محاسن الأزهار فی مناقب امام الابرار علی بن ابی طالب (ع ) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محاسن الأزهار فی مناقب امام الابرار علی بن ابی طالب (ع ) - نسخه متنی

ابو عبدالله حمید بن أحمد محلی؛ محقق: محمد باقر المحمودی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و إقامة النصوص النبويّة على خلافة أميرالمؤمنين بلافصل على كافة المسلمين


|ولنرجع إلى شرح البيت الثالث من القصيدة| قال |الإمام المنصور باللَّه| عليه السلام:

أيّهما نصّ بها أحمد++

له على المّكى و اليثربى

هذا سؤال بأيّ وهى من أدوات الإستفهام و يجوز السؤال بها عمن يعقل وعمّن لايعقل،بل عن الجمادات تقول أىّ رجل أكرمنى أكرمته و أىّ مركوب اتفق ركبته وأىّ كتاب وجدته فخذه؟ و هى تفارق 'من' فإنّها مقصورة على من يعقل لأنّك لو قلت: من في الدار؟ لم يصلح أن يجيب المسؤل بالبهائم وإنما تجيب بالعقلاء وجنسهم؟ و الضمير في ' أيّهما' راجع إلى العباس و إلى على عليهماالسلام وقوله 'نصّ' فالنصّ هوالرفع والاظهار ومنه قيل منصّة العروش لظهورها مقليها؟ ومنه قولهم: 'نصّ الحديث' أى رفعه و بلغ به غايته، و نصّ الراكب الدابة: أى أستخرج ما عندها من السبر، و منه قول على عليه السلام 'إذا أبلغ النساء نصّ الحقاق فالعصبة أولى'

___________________________________

وللكلام مصدر، و رواه مسنداً أبوعبيدالقاسم بن سلام في الحديث: "17" من غريب كلام أمير المؤمنين من كتاب غريب الحديث: ج 2 ص 141 و رواه عنه السيوطى في مسند أميرالمؤمنين من كتاب جمع الجوامع: ج 2 ص 97 و رواه أيضاً مشروحاً ابن الأثير في مادة 'حقق' من النهاية و الفيروز ابادى في القاموس. يريد إذا بلغت الصبية حالة الكبر و جاوزت لحدّ الصغرالذى تحتاج فيه إلى أمّها فالعصبة أولى بها من أمّها /21/.

واختلف العلماء في القدر الّذى تخرج به إلى حدّ الكبر وتفارق الصغر، بحيث تنتقل الولاية إلى العصبة، وهل تستوي حالة الذكر والانثى في ذلك أم لا؟ فذكر على مذهب الشافعى أنّهما على سواء.

والمؤيّد باللَّه- قدس اللَّه روحه- خرّج على مذهب الهادى عليه السلام التسوية بينهما وهو الذى ذكره السيّد ايوع؟

___________________________________

كذا في أصلى هاهنا وما بعده بل في كثير من مواضيع الكتاب، ذكر حميد الشهيد بالرمز أسماء كثير من العلماء بالرمز، ولم يشرحه في كتابه هذا، ولم يتيسّر لى الاتصال بأكابر اخوتنا من علماء اليمن دامت بركاتهم، ولعلّنا نوفق لتوضيح ذلك في الطبعة الثانية إن شاء اللَّه تعالى. وفرّق ايوح؟ بين الصبيّ والصبيّة فقال: إن الامّ أولى بابنتها إلى أن تبلغ لأنّها تحتاج إليها لتعلّمها أعمال النساء فكانت أولى بها الى

بلوغها، ثمّ العصبة أولى بها بعد ذلك، بخلاف الصبيّ فإنّه يحتاج إلى التأدّب والتعلّم فانتقلت ولايته إلى العصبة قبل بلوغه.

وذكر مثل ذلك السيّد أبوطالب | ظ| للهادى عليه السلام، واختاره المؤيّد باللَّه لمذهب نفسه في الافادة.

وقال مالك: الامّ أولى بالابن أيضاً إلى أن يبلغ.

