اما الزهد في الدنيا ذات الإنتقال
382- فقد قال عيسى عليه السلام فيما روي عنه: 'مثل الدنيا والاخرة مثل رجل له ضرّتان، إن أرضى أحدهما أسخط الأخرى'.
[هذا حديث معروف عند المتشرّعة؛ و لكن لم يتيسّر لي تخريجه عن مصادره.]
383- و قال |عليه السلام|: 'بحقّ أقول لكم: إنّ رأس كلّ خطيئة حبّ الدنيا'.
[هذا الحديث أيضاً معروف؛ و لكن بلسان: "حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة".]
384- و قال |عليه السلام| أيضاً: 'أربعة لاتجتمعن في أحد إلاّ لعجب؟ الصمت و هو أوّل العبادة، والتواضع و هو شرف المؤمن، والزهد في الدنيا، و قلّة الشي ء'؟.
[كذا في أصلي.]
385- و قال الحواريّون لعيسى بن مريم صلوات اللَّه عليه: مالك تمشي على الماء و لا نقدر عليه؟ قال: 'ما منزلة الدينار والدرهم عندكم'؟ قالوا: حسن. قال: 'لكن هما والمدر عندي سواء'.
[ذيل الحديث بيان لشأن جميع الأنبياء و صفوة اللَّه تعالى.]
فكذلك المرتضى رضوان اللَّه عليه:
386- روي أنّه وضع درهماً على كفّه و قال: 'أما إنّك مالم تخرج عنّي لم تنفعني'.
[نسبة الحديث إلى أميرالمؤمنين عليه السلام غير معهودة لي.]
387- و قال |عليه السلام| أيضاً: 'لا يَدَعُ النّاس شيئاً من أمر دينهم لا ستصلاح
دنياهم إلّا فتح اللَّه عليهم ما هو أضرّ لهم منه'.
[و هذا رواه أيضاً السيّد الرضيّ قدّس اللَّه نفسه في المختار: "106" من قصار نهج البلاغة قال: و قال عليه السلام:
لا يترك الناس شيئاً من أمر دينهم لاستصلاح دنياهم إلاّ فتح اللَّه عليهم ما هو أضرّ منه.]
388- أخبرنا محمّد بن أبي زكريّا قال: أخبرنا أبومحمّد عبداللَّه بن محمّد بن أحمد الرازي المعروف بابن السمّاك- سنة إحدى و سبعين و ثلاث مائة ب'فيد'- قال: حدثنا أبوالحسن علي بن محمّد بن مهرويه القزويني بها، قال: حدثنا محمّد بن إدريس قال: حدثنا محمّد بن الحسن قال: حدثنا علي بن "560 أو 564" هاشم
[و إنّما أدرجنا هاهنا رقم صفحتين من أصلي المخطوط؛ للإشارة إلى أنّه كان من حقّ تسلسل الصفحات أن تقع كلمتا: "بن هاشم" في أوّل ص 560 من أصلي المخطوط؛ و لكن لحصول التقديم والتأخير في صفحات من الكتاب هاهنا؛ و عدم إنتباه مرقّم صفحات الكتاب؛ أخّر صفحة "560" عن محلّها ورقّمها برقم: "564" فليتنبّه.] عن عليّ بن الحزّور:
عن أبي مريم |الحنفي الثقفي| قال: سمعت عمّار بن ياسر- و نحن بصِفّين- يقول: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه |و اله و سلّم| قال لعليّ بن أبي طالب: 'إنّ اللَّه زيّنك بزينة لم تزيّن العباد بشي ء أحبّ إلى اللَّه منها، و هو زينة الأبرار عند اللَّه تعالى، زهّدك في الدنيا فجعلك لاتنال منها |شيئاً| و لاتنال الدنيا منك شيئاً'.
[هذا هو الظاهر المذكور في مصادر كثيرة؛ و في أصلي المخطوط من زين الفتى هذا: 'ولا تنال الدنيا منك شي ء؟'.
