حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) - نسخه متنی

سید اصغر ناظم زاده قمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


كلّ بطش إلّا ما هو للَّه رضاً، و لا يرى الرضا إلّا فيما يرضاه اللَّه و يحبّه، و لا يرى الرضا إلّا فيما دلّ عليه الكتاب و السنّة دون ما يعوّل عليه أصحاب الدهاء و النكراء و المكائد و الآراء، إلى آخر كلامه. [ شرح ابن أبي الحديد ج 10، ص 228. ]

قول أبي منصور التيمي


قال العلاّمة أبومنصور التيمي البغدادي: و ما قاتل عليّ عليه السلام أصحاب الجمل و أهل صفّين ليسلموا، و إنّما قاتلهم لبغيهم عليه عليه السلام، لذلك قال لإصحابه: ''لا تبدؤوهم بقتال حتّى يبدؤوكم'' و نهى عن اتّباع من أدبر منهم، و عن أن يذفّف [ لا يذفّف على جريح: أي لا يسارع في قتله. ] على جريح منهم. [ أصول الدين لأبي منصور التيمي البغدادي ص 284؛ نقلاً عن الاحقاق، ج 8، ص 550. ]

قول القاضي أبي يوسف


و قال القاضي أبويوسف في كتاب "الخراج": إنّ الصحيح عندنا من الأخبار عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه لم يقاتل قوماً قطّ من أهل القبلة ممّن خالفه حتّى يدعوهم، و أنّه لم يتعرّض بعد قتالهم و ظهوره عليهم لشي ء من مواريثهم و لا لنسائهم و لا لذراريهم، و لم يقتل منهم أسيراً، و لم يذفّف منهم على جريح، و لم يتّبع منهم مدبراً. [ الخراج للقاضي أبي يوسف، ص 215. ]

رواية البيهقي عن محمّد بن عمر بن عليّ


و روى البيهقي في "السنن الكبرى" بسنده عن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب: أنّ عليّاً عليه السلام لم يقاتل أهل الجمل حتّى دعا النّاس ثلاثاً، حتّى إذا كان اليوم الثالث دخل عليه الحسن و الحسين عليهماالسلام و عبداللَّه بن جعفر فقالوا: قد أكثروا فينا الجراح، فقال: ''يا بن أخي، و اللَّه ما جهلت شيئاً من أمرهم، إلّا ما كانوا فيه'' و قال: ''صبّ لي ماء'' فصبّ له ماء، فتوضّأ به ثمّ صلّى ركعتين، حتّى إذا فرغ رفع يديه و دعا ربّه، و قال لهم: ''إن ظهرتم على القوم فلا تطلبوا مدبراً، و لا تجهزوا على جريح، و انظروا ما حضرت به الحرب من آيته [ في نسخة: من آنية. ] فاقبضوه، و ما كان سوى ذلك فهو لورثته''.

و قال: قال الدّاروردي: أخبرنا جعفر عن أبيه: أنّ عليّاً عليه السلام كان لا يأخذ سلباً، و أنّه كان يباشر القتال بنفسه، و أنّه كان لا يذفّف على جريح، و لا يقتل مدبراً. [ السنن الكبرى، ج 8، ص 181. ]

رواية الطبري عن محمد بن راشد


و في "تاريخ الطبري" بإسناده عن محمد بن راشد، عن أبيه، قال: كان من سيرة عليّ عليه السلام أن لا يقتل مدبراً، و لا يذفّف على جريح، و لا يكشف ستراً، و لا يأخذ مالاً، فقال قوم يومئذٍ: ما يُحلّ لنا دماءهم، و يحرّم علينا أموالهم؟ فقال عليه السلام: ''القوم أمثالكم، من صفح عنّا فهو منّا و نحن منه، و من لجَّ حتّى يصاب فقتاله منّي على الصّدر و النحر، و إنّ لكم في خمسه لغنى'' فيومئذ تكلّمت
الخوارج. [ تاريخ الطبري، ج 3، ص 545. ]

قول جورج جرداق المسيحي


قال جورج جرادق في كتاب "الإمام عليّ صوت العدالة الإنسانية" في وصف أميرالمؤمنين عليه السلام: و مروءة الإمام أندر من أن يكون لها مثل في التاريخ، و حوادث المروءة في سيرته أكثر من أن تعدّ.