واختلف العلماء في حدّ استقلال الصبىّ بنفسه وانقطاع حظانة الامّ عنه فقال "ع" هو أن يأكل بنفسه ويشرب بنفسه ويلبس بنفسه، وهو قول "خ"، و"س" راعى في البلوغ سبع سنين أو ثمان سنين، وهو الذى ذكره المهدى لدين اللَّه |ظ| في الشرح، واختار السيّد أبوطالب |ظ| ما ذكره السيد أبوالعباس لأنّه ينضبط، وليس كذلك ما ذكره "س" فإن أحوالهم تختلف فيه بحسب اختلافهم في الفطنة والذكاء.

وذكر الامام المنصور باللَّه عليه السلام أنّه من خالع امرأته على نفقة أولادها وتربيتهم صحّ ذلك وإن لم يذكر المدّة لأنّ مدّة تربية البنت سبع سنين، والابن خمس سنين وخلافه نادر.

وقول علىّ عليه السلام: '|نصّ الحقاق|' فالحقاق: المخاصمة، وهو أن يقول الخصم: أنا أحقّ، ويقول |الخصم|الاخر: بل أنا أحقّ.

ويروى 'بلغن الحقائق' |وهى| جمع الحقيقة والحقيقة ما يصير إليه حقّ الامر ووجوبه، يقال: فلان حامى الحقيقة إذا حمى ما يحقّ عليه أن يحميه.

والعصبة: قرابة الرجل لأبيه، وهو مأخوذ من قولهم: ' عصب القوم بفلان ' أى أحاطوا به. وفي الشرع العصبة كلّ ذكر يدلى إلى الميّت بذكر. هذا معنى النصّ وما يتعلّق به من لغة؟

وأمّا في أصول الفقه فالنصّ هو الخطاب الدال على المراد بصريحه على وجه لا احتمال فيه، ولهذا الحدّ شبه بوضع أهل اللغة؟ فإن النصّ عندهم إذا كان هو الرفع والاظهار وكان الخطاب الذى ذكرناه قد ظهر فيه مراد المتكلّم وارتفع عن حدّ الخفاء والغموض وصار إلى حدّ التجلّى صحّ أنّه يشبه الوضع اللغوى وذلك مثل قوله تعالى: 'ولا تقتلوا النفس التى حرّم اللَّه الا بالحقّ ' |151/الانعام: 6|

وقوله: 'ولا تقربوا الزنى' |32/الإسراء: 17| وما أشبه ذلك ممّا يفيد المعى بصريحه من دون اعتبار قرينة أخرى.

وإذا أفاد الخطاب أمرين أحدهما بصريحه وثانيهما بقرينة كان نصّاً باعتبار الاوّل دون الثانى ولهذا فإن قوله تعالى: 'فأقيموا الصلاة' نصّ في وجوب الصلاة وهو يفيد جميع أركانها من الركوع والسجود وشبههما ولا يكون نصّاً في ذلك.

وقوله عليه السلام: ' بها ' /22/ يريد |منها| الإمامة وإنّما حذف لدلالة الكلام |عليها| وسمّى ما أفادها نصّاً بطريقة التوسع والمجاز، لأنّه ليس في الآثار المنقولة بالتواتر ما يفيد الإمامة بصريحه على وجه لا احتمال فيه |لغيرها|

___________________________________

هذا المعنى إنّما يتصوّر بالنسبة إلى من تأخّر من عصر النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم ووقع في قلبه الشبهة فيما بلغه من النصوص من جهة اختلاف الصحابة أو رواة النصوص وتعارض الروايات الواردة عن النبى صلّى اللَّه عليه وآله وسلم وعدم تجشّمه أعني السامع الشاكّ للتحقيق حول صحيح الروايات وسقيمها.

