مظلوميّته في الشورى - حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) - نسخه متنی

سید اصغر ناظم زاده قمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

عبدالمطلب و جميع بني هاشم.

و قالوا: إنّ الزّبير شهر سيفه، فلمّا جاء عمر و معه جماعة من الأنصار و غيرهم، قال في جملة ما قال: خذوا سيف هذا، فاضربوا به الحجر.

و يقال: إنّه أخذ السيف من يد الزّبير فضرب به حجراً فكسره، و ساقهم كلّهم بين يديه إلى أبي بكر، فحملهم على بيعته، و لم يتخلّف إلّا عليّ عليه السلام وحده، فإنّه اعتصم ببيت فاطمة عليهاالسلام، فتحاموا إخراجه منه قسراً، و قامت فاطمة إلى باب البيت فأسمعت من جاء يطلبه، فتفرّقوا و علموا أنّه بمفرده لا يضرّ شيئاً، فتركوه.

و قيل: إنّهم أخرجوه فيمن اُخرج و حمل إلى أبي بكر فبايعه، إلى أن قال: فأمّا حديث التحريق و ما جرى مجراه من الاُمور الفظيعة، و قول من قال: إنّهم أخذوا عليّاً عليه السلام يُقاد بعمامته و النّاس حوله، فأمر بعيدٌ، و الشيعة تنفرد به، على أنّ جماعة من أهل الحديث قد رووه و سنذكر ذلك. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 2، ص 21. ]

و قال في موضع آخر من كتابه: فأمّا الاُمور الشنيعة المستهجنة الّتي يذكرها الشيعة من إرسال قنفذ إلى بيت فاطمة، و إنّه ضربها بالسوط فصار في عضدها كالدُملج، و بقي أثره إلى أن ماتت، و إنّ عمر ضغطها بين الباب و الجدار فصاحت: 'يا أبتاه، يا رسول اللَّه' و ألقت جنيناً ميّتاً، و جعل في عنق عليّ عليه السلام حبلٌ يُقاد به، و هو يعتل، و فاطمة خلفه تصرخ و تنادي بالويل و الثبور، و ابناه حسن و حسين معهما يبكيان، و إنّ عليّاً لمّا اُحضر سلموه البيعة، فامتنع، فتهدّد بالقتل، فقال: 'إذن تقتلون عبد اللَّه، و أخا رسول اللَّه!!'.

فقالوا: أمّا عبد اللَّه فنعم، و أمّا أخو رسول اللَّه فلا، و إنّه طعن في أوجههم بالنفاق، و سطر صحيفة الغدر الّتي اجتمعوا عليها، و بأنّهم أرادوا أن ينفّروا ناقة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ليلة العقبة.

قال ابن أبي الحديد: فكلّه لا أصل له عند أصحابنا، و لا يثبته أحد منهم، و لا رواه أهل الحديث و لا يعرفونه، و إنّما هو شيٌ تنفرد الشيعة بنقله. [ المصدر السابق، ج 2، ص 60. ]

أقول: العجب من ابن أبي الحديد كيف ينكر حديث التحريق و ما بعده، و يزعم أنّه مّما انفردت به الشيعة، مع رواية الجوهري له، و كونه من الثقات المأمونين عند ابن أبي الحديد [ المصدر السابق ج 2 ص 60. ]، و رواه غير واحد من رواتهم أيضاً مطابقاً لما روته الشيعة.

فقد جاء في رواية أحمد بن عبدالعزيز الجوهري، أنّه قال: لّما بُويع لأبي بكر كان الزّبير و المقداد يختلفان في جماعة من النّاس إلى علّي عليه السلام، و هو في بيت فاطمة، فيتشاورون و يتراجعون اُمورهم، فخرج عمر حتّى دخل على فاطمة عليهاالسلام و قال: يا بنت رسول اللَّه، ما من أحد من الخلق أحبُّ إلينا منك بعد أبيك، و ايم اللَّه ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بتحريق البيت عليهم.