منها: أنّه أبى على جنده - و هم في حال من النقمّة و السخطّ - أن يقتلوا عدّواً تراجع، و أن يتركوا عدوّاً جريحاً فلا يسعفوه، كما أبى عليهم أن يكشفوا ستراً أو أن يأخذوا مالاً.

و منها: أنّه صلّى في وقعة الجمل على القتلى من أعدائه و سأل لهم الغفران، و أنّه حين ظفر بألدّ أعدائه الذين يتحيّنون الفرص للتّخلص منه، و هم: عبداللَّه بن الزّبير، و مروان بن الحكم، و سعيد بن العاص، عفا عنهم و أحسن إليهم، و أبى على أنصاره أن يتعقّبوهم بسوء و هم على ذلك قادرون.

و من حوادث المروءة أنّ عليّاً عليه السلام ظفر بعمرو بن العاص- و هو لا يقلّ خطراً عليه من معاوية بن أبي سفيان- فأعرض عنه و تركه ينجو بحياته و يستمر في مؤامراته ضدّه، لأنّ عَمْراً هذا رجاه على اُسلوب خاصّ [ و هو أن عمرو بن العاص كشف عورته في أرض المعركة جبناً و طمعاً في النجاة من سيف أميرالمؤمنين عليه السلام. ] أن يعفو عنه، و قد أصبح ذوالفقار فوق هامته، و لو قضى عليّ عليه السلام على عمرو آنذاك لكان قضى على المكر و الدّهاء و جيش معاوية.

و في معركة صفّين حاول معاوية و جماعته أن يميتوا عليّاً عطشاً، فحالوا
بينه و بين الماء زمناً و هم يقولون له: و لا قطرة حتّى تموت عطشاً، و لكن ما كان من أمره و أمر جيش معاوية بعد ذلك، كان أن حمل عليهم الفارس العظيم فأجلاهم عن الماء، ثمّ أتاح لهم أن يشربوا منه كما يشرب جنده، و لو منع عنهم الماء لانتصر عليهم، و اضطرّهم إلى التسليم خشية الموت ظمأً.

و عرف مرّة أنّ رجلين من أنصاره ينالان من عائشة في موقعة الجمل الّتي أدارتها عائشة للقضاء عليه، فأمر بجلدهما مائة جلدة، ثمّ أقبل على عائشة بعد انتصاره في هذه الموقعة و ودّعها أكرم وداع، و سار هو نفسه في ركابها أميالاً، ثمّ أوصى بها، و أرسل من يخدمها و يخفّ بها و يوصلها إلى المدينة مكرّمة محترمة.

قيل: إنّه أرسل معها عشرين امرأة من نساء عبدالقيس عمّمهنّ بعمائم الرجال، و قلّدهنّ السيوف، فلمّا كانت عائشة ببعض الطريق ذكرت عليّاً بما لا يجوز أن يذكر به، و تأفّفت و قالت: هتك ستري برجاله و جنده الّذين و كلهم بي، فلمّا وصلت إلى المدينة ألقى النّساء عمائمهنّ، و قلن لها: نحن نسوة. [ الامام عليّ صوت العدالة الانسانية، ج 1، ص 82. ]

و فيما يلي نورد بعض أخباره عليه السلام مع مخالفيه في حرب الجمل:

رواية البيهقي عن جويرية


في "السنن الكبرى" للحافظ البيهقي بإسناده عن جويرية بن أسماء، قال: رواه عن يحيى بن سعيد، قال: حدّثني عمّي أو عمّ لي، قال: لمّا تواقفنا يوم الجمل و قد كان عليّ عليه السلام حين صفّنا نادى في النّاس: ''لا يرمينّ رجل بسهم و لا يطعن برمح، و لا يضرب بسيف، و لا تبدؤوا القوم بالقتال، و كلّموهم بألطف الكلام''.

و أظنّه قال: ''فإنّ هذا مقام من فلج فيه، فلج [ الفلج، بوزن الفلس: الفوز و الظفر. ] يوم القيامة''. [ السنن الكبرى، ج 8، ص 180. ]

رواية أبي يوسف


في كتاب الخراج لأبي يوسف، قال: حدثّنا بعض المشيخة عن جعفر بن محمّد، عن أبيه: ''أنّ عليّاً عليه السلام، أمر مناديه فنادى يوم البصرة: لا يتّبع مدبر، و لا يذفّف على جريح، و لا يقتل أسير، و من أغلق بابه فهو آمن، و من ألقى سلاحه فهو آمن، قال: و لم يأخذ من متاعهم شيئاً''. [ الخراج لأبي يوسف، ص 215. ]

تجهيز عليّ عائشة من البصرة


في "تاريخ الطبري" أيضاً عن محمّد و طلحة قالا: و جهّز عليّ عليه السلام عائشة بكلّ شي ء ينبغي لها من مركب أو زاد أو متاع، و أخرج معها كلّ من نجا ممّن خرج معها إلّا من أحبّ المقام، و اختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات، و قال: تجهّز- يا محمّد [ المراد أخوها محمد بن أبي بكر. ]- فبلّغها، فلمّا كان اليوم الذي ترتحل فيه جاءها حتّى وقف لها و حضرت النّاس فخرجت على النّاس و ودّعوها و ودّعتهم [ تاريخ الطبري، ج 3، ص 547. ]

و عن العلاّمة سبط ابن الجوزي في "التذكرة" قال: قال هشام بن محمّد: فجهّزها- أي عائشة- على أحسن الجهاز، و دفع لها مالاً كثيراً، و بعث معها أخاها عبدالرحمن في ثلاثين رجلاً و عشرين امرأة من أشراف البصرة و ذوات الدّين من همدان و عبد القيس، و ألبسهنّ العمائم، و قلّدهنّ السيوّف بزيّ الرجال، و قال عليه السلام لهنّ: ''لا تعلمنها إنكنّ نسوة، و تلثّمن و كنّ حولها، و لا يقربنّها رجل''.

و سرن معها على هذا الوصف، فلمّا وصلت إلى المدينة، قيل لها: كيف كان
مسيرك؟ فقالت عائشة: بخير- و اللَّه- لقد أعطى فأكثر، و لكنّه بعث رجالاً معي أنكرتهم، فبلغ ذلك النسوّة، فجئن إليها و عرّفنها أنهنّ نسوة. [ التذكرة للعلامة سبط ابن الجوزي، ص 80؛ و الإحقاق، ج 8، ص 657. ]

رواية عمرو بن العاص في غلبته على الماء


عن ابن أبي الحديد، قال: قال عمرو بن العاص لمعاوية لمّا ملك أهل العراق الماء: ما ظنّك يا معاوية- بالقوم، إن منعوك اليوم الماء كما منعتهم أمس، أتراك تضاربهم عليه كما ضاربوك عليه؟ ما أغنى عنك أن تكشف لهم السّوءة!.

فقال معاوية: دع عنك ما مضى، فما ظنّك بعليّ؟

قال: ظنّي أنّه لا يستحلّ منك ما استحللت منه، و إنّ الّذي جاء له غير الماء. قال:فقال معاوية قولاً أغضبه، فقال عمرو:




  • أمرتك أمراً فسخَّفته
    و خالفني ابن أبي سرحه



  • و خالفني ابن أبي سرحه
    و خالفني ابن أبي سرحه



[ يريد عبداللَّه بن سعد بن أبي سرح. ]




  • و أغمضت في الرأي إغماضةً
    فكيف رأيت كِباش العراقِ
    فإن ينطحونا غداً مثلها
    أظنُّ لها اليومَ ما بعدَها
    و إن أخّروها لِما بعدَها
    و قد شرب القوم ماء الفرات
    و قَلَّدك الأشتر الفَضحَه



  • و لم تَرَ في الحرب كالفسحه
    ألم ينطحُوا جَمْعَنا نَطْحَه
    فكن كالزبيريّ أو طَلْحه
    و ميعاد ما بيننا صُبحَه
    فقد قدَّموا الخبطَ و النَّفحَه
    و قَلَّدك الأشتر الفَضحَه
    و قَلَّدك الأشتر الفَضحَه




[ شرح ابن أبي الحديد، ج 3، ص 330. ]

رواية نصر بن محمّد في ذلك


و فيه أيضاً عن نصر بن محمّد بن عبداللَّه، قال: فقال أصحاب عليّ له: إمنعهم الماء- يا أميرالمؤمنين- كما منعوك.