ولكن هذا المعنى لايتصوّر بالنسبة إلى الذين صحبوا النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم وعاشروه مدّة وسمعوا من النبيّ، فالنصوص التي سمعوها من فم النبي مباشرةً كانت مفيدةً للقطع إمّا بصريح ألفاظها أو بوسيلة القرائن الحالية أوالمقالية الحافّة بالكلام، فإنّهم كانوا يعرفون الامام وخليفة النبي بصريح لفظه عليه السلام مرّات، وتارات يعرفونها بالقرائن التي كان صلوات اللَّه عليه ينصبها لهم، فلم يكونوا شاكين فيمن صرّح النبى بإمامته، بل كانوا يعرفون خليفة النبي كما كانوا يعرفون أنفسهم وإنّما حصل الخلاف ووقع كثير من الناس في الشبهة من أجل الجماعة الذين آثروا الحيات الدنيا على الآخرة فأضلّوا الناس الذين كانوا على نزعتهم والجهّال والغفلة بالتلبيس والتدليس وبئس ما صنعوا وساء ماعملوا وسيحملهم اللَّه تعالى أوزارهم وأوزار الذين اتبعوهم وساء لهم يوم القيامة حملاً.

وكلّ من يريد تحقيق ما ذكرناه فليترك العصبية الجاهلية وليراجع النصوص الواردة في هذا المعنى على كثرتها فإنّه يتجلّى له الأمر تجلى الشمس في وسط السماء. ولهذا لم يكفر من لم يقل بإمامة عليّ عليه السلام فلو كان النصّ معلوم المراد من دون غموض عارض فيه لكفر من خالف كما يكفّر من جحد وجوب الصلاة والزكاة وغيرهما |مما علم وجوبها بضرورة من الدين|

___________________________________

كلّ من يتأمل النصوص الحاكية عن نصب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم عليّاً لزعامة الامة بعده وأنّه هو الخليفة لا غيره يحصل له القطع بأنّ منكرى النصّ كفروا، لأنّهم أنكروا ما علموا من الدين بالضرورة لسماعهم بأنفسهم ومشاهدتهم برأى العين أنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم جعل الخلافة لعلىّ وأكّد في ذلك كل التأكيد، وحذّر عن مخالفته كلّ التحذير، فمن خالف رسول اللَّه وحاله على ما ذكرناه، فقد عارض رسول اللَّه في حكمه البات، ومن عارضه هكذا فلا ريب في كفره، وإنّما لم يثبت تكفيرهم لأنّ زمام أمور المسلمين كان بيدهم وأعوانهم من المنافقين كانوا مستعدّين مستنفرين للقضاء على صاحب الحق، كما قضوا يوم الطفّ على ريحانة رسول اللَّه وسيّد شباب أهل الجنّة، وأهل بيته أهل بيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم فليراجع المنصفون وقعة كربلا كى يتجلّى لهم أنّ الذين كانوا يدّعون الاسلام ارتكبوا في حقّ سبط رسول اللَّه وأهل بيته مالم يرتكبه كفّار الامم في مخالفيهم ومعارضيهم.

وقد ذكر السيد الإمام المهدي لدين اللَّه الحقيني عليه السلام

___________________________________

ذكره السيّد المنصور باللَّه أبومحمد عبداللَّه بن حمزة في أواخر المجلّد الاول من كتاب الشافي ص 338 ط 1، قال: الامام الفاضل الملقّب بالهادى- عليه السلام- الحقينى أبوالحسن على بن جعفر الحسينى |ابن الحسن بن عبداللَّه بن على بن الحسن بن على بن أحمد ابن على بن الحسين الاصغر ابن علىّ سيّد العابدين ابن الحسين بن على بن أبى طالب عليهم السلام|صاحب العلوم الغريبة والتصانيف العجيبة الذى فاق أهل عصره وبرز على أهل زمانه. لمّا تكلّم بإمامة أميرالمؤمنين عليه السلام والطريق إليها ما هذا لفظه:

بمنصوص التنزيل المعرض للتأويل لتقابل الأشباه والأمثال، وتعارض المعاني والاشكال سمّيناه نصّاً خفيّاً وإن كان معناه عند الرساخ واضحاً قويّاً.

ثم قال عليه السلام عقيب هذا: وأمّا كبار الصحابة الذين تصدروا |تصدّوا 'خ'| للإمامة ونهضوا للخلافة فلا أغضّ نفوسهم وأعراضهم ولا أقابل بالشتم أعراضهم بل أجد موجدة الزاري عليهم والمستزيد عنهم لتمسّكهم بالمحتملات، وتعلّقهم بالمتأوّلات، وأكل أمرهم إلى اللَّه تعالى كما قال القاسم عليه السلام: 'تلك أمّة قد خلت' الاية: |141/البقرة: 2|.

وقوله عليه السلام: ' أحمد ' يريد |به| رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم، وهو اسمه في التوراة قال اللَّه تعالى حاكياً عن عيسى صلّى اللَّه عليه وأمّه: 'ومبشّراً برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد' |6/الصفّ: 61| قال الشاعر:

صلّى الإله ومن يحفّ بعرشه++

والطيّبون على المبارك أحمد

وله |صلّى اللَّه عليه وآله وسلم| أسماء كثيرة لشرفه وعلوّ منزلته ، منها ما ذكرناه، ومنها محمد، وقد نطق به الكتاب الكريم، قال اللَّه تعالى: 'محمد رسول اللَّه' |21/الفتح: 48| قال الشاعر:

___________________________________

وهو أبوطالب رفع اللَّه مقامه، ورويناه عن طرق و مصادر عنه عليه السلام في حرف الدال من كتاب منية الطالب: ص 115.

وشقّ له من اسمه ليجلّه++

فذو العرش محمود وهذا محمّد

قال آخر:

___________________________________

قيل: هو زهير بن أبي سلمى كما في أواخر ترجمة عمر في حوادث سنة: "23" من تاريخ الطبرى ج 4 ص 222 ط دار المعارف بمصر، قال: حدّثني عمر، قال حدّثنا علّي، قال حدّثنا: أبوالوليد المكّي، عن رجل من ولد طلحة:

عن ابن عبّاس، قال: خرجت مع عمر في بعض أسفاره، فإنّا لنسير ليلة، و قد ذنوت منه، إذ ضرب مقدّم رحله بسوطه، و قال:

كذبتم وبيت اللَّه يقتل أحمد++

و لمّا نطاعن دونه ونناضل

ونسلمه حتى نصرّع حوله++

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

ثم قال أستغفر اللَّه، ثم سار فلم يتكلم قليلاً ثم قال:

وما حملت من ناقة فوق رحلها++

أبرّ وأوفى ذمّةً من محمد

وأكسى لبرد الخال قبل ابتذاله++

وأعطى لرأس السابق المتجرّد

ثمّ قال: استغفر اللَّه، يا ابن عباس ما منع عليّاً من الخروج معنا؟ قلت: لا أدرى. قال: يا ابن عباس أبوك عمّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وانت ابن عمّه فما منع قومكم منكم؟ قلت: لا أدري. قال: لكنّي أدري يكرهون ولايتكم لهم!! قلت: لم؟ ونحن لهم كالخير! قال: اللّهمّ غُفراً يكرهون أن تجتمع فيكم النبوّة والخلافة فيكون بجحاً بجحاً!! لعلّكم تقولون إن أبابكر فعل ذلك؟ لا واللَّه ولكن أبابكر أتى أحزم ما حضره!! ولو جعلها لكم ما نفعكم مع قربكم!! أنشدني لشاعر الشعراء زهير قوله:

اذا ابتدرت قيس بن عيلان غايةً++

من المجد مَن يسبق إليها يسوّد

|قال| فأنشدته وطلع الفجر فقال: اقرأ 'الواقعة' فقرأتها ثم نزل فصلّى وقرأ ب'الواقعة'.

|ثم قال الطبري: و| حدّثني ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن رجل عن عِكرمة:

عن ابن عباس قال: بينما عمر بن الخطّاب "رض" وبعض أصحابه يتذاكرون الشعر، فقال بعضهم: فلان أشعر. وقال بعضهم: بل فلان أشعر. قال: فأقبلت فقال عمر: قد جاءكم أعلم الناس بها، فقال عمر: من شاعر الشعراء يا ابن عباس؟ قال: فقلت: زهير بن أبي سلمى فقال عمر هلمّ من شعره ما نستدلّ به على ماذكرت؟ فقلت:امتدح قوماً من بني عبداللَّه بن غَطَفان، فقال:

لو كان يقعد فوق الشمس من كرم++

قوم بأوّلهم أو مجدهم قعدوا

قوم أبوهم سنان حين تنسبهم++

طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا

إنس إذا أمنوا جنّ إذا فزعوا++

مرزّؤن بَهالِيل إذا حشدوا

محسّدون على ما كان من نعم++

لا ينزع اللَّه منهم ما له حُسِدوا

فقال عمر: أحسن، وما أعلم أحداً أولى بهذا الشعر من هذا الحّي من بني هاشم! لفضل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وقرابتهم منه. فقلت: وُفِّقت يا أمير المؤمنين ولم تزل موفّقاً. فقال: يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منهم بعد محمد؟ |قال ابن عباس| فكرهت أن أجيبه فقلت: إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني! فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة والخلافة! فتبجّحوا على قومكم بَجَحاً بَجَحاً!! فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووُفِّقت؟! فقلت: يا أمير المؤمنين إن تأذن لى في الكلام وتُمِط عني الغضب تكلّمت؟ فقال: تكلّم يا ابن عباس. فقلت: أمّا قولك يا أمير المؤمنين:'اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووُفِّقت'، فلو أنّ قريشاً اختارت لأنفسها حيث اختار اللَّه عزّ وجلّ لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود.

وأمّا قولك: 'إنّهم كرهوا أن تكون لنا النبوّة والخلافة' فإن اللَّه عزّ وجلّ وصف قوماً بالكراهيّة |لأمره| فقال: 'ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل اللَّه فأحبط أعمالهم' |9/محمد: 47| فقال عمر: هيهات واللَّه يا ابن عباس قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن أقرّك عنها |أن أقرّك عليها| فتزيل منزلتك منّي. فقلت: وما هى يا أمير المؤمنين؟ فإن كانت حقّاً فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك؟ وإن كانت باطلاً فمثلي أماط الباطل عن نفسه!

فقال عمر: بلغني أنّك تقول: 'إنّما صرفوها عنّا حسداً وظلماً' فقلت: أمّا قولك: يا أمير المؤمنين 'ظلماً' فقد تبيّن للجاهل والحليم!!

وأمّا قولك: 'حسداً' فإن إبليس حسد آدم فنحن ولده المحسودون!!

فقال عمر: هيهات أبت قلوبكم يا بني هاشم إلاّ حسداً ما يحول، وضِغناً وغِشّاً ما يزول!! فقلت: مهلاً يا أمير المؤمنين لا تصف قلوب قوم أذهب اللَّه عنهم الرجس- وطهّرهم تطهيراً- بالحسد والغِشّ فإن قلب رسول اللَّه صلّى اللَّه على وسلم من قلوب بني هاشم!

فقال عمر: إليك عنّي يا ابن عباس. فقلت: أفعل، فلمّا ذهبت لأقوم استحيا منّي فقال: يا ابن عباس مكانك فواللَّه إنّي لراعٍ لحقّك، محبّ لما سرّك. فقلت: يا أمير المؤمنين إن لي عليك حقّاً وعلى كلّ مسلم، فمن حفظه فحظّه أصاب، ومن أضاعه فحظّه أخطأ. ثمّ قام |ابن عباس| فمضى.

أقول: والحديث ذكره أيضاً ابن الأثير في آخر ترجمة عمر من تاريخ الكامل.

والحديث الأوّل رواه أيضاً البلاذري باختصار في أواخر ترجمة عمر من نسب بني عدّي من أنساب الاشراف المخطوطة: ج 4/الورق 308 /ب/ وفي طبع بيروت: ج 10 ص 378

قال:

|حدّثني| المدائني عن أبي الوليد المكّى قال: قال ابن عباس؟.

فما حملت من ناقة فوق رحلها++

أبرّ وأوفى ذمّةً من محمد

|وأكسى لبُرد الخال قبل ابتذاله++

وأعطى لرأس السابق المتجرّد|

ومنها الماحى لأنّه محا الكفر. و|منها| الحاشر لأن الناس يحشرون على قدميه؟ يعني يحشرون وهو يتقدّمهم.

و|منها| العاقب لأنّه آخر الأنبياء وبعدهم وكلّ شي ء خلف شيئاً فهو عاقب له، ومنه العقوبة لأنّها بعد الذنب.

