حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) - نسخه متنی

سید اصغر ناظم زاده قمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


عهده إلى مالك الأشتر في أمر التجّار و أصحاب الحرف


حينما ولي عليّ عليه السلام أمر الحكومة توجّه إلى أهل السوق و التّجار و ذوي الصناعات، يوصيهم بما هومن صحيح واجبهم وكذا يوصي ولاته برعاية حقوقهم، و المنع عن الخلاف، و في عهده عليه السلام المعروف إلى مالك الأشتر النخعي، قال:

'ثمّ استَوصِ بالتُجّار و ذوي الصَّناعات، و أَوصِ بهم خيراً، المُقيمِ مِنهُم والمُضطَرِبِ بمالهِ [ المضطرب بماله: المتردّد به بين البلدان. ] و المُترَفّقِ [ المترفّق: المكتسب. ] بِبدَنِه، فإنَّهم مَوادُّ المَنافعِ و أسبابُ المَرافقِ [ المرافق: ما ينتفع به من الأدوات و الآنية. ] و جُلّابُها من المَباعِدِ و المطَارِحِ [ المطارح: الأماكن البعيدة. ] في بَرّك و بَحرك، و سَهلِك و جبَلِكَ، و حَيثُ لا يَلتَئِمُ النّاسُ لِمَواضِعها [ أي لا يمكن التئام الناس و اجتماعهم في مواضع تلك المرافق من تلك الأمكنة. ]، و لا يَجترؤون عليها، فإنَّهُم سِلم لا تُخاف بائِقتُه [ البائقة: الداهية. ]، و صُلحٌ لا تُخشى غائلَتُه [ الغائلة: الشّر. ]، و تَفقَّد اُمورَهُم بِحَضرَتِك و في حَواشي بِلادِك، و اعْلَم مع ذلك أنّ في كَثير منهم ضِيقاً فاحِشاً، و شحّاً قبيحاً [ الضيق: عسر المعاملة، و الشحّ: البخل مع حرص، فهو أشدّ من البخل. ] وَ احِتكاراً [ الاحتكار: حبس الطعام و المنافع عن الناس عند الحاجة إليها، و لا يسمحون به إلّا بأثمان فاحشة. ] للمنافِع، و تَحكُمّاً [ التحكّم في البياعات: التطفيف في الوزن و الزيادة في السعر. ] في البِياعات، و ذلك بابُ مضرّةٍ للعامّة، و عيبٌ على الُولاة، فَامْنَع مِن
الاحتكار، فإنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله مَنَعَ منه، وَليَكْن البَيعُ بَيعاً سمحا [ المسامحة: المعاملة السهلة التي لا ضيق فيها و لا حرج. ] بموازين عدلٍ، و أسعارٍ لا تُجحِفُ بالفَرِيقيَن مِنَ البائِع و المُبتاعِ [ المبتاع: المشتري. ]، فَمَن قَارَفَ [ قارف: خالط، و قارف الذنب و غيره: إذا داناه و لاصقه. ] حُكرةً [ الحُكرة، بالضمّ: الاحتكار. ] بعدَ نَهيِك إيّاهُ فَنَكّل [ فنكّل به: أي أوقع به النكال و العذاب، عقوبة له. ] به و عاقبهُ في غَير إسرافٍ [ في غير إسراف: من غير تجاوز حدّ العدل. ]' [ نهج البلاغة، الكتاب. ]

نظرة في عهده إلى الأشتر النخعي


و قد وصف عَليّ عليه السلام في عهده إلى الأشتر، التجار بما لا مزيد عليه من خدمتهم في المجتمع الإِنساني، و حمايتهم للمدنيّة البشرية، فقال أوّلاً: 'و المضطرب بماله' أي من يجعل ماله متاعاً يدور به في البلاد البعيدة، يقطع المفاوز و يعرّض نفسه للأخطار، ليوصل إلى كلّ بلدٍ البضاعة التي يحتاجها.

و قال ثانياً: 'فإنّهم موادّ المنافع و أسباب المرافق' فقد اهتمّت الدول الراقية، و الشعوب المتقدّمة في هذه العصور بأمر التجارة و أدركوا حقيقة ما أفاده عليه السلام في هذه الجملة القصيرة قبل قرون طويلة من أنّ التجارة موادّ المنافع. و قد أبلغ عليه السلام في ما أفاده بما للتجارة من الأهمّية في أمر الاقتصاد، حيث جاء بكلمة الموادّ جمعاً مضافاً مفيداً للعموم، و بكلمة المنافع جمعاً معرّفاً باللام مفيداً للاستغراق، فأفاد أنّ كلّ مادّة لكلّ منفعة مندرجة في أمر التجارة، فالتجارة تحتاج
إلى ما يتّجر به من الأمتعة، و إلى سوق تباع فيه تلك الأمتعة، ثمّ يؤخذ بدلها متاع آخر، و يبدّل بمتاع آخر، فيستفاد من هذه المبادلات كلّها أرباحاً.