فقال: ''لا، خلّوا بينهم و بينه، لا أفعل ما فعله الجاهلون، سنعرض عليهم كتاب اللَّه، و ندعوهم إلى الهدى، فإن أجابوا و إلّا ففي حدّ السيف ما يغني إن شاء اللَّه''. [ المصدر السابق، ج 3، ص 330. ]

قال نصر: فو اللَّه ما أمسى النّاس حتّى رأوا سقاتهم و سقاة أهل الشّام ورَواياهم ورَوايا أهل الشّام يزدحمون على الماء ما يؤذي إنسانٌ إنساناً. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 3، ص 331. ]

سيرته مع اُسارى صفّين


في "الكنى و الأسماء" للعلاّمة الدولابي: بسنده عن يزيد بن بلال، قال: شهدت مع عليّ عليه السلام صفّين، فكان إذا اُتي بالأسير، قال عليه السلام: ''لن أقتلك صبراً، إنّي أخاف اللَّه ربّ العالمين'' و كان إذا أخذ الأسير أخذ سلاحه، و حلّفه أن لا يقاتله، و أعطاه دراهم، و يخلّي سبيله. [ إحقاق الحق، ج 8، ص 662. ]

و روى الحديث العلاّمة المولى عليّ المتقيّ الهندي في كنز العمّال عن يزيد بن بلال بعين ما تقدّم عن الكنى و الاسماء إلّا أنّه قال: و يعطيه أربعة دراهم. [ كنزل العمال، ج 7، ص 345، ح 31703. ]

و عن "سنن البيهقي" عن أبي فاخته: أنّ عليّاًعليه السلام اُتي بأسير يوم صفّين، فقال: لا تقتلني صبراً. فقال عليّ عليه السلام: ''لا أقتلنَّك صبراً، إنّي أخاف اللَّه ربّ العالمين''
فخلّى سبيله، ثمّ قال: ''أفيك خير تبايع؟!''.

قال الشافعي: و الحرب يوم صفّين قائمة و معاوية يقاتل جادّاً في أيّامه كلّها منتصفاً أو مستعلياً [ في سنن البيهقي، ج 8، ص 182، عن الشيخ: قول الشافعي: "ومعاوية يقاتل جاداً..." معناه أنّه كان يساويه مرّة في القتال و يعلوه اُخرى، فكان فئة لهذا الأسير، و مع ذلك لم يقتله علي عليه السلام، ولم يستجز قتله، و قيل: منتصفاً عند نفسه لدعواه أنّه يطلب دم عثمان، و مستعلياً غيره، لعلمهم بأنّ عليّاً عليه السلام كان بريئاً من دم عثمان. ]، و عليّ عليه السلام يقول لأسير من أصحاب معاوية: ''لا أقتلك صبراً إنّي أخاف اللَّه ربّ العالمين!''. [ السنن الكبرى للبيهقي، ج 8، ص 182. ]

و فيما يلي نورد بعض أخباره عليه السلام مع مخالفيه من الخوارج:

سيرته مع الخوارج


إنّ بالإمكان الادّعاء بأنّ أيّة فئة لم تؤذ عليّاً عليه السلام بقدر ما آذته فئة الخوارج، إذ ملأوا قلبه قيحاً، و ذلك أنّهم كانوا من شيعته، و على جباههم آثار السجود، إلّا أنّهم وقفوا بوجه الإمام و اتخذوا التحكيم الّذي أصرّوا على تنفيذه ذريعة للخروج على عليّ عليه السلام...

لقد كان هؤلاء اُناساً متعصّبين في دينهم و جهلاء فهموا الاُمور بغير وجهتها الصحيحة، و ظنّوا بأفكارهم المتحجّرة أنّهم يبتغون بهذا الخروج وجه اللَّه تعالى!!.

لقد أصرّ هؤلاء على عليّ عليه السلام أن يقرّ بأنّ التحكيم كان ذنباً، و عليه أن يتوب منه، و لم يكن عليّ عليه السلام ليعترف بأنّ هذا ذنب اقترفه، بل كان يراه خطأً سياسياً فُرِض عليه من قبل أصحابه في صفّين الّذين صاروا خوارج فيما بعد، و لم يرض الخوارج بهذا الرأي، و لذلك كانوا يعرِّضون بعليّ عليه السلام و يُصلّون فرادى في المسجد
الّذي كان يُصلّي فيه جماعة.

و كانوا يتحرّكون في المسجد حينما يخطب، و يثيرون الضّجة ليفسدوا مجالسه العلميّة، و إذا ما قرأ في الصلاة كانوا ينسبون إليه الكفر و الشرك من خلال قراءتهم لبعض آيات القرآن...

