محاسن الأزهار فی مناقب امام الابرار علی بن ابی طالب (ع ) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محاسن الأزهار فی مناقب امام الابرار علی بن ابی طالب (ع ) - نسخه متنی

ابو عبدالله حمید بن أحمد محلی؛ محقق: محمد باقر المحمودی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


أقرب الخلق منه موقفاً في الآخرة كان أشرف الأمّة عموماً.

ومنها قوله عليه السلام: 'منزلي يواجه منزلك في الجنّة' وهذا يشهد بأنّه يكون في الجنّة خلافاً لما يذهب إليه غواة |هذه| الأمّة الخوارج المارقة |من| أنّه من أهل الكبائر!!

وزاد فضلاً وشرفاً بقوله |صلى اللَّه عليه وآله وسلم|: 'كما يتواجه منزل الأخوين في اللَّه' وهذا يشهد بمزيّته على سائر الصحابة وفضله عليهم.

ومنها قوله عليه السلام: ' وأنت /14/ الولّي ' وإنّما أراد بذلك ملك التصرّف على الأمّة، لأنّ الولّي إذا أطلق أفاد ملك التصرّف، ولهذا إذا قيل: زيد ولّي هذه الدار أو الضيعة أو العبد. أفاد ذلك ملك التصرّف في هذه الأمور، وإذا ثبت ملك التصرّف لعلي عليه السلام كان إماماً، وتفصيل ذلك سيأتي في موضع أخصّ من هذا إن شاء اللَّه تعالى.

ومنها قوله عليه السلام- عطفاً على قوله: ' وأنت الولّي-: "والوزير" والوزير: الظهير والعون، ومنه قوله تعالى: 'واجعل لي وزيراً من أهلي' |29/طه: 20| ومنه سمّي وزير الملك وزيراً.

وقيل: إنّ الأصل في ذلك هو الثقل. فكأنّه يحمل الثقل عن نفسه إلى وزيره.

وقد كان علّي عليه السلام يتحمّل كلّ شديدة عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فكان المعنى حاصلاً فيه على وجه لايقوم غيره مقامه في هذا الباب، ولهذا قال جبريل صلى اللَّه عليه فى يوم أحد- وقد رأى شدّة عنائه وعظم بلائه بين يدي النبّي صلى اللَّه عليه وآله وسلم-: ' هذه المواسات' فقال |النبّي صلى اللَّه عليه وآله وسلم|: 'ومن أحقّ بها منه وهو منّي وأنا منه'

___________________________________

وانظر الاحاديث الواردة من طريق حفّاظ بنى أميّة فى هذا المعنى تحت الرقم: "214" وما بعده- وما علّقناه عليها من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق: ج 1، ص 167 ط 2.

وبات |علّي عليه السلام| على فراشه فادياً له بحشاشته، وواقياً له بمهجته على ما نوضحه إن شاء اللَّه تعالى في أثناء |هذا| الكتاب، حتّى يظهر أنّ|-ه| الوزير |وأنّه| قد انفرد بمعناه عن الصحابة.

ومنها قوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم: ' والوصّي ' وهذا يقتضي أنّ له تصرّفاً بعد وفاته على الخصوص، لأنّه لم يجعل غيره كذلك بالإتّفاق، فلابدّ من وجه يسند إليه التصرّف، ويعقل كونه وصيّاً فيه، فهذا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ليس له لصلبه ولد صغير حتى يتصرّف عليه؟ علّي عليه السلام بعد وفاته، ولا خلّف لنفسه مالاً عند جميع مخالفي الشيعة فيكون تصرّفه فيه، لأنّهم يصحّحون الخبر |المختلق|: 'إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة؟' ولا إليه التصرّف في الأمور الّتي خلّفها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم لبيت مال المسلمين، لأنّ ذلك إلى الإمام بعد الرسول، وعند مخالفينا أنّ ذلك هو أبوبكر دونه، ولا هو الإمام بعده من غير فصل فيكون وصيّاً في أمّته وليّاً للتصرّف عليهم عند المخالف، فليت شعري ففيماذا يكون وصيّاً وقد صرّح بذلك الرسول صلى اللَّه عليه وآله وسلم في مقام بعد مقام، فكأنّ هذه اللفظة على مذهب مخالفينا من جملة الهذ|يانا|ت والعبث الّذي لا يفيد!! وحاشا له صلى اللَّه عليه وآله وسلم وكلامه في الحكم مأخوذ عن العلّي الأعلى كما قال تعالى: 'وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى' |4/النجم: 53|.