فلمّا خرج عمر جاؤوها، فقالت: 'تعلمون أنّ عمر جاءني، و حلف لي باللَّه إن عُدتم ليحرقنّ عليكم البيت، و ايم اللَّه ليمضينّ لما حلف له، فانصرفوا عنّا راشدين' فلم يرجعوا إلى بيتها، و ذهبوا فبايعوا لأبي بكر. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 2، ص 45. ]

و روى ابن أبي الحديد عن أحمد بن عبدالعزيز الجوهري أيضاً، قال: و كثر الناسُ على أبي بكر، فبايعه معظمُ المسلمين في ذلك اليوم؛ و اجتمعت بنو هاشم إلى بيت عليّ بن أبي طالب، و معهم الزبير، و كان يعدّ نفسَه رجلاً من بني هاشم؛ كان عليّ يقول: 'ما زال الزُّبير مِنّا أهلَ البيت؛ حتى نشأ بنوهُ، فصرفُوه عَنّا'. و اجتمعتْ بنو أميّة إلى عثمان بن عفّان، و اجتمعت بنو زُهْرة إلى سعد و عبدالرحمن؛ فأقبل عمر إليهم و أبوعبيدة، فقال: مالي أراكم ملتاثِين؟ قوموا فبايعوا أبابكر؛ فقد بايع له الناس، و بايعه الأنصار. فقام عثمان و من معه،و قام سعد و عبدالرحمن و مَنْ معهما، فبايعوا أبابكر.

و ذهب عمر و معه عِصَابة إلى بيت فاطمة، منهم أسيد بن حُضير و سلمة بن أسلم، فقال لهم: انطلقوا فبايِعوا، فأبْوا عليه؛ و خرج إليهم الزُّبَير بسيفِه، فقال عمر: عليكم الكلْب، فوثب عليه سلمة بن أسلم، فأخذَ السيفَ من يدِه فضرب به الجِدار، ثم انطلقوا به و بعليّ و معهما بنوهاشم، و عليّ يقول: أنا عبداللَّه و أخو رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؛ حتّى انتهوْا به إلى أبي بكر، فقيل له: بايعْ، فقال: أنا أحقُّ بهذا الأمر منكم، لا أُبايعكم و أنتم أوْلى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار، و احْتَجَجْتُم عليهم بالقرابة من رسول اللَّه، فأعطوْكم المقادَة، و سلَّموا إليكم الإمارة، و أنا أحتجُّ عليكم بمثل ما احتججتُم به على الأنصار. فأنصفونا إن كنتم تخافُون اللَّه من أنفسِكم، و اعرِفوا لَنَا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم، و إلّا فَبؤوا بالظلم و أنتم تعلمون.

فقال عمر: إنّك لستَ متروكاً حتى تبايع. فقال له عليّ: احلب يا عمر حلباً لك شطرُه! اشدُد له اليوم أمرَه ليردّ عليك غَداً! ألا و اللَّه لا أقبل قولَك و لا أُبايعه. إلى أن قال: فقال عليّ: يا معشرَ المهاجرين، اللَّه اللَّه! لا تخرِجوا سلطانَ محمد عن داره و بيته إلى بيوتكم و دوركم، و لا تدفعوا أهلَه عن مقامه في الناس و حَقّه؛ فواللَّه يا معشرَ المهاجرين، لَنَحْنُ- أهلَ البيت- أحقُّ بهذا الأمر منكم. أمَا كان منّا القارى ء لكتابِ اللَّه، الفقيه في دين اللَّه، العالم بالسنّة، المضطلع بأمر الرعية! و اللَّه إنه لفينا، فلا تتبعوا الهوى، فتزدادوا من الحقّ بعداً.

فقال بشير بن سعد: لو كان هذا الكلامُ سمعتهُ منك الأنصار يا عليّ قبل بيعتِهم لأبى بيكر؛ ما اختلف عليك اثنان؛ و لكنّهم قد بايعوا.