و قطعةً من الحديث رواه أيضاً أبوطاهر أحمد بن محمّد السلفي في الجزء العاشر- ممّا انتخبه من أصول كتب أبي الحسين المبارك بن عبدالجبّار الصيرفي الطيوري الموجود برقم: "1120" في المكتبة الظاهريّة- الورق 170 أ قال:
أخبرنا محمّد بن العبّاس؛ أنبأنا أبوحفص عمر بن المسيّب بن ضريس النيسابوري أنبأنا الحسن بن عرفة؛ حدّثني سعيد بن محمّد الوراق؛ عن عليّ بن الحزوّر؛ قال: سمعت أبامريم الثقفي يقول:
سمعت عمّار بن ياسر؛ يقول: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم يقول: يا علي طوبى لمن أحبّك |و صدق فيك | و ويل لمن أبغضك و كذب فيك.
أقول: والحديث قد وجدته برقم: "8" في جزء من حديث الحسن بن عرفة- المولود سنة: "150" المتوفّى عام: "257"- المطبوع سنة: "1406" بالكويت.
و رواه أبويعلى عن الحسن بن عرفة في الحديث الأوّل من مسند عمّار بن ياسر من مسنده: ج 3 ص 178.
و هذه القطعة من الحديث رواها أيضاً أحمد بن حنبل في الحديث: "284" من فضائل أميرالمؤمنين عليه السلام من كتاب الفضائل؛ ص 206 ط قم قال:
حدّثنا سعيد بن محمّد الورّاق؛ عن عليّ بن حزوّر؛ قال: سمعت أبامريم الثقفي يقول:
سمعت عمّار بن ياسر يقول: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم يقول لعليّ: يا عليّ طوبى لمن أحبّك و صدق فيك؛ و ويل لمن أبغضك و كذب فيك.
و رواه الحاكم بسنده عن أحمد بن حنبل و قال: هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه؛ كما في الحديث: "88" من فضائل عليّ عليه السلام من المستدرك: ج 3 ص 135.
و أخرجه عن جماعة العلاّمة الطباطبائي طاب ثراه؛ في تعليقه على الحديث: "284" من كتاب الفضائل المتقدّم الذكر؛ ثمّ قال:
و أخرجه القاضي دانيال في الجزء الثالث من مشيخته؛ والمبارك بن عبدالجبّار في الطيوريات الورق 170 أ و طراد بن محمّد الزينبيّ في المجلس الثاني من أماليه بأسانيد هم عن الحسن بن عرفة.
و من أراد المزيد فعليه بما رواه الحافظ الحسكاني في الحديث: "486" والحديث: "548" و تاليه من شواهد التنزيل: ج 1؛ ص 459 و517 ط 2.
و من أراد أكثر فعليه بالحديث: "713" و ما بعده من ترجمة أميرالمؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 212-210 ط 2.]
389- و روي أنّ عليّ بن أبي طالب كرّم اللَّه وجهه خرج إلى السوق و عليه ثياب غليظة غير غسيل؟ فقيل له: يا أميرالمؤمنين لو لبست ألين من هذا؟ فقال |عليه السلام|: 'هذا أخشع للقلب، و أشبه بشعار الصالحين، و أحسن أن يقتدي
|بي| المؤمن'.
[و قريباً منه و من الحديث التالي رواه أبونُعَيْم بأسانيد في ترجمة أميرالمؤمنين عليه السلام من حلية الأولياء: ج 1؛ ص 83.
و أيضاً قريباً منه رواه ابن عساكر في الحديث: "1252" من ترجمة أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه من تاريخ دمشق: ج 3 ص 238 ط 2.]
390- و في كتاب لعلي بن عبيدالدقّاق
[الظاهر أنّ هذا هو الصواب؛ و في أصلي المخطوط: "و في كتاب الدقّاق لعليّ بن عبيد...".] قال: حدثنا الأجلح، عن أبي الهذيل قال: رأيت على عليّ بن أبي طالب كرّم اللَّه وجهه قميصاً رازيّاً إذا مدّ كُمّه بلغ ظفره و إذا تركه بلغ نصف ساعده.
[هذا هو الصواب؛ و الساعد من اليد: ما بين الكفّ والمرفق. و في أصلي: "و إذا تركه بلغ إلى نصف ساقه؟".]
و في كتابه |عليه السلام| إلى عثمان بن حنيف
[والكتاب قد تقدّم في الحديث: "121" في عنوان: 'و أمّا علم المكاتبة والكتبة' من هذا الكتاب: ج 1 ص 187.] دلالة شافية على رفعته، و على مرتبته في درجة الزهد، وفي كلماته |عليه السلام| الّتي تقدّمت، و في شهادة الرسول عليه السلام له بذلك كفاية و هداية.
