محاسن الأزهار فی مناقب امام الابرار علی بن ابی طالب (ع ) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محاسن الأزهار فی مناقب امام الابرار علی بن ابی طالب (ع ) - نسخه متنی

ابو عبدالله حمید بن أحمد محلی؛ محقق: محمد باقر المحمودی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


دعوة السيّد المنصور باللَّه الخليفة العباسي الناصر لدين اللَّه إلى الإنصاف في أحقّهما بزعامة المسلمين


ونعود إلى |شرح البيت: "37" من| القصيدة، قال |الإمام المنصور باللَّه| عليه السلام:

وقد دعونا فاقض ما بيننا++

فأيّنا أولى بها يا أخي

|قوله عليه السلام:| 'دعونا' يريد الدعوة إلى الإمامة. و قوله: 'فاقض' أي فاحكم والقضاء بمعنى الحكم يقال: قضى الحاكم لعمرو بما يدّعيه على زيد أي حكم. قال تعالى: 'وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلّا إيّاه' |23/الإسراء: 17|والمراد انّه حكم بذلك وألزمه، ويستعمل بمعنى الخلق |أيضاً كما في قوله تعالى|: 'فقضاهن سبع سماوات في يومين' |12/فصّلت:41| معناه أتمّ خلقهنّ ويستعمل بمعنى الإعلام |كما| قال تعالى: 'وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدنّ في الأرض مرّتين' |4/الإسراء:17| أي أعلمنا وأخبرنا بذلك عن حالهم.

والأولى: الأحقّ بالشي ء يقال: زيد أولى بهذه الدار أي أحقّ وأملك بالتصرف فيها وفي الخبر عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم: 'أيّما امراة نكحت بغير إذن وليّها فنكاحها باطل ثمّ هو باطل ثمّ هو باطل'

___________________________________

قد قرأت الحديث في مصادر ولكن قد كللت عن مراجعة مصادره. أراد بالوليّ هاهنا العصبة الّذي هو أولى بها في عقد النكاح عليها فكان ذلك دلالة لأهل العلم على أنّ المرأة لا تلي عقد النكاح على نفسها لأنّ النّبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم صرّح ببطلانه وأكّد ذلك مرّة بعد أخرى.

وزعم أبوحنيفة أنّ لها أن تعقد على نفسها، وما ذكرناه أوّلاً مذهب العترة عليهم السلام وهو قول الشافعي رحمه الله في آخرين.

وقوله: 'بها' يعني الإمامة و 'الأخ' معروف و قد سمّى العباسي أخا لأنّ ابن العمّ يجوز وصفه بذلك، قال تعالى: 'وإلى عاد أخاهم هوداً' |65/الأعراف: 50/7 هود| أراد بذلك انّه منهم في النسب وإن لم يكن أخاً لهم في الدين لاهتدائه صلى اللَّه عليه وسلم وضلالهم وإن كانت الإخوة /222/ قد تكون في غير النسب كما قال تعالى: 'إنّما المؤمنون إخوة' |10/الحجرات: 49| وقال صلى اللَّه عليه وآله وسلم: 'الإخوة في الدين فوق الإخوة في النسب'. وإنّما سمىّ تعالى المؤمنين إخوة لأنهم صاروا على طريقة واحدة وديانة متفقة يتعاضدون

ويتعاشرون، فالإخوة في أصل اللغة قد ترد بمعنى المشاكلة بين الشيئين كما يقال: هذا الثوب أخو هذا فلمّا اشتبهت أحوال المؤمنين في أحوالهم الّتي كانوا بها مؤمنين سمّوا إخوة.

والمعنى بما أورده عليه السلام أنّه يسأل أباالعباس- و هو أحمد الملقب بالناصر-: هل هو عليه السلام أولى بالإمامة أم هو؟ لأنّهما قد ادّعياها جميعاً ولايجوز ثبوت الإمامة في العصر الواحد لأكثر من واحد، والإجماع منعقد على مراعاة الأفضل في طلب الإمامة، وقد كان هذا القائم معروفاً يشرب الخمر والإدمان عليه وأعمال قوم لوط!!