و انصرف عليّ إلى منزله، و لم يبايع، و لزم بيتَه حتى ماتت فاطمة فبايَع

[ شرح ابن أبي الحديد، ج 6، ص 12 -11. ]

وروى عن أحمد بن العزيز الجوهريّ أيضاً: حدّثنا أحمد و قال: حدثنا ابن عفير، قال: حدّثنا أبوعوف عبداللَّه بن عبدالرحمن، عن أبي جعفر محمد بن عليّ رضي اللَّه عنهما، أنّ عليّاً حَمَل فاطمة على حمار، و سار بها ليلاً إلى بيوت الأنصار؛ يسألهم النصرة، و تسألهم فاطمة الانتصار له، فكانوا يقولون: يا بنتَ رسول اللَّه، قد مضت بيعتُنا لهذا الرجل؛ لو كان ابنُ عمّك سبق إلينا أبابكر ما عَدَلْنا به؛ فقال عليّ: أكنت أتركُ رسولَ اللَّه ميِّتاً في بيته لا أُجهّزه، و أخرجُ إلى الناس أُنازعهم في سلطانه!

و قالت فاطمة: ما صنع أبوحسن إلا ما كان ينبغي له، و صنعوا هم ما اللَّه حسبهم عليه [ شرح ابن أبي الحديد، ج 6، ص 13. ]

و قال ابن عبد ربّه في "العقد الفريد" في الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر: علي، و العباس، و الزبير، و سعد بن عبادة، فأمّا علي و العباس و الزبير، فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبوبكر عمربن الخطاب ليُخرجهم من بيت فاطمة و قال له: إن أبوا فقاتِلهم، فأقبل بقبسٍ من نار على أن يُضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة، فقالت: 'يابن الخطاب، أجئت لتُحرق دارنا؟'. قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الاُمة... الحديث [ راجع العقد الفريد، ج 4، ص 259. ]

ثمّ نقل ابن عبد ربه، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: لم يُبايع عليٌّ عليه السلام أبابكر حتّى ماتت فاطمة، و ذلك بعد ستة أشهر من موت أبيها صلى الله عليه و آله [ المصدر السابق. ]

و قال ابن قتيبة الدينوري: و خرج عليّ عليه السلام يحمل فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله على دابة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة، و كانوا يقولون: يا بنت رسول اللَّه، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، و لو أنّ زوجك و ابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به.

فيقول عليّ عليه السلام: 'أفكنت أدع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في بيته لم أدفنه و أخرج اُنازع الناس سلطانه؟!'.

فقالت فاطمة: 'ما صنع أبوالحسن إلّا ما كان ينبغي له، و لقد صنعوا ما اللَّه حسيبهم و طالبهم' و ساق الكلام إلى أن قال - بعد ذكر عدم بيعة عليّ عليه السلام-: فأتى عمر أبابكر، فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة؟

فقال أبوبكر لقنفذ [ قُنفُذ: رجل فظّ غليظ، جاف، من الطلقاء، أحد بني عدي بن كعب- كتاب سليم بن قيس، ص 35. ]- و هو مولى له-: اذهب فادع لي عليّاً.

قال: فذهب إلى عليّ عليه السلام فقال له: 'ما حاجتك'.

فقال "قنفذ": يدعوك خليفة رسول اللَّه.

فقال عليّ عليه السلام: 'لسريع ما كذبتم على رسول اللَّه' فرجع فأبلغ الرّسالة، قال: فبكى أبوبكر طويلاً، فقال عمر الثانية: لا تمهل هذا المتخلّف عنك بالبيعة.

فقال أبوبكر لقُنفذ: عُد إليه، فقل له: خليفة رسول اللَّه يدعوك لتبايع، فجاءه قنفذ، فأدّى ما أمر به، فرفع عليّ عليه السلام صوته فقال: 'سُبحان اللَّه! لقد ادّعى ما ليس له' فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة، فبكى أبوبكر طويلاً، ثمّ قام عمر فمشى و معه جماعة حتّى أتوا باب فاطمة عليهاالسلام فدقّوا الباب، فلمّا سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: 'يا أبت، يا رسول اللَّه، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب، و ابن أبي قحافة'. فلمّا سمع القوم صوتها و بكاءها انصرفوا باكين، و كادت قلوبهم تنصدع و أكبادهم تنفطر، و بقي عمر و معه قوم، فأخرجوا عليّاً عليه السلام فمضوا به إلى أبي بكر، فقالوا له: بايع، فقال: 'إن أنا لم أفعل فمه؟'.

قالوا: إذاً و اللَّه الّذي لا إله إلّا هو نضرب عنقك. فقال: 'إذاً تقتلون عبداللَّه، و أخا رسوله!!'.

قال عمر: أمّا عبداللَّه، فنعم، و أمّا أخو رسوله فلا، و أبوبكر ساكت لا يتكلّم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟

فقال: لا اُكرهه على شي ء ما كانت فاطمة إلى جنبه، فلحق عليّ عليه السلام بقبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يصيح و يبكي و ينادي: 'يا ابن اُمّ، إنّ القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني'. [ الإمامة و السياسة، ج 1، ص 13. ]

إذن فما رواه الشيعة لم ينفردوا به، بل هو مطابق لما رواه كثير من المؤرخين، هذا و لو استعرضنا جميع أقوالهم في هذا المجال لطال بنا المقام، لذا نكتفي بما ذكرناه، و نحيل القاري الكريم إلى المظانّ التاريخية التي تكفّلت بذكر تلك الأحداث العظيمة من تاريخنا الاسلامي. [ راجع كتاب الغدير للشيخ الأميني، و كتاب إحراق بيت فاطمة عليهاالسلام للشيخ حسين غيب غلامي الذي يحتوي على دراسة مفصلة في مصادر و اسناد قضية احراق بيت الزهراء عليهاالسلام من الكتب المعتبرة عند أهل السنة. ]

مظلوميّته في الشورى


إنّ مظلوميّة الإمام عليّ عليه السلام و شدّة تأثّره بعد عمر بن الخطاب في قضيّة الشورى تظهر جليةً في كلمات خطبته الشقشقية، حيث يقول: 'أما و اللَّه لَقد تَقَمَّصَهَا ابنُ أبي قُحافة، و إنّه لَيَعْلَمُ أنّ مَحليّ مِنها مَحَلُّ القُطبِ مِنَ الرَّحى، يَنحِدرُ عَنّي السَّيل، وَ لا يَرْقَى إلَيّ الطير'، إلى أن قال: 'فَصَبَرْتُ عَلى طُولِ المُدّةِ و شِدّة الِمحنَة حَتّى إذا مَضَى لِسبَيله، جَعَلها في جَماعَةٍ زَعَمَ أنّي أحَدُهُم، فَيَاللَّه و لِلشُّورى! مَتّى اعتَرضَ الرّيبُ فيَّ مَعَ الأوّلِ مِنْهُم؟ حتّى صِرْتُ اُقْرَنُ إلى هذهِ النَّظائِر، لكِنّي أسْفَفْتُ إذْ أسَفّوا، و طِرْتُ إذ طاروُا، فَصَغا رَجلٌ مِنهم لضغنه، وَ مَالَ الآخرُ لِصهره مع هَنٍ وَهنٍ إلى أنْ قامَ ثالثُ القَوم نافِجاً حِضْنيهِ' الخطبة. [ الخطبة المعروفة بالشقشقية، نهج البلاغة، الخطبة 3. ]

و على هذا المنوال قال أيضا على ما نسب إليه عليه السلام من الحكم في شرح ابن أبي الحديد:- 'كنتُ في أيّام رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كجزء من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ينظَر إليَّ النّاس كما ينظر إلى الكواكب في اُفقِ السّماء، ثمّ غضّ الدّهر منّي، فقرن بي فلان و فلان، ثمّ قرنت بخمسة أمثلهم عثمان، فقلتُ: واذفراه [ الذفر: الرائحة الخبيثة. ]، ثمّ لم يَرْضَ الدّهرلي بذلك، حتّى أرذلني، فجعلني نظيراً لابن هند و ابن النابغة! لَقد استنَّت الفصال حتّى القرعى'. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 20، ص 326. ]

و في رسالته عليه السلام إلى معاوية بن أبي سفيان: 'فياعجباً للدّهر، إذ صرتُ يُقرن بي مَن لم يَسْعَ بقَدَمي، و لم تكن له كسابقتي الّتي لا يُدلي أحدٌ بمثلها، إلّا أن يَدّعي مُدَّعٍ ما لا أعرفه، و لا أظنّ اللَّه يَعرفه، و الحمد للَّه على كلِّ حال'.[ نهج البلاغة، الكتاب 9. ]

و فيما يلي قصة الشورى التي تظهر فيها مظلومية عليّ عليه السلام جليّة.

قال ابن أبي الحديد في شرحه: إنّ عمر لمّا طعنه أبولؤلؤة و علم أنّه ميّت، استشار فيمن يولّيه الأمر بعده، فاُشير عليه بابنه عبداللَّه، فقال: لاها اللَّه إذاً لا يليها رجلان من ولد الخطّاب، حسب عمر ما حُمِّل! حسب عمر ما احتقب [ احتقب الاثم: جمعه، و احتقب الشي: حمله خلفه. ]، لاها اللَّه! لا أتحمّلها حيّاً و ميّتاً!.

ثمّ قال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله مات و هو راضٍ عن هذه السّتة من قريش: عليّ، و عثمان، و طلحة، و الزّبير، و سعد، و عبدالرحمن بن عوف، و قد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ليختاروا لأنفسهم.

ثمّ قال: اُدعوهم لي، فدعوهم، فدخلوا عليه و هو ملقىً على فراشه يجود بنفسه، فنظر إليهم، فقال: اُكلّكم يطمع في الخلافة بعدي، فوجموا [ وجم و جماً و وجوماً: سكت على غيظ. ] فقال لهم ثانية، فأجابه الزّبير، و قال: و ما الّذي يُبعدنا منها! وليتها أنت فقمتَ بها، و لسنا دونك في قريش، و لا في السابقة، و لا في القرابة.

قال الشيخ أبوعثمان الجاحظ: و اللَّه لولا عِلْمه أنّ عمر يموت في مجلسه ذلك، لم يُقدم على أن يفوّه من هذا الكلام بكلمة، و لا أن تنفّس منه بلفظه، فقال عمر: أفلا أُخبركُم عن أنْفُسكِم؟! قال: قل، فإنّا لو استعفيناك لم تُعفنا.

ثمّ أقبل عمر إلى كلّ واحد من الستّة الحاضرين بين يديه، و خاطب القوم بكلمات جارحة، و ذمّهم ذمّاً شديداً إلّا عليّ بن أبي طالب عليه السلام سوى قوله: للَّه أنت "يا عليّ" لولا دُعابة [ الدعابة بالضم: المزاح و اللعب. ] فيك!

[ من أراد تفصيل الحديث فليلاحظه في شرح ابن أبي الحديد، ج 1، ص 185. ] أما و اللَّه لئن وليتَهم لتحملنّهم على الحقّ الواضح و المحجّةالبيضاء- إلى أن قال-: اُدعوا إليَّ أباطلحة الأنصاري، فدعوه له، فقال: انظر يا أبا طلحة، اذا عدتم من حُفرتي، فكُن في خمسين رجلاً من الأنصار حاملي سيوفكم، فخذ هؤلاء النفر بإمضاء الأمر و تعجيله، و اجمعهم في بيت، وقف بأصحابك على باب البيت ليتشاوروا و يختاروا واحداً منهم، فإن اتّفق خمسة و أبى واحد فاضرب عنقه، و إن اتّفق أربعة و أبى أثنان فاضرب أعناقهما، و إن اتّفق ثلاثة و خالف ثلاثة، فانظر الثلاثة الّتي فيها عبدالرحمن، فارجع إلى ما قد اتّفقت عليه، فإن أصرّت الثلاثة الاُخرى على خلافها فاضرب أعناقها، و إن مضت ثلاثة أيّام و لم يتفقوا على أمر، فاضرب أعناق الستّة، ودع المسلمين يختاروا لأنفسهم.

فلمّا دُفنَ عمر، جَمَعهم أبوطلحة، و وقف على باب البيت بالسيف في خمسين من الأنصار، حاملي سيوفهم، ثمّ تكلّم القوم و تنازعوا، فأوّل ما عمل طلحة أنّه أشهدَهم على نفسه أنّه قد وهبَ حقّه من الشورى لعثمان، و ذلك لِعلمه أنّ النّاس لا يَعدِلون به عليّاً و عثمان، و أن الخلافة لا تخلُص له و هذان موجودان، فأراد تقوية أمر عثمان و إضعاف جانب عليّ عليه السلام بهبة أمر لا انتفاع له به، و لا تمكّن له منه.

فقال الزّبير في معارضته: و أنا أشهدكم على نفسي أنّي قد وهبتُ حقّي من الشورى لعليّ، و إنّما فعل ذلك لأنّه لمّا رأى عليّاً قد ضعُف و انخزل بهبة طلحة حقّه لعثمان، دخلته حميّة النَّسب، لأنّه ابن عمّة أميرالمؤمنين عليه السلام و هي صفيّة بنت عبدالمطلب، و أبوطالب خالُه.

و إنّما مال طلحةُ إلى عثمان لانحرافه عن عليّ عليه السلام باعتبار أنّه تيميّ و ابن عمّ أبي بكر، و قد كان حصلَ في نفوس بني هاشم من بني تيم حنق شديد لأجل الخلافة، و كذلك صار في صدور تيم على بني هاشم، و هذا أمرٌ مركوز في طبيعة البشر، و خصوصاً طينة العرب و طباعها و التجربة إلى الآن تحقّق ذلك، فبقي من الستة أربعة. فقال سعد بن أبي وقاص: و أنا قد وهبتُ حقّي من الشّورى لابن عمّي عبدالرّحمن، و ذلك لأنّهما من بني زهرة، و لعلم سعد أنّ الأمر لا يتمّ له، فلمّا لم يبق إلّا الثلاثة، قال عبدالرحمن لعليّ و عثمان: أيكمّا يُخرج نفسه من الخلافة، و يكون إليه الاختيار في الاثنين الباقيين؟

فلم يتكّلّم منهما أحد، فقال عبدالرحمن: أُشهدِكم أننّي قد أخرجتُ نفسي من الخلافة، على أن أختار أحدهما، فأمسكا، فبدأ بعليّ عليه السلام و قال له: اُبايعك على كتاب اللَّه، و سنّة رسول اللَّه، و سيرة الشيخين: أبي بكر و عمر.

فقال: 'بل على كتاب اللَّه، و سنّة رسوله، و اجتهاد رأيي' فعدل عنه إلى عثمان، فعرض ذلك، عليه، فقال: نعم: فعاد إلى عليّ عليه السلام فأعاد قوله، فعل ذلك عبدالرحمن ثلاثاً، فلمّا رأى أنّ عليّاً عليه السلام غير راجع عمّا قاله، و أنّ عثمان يُنعم له [ أنعم له: إذا قال مجيباً 'نعم'. ] بالاجابة، صفّق على يد عثمان، و قال: السّلام عليك يا أميرالمؤمنين، فيقال: إنّ عليّاً عليه السلام قال له: 'و اللَّه ما فعلتها إلّا لأنّك رجوت منه ما رجا صاحبُكما من صاحبه، دقّ اللَّه بينكما عِطر مَنشِم [ منشم بكسر الشين: اسم امرأة كانت بمكّة عطارة، و كانت خزاعة و جُرهم إذا أرادوا القتال تطيّبوا من طيبها، و كانوا إذا فعلوا ذلك كثرت القتلى فيما بينهم، فكان يقال: أشأم من عطر مَنشم، فصار مثلاً. ]'.

قيل: ففسد بعد ذلك "بدعاء علي عليه السلام" بين عثمان و عبدالرحمن، فلم يكُلّم أحدّهما صاحبه حتى مات عبدالرحمن. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 1، ص 188؛ و راجع الكامل في التاريخ، ج 2، ص 219؛ و تاريخ الطبري، ج 3، ص 292. ]

/ 74