محاسن الأزهار فی مناقب امام الابرار علی بن ابی طالب (ع ) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محاسن الأزهار فی مناقب امام الابرار علی بن ابی طالب (ع ) - نسخه متنی

ابو عبدالله حمید بن أحمد محلی؛ محقق: محمد باقر المحمودی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الكهف والرقيم، قوموا فسّلموا على إخوانكم'.

قال: فقمنا رجل رجل فسّلمنا عليهم

___________________________________

كذا في أصلي من محاسن الأزهار، وفي مناقب ابن المغازلي: "قال: فقمنا رجلاً رجلاً فسلمنا عليهم...". فلم يردّوا علينا، فقام عليّ بن أبي طالب فقال: 'السلام عليكم معاشر الصدّيقين والشهداء'. قال |أنس|: فقالوا: 'وعليك السلام ورحمة اللَّه وبركاته'. قال: فقلت |لعليّ|: ما بالهم ردّوا عليك ولم يردّوا علينا؟ فقال لهم عليّ: 'ما بالكم لم تردّوا على اخواني'؟ فقالوا: انّا معاشر الصديقين والشهداء لا نكلّم بعد الموت إلّا نبيّاً أو وصيّاً.

ثمّ قال |عليّ|: 'يا ريح احملينا'. فحملتنا تدفّ بنا دفّاً ثم قال: 'يا ريح ضعينا'. فوضعتهم فإذاً نحن بالحرّة، قال: فقال عليّ: 'ندرك النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم في آخر ركعة |من صلاته|'. فطوينا وأتينا وإذاً النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم يقرأ في آخر ركعة |من صلاته|: 'أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً' |9/الكهف: 18|

___________________________________

أقول: وللقصّة والحديث مصادر كثيرة، يجد الباحث بعضها في الحديث: "503" من المناقب لمحمد بن سليمان: ج 1، ص 552 ط 1.

وأيضاً يحد الطالب الحديث في تفسير الآية الكريمة من تفسيرالبرهان: ج 2 ص 457.

وأيضاً رواه العلّامة المجلسي قدس اللَّه نفسه في الباب: "80" من مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام من بحار الأنوار: ج 39 ص 136.

وليراجع البتة ما أورده الحافظ السروي في مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 337.

وليراجع أيضاً ما أفاده العلاّمة الأميني رفع اللَّه مقامه في الغدير.

قال |المؤلف| أيّده اللَّه: وفي الخبر فوائد: منها معجزات الرسول صلى اللَّه عليه وآله وسلم في الريح، وهي ثلاث: إحداها حمل الريح لهم أوّلاً، وثانيها وضعها لهم ثانياً، وثالثها حملها لهم ثالثاً، كلّ ذلك عند قول عليّ /76/ عليه السلام.

وهذه أمور خارقة للعادات فكانت معجزةً لأنّ الدعوى للنبوّة مستمرّة؟ في كلّ حال من ابتداء مبعثه صلى اللَّه عليه وآله، فلا فرق بين أن يجدّد الدعوى لفظاً أو لا يجدّدها.

وهذه من طرائف المعجزات وعجائب الآيات، ولم تكن هذه لأحد من

الأنبياء قبله صلوات اللَّه عليه وآله وسلّم

___________________________________

كذا جاء بخطّ الأصل في وسط السطر فوق جملة: "صلى اللَّه عليه وآله وسلم" التي جاءت بعد قوله: 'قبله' وفي طوله لا في وسط السطر. إلّا للنبيّ ابن النبيّ سليمان بن داوود صلى اللَّه عليهما فكانت كما قال تعالى 'غدوّها شهر ورواحها شهر' |12/السبأ:34/فكان| يصبح من الشام فينتصف النهار عليهم لمسيرة شهر للسائر، ويقيلون ساعة ويقضون مآربهم وينقلبون إلى الشام.

فخصّ اللَّه تعالى نبيّه محمداً صلى اللَّه عليه وآله وسلم بهذه المعجزة العجيبة والآية العظيمة.

وكان من عجائب ريح سليمان صلى اللَّه عليه أنّها تحمل جنوده الجمّة الضخمة من الجنّ والانس والبهائم والوحوش وهي تمرّ بالزرع فلا تحرّكه.

وسمع صلى اللَّه عليه ذات يوم رجلاً- وقد مرّ في مملكته وجنوده- يقول: 'لقد أوتي آل داوود ملكاً عظيماً'، فنزل صلى اللَّه عليه وقال له: لتسبيحة يسبّحها الرجل أفضل مما أوتي آل داوود.