وإنّما يتمّ معنى كونه وصيّاً على مذهبنا حيث قضينا بأنّه يلي التصرّفات على الأمّة في النفس والمال على الحدّ الّذي كان يليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فأمّا على مذهب المخالف فلا يتمّ كونه وصيّاً لا على العموم ولا على الخصوص، لأنّه لم يثبت له أمراً يلي التصرّف فيه بعد وفات النبّي صلى اللَّه عليه وآله وسلم وقيام /15/ أبي بكر بالإمامة.

ومنها قوله عليه السلام : ' والخليفة ' وفائدة هذه اللفظة عند أهل اللغة أنّه المدبّر للأمر من قبل غيره بدلاً عن تدبيره، ومنه قوله تعالى حاكياً عن موسى يخاطب هارون صلى اللَّه عليهما: 'اخلفني في قومي' |142/الأعراف: 7| يريد بذلك تدبيره في قومه في حال مغيبه لمناجات ربّه، وقال تعالى: 'إنّي جاعل في الأرض خليفةً' |30/البقرة:2| يريد آدم صلى اللَّه عليه، وسمّاه خليفةً قيل: لأنّه وذرّيته صاروا خلفاً من الجنّ الذّين كانوا يسكنون في الأرض.

وقيل: أراد أنّه خليفة اللَّه تعالى في الأرض يحكم فيها بالحقّ، وسمّي الإمام

خليفة اللَّه سبحانه لأنّه جعله سبحانه لتدبير عباده.

وأمّا في الشرع فالخليفة والإمام بمعنىً واحد، فإذا صرّح عليه السلام بالخلافة لعلى بن أبى طالب أفاد ذلك إمامته ليتمّ معنى كونه خليفةً له على وجه يقوم مقامه في تصرّفاته الّتي كانت إليه، لا سيّما وقد قرن إلى ذلك قرينة زادت المعنى إفصاحاً وأوضحت المقصود منه إيضاحاً بقوله: 'في الأهل والمال والمسلمين' وهذا تصريح بالإمامة لأنّ من كانت له الخلافة في هذه الأمور كان إماماً، فدخل في ذلك أبوبكر وعمر وعثمان، لأنّهم من جملة المسلمين، وإذا كان خليفةً فيهم ووصيّاً عليهم لم يجز لهم التقدّم عليه، ولفظ الخلافة كما لايليق به إلاّ بعد موته صلى اللَّه عليه وآله وسلم فكذلك لفظ الوصّي لا يليق به إلاّ بعد وفاته فكان خليفةً ووصيّاً على الأهل والمال والمسلمين، ومن كان كذلك كان إماماً لأنّ هذا التصرف العام لا يجوز لمن ليس بإمام بإجماع الأمّة، وزاد صلى اللَّه عليه وآله المعنى الّذي ذكرنا |ه| تأكيداً بقوله: ' فى كل غيبة ' فدخل في ذلك ما بعد موته ، وهذا يؤيّد أنّه قصد بذلك الإمامة والخلافة على الأمّة والرعاية والزعامة

___________________________________

هاتان الكلمتان: 'الرعاية والزعامة' رسم خطّهما غير واضح في أصلي. فليس لأحد أن يحمل ذلك على حيات النبىّ صلى اللَّه عليه وآله وسلم وذلك لأنّه عليه السلام قد جاء في كلامه بما يقتضي العموم بقوله: ' في كلّ غيبة ' وكلّ من ألفاظ العموم، وهذا يقتضي الإستغراق لأنّه كان يصحّ أن يستثني بقوله: "إلاّ الغيبة الفلانية" ولمّا لم يستثن دخلت أحوال الغيبة كلها تحت هذه اللفظة وثبت له الولاية على المسلمين في كل حالة غاب فيها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم عنهم، ومن كان كذلك لم يجز لأحد أن يتقدّم عليه.

