اخباره بحكومة الحجّاج
في شرح ابن أبي الحديد، عن إسماعيل بن رجاء، قال: قام أعشى باهلة [ أعشى باهلة، اسمه عامر بن الحارث و كان شاعراً معروفاً. ]- و هو غلامٌ يومئذٍ حدث- إلى عليّ عليه السلام و هو يخطب و يذكُر الملاحم فقال: يا أمير المؤمنين، ما أشبه هذا الحديث بحديث خُرافة! فقال عليّ عليه السلام: 'إن كنتَ آثماً فيما قلتَ يا غلام، فرماك اللَّه بغلام ثقيف' ثمّ سكت، فقام رجال فقالوا: و مَن غلامُ ثقيف يا أميرالمؤمنين؟ قال عليه السلام: 'غلام يملك بلدتكُم هذه لا يترك للَّه حرمةً إلّا انتهكَها، يضرب عُنُق هذا الغلام بسيفه.' قالوا: فيُقتَلُ قتلاً أم يموت موتاً؟ قال: 'بل يموتُ حتف أنفه بداء البَطن، يثقب سريره لكثرة ما يخرج من جوفه'. قال إسماعيل بن رجاء: فو اللَّه لقد رأيتُ بعيني أعشى باهلة، و قد اُحضر في جملة الأسرى الّذين اُسروا من جيش عبدالرّحمن بن محمّد بن الأشعث بين يدي الحجّاج فقرّعه و وبّخه، و استنشده شِعره الّذي يحرِّض فيه عبدَ الرّحمن على الحرب، ثمّ ضرب عنقه في ذلك المجلس. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 2، ص 289. ]
اخباره عن أمرأة بأنّها شبيهة الرجال و النساء
في شرح ابن أبي الحديد: عن عكرمة عن يزيد الأحمسيّ: أنّ عليّاً عليه السلام كان جالساً في مسجد الكوفة، و بين يديه قوم منهم عمرو بن حُريث، إذ أقبلت امرأة مختمرة لا تُعرف فوقفت، فقالت لعليّ عليه السلام: يا مَن قتل الرجال، و سفك الدماء، و أيتم الصبيان، و أرمل النساء! فقال عليه السلام: 'و إنّها لهي هذه السَّلَقْلَقَة [ السلقلقة: السليطة، و أصله من السَّلق و هو الذئب، و السَّلقة: الذئبة. ] الجَلعِة الَمجِعَةُ [ الجلعة المجعة: البذيّة اللسان. ]، و إنّها لهي هذه شبيهة الرجال و النساء الّتي ما رأت دماً قطّ'. قال الرّاوي: فولّت هاربة منكِّسة رأسها، فتبعها عمرو بن حريث، فلمّا صارت بالرحبة، قال لها: و اللَّه لقد سررتُ بما كان منك اليوم إلى هذا الرّجل، فادخلي منزلي حتّى أهب لك و أكسوك، فلمّا دخلت منزله أمر جواريه بتفتيشها و كشفها و نزع ثيابها لينظر صدقه عليه السلام فيما قاله عنها، فبكت و سألته ألّا يكشفها، و قالت: أنا و اللَّه كما قال عليه السلام، لي رَكَب [ الركب: منبت العانة. ] النساء، و أُنثيان كاُنثيي الرّجال، و ما رأيت دماً قطّ، فتركها و أخرجها. ثمّ جاء إلى عليّ عليه السلام فأخبره فقال: 'إنّ خليلي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أخبرني بالمتمردين عليّ من الرّجال و المترّدات من النساء إلى أن تقوم الساعة'. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 2، ص 288. ]
نعيه نفسه و إخباره عن شهادته