وكان صلى اللَّه عليه- مع المملكة التي لم تكن لأحد من بعده- في نهاية الرفق واللين والزهد في الدنيا، ويحقّ له صلى اللَّه عليه وسلم أن يكون كذلك وهو خيرة اللَّه من خلقه وصفوته.

ومنها الخبر بأنّهم يدركون النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم في آخر ركعة وكان الأمر كذلك، وهذا علم غيب لا يعلمه إلّا اللَّه تعالى أو من اطلعه عليه من خيرته من بريّته ورسله إلى خليقته فيعلمه من أعلموه؟ ولولا إعلام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام بذلك وإلّا لما علمه ولا أخبر به و |لما| كان الأمر كذلك كما أخبر

___________________________________

هذا هو الظاهر من السياق، ولفظ أصلي ها هنا مضطرب، وهذا نصّه: 'ولولا اعلام الرسول صلى اللَّه عليه وآله وسلم لعليّ عليه بذلك وإلّا لما علمه ولا أخبر به وكان الأمر كذلك كما يخبر؟'.

ومنها إحياء أهل الكهف بعد موتهم واكمال عقولهم واقدارهم حتّى تكلّموا بما تكلّموا به، ولا يكون ما قالوه إلّا مع كمال العقل.

ومنها دلالة الخبر على فضل عليّ عليه السلام من وجوه: أحدها المناجاة الطويلة التي كانت لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم معه على الخصوص من دون سائرالصحابة الذين دعاهم، ولولا فضله عنده عليهم ومزيّته الظاهرة لم يكن ليختاره لذلك

___________________________________

هذا هو الظاهر، وفي أصلي: 'ومزيّته الظاهرة، وإلّا لم يكن ليختاره لذلك'.

ومثله ما رويناه بالإسناد إلى جابر بن عبداللَّه قال: ناجى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم عليّ بن أبي طالب يوم الطائف فأطال مناجاته فرأى الكراهة في وجوه رجال فقالوا: قد أطال مناجاته منذ اليوم !! فقال |صلى اللَّه عليه وآله وسلم|: 'ما |أنا| انتجيته ولكنّ اللَّه عزّ وجلّ انتجاه'

___________________________________

وللحديث أسانيد ومصادر كثيرة، ورواه الترمذي في الحديث: "16" من باب مناقب عليّ عليه السلام من كتاب المناقب تحت الرقم: "3726" من سننه: ج 5 ص 597 قال:

جدثنا عليّ بن المنذر الكوفي، حدثنا محمد بن فضيل، عن الأجلح، عن أبي الزبير:

عن جابر قال: دعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عليّاً يوم الطائف فانتجاه فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمّه. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: ما |أنا| انتجيته ولكنّ اللَّه انتجاه.

قال أبوعيسى |الترمذي|: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث الأجلح. وقد رواه غير ابن فضيل أيضاً عن الأجلح، ومعنى قوله: 'ولكنّ اللَّه انتجاه' يقول: اللَّه أمرني أن أنتجي معه.

أقول: ورواه أيضاً أبويعلى أحمد بن عليّ بن المثنّى الموصلي- المولود سنة: "210" المتوفّى عام: "307"- في أواخر مسند جابر بن عبداللَّه الأنصاري برقم: "399" من سننه: ج 4 ص 118، ط 1، قال:

حدثنا أبوهشام، حدثنا ابن فضيل، حدثنا الأجلح، عن أبي الزبير:

عن جابر قال: لمّا كان يوم الطائف ناجى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عليّاً فأطال نجواه، فقال بعض أصحابه: "لقد أطال نجوى ابن عمّه" فبلغه ذلك، فقال: ما أنا انتجيته بل اللَّه انتجاه.

ورواه أيضاً محمد بن سليمان الكوفي- المتوفّى سنة: "322"- في الحديث: "135" من كتابه مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام: ج 1، ص 215 ط 1، قال:

حدّثنا أبوأحمد عبدالرحمان بن أحمد الهمداني قال: حدّثنا عليّ وبشر عن عبداللَّه؟ قال: حدثنا الصباح بن يحيى المزني عن الأجلح بن عبداللَّه الكندي عن أبي الزبير:

عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري قال: ناجى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم عليّاً يوم الطائف فرُئي ذلك في وجه أناس من الناس!! فقال |رسول اللَّه صلى اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم|: لعلّكم ترون أنّي ناجيته؟ لا واللَّه ما أنا ناجيته ولكنّ اللَّه انتجاه لي.