اما الكرم والإفضال
فقد كانت شريعة المسيح صلوات اللَّه عليه مبنيّة على الكرم، و ذلك إنّه كان في شريعته: 'إذا لطم أحدهم على "565" خدّه الُيمنى كان يجب على الملطوم أن يعرض بوجهه عنه، و لا ينتصر و لا يكافؤه، بل يريه خدّه اليُسرى ليضربها أيضاً إن شاء'.
و هذا هو أصل الكرم في اللغة؟ يقال: شاة كريمة إذا أعرضت بوجهه عند الدَرّ، و ذلك قوله عزّوجلّ: 'و إذا مرّوا باللغو مرّوا كِراماً' |72: الفرقان: 25|، أي معرضين عنه، و يدلّ عليه قوله عزّوجلّ في موضع اخر: 'و إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه' |55: القصص: 28|.
فكذلك |كان| المرتضى رضوان اللَّه عليه:
391- ذكر عنه |عليه السلام| أنّه قال: 'لئن أجمع نفراً من أصحابي و إخواني على صاعٍ أو صاعين من طعام أحبّ إليّ من أن أخرج إلى سوقكم هذه و أعتق نسمة'.
[الحديث غير معهود لي فليحقّق.]
392- و من كرمه |عليه السلام| ما روي أنّ ابن ملجم لعنه اللَّه كان يدخل عليه فيقربه و يدنيه و يقول: 'هذا قاتلي'، و يتمثّل بقول الشاعر:
[و هو عمرو بن معديكرب الزبيدي؛ و تمثّل عليّ عليه السلام بالأبيات التالية مستفيض رواه جماعة كثيرة من القدماء والمتأخّرين؛ و أورده في كتابه جلّ من كتب مقتل أميرالمؤمنين عليه السلام؛ و نحن أيضاً ذكرناه عن مصادر كثيرة في حرف الدال من الباب السادس من نهج السعادة: ج 12؛ ص....]
أريد حياته؟ و يريد قتلي
عذيرك من خليلك من مراد
عذيرك من خليلك من مراد
عذيرك من خليلك من مراد
393- و من ذلك ما روي أنّ رجلاً أتى أميرالمؤمنين رضوان اللَّه عليه و قال: إنّ لي حاجة رفعتها إلى اللَّه تعالى قبل أن أرفعها إليك؛ فإن قضيتها |لي| فأحمد اللَّه و أشكرك؛ و إن لم تقضها لي أحمد اللَّه و أعذرك.
[و في رواية ابن عساكر: 'إنّ لي إليك حاجة فرفعتها إلى اللَّه قبل أن أرفعها إليك؛ فإن أنت قضيتها حمدت اللَّه و شكرتك؛ و إن أنت لم تقضها حمدت اللَّه و عذرتك' كما في الحديث: "1331" من ترجمة أميرالمؤمنين عليه السلام: ج 3 ص 301 ط 2.]
فقال المرتضى رضوان اللَّه عليه: اكتب على وجه الأرض حاجتك "566" لئلاّ أرى أثر المسألة على وجهك!! فكتب |الرجل على وجه الأرض|: إنّي فقير. فأمر |عليه السلام| له بحلّة |فأتي بها و دفعت إلى الرجل| فلمّا أخذها أنشأ الرجل يقول:
كسوتني حلّةً تُبْلى محاسنها
إن نلت حسن ثنائي نلت مكرمةً
إنّ الثناء ليحيى ذكر صاحبه
لا تزهد الدهر في عرف بدأت به
فكلّ عبد سيُجْزى بالذي فعلا
فسوف أكسوك من ثوب الثناحللا؟
و لست تبغي بما قد نلته بدلاً
كالغيث يحيى نداه السهل والجبلا
فكلّ عبد سيُجْزى بالذي فعلا
فكلّ عبد سيُجْزى بالذي فعلا
[هذا هو الظاهر؛ و في أصلي: "فمن توفي الصابرين أجرهم بغير حساب؟"
والحديث رواه أيضاً محمّد بن أبي المكارم الحنبلي في الحكاية 16 من كتاب الفتوّة ص 275 على ماكتبه لي العلاّمة الطباطبائي طاب ثراه.] فأعلمت الجارية عليّاً بذلك؛ فدعا بالشابّ وزوّجها منه ودفعها إليه.