ومنها قوله: 'وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة ' وهذا شرف ظاهر ومجد باهر، إذ كان اللواء لا يتركه ربّ الجند المعقود؟ إلاّ مع من ارتضاه واختاره واجتباه على سائرهم وسيأتي /16/ حديث اللواء بإسناده وفوائده إن شاء اللَّه تعالى وإنّما نريد التنبيه على كلّ حديث في موضعه إمّا مجملاً أو مفصلاً فإنّ ذلك يزيد العاقل بصيرةً في شرف علّي عليه السلام على سائر الصحابة، فإنّ الكثير من الأمّة- إلاّ من عصم |-ه| اللَّه تعالى- قد نبذ مناقبه ظهريّاً وجاء في حقّه شيئاً فريّاً، وقد

شرّع معاوية سبّه على فروق المنابر، وتطاولت به الأيّام، وعبرت عليه الدهور والأعوام، وفضائله عليه السلام تزداد ظهوراً وإشراقاً وتضرم قلوب ذوي النصب إحراقاً، ومن رفعه اللَّه تعالى فلا واضع له، وكم عسى أن يطمس العدوّ؟!! وهل ينفذ النار في البحر الزخّار؟ أو تغطّى الراحة وجه القمر النوّار؟ ما أنصف الرسول من وضع وصيّه ولا أرضاه من نقص وليّه.

ومنها قوله عليه السلام: 'وليّك وليّي ووليّي ولّي اللَّه ' والمراد بالولّي هاهنا المحبّ والمودّ؟ والمحبة الصادقة تقضي الطاعة للمحبوب، وعلى هذا قال تعالى لنبيه عليه السلام في مخاطبته بعض الكفّار: 'قل إن كنتم تحبّون اللَّه فاتّبعوني يحببكم اللَّه ويغفر لكم ذنوبكم' |31/آل عمران: 3| يريد إن كانت محبّتكم صادقةً في دعواكم للَّه تعالى فاتّبعوني وتمسكوا بما جئت به فإنّه دين اللَّه الّذي رضيه لكم وأحبّه فاعملوا به يحببكم اللَّه، ومحبّة اللَّه هي المحبّة لطاعته والإيثار لمرضاته، إذ كانت المحبة لا تتعلّق بذاته في الحقيقة، وكذلك محبّة الرسول صلى اللَّه عليه وآله وسلم هي إرادة طاعته والائتمار بأمره والإنزجار عن زجره، وهكذا محبة أميرالمؤمنين عليه السلام هي الاقتداء به في طريقته والإهتداء بهديه والإعتراف بحقه والرعاية لسبقه.

ومن كان محبّاً له من الغلاة فإنّ محبته في الحقيقة غير صادقة، ولهذا لا يصدق محبة النصارى لعيسى صلى اللَّه عليه وسلم لاعتقادهم فيه ما ليس له بأهل ولا يرتضيه من ربوبيّته وإلهيّته، وعلى هذا قال الشاعر:

تعصي الإله وأنت تزعم حبّه++

هذا محال في المقال بديع

لوكان حبّك صادقاً لأطعته++

إنّ المحبّ لمن يحبّ مطيع

ولو أظهر واحد محبّة غيره الأكيدة؟ وهو يعصيه في كلّ أمر من الأمور الّتي تحسن ويزيدها منه؟ لكان التناقض على محبته ظاهراً عند ذوي النُهى والآداب، وقد صرّح النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم بأنّ ولّي علّي عليه السلام وليّه ووليّه ولّي اللَّه، فاقتضى ذلك القطع على أنه عليه السلام لا يقارف كبيرةً ولا يواقع عظيمةً، لأنه لو قارف ذلك- وحاشاه له عنه- لم يكن وليّه وليّاً للرسول ولا وليّاً للَّه تعالى لأنّ من قارف عظيمةً كان عدوّاً للَّه تعالى عند المسلمين، فدلّ ما ذكرناه على عصمة علّي /17/ عليه السلام عن الكبائر، ولقد أحسن القائل- ويروى أنّها للشافعي-:

إذا جاش طوفان المعاد فنوحه++

___________________________________

كذا فى أصلى المخطوط، ولكن كتب الكاتب بخطّ الأصل فوق قوله: 'المعاد' "الضلال" ولعلّه أظهر.

علّي وإخلاص الولاء له فلك

إمام إذا لم يعرف المرء فضله++

على الناس لم ينفعه زهد ولا نسك

فلو لامني فيه أبي لم أقل أبي++

وحاشا أبي أن يعتريه به شكّ!!

ومنها قوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم: ' وعدوّك عدوّي وعدوّي عدوّ اللَّه ' وعدوّاللَّه هوالّذي يرتكب ما يسخطه ويترك ما أراده منه حتماً، وعدوّ رسوله أيضاً كذلك، وعدوّ علّي عليه السلام نظير ذلك أيضاً.

وهذايشهد بأنّ من عادى عليّاً عليه السلام كان عدوّاً للَّه ولرسوله عليه السلام، وفيه دلالة واضحة على عصمته من الكبائر، لأنّه لو واقعها لوجبت معاداته، فلا يكون معاوية والحال هذه عدوّاً للَّه تعالى ولرسوله لأنّ معادات العاصين من الدين كما قال تعالى: 'لا تجد قوماً يؤمنون باللَّه واليوم الآخر يوادّون من حادّ اللَّه و رسوله' |22/المجادلة: 58| فنفى |اللَّه تعالى| الإيمان عمّن أحبّ من ارتكب كبيرةً لأنّ المراد بمحادّ اللَّه تعالى من ارتكب كبيرة ما حظره أو ترك ما افترضه.

ومعنى عداوة العبد للَّه تعالى أحد وجهين: إمّا تركه لفرائضه و |إقدامه على| مواقعة محارمه، وإمّا أن يكون متناولاً لمعادات أولياء اللَّه، فَذَكَر اللَّه تعالى وأراد أولياءه كما قال تعالى: 'والذّين يؤذون اللَّه' |57/الأحزاب:33| والأذى ضرر فلا يلحقه سبحانه وإنّما أراد أولياءه، قال تعالى: 'فلمّا آسفونا انتقمنا منهم' |55/الزخرف: 43| والأسف هو الحزن الشديد، قال: تعالى حاكياً عن يعقوب صلى اللَّه عليه وعلى سائر أنبيائه: 'يا أسفا على يوسف' |84/يوسف: 12| والمراد به شدّة الحزن وهو ضرر ولا يجوز على اللَّه تعالى فإذاً المراد آسفوا رسلنا وأحزنوهم بتكذيبهم وإعراضهم عمّا جاءُوا به.

وإن كان قد قيل: إنّ المراد بالأسف الغضب وهو جائز في صفة اللَّه تعالى

___________________________________

وهذا القول أيضاً لا يسمن ولا يغني من جوع، وإن كان في القرآن المقدس والسنّة المتواترة قد جاء بكثرةٍ وصف اللَّه تعالى بالغضب، ولكن المراد منه لوازم الغضب وهو تنكيله تعالى المغضوب عليهم ومجازاتهم على ما عملوا من السيّآت، لأنّ اللَّه تعالى منزّه عن حقيقة الغضب- وهو التأثّر النفسي وهيجان النفس من عمل المجرمين- والتأّثر من لوازم طبيعة المخلوقات، واللَّه تعالى منزّه عنه.

فمعناه: |فلمّا| أغضبونا، والغضب والسخط بمعنىً واحد. غير أنّ الّذي ذكرناه أوّلاً- مما قاله بعضهم- شائع، فهذا معنى كون العبد عدوّاً للَّه تعالى وإذا قيل في اللَّه تعالى إنّه عدوّ للكافر والفاسق فإنّ معنى ذلك أنّه يريد ذمّهما وعقابهما وانزال ما شرّعه من العقوبات في الدنيا بهما.

فإذا تقرّر ذلك وكان من عادى عليّاً عليه السلام قد عادى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم وعاد اللَّه عزّ وعلا كان معاوية من العاطيين باليقين؟ فما يرى أرباب الزيغ العمين؟ هل كان معاوية فى أيام صفين وتلك الوقائع العظام- الّتي هلك فيها جيل من الأنام، واستشهد من هو معدود من صفوة أهل الإسلام- وليّاً لأمير المؤمنين أم كان عدوّاً له؟ فإن قالوا: كان وليّاً له لقد باهتوا عند الخلق؟ من أهل الإسلام بل /18/ عند غيرهم |أيضاً| فإنّه لا يلتبس الحال على لبيب فإنّ من جهد في نكاية غيره في نفسه وولده وماله وأصحابه- وبلغ الغاية القصوى في ذلك- إنّه لا يكون وليّاً له، ولو جاز أن يكون وليّاً له والحال هذه لجاز في الكفّار يوم أحد أن يكونوا أولياء الرسول صلى اللَّه عليه وآله وسلم مع قتلهم لعمّه حمزة عليه السلام وبقر |هم| بطنه وسائر ما فعلوه من المثلة به وكذلك |مافعلوه ب| سائر أصحابه.

وهذا قول يفضح من ارتكبه عند الأمّة عوامّها والأئمة، فبطل أن يكون معاوية وليّاً لعلّي عليه السلام، ولم يبق إلّا القسم الثاني وهو أنّه عدوّ له، وإذا كان عدوّاً له كان عدوّاً للرسول وللربّ عزّ وعلا ومن كان كذلك فهو من العاطبين؟ بأوضح سلطان مبين.

و في هذا عبرة للمعتبرين وكفاية للمتدبّرين في أنّ معاوية من أعداء رّب العالمين وأنّ عليّاً عليه السلام قد كان |فاز 'خ'| بإدراك قصب السبق- في ميدان السابقين، وتقدّم أمامهم أجمعين.

وقد تمّ تفصيل ما قصدناه من فوائد الخبر الشريف، وبه يتمّ معنى البيت الأوّل من القصيدة |ولنذكر البيت الثاني منها ونشرحها|، قال الإمام |المنصور

باللَّه| عليه السلام:

وفيه مطالبة الإمام المنصور باللَّه عن معاصرة الخليفة العباسي الحكم بالانصاف في أولويّة جدّه للخلافة أو جدّه؟


أبوك أولى يابن عمّي بها++

فيما تراه منصفاً أو أبي؟

الأبُ مَن خُلِق الولد من مائه. وقيل: |الأب| من خلق |الولد| من مائه وولد على فراشه.

وهذا الثانى هو الأولى على طريقة الشرع، لأنّه لو خلق الولد من ماء الرجل إلاّ أنّه لغير رشدة لم يكن أباً له شرعاً، وعلى هذا قال |رسول اللَّه| صلّى اللَّه عليه وآله وسلم: 'الولد للفراش وللعاهر الحجر'

___________________________________

و صدور الحديث عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم متّفق عليه بين المسلمين، وبه تمسّك كثير من الصحابة والتابعين على انحراف معاوية عن إلاّسلام لمّا ادّعى بنوّة زياد بن عبيدلأبى سفيان واستهزأ بإلاّسلام والمسلمين!!. وهذا يقتضى أن لاينسب |الولد إلى من زنا به |أي إلى الزاني والمزنيّ بها| وإنّ ما ينسب إلى من ولد على فراشه، ولهذا كفّر كثير من أهل التحقيق معاوية بن أبي سفيان لأنّه ادّعى أخوّة زياد، وكان مشهوراً بأنّه لغير رشدة، فلمّا ألحقه |معاوية| بأبيه |أبي سفيان| كفر لأنّه ردّ ما علم ضرورةً من دين النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم وهو معنى الخبر الذي ذكرناه آنفاً لأنّه معلوم على القطع، ولا خلاف في كفر من ردّ أمراً يعلم باضطرار من الدين لأنّه يكون مكذّباً للرسول صلّى اللَّه عليه وسلم في حكمه، ولا خلاف في كفر من هذا حاله.

واعلم أنّ المراد بالفراش المذكور في الخبر هو الوطئ الذي معه يحصل الولد على حدّ يلحق بصاحبه، والفراش ضربان: فراش حرّة وفراش أمة.

أمّا فراش الحرّة فله شروط ثلاثة: أحدها أن يقع في نكاح صحيح، أو نكاح فاسد؟ أو في شبهة نكاح.

وثانيها إمكان الوطي، وهذا ظاهر إذا كان العقد صحيحاً، فإن لم يكن صحيحاً نحو نكاح المعتدّة والمزفوفة غلطاً فقد ذكر القاضى شمس الدين

___________________________________

لم يتيسّر لى الرجوع إلى ترجمته. قدّس اللَّه روحه في الجنة أنّه لا بدّ من حصول الوطي ولا يكفي إمكانه.

وثالثها حصول الولد لستة أشهر، فما فوقها /19/.

وأمّا فراش الأمة فله شرطان: أحدهما أن يقع في ملك صحيح أو فاسد أو

شبهة ملك كما في الجارية المشتركة.

وثانيهما أن يدّعي الولد، ومتى أتت بولد بعد ذلك لحق به نسبه لموضع الفراش وضعف الرقّ.

وهل ينتفي إذا نفاه في هذه الصورة؟ اختلفوا فذكر القاضي زيد بن محمد أنّه لا ينتفي. وذكر الامام المنصور باللَّه أنّه ينتفى إذا نفاه، وهو المحكّي عن أبي الحسن الكرخي.

وقول النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم في آخر الخبر: ' وللعاهر الحجر ' قال بعض العلماء: لم يرد بقوله: ' وللعاهر الحجر ' أنّه يرجم بالحجارة إذ ليس كلّ زان يرجم بالحجارة، و إنّ ما معناه أنّه لا حظّ له في نسب الولد، وهو كقولك: له التراب. يريد أنّه لا شي ء له.

وهذا صحيح فإن الرجم لايكون إلاّ للمحصن دون الزاني البكر ولابدّ من حمله على ما ذكره.

والأب الذي ذكره عليه السلام في البيت أوّلاً هو العبّاس بن عبدالمطّلب، وسمّاه أباً وإن كان جدّاً لجوازه في اللغة، قال اللَّه تعالى: 'يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كلّ مسجد' |31/الاعراف: 7|.

وأمّا قوله: 'أولى' فالمرد به هو الأحقّ والأملك يقول القائل: "زيد أولى بهذه الدار والضيعة" يريد أنّه أحقّ بها وأملك للتصرّف فيها

___________________________________

هذا هو الظاهر، وفي أصلى: 'وأمّا قوله "أولى" فالمراد به الاولى وهو الاحقّ والاملك... ويراد أنّه أحقّ بها وأملك للتصرف فيها. و |يقال|: هذا أولى العصبات بإنكاح المرأة أي إنّه أملك عليها للعقد من غيره.

والعمّ معروف وهو أخ الأب، وقد يسمّى أباً، قال اللَّه تعالى: 'أم كنتم شهدأ إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهاً واحداً ونحن له مسلمون ' |133/البقرة: 2| واسماعيل عمّ يعقوب وقد سمّاه أباً، وقال النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم في العباس: ' هذا بقيّة آبائي'.

وقوله عليه السلام: 'بها' فالضمير يرجع إلى الامامة وإن لم يجر لها ذكر إلاّ أنّ في الكلام ما يقتضيها، وقد جرت عادة العرب بالحذف والاختصار إذا كان فيما بقي دليل على ما حذف، وعلى هذا قال اللَّه تعالى 'حتّى توارت بالحجاب' |32/ص: 38| يعني الشمس ولم يجر لها ذكر، قال الشاعر:

فإن المنيّة من يخشها++

فسوف تصادفه أينما

يريد أينما توجّه وأينما كان.

وقوله: 'فيما تراه منصفاً' أراد بالرؤية هاهنا العلم، ولذلك نظائر قال اللَّه تعالى 'أولم ير الانسان أنّا خلقناه من نطفة' |77/يس: 36| معناه أولم يعلم؟ لأنّ الانسان لم يشاهد كون نفسه نطفة، وقال اللَّه تعالى: 'ألم تر إلى المَلإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبيّ لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل '| 246/البقرة: 2| أي ألم تعلم. والرؤية في غير هذا بمعنى الإدراك بحاسّة البصر، وهو المراد بقوله |تعالى| 'لن تراني' |143/الاعراف: 7| معناه لن تدركني بحاسّة بصرك.

"والمنصف" هو من يعطي الحقّ من نفسه وينقاد للصواب، والإنصاف من الامور المقرّر وجوبها عقلاً وشرعاً، وهو قاعدة الخير وأساسه في الدين وسبب هداية المهتدين، وخلافه هو الذي أورث هلاك الخلق وصدّهم عن اتّباع الحق، ومعنى البيت وفائدته /هو أنّه /20/ عليه السلام سأل صاحب بغداد- في البيت الاوّل بمن له الحقّ العظيم على جميع الخلق وهو اللَّه ربّ العالمين، ثمّ بآلائه وهي النعم التى أسداها ثمّ برسوله لظهور الحال في وجوب رعاية حقّه، ثم بالوصيّ وهو أميرالمؤمنين عليه السلام لفضله على جميع الأمّة- عن المعنى المودع في هذا البيت الثاني وهو أنّ الأولى والأحقّ بالامامة العبّاس أو عليّ عليه السلام؟ وذلك انّ مذهب الراوندية أنّ الامام بعد النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلم هو العبّاس وأنّه استحقّ الامامة بطريقة الميراث!!

وهذا المذهب ينسب إلى ابن الراوندى،

___________________________________

وليلاحظ عنوان: "ابن الراوندى" من كتاب الكنى والالقاب: ج 2 ص 277. وكان من الموّحدين أوّلاً ثم ارتدّ عن الإسلام ونصّ الالحاد؟ وصنّف فيه كتباً وبالغ في إيراد الشبهات بكلّ وجه،

فنقض العلماء رضي اللَّه عنهم جميع ما وضعه أحسن نقض، ومن جملة محدثاته وبدعه أنّ الإمامة طريقها الإرث وتصنّع بهذا إلى بني العبّاس!!

وهذا ساقط فإنّه لاخلاف بين الامة أن العباس رضى الله عنه لم يكن إماماً في حال من الأحوال.

وبعد فلو استحقّت الإمامة بطريقة الإرث لوجب ثبوتها لفاطمة عليهاالسلام لأنّها وارثة أيضاً، وكذلك أزواج النبي عليه السلام، وهذا ساقط بالاجماع فإن الإمامة لاتصحّ في النساء.

و |أيضاًلو كانت الامامة بطريقة الإرث| كان يجب أن يجري الإمامة مجرى المواريث في انقسامها إلى نصف وربع وثمن وثلثين وثلث وسدس؟ وهذا باطل بالإجماع.

ويلزم من قال بذلك المنع من إمامة أبي بكر و عمر، وعثمان لأنّ العباس أولى بها منهم و عند المخالف أن إمامتهم صحيحة فبطل أن يكون الطريق إلى الإمامة الإرث، وبه يبطل أن يكون العباس اماماً.

و أما امامة على عليه السلام فهي صحيحة بعد الرسول بغير فصل على ما نوضحه إنشاء اللَّه تعالى.

/ 65