ورواه أيضاً سليمان بن أحمد الطبراني- المولود سنة: "260" المتوفى عام: "360"- في مسند جابر بن عبداللَّه برقم: "1756" من المعجم الكبير: ج 2 ص 202 وفي ط ص 186، قال: حدّثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن الحسن بن فرات القزّاز، حدثنا محمد بن أبي حفص العطّار، عن سالم بن أبي حفص، عن أبي الزبير:

عن جابر، قال: لمّا كان يوم غزوة الطائف قام النبي صلى اللَّه عليه وسلم مع عليّ رضي اللَّه عنه مليّاً من النهار، فقال له أبوبكر "رض": يا رسول اللَّه لقد طالت مناجاتك عليّاً منذ اليوم؟ فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: ما أنا انتجيته ولكنّ اللَّه انتجاه.

ومن أراد المزيد فعليه بماه رواه الحافظ ابن عساكر- وما عّلقناه عليه- في الحديث: 816" من ترجمة أميرالمؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 2 ص 307 تا 311 ط 2.

وثانيها؟ جعله أميراً عليهم حيث ناجاه وجرت الأمور على يديه وسارت الريح بأمره ووقفت عند أمره وكذلك سائر الأمور الحادثة، واذا صلح للإمرة عليهم- وهم الخيرة عند مخالفينا من الصحابة- ولم يصلحوا للإمرة عليه، كان الأمر كذلك بعد وفاته صلى اللَّه عليه وآله، فيكون أولى بالإمرة عليهم وعلى سائر الأمة، ولم يعلم أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم أمّر |أحداً| على عليّ عليه السلام قطّ، وقد نظم ذلك بعضهم فقال:

ما كان وَلّى أحمد والياً++

على عليّ فيولّوا عليه

هل /77/ في رسول اللَّه من أسوة++

لو يقتدي القوم بما سنّ فيه

وثالثها تسليم أهل الكهف- قدّس اللَّه أرواحهم- عليه عليه السلام بأشرف التسليم وهو السلام الكامل الذي لايليق إلاّ بالمتّقين دون غيرهم وفيه زيادة شرف وفضل له عليه السلام حيث خصّوه بالسلام دون سائر الصحابة، وظاهر الحال أنّ ذلك لفضل يختصّ به، فلو كانوا بمنزلته أو أفضل منه- |كما يزعمه حفاظ بني أميّة|- لما خصّوه بذلك، و |لما| أعرضوا عن السلام على الصحابة |الذين كانوا معه|!!

ورابعها تصريح أهل الكهف عليهم السلام بقولهم: 'انّا معاشر الصدّيقين والشهداء لا نكلّم بعد الموت إلّا نبيّاً أو وصيّاً'، وقد ثبت أنّ عليّاً عليه السلام ليس بنبيّ فوجب أن

يكون وصيّاً وهذا يقتضي أنّه أولى بالتصرّف في الأمّة- بعد الرسول صلى اللَّه عليه وآله وسلم- من أبي بكر وغيره من المتقدّمين عليه، لأنّه إذا صحّ أنّه وصيّ للرسول عليه السلام كان وصيّاً له على العموم فيكون أولى بالإمامة ممن سواه، لأنّ الوصيّ له ولاية فيما هو وصيّ فيه، فإذا كان وصيّاً على الأمة عموماً كانت له الولاية عليهم وإذا ولي التصرّف عليهم كان إماماً، وقد بيّنا تفصيل ذلك في حديث الوصيّة.

في بيان خصيصة علي من جهة مجي ء جبرئيل بماء الجنّة لاغتساله به، وفي ذيله بعض فضائل الإمام علي بن موسى الرضا


ولنرجع إلى |شرح البيت 14 من| القصيدة |فنقول:| قال الامام |المنصور باللَّه| عليه السلام:

ومن أتى جبريل بالماء حتّى++

قام بالفرض ومنه سُقِي

جبريل الذي ذكره|المنصور باللَّه| هاهنا هو أمين اللَّه على وحيه وروحه المختار لتبليغ رسالته وكتبه إلى أنبيائه صلوات اللَّه عليه وعليهم أجمعين.