ومنها المقفّي لأنّه تبع للأنبياء وكلّ من تبع شيئاً فهو قفّاه، ومنه قول علّي عليه السلام في صفته صلّى اللَّه عليه وآله وسلم: ' أرسله على حين فترة من الرسل، وتنازع من الألسن، فقفّى به الرسل وختم به الوحي'

___________________________________

كما في أوائل المختار "129/أو 131" من باب خطب نهج البلاغة. يريد بقوله: ' فقفّى ' أنّه جعله تابعاً لهم، ومنه قوله تعالى 'وقفّينا بعيسى بن مريم' |27/الحديد: 57|.

ومنها نبّي الملحمة، والملحمة: الحرب، وسمّي بذلك لأنّه بعث بالحرب.

و|منها| نبي الرحمة والبشير والنذير والداعي إلى اللَّه والسراج المنير، وغير ذلك مما هو معروف.

والمكّي منسوب إلى مكة، وسمّيت مكّة قيل: لقلّة مائها يقال: متّك الفصيل ما في ضرع أمّه: أي شربه كلّه. والتمّكك: الاستقصاء. وقيل: سمّيت مكة لأنّها كانت تمكّ من ظلم فيها أي تهلكه.

واليثربي /23/ منسوب إلى "يثرب" وهي أرض مدينة الرسول صلّى اللَّه

عليه وآله وسلم في ناحية منها، وقد غلب ذلك على المدينة نفسها وعرفت به

___________________________________

وهاهنا في هامش كتابي حاشية بخطّ الاصل وهذا نصّها: "وقد ورد في بعض الآثار النهي عن تسمية المدينة ب 'يثرب' بل تسمّى طيّبة". قال الكميت:

فبوركت مولوداً وبوركت ناشئاً++

وبوركت عند الشيب إذ أنت أشيب

وبورك قبر أنت فيه وبوركت++

به وله أهل لذلك يثرب

و|أيضاً| تسمّى |مدينة الرسول- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم-|طيّبةً قال الشاعر:

بطيبة رسم الرسول ومعهد++

منير وقد تعفو الرسوم وتهمد؟

والمقصود من النصّ الذي أشار إليه الامام |المنصور باللَّه| عليه السلام |هو| خبر الغدير، وقد رواه خلق كثير عن النبىّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم، وطرقه جمّة كثيرة، وقد رواه |من الصحابة| مائة نفس |أو| يزيد على ذلك، منهم العشرة |المبّشرة- بزعم حفّاظ آل أميّة-| عن النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم

___________________________________

ومن أراد تفصيل ذلك فعليه بمراجعة حديث الغدير من الموسوعتين النيّرتين: عبقات الانوار والغدير، وإليك ما أفاده العلاّمة الامينى قدّس اللَّه نفسه في هامش المجلّد الاوّل من كتاب الغدير ج 1 ص 514 ط 2 قال:

و |حديث الغدير هذا| رواه أحمد بن حنبل من أربعين طريقاً، وابن جرير الطبرى من نيّف وسبعين طريقاً والجزرى المقرى ء من ثمانين طريقاً وابن عقدة من مائة وخمس طرق،وأبوسعيد السجستانى من مائة وعشرين طريقاً وأبوبكر الجعابى من مائة وخمس وعشرين طريقاً.

وفي تعليق كتاب هداية العقول ص 30 عن الامير محمد اليمنى- أحد شعراء الغدير في القرن الثانى عشر- أنّ له مائة وخمسين طريقاً. ونحن نذكر طرفاً من ذلك فنقول:

أخبرنا الفقيه الاجلّ الفاضل الزاهد العابد العالم المجاهد بهاء الدين أبوالحسن علي بن أحمد بن الحسين الاكوع رضي اللَّه عنه، قال: أخبرنا الشيخ الاجلّ عفيف الدين علي بن محمد بن حامد الصنعاني قال: أخبرنا أبوالحسن علي بن أبي الفوارس ابن أبي نزار ابن الشرفية قال أخبرنا القاضي الاجل عزّالدين هبة

الكريم بن الحسن بن الفرح بن حبانس رحمه اللَّه في شهر اللَّه الأصم رجب في سنة إحدى و سبعين و خمسمئة قال أنبأنى جدى القاضى الاجل أبوعبدللَّه محمّد بن علي بن محمّد بن الطيب الجلاّبي الخطيب رحمه اللَّه تعالى

___________________________________

وهو صاحب مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام المطبوع مراراً، والحديث المذكور هنا رواه برقم "23" في المناقب: ص 16. قال: أخبرنا أبويعلى علي بن عبيداللَّه بن العلاف البزار إذناً قال أخبرنا عبدالسلام بن عبدالملك بن حبيب البزار قال: أخبرنا عبداللَّه بن محمّد بن عثمان قال: حدّثنا محمّد بن بكر بن عبدالرزاق حدّثنا أبوحاتم مغيرة بن محمّد المهلبي قال: حدثني مسلم بن إبراهيم قال حدّثنا نوح بن قيس الحداني حدّثنا الوليد بن صالح عن إبن امراة زيد بن أرقم.

قال: أقبل نبي اللَّه صلّى اللَّه عليه و اله وسلم من مكة في حجة الوداع حتى نزل |صلّى اللَّه عليه اله و سلم| بغدير الجحفة بين مكة و مدينة فأمر بالدوحات فقمّ ما تحتهنّ من شوك ثم نادى: الصلاة جامعة! فخرجنا إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه واله وسلم في يوم شديد الحرّ إن منّا لمن يضع بعض رداءه على رأسه وبعضه على قدميه من شدّة الرمضاء حتى انتهينا إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم فصلّى بنا الظهر ثم انصرف إلينا فقال:

'الحمد للَّه نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكّل عليه، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، الذى لا هادى لمن أضلّ، ولا مضلّ لمن هدى وأشهد أن لا إله إلّا اللَّه، وأنّ محمداً عبده ورسوله.

أمّا بعد أيّها الناس فإنّه لم يكن لنبي من العمر إلّا نصف ما عمّر مَن قبله

___________________________________

كذا في أصلى من مخطوطة محاسن الازهار، وفي هامشه بخطّ الاصل- ومثل ما في هامش الاصل في المطبوع من المناقب لابن المغازلى-: 'إلا نصف من عمر من قبله...' وليراجع الحديث "...." من العمدة لابن البطريق ص 51 والحديث 69 من الباب 52- وهو باب حديث الغدير من بحار الانوار: ج 37 ص 184، ط الاخوندي. وإنّ عيسى بن مريم لبث في قومه أربعين سنة وإنّى قد أشرعت في العشرين، ألا وإنىّ

يوشك أن أفارقكم، ألا وإنّى مسؤل وأنتم مسؤلون، هل بلغتكم

___________________________________

هذا هو الظاهر، وفي أصلى من مخطوطة محاسن الازهار- ومثله في مطبوعة المناقب لابن المغازلى-: 'فهل بلغتكم'. فما ذا أنتم قائلون؟ فقام من كلّ ناحية من القوم مجيب يقولون: نشهد أنّك عبداللَّه ورسوله قدبلّغت رسالته /24/ وجاهدت في سبيله وصدعت بأمره وعبدته حتّى أتاك اليقين، جزاك اللَّه عنّا خير ما جازى نبيّاً عن أمّته

___________________________________

كذا في أصلى من مخطوطة محاسن الازهار، وفي المطبوع من مناقب ابن المغازلى ص 17: 'جزاك اللَّه عنّا خير ما جزى نبيّاً عن أمّته'. فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلّا اللَّه لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله،وأنّ الجنّة حقّ و |أنّ| النار حقّ، وتؤمنون بالكتاب كلّه؟ قالوا: بلى. قال: فإنّي أشهد أن قد صدقتكم وصدقتمونى ألا وإنّي فرطكم وانّكم تبعى توشكون أن تردوا علّي الحوض فأسألكم حين تلقوني؟ عن ثقلّي كيف خلّفتموني فيهما؟'.