و قد بلغت أهمية التجارة في أعصارنا الحاضرة حدّاً بحيث صارت محوراً للسياسة العامّة للدول الكبيرة، و صار حمل مواردها من النّفط، و الذّهب، و الفضّة و المحاصيل الزراعية إلى البلاد الاُخرى أساساً لسياستها و مثاراً للحروب الهائلة و مداراً للمعاملة مع الشعوب و سبباً للتسلّط على الشعوب المستضعفة.

و قد نبّه عليّ عليه السلام في عهده على أنّ الروابط التجارية سبب استقرار السلم و الصلح بين أفراد الاُمّة و المجتمع و بين الشعوب، فقال عليه السلام: 'فإنّهم سلم لا تخاف بائقته، و صلح لا تخشى غائلته' فيالها من جملة ذهبية حيّة في هذه القرون المعاصرة حيث يتعطّش العالم إلى استقرار السلم العالمي بين الشعوب، و لا يخفى أنّه فسّر البائقة بالداهية، و هذا يعني أنّ التجارة الحرّة السالمة ليس فيها دهاء و مكر و سوء قصد من قبيل الاستعمار و التسلّط، بل فيها صلح ليس وراءه مضرّة و هلاك.

و أمّا أمره عليه السلام بتفقد أحوال التّجار و الإِشراف عليهم بقوله: 'تفقّد أُمورهم بحضرتك...' فهو تتمّة لوصيّته بهم بالخير، لحماية رؤوس أموالهم من التلف، و السرقة من قبل اللصوص، و هذه توصيته بإقرار الأمن في البلاد و في طرق التجارة بحراً و برّاً، و قد التفتت الاُمم الراقية إلى ذلك، فاهتموا باسقرار الأمن في البلاد و الطرق، و بحفظ رؤوس الأموال التجارية عن المكائد و الدسائس المهلكة لها.

ثمّ نبّه عليه السلام في عهده إلى خطر في أمر التجارة يتوجّه إلى عامّة الناس المحتاجين في معاشهم إلى شراء الأمتعة من الأسواق، و هو مرض الشحّ و البخل
و طلب الادّخار و الاستكثار من المال، الكامن في طبع كثير من التجار، فإِنّه يؤول إلى الاستعمار و التسلّط على اُجور الزرّاع و العمّال، و قد ينتهي إلى أن يؤخذوا عبيداً و أسرى لأصحاب رؤوس الأموال، فوصفهم بقوله عليه السلام: 'إنّ في كثير منهم ضيقاً فاحشاً' أي حبّاً عظيماً لجلب المنافع و ازدياد رصيد الأموال المختصّة به، و ربما بلغ حدّ الجنون و لا يكتفي بالمليارات.

'و شحّاً قبيحاً' يمنع من بذل ما يزيد على حاجته، و لا يقدر على حفظه و حصره لعامّة الناس.

'و احتكاراً للمنافع' بلا حدّ و لا حساب، فيكون حاله كجهنم كلّما قيل لها: هل أمتلأت؟ تقول: هل من مزيد؟

'و تحكّماً في البياعات' أي يؤول ذلك الحرص الجهنمي إلى تشكيل الشركات الجبّارة، فيجمعون حوائج الناس بمكائدهم و قوة رؤوس أموالهم و يبيعونها بأيّ سعرٍ أرادوا، و بأيّ شروط مُجحِفة تحفظ مزيد منافعهم، و تقهر الناس و تشدّد سلاسل مطامعهم و مظالمهم على أكتافهم، و لذا استنتج عليه السلام من ذلك مفسدتين مهلكتين:

الاُولى: قوله: 'و ذلك باب مضرّة للعامّة' و أيّ مضرّة أعظم من الأسر الاقتصادي في أيدي أصحاب رؤوس الأموال مصّاصي دماء الناس؟

الثانية: قوله: 'و عيب على الولاة' و أيّ عيب أقبح من تسليم الاُمة إلى هذا الأسر المهلك؟

فشرع عليّ عليه السلام في بيان كيفية محاربة هذه المفاسد بقوله: 'فامنع من الاحتكار' المنع من الاحتكار للمنافع و البضائع، [ الاحتكار في الفقه هو احتكار الأطعمة، و يبحث الفقه حرمته أو كراهته مطلقاً، أو في بعض البضائع و السلع و هو حكم خلافي، و احتكار المنافع الذي عبّر عنه الإِمام عليه السلام في كلامه هو الحرص على تحصيل الأرباح و المنافع الزائدة عن الحدّ المشروع. إنّه عليه السلام منع هذا النوع من الاحتكار، لأنّه أقبح شي ء في الأسواق كما نشاهد اليوم الشركات الاحتكارية في الدوّل الرّاقية. ] يعني كما لا يجوز احتكار
البضائع طلباً لزيادة الربح، فكذا لا يجوز احتكار المنافع، المقصود منه الحرص على أخذ الأرباح و المنافع من التجارات زائداً عن المقدار المشروع، بحيث يؤدي هذا الحرص و الطمع إلى تشكيل الشركات و القيام بالاحتكارات التي شاعت في هذه العصور، و مال إليها أرباب رؤوس الأموال الهامّة في الشركات النفطية و المعدنية.

