عسل المصفی من تهذیب زین الفَتی فی شرح سورة هل أتی جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عسل المصفی من تهذیب زین الفَتی فی شرح سورة هل أتی - جلد 2

احمد بن محمد عاصمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




اما الأسماء الّتي يسمّى هو بها فإنّها والّتي ذكرناها انفا| يجمعها حديث واحد و هو ما



533- روي عن سعيد بن جبير قال: خطبنا أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم اللَّه وجهه على منبر الكوفة "697" بعد رجوعه من محاربة الخوارج و صعد المنبر، فحمد اللَّه و أثنى عليه ثمّ قال:


'أيّها النّاس أنا أوّل المؤمنين و أنا أوّل الصدّيقين و أنا الصدّيق الأكبر و وصيّ خيرالبشر وابن عمّه و قاضي دَينه و مفرّج كربه و قامع المشركين و مخوي المضلّين؟.


أنا سيف اللَّه القاطع و سمّه الناقع أنا عذابه الّذي لايردّ عن القوم المجرمين، أنا مؤتم أولاد من حارب اللَّه و رسوله، أنا مرمّل نساء من خالف اللَّه و رسوله، أناأضراس جهنّم القاطعة، و رحاها الدائرة، و ملقي فيها حطبها، أما واللَّه إنّ قريشا جرّبتني و عرفتني فمابالها تجهل شأني؟


و أنا المسمّى في التوراة |ب|'صندارا' و في الإنجيل |ب|'اليا' و في الزبور |ب|'بريا' و في النبط 'اريا' و في الديلم 'حبر' و عند الأرمن 'كبكبة' و عند الترك 'يليلى' و عند الروم 'اسطفيوس' و عند أبي 'حازماً' و عند أمّي 'حيدراً' و عند العرب 'عليّاً'.


ولي أسماء في القران من عرفها فقد عرفها، أناصهر محمّد، قال اللَّه |تعالى|: 'و هو الّذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً و صهراً' |54: السجدة: 32|.




و أنا الأُذُن الواعية، قال اللَّه تعالى: 'و تعيها أذن واعية' |12: الحاقة: 69|.


لم أكفر باللَّه مذخلقت، و لم أهلع مذكنت، قال اللَّه تعالى: 'إنّ الإنسان خُلِق هلوعاً' |19: المعارج: 70 ثمّ استثنى المصلّين| فواللَّه مااستثنى غيري و ذلك أنّ الفضل بيد اللَّه يؤتيه من يشاء'.


ثمّ قال |عليه السلام|: 'معاشر النّاس سلوني عمّا كان و عمّا يكون'.


قال: فقام "698" |إليه| رجل من الأنصار فقال: يا أميرالمؤمنين أخبرني بحديث ليلة الفراش. |ف| قال |أميرالمؤمنين عليه السلام|: نعم |أخبرك فإليك حديثه|:


همّت قريش بقتل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه |و اله و سلّم| فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه |و اله و سلّم|: من يبيت على فراشي؟ فقلت: أنا، |فبتّ على فراشة| فجاؤني


[هذا هو الصواب، و في أصلي: 'فجاءني...'.] فأيقظوني، فلمّا أبصروني قالوا: هذا عليّ بن أبي طالب، فقالوا: ما فعل محمّد؟ فقلت: مضى بسبيله، فواللَّه ماباليت بهم و لا رفعت لهم رأسي و هم |كانوا| عندي أقلّ من الذرّ، فأنزل اللَّه تعالى: 'و من النّاس من يشري نفسه ابتغاء مرضات اللَّه واللَّه رؤف بالعباد' |207: البقرة: 2|.


[و للحديث شواهد يجدها الطالب في تفسير الاية الكريمة من شواهدالتنزيل: ج 1 ص....]


فهذاالحديث يجمع أحداً و ثلاثين |إسماً من أسمائه عليه السلام| اخره الشاري من قوله |تعالى|: '|و من الناس من| يشرى نفسه ابتغاء مرضات اللَّه' |أي يبيع| نفسه ابتغاء مرضات اللَّه|.


[والآية الكريمة هي الآية: "207" من سورة البقرة؛ و هي التي نزلت في شأن عليّ عليه السلام؛ لمّا نام على فراش رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم كي يعمّي على المشركين الذين اجتمعوا لقتل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم؛ و تفصيل القضيّة يجده الطالب في تفسير الآية الكريمة في كتاب شواهد التنزيل: ج 123 1؛ ط 2.


و ليعلم أنّ هذه الخطبة التي ذكرها العاصمي هاهنا- أو قريباً منها- رواها أيضاً الشيخ الصدوق رفع اللَّه مقامه؛ بسند آخر- في الحديث التاسع في عنوان: ' باب معاني أسماء محمّد و عليّ و فاطمة...' من كتاب معاني الأخبار: ج 1 ص 58 بتحقيق علي أكبر الغفّاري- ولأجل اشتراكها مع رواية العاصمي هذه في كثير من محتوياتها نذكرها حرفيّةً لمزيد الاستفادة فنقول: قال الشيخ الصدوق في الكتاب المتقدّم الذكر:


حدّثنا أبوالعباس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه اللَّه؛ قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى الجلوديّ بالبصرة؛ قال: حدّثني المغيرة بن محمّد؛ قال: حدّثنا رجاء بن سلمة؛ عن عمرو بن شمر؛ عن جابر الجعفي:


عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهماالسلام؛ قال خطب أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليه بالكوفة بعد منصرفه من نهروان؛ و بلغه أنّ معاوية يسبّه و يلعنه و يقتل أصحابه؟ فقام خطيباً؛ فحمد اللَّه و أثنى عليه و صلّى على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و ذكر ما أنعم اللَّه على نبيّه و عليه؛ ثمّ قال:


لولا آية في كتاب اللَّه ما ذكرت ما أنا ذاكره في مقامي هذا؛ يقول اللَّه عزّوجلّ: "و أمّا بنعمة ربّك فحدّث" |11: الضحى| |فأنا أحدّث بنعم ربّي عليّ و أقول|:


الّلهمّ لك الحمد على نعمك التي لا تحصى و فضلك الذي لا ينسى أيّها الناس إنّه بلغني ما بلغني و إنّي أراني قد اقترب أجلي و كأنّي بكم و قد جهلتم أمري و إنيّ تارك فيكم ما تركه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله: كتاب اللَّه و عترتي و هي عترة الهادي إلى النجاة: خاتم الأنبياء و سيّد النجباء والنبيّ المصطفى.


يا أيّها الناس لعلّكم لا تسمعون قائلاً يقول مثل قولي بعدي إلاّ مفترٍ؛ أنا أخو رسول اللَّه و ابن عمّه و سيف نقمته و عماد نصرته و بأسه و شدّته؛ أنا رحا جهنّم الدائرة؛ و أضراسها الطاحنة؛ أنا مؤتم البنين والبنات؛ أنا قابض الأرواح؛ و بأس اللَّه الذي لا يردّه عن القوم المجرمين؛ أنا مجدّل الأبطال و قاتل الفرسان؛ و مبير من كفر بالرحمان؛ و صهر خير الأنام.


أنا سيّد الأوصياء و وصيّ خير الأنبياء.


أنا باب مدينة العلم؛ و خازن علم رسول اللَّه و وارثه؛ و أنا زوج البتول سيّدة نساء العالمين فاطمة التقيّة النقيّة البرة |المبرّة "خ ل"| المهديّة حبيبة حبيب اللَّه؛ و خير بناته و سلالته و ريحانة رسول اللَّه؛ |و| سبطاه خير الأسباط:و|هما| ولداي خير الأولاد؛ هل أحد ينكر ما أقول؟


أين مسلمو أهل الكتاب؟ أنا اسمي في الإنجيل 'اليا' و في التوراة 'بري ء' و في الزبور: 'أري' و عند الهند 'كبكر' و عند الروم: 'بطريسا' و عند الفرس: 'جبتر |جنتر "خ ل" جبيتر "خ ل"| و عند الترك 'بثير' و عند الزنج 'حيتر' و عند الكهنة 'بوي ء' و عند الحبشة ''بثريك' |ثبريك' "خ ل"| و عند أمّي 'حيدرة' و عند ظئري 'ميمون'.


ألا و إنّي مخصوص في القرآن بأسماء |ف|احذروا أن تغلبوا عليها فتضلّوا في دينكم؛ يقول اللَّه عزّوجلّ: '|يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا اللَّه و كونوا| مع الصادقين' |119: التوبة: 9 ظ| أنا ذلك الصادق.


و أنا المؤذّن في الدنيا والاخرة، قال اللَّه عزوجلّ: 'فأذّن مؤذّن بينهم أن لعنة اللَّه على الظالمين' |43: الأعراف: 7| أنا ذلك المؤذّن.


و قال: 'و أذانٌ مِن اللَّه و رسوله' |3: التوبة: 9| فأنا ذلك الأذان.


و أنا المحسن، يقول اللَّه عزّوجلّ: 'إنّ اللَّه لمع الُمحسنين' |69: العنكبوت: 29|.


و أنا ذوالقلب، فيقول اللَّه: 'إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قَلب' |36: ق: 50|.


و أنا الذاكر، يقول اللَّه عزّوجلّ: 'الّذين يذكرون اللَّه قياماً و قُعوداً و على جُنوبهم' |188: آل عمران: 3|.


و نحن أصحاب الأعراف أنا و عمّي و أخي و ابن عمّي؟ واللَّه فالق الحَبّ والنّوى، لايلج النّار لنا مُحبّ، و لا يدخل الجنّة لنا مُبغض، يقول اللَّه عزّوجلّ: 'و على الأعراف رِجالٌ يعرفُون كلاًّ بسيماهم' |11: الأعراف 7|.


و أنا الصهر، يقول اللَّه عزّوجلّ: 'و هو الّذىّ خلق من الماء بشراً فجعله نسباً و صهراً' |56: الفرقان: 25|.


و أنا الاُذُن الواعية، يقول اللَّه عزّوجلّ: 'و تعيها أذُنٌ واعية' |12: الحاقّة: 69|.


و أنا السَّلَم لرسوله، يقول اللَّه عزّوجلّ: 'و رجلاً سَلَماً لرجل' |30:الزمر: 39|.


و من ولدي مهديّ هذه الأمّة.


ألا و قد جعلت محنتكم، ببغضي يعرف المنافقون، و بمحبّتي امتحن اللَّه المؤمنين، هذا عهد النبيّ الأمّي إليّ 'أنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن، و لا يبغضك الاّ منافق' و أنا صاحب لواء رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في الدنيا والاخرة.


و رسول اللَّه فرطي، و أنا فرط شيعتي، واللَّه لاعطش محبّي؟ و لا خاف وليّي، و أنا وليّ المؤمنين، واللَّه وليّي، حسب محبّي أن يحبّوا ماأحبّ اللَّه، و حسب مبغضي أن يبغضوا ماأحبّ اللَّه؟


ألا و إنّه بلغني أنّ معاوية سبّني و لعنني، أللهمّ اشدد و طأتك عليه، و أنزل اللّعنة على المستحقّ، آمين |يا| ربّ العالمين، ربّ إسماعيل و باعث إبراهيم، إنّك حميدٌ مجيدٌ.


ثمّ نزل عليه السلام عن أعواده فماعاد إليها حتّى قتله ابن ملجم- لعنه اللَّه-.


قال جابر |الجعفي راوي الحديث|: أمّا قوله عليه السلام: "أنا اسمي في الإنجيل 'اليا'" فهو عليّ بلسان العرب؛ |و قوله عليه السلام:| " و في التوراة 'بري ء'" قال: |يعني| بري ء من الشرك. |و قوله:| 'و عند الكهنة: بوي ء' هو من تبوّأ مكاناً؛ و بوّأ غيره مكاناً؛ و هو الذي يبوّء الحقّ منازله و يبطل الباطل و يفسده.


|و قوله عليه السلام:| " و في الزبور اريّ" |الاريّ| هو السبع الذي يدقّ العظم و يفرس اللحم؟


|و قوله عليه السلام:| "و عند الهند كبكر" قال |جابر: إنّهم| يقرؤن في كتب عندهم فيها ذكر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله؛ و ذكر فيها أنّ ناصره " كبكر" و هو الذي إذا أراد شيئاً لجّ فيه و لم يفارقه حتّى يبلغه.


|قوله عليه السلام:| " و عند الروم: بطريسا" قال |جابر: بطريسا| هو مختلس الأرواح.


|و قوله عليه السلام:| " و عند الفرس: حبتر" و هو البازي الذي يصطاد.


|قوله عليه السلام:| " و عند الترك: بثير" قال: |البثير| هو النمر الذي إذا وضع مخلبه في شي ء هتكه.


|و قوله عليه السلام:| " و عندالحبشة:بثريك" قال: هوالمدمّر على كلّ شى ء أتى عليه.


|قوله عليه السلام:| " و عند أمّي: حيدرة" قال: |الحيدرة| هو الحازم الرأي الخبير النقّاب النظّار في دقائق الأشياء.


|قوله عليه السلام:| " و عند ظئري ميمون" قال جابر: أخبرني محمّد بن عليّ عليه السلام قال:


كانت ظئر عليّ عليه السلام- التي أرضعته- امرأة من بني هلال خلّفته في خبائها و معه أخ له من الرضاعة و كان أكبر منه سنّاً بسنة؛ و كان عند الخباء قليب؛ فمرّ الصبيّ نحو القليب و نكس رأسه فيه؛ فحبا عليّ عليه السلام خلفة فتعلّقت رجل عليّ عليه السلام بطنب الخيمة؛ فجرّ الحبل حتّى أتى على أخيه؛ فتعلّق بفرد قدميه و فرد يديه؟ فأمّا اليد ففي فيه؟ و أمّا الرجل ففي يده؛ فجاءته أمّه فنادت: يا للحيّ يا للحيّ يا للحيّ من غلام ميمون أمسك عليّ ولدي. فأخذوا الطفلين من رأس القليب و هم يعجبون من قوّته على صباه؛ و لتعلّق رجله بالطنب؛ و لجرّه الطفل حتّى أدركوه؛ فسمّته أمّه ميموناً أي مباركاً؛ فكان الغلام في بني هلال يعرف بمعلّق ميمون؛ و|كذا| ولده |يعرفون بذلك| إلى اليوم!!!


|قوله عليه السلام:| " و عند الأرمن: فريق" قال |جابر|: الفريق: الجسور الذي يهابه الناس.


|قوله عليه السلام:| " و عند أبي: ظهير" قال: كان أبوه يجمع ولده و ولد إخوته ثمّ يأمرهم بالصراع- و ذلك خلق في العرب- و كان عليّ عليه السلام يحسر عن ساعدين له غليظين قصيرين- و هو طفل- ثمّ يصارع كبار إخوته و صغارهم؛ و كبار بني عمّه و صغارهم فيصرعهم فيقول أبوه: ظهر عليّ فسمّاه ظهيراً؟!


|قوله عليه السلام:| " و عند العرب: عليّ" قال جابر: اختلف الناس من أهل المعرفة لم سمّي عليّ عليّاً؛ فقالت طائفة: لم يسمّ أحد من ولد آدم قبله بهذ الإسم |لا| في العرب و لا في العجم؛ إلاّ أن يكون الرجل من العرب يقول: " ابنيّ هذا عليّ" يريد به العلوّ لا أنّه اسمه؛ و إنّما تسمّى الناس به بعده و في وقته؟!


و قالت طائفة |أخرى|: سمّي عليّ عليّاً لعلوّه على كلّ من بارزه.


و قالت طائفة: سمّي عليّ عليّاً لأنّ داره في الجنان تعلو حتّى تحاذي منازل الأنبياء؛ و ليس نبيّ تعلو منزلته منزلة عليّ.


و قالت طائفة: سمّي عليّ عليّاً لأنّه علا ظهر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله بقدميه |لقذف الصنم الأكبر عن سطح الكعبة| طاعةً للَّه عزّوجلّ؛ و لم يعل أحد على ظهر نبيّ غيره؟ عند حطّ الأصنام عن سطح الكعبة.


و قالت طائفة: إنّما سمّي عليّ عليّاً لأنّه زوّج في أعلى السموات؛ و لم يزوّج أحد من خلق اللَّه عزّوجلّ في ذلك الموضع غيره.


و قالت طائفة: إنّما سمّي عليّ عليّاً لأنّه كان أعلى الناس علماً بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه.


أقول: والحديث رواه بسنده عن الشيخ الصدوق؛ عماد الدين أبوجعفر محمّد بن أبي القاسم الطبري من أعلام القرن السادس؛ في الحديث: "18" من الجزء الأوّل من كتابه بشارة المصطفى ص 12؛ ط الغريّ.


و رواه المجلسيّ العظيم قدّس اللَّه نفسه نقلاً عن كتاب بشارة المصطفى في الحديث: "547" في باب نوادر الاحتجاج- وهو الباب: "20"- من سيرة أميرالمؤمنين عليه االسلام من بحارالأنوار: ج 9 ص 586 ط الكمباني وفي ط الحديث: ج 33 ص 282.]




|و| منها أسماء قد ذكرناها؟ في غير هذا الحديث:


مثل ماذكر|ه| محمّد بن إسحاق بن خزيمة يرفعه إلى عليّ كرّم اللَّه وجهه |أنّه قال:| 'أنا عبداللَّه، و أنا الصدّيق الأكبر لا يقولها بعدي إلاّ كاذب'.


[و قد تقدّم الحديث بطرق في الحديث: "414" و تعليقاته في ص 601 من أصلي المخطوط؛ و في هذه الطبعة: ج 2 ص 192.


534- رجال هذاالسند كلّهم مجاهيل سوى الحسين بن أحمد بن عصمة فمترجم في تاريخ بغداد، وهبة اللَّه بن الحسن العلّاف فمترجم في الأنساب و معجم الأدباء و غيرهما.]




اما الإسم الّذي سمّاه به أبوحكيم الطائي القاصّ



534- أخبرنا الأستاذ أبوبكر أحمد بن عليّ بن منصور النحوي قال: حدثنا أبوبكر هبة اللَّه بن الحسن |بن محمّد| بن الفضل العلّاف قال: حدثنا موسى بن هارون الهاشمي قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن عصمة قال: حدثني محمّد بن عبداللَّه البغوي بمكّة، قال: حدثني أحمد بن عبداللَّه بن بقيع الزهري؟ قال: حدثنا صالح بن سماعة الطائي قال:


نمي إليّ أنّ شيخاً منّا له سنّ و علم انقطع إلى ربّه عزّوجلّ، فخرجت من تيماء انتطسته و معي رجل علم لمكانه فجبنا رجاماً


[يأتي تفسيره في ختام الحديث.] ثمّ انتهينا إليه حين مجّ لعاب الشمس |و| قد اتّخذ مسجداً في الضبوخ و أبرز رأسه لصهر الشمس


[يأتي بيانه و شرحه في ختام الحديث.] و هو يرجع كلاماً فقلت لصاحبي: رويداً نسمع من كلامه، فسمعناه يقول: 'قف لي قرب الرقيب من الأيسار، و مزجر الكلب إلى الّسُمار،اخسأ عدوّاللَّه، لن تصل إليّ بعون اللَّه، امصص و ضر عرك الذبح بفيك الفهر الصلد'. فقلت لصاحبي: اعتري الشيخ؟ قال: كلّا و لكن يخاطب الشيطان. فانتهينا إليه و سلّمنا عليه، فقال له صاحبي: يا أباحكيم هذا رجل من قومك ركن إليك و عطف عليك و أحبّ الأخذ بالحظّ منك، فحدّثه حديثك |حين| قدمت مكّة.


فقال: سمعت القاصّ بمنى "700" و قدمتها مع أبيه؟ و أنا غلام يفع لي ذؤابة يملس على أهل بيته


[يأتي شرحه.] فانتهينا إليه و هو في محفل كالماقط و حوله الصفف؟ فاحتملني أبي- و كان ندباً- فأدخلني إليه و أجلسني بين يديه ثمّ قال له أبي: ياذا




الرجل إنّي جئت بابني اطلب له حملاً من العلم فلقِّن |له| جهراً يرحمك اللَّه. فأدناني منه ثمّ أمرّ يده على ذؤابتيه؟- فماأنسى حصة يده على رأسه؟- ثمّ قال: يا غلام أتعلم؟ قلت: إي بأبي و ما |لي لا| أعلم؟ قال: قال لي: أحبّ الصلاة إذا اعتزيت في التوبات؟ و اذكر ربّك ماشياً و إن ركبت الخلعيات؟ قال: فقال لي أبي: ياذاالرجل إنّ الإبل الشوارد والضلال ترد- و هي مفعمة- حياضي و هي مترعة فأدرها؟ تكرع ابتغاء وجه اللَّه عزّوجلّ و إنّ إبِلي لعرجان؟ فهل لي في ذلك من أجر؟ فقال القاصّ: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه |و اله و سلّم| يقول: ' في كلّ ذات كبد حرّى ثواب'


[والحديث معروف دائر في ألسنة المسلمين.] ثمّ قال له أبي: يا ذا الرجل أصافي الكشوف و ابنها؟ فقال القاصّ: سمعت قمداً سئل النبيّ صلى اللَّه عليه |و اله و سلّم| عنها فقال عليه السلام: 'أبح لبنها و اشرب، و اقفر نوبة ابنها و اركب'.


[لم يتيسّر لي الفحص عن مصدر الحديث.]


قال |أبوحكيم|: ثمّ قدمت الحيّ و ما شي ء أحبّ إليّ من الصلاة، ثمّ سألت |عن| القاصّ ب'منى' من هو؟ فقيل لي: هو |كان| عليّ بن أبي طالب رضوان اللَّه عليه. قال: فقال لنا |أبوحكيم|: ما فعل؟ قلنا: قتل. "701": قال: شوهة بوهة |لقاتله|و يقتل مثله؟ لقد فسد الزمان!


قال: فقلناله: يا أباحكيم من معك في هذا الوادي؟ قال: اللَّه عزّوجلّ معي، ثمّ من بعداللَّه عزّوجلّ حكيم ابني يخرجني لحاجتي عند الإفطار، و ما بيني بعد أي عند الفطور؟ قال: فقلنا له: و من حكيم هذا؟ فأنشأ يقول:




  • حكيم قبابي و ابن صلبي لأنّه
    غلام يؤدّي واجبيه بنفسه
    إذا رؤف الليل المعسعس حابه؟
    يصلّي و دمع العين ينهلّ ساجداً



  • يكون حكيماً إذ تقفقفت والدا
    إليّ و يسعى نحو ذي العرش حافدا
    يصلّي و دمع العين ينهلّ ساجداً
    يصلّي و دمع العين ينهلّ ساجداً



|قال:| فمالبثنا أن سمعنا صوتاً غِرّيداً من مكان بعيد كأنّه يخرج من جوف محزون، فلمّا انتهى إلينا سمعناه يقول:




  • لاتبك للدنيا و لا أهلها
    و ابك إذا صيح بأهل الثرى
    و يلك يادنيا لقد مزّقت
    امال من يسكنك الاخرة؟



  • و ابك ليوم تسكن الحافرة
    فاجتمعوا في ساحة الساهرة
    امال من يسكنك الاخرة؟
    امال من يسكنك الاخرة؟



قال: فلمّا انتهى إلينا سلّم علينا فقال له الشيخ: يا حكيم هل و راؤك شي ء لأضيافك؟ قال: لا و لا علمت أنّ أحداً اعترانا، و لقد مررت بالقلّة العليا انفاً فرأيت حمضاً و ألالاً جزت جيبة لفطورك؟ أفإنّني راجعاً؟ قال: كلّا إنّ أضيافك حاضرة لاعهد لهم بمضغ ذلك؟ حيا اللَّه لهم طعاماً؟ قال: فمالبثنا أن جاء رجل من العنطب عظيم فأفرش الوادي فاشتوينا |منه| و أكلنا و أبى الشيخ أن يأكل معنا و ابنه |أيضاً| أبى و كانا صائمين.


قال: فلمّا "702" أقبل الليل قال الشيخ: يا حكيم هذا الليل قد أقبل و هذا النهار قد أدبر، إنّه من اتّخذ الليل جملاً أمن الهلكات، و من قام زلفة و برة أمن من سوء البيات.


قال: ثمّ قاما يصلّيان و يقران |القران| فمارأيت أحسن من مقاميهما و لا سمعت القران أحسن منه بنغمتيهما، فلمّا بدا الفجر زفر الشيخ زفرة ثمّ قال: يا حكيم قد أدبر الليل و أقبل النّهار، ثمّ قال: اللهمّ لم أشف من مناجاتك أو طاري و لم أقض من الإقبال عليك لباناتي. و جعل يبكي، فلمّا أصبحنا و دّعناهما فانصرفنا.


و ذكر صاحب كتاب 'الحماسة' عن أبي حكيم يرثي ابنه حكيماً- و ظنّي أنّه هذا الّذي ذكرناه- فقال:




  • و كنت أرجي من حكيم قيامه
    فقدّم قبلي نعشه فارتديته
    و يا ويح نفسي من رداء علانيا



  • عليّ إذا ماالنعش زال ارتدائيا؟
    و يا ويح نفسي من رداء علانيا
    و يا ويح نفسي من رداء علانيا



تفسير غريب هذاالحديث عن الأستاذ أبي بكر النحوي قال في|شرح| قوله: 'نمى إليّ' أي رفع و أسند، يقال: نميت الحديث أنميه أي قصصته إلى راويه، و نميت الرجل إلى أبيه |أي نسبته إليه|. و انتمى هو إليه |أي نسبه إليه| و يقال: نمى الحديث |إلى| نفسه ينمي و أنميت أنا، و كذلك ما زاد و كبر؟ و قال أعشى ربيعة:




  • لعمر أبيك والأبناء تنمى؟
    لأقوام بحمد أوملامة



  • لأقوام بحمد أوملامة
    لأقوام بحمد أوملامة



و قال الحارث:




  • فبقينا على الشباة سنينا
    |في| حصون و غيرة فنمينا |ظ|



  • |في| حصون و غيرة فنمينا |ظ|
    |في| حصون و غيرة فنمينا |ظ|





و قال: 'و أنتم كما تنمى الخضاب في اليد'؟


و قال النابغة الذبياني "703":


'و أنم القنود على غيرانه أحد؟'.


فأمّا نمّيت الحديث- بتشديد الميم- فإنّه عند أهل اللغة على وجه النميمة و الإشاعة والتشنيع، و نما في الحديث: موضع بقيّته؟ و منه قول امرؤالقيس:


'و نيماء لم يترك بها جذع نخلة'


والنيماء: الفلاة الّتي لاأنيس بها، و هي فعلاء من قولك: نامت الرجل و نيّمته إذا ذهب بعقله و استعبدته، و قال:


نامت فؤادك لم يتحرّك ما وعدت |به| إحدى نسائي |من| ذهل بن شيبان؟ و قوله: 'انتطسته' أي |كنت| أبالغ في طلبه و تعرّف ما عنده، والتنطّس: المبالغة في كلّ شي ء على علم به و حذق فيه، و منه قول العجاج:


و طهوة اللاهي و من ينطّسا


و|منه| قول عمر لمّاخرج من الخلاء فدعا بطعام فقيل |له|: ألا تتوضّأ؟ قال: لولا التنطّس ماباليت أن لاأغسل يدي.


قال الأصمعي: هوالمبالغة في الطهور، و كلّ من أدقّ النظر في الأمور و استقصى عليها فهو منطّس، و منه قيل للطيلب؟: النطاسي والنطيس؟ و للشعب الاسي: النطاسي؟ و قال رؤبة:


و قد أكون مرّة نطيسا؟


و كذلك التقريس؟.


و قوله: 'جبنا' أي قطعنا، يقال: جبت الفلاة أجوبها جوباً إذا قطعتها، و اجتبتها اجتياباً، و قال العجّاج:


و اجتاب فيظاً بلنطى النطاوة؟.


و في التنزيل: 'و ثمود الّذين جابوا الصخر بالواد' |9: الفجر: 89|.


و عن مجاهد قال: جابوا الجبال فجعلوها بيوتاً. و عن الضحّاك: قد روا الحجارة؟"704".


والجواب في غير هذا |المقام|: الترس و يجمع على أجواب، و لم يسمع في




الكسير |منه| جمع؟ والقياس فيه جياب كحوض و حياض و ثوب و ثياب.


و قوله: 'رجاماً' يعني جمع رجمة و هي مااجتمع من الحجارة فركب بعضه بعضاً، و منه قول لبيد: 'يمنانا بدغولها فرجامها'؟


و قيل: رجام اسم مكان بعينه.


و قوله: 'حين مجّ لعاب الشمس' أي اشتدّ حرّها. والمجّ الصبّ للماء من الفم، و منه الحديث: 'فإذا مجّه من فمه' ثمّ اتّسع فيه، فقيل: مجّه: اديه؟ و مجاج المرين: مطره؟ و مجاج النحل: عسله. و مجاج الحيّة: سمّها.


و لعاب الشمس: السواد؟ و قيل: ما تراه كالمنحدر من الهواء عند حمى الشمس و قيام قائم الظهيرة.


و أصل اللعاب: ما يسيل من فم الصبيّ يقال: لَعَِبَ يلعَب لعوباً و لعباً |الصبي: سال لُعابه من فمه|. و اسم ما يجري: اللعاب.


والضوخ: ما اطمأنّ من الأرض و توهد، و يقال لمنعطف الوادي: ضوخ، و يجمع على أضواخ في أدنى العدد، و قد وضع ذلك للجمع الكثير، والقياس فيه: ضياخ، مثل سياط |في| جمع سوط، و يقال: يضوخ الوادي إذا كثرت أضواخه، و قال الأخطل في الضوخ:




  • و على البسيطة والشفيق يرتق
    والضوخ بين رويّة و فحال



  • والضوخ بين رويّة و فحال
    والضوخ بين رويّة و فحال



و قوله: 'بصهر الشمس' يعني لإذابته، والمراد بذلك حرّها و أذاها، لأنّ ذلك ممّايكاد يذيب م اقابله و برز له، والصهر: الإسم كالنقص والنقص والغيض و الفيض؟ و صهرت الشمس "705" |الشحم|: أذابته. و اسم ما يخرج منه: الصهارة، والشحم مصهور و صهير، و في التنزيل: 'يصهر به مافي بطونهم' |20: الحجّ: 22| و قال الشاعر:




  • و كنت إذا الولدان جاد صهيرهم
    صهرت فلم يصهر كصهرك صاهر



  • صهرت فلم يصهر كصهرك صاهر
    صهرت فلم يصهر كصهرك صاهر



و|يقال|: 'رويداً' أي مهلاً، و نصبه بمعنى أرود إرواداً أي أمهل إمهالاً، و رويداً موضوع موضع ذلك، على حدّ تصغير الترخيم.




و أمّا قوله: 'قرب الرقيب من الأيسار' فإنّ الأيسار هم الياسرون وهم الداخلون في |لعبة| اليَسَر |و هو القمار| والرقيب يجلس من المغيض؟ غير بعيد منه، فلما يحيله من القداح؟ في الرهانة و في الجلدة الّتي فيها القداح، لأن لا يقع فيه الجناية؟ و يقال له: الرامي، و قيل: الرامي: الّذي يرتفع عليه؟ و قال أبوذويب:




  • فوردن والعيّوق مقعد رامي
    الصوباء خلف النجم لايتبلّع؟



  • الصوباء خلف النجم لايتبلّع؟
    الصوباء خلف النجم لايتبلّع؟



و يروى: 'فوق النجم'.


و|قوله|: 'مزجر الكلب من السُمّار' يريد بالمزجر حيث يصير الكلب إليه إذا زجر، والسُمّار: أصحاب السمر و هو حديث الليل، و أصل السمر هو ضوء القمر، والسمرة في اللون من ذلك، و|يقال|: قد سمر القوم يسمرون سمراً و سموراً إذا تحدّثوا ليلاً، |و| واحد السُمّار: سامر، و في التنزيل: 'مستكبرين به سامراً تهجرون' |67: المؤمنون: 23|، و قرأ عكرمة 'سَمَراً' |بفتح السين والميم|. و عن أبي رجاء العطاردي |أنّه قرأ|: 'سُمّاراً'.


و|في الحديث|: كان عمر يحدّث لنا السمر بعد صلاة النوم.


و روي عن عمر أنّه "706" كان يضرب النّاس على الحديث بعد العشاء و يقول: أسمراً أوّل الليل و نوماً اخره.


يقال: حدّثه يحدّثه و يحدثه؟ قال ذو الرمة:




  • فيالك من وجه جميل و منطق
    رخيم |و| من خلق يقال جاد به؟



  • رخيم |و| من خلق يقال جاد به؟
    رخيم |و| من خلق يقال جاد به؟



و عن النبي صلى اللَّه عليه |و اله و سلّم| أنّه قال: 'لاسمر إلّا لأحد رجلين: مصلّ أو مسافر'.


[لم يتيسّر لي تخريج الحديث من كتب الحديث.]


و قول الطائي في الحديث: 'قرب الرقيب من الأيسار، و مزجر الكلب' انتصبا على مذهب الظرف؟ و ذلك مأخوذ من العرب و لا يقال على ذلك: قرب الرجل من القوم؟ و لا مزجر السنّور منهم.


و قوله: 'اخسأ عدوّ اللَّه' أي أبعد ذليلاً مهيناً، يقال: خسأت الكلب خساوة




و خساءة إذا طردته و أبعدته عنك، و خسأ هو يخسأ خساءاً، و هذا ممّا يحفظ عن العرب |و| في أمثاله قد جاءت عنهم مثل رجع و رجعته و عطف و عطفته و ولغ و و لغته و ما أشبه ذلك ممّا شذّ عن القياس، و في التنزيل: 'فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين' |65: البقرة: 2|، أي بعداء صَغِرةً أذلاّء.


و قوله: 'يوضر عرك الذبح' فإنّ الوضر كالدبس والقذر؟ و أصله في اللبن يقال: و ضرت يده من اللبن يوضر و ضراً، ثمّ استعير فيماعداه حتّى قيل للوسخ: و ضر.


والعرك مرويّ بتخفيف الراء و تثقيلها مشدّدة؟ فأمّا بالتخفيف فإنّها جمع عُرَكة- مثل غرفة و غرف- و هي ما يجمع من دم العارك.


و إذا قرأته بالراء المشدّدة فإنّها الحيض يقال: عارك حيضاً بعد أطهار.


والذبح: الذكر من الضباع و قد يقال للأنثى: ذبحة و هي الضبع، والذكر: الضبعان و ذكرانها "707" تدمي و تحيض. فإذا روي 'عرك الذبح' بتخفيف الراء فإنّما أضيف العرك إلى الذبح و جعل الذبح للجنس.


وأ مّا قوله: 'بفيك الفهر الصلد' فإنّ الفهر حجر بملئ الكفّ و يجمع على الأفهار، والكثرة الفهور، والفهر أنثى؟ و تصغيرها فهيرة، و بها سُمّي الرجل فهيرة، و أرض مفهورة: ذات أفهار.


والعرب يقول للمدعوّ عليه المردود عليه: 'بفيك الحجر و بفيك الفهر و بفيك الكثكث والأثلب' والكثكث والأثلب بالفتح والكسر.


|و قوله:| 'صفصف' أي على خشونة و ضيق، قال الشاعر:


على نصف؟ من عيشة النكد.


و إن يكن الطائي صادف القاصّ في مكان ضيّق و حوله خاصّ من النّاس لم يحتج في ذلك إلى ما تأوّلناه في 'الماقط والصفصف' و حمل الكلام على ظاهره فيه؟.




و قوله: 'و كان بدياً' أي خفيفاً في السعي حسن التأنّي لما يسعى فيه، و من ذلك قوله: 'بديه لكذا و كذا و قد ابتدت هو له'؟


قوله: 'فماأنسى حصّة يده على رأسه' يعني بها سرعة إمرار يده على رأسه، يقال: مرّ يحصّ حصّاً إذا أسرع، والحُصاصُ شدّة العدو والسرعة فيه.


و يجوز أن يريد ب|قوله|: 'حصّة يده': لين كفّه و نعومتها |ظ| و يقال لكلّ أجرد من شعر أحصّ والأنثى حصّاء، و لذلك قيل: السنة الحصّاء، و قال ابن الأسلت:




  • قد حصّت البيضة رأسي فما
    أطعم يوماً غيرتهجاج



  • أطعم يوماً غيرتهجاج
    أطعم يوماً غيرتهجاج



و قوله: 'في التوبات' يعني الفلات القفر، والتوبات كالمومات بمعنى و يجمعان على الموامي والتوابي |ظ| "708".


والخليعات: الناقة الشديدة، والجمل: خلعنا؟ والألف فيه للإلحاق بمثل سفرجل و سمردل، و لذلك دخلت الهاء عليها لأنّها ليست للتأنيث و لكن للإلحاق.


و قوله: 'إنّ الإبل الشوارد' يعني التوافير؟ و'الضلال': الّتي قد أضلّها أهلها، يقال: شرد |الإبل| شروداً و أشردها غيرها أي جعلها شاردة، و شرّدها تشريداً إذا أريد التكثير. و يقال: ضلّت الناقة و أضلّها صاحبها أي ضلّت عنهم.


و قوله: 'و هي مفعمة' أي ملاء يقال: فعم هو و أفعمته أنا، و قال الشاعر:




  • فوارض ماتمنى و تحتفزونها
    و قد يملؤ القطر الإناء فيفعم



  • و قد يملؤ القطر الإناء فيفعم
    و قد يملؤ القطر الإناء فيفعم



فيكون إفعامها في الحديث على وجهين:


أحدهما أنّها ملاء الضروع لبناً فلايتعرّض لها و لايحلّ ضرارها ورعاً و تقيّةً؟ و هي تكرع في حياضه.


والاخر: أن يكون ملامحاً؟ يخال فيه العدوى فيدعها ترد مع إبله الصحاح القرحان اتّكالاً على اللَّه سبحانه و ابتغاء المثوبة والأجر.


والحياض المترعة: الملاء أيضاً، و قد ترعت |أي ملئت| و أترعها صاحبها |أي أملأها|.




و قوله: 'تكرع' أي تشرب من الحياض بأفواهها لا باستقائنالها و سقيها من غيرها؟ قال النابغة:




  • و سيفي إذا ماشئت غير مصرّد
    بصهباء في كاساتها المسك كارع



  • بصهباء في كاساتها المسك كارع
    بصهباء في كاساتها المسك كارع



والقرحان: الإبل الّتي لم تحرب و لم تحضب و لم تطعن، و منه الحديث: إنّ عبدالرحمان بن عوف قال لعمربن الخطّاب- لمّا أراد الشام و هي تسفر طاعوناً-: 'إنّ من "709" معك من أصحاب النبيّ صلى اللَّه عليه قرحانون'. و لم يسمع الجمع في القرحان إلّا في هذا الحديث، لأنّ القرحان يوضع للواحد والجمع كأنّه مصدر وصف به، فاستوى |الواحد| والجمع والمذكّر والمؤنّث فيه و في لفظه.


و أمّا قوله: 'في الكشوف و أبيها؟' فإنّ الكشوف من النوق: ما يحمل عليها في كلّ سنة، والمصدر: الكشّاف، و منه قول زهير:


و يلقح كشّافاً ثمّ ينيخ فينم؟


و قيل: الكشّاف أن يترك الناقة سنتين أو ثلاثاً لا يحمل عليها فإذا لقحت كذلك كان أقوى لها و أدرّ للبنها و أشدّ لولدها.


و قيل: الكشّاف أن يضربها الفحل و هي الحامل.


و قوله: 'سمعت قمداً' فإنّ "قمداً" هاهنا اسم رجل بعينه و هو بعد الشديد القويّ الصلب من كلّ شي ء.


قوله: 'و أبح لبنها|ظ| و اشرب' أي اشرب منه مقدارالحاجة و أبح ماعدا ذلك أي اجعله مباحاً لمن يشربه.


و يروى 'امنح لبنها' والمنحة أن يجعل للرجل لبن ناقته أو شاته يشربه |غيره|و ينفع |به| والأصل للمائح؟ ثمّ اتّسع في ذلك فجعلت في الأصل و غيرها؟


و أمّا قوله: 'و أفقر برويّة أبيها و اركب' فإنّ الرويّة جمام الفحل و هو أن يترك من النزو حتّى تجمّ، والمراد |منه| في الحديث: أن يترك من الركوب حتّى يجمّ ثمّ




يركب و ذلك أقوى و أشدّ لسيره، و يدلّ على ذلك قوله: 'و أفقر رويّة أبيها' أي أعز|ه| بعد الحمام فاركبه، يقال: أفقرته جملاً أي جعلت ظهره له يركبه و يبلغ عليه حاجته ثمّ يردّه "710" فكأنّ معناه أن يمكّنه من فِقاره، والمراد من ذلك الظهر، و لم يسمع في الأطراف الأقفار؟ فنحمله عليه و إن وضع مجازاً لذلك جاز.


و للرويّة بعد مواضع، فمنها القيام بمايصلح الإبل، يقال: فلان ما يقوم برويّة إبله. و هي أيضاً الهدأ|ة| من الليل. و هي |أيضاً| حمزة العجين.


فأمّا القطعة من الخشب و غيره المشعور بها فإنّها من الرؤية مهموزة و بها سمّي رؤية. و قال بعضهم: بل سمّي برويّة الليل غير مهموزة لأنّه ولد نصف الليل فسمّي باسم الوقت.


وأمّا قوله: 'شوهةً بوهةً' و يروى: 'سوهةً بوهةً' فإنّ الشوهة ما جمع من القبح، يقال: شاه شوهاً و شوهةً إذا قبح، و شوّهه اللَّه أي قبّحه و سمجه . و في الحديث: 'شاهت الوجوه' أي قبحت. والأشوه: القبيح. و هو أيضاً الإصابة بالعين لأنّ ذلك ممّا يستقبح، والمصدر فيه: الشوه. والأنثى شوهاء.


و أمّا قوله في الفرس: 'شوهاء' فإنّما يراد بها أنّها واسعة المنخرين والشَدْقَمَين و ذلك ممّا يمدح الفرس به، قال الشاعر:




  • و هي شوهاء كالجوالق فوهاء
    مسحال يضلّ فيه الشكيم



  • مسحال يضلّ فيه الشكيم
    مسحال يضلّ فيه الشكيم



و ليس يخرج هذا من المعنى الأوّل لأنّ التوسّط في كلّ خلقة |هو| المستحسن و لكنّ الفرس مدحت بهذا لنفعها به؟ في التنفّس والإنبساط.


و أمّا 'البوهة' فيحتمل أن يكون اتّباعاً و توكيداً للشوهة و لا سيّما إذا لم يعطف عليها بالواو.


والأجود عندي في كلّ ماجعله أهل اللغة اتّباعاً "711" إذا عرف معناه أن يفرد و يراد به في الفائدة؟ و لا يحمل على الأوّل و معناه معلوم، و من ذلك البوهة لأنّها ما طارت به الريح من خلال التراب، والعرب تقول في مثل لها: 'أهون من




صرفه في بوهة'.


والبوهة أيضاً فيما روي لنا عن الخليل: الضعيف الطائش.


و قال ابن دريد: هو الوحم الثقيل؟ و أنشد:




  • يا هند لاتنحكي بوهةً
    عليه عقيقته احسبا؟



  • عليه عقيقته احسبا؟
    عليه عقيقته احسبا؟



والبوه: الكبير من البوم، فكأنّ معنى شوهةً بوهةً: قبحاً و طيشاً و تراباً مستقيماً |و| و خامةً لقاتل مثله رضي اللَّه عنه.


و انتصاب ذلك على معنى الدعاء كأنّه قال في التمثيل: شاهوا شوهةً و باهوا بوهةً |أو| و ألزمهم اللَّه شوهةً و بوهةً.


و ذكره للطهور والفطور يعني ما يتطهّر به و يفطر عليه؟ و كذلك الوجود و السعود؟ و ما أشبه ذلك.


و أمّا قوله في شعره: 'إذ تقفقفت والداً' فإنّ التقفقف اضطراب الحنكين و اصطكاك الأسنان والإرتعاش من الكبر أو الفزع أو البرد أو غير ذلك، و هو من قول الطائي: 'لكبر؟'، و يقال: لِلُحى البعير: القفقفن؟ و يقال: استقفّ الشيخ: إذا انضمّ بعضه إلى بعض و تشنّج و صار كالقُفَّة، والقُفَّة: ما تتّخذه المرأة من خوص أو غيره يغزلها. و هي أيضاً الشجرة البالية |ظ|، و يقال: قفّ النبت قفّاً إذا يبس و تحطّم، و قال الراجز:




  • كأنّ صوت خلقها والحلف
    كنية أفعى في سبيس قفّ؟



  • كنية أفعى في سبيس قفّ؟
    كنية أفعى في سبيس قفّ؟



و قوله في الشعر 'حافداً' أي شريفاً "712" في الخدمة والسعي، خفيفاً فيهما عجلاً إليهما، و إنّما أراد بذلك في عبادته صوماً و صلاةً و ذكراً. و في دعاء القنوت: 'و إليك يسعى و يحفد'. و قال الشاعر:




  • حفد الولاية بينهنّ و أسلمت
    بأكُفِّهِنّ أزمَّةُ الإجمال



  • بأكُفِّهِنّ أزمَّةُ الإجمال
    بأكُفِّهِنّ أزمَّةُ الإجمال



والحَفَدان والحُفود والحَفْدُ: فوق المشي.