قال: فأعيل علينا

___________________________________

أى عجزنا عن جوابه ولم ندر ما نقول، يقال: عاله الشى ء يَعِيله عيلاً ومعيلاً- على زنة باع يبيع ومن بابه-: أعجزه وأعوزه. ما ندري ما الثقلان حتى قام رجل من المهاجرين فقال: بأبي وأمّي أنت يا نبي اللَّه ما الثقلان؟

قال: 'الأكبر منهما كتاب |اللَّه تعالى| سبب طرف |منه| بيد اللَّه تعالى وطرف بأيديكم فتمسكوابه ولا تولّوا ولا تضلّوا

___________________________________

هذا هو الظاهر المذكور في بحار الانوار: ج 37، وفي أصلى المخطوط من محاسن الازهار، والمطبوع من مناقب ابن المغازلى: 'سبب طرف بيد اللَّه تعالى وطرف بأيديكم فتمسّكوا به ولا تولّوا؟ ولا تضلّوا...' ولكن كلمة: "ولا تولّوا" غير موجودة في مناقب المطبوع من ابن المغازلى. والأصغر منهما عترتي من استقبل قبلتي وأجاب دعوتى فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولا تقصّروا عنهم فإنّي قد سألت لهم اللطيف الخبير فأعطاني ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليّهما لي ولّي وعدوّهما لي عدوّ ألا فإنّها لم تهلك أمّة قبلكم حتى تدين بأهوائها وتظاهر على نبوّتها

___________________________________

كذا في مناقب ابن المغازلى، والظاهر أن هذا هو الصواب، وفي أصلى: 'حتى تدين بأهوائها وتظاهر على بيوتها؟' ولكن كلمة 'تدين' رسم خطّها في أصلى غير واضح. وتقتل من قام بالقسط'.

ثم أخذ بيد علي بن أبى طالب عليه السلام فرفعها وقال: 'من كنت مولاه فهذا مولاه، |و| من كنت وليّه فهذا وليه، اللّهم وال من والاه و عاد من عاداه'، قالها ثلاثاً

___________________________________

وهاهنا في أصلى هامش ولكنّه غير مقروء.

هذا آخر الخطبة.

قال شيخ الإسلام أيده اللَّه عزّ وعلا: والخبر يتضمّن فوائد جمّة ننبّه على جمل منها:

فمنها أن المستحبّ لمن يريد الكلام في أمر أن يبتدأ بحمداللَّه والثناء عليه لأن ذلك يكون أقرب إلى المعونة ونيل المراد وعلى هذا قال صلى اللَّه عليه و آله وسلم: 'كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمداللَّه فهو أقطع'

___________________________________

والحديث معروف متداول ولكن لم يتيسّر لى المراجعة إلى مصادره. والمراد لذلك أنه ينقطع عنه الخير ولا يوثق بإدراكه ونيله، بخلاف ما إذا حمد اللَّه تعالى فإن ذلك يقتضى الخير ويشتمل الفضل؟ قال تعالى: 'لئن شكرتم لأزيدنّكم ولئن كفرتم إنّ عذابى لشديد' |7/إبراهيم: 14| فالشكر يستجلب المزيد، ويدّخر في مقابلته الثواب الجليل؟ وهو تعالى جدير بالحمد لأن كلّ نعمة في الدين والدنيا فهو من قبله، وغيره |تعالى| وإن أضيف إليه بعض ذلك فإن نسبته إليه |تعالى| آكد وإضافته إليه أشدّ، وعلى هذا قال تعالى: 'وما بكم من نعمة فمن اللَّه ' |53/النحل: 16|.

وثنّى صلّى اللَّه عليه وآله وسلم بعد حمده |تعالى| بقوله: ' ونستعينه ' يعني نطلب المعونة منه على أمر ديننا ودنيانا فإن ذلك لا ينال الا بمعونته وتيسيره وقد قال صلّى اللَّه عليه وآله وسلم منبّهاً بالأدنى على الأعلى: ' سلوا اللَّه في حوائجكم حتّى في شسع النعل فإن اللَّه إذا لم ييسّره لكم لم يتيسّر'

___________________________________

لم أتمّكن من مراجعة مصدر الحديث أو مصادره.

وقد نبّه سبحانه على مثل ذلك عباده في سورة الفاتحة حيث بدأ بالحمد لربوبيّته الّتي هي متضمّنة لنعمه على عباده، ثمّ ثنّى بصفاته المقتضية لحمده مرغّباً فيما عنده

/ 65