مقتطفات جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقتطفات - جلد 1

عیدروس ابن رویش

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


مصائب أهل البيت


وروى الدّيلمي، وابن فورك الأصفهاني، وعبدوس الهمداني، عن أبي سعيد الخدري، قال: ذكر رسول اللّه لعليّ ما يلقاه بعده، قال: فبكى عليّ، وقال: أسألك بحقّ قرابتي وصحبتي، إلاّ دعوت اللّه أن يقبضني إليه، قال "صلى الله عليه وآله": يا علي تسألني أن أدعو اللّه لأجل مؤجّل؟ 'الخبر'.

وعن أمير المؤمنين "عليه السلام" قال: بينا أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" إذ التفت إليّ فبكى، فقلت: ما يبكيك يا رسول اللّه؟ قال: أبكي من ضربتك على القرن، ولطم فاطمة خدّها، وطعن الحسن في فخذه والسّمّ الذي يسقاه، وقتل الحسين.

ورأى أمير المؤمنين في المنام قائلاً:

إذا ذكر القلب رهط النّبيّ++

وسبي النّساء وهتك السّتر

وذبح الصّبيّ وقتل الوصيّ++

وقتل الشّبير وسمّ الشّبر

ترقرق في العين ماء الفؤاد++

وتجري على الخدّ منه الدّرر

فيا قلب صبراً على حزنهم++

فعند البلايا تكون العبر

وقال الحميري:

توفّي النّبيّ عليه السلام++

فلمّا تغيّب في الملحد

أزالوا الوصيّة عن أقربيه++

إلى الأبعد الأبعد الأبعد

وكادوا مواليه من بعده++

فيا عين جودي ولا تجمدي

وأولاد بنت رسول الإله++

يضامون فيها ولم تكمد

فهم بين قتلى ومستضعف++

ومنعفر في الثّرى مفصد

قال ابن شهرآشوب في مناقبه |2: 209|: وكان عبيد اللّه بن عبداللّه بن طاهر كثيراً ما يقول:

تعزّ فكم لك من اُسوة++

تسكّن عنك غليل الحزن

بموت النّبيّ وخذل الوصيّ++

وذبح الحسين وسمّ الحسن

وجرّ الوصيّ وغصب التّراث++

وأخذ الحقوق وكشف الإحن

وهدم المنار وبيت الإله++

وحرق الكتاب وترك السّنن

وقال أيضا:

إذا ما المرء لم يعط مناه++

وأضناه التّفكّر والنّحول

ففي آل الرّسول له عزاء++

وما لاقته فاطمة البتول

أراد ابن طاهر بقوله: 'ما لاقته فاطمة' أي ما نالته "عليها السلام" من قبل القوم من الحوادث المؤسفة، والوقائع المؤلمة المترادفة، ما لو نزلت على النّهار لعاد ليلاً.

فمنها: همّ القوم بإحراق دارها ومنزلها بعد أن كانت محترمة مكرّمة، عظيمة القدر في عين الاُمّة، باختلاف أبيها في حياته إلى تلك الدّار.

ولكن يا للعجب، لسرعان ما انعكست وانقلبت في منظر بعضهم، حيث لم تمض عليهم الاّ مدّة يسيرة من وفاة أبيها حتّى كان ما كان من عمر، بأمر الخليفة الأوّل مالم يكن يتصوّر من أشجع شجاع في الإسلام، ولعلّه لم يكن مصداق قول من يقول بأشجعيّة أبي بكر وعمر إلاّ من هذا القبيل، بإقباله على دار فيه بطل الإسلام وسيّدة اُمّته، بشعلة نار ليحرقها، كما روى ذلك جماعة من أهل السّير والمؤرخين، منهم:

ابن قتيبة في كتابه الامامة والسياسة |1: 19|.

الطّبري في تاريخه في أحداث السنة الحادية عشرة.

ابن عبد ربّه في حديث السّقيفة من كتابه العقد الفريد |3: 63|.

الجوهريّ في كتاب السّقيفة، كما في شرح نهج البلاغة |1: 134|.

الشّهرستانيّ في كتابه 'الملل والنّحل' عند ذكر الفرقة النّظاميّة.

المسعوديّ في كتابه مروج الذّهب |2: 301|.

الموسوي في كتابه المراجعات |ص 252|.

محمد هيكل في كتابه أبو بكر الصدّيق |ص 68|.

عبد الفتّاح عبدالمقصود في كتابه علي بن أبي طالب |ص 226|.

أبو الفداء في تاريخه |1: 156|.

فيا ليت شعري فأيّ مسلم وأيّ صحابي أشجع منه وأجرأ فيقارنه في ذلك؟ ولذلك قال مفتخراً وممتدحاً من رأى وحسب أنّ ذلك حسنة من حسناته، ومنقبة من مناقبه العظمى في حياته حيث أنشأ قائلاً:

وقولة لعليّ قالها عمر++

أكرم بسامعها أعظم بمقيلها

حرّقت دارك لا اُبقي عليك بها++

إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها

ما كان غير أبي حفص بقائلها++

أمام فارس عدنان وحاميها

وممّا تتظلّم منه بعد وفاة أبيها، منعهم إيّاها إرث أبيها، وما أنحلها من الأنفال، وإسقاطهم سهم ذوي القربى من الخمس الخمس.

أمّا منعهم إرثها، فقد علم النّاس ما بين الزّهراء وبين أبي بكر وقتذاك، إذ أرسلت إليه تسأله ميراثها من رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" ، فقال أبو بكر: قال رسول اللّه: لا نورث ما تركناه صدقة. فغضبت وأقبلت بنفسها على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار، ثمّ أنّت أنـّةً أجهش لها القوم بالبكاء، حتّى إذا سكن نشيجهم ابتدأت في الكلام، وافتتحت بحمد اللّه فخطبت خطبتها المشهورة، المذكورة في شرح نهج البلاغة في المجلّد الرابع، وغيره من كتب السّير.

وممّا قالته لأبي بكر: أعلى عمد تركتم كتاب اللّه ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول اللّه: "وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ داوُد"الآية. وقال تعالى فيما اقتصّ من خبر زكريّا: "فهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً، يَرِثُني وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ واجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً"وقال تعالى: "وَاُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُم أوْلَى بِبَعْض في كِتَابِ اللّه" الآية. وقال تعالى: "يُوْصِيْكُمُ اللّهُ في أوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُنْثَيَيْن" إلى أن قالت "عليها السلام": أخصّكم اللّه بآية أخرج بها أبي؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمّي؟ الى آخر ما قالت له ما هو مبسوط في كتب السّير.

وأمّا منعهم ما أنحلها رسول اللّه فدكاً، حيث قالت له: لئن متّ اليوم يا أبا بكر من يرثك؟ قال: ولدي وأهلي. قالت: فلم أنت ورثت رسول اللّه دون ولده وأهله؟ قال: ما فعلت يا بنت رسول اللّه، قالت: بلى، إنّك عمدت إلى فدك، وكانت صافيةً لرسول اللّه فأخذتها منّا.

وروى الجوهريّ في كتاب السّقيفة وفدك، كما في شرح نهج البلاغة |4: 82|بالإسناد إلى أبي سلمة: أنّ فاطمة طلبت إرثها، فقال لها أبو بكر: سمعت رسول اللّه يقول: إنّ النّبيّ لا يورث، ولكن أعول على من كان النّبيّ يعوله، واُنفق على من كان النّبيّ ينفق عليه، فقالت: يا أبا بكر، أيرثك بناتك ولا يرث رسول اللّه بناته؟ فقال: هو ذاك.

قال الشاعر العربي:

ما المسلمون باُمّة لمحمّد++

كلاّ ولكن اُمّة لعتيق

جاءتهم الزّهراء تطلب حقّها++

فتقاعدوا عنها بكلّ طريق

وتواثبوا لقتال آل محمّد++

لمّا أتتهم ابنة الصدّيق

فقعودهم عن هذه وقيامهم++

مع هذه يغني عن التّحقيق

وفي نفس المصدر |4: 87| روى بالإسناد إلى عبداللّه بن الحسن بن الحسن السّبط، عن اُمّه فاطمة، قالت: لمّا اشتدّ بفاطمة بنت رسول اللّه الوجع وثقلت في علّتها، اجتمع عندها نساء المهاجرين والأنصار، فقلن لها: كيف أصبحت يا ابنة رسول اللّه؟ قالت "عليها السلام": أصبحت واللّه عائفةً لدنياكنّ وقاليةً لرجالكنّ، الخ:

ولأي الاُمور تدفن ليلاً++

بضعة المصطفى ويعفى ثراها

وفي نفس المصدر |4: 80| قال أبو بكر: يا ابنة رسول اللّه، واللّه ما خلق اللّه خلقاً أحبّ إليَّ من رسول اللّه أبيك، ولوددت أنّ السّماء وقعت على الأرض يوم مات أبوك، وواللّه لأن تفتقر عائشة أحبّ إليَّ من أن تفتقري، أرأيتني اُعطي الأبيض والأحمر حقّه وأظلمك حقّكِ وأنتِ بنت رسول اللّه؟ إنّ هذا المال لم يكن للنّبيّ، إنّما مالاً من أموال المسلمين، يحمل به النّبيّ الرّجال وينفقه في سبيل اللّه، فلمّا توفّي وليته كما كان يليه، فقالت فاطمة "عليها السلام": واللّه لا كلّمتك أبداً. قال أبو بكر: واللّه لا هاجرتك أبداً، قالت: واللّه لأدعون اللّه عليك، وقال: واللّه لأدعونّ لكِ، فلمّا حضرتها الوفاة أوصت أن لا يصلّي عليها.

وأمّا اسقاط القوم سهم ذوي القربى من الخمس الخمس الّذي فرض اللّه لهم بمحكم آياته، حتّى أتى عزّ وجلّ بأداة الشّرط في قوله: "إنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ باللّه"وذلك في آية: "وَاعْلموا أنّما غَنِمْتُمْ مِنْ شيء فأنّ لِلّه خُمُسَهُ وَللرّسُولِ وَلِذي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكين وَابْن السَّبيلِ إنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللّه" |الأنفال: 41|.

فقد أجمع أهل القبلة كافّةً على أنّ رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" كان يختصّ بسهم من الخمس، ويخصّ أقاربه بسهم آخر منه.

قال ابن هرمز فيما رواه مسلم في صحيحه |2: 105| في باب 'النّساء الغازيات' وهو آخر كتاب الجهاد والسّير: كتب نجدة بن عامر الحروري الخارجيّ إلى ابن عبّاس، فشهدت ابن عبّاس حين قرأ الكتاب وحين كتب جوابه، وقال: واللّه لولا أن أردّه عن نتن يقع فيه ما كتبت إليه، ولا نعمة عين، قال: فكتب إليه: إنّك سألتني عن سهم ذي القربى الّذي ذكرهم اللّه، من هم؟ وإنّا كنّا نرى انّ قرابة رسول اللّه هم: نحن. فأبى ذلك علينا قومنا.

وسئل الصّادق "عليه السلام" فيما رواه ابن شهرآشوب في مناقبه |2: 52 ط النجف و2: 210 ط ايران|عن الخمس، فقال: الخمس لنا فمنعنا وصبرنا.

وفيه أيضاً: كان عمر بن عبدالعزيز قد ردّ فدكاً إلى محمّد الباقر "عليه السلام" وكذلك المأمون. ونحن لا ندري في هذا الاختلاف ما بين أبي بكر وأعدل بني اُميّة عمر بن عبدالعزيز، أيّ الرّجلين كان أهدى للحقّ، فيا هل ترى ماذا يقال فيمن حرمت عليهم الصّدقة، وفرضت لهم الكرامة والمحبّة؟ وقد كانوا يتكفّفون صبراً، ويهلكون فقراً، يرهن أحدهم سيفه، ويبيع آخر ثوبه، وينظر الى فيئه بعين مريضة، ويتشدّد على دهره بنفس ضعيفة، ليس له ذنب إلاّ أنّ جدّه النبيّ وأباه الوصيّ. قال السيّد الرّضيّ:

رمونا كما ترمى الظّماء عن الرّوي++

يذودوننا عن إرث جدٍّ ووالد

بنى لهم الماضون أساس هذه++

فعلوا على بنيان تلك القواعد

وقال دعبل:

أرى فيئهم في غيرهم متقسّماً++

وأيديهم من فيئهم صفرات

وقال أبو فرّاس:

الحقّ مهتضم والدّين مخترم++

وفيء آل رسول اللّه مقتسم

وقال الصاحب:

أيا اُمّة أعمى الضّلال عيونها++

وأخطأها نهج من الرّشد لاحب

أأسلافكم أودوا بآل محمّد++

حروباً سيدري كيف منها العواقب

وأنتم على آثارهم واختيارهم++

تميتونهم جوعاً فهذي المصائب

دعوا حقّهم ما يبتغون جداكم++

وخلّوا لهم من فيئهم لا يساغبوا

ألا ساء ذا عاراً على الدّين ظاهراً++

يسير إليه الأجنبيّ المحارب

إذا كانت الدّنيا لآل محمّد++

وأولاده غرثى يليها المحازب

ومن كثرة الظّلم دفن الإمام "عليه السلام" فاطمة "عليها السلام" ليلاً، وأوصى بدفن نفسه سرّاً، ولقد هدم سعيد بن العاص دار عليٍّ والحسن والحسين وعقيل "عليهم السلام" من قبل يزيد، وهدم عبدالملك بن مروان بيت عليّ الّذي كان في مسجد المدينة.

وأمر المتوكّل بتحرير قبر الحسين "عليه السلام" وأصحابه، وكرب موضعها، وإجراء الماء عليها، وقتل زوّارها، وسلّط قوماً من اليهود حتّى تولّوا ذلك إلى أن قتل المتوكّل، فأحسن المنتصر سيرته، وأعاد التّربة في أيّامه.

وحرّق المعتزّ المشهد بمقابر قريش على ساكنه السّلام. وكان الصّادق يتمثّل:

لآل المصطفى في كلّ يوم++

تجدّد بالأذى زفر جديد

وقال الزاهي:

أين بنو المصطفى الّذين على++

الخلق جميعاً هواهم فرضا

أين المصابيح للظّلام ومن++

عليَّ في الذّرّ حبّهم فرضا

أين النجار التي محضت لها++

وحق مثلي لودها محضا

أين بنو الصّوم والصّلاة ومن++

ابرامهم في الإله ما انتقضا

أين الجبال التي يضيق بها++

عند اتّساع العلوم كلّ فضا

تشتّتوا في الورى فأصبحت الأجـ++

ـفان قرحى بدمعها فضضا

وذبحوا في الثّرى على ظمأ++

فانحطّ عزّ العزاء وانخفضا

راجع: مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب السروي |2: 210 ـ 212|.

وقد ذكر المفسّرون في تفاسيرهم إسقاط القوم سهم ذوي القربى من الخمس الخمس، عند قولهم في آية: "وَاعْلَمُوا اَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيء" |الأنفال: 41|.

ففي تفسير الشّوكاني في فتح القدير |2: 312| وفي جامع البيان للطّبري |1: 6|وفي تفسير النيسابوري هامش جامع البيان |10: 4| وفي الكشّاف للزّمخشري |2: 159| وفي مجمع البيان للطّبرسي |2: 672| وفي تفسير ابن كثير |2: 312|وفي شرح النّهج لابن أبي الحديد |2: 156|.

ولقد استرسل القلم حتّى أدخلنا في هذه المسألة المشكلة، وأخرجنا عمّا نحن بصدده، وعلى كلّ تقدير انّ القارئ النّابه الناقد بعد أن وقف على ما احتجّ به أبو بكر من الحديث، وما أقامت الزّهراء من الحجج القرآنيّة لم يخرج إلاّ بوهن حجّة أبي بكر، وسقوطها عن ميزان الاعتبار من وجوه:

الأوّل: إنّ وجود التّعارض بين الحديث الّذي أورده أبو بكر وبين آيات الذّكر الحكيم التي احتجّت بها الزّهراء لممّا يغني البصير المنصف عن تحقيق صحّة الحديث أو بطلانه.

فإن قيل: إنّ معنى الميراث في مضمون هذه الآية، هو: النّبوّة أو العلم.

فنقول: إذن كان خوف زكريّا "عليه السلام" من أن يرث الموالي من ورائه من المستبعد جدّاً عن نطاق الفهم. على أنّ زكريّا أعزّ أن لا يعلم بأنّ اللّه أعلم حيث يجعل رسالته. ولكان دعاؤه لوليّه أن يجعله اللّه رضيّاً بالنّبوّة أو العلم لمن أغرب غريب عن مستوى معناه. وذلك في قوله تعالى: "رَبِّ هَبْ لِيْ مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً، يَرِثُني وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ واجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً" |مريم: 5 ـ 6|.

الثّاني: إنّ الحديث الّذي احتجّ به أبو بكر على فرض صحّته، كان من الأحاديث الآحاد، وإلاّ فقد كان في حياة المشرّع الأعظم مجهولاً لدى الاُمّة، غريباً عن مسامعهم، بل لا ذكر له ولا ذاكر بعد وفاته أيضاً، حتّى إذا جاءت إليه الزّهراء "عليها السلام" ، تطالب بميراثها ونحلتها فاستحضره أبو بكر من خفيّ غيبته، واستقدمه من طول غربته. ففاجأها به "عليها السلام" وكافّة بني هاشم طرّاً، حتّى خليل النّبوّة، والمخصوص بالاُخوّة.

أفترى أنـّه من المحتمل أن يكتم رسول اللّه أمراً ذا علاقة بالإرث والميراث عن ورثته. ويخبر به من هو غير الأولى بعلمه ومعرفته؟ هيهات أن يتصوّر صدور ذلك منه؛ لما يستلزم التّنقّص في حقّه والتّقصير في حقّهم. واللّه أعلم.

الثّالث: إنّ فدكاً كانت نحلةً لفاطمة أنحلها أبوها، لمّا أنزل اللّه عزّ وجلّ: "فَآتِ ذَا القُرْبَى حَقّهُ" |الروم: 38| كما ذكره الإمام الطّبرسي في تفسيره |4: 395|والشّوكاني في تفسيره فتح القدير |5: 224| وغيرهما.

قال الإمام الفخر الرّازيّ: فلمّا مات رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" ادّعت فاطمة "عليها السلام" أنـّه "صلى الله عليه وآله" كان نحلها فدكاً، فقال أبو بكر: أنت أعزّ النّاس عليَّ فقراً، وأحبّهم إليَّ غنىً، لكنّي لا أعرف صحّة قولك، فلا يجوز أن أحكم لكِ. فشهدت لها اُمّ أيمن ومولى رسول اللّه "صلى الله عليه وآله".

أقول: هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" ، وهذا ممّا لا ريب فيه، وكأنّ الرّازيّ استفظع ردّ شهادة عليّ احتراماً له ولأبي بكر، فلم يصرّح باسمه، فكنى عنه بمولى رسول اللّه.

وروى ابن حجر في صواعقه آخر |ص 21| في الشّبهة السّابعة من شبه الرّافضة، وإليك لفظه: ودعوى فاطمة أنـّه "صلى الله عليه وآله" نحلها فدكاً لم تأت عليها إلاّ بعليّ واُمّ أيمن، فلم يكمل نصاب البيّنة.

ومن المعجب جدّاً لمن كان مثلي، كيف يرتاب الصّدّيق في صدق دعوى الزّهراء وهي بنت رسول اللّه الطّاهرة المطهّرة من الأرجاس بنصّ آية التّطهير، وأبو بكر أجلّ من أن لا يعرفها، وأكرم من أن يكون أقلّ الصّحابة معرفةً بفضلها.