وكان هذا أيضاً قد قتل أباه في الحمام أغلق عليه بابه حتّى مات إلى غير ذلك من فضائحه ومخازيه الّتي شهرتها مغنية عن ذكرها.

وقد ذكر الإمام المنصور باللَّه عليه السلام طرفاً منها في الشافي عند ذكره والمعلوم قطعاً أنّ من واقع هذه الجرائم لايكون في موضع فضل فضلاً عن أن يكون هو الأفضل، فعند الإنصاف من نفسه لايرى نفسه أهلاً للإمامة لأن من لا تقيل شهادته في أدنى الأشياء عند حاكم المسلمين لايصلح أن يكون أميرالمؤمنين إذ من المحال أن لا يوثق به في يسير، ويوثق به في التصرف على أهل الإسلام عموماً في أنفسهم وأموالهم وبلادهم وهذا لايرتاب فيه منصف ولايتوقف في صحته ذو معرفة، فحينئذ يظهر له أنّ الإمام المنصور باللَّه عليه السلام هو الأولى بالإمامة والأجدر بالزعامة، وقد أظهر المعنى فقال عليه السلام بعد ما تقدّم:

دعوة السيّد المنصور باللَّه الخليفة العباسي الناصر لدين اللَّه إلى الإنصاف في أحقّهما بزعامة المسلمين


من لم يرالمنكر ولم يشرب++

الخمر ولم ينطق بقول بذي

الرؤية بمعنى المشاهدة و يكون بمعنى العلم أيضاً كما سبق، والمنكر هو الفعل القبيح الّذي تستنكره العقول، قال تعالى حاكياً: 'لقد جئت شيئاً نكراً' |74/الكهف: 18| أي أمراً منكراً فظيعاً.

والشرب معروف. والخمر: مائع مخصوص ورد الشرع بتحريمه، وقد بيّنا معناها في أصل اللغة.

والنطق هو البيان، ويقال: الكتاب الناطق أي البيّن قال تعالى: 'هذا كتابنا ينطق عليكم بالحقّ' |29/الجاثية 45| والبذاء هو افحش الكلام، و معنى البيت

أنّه يقول عليه السلام: هل الأولى بالإمامة من لم يشاهد نكراً ولا شرب خمراً ولا قال هجراً؟! أم من هو موضع في أودية هذه المعاصي غير خائف للجمع بين الأقدام والنواصي؟!!

ثمّ زاد تاكيداً في صفات القائم فقال: عليه السلام بعد ما تقدّم:

دعوة السيّد المنصور باللَّه الخليفة العباسي الناصر لدين اللَّه إلى الإنصاف في أحقّهما بزعامة المسلمين


نشأته /223/ طاهرة إذ نشأ++

يقفو على نهج أبيه عليّ

النشأة معروفة و هي مبتدأ وجود الإنسان، والإنشاء: الإحداث قال تعالى: 'ومنشئ السحاب الثقال' |12/الرعد: 13| ويقال: أنشأ اللَّه الخلق أي أوجدهم.

والطهارة هاهنا هى البعد عن المعاصي والتنزيه منها، و في غير هذا |المقام|هي زوال النجاسة و هي رفع الحدث بما يستباح به الصلاة وتلاوة القرآن، وإذا قيل في صفة اللَّه: 'يا طاهر'، فالمراد به تنزيهه عن الصاحبة والولد والقبائح،ويقال: 'فلان عفيف المئزر وطاهر الجيب' ويراد به بعده من الفواحش والمعاصي.

ويقفو: يتبع قال اللَّه تعالى: 'ولاتقف ما ليس لك به علم' |36/الإسراء: 17| يريد لا تتّبع، ويقال: 'قف فلان أثر فلان' إذا اتّبعه واقتدى به في أحواله ومن أسماء النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم: 'المقفي'، وقد بيّنا أنّ معناه اتّباعه للأنبياء صلوات اللَّه عليهم.

والنهج: الطريق. والأب معروف. وعليّ يريد |به| أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه و على أبنائه الأكرمين، والمعنى الّذي أراده عليه السلام أنّ هذا القائم بأعباء الإمامة إذا كانت صفته ما ذكره على طهارة منشأه،

___________________________________

هذا هو الظاهر، وفي المخطوطة: 'منشائته'. وعفّته وتقاه واقتفائه آثار أبيه أميرالمؤمنين عليه السلام، فهو بخلاف من نشأ على القبائح وعمّرت به أندية الفضائح كما غلبت هذه الخطّة الذميمة والخلّة اللئيمة على أئمة بني العباس.

ثمّ زاد عليه السلام |بأنّه لابدّ| للّذي تصدّى للإمامة |من| صفات فضل وشرف فقال: عقيب ذلك:

في بيان أرجحيّة الناظم المنصور باللَّه للزعامة من معاصره الخليفة العباسي الناصر لدين اللَّه


يحمى على الخيل إذا أدبرت++

ويبذل المال و يهدي العمي

يحمى أي يمنع |يقال|: حمى فلان فلاناً عن كذا أي منعه، و منه قوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم: 'إنّ لكلّ ملك حمىً وإنّ حمى اللَّه في الأرض محارمه'

___________________________________

الحديث معروف وله أسانيد و مصادر. يريد أنّ لكلّ ملك |حمىً| فله |أن| يمنع منه، والّذي منع اللَّه تعالى وهو ملك الملوك في الأرض محارمه الّتي حرّمها على عباده.

والخيل معروفة، وأدبر: نقيض أقبل قال تعالى: 'ومن يولّهم يومئذ دبره' |16/الأنفال: 8| والبذل: العطاء، |يقال:| بذل فلان لفلان كذا وكذا أي أعطاه. والمال معروف وسمّي مالاً لأنّ النفس تميل أي تصغي إلى محبّته؟

والهداية قد بيّنا معناها وهي الدلالة على الخير والإرشاد إليه، هذا في الأكثر وقد يستعمل في الدلالة على الشرّ قال تعالى: 'فاهدوهم إلى صراط الجحيم'|13/الصافات 37| أي دلّوهم عليه واسلكوهم إيّاه.

والمعنى أنّ هذا الّذي تعرض للإمامة وقام بأعيائها إذا كان من صفته |أن| يحمي على جنود المسلمين إذا انصرفت بفضل شجاعته وشدّة شكيمته حتّى يمنع عنهم عدوّهم من نيل غرضه فيهم وظهوره عليهم /224/ ومن صفته أنّه يبذل المال للطالبين و يمنحه للراغبين عن سهولة نفس وانشراح خاطرٍ وقلب يتوق إلى اكتساب المعالي والمكارم، ويرتاح لإفادة الندى في المعينين؟.

ومن صفته أنّه يهدي الغاوي من الضلالة ويعلمه من الجهالة ويرشده إلى أحمد المذاهب ويدلّه على أفضل المكاسب الّتي هي الجنّة في الدار الأخرى |والخلاص|من عظائم الأهوال، والقاضية بالفوز بذرى الغرف في دار النعم العوال؟ فمن كان على هذه الصفات الشريفة فهو عند ذوي الألباب يفارق |مردة يقولون له: هلمّ|

___________________________________

ما وضعناه بين المعقوفين زيادة ظنّية منّا، وبقدر نصفه كان لفظ أصلي غير مقروء. إلى دار الحجيم واغري بطاعة الشيطان الرجيم وصدّ عن عبادة الرحمن الرحيم كما سلك أئمّة بني العباس هذه الطريقة الذميمة لعوام الناس فضلّوا وأضلّوا وزلّوا وأزلّوا فهم في التحقيق حزب ابليس

___________________________________

لفظة 'حزب' رسم خطّها من أصلي غامض وكتبناها على الظنّ. في دعائه إلى الضلال والردى والناكثون عن سبيل الرشد والهدى، ثمّ زاد عليه السلام في صفته القائم فقال:

في بيان أرجحيّة الناظم المنصور باللَّه للزعامة من معاصره الخليفة العباسي الناصر لدين اللَّه


وينظر الدنيا وإن زخرفت++

ياابن أبيه نظر المزدري

النظر من الألفاظ المشتركة- ونعني من اللفظ المشترك: مايفيد معنيين فصاعداً على حدّ واحد- و من حكمه إذا أطلق أن يبقى الفهم متردّداً عند سماعه لايرى ترجيحاً لبعض معانيه على بعض، ألا ترى أنّك إذا قلت: رأيت لوناً بقى الفهم متردّداً لأنّ اللون يفيد السواد والبياض والخضرة والصفرة، وهذا بخلاف اللفظ المنفرد فإنّه يفيد المعنى الواحد فعند إطلاقه لايتردّد الفهم بل يبتدر إليه المعنى الواحد، كما تقول: رأيت سواداً. والنظر حكمه ما ذكرناه أولاً لأنّه لايسبق إلى الفهم عند إطلاقه معنى واحد فكان مشتركاً، والمعاني الّتي هو مشترك بينها خمسة:

أحدها نظر العين و هو تقليب الحدقة الصحيحة نحوالمرئيّ طلباً لرؤيته فالرؤية مطلوبة و هو أمر سواها، خلافاً للأشعرية فإنّ النظر بمعنى الرؤية عندهم.

وثانيها نظر الإنتظار وهو التوقّع لحصول أمر في المستقبل، والإنتظار والترقّب والتوقّع بمعنى واحد، قال تعالى: 'فنظرة إلى ميسرة' |128/البقرة: 2| أراد انتظارالغريم إلى وقت جدته وهي ايساره؟.

وثالثها بمعنى المقابلة يقول العرب: دار فلان تناظرإلى دار فلان أي تقابلها،والجبلان يتناظران أي يتقابلان، قال |الشاعر|:

إذا نظرت اليّ جبال أحدٍ++

أفادتني بنظرتها سرورا

ورابعها نظر الرحمة و هو إرادة حصول منفعة للغير أودفع ضرر عنه، و على هذا قال سبحانه في صفة أهل النار: 'ولا ينظر إليهم يوم القيامة' |77/آل عمران: 3| يريد لايرحمهم لأنّهم قد صاروا إلى محلّ الإنتقام.

وخامسها نظر الفكر وهوالمعنى الّذي يوجب كون المختص به متفكّراً، وهو المراد بقوله تعالى 'أفلاينظرون إلى الإبل كيف خلقت' الآيات |17 تا 20/الغاشية: 88| أي يتفكّرون في خلقها، والدنيا هي هذه الدار الّتي فيها الخلائق، وسمّيت دنيا قيل: لدنائتها /225/ وحقارتها لأنّها دار فانية يتقلّب فيها الأحباب، وتتابع على أهلها الرزايا و تتوالى عليهم البلايا فهم فيها أغراض للمحن وأهداف الفتن فلذلك كانت حقيرة دنيّة، و أدنى منها من كالب عليها وأقبل بنظره إليها حتّى وافاه حمامه وتصرّمت أيّامه، فندم حين لايغني عنه ندمه،

وكيف وقد زلّت قدمه.

وقيل: سمّيت دنياً لدنّوها وهو قربها والدنّو: القرب قال تعالى في صفة جبريل صلى اللَّه عليه وسلم: 'ثمّ دنى فتدلّى' |8/النجم: 53| أي قرب، و قال سبحانه في ثمار أهل الجنّة 'قطوفها دانية' |23/الحاقة: 69| أي قريبة ممن يريد تناولها فمتى أراد ثمرة تدلّت إليه فإذا تناولها عادت على حالتها الأولى و هذا هوالنعيم المصفّى الّذي ينبغي أن يكدح له العاقل ويسعى، ونسأل اللَّه توفيقاً يعمّر قلوبنا بذكره وتلهح ألسنتنا بشكره، لنسلم من الأهوال، وننجو من الضلالة ونصلّي على محمّد وآله خير آل.

وقوله: 'وإن زخرفت' فهو من الزخرف و هو في الأصل: الذهب، قال تعالى: 'ولبيوتهم أبواباً وسرراً عليها يتّكؤن وزخرفاً' |35/الزخرف: 34 تا 35| يريد الذهب، ثمّ استعمل بعد ذلك في كلّ ما راق منظره وأنق مرآه من الممّوه وغيره ممّا حسن وزيّن.

وقوله: 'يابن أبيه' نسبة إلى الأب الأعلى الّذي يجتمعان فيه و هو عبدالمطلب بن هاشم.

وقوله: 'نظر المزدري' في الكلام حذف تقديره: قبل نظر المزدري؟ والمزدري هو المحتقر بالشي ء المتهاون به، |يقال:| ازدرى فلان بكذا أي احتقره لأنّه هان عنده وضعف قدره ولم يكترث به، والمعنى في ذلك أنّ هذا القائم ينظر إلى الدنيا- وإن أنقت وأبهجت وحسنت في عيون أهلها- نظر المحتقر لها والمتهاون بها، لعلمه بأنّها تصير إلى نفاد، وتنقلب إلى عدم، وأنّه لو حازها المرء برمّتها واحتوى عليها بكليتها نقل منها أسكن ماكان إليها، وغدرت به لمّا اعتمد عليها.

وكم من ذي جند موفور و عسكر منصور دانت له البلاد، وتمكّنت وطأته على العباد وذللّ الأضداد، وكبت الحسّاد وعمّر طويلاً وعدّ ملكاً جليلاً وجمع مالاً بجيلاً وقاد رعيلاً وألقى في أرض أعاديه عويلاًوترك عندهم حرياً طويلاً غمرت الأقطار بذكره ونطقت الألسن بفخره، ما ناواه أحد إلّا قهره بعزّة سلطانه، ولا باراه أحد إلّا هدم عليه ما شاد من بنيانه، حتّى عنت له الملوك الأكابر، وخضعت لصولته الليوث القساور، ثمّ تخلّى له ملك الموت من حجبته |ظ| وبادر فيه إلى ما

أمر به، فأصبح ملكه مسلوباً وأضحى بعد الغلبة مغلوباً وبقي في داره لايجيب داعياً ولا يرحم باكياً؟! ولايحنّ إلى شفيق ولا يرثي لشقيق؟!! وكيف وقد سلب الذهن والحياة فأصبح خشبة ملقاة، لم تغن عنه جنوده الّتي عقدها ولادفعت عنه عساكره الّتي حشرها ولا أجدت عنه أمواله المجموعة، ولاصرفت عنه معاقله الممنوعة!!! كيف و إنّما وافاه أمر من يقول للشي ء: 'كن فيكون' ولايخترمه ريب المنون، ولايحيط بعظمته المتفكّرون، ولايقف على كنه جبروته العارفون، فأصبحت منازله خاوية وأيّامه خالية؟!!

و ما كان /226/ إلّا الدفن حتّى تفرّقت++

إلى غيره حرّاسه و كتائبه

فتصبح مسروراً به كلّ شامت++

وأسلمه أصحابه و مراكبه

ومن يك ذا باب سديد وحاجب++

فعمّا قليل يهجر الباب حاجبه

فمن تحقق هذه الأحوال في هذه الدار فجدير به أن ينظر إليها بعين الاحتقار، وهذه صفة أئمّتنا الأطهار، و سادتنا الأبرار، دون أئمّة بني العباس الّذين عكفوا على الخمور، وأقاموا على سوق الفجور، وأحيوا ميّت الشرور!!!

ثم زاد عليه السلام في صفة القائم |بأمور الناس| مايقضي له بالمزيّة الواضحة عند ذوي العقول الراجحة، فقال:

في بيان أرجحيّة الناظم المنصور باللَّه للزعامة من معاصره الخليفة العباسي الناصر لدين اللَّه


وإن بدت حرب تجلّى لها++

بعزمة تهزأ بالمشرفّي

بدت: ظهرت، و قد بيّناه و تجلّى أيضاً صفته كذلك، والعزمة معروفة وهي التصميم على القيام بالشي ء والإعراض عن التّأني فيه، والعزمة الشديدة، ومنه قوله صلى اللَّه عليه و اله و سلم: 'ان اللَّه يحبّ أن يؤتى رخصه كما تؤتى عزائمه'

___________________________________

رأيت الحديث في مصادر ولكن كللت عن المراجعة. أراد بالعزائم الأمور الشديدة، و بالرخص ما سهّله تعالى و ذلك نحو صلاة المتيمّم و صلاة القاصر، واللَّه تعالى مريد لكلّ واحدة منهما.

