مقتطفات جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقتطفات - جلد 1

عیدروس ابن رویش

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الوضّاعون المحتسبون لمرضاة الملوك والوُلاة


أمّا من كانوا يضعون الأحاديث الكاذبة، والروايات الباطلة، ويبتغون بها الجزاء من الملوك والاُمراء، فقد نبّأنا ابن أبي الحديد بما رواه في شرح نهج البلاغة |3: 15|.

قال: وروى أبو الحسن علي بن محمّد بن أبي سيف المدائني في كتاب الأحداث، قال: كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمّة ممّن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته. فقامت الخطباء في كلّ كورة وعلى كلّ منبر يلعنون عليّاً، ويبرؤون منه، ويقعون فيه وفي أهل بيته.

وكان أشدّ الناس بلاءً حينئذ أهل الكوفة؛ لكثرة من بها من شيعة علي "عليه السلام"، فاستعمل عليهم زياد بن سميّة، وضمّ إليه البصرة، فكان يتتبّع الشيعة وهو بهم عارف؛ لأنـّه كان منهم أيّام علي "عليه السلام"، فقتلهم تحت كلّ شجر ومدر، وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشرّدهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم.

وكتب معاوية إلى عمّاله في جميع الآفاق: أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة.

وكتب إليهم: أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبّيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه، فادنوا مجالسهم وقرّبوهم وأكرموهم، واكتبوا إليّ بكلّ من يروي كلّ رجل اسمه واسم أبيه وعشيرته. ففعلوا ذلك حتّى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه، لِما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع، ويفيضه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك في كلّ مصر، فتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجيء أحد مردود من الناس عاملاً من عمّال معاوية، فيروي في عثمان فضيلةً أو منقبةً إلاّ كتب اسمه وقرّبه وشفّعه، فلبثوا في ذلك حيناً.

ثمّ كتب إلى عمّاله: إنّ الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كلّ مصر وفي كلّ وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين، ولا تتركوا خبراً من المسلمين في أبي تراب إلاّ وائتوني بمناقض له في الصحابة، فإنّ هذا أحبّ إليّ وأقرّ لعيني، وأدحض لحجّة أبي تراب وشيعته، وأشدّ عليهم من مناقب عثمان وفضله.

فقرئت كتبه على الناس، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها، وجدّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى، حتّى أشادوابذكر ذلك على المنابر، وألقي إلى معلّمي الكتاتيب، فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع، حتّى رووه وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن، وحتّى علّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم، فلبثوا في ذلك ما شاء اللّه.

ثمّ كتب إلى عمّاله نسخةً واحدة إلى جميع البلدان: اُنظروا إلى من قامت عليه البيّنة أنـّه يحبّ عليّاً وأهل بيته، فامحوه من الديوان، واسقطوا عطاءه ورزقه.

وشفع ذلك بنسخة اُخرى: من اتّهمتموه بموالاة هؤلاء القوم، فنكّلوا به واهدموا داره، فلم يكن البلاء أشدّ ولا أكثر منه بالعراق، لا سيّما بالكوفة، حتّى أنّ الرجل من شيعة علي "عليه السلام" ليأتيه من يثق به، فيدخل بيته، فيلقي إليه سرّه ويخاف من خادمه ومملوكه، ولا يحدّثه حتّى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمنّ عليه، فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة.

وكان أعظم الناس في ذلك بليّةً القرّاء المراؤون، والمستضعفون من أهل الخشوع والنسك، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم، ويقرّبوا مجالسهم، ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل، حتّى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديّانين الذين لا يستحلّون الكذب والبهتان، فقبلوها ورووها وهم يظنّون أنـّها حقّ، ولو علموا أنـّها باطلة لما رووها ولا تديّنوا بها.

فلم يزل الأمر كذلك حتّى مات الحسن بن علي عليهما السلام، فازداد البلاء والفتنة، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلاّ وهو خائف على دمه، أو طريد في الأرض.

ثمّ تفاقم الأمر بعد قتل الحسين "عليه السلام"، وولّي عبدالملك بن مروان: فاشتدّ على الشيعة، وولّى عليهم الحجّاج بن يوسف، فتقرّب إليه أهل النسك والدين ببغض علي وموالاة أعدائه، فأكثروا في الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم، وأكثروا من الغضّ من علي "عليه السلام" وعيبه والطعن فيه.

قال ابن أبي الحديد: وقد روى ابن عرفة المعروف بابن نفطويه، وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم في تاريخه ما يناسب هذا الخبر، وقال: إنّ أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة اُفتعلت في أيّام بني اُميّة، تقرّباً إليهم بما يظنّون أنـّهم يرغمون به اُنوف بني هاشم. إلى آخر كلامه.

الوضّاعون لخدمة مبدأ أو لتعظيم إمام أو لتأييد مذهب


فقد رأينا فيما مرّ أنّ الكثير من الوضّاعين لا يخلو أحدهم من أن يكون إماماً يُقتدى به، أو خطيباً مفوّهاً، قد اكتنفه جمع من الاُمّة يصغون إليه، أو حافظاً مشهوراً يتلقّى منه المحدّثون ثقةً بهم منهم، لما ظهرت فيهم ملامح الصلاح والاستقامة والنسك.

ثمّ إنّهم لمّا كانوا من مختلف المذاهب، فممّا لا عجب إذن أن لو كان كلّ واحد منهم يؤيّد مبدأه، وينصر مذهبه، ويعظّم إمامه بالروايات الموضوعة، والأخبار المختلقة، فريةً على رسول اللّه "صلى الله عليه وآله وسلم"، لشدّة ما بلغ بهم من التعصب المذهبي الناشئ من اختلافات عقائديّة، فبذلك اتّقدت نار العداوة والتباغض بين المسلمين، فتفارقوا وانقسموا فحلّ عليهم الضعف والهوان، فتحقّقت بذلك أهداف أعداء الدين من الكفّار والمنافقين والمستعمرين.

ثم إنّهم لمّا رأو مالديهم من التنافر والاختلاف، وسّعوا الهوّة ما بين كلّ فريق منهم، فتكاثر الافتعال ووقوع التضارب بين رجال المذاهب حتّى أنّ من كان منهم لم تساعده مقدرته لاقتراف تلك الأفعال الشنيعة والأعمال الفاحشة، عادوا إلى رؤيا مناميّة، وأتوا إلى الناس بمختلقات الأطياف حول المذاهب ورجالاتها.

/ 122