و نعيه نفسه و من ذلك ما تواترت به الروايات من نعيه عليه السلام نفسه قبل وفاته، و الخبر عن الحادث في قتله، و انه يخرج من الدنيا شهيداً بضربة في رأسه يخضب دمها لحيته، فكان الأمر في ذلك كما قال. و من ذلك قوله عليه السلام: 'و اللَّه لتخضبنّ هذه من هذا' و وضع يده على رأسه و لحيته. [ الطبقات الكبرى، ج 3، ص 34؛ الاستيعاب بهامش الاصابة، ج 3، ص 61. ] و قوله عليه السلام: 'ما يمنع أشقاها أن يخضبها من فوقها بدمٍ'. [ الاستيعاب بهامش الاصابة، ج 3، ص 61. ] و منها ما رواه أصحاب الآثار: أنّ الجَعْد بن بَعْجة- رجلاً من الخوارج- قال له عليه السلام: اتق اللَّه يا علي، فانك ميت. فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: 'بل و اللَّه مقتول قتلاً، ضربةً على هذا و تخضب هذه- و وضع يده على رأسه و لحيته- عهد معهود، و قد خاب من افترى'. [ رواه الحاكم في المستدرك، ج 3، ص 143؛ و ابن عساكر في ترجمته عليه السلام، ج 3، ص 278، ح 1364؛ و ابن الجوزي في التذكرة، ص 158؛ و المحبّ الطبري في الذخائر، ص 112. ] و أيضاً رواه الثقات عنه عليه السلام أنه كان يفطر في شهر رمضان الذي ضُرِب فيه ليلة عند الحسن و ليلة عند الحسين، و ليلة عند ابن عباس، لا يزيد على ثلاث لقم، فقال له الحسن- و قيل: الحسين- في ذلك، فقال: يا بُني، يأتي أمر اللَّه و أنا خميص، إنّما هي ليلة أو ليلتان، فأُصيب من الليل. [ أخرجه الخوارزمي في المناقب، ص 392، ح 410؛ و ابن الأثير في أُسد الغابة، ج 4، ص 35؛ و ابن الصباغ في الفصول المهمة، ص 139؛ و مصادر اُخرى كثيرة و معتبرة. ] و منها قوله عليه السلام في الليلة التي ضربه الشقي ابن ملجم في آخرها، و قد توَجَّه إلى المسجد، فصاح الإوزّ في وجهه، فطردهنّ الناس عنه، فقال: اتركوهنّ فانّهن نوائح، و خرج فأُصيب. [ أخرجه ابن الأثير في أُسد الغابة، ج 4، ص 36؛ و ابن الجوزي في تذكرة الخواص، ص 162؛ و المحبّ الطبري في ذخائر العقبى، ص 112؛ و ابن الصباغ في الفصول المهمة، ص 139. ]
اخباره بقاتل الحسين
1- في شرح ابن أبي الحديد، عن محمّد بن عليّ: قال: لمّا قال عليّ عليه السلام:'سلوني قبل أن تفقدوني، فو اللَّه لا تسألونني عن فئةٍ تُضلّ مائة و تَهدي مائة إلّا أنباتكم بناعقها و سائقها'، قام إليه رجلٌ فقال: أخبرني بما في رأسي و لحيتي من طاقة شعر. فقال له عليّ عليه السلام: 'و اللَّه لقد حدّثني خليلي أنّ على كل طاقة شعر من رأسك مَلَكاً يَلعنك، و إنّ على كلّ طاقة شعر من لحيتك شيطاناً يغويك، و إنّ في بيتك سَخلاً يَقتلُ ابنَ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله '. و كان ابنه قاتل الحسين عليه السلام يومئذ طفلاً يحبو، و هو سنان بن أنس النّخعيّ. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 2، ص 286. ] 2- و فيه أيضاً عن سويد بن غفلة: أنّ عليّاً عليه السلام خطب ذات يوم فقام رجل من تحت مِنبره، فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّي مررتُ بوادي القُرى، فوجدتُ خالد بن عرفطة قد مات، فاستغفر له. فقال عليه السلام: 'و اللَّه ما مات و لا يموت حتّى يقود جيش ضلالة، صاحب لوائه حبيب بن جمّاز' [ في شرح ابن أبي الحديد: حبيب بن حمار. ] فقال رجل آخر من تحت المنبر، فقال: يا أميرالمؤمنين، أنا حبيب بن جمّاز، و إنّي لك شيعة و محبّ، فقال: 'أنت حبيب بن جمّاز؟' قال: نعم. فقال له ثانية: 'و اللَّه إنّك لحبيب بن جمّاز؟' فقال: إي و اللَّه! قال: 'أما و اللَّه إنّك لحاملها و لتحملنّها، و لتدخُلنَّ بها من هذا الباب' و أشار بها إلى باب الفيل بمسجد الكوفة. قال ثابت: فو اللَّه ما مُتّ حتّى رأيت ابنَ زياد و قد بعث عمر بن سعد إلى الحسين بن عليّ عليه السلام، و جعل خالد بن عُرفطة على مقدّمته، و حبيب بن جمّاز صاحب رايته، فدخل بها من باب الفيل. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 2، ص 278؛ مقاتل الطالبيين، ص 71. ]
اخباره بما وقع على أصحابه
منها صلب ميثم التمار
روي عن أحمد بن الحسن الميثمي، قال: إنّ ميثماً التمّار كان عبداً لامرأة من بني أسد، فاشتراه أميرالمؤمنين عليه السلام منها فأعتقه. فقال له: ما اسمك؟ فقال: سالم. فقال: أخبرني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أنّ اسمك الّذي سمّاك به أبواك في العجم ميثم. قال: صدق اللَّه و رسوله، و صدقت يا أميرالمؤمنين و اللَّه إنّه لاسمي. قال: فارجع إلى اسمك الّذي سمّاك به رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و دع سالماً، فرجع إلى ميثم، و اكتنى بأبي سالم. فقال له عليّ عليه السلام ذات يوم: 'إنّك تؤخذ بعدي فتصلب و تطعن بحربة، فإذا كان اليوم الثالث ابتدر منخراك و فمك دماً يخضب لحيتك، فانتظر ذلك الخضاب، فتصلب على باب دار عمرو بن حريث عاشر عشرة، أنت أقصرهم خشبة، و أقربهم من المطهرة، و امض حتّى أُريك النّخلة الّتي تصلب على جذعها' فأراه إيّاها. و كان ميثم يأتيها فيصلّي عندها، و يقول: بوركت من نخلة لك خلقت، ولي غذيت، و لم يزل يتعاهدها حتّى قطعت، و حتّى عرف الموضع الّذي يصلب عليه بالكوفة، فكان كما قال عليه السلام، الحديث. [ انظر شرح ابن أبي الحديد، ح 2، ص 291؛ الاصابة، ج 3، ص 504. ]و منها قتل كميل بن زياد
و من ذلك أنّ الحجّاج طلب كميل بن زياد فهرب منه، فقطع عطاء قومه، فلمّا رأى ذلك، قال: إنّي أنا شيخ كبير قد نفد عمري، فلا ينبغي أن أحرم قومي اُعطياتهم. فخرج إلى الحجّاج فقال: قد كنت اُحبّ أن أجد عليك جميلاً. فقال له كميل: إنه ما بقي من عمري إلّا القليل فاقض ما أنت قاض، فانّ الموعد اللَّه، و لقد أخبرني أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّك قاتلي، فقال:بلى، قد كنت فيمن قتل عمر، اضربوا عنقه، فضرب عنقه. [ الاصابة، ج 3،ص 318. ]
و منها صلب رشيد الهجري
روى أبوبكر ابن عيّاش عن مجالد، عن الشعبي، عن زياد بن النضر الحارثي، قال: كنت عند زياد إذ اُتي برشيد الهجريّ، فقال له زياد: ما قال لك صاحبك- يعني عليّاً- عليه السلام أنّا فاعلون بك؟ قال: تقطعون يدي و رجلي و تصلبونني. فقال زياد: أم و اللَّه لأُكذّبن حديثه، خلّوا سبيله، فلمّا أراد أن يخرج، قال زياد: و اللَّه ما نجد له شيئاً شرّاً ممّا قال له صاحبه، اقطعوا يديه و رجليه و اصلبوه. فقال رشيد: هيهات، قد بقي لي عندكم شي ءٌ أخبرني به أميرالمؤمنين عليه السلام. فقال زياد: اقطعوا لسانه، فقال رشيد: الآن و اللَّه جاء تصديق خبر أميرالمؤمنين [ شرح ابن أبي الحديد، ج 2، ص 294. ]