و'يهزأ' من الهزء وهو السخرية، وهو أن يظهر لغيره من التعظيم ما لا حقيقة له، |ومنه| قوله تعالى: 'اللَّه يستهزئ بهم' |15/البقرة: 2|، قال العلماء: هذا لا يجوز في حقه تعالى وإنّما المراد أنه يجازيهم على استهزائهم فقابل اللفظ باللفظ كما قال تعالى: 'نسوا اللَّه فنسيهم' |67/التوبة: 9| و كما تقول العرب: 'كما تدين تدان' والعرب لها عادة في تسمية الشي ء بما هو منه بسبب، قال الشاعر:

ألا لا يجهلن أحد علينا++

فنجهل فوق جهل الجاهلينا

وانما المراد إنا نجازيه على جهله علينا الّذي جهل به علينا، ولهذا جعل ذلك مدحاً والجهل مذموم عند العقلاء.

والمشرفّي هو السيف، وهو واحد المشرفية وهو منسوبة إلى قرى للعرب بالقرب من ريف السواد تسمّى مشارف.

والمعني الّذي قصده عليه السلام أنّ هذاالّذي جعله أهلاً للإمامة- و موضعاً للزعامة من صفته و سجيّته أنّه مع ماتقدّم من الصفات الشريفة- إذا وقعت حرب ظهر فيها أمره و حمد خبره، وكانت عزمته في نفوذها وفضلها تزيد على حدّ السيف الصارم يحطم اليراع في النحور والكلى، ويثلم الهندي في المعاصم و الطلا؟ تتقي به الأبطال؟ و تتحاماه الرجال، فهو كما قال القائل:

أسد أضبط يمشي++

بين طرفاء و غيل

لبسه من نسج داو++

ود كضحضاح السبيل

لأنّ الأسود أشدّ ما يكون صولة في اخباشها من عند محاماتها فيها عن اشبالها

___________________________________

كذا في أصلي ولكن رسم الخطّ في كلمات منها غامض. وكم من ملحمة عرف الأعداء فيها لأئمتنا عليهم السلام الثبات، وقطعوا فيها الكماة وعند هذا تظهر فائدة القدح الّتي أوراها الزناد؟ ويتضّح الحقّ اتّضاح النور الوقّاد.

و ذلك لأنّا نقول إذا كان الأمر على ما حققه الإمام عليه السلام فهو ممن جمع الأوصاف الّتي ذكرها وقام وادّعى الإمامة، وبإزائه من بني العباس من قد فقدت عنه بأسرها أيكون هذا الداعي أولى /227/ بالإمامة؟- على مروقه وأحقّ

بالزعامة على فسوقه- من البرّ الصادق العارف بالحقائق؟ كلاّ لايكون بها أولى عند ذوي الحجى ومن أنصف من أرباب النهى، ومعلوم أن جميع أئمتنا عليهم السلام من لدن أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام إلى الإمام المنصور باللَّه- عليهم جميعاً السلام- ما فيهم أحد إلّا وقد زاد على الخصال المعتبرة في الإمامة علماً وعملاً، و من عاصرهم من بني أميّة وبني العباس على نقائص صفاتهم؟.

والمعاصر للإمام المنصور باللَّه عليه السلام الملقب بالناصر كان معدوداً من أهل الفسوق، وأئمّة الضلال والمروق لايعف عن الحرام

___________________________________

رسم الخطّ في لفظة "مروق" غير جليّ في أصلي المخطوط. ولايتوقّى شيئاً من الآثام ولا يراقب المليك الواحد ولايرتاع لمشهود وشاهد ولا ينطوي على الإنتقام للَّه من مارد، ولايستحيي من اللَّه من توقير معاند مستهتر بالشراب والغناء مفتون بالفساد والخنا، يميل به الخمّار، وتحفه في مجلسه الأوتار،

___________________________________

ومن قوله: 'ولا يرتاع لمشهود وشاهد- الى قوله:- وتحفّه في مجلسه' رسم الخطّ في كلم منه غير جليّ في أصلي. ويعلّل نفسه بنغمات العيدان، ويبرز للصلوات صاحياً و سكران؟!! هذه صفات الناصر وهو في الحقيقة الخاذل لدين اللَّه!!