وروي في تسمية جبريل صلى اللَّه عليه، عن ابن عباس رضى الله عنه أنّ 'جبر' |بمعنى| عبد، و'إيل' |بمعنى| اللَّه، فمعناه عبداللَّه، وكذلك ميكائيل معناه عبيداللَّه. هذا |بناء| على أنّ هذه التسمية مفيدة ؟ وإذا قيل بأنّها اسم علم فهي بمنزلة سائر الأسماء الأعلام نحو زيد وعمرو وبكر في أنّها لا يفيد في المسمّى فائدةً وإنّما تفيد التميّز بين الأشخاص فهي نائبة عن الإشارة عند حضور الشي ء في حال غيبته ولهذا كانت غير مفيدة!!

وقد سمّاه اللَّه تعالى بذلك في قوله تعالى: 'قل من كان عدوّاً لجبريل فإنّه نزّله على قلبك' |97/البقرة: 2| لأنّ اليهود زعموا أنه عدوّلهم.

وسمّاه اللَّه روحاً في قوله تعالى: 'نزل به الروح الأمين' |193/الشعراء: 26| وإنّما سمّي روحاً لوجهين:

أحدهما: أنّ الخلق يحيون به في أمر دينهم كما يحيي الناس بهذه الأرواح التي جعلها اللَّه تعالى قواماً للأجساد، ولهذا تذهب الحياة عند فقدها.

وثانيهما: إنه روحانيّ بمعنى أنّ خلقته مفارقة لخلقة بني آدم فهو لايأكل ولايشرب.

وليس المراد بذلك ما تزعمه الملاحدة الباطنيّة في الروحاني لأنّه عندهم جوهر لطيف غير كثيف أي إنّه غير متحيّز لأنهم يذهبون في |ذلك على خلاف نصوص|القرآن الكريم /78/ التي أفصحت بأنّهم أجسام، قال تعالى: 'الحمد للَّه فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء' |1/فاطر: 35| وقال تعالى:'نزل به الروح الأمين' |193/الشعراء: 26|.

ولا عجب من جهلهم في ذلك فهم جاهلون بالصانع، رافضون للشرائع، وليس يشتبه على عاقل أنّهم معطّلة في الحقيقة وإن تظاهروا في بعض النواحي بإثبات الصانع والنبوّات، إلاّ أنّه لغرض وهو تقريب العامّة وتأنيسهم، ألا ترى أنّهم معلنون القول بأّنه تعالى لايوصف بأنّه شي ء ولا معلوم ولا مذكور، وإذا لم يكن كذلك فهو عدم محض لا ثبوت له، فاعرف معنى قول العلماء في جبريل عليه السلام:

إنّه روحانيّ وكذلك سائر الملائكة عليهم السلام. وليس في تخصيص اللَّه تعالى له بذلك ما يدلّ على أنّ غيره لا يسمّى به، ولا يثبت معناه في حقّه- لأنّ تخصيص الشي بالذكر لايدلّ على أنّ ماعداه بخلافه، لأنّك |إذا| تقول رأيت زيداً لايدلّ ذلك على نفي الرؤية لعمرو- وإنّما خصّه اللَّه تعالى بذلك تشريفاً له و تكريماً كما خصّ موسى عليه السلام بأنّه كلّمه و قد كلّم محمّداً صلى اللَّه عليهما وسلم، و كما قال تعالى 'وإذ أخذنا من النبيّن ميثاقهم و منك ومن نوح' |7/الأحزاب: 33| فخصّهما تعظيماً لهما و رفعاً لمنزلتهما.

و قوله: "قام بالفرض" معناه: أدّاه كما تقول: قام فلان بوفاء ما يجب عليه من الدين والحقّ أي أدّاه.

و هذا أحد معانى القيام.

و ثانيهما الحلول كما يقال: قام اللون بالمتحيّز أي حلّ فيه.

و ثالثها بمعنى الظهور كما يقال: قام الحقّ أي ظهر.

ورابعهما بمعنى الإنتصاب كما يقال: قام فلان أي انتصب.

وخامسهما بمعنى الحفظ كما قال تعالى: 'أفمن هو قائم على كلّ نفس بما كسبت' |33/الأنعام/6| معناه حفيظ على أعمالها تخويفاً بالمحاسبة، و تحذيراً من المناقشة على الأعمال الّتى يسلفها الإنسان ليكون مزجوراً عن مقارفة الجرائم وموافقة المآثم، لأنّه إذا تحقق أن كلّ ماقدّمه وجده مسطوراً كما قال تعالى: 'يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلاّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً و لا يظلم ربّك أحداً' |49/الكهف/ 18|.