[كذا.]




و قوله: 'إذا روّق الليل المعسعس' أي مدّ رواقه و ألقى أرواقه، و ذلك مثل في اشتداد الظلمة و انبساطها، و يقال: ألقى عليه أرواقه أي ثقله، و إذا ألحّت السماء بالمطر، والنبت بأرض قيل: قد ألقت عليها أرواقها، و قال الشاعر:


و نابت بأرواق عليها سواريا.


و|أمّا| المعسعس |فهو| المقبل من الليل المظلم، قال الشاعر:




  • حتّى إذا ما ليلهنّ عسعسا
    حتّى إذا ما ليلهنّ عسعسا



  • و أقبلت ظلماؤه و اعلنكسا؟
    و أقبلت ظلماؤه و اعلنكسا؟



  • و ركبت منه بهيماً حِندسا
    و ركبت منه بهيماً حِندسا



و قيل: المعسعس من الليل: المظلم المدبر، و أنشد:




  • نجوت بأفراس كرام و فتية
    مفالس في أدبار ليل معسعس



  • مفالس في أدبار ليل معسعس
    مفالس في أدبار ليل معسعس



و قد عدّوا ذلك من الأضداد. و لا تضادّ فيه عندي لأنّ العسعسة دنو الظلام من الأرض، والبائنة لها و مخالطته إيّاها و انتشاره فيها، و ذلك في أوّل الليل واخره واحدة.


و أمّا قوله: 'غِرّيداً' فإنّ الغِرد |والغَرِد| والغِرّيد: المطرب في صوته المحزِّن له


[كذا.] يقال: غرّد الحاري تغريداً؟- و كذلك تغرّد- |أي رفع صوته| و كذلك تغريد الطير، قال عنتره:




  • غرّد الحك ذراعه بذراعه؟
    قدح المكبّ على الزناد الأجزم



  • قدح المكبّ على الزناد الأجزم
    قدح المكبّ على الزناد الأجزم



و قال |أيضاً|:


إذا غرّد الكافي غير روضته؟ "713".


و قوله: 'جاوبه' أي قطعه و جاوزه إلى الصبح ذاكراً و مصلّياً.


و قوله: 'ينهلّ' أي يجري دمعه و يسمع صوت جريه، يقال: انهلّ شؤنه




و انهلّ دمعه انهلالاً، و كذلك استهلّت استهلالاً.


و أمّا قوله: 'و ابك ليوم تسكن الحافرة' فإنّ الحافرة: العود في الشي ء مردوداً اخره إلى أوّله، يقال: رجع فلان إلى حافرته إذا رجع في الطريق الّذي أخذ منه، و رجع الشيخ إلى حافرته: إذا خرف كأنّه يرجع إلى حال الطفولة في عدم العقل والقوّة، و في التنزيل: 'أإنّا لمردودون في الحافرة' |19: النازعات: 79| يريد البعث بعد الموت، أي أنرجع أحياءً بعد مامتنا؟ و نصير كما كنّا أيّام حياتنا؟ و إنّما أراد الطائي بقوله: 'نسكن الحافرة' أي القبر والتراب، |أخذاً| من قوله |تعالى|: 'منها خلقناكم و فيها نعيدكم و منها نخرجكم تارة أخرى' |55: طه: 20|.


و إن أراد |الطائي| بالحافرة، المحفورة على مجاز |فيه، كما في قولهم:| 'عيشة راضية' أي مرضيّة، و|في| الحقيقة |هي| ذات رضاء و ذات حفرة، كان ذلك سائغاً |أيضاً|.


و إن أراد بذلك البعث والنشور أو المصير إلى الأرض الّتي يحاسب النّاس عليها جاز |أيضاً|.


و أمّا قوله: 'الساهرة' فإنّ أهل اللغة قالوا: الساهرة: وجه الأرض. و قد قيل: هي الأرض العريضة البسيطة. و قال الشاعر:




  • يريدون ساهرةً كانت مجهلة؟
    و عميمها أسداف ليل مظلم



  • و عميمها أسداف ليل مظلم
    و عميمها أسداف ليل مظلم



و قال اخر:


خياركم خيار أهل الساهرة.


و قال اخر:




  • و فيها لحم ساهرة و بحر؟
    و ما قاسوا به لهم مقيم



  • و ما قاسوا به لهم مقيم
    و ما قاسوا به لهم مقيم



و قيل "714": |في| تفسير قوله |تعالى|: 'فإذا هم بالسّاهرة' |14: النازعات: 79| ما قلنا|ه|.


و قيل: |معنى| بالساهرة: بالأرض الّتي يبسط ليظالم بعض عليها؟ و لم يعمل




فيها خطيئة و لا سفك فيها دم. روي ذلك عن السدّي. و عن مجاهد: كأنّها الفضّة. و عن عليّ |عليه السلام|: 'إنّها من فضّة و لحميها من ذهب'؟.


و في حديث مسند: 'يُحشَر النّاس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد'.


يريد بالعفراء: ما ليست بالشديدة البياض، والنقي: الجواري؟ و قال الشاعر:




  • يطعم الناس إذا ماأمحلوا
    من نقيّ فوقه ادمه



  • من نقيّ فوقه ادمه
    من نقيّ فوقه ادمه



والمعلم: الأثر، و أنشد ابن دريد لبعض الرجّاز:




  • اقدم أخانهم على الأساورة
    فإنّما قصرك ترب الساهرة
    من بعد ماصرت عظاماً ناخرة
    من بعد ماصرت عظاماً ناخرة



  • و لا تهالنّ لرجل نادرة
    حتّى تعود بعدها في الحافرة
    من بعد ماصرت عظاماً ناخرة



و قول حكيم بن أبي حكيم: 'برزت بالقلّة العلياء انفاً' أي برأس الجبل و ذروته، و قوله: 'انفاً' أي أوّلاً؟ و في التنزيل: 'حتّى إذا خرجوا من عندك قالوا للّذين أوتواالعلم ماذا قال انفاً' |16: محمّد: 47| أي قبل، والإستياق استفعال منه.


و أمّا قوله: 'فرأيت حمضاً و ألالاً |ظ| أجرت جيبه لفطورك' فإنّ الحمض ما ملح من النبات و هو فاكهة الإبل، والخلة ما خلا منه و هو خبزها، و إذا ملّت الإبل الخلة قالوا: أخمصو|ه| فيصيرون إلى الحمض ليأكل الإبل منه فيعود إلى الخلة. و'ألالا' من نبات العمل؟


وعن الأصمعي قال: |قال| عليّ بن حازم:




  • فإنّكم و مدحكم تحيراً
    أما لحّاكما امتدح ألالا



  • أما لحّاكما امتدح ألالا
    أما لحّاكما امتدح ألالا



و ذلك إنّ 'ألالا' شجر حسن المنظر "715" مرّ المطعم أي فظاهر هذا خلاف باطنه، و ماأروي الرواية في الحديث على هذا المرادة ألالاً؟ و أنّه لا يؤكل إلّا في كَلَب الزمان لمرارته، و لكن عندي |أنّ| ألالاً على مثال العاع واحدتها اأة على وزن عاعة؟ و ذلك إنّ لها و للثوم حبّاً يؤكل، و قال زهير:




لها بالشي ء سوم و أا؟


فأمّا ألالاً فواحدتها ألاة و همزتها في اخرتها ثابتة و |كذا| في التصغير لأنّه لا يرجع فيها إلى اشتقاق يعلّ فيه، كذلك قال سيبوية؛ و تصغيرها أليتة مثل اليعة؟ و قال الشاعر:




  • فخرّ على ألالاة لم توسد
    كأنّ جبينه سيف صقيل



  • كأنّ جبينه سيف صقيل
    كأنّ جبينه سيف صقيل



و أمّا قوله: 'رِجْلٌ من العنظب' فإنّ الرِجْل: الجماعة من الجراد و به سُمّي المرجل مرجلاً لأنّهم كانوا يطبخون'-ه' فيه. والعُنْظُب- بضمّ الظاء و فتحها، و الفتح دليل على زيادة النون-: ذكر الجراد، والحُنطُب كالعُنظُب، و فيه اللغتان أيضاً، قال ذلك الأصمعي.


