم