مقتطفات جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مقتطفات - جلد 1

عیدروس ابن رویش

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


التخطّي في الاجتهاد منشأ الاختلاف


وأمّا ما ارتأى لبعضهم بأنّ الاجتهاد منشأه الاختلاف، فلولاه لما اتّسعت دائرة العلوم والمعارف، واستدلوا في ذلك بالحديث المروي عن عمرو بن العاص، وعن أبي هريرة، بطريق عبدالرزّاق عن معمّر، الذي قال البخاري فيه: أخشى أن يكون وهم فيه ـ اي في إسناده ـ.

ولفظ الحديث: اذا حكم الحاكم واجتهد وأصاب فله أجران، وإن اجتهد وأخطأ فله أجر.

فقد اختلف الفقهاء في تأويل هذا الحديث، كما ذكره ابن عبدالبرّ في كتابه جامع بيان العلم |2: 86| فقال قوم منهم: لا يؤجر من أخطأ؛ لأنّ الخطأ لا يؤجر أحد عليه، وحسبه أن يرفع عنه المأثم، وردّوا ذلك الحديث بقوله "صلى الله عليه وآله": تجاوز اللّه لاُمّتي عن خطئها ونسيانها.

وبحديث القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنّة. فأمّا اللذين في النار: فرجل جار متعمّداً فهو في النار، ورجل إجتهد فأخطأ فهو في النار. وأمّا الذي في الجنّة، فرجل إجتهد فأصاب الحقّ فهو في الجنّة. قال قتادة: فقلت لأبي العالية: ما ذنب هذا الذي اجتهد فأخطأ؟ قال: ذنبه أن لا يكون قاضياً إذا لم يعلم. وأمّا الشافعي، فإنّه قال: لا يؤجر على الخطأ؛ لأنّ الخطأ في الدين لا يؤجر به أحد، وإنّما يؤجر لإرادته الحقّ الذي أخطأه.

قال المزني: أثبت الشافعي في قوله هذا، أنّ المجتهد المخطئ أحدث في الدين ما لم يؤجر به ولم يُكلّفه، وانّما اُوجر في نيّته لا في خطئه.

وأمّا مالك فإنّه قال: من سعادة المرء أن يوفّق في الصواب والخير. ومن شقوة المرء أنـّه لا يزال يخطئ. فهذا دليل على أن المخطئ عنده وان اجتهد فليس بمرضيّ الحال.

وأمّا أبو حنيفة، فقد اختلف قوله في هذ الباب، فمرّة يقول: أمّا أصحاب رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" فآخذ بقول من شئت منهم، ولا أخرج عن قول جميعهم، وإنّما يلزمني النظر في أقاويل من بعدهم من التابعين ومن دونهم.

قال ابن عبدالبرّ: جعل للصحابة في ذلك ما لم يجعل لغيرهم، وأظنّه مال إلى ظاهر حديث 'أصحابي كالنجوم' واللّه أعلم. وإلى نحو هذا كان أحمد بن حنبل يذهب.

وذكر العقيلي قال: حدّثنا هارون بن علي المقري، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالرحمن الصيرفي، قال: قلت لأحمد بن حنبل: إذا اختلف أصحاب رسول اللّه "صلى الله عليه وآله"في مسألة هل يجوز لنا أن ننظر في أقوالهم لنعلم مع من الصواب منهم فنتبعه؟ فقال لي: لا يجوز النظر بين أصحاب رسول اللّه "صلى الله عليه وآله"، فقلت: كيف الوجه في ذلك؟ قال: تقلّد أيّهم أحببت.

قال أبو عمر: لم ير النظر فيما اختلفوا فيه خوفاً من التطرّق إلى النظر فيما شجر بينهم وحارب فيه بعضهم بعضاً. وقد روى السمتي عن أبي حنيفة أنـّه قال في قولين للصحابة، أحد القولين خطأ، والمأثم فيه موضوع.

وقال أيضا كما في |ص 103| من كتابه المذكور: وقد اختلف أصحاب رسول اللّه "صلى الله عليه وآله"، فخطّأ بعضهم بعضاً، ونظر بعضهم في أقاويل بعض وتعقّبها، ولو كان قولهم كلّه صواباً عندهم لما فعلوا ذلك.

وقد جاء عن ابن مسعود في غير مسألة أنـّه قال: أقول فيها برأيي، فإن يك صواباً فمن اللّه، وإن يك خطأ فمنّي وأستغفر اللّه.

وغضب عمر بن الخطّاب من اختلاف اُبي بن كعب وابن مسعود في الصلاة في الثوب الواحد، إذ قال اُبي: الصلاة في الثوب الواحد حسن جميل، وقال إبن مسعود: إنما كان ذلك والثياب قليلة، فخرج عمر مغضباً، فقال: اختلف رجلان من أصحاب رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" ممّن يُنظر إليه ويُؤخذ عنه، وقد صدق اُبىّ ولم يأل ابن مسعود، ولكنّي لا أسمع أحداً يختلف فيه بعد مقامي هذا إلاّ فعلت به كذا وكذا.

اختلاف أئمّة المذاهب في مسائل عديدة


وقد اختلف أئمّة المذاهب في مسائل عديدة يعرفها من يتصفّح كتبهم ومصنّفاتهم.

منها: في الجمع بين الصلاتين، فأبو حنيفة ذهب إلى عدم جواز الجمع بين الصلاتين بعذر السفر بحال، سوى الظهر والعصر بعرفة، والمغرب والعشاء بمزدلفة.

وأمّا الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل، فقد ذهبوا بجواز الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في وقت واحد بعذر السفر تقديماً أو تأخيراً، كما ذكره في غنية المتملّي |ص 244| على ما في كتاب الإمام الصادق والمذاهب الأربعة |6: 356| بل وقد أجاز الشافعي الجمع بين الصلاتين تقديماً في وقت الاُولى منها بعذر المطر، وكذلك مالك وأحمد، غير أنهما أجازا الجمع بين العشاءين فقط، سواء قوي المطر أو ضعف إذا كان يبل الثوب، لا بين الظهر والعصر سواء قوي المطر أو ضعف.

قال أبو اسحاق الشيرازي: ويجوز الجمع بين الصلاتين في المطر، لما روى ابن عبّاس رضي اللّه عنه، قال: صلّى رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" الظهر والعصر والمغرب والعشاء جمعاً من غير خوف ولا سفر. قال مالك: أرى ذلك في وقت المطر. الى آخر كلامه.

ورأي مالك هذا مدفوع عند بعضهم، الذين يرون جواز الجمع مطلقا، والحديث كما نرى دليل لهم في ذلك، لانتفاء علّة الخوف من أيّ كان، سواء من البلل، أو من أعباء السفر، أو غير ذلك.

ولقد قال ابن المنذر كما في الامام الصادق والمذاهب الأربعة |6: 357|: لا معنى لحمل الأثر على عذر من الأعذار، لأنّ ابن عبّاس أخبر بالعلّة، وهو قوله: أراد أن لا يحرج اُمّته، كما في الرواية الاُخرى التي سيلي ذكرها.

وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم |5: 218 ـ 219| بعد ذكر أخبار الجمع: أمّا حديث ابن عبّاس، فلم يجمعوا على ترك العمل به، بل لهم أقوال:

منهم من تأوّله على أنـّه "صلى الله عليه وآله" جمع بعذر المطر، وهذا مشهور عن كبار المتقدّمين، وهو ضعيف بالرواية الاُخرى: 'من غير خوف ولا مطر'.

ومنهم من تأوّله على أنـّه كان في غيم، فصلّى الظهر، ثمّ انكشف الغيم وبان وقت العصر فصلاّها. وهذا أيضاً باطل؛ لأنـّه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر، فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء.

ومنهم من تأوّله على تأخير الاُولى إلى آخر وقتها، فلمّا فرغ منها دخلت الثانية فصلاّها، فصارت صلاته صورة جمع. وهذا أيضا ضعيف أو باطل؛ لأنـّه مخالف للظاهر مخالفةً لا تُحتمل، وفعل ابن عبّاس الذي ذكرناه حين خطب، واستدلاله بالحديث لتصويب فعله، وتصديق أبي هريرة له وعدم انكاره، صريح في ردّ هذا التأويل.

ومنهم من قال: هو محمول على الجمع بعذر المرض، أو نحوه ممّا هو في معناه من الأعذار. وهذا قول أحمد بن حنبل، والقاضي حسين من أصحابنا، واختاره الخطابي والمتولي، والرؤياني من أصحابنا، وهو المختار في تأويله لظاهر الحديث، ولفعل ابن عبّاس، وموافقة أبي هريرة، ولأنّ المشقّة فيه أشدّ من المطر.

وذهب جماعة من الأئمّة، كما في شرح النووي لصحيح مسلم |5: 218 ـ 219| إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة، لا لمن يتخذه عادة. وهو قول ابن سيرين، وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال، عن أبي إسحاق المروزي، عن جماعة من أصحاب الحديث. واختاره ابن المنذر، ويؤيّده ظاهر قول ابن عبّاس: أراد أن لا يحرج اُمّته. فلم يعلّله بمرض ولا غيره، واللّه اعلم.

وقال أشهب: إنّ للمقيم رخصة الجمع بين الصلاتين لغير عذر مطر ولا مرض. قال الباجي، كما في شرح الموطأ |1: 255|: وهذا قول ابن سيرين.

وقال شيخ الإسلام الأنصاري، كما في تحفة الباري في شرح البخاري |2: 292| ما معناه: والتأوّل بأنـّه فرغ من الاُولى فدخل وقت الثانية خلاف الظاهر.

وقال القسطلاني في كتابه ارشاد الساري في شرح البخاري |2: 293| ما معناه: والتأوّل على الجمع الصوري، بأن يكون أخّر الظهر إلى آخر وقتها، وعجّل العصر في أوّل وقتها، ضعيف لمخالفة الظاهر.

قال الفخر الرازي في التفسير الكبير |21: 25| في قوله تعالى: "أقِم الصّلاةِ لِدُلُوكِ الشّمْس" |الاسراء: 78| ما ملخّصه: انّ أوقات الصلاة ثلاثة: وقت الزوال، ووقت المغرب، ووقت الفجر. وقال: وهذا يقتضي أن يكون الزوال وقتاً للظهر والعصر، فيكون هذا الوقت مشتركاً بين الصلاتين، وأن يكون أوّل المغرب وقتاً للمغرب والعشاء، الى آخر كلامه.

وقال البغوي، كما في معالم التنزيل بهامش الخازن |4: 141|: كانت الآية جامعة لمواقيت الصلاة كلّها، فدلوك الشمس يتناول الظهر والعصر، وإلى غسق الليل يتناول المغرب والعشاء، وقرآن الفجر هو صلاة الصبح. انتهى.

وأمّا الأحاديث: فقد أخرج مسلم في صحيحه |1: 285 ط بندوغ| في باب الجمع بين الصلاتين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: صلّى رسول اللّه "صلى الله عليه وآله"الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعاً، من غير خوف ولا سفر.

وأخرج أيضاً عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس بلفظ: صلّى رسول اللّه "صلى الله عليه وآله"الظهر والعصر جميعاً في المدينة من غير خوف ولا سفر. وأخرجه مالك في الموطأ |1: 291| شرح الزرقاني.

قال أبو الزبير: فسألت سعيداً لِمَ فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عبّاس كما سألتني، فقال: أن لا يحرج أحداً من اُمّته. راجع شرح النووي لصحيح مسلم |5: 215|.

وفيه أيضاً عن مسلم، عن جابر بن زيد، عن ابن عبّاس: أنّ رسول اللّه "صلى الله عليه وآله"صلّى بالمدينة سبعاً وثمانياً، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء.

وعن عبداللّه بن شقيق، كما في شرح النووي |5: 217| قال: خطبنا ابن عبّاس يوماً بعد العصر حتّى غربت الشمس وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة، قال: فجاء رجل لا يفتر ولا ينثني، فقال: الصلاة الصلاة، فقال ابن عبّاس: أتعلّمني بالسنّة؟ لا اُمّ لك، ثمّ قال: رأيت رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء.

وقال عبداللّه بن شقيق: فحاك في ذلك في صدري شيء، فأتيت أبا هريرة فسألته، فصدّق مقالته.

وفي رواية اُخرى كما في نفس المصدر |ص 218| قال رجل لابن عبّاس: الصلاة فسكت، ثمّ قال: الصلاة، فسكت. ثمّ قال: الصلاة، فسكت، ثمّ قال ابن عبّاس: لا اُمّ لك، أتعلّمنا بالصلاة؟ كنّا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول اللّه "صلى الله عليه وآله". أخرجه مسلم في صحيحه في باب جواز الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء.

قال الاُستاذ أسد حيدر في كتابه الامام الصادق والمذاهب الأربعة |6: 361|: هذه الآثار تدلّ بصراحة على جواز الجمع بين الصلاتين وأنـّه مشروع، وعلّة تشريعه هي التوسعة على الاُمّة، وعدم إحراجها بسبب التفريق.

وهذه الآثار منها ما يدلّ على الجواز في السفر، ومنها ما هو مطلق لا يختصّ بمورد، وهذا يدلّ على ما نقوله، وإنّ تأويلها على خلاف ذلك، أو حملها على شيء غيره، أمر لا يتّفق مع الواقع، وقد تقدم ذلك فيما ذكره النووي.

والأحاديث الواردة في جواز الجمع متّفق على صحّتها ولزوم الأخذ بها، وإن كان البخاري قد أهمل الكثير منها، فذلك لا يضرّ بعد أن كان تخريجها على شرطه.

وكيف كان فإنّ النبيّ "صلى الله عليه وآله" شرع ذلك لئلاّ يحرج اُمّته، كما نطقت به الأخبار السابقة. وورد ذلك أيضاً عن أهل البيت "عليهم السلام".

قال الإمام الصادق "عليه السلام": إنّ رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين، وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر، من غير علّة، بأذان واحد وإقامتين.

وعنه أيضاً قال: إنّ رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" صلّى الظهر والعصر في مكان واحد من غير علّة ولا سفر، فقال له عمر: أحدث في الصلاة شيء؟ قال "صلى الله عليه وآله": لا، ولكن أردت أن اُوسّع على اُمّتي.

وعنه أيضاً قال: صلّى رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علّة. وصلّى بهم المغرب والعشاء الآخر قبل سقوط الشفق من غير علة في جماعة، وإنّما فعل رسول اللّه "صلى الله عليه وآله" ليتّسع الوقت على اُمّته. إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في الباب. راجع: الوسائل |3: 160| باب جواز الجمع بين الصلاتين لغير عذر من أبواب المواقيت.

وعلى أيّ حال فإنّ المتتبّع المنصف لا يجد دليلاً على منع الجمع في الحضر من غير عذر، وإنّما كانت هناك تأويلات وظنون، أو حمل للأخبار على غير مؤدّاها.

وقد جمع النبيّ "صلى الله عليه وآله" في حال العذر، كما جمع في حال عدمه، لئلاّ يحرج اُمّته. وقد وردت عنه "صلى الله عليه وآله" سنّة صحيحة صريحة، ونطق الكتاب بها، كقوله تعالى: "أقِم الصّلاةِ لِدُلُوكِ الشّمْس ِإلى غَسَقِ الّليْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إنّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً"كما تقدّم بيانه في كلمة الرازي السابقة، وعليه جمع من المفسّرين.

وقد أخذ الشيعة بتلك النصوص الصريحة فجوّزوا الجمع، ووافقهم جمع من علماء المسلمين، ولا خلاف بينهم بأنّ التفريق أفضل.

والذي يظهر من مجموع الأقوال وموارد الخلاف، أنّ المراد بالجمع بين الصلاتين، هو إيقاعهما في وقت واحد تقديماً أو تأخيراً، من غير وقوع شيء بينهما من نافلة وأوراد مستحبّة.

وإذا نظرنا بعين الواقع، فإنّ عمل أكثر الشيعة يقع على جهة التفريق، من حيث الالتزام بالنوافل، وأداء المستحبّات، وبذلك تقع الصلاة في وقت الفضيلة.

فلنقف عند هذا الحدّ من البحث في موضوع الفقه، ولعلّ في هذا البيان من ذكر اختلاف الآراء وكثرة الأقوال الذي تعرّضنا لها كفاية لمن أراد أن يتحقّق جليّة الأمر الواقع في عهد الرسول "صلى الله عليه وآله" من بين متضارب الأقوال، ومختلفات آراء الرجال.

/ 122