وفى هذا أو فى تحقيق؟ لذوي النّهى عن اقتراف الكبائر والصّغائر، ولم يزجر من ذلك إلا الحياء من اللَّه تعالى عند الإطلال عليها مسطورة في الصّحائف لكان

في ذلك كفاية، فكيف إذا حاسبه اللَّه تعالى عليها فلقد ورد أنّ اللَّه تعالى يحاسب بعض عبيده وإنّه ليتفجّر مما تحت كلّ شعرة |منه| دم حياءً من اللَّه، فيقول: يا ربّ لإرسالك بي إلى النّار أهون عليّ من الوقوف في هذه المواقف.

فانظر أيّها اللبيب العاقل الأديب في حالة يودّ المرء أن ينقل منها إلى النّار حياءاً من مناقشة العزيز الجبّار، هذا وللنار لهب على لهب، و غضب مع غضب، لهم من فوقهم ظلل من النّار، و من تحتهم ظلل، طعامهم النّار وشرابهم النّار ولباسهم النّار، فهل يذهل عاقل عن الإستعداد لهذه الأهوال العظام /79/ والخطوب الجسام، اللهمّ قنا عذابك وأوجب لنا رضوانك وأمانك، وجنّاتك وغفرانك، يا ذاالجلال والإكرام، وصلّ على محمد وآله الكرام.

وأمّا الفرض فإنّه في الأصل: القطع والحزّ في العود وشبهه،يقال: فرضت الخشبة |أي قطعتها| والفرض: الحزّ في سية القوس وهو حيث يعقد الوتر. والفرض الثقب في الزند حيث يقدح منه النار.

والفرض ما أوجبه اللَّه تعالى، وسمّي بذلك لأنّه تعالى جعل له حدوداً ومعالم، ولا فرق عندنا بين الفرض والواجب.

وزعمت الحنفيّة أنّ الفرض ما ثبت وجوبه بطريق مقطوع به، والواجب: يكون واجباً وإن ثبت وجوبه بطريق مظنون، ولهذا قالوا في الوتر: إنّه واجب ولم يقولوا: إنّه فرض، لما لم يثبت وجوبه بطريق مقطوع، وإنّما ثبت بطريق تؤدّي إلى غالب الظنّ.

وعندنا إنّه غير واجب، وإليه ذهبت الشافعية وسائر أهل العلم، واستدلّوا بقوله تعالى: 'حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى' |238/البقرة: 2| ولا يتمّ إثبات صلاة وسطى إلاّ اذا كانت الصلاة وتراً، فأمّا اذا كانت شفعاً فلا وسط لها، اذ لا وسط للستّة وما أشبهها من الأشفاع، وإنّما الوسط للخمسة وما شابهها في الافراد نحو الثلاثة والتسعة، ولا خلاف بين الأمة أنّ السبع ليست بواجبة، وأنّ الواجب منها- أعني الصلوات- تزيد على ثلاث، فلم يكن بدّ من الإقتصار على الخمس ليتمّ الأمر على المحافظة على الصلاة الوسطى، وهذا يقتضي أنّ الوتر غير واجب وإلاّ كانت سادسةً وبطلت الوسطى وليس في الآية نسخ؟

فيبطل الاستدلال بها.

والمراد بالفرض المذكور في البيت صلاة الفجر على ما نذكره ان شاء اللَّه تعالى. وقوله: 'ومنه سقي' الضمير في 'منه' يرجع إلى الماء الذي أتى به جبريل صلى اللَّه عليه لعليّ عليه السلام، وسقي معروف قال اللَّه تعالى: 'يسقى بماء واحد' |4/الرعد: 13| وقال تعالى: 'وسقوا ماءاً حميماً فقطّع أمعأهم' |15/محمّد: 47| أراد |أنّهم| شربوه كارهين فقطّع أمعاءهم لشدّة حرارته تقطيعاً، وأورث أبدانهم ألماً جميعاً؟ ذلك بما عصوا وكانوا معتدين.