و روي عن الكسائي |أنّه| قال: العُنظُب والعُناظِب والعُنظُوب.


و قال أبوعمر: والعُنظُب: ذكر الجراد، فأمّا الحُنطُب فذكر الخنافس، و أنشدوا لحسان:




  • و إنّك سوداء مودنة؟
    كأنّ أمامها الحنظب



  • كأنّ أمامها الحنظب
    كأنّ أمامها الحنظب



[الحناظب 'خ ل'.]


و أنشد الخلى: 'رؤس الحناس كالعنجد' أي كالزبيب.


و قوله: 'و اشتوينا' أي اتّخذنا من ذلك شواءً، و كذلك الإختباز والإطّباخ في معنى الإتّخاذ.


و قول الشيخ: 'من اتّخذ الليل جملاً' يعني سهرةً و دأب فيه "716" مصلّياً و متهجّداً، و هو مثل يُضرَب لكلّ من سهر الليل و انتظمه عملاً و كدّا؟ كأنّه اتّخذ|ه|جملاً ركبه و دأب عليه.


و أمّا قوله: 'زلفةً و بهرةً' فإنّ الزلف ساعاته والواحدة: زلفة، و ذلك لاتّصال بعضها ببعض و قرب بعضها من بعض، والزلفة: القربة، والزلفى: القربى، يقال: زلف و ازدلف: دنا و قرب. و قال العجّاج في ساعات الليل:






  • طىّ الليالي زلفاً فزلفا
    سماؤه الهلال حتّى احقوقفا



  • سماؤه الهلال حتّى احقوقفا
    سماؤه الهلال حتّى احقوقفا



والبهر: الأوساط، و بهرة كلّ شي ء: وسطه، و يقال: من ذلك أبهارالليل إذا انتصف.


و في الحديث: 'سار حتّى أبهار الليل، ثمّ سار حتّى تهوّر الليل'.


و يقال: توسط الوادي بهرته؟ و يقال: فرس عظيم البهرة أي المحزم.


و قوله: 'من سوء البيات' أي من أن يطرقه طارق بسوء عند بيتوتة، و يقال: بَيَّتَه إذا أتاه على ذلك، و كذلك كلّ ما أتى ليلاً أو عمل ليلاً و اشتُغِل به، و في التنزيل: 'تقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَ أَهْلَهُ' |49: النمل: 27| و يقال: بات |فلان|يفعل كذا و كذا: إذا فعله ليلاً، و ظلّ يفعله إذا فعله نهاراً.


و قوله: 'أوطاري': أي حاجاتي الّتي من همّي، والواحد منها وطر و هو الحاجة الّتي لصاحبها فيها همّة، و في التنزيل: 'فلمّا قضى زيد منها وطراً زوّجناكها' |37: الأحزاب: 33|.


و قوله: 'لُباناتي' أيضاً |بمعنى| حاجاتي والواحدة منها'لُبانة' و هي الحاجة الّتي يقيم و يحرّج عليها؟ و قال الشاعر:




  • لقد كان في حول توالوا أتيته
    ليقضي لبانات و سيام سائم



  • ليقضي لبانات و سيام سائم
    ليقضي لبانات و سيام سائم



[كذا.


535- الحديث- بمغايرة لفظيّة- رواه الطبراني برقم 66-65 من المعجم الأوسط: 293:7 ط 1، قال: حدثنا محمّد بن خال بن يزيد البرذعي؟ بمصر، قال: حدثنا أبوسلمة عبيد بن خلصة بمعرّة النعمان، قال: حدثنا عبداللَّه بن نافع المدني، عن المنكدر بن محمّد، عن أبيه: عن جابر بن عبداللَّه قال: جاء رجل إلى النبي صلى اللَّه عليه و سلّم فقال: يا رسول اللَّه.....]


و قال اخر "717":




  • أيا حسرتى لم أقض منكم لبانتي
    و لم أتمتّع بالجوار و لا القرب



  • و لم أتمتّع بالجوار و لا القرب
    و لم أتمتّع بالجوار و لا القرب



و ذكر الأستاذ أبوبكر النحوي قال: أنشدنا الشيخ أبوبكر هبة اللَّه بن الحسن بن الفضل العلاّف لنفسه:




  • إذا أتت الخوين؟ على السعود
    و رامت أن تخرّ لها سجودا
    تعزّينا عن الدنيا كراماً
    و لم نجب القرود إلى السجود



  • و فازت بالعُلى أيدي القرود
    لتؤذن للمحلّى بالورود
    و لم نجب القرود إلى السجود
    و لم نجب القرود إلى السجود



536- و ذكر الأستاذ أبوبكر النحوي رفعه أنّ أعرابياً جاء إلى النبيّ صلى اللَّه عليه فقال: يا رسول اللَّه إنّ أبي يأكل من ماليه؟ فقال: 'يا أنس ادع أباه إليّ'. فدعاه |أنس| إلى النبيّ صلى اللَّه عليه، فقال |له النبي صلى الله عليه و آله|: 'يا أعرابي إنّ ابنك يزعم أنّك تأكل ماله'؟ فقال |الأعرابي|: هل هو إلاّ عمّاته أو خالاته أو أنا أبوه؟


فهبط الأمين جبرئيل عليه السلام فقال: 'يا رسول اللَّه، إنّ الشيخ قال في نفسه بالبارحة ما لم يسمعه أذناك، و قد بكى له أهل السماء'!!!


فقال |النبي صلى الله عليه و آله:| 'يا أعرابيّ هل قلت في نفسك البارحة مالم يسمعه أذناي'؟ فقال |الأعرابي|: لم يزل اللَّه يزيدنا بك بصيرة و يقيناً، نعم يا رسول اللَّه، فأنشد |الأعرابي| يقول:




  • غذوتك مولوداً و عُلتُك يافعا
    إذا ليلة صافتك بالسقم لم أبت
    كأنّي أنا المطروق دونك بالّذي
    تخاف الردى نفسي عليك و إنّها
    فلمّا بلغت الأمر "718" والغاية الّتي
    فليتك- إن لم ترع حقّ أبوّتي-
    تراه معدّاً إلى الخلاف كأنّه؟
    بردّ على أهل الصواب موكّل



  • تعلّ بماأحبى إليك و تنهل
    لسقمك إلاّ ساهراً أتململ
    طرقت به دوني فعيناي تهمل
    لتعلم أنّ الموت حقّ موجّل
    |تقوّيت فيها صرت عنّى تذهل|
    فعلت كما الجار المجاور يفعل
    بردّ على أهل الصواب موكّل
    بردّ على أهل الصواب موكّل



قال: فبكى النبيّ صلى اللَّه عليه، و أخذ بتلابيب ابنه و قال |له|: 'أنت و مالك لأبيك'!!




/ 60