غير أنّ عليّاً عليه السلام مثال الحقّ، و وارث علوم الأنبياء، و الحاكم بالعدل، كان يصبر أمام كلّ هذه التحدّيات و التعريضات، و مع أنّ السلطة و قدرتها كانت بيده إلّا أنّه لم يبد أدنى ردّ فعل ضدّهم رجاء أن ينتبه هؤلاء من غفلتهم و يتركوا طريق الانحراف الّذي اختاروه، و يعودوا إلى الصواب، و لئلّا يراق دمٌ نتيجة هذه الأوضاع، و لذلك كان يَعظهم أحياناً، و يُجيبهم على اعتراضاتهم، و يبيّن لهم الحقيقة و لم يخرجهم من المساجد، و لا قطع عنهم عطاءهم، و لم يُجدِ ذلك نفعاً مع هؤلاء، و بلغ بهم جهلهم و حمقهم أن يخرجوا على عليّ عليه السلام في أربعة آلاف، فاجتمعوا عند النهروان، و شنّوا حرباً غير مدروسة ضد عليّ عليه السلام، فاستأصلهم و لم ينجُ منهم إلّا تسعة نفر، و لم يقتل من جيش عليّ عليه السلام إلّا تسعة شهداء على أشهر الروايات. [ اقتباس من نهج البلاغة، الخطبة 58. ]

فلمّا انتهى الأمر هنا، قال عليّ عليه السلام ''لا تقتلوا الخوارج بعدي...''

[ نهج البلاغة، الخطبة 61. ] و من أجل زيادة الإيضاح نورد نماذج من التّصرفات المشينة للخوارج مع عليّ عليه السلام لتتجلّى عظمة عليّ عليه السلام و صبره مع معارضيه، و ليكون درساً و اُسوة للجميع.

مداراته الخوارج حينما اجتمعوا في الكوفة


روى الطبري عن أبي مخنف، عن أبي المغفّل، عن عون بن أبي جحيفة: أن عليّاً عليه السلام لما أراد أن يبعث أبا موسى للحكومة، أتاه رجلان من الخوارج: زُرعة بن
البُرج الطائي، و حُرقوص بن زُهير السعدي، فدخلا عليه، فقالا له: لا حكم إلّا للَّه، فقال عليّ عليه السلام: لا حكم إلّا للَّه، فقال له حُرقوص: تُب من خطيئتك، و ارجع عن قضيتك، و اخرج بنا إلى عدوّنا نقاتلهم حتى نلقى ربّنا.

فقال لهم عليٌّ عليه السلام: قد أردتكم على ذلك فعصيتموني، و قد كتبنا بيننا و بينهم كتاباً، و شرطنا شروطاً، و أعطينا عليها عهودنا و مواثيقنا، و قد قال اللَّه عزّوجلّ: ''و أوفوا بعهد اللَّه إذا عاهدتم و لا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها و قد جعلتم اللَّه عليكم كفيلاً إنّ اللَّه يعلم ما تفعلون'' [ النحل، 91. ]

فقال له عليّ عليه السلام: ''ما هو ذنب، ولكنه عجز من الرأي، و ضعف من الفعل، و قد تقدّمت إليكم فيما كان منه و نهيتكم عنه''.

فقال زرعة: أما و اللَّه لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب اللَّه عزّوجلّ قاتلتك،أطلب بذلك وجه اللَّه و رضوانه؟!.

فقال له عليّ عليه السلام: ''بؤساً لك ما أشقاك! كأنّي بك قتيلاً تسفي عليك الريح''. قال زرعة: وددّت أنّه كان ذلك، الحديث. [ تاريخ الطبرى، ج 5،ص 72، حوادث سنة 37. ]

صورة اُخرى


روى أبوجعفر الطبري، عن أبي رزين، قال: لمّا وقع التحكيم و رجع عليّ من صفّين رجعوا مباينين له، فلمّا انتهوا إلى النهر أقاموا به، فدخل عليّ في النّاس الكوفة، و نزلوا بحروراء، فبعث إليهم عبداللَّه بن عبّاس و لم يصنع شيئاً، فخرج إليهم عليّ عليه السلام فكلّمهم حتّى وقع الرضا بينه و بينهم، فدخلوا الكوفة، فأتاه رجل فقال: إنّ النّاس قد تحدّثوا أنك رجعت لهم عن كفرك، فخطب النّاس في صلاة الظهر، فذكر

/ 74