فهذه فوائد ألفاظ البيت والمقصود منه الإيضاح لمنقبة سامية كانت لأمير المؤمنين عليه السلام، وهو ما رويناه بالإسناد المتقدّم إلى القاضي العدل الخطيب المعروف بابن المغازلي الشافعي قال:

أخبرنا أبوالحسن أحمد بن المظفّر بن أحمد العطّار الفقيه الشافعي رحمه الله

___________________________________

رواه ابن المغازلي في الحديث: "139" من كتابه مناقب أمير المؤمنين عليه السلام: ص 94 ط 2.

ورواه باختصار محمد بن سليمان الكوفي المتوفّى سنة: "322" في الحديث: "502" في أواخر الجزء الرابع من كتابه مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام: ج 1 ص 551 ط 1. بقراءتي عليه فأقرّ به، قلت: أخبركم أبومحمد عبداللَّه بن محمد بن عثمان الملقّب بابن السقّاء الحافظ الواسطي قال: حدّثنا أبوالحسن أحمد بن عيسى الرازي بالبصرة، قال: حدثنا محمد بن مندة الإصفهاني قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا جرير بن عبدالحميد، عن الأعمش، عن أبي سفيان:

عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم لأبي بكر وعمر "رض": 'امضيا إلى عليّ حتى يحدّثكما ما كان في ليلته وأنا على أثركما'. قال أنس: /80/ فمضيا ومضيت معهما، فاستأذن أبوبكر وعمر على عليّ فخرج إليهما فقال: يا |أ| بابكر حدث شي ء؟ قال: لا وما حدث إلاّ خير، قال لي النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم ولعمر: امضيا إلى عليّ يحدّثكما ما كان منه في ليلته.

وجاء النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم وقال: 'يا عليّ حدّثهما ما كان منك في

ليلتك'. فقال: استحي يا رسول اللَّه.

فقال: 'حدّثهما إنّ اللَّه لا يستحيي من الحقّ'.

فقال عليّ: أردت الماء للطهارة و أصبحت و خفت أن تفوتني الصلاة فوّجهت الحسن في طريق والحسين في طريق في طلب الماء، فأبطيا عليّ فأحزنني ذلك، فرأيت السقف قد انشقّ ونزل عليّ منه سطل مغطّىً بمنديل فلمّا صار في الأرض نحّيت المنديل عنه، وإذاً فيه ماء فتطهّرت للصلاة واغتسلت و صلّيت، ثم ارتفع السطل والمنديل والتأم السقف.

فقال النبّي صلى اللَّه عليه وآله و سلّم: 'أما السطل فمن الجنّة، و أماالماء فمن نهر الكوثر، و أماالمنديل فمن استبرق الجنّة، من مثلك يا عليّ في ليلته و جبريل يخدمه'

___________________________________

والحديث جاء في هامش أصلي نقلاً عن |الباب: الثاني والسبعين| من كفاية الطالب للكنجي: |ص 156|.

أقول: وقريباً منه رواه أيضاً الخوارزمي في الحديث: "22" من الفصل التاسع عشر من مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام: ص 305.

قال |المؤلّف|: أيّده اللَّه بعونه: و في هذا الخبر ما يشهد لعلي عليه السلام بالشزف العالي والفضل المسوّد لوجه النّاصب القالي و فيه فوائد:

منها إنه يجوز للأب استخدام ولده وإن كان صغيراً فيما يعود اليه نفعه وفائدته وإن كان بغير عوض وذلك لأنّ النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم لمّا حكى له علي عليه السلام أنه وجّه الحسنين عليهماالسلام أقرّه على ذلك، و لم ينكره فلوكان خطأ لأنكره و عيّره لأنّه لا يجوز أن يقرّ |ه| على الخطأ، لأنّ اقراره حجة كقوله وفعله وإنّما ذلك لا يطّرد في الخدم القادحة المتعبة؟.

ومنها شدّة حبّه عليه السلام لطاعة اللَّه تعالى حيث أحزنه ذلك لمّا أبطيا بالماء خوفاً من فوت الصلاة بغير وضوء و ذلك يدلّ على تقوى شديد ورأي في الهدى سديد، ويحقّ له أن يكون كذلك و فوق ذلك، و قد تأدّب بآداب الرّسول صلى اللَّه عليه وآله وسلم من صغره إلى كبره و تخلّق بأخلاقه لأنه صلى اللَّه عليه و آله وسلم أخذه من أبيه أبي طالب لمّا وقعت أزمة شديدة تخفيفاً عنه، فكان ذلك قاعدة

/ 65