أيتصوّر من كان مثله أن يتّهم الزّهراء بالكذب، وهو مالا يتصوّر صدوره من أجهل الصّحابة؟ وإن كان فيه أدنى شيء من ذلك، ومعاذ اللّه أن يكون فيه وحاشاه، فقد شهد لها زوجها، وهو علي بن أبي طالب، الذي لا يجهل فضله وأمانته وإخلاصه ووفاءه في الدّين مسلم قريب العهد في الاسلام، فضلاً عن أوّل من أسلم.

وقد شهدت لها أيضاً مولاة رسول اللّه وحاضنته، وهي اُمّ أيمن الّتي قال فيها "صلى الله عليه وآله" كما في ترجمتها من الإصابة: اُمّ اَيمن اُمّي بعد اُمّي.

وقال "صلى الله عليه وآله" فيها أيضاً: هذه بقيّة أهل بيتي.

وقال أيضاً: إنّها من أهل الجنّة.

أنا لا أدري، أفهل يختلج ريب في قلب فيه ذرّة من الإيمان في صدق قولهم حيث يتّهمون بالكذب؟

وإن قيل: إنّما فعل ذلك الصّدّيق عملاً بالحكم الشّرعيّ، ولمّا لم تتمّ البيّنة بشهادة رجل وامرأة رفضهم كلّهم.

نقول: هذا هو المحتمل يقيناً ولاشكّ فيه!

بل ونقول: يا نعم ويا حبّذا له، فأكرم به من حاكم شديد في دين اللّه عزّ وجلّ، ولكن يا للأسف لعلّه نسي حيث لم يستحلفها أو يستحلف أحد الشّاهدين، حتّى يقف على جليّة الأمر، كما أنـّه نسي استحلاف جابر ومطالبته بالبيّنة حين قال: وعدني رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" عند مجيء مال البحرين أن يحثني ثلاث حثيات، فحثا له ذلك. كما رواه البخاريّ في صحيحه |2: 92 ط دار الفكر لبنان| من كتاب الهبة وفضلها باب 'اذا وهب هبةً أو وعد'.

وذلك: حدّثنا عليّ بن عبداللّه، حدّثنا سفيان، حدّثنا ابن المنكدر، سمعت جابراً "رضي الله عنه" ، قال: قال لي النبيّ "صلى الله عليه وآله": لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا ثلاثاً، فلم يقدم حتّى توفّي النّبيّ "صلى الله عليه وآله" فأمر أبو بكر منادياً فنادى: من كان له عند النبيّ "صلى الله عليه وآله" عدة أو دين فليأتنا، فأتيته فقلت: إنّ النّبيّ وعدني، فحثا لي ثلاثاً.

فلعلّ أحسن ما يقوله الخائض في هذه المسألة: أنـّه لم يكن يتصمّم أبو بكر فيما هو عليه، إلاّ لرأي ارتآى له ما تعود مصلحته لعوام الاُمّة أو خاصّتها، وإلاّ فانّ ذا الشّهادتين لم يكن بمعزل عنه، ولا كان خبره مجهولاً لديه، ولم يكن فيما نظنّ به بأجلّ وأعظم في عين أبي بكر من عليّ حتّى يردّ شهادته.

وخبر ذي الشّهادتين قد أخرجه المتّقي الهندي في أواخر |ص 178| من منتخب الكنز بهامش الجزء الخامس من مسند الإمام أحمد. وابن عبدالبرّ في الإستيعاب في ترجمة خزيمة بن ثابت، والحاكم في مستدركه |3: 396| والذّهبي في تلخيصه بهامش المستدرك، والدّميري في حياة الحيوان |2: 169| في باب 'فرس' وغيرهم.

ولعمر اللّه إنّ عليّاً أولى بهذا من خزيمة وغيره، وأحقّ بكلّ فضيلة من سائر أبدال المسلمين، لما منّ اللّه عليه بمتنوّعات الكرامة والفضل، منها ما يعقله العقلاء، ومنها ما لا يحتمله العقل، كما هو مسجّل في كتب أهل الأخبار والنّقل.

منها: ما عقده ابن شهرآشوب في مناقبه |2: 120 ط النجف و 2: 287 ط ايران|عن أنس، عن عمر بن الخطاّب: أنّ عليّاً رأى حيّةً تقصده وهو في المهد، وقد شدّت يداه في حال صغره، فحوّل نفسه فأخرج يده وأخذ بيمينه عنقها، وغمزها غمزةً حتىّ أدخل أصابعه فيها وأمسكها حتّى ماتت، فلمّا رأت ذلك اُمّه نادت واستغاثت، فاجتمع الحشم، ثمّ قالت: كأنّك حيدرة. وإلى ذلك أشار الحميري:

ويا من اسمه في الكتب++

معروف به حيدر

وسمّته به اُمّ++

له صادقة المخبر

وقال دعبل:

أبو تراب حيدرة++

ذاك الإمام القسورة

مبيد كلّ الكفرة++

ليس له مناضل

مبارز ما يهب++

وضيغم ما يغلب

وصادق لا يكذب++

وفارس محاول

سيف النّبيّ الصادق++

مبيد كلّ فاسق

بمهرهف ذي بارق++

أخلصه الصّياقل

وعن جابر الجعفيّ قال: كانت ظئرة عليّ "عليه السلام" التيّ أرضعته امرأة من بني هلال، قد خلفته في خبائها مع أخ له من الرّضاعة، وكان اكبر منه سنّاً بسنة، وكان عند الخباء قليب، فمرّ الصّبيّ نحو القليب ونكس رأسه فيه، فتعلّق بفرد قدميه وفرد يديه، أمّا اليد ففي فم عليّ، وأمّا الرجلّ ففي يديه، فجاءت اُمّه فنادت في الحيّ: يا للحيّ من غلام ميمون أمسك على ولدي، فمسكوا الطّفل من رأس القليب، وهم يعجبون من قوّته وفطنته. فسمّته اُمّه مباركاً.

وكان الغلام في بني هلال يعرف: بمعلّق الميمون، وولده الى اليوم.

قال العوني:

واسم أخيه في بني هلال++

فاسأل به إن كنت ذا سؤال

معلّق الميمون ذا المعالي++

يذكره القوم على اللّيالي

موهبة خصّ بها صبيّا++

وكان ابو طالب يجمع ولده وولد إخوته، ثمّ يأمرهم بالصّراع، وذلك خلق في العرب، فكان "عليه السلام" يحسر عن ذراعيه وهو طفل ويصارع كبار إخوته وصغارهم، وكبار بني عمّه وصغارهم فيصرعهم، فيقول أبوه: ظهر عليّ، فسمّاه ظهيراً. قال العوني:

هذا وقد لقّبه ظهيراً++

أبوه إذ عاينه صغيراً

يصرع من إخوته الكبيرا++

مشمّراً عن ساعد تشميرا

تراه عبلاً فتلاً قويّا++

وانه "عليه السلام" لم يمسك بذراع رجل إلاّ مسك بنفسه، فلم يستطع أن يتنفس، وكان منه في ضرب يده في الاُسطوانه حتّى دخل إبهامه وهو باق في الكوفة، وكذلك مشهد الكفّ في تكريت وموصل وقطيعة الدقيق وغير ذلك، ومنه أثر سيفه في صغرة جبل ثور عند غار النّبيّ.

فلمّا ترعرع "عليه السلام" كان يصارع الرّجل الشّديد فيصرعه، ويعلق بالجبار بيده ويجذبه فيقتله، وربّما قبض على مراق بطنه ورفعه الى الهواء، وربّما يلحق للحصان الجاري فيصدمه فيردّه على عقبيه.

وكان "عليه السلام" يأخذ من رأس الجبل حجراً ويحمله بفرد يديه، ثمّ يضعه بين يدي النّاس، فلا يقدر الرّجل والرّجلان والثّلاثة على تحريكه، حتّى قال أبو جهل فيه:

يا أهل مكّة إنّ الذّبح عندكم++

هذا عليّ الّذي قد جلّ في النّظر

ما ان له مشبه في النّاس قاطبةً++

كأنـّه النّار ترمي الخلق بالشّرر

كونوا على حذر منه فإنّ له++

يوماً سيظهره في البدو والحضر

وعن أبي سعيد الخدريّ، وجابر الأنصاري، وعبداللّه بن عبّاس في خبر طويل أنـّه قال خالد بن الوليد: أتى الاصلع ـ يعني عليّاًـ عند منصرفي من قتال أهل الرّدّة في عسكري، وهو في أرض له، وقد ازدحم الكلام في حلقه كهمهمة الأسد، وقعقعة الرّعد، فقال لي عليّ: ويلك أكنت فاعلاً؟ فقلت: أجل، فاحمرّت عيناه، وقال: يا ابن اللخناء أمثلك يقدم على مثلي، أو يجسر أن يدير اسمي في لهواته؟

ثمّ قال خالد: فنكّسني الرّحى عن فرسي، ولا يمكنني الامتناع منه، فجعل يسوقني إلى رحىً للحارث بن كلدة، ثمّ عمد إلى قطب الرّحى الحديد الغليظ الذي عليه مدار الرّحى، فمدّه بكلتا يديه ولوّاه في عنقي كما يتفتّل الأديم، وأصحابي كأنـّهم نظروا الى ملك الموت، فأقسمت عليه بحقّ اللّه ورسوله، فاستحى وخلّى سبيلي.

قال: فدعا أبو بكر جماعة من الحدّادين، فقالوا: إنّ فتح هذا القطب لايمكننا إلاّ أن نحميه بالنّار، فبقي في ذلك أيّاماً، والنّاس يضحكون منه، فقيل: إنّ عليّاً قد جاء من سفره، فأتى أبو بكر إلى عليّ يشفع إليه في فكّه، فقال عليّ: إنّه لمّا رأى تكاثف جنوده وكثرة جموعه أراد أن يضع منّي في موضعي، فوضعت منه عندما خطر بباله، وهمّت به نفسه.

ثمّ قال: وأمّا الحديد الذي في عنقه، فلعلّه لا يمكنني في هذا الوقت فكّه، فنهضوا بأجمعهم وأقسموا عليه، فقبض عليّ على رأس الحديد من القطب، فجعل يفتل منه يمينه شبراً شبراً فيرمي به، وهذا كقوله تعالى: "وَألَنَّا لَهُ الحَدِيد"|سبأ: 10|.

وفي رواية أبي ذرّ: أنّ أمير المؤمنين أخذه بأصبعه السّبّابة والوسطى، فعصره عصرةً، فصاح خالد صيحة منكرة، وأحدث في ثيابه وجعل يضرب برجليه.

وفي رواية البلاذري: أنّ أمير المؤمنين أخذه بأصبعيه السّبّابة والوسطى في حلقه، وشاله بهما وهو كالبعير عظماً، وضرب به الأرض.

وروى أهل السّير، عن حبيب بن الجهم، وأبي سعيد التّميمي، والنّطنزي في الخصائص، والاعثم في الفتوح والطّبري في كتاب الولاية باسناد له عن محمّد بن القاسم الهمداني، وأبو عبداللّه البرقي، عن شيوخه، عن جماعة من أصحاب عليّ: أنـّه نزل أمير المؤمنين "عليه السلام" بالعسكر عند وقعة صفّين في قرية 'صندودياء' فقال مالك الأشتر لأمير المؤمنين "عليه السلام": ينزل النّاس على غير ماء، فقال "عليه السلام": يا مالك إنّ اللّه سيسقينا في هذا المكان، إحتفر أنت وأصحابك.

فاحتفروا، فاذا هم بصخرة سوداء عظيمة فيها حلقة لجين، فعجزوا عن قلعها وهم مائة رجل، فرفع أمير المؤمنين يده إلى السّماء، وهو يقول: طاب طاب يا عالم يا طيبوثا بوثة شميا كرباجا نوثا توذيثا برجوثا، آمين آمين يا ربّ العالمين، يا ربّ موسى وهارون، ثمّ اجتذبها، فرماها عن العين أربعين ذراعاً، فظهر ماء أعذب من الشّهد، وأبرد من الثلج، وأصفى من الياقوت، فشربنا وسقينا، ثمّ ردّ الصّخرة وأمرنا أن نحثو عليها التّراب.

فلمّا سرنا غير بعيد، قال: من منكم يعرف موضع العين؟ قلنا: كلّنا، فرجعنا فخفي مكانها علينا، فإذا راهب مستقبل من صومعة، فلمّا بصر به أمير المؤمنين قال: شمعون؟ قال: نعم هذا إسمي سمّتني به اُمّي، ما اطّلع عليه إلاّ اللّه، ثمّ أنت، قال: وما تشاء يا شمعون؟ قال: هذا العين واسمه، قال "عليه السلام": هذا عين زاحوما ـ وفي نسخة: راجوه ـ وهو من الجنّة شرب منها ثلاثمائة نبي وثلاثة عشر وصيّاً، وأنا آخر الوصيّين شربت منه.

قال الرّاهب: هكذا وجدت في كتب الإنجيل، وهذا الدّير بني على قالع هذه الصّخرة، ومخرج الماء من تحتها، ولم يدركه عالم قبلي غيري، وقد رزقنيه اللّه، وأسلم.

وفي رواية أنّ العين 'جبّ شعيب' ثمّ رحل أمير المؤمنين والرّاهب يقدمه حتّى نزل صفّين، فلمّا التقى الصّفّان، كان أوّل من أصابته الشّهادة، فنزل أمير المؤمنين وعيناه تهملان وهو يقول: المرء مع من أحبّ، الرّاهب معنا يوم القيامة.

وفي رواية عبداللّه بن أحمد بن حنبل، حدّثنا أبو محمّد الشّيباني، حدّثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي سعيد التّميميّ، قال: فسرنا فعطشنا، فقال بعض القوم: لو رجعنا فشربنا، قال فرجع اُناس وكنت فيمن رجع، قال: فالتمسنا فلم نقدر على شيء فأتينا الرّاهب، قال: فقلنا: أين العين الّتي هاهنا؟ قال: أيّة عين؟ قلنا: الّتي شربنا منها، واستقينا وسقينا، فالتمسناها فلم نجدها، قال الرّاهب: لا يستخرجها إلاّ نبيّ أو وصيّ.

وقال السّروجيّ:

وصخرة الرّاهب عن قليبه++

أقلبها كمثل شيء يحتقر

حتّى إذا ما شربوا أوردها++

إلى المكان عاجلاً بلا ضجر

فأبصر الرّاهب أمراً قد علا++

عن بشر يفعل أفعال القدر

آمن باللّه تعالى وأتى++

إلى الإمام تارك الدّين ستر

راجع: المناقب لابن شهرآشوب |2: 287 ـ 293|.

ومن نواقض العادات قلعه باب خيبر


روى الإمام أحمد بن حنبل، عن مشيخته، عن جابر بن عبداللّه الأنصاري: أنّ النّبيّ "صلى الله عليه وآله" دفع الرّاية إلى عليّ "عليه السلام" في يوم خيبر بعد أن دعا له، فجعل يسرع السّير وأصحابه يقولون له: أرفق، حتّى انتهى إلى الحصن فاجتذّ بابه، فألقاه على الأرض، ثمّ اجتمع منّا سبعون رجلاً، وكان جهدهم أن أعادوا الباب.

وعن أبي عبداللّه الحافظ بإسناده إلى أبي رافع: لمّا دنا عليّ من القموص أقبلوا يرمونه بالنّبل والحجارة، فحمل حتّى دنا من الباب، فاقتلعه، ثمّ رمى به خلف ظهره أربعين ذراعاً، ولقد تكلّف حمله أربعون رجلاً فما أطاقوه، قال الحميري:

وألقى باب حصنهم بعيداً++

ولم يك يستقلّ بأربعينا

وعن أبي القاسم محفوظ البستيّ في كتاب الدّرجات: أنـّه حمل بعد قتل مرحب عليهم فانهزموا، فتقدّم عليّ إلى باب الحصن وضبط حلقته، وكان وزنها أربعين منّاً ـ والمنّ عبارة عن 280 مثقالاًـ وهزّ الباب فارتعد الحصن بأجمعه حتّى ظنّوا زلزلةً، ثمّ هزّه مرّة اُخرى فقلعه، ودحا به في الهواء أربعين ذراعاً.

وعن أبي سعيد الخدريّ: ولمّا هزّ علي حصن خيبر، قالت صفيّة: قد كنت جلست على طاق كما تجلس العروس، فوقعت على وجهي فظننت زلزلةً، فقيل لي: هذا عليّ هزّ الحصن يريد أن يقلع الباب.

وفي حديث أبان، عن زرارة، عن الباقر "عليه السلام": فاجتذبه اجتذاباً وتترّس به، ثمّ حمله على ظهره واقتحم الحصن اقتحاماً، واقتحم المسلمون والباب على ظهره.

وفي كتاب الارشاد للشّيخ أبي عبداللّه المفيد، المتوفّى سنة "413". قال جابر بن عبداللّه الانصاريّ: إنّ عليّاً حمل الباب يوم خيبر، حتّى صعد المسلمون عليه ففتحوها، وأنـّهم جرّبوه بعد ذلك، فلم يحمله أربعون رجلاً، رواه أبو الحسن الورّاق المعروف بغلام المصريّ، عن ابن جرير الطّبريّ التّاريخيّ. وفي رواية جماعة: خمسون رجلاً، وفي رواية أحمد: سبعون رجلاً.

وروى ابن جرير الطّبريّ صاحب كتاب المسترشد: أنـّه حمل بشماله، وهو أربعة أذرع في خمسة أشبار في أربع أصابع عمقاً، حجراً أصلد دون يمينه، فأثّرت فيه أصابعه، وحمله بغير مقبض، ثمّ تترّس به فضارب الأقران حتّى هجم عليهم، ثمّ زجّه من ورائه أربعين ذراعاً.

قال ديك الجن:

سطا يوم بدر بأبطاله++

وفي اُحد لم يزل يحمل

وعن بأسه فتحت خيبر++

ولم ينجها بابها المقفل

دحا أربعين ذراعاً به++

هزبر به دانت الأشبل

وفي رامش أقراني: كان طول الباب ثمانية عشر ذراعاً، وعرض الخندق عشرون، فوضع جانباً على طرف الخندق وضبط جانباً حتّى عبر عليه العسكر وكانوا ثمانية آلاف وسبعمائة رجل، وفيهم من كان يتردّد ويخفّ عليه. أي: يسرع.

وعن أبي عبداللّه الجذليّ، قال عمر لعليّ: لقد حملت منه ثقلاً، فقال "عليه السلام": ما كان إلاّ مثل جُنّتي الّتي في يدي.

وفي رواية أبان، قال: فو اللّه ما لقي عليّ من البأس تحت الباب أشدّ ما لقي من قلع الباب.

وفي الارشاد |ص 128|: أنـّه لمّا انصرفوا من الحصون، أخذه عليّ بيمناه، فدحا به أذرعاً من الأرض، وكان الباب يغلقه عشرون رجلاً.

وفي رواية عليّ بن الجعد، عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن ابن عبّاس في خبر طويل: وكان لا يقدر على فتحه إلاّ أربعون رجلاً.

وفي تاريخ الطّبريّ عن أبي رافع، قال: سقط ترس عليّ من شماله، فقلع بعض أبوابه وتترّس بها، فلمّا فرغ عجز خلق كثير عن تحريكها.

قال ابن زريك:

والباب لمّا دحاه وهو في سغب++

من الصّيام وما يخفى تعبّده

وقلقل الحصن فارتاع اليهود له++

وكان أكثرهم عمداً يفنده

نادى بأعلى العلى جبريل ممتدحاً++

هذا الوصيّ وهذا الطّهر أحمده

قال بعض الأنصار:

إنّ امرأً حمل الرّتاج بخيبر++

يوم اليهود بقدوة لمؤيّد

حمل الرّتاج رتاج باب قموصها++

والمسلمون وأهل خيبر شهد

فرمى به ولقد تكلّف ردّه++

سبعون كلّهم له متسدّد

ردّوه بعد تكلّف ومشقّة++

ومقال بعضهم لبعض أزدد

راجع: مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب السروي |2: 293 ـ 297|.

/ 122