فأين هذا من الإمام المنصور باللَّه الّذي قام وقد هدرت شقاشق الضلال وخطب بالكفر الجهّال، وزخرف بحار الكفر، وقام سوق النكر، فلمّا انبرى إلى الإمامة داعياً وأسمع بالدعاء واعياً قوّض بنيان الكفر العالية شرفاته؟ ومزّق علمه الهافية عذباته؟ وأغاض بحره بعد تلاطمه، وأقشع غيمه بعد تراكمه، ونصب في أفق العزّ للعلم بنوداً، وأبان له معالم وحدوداً، وأنهج سبل الطلب للهداية، وأوصح بفائق نظمه ونثره طرق الغواية

___________________________________

كذا. وهكذا ماضى آبائه الأبرار وسلفه الأخيار، كلّ منهم يتخيّر على العباد، و يوضح لهم سبل الرّشاد فإليهم المرجع فيما يشكل، والفزع فيما يعضل دون غيرهم من الأموّيين والعباسيين كما قال الكميت بن زيد في كلمة له:

___________________________________

الأبيات مذكورة- باختلاف في بعض كلماتها- في أواسط الهاشميات الرابعة من هاشميات الكميت ص 158، ط دارالأضواء ببيروت.

ألا يفزع الأقوام مما أظلّهم++

ولمّا يجبهم ذات ودقين ضئبل

___________________________________

كذافي أصلي، و في هاشميات الكميت: 'ممّا أظلّهم... و لمّا تجبهم...'.

من المهملات الداليل قد بدا++

لذي اللبّ منها برقها المتخيل

___________________________________

هذا البيت غير مذكور في رابعة الهاشميات ط دار الأضواء ببيروت.

ألا مفزع لن ينجى الناس من عمى++

ولافتنة إلّا إليها التحوّل

___________________________________

رسم الخط في قوله: 'ألامفزع' من أصلي غير واضح.

إلى الهاشميين البهاليل إنّهم++

لخائفنا الراجي ملاذ وموئل

إلى أيّ عدل أم إلى أيّ رأفة++

سواهم يؤّم الظاعن المتحمّل

ومنهم نجوم الناس والمهتدى بهم++

إذا الليل أمسى وهو بالناس أليل

___________________________________

وفي الهاشميات: 'وفيهم نجوم الناس...'.

إذا استحككت ظلماء أمر نجومها++

غوامض لاتسرى به الناس أفّل

___________________________________

كذا في أصلي، و في الهاشميات: 'لايسري به الناس...'.

وإن نزلت بالناس عمياء لم يكن++

ليبصر إلّا بهم حين يشكل

فيا ربّ عجّل ما نؤمّل فيهم++

ليدفأ مقرور ويشبع أرمل

___________________________________

كذا في أصلي المخطوط و في مطبوعة الهاشميات: 'ليدفع مغرور؟ ويشبع مرمل'.

وينفذ في راض مقرّ لحكمه++

وفي ساخط حكم الكتاب المعطّل

___________________________________

رسم الحط من أصلي في قوله: 'و في ساخط حكم الكتاب المعطل' غير جليّ.

وإنّهم للناس فيما ينوبهم++

عرى ثقه حيث استقّروا وارحلوا

___________________________________

كذا

وإنّهم للناس فيما ينوبهم++

مصابيح يهدي من ضلال ومسال؟

وإنهم /228/ للناس فيماينوبهم++

أكفّ الندى تجرى عليهم وتفضل

لأهل العمى فيهم شفاء من العمى++

مع النصح لو أنّ النصيحة تقبل

وهذه هي الصفات الشريفة الّتي يؤهّل ربّها للقيام بأعباء الإسلام وتصلح للإمامة على الخاص والعام، و معلوم أنّها قد حصلت على أبلغ الوجوه في الإمام المنصور باللَّه ومن تقدّمه من الأئمة السابقين الأبرار الصادقين الّذين بذلوا في رضى اللَّه تعالى الطارف والتلاد، وجهدوا في صلاح العباد، فوضحت معالم الهدى

/ 65