مراقبة السوق و نصيحة التّجار


في "الاستيعاب" عن أبحر بن جرموز، عن أبيه، قال: رأيت عليّ بن أبي طالب عليه السلام يخرج من مسجد الكوفة و عليه قطريتان متَّزراً بالواحدة و مرتدياً بالاُخرى، و إزاره إلى نصف الساق، و هو يطوف في الأسواق، و معه درّة، يأمرهم بتقوى اللَّه و صدق الحديث، و حسن البيع، و الوفاء بالكيل و الميزان. [ الاستيعاب لابن عبدالبر المالكي بهامش الاصابة، ج 3، ص 48. ]

و روى أبو إسحاق الثقفي الكوفي في "الغارات" عن أبي سعيد، قال: كان عليّ عليه السلام يأتي السوق فيقول:'يا أهل السوق، اتّقوا اللَّه، و إيّاكم و الحلف، فإنّه ينفق السلعة، و يمحق البركة، فإنّ التاجر فاجر إلّا من أخذ الحقّ و أعطاه، والسلام عليكم.' [ الغارات، ج 1، ص 109. ]

و روى أيضاً، بسنده عن الحارث بن عبداللَّه الأعور الهمداني، عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه دخل السوق فقال: 'يا معشر اللّحّامين، من نفخ منكم في
اللحم [ النفخ في اللّحم يحتمل وجهين، الاول: ما هو الشائع من النفخ في الجلد لسهولة السلخ، و الثاني: التدليس الذي يفعله بعض الناس من النفخ في الجلد الرقيق الذي على اللحم ليرى سميناً و هذا أظهر. ] فليس منّا' فإذا هو برجل مولّيه ظهره، فقال: كلاّ و الّذي احتجب بالسبع، فضربه عليّ عليه السلام على ظهره ثمّ قال: 'يا لحّام، و من الّذي احتجب بالسبع؟'، قال: ربّ العالمين، يا أميرالمؤمنين، فقال له: 'أخطأت ثكلتك اُمّك، إنّ اللَّه ليس بينه و بين خلقه حجاب لأنّه معهم أينما كانوا'، فقال الرّجل: ما كفّارة ما قلت، يا أميرالمؤمنين؟ قال: 'أن تعلم أنّ اللَّه معك حيث كنت'، قال: اُطعم المساكين؟ قال: 'لا، إنّماحلفت بغير ربّك'. [ الغارات، ج 1، ص 111. ]

و رواه أيضاً: بسنده عن النعمان بن سعد،عن عليّ عليه السلام، قال: كان عليّ عليه السلام يخرج إلى السوق و معه الدّرة فيقول: 'اللهمّ إنّي أعوذ بك من الفسوق، و من شرّ هذه السوق'. [ المصدر السابق، ج 1، ص 113. ]

روى ابن حزم في "المحلّى" بسنده عن أبي حكم: أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام أحرق طعاماً احتكر بمائة ألف. [ المحلّى لابن حزم الاندلسي، ج 6، ص 65. ]

و روى فيه أيضاً: عن حُبيش، قال: أحرق لي عليّ بن أبي طالب عليه السلام بيادر بالسواد كنتُ احتكرتُها، لو تركها لربحتُ فيها مثل عطاء الكوفة [ المصدر السابق، ج 6، ص 65. ]

سيرته في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر


إنّ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من أهمّ الفرائض الّتي حثَّ عليهما القرآن و السنّة، بل عليهما يبتني بقاء أساس الدّين و استمرار الرّسالة النّبوية و حفظ نظام المسلمين، و هذه الفريضة شُرّعت لجميع المسلمين، و هي باقية إلى يوم القيامة، و قد اعتبر جميع المسلمين مسؤولين إجمالاً عن تطبيقها و نشرها و حفظها، و من هنا كان على الاُمّة الاسلامية و خصوصاً إمامها و ممثّلها أن تراقب بكلّ وجودها أوضاع المجتمع، و أن تجدّ في نشر المعروف و بذر الخير، و تعمل على قلع جذور الشرّ و إنكاره.

و قد بلغت هذه الفريضة من الأهمية حدّاً جَعلها أميرالمؤمنين عليه السلام فوقَ الجهاد و جميع أعمال البِرّ بمراتب، فقال عليه السلام في نهج البلاغة: 'و ما أعمالُ البرّ كلّها و الجهادُ في سبيل اللَّه عند الأمر بالمعروف و النهي عن المُنكر إلّا كنفثةٍ [ [النفثة كالنفخة: يراد ما يمازج النفس من الريق عند النفخ. في
بحرٍ لُجيٍّ [ بحرٍ لجي: كثير الموج. ]] ]، و إنّ الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر لا يُقرّبان من أجل و لا ينقُصان من رزقٍ، و أفضل من ذلك كلِّه كلمةُ عدلٍ عند إمامٍ جائرٍ'. [ نهج البلاغة، قصار الحكم 366. ]

و عدّهما عليه السلام في موضعٍ آخر من نهج البلاغة من شُعَب الجهاد، فعن أبي جُحيفة، قال: سمعتُ أميرالمؤمنين عليه السلام يقول: 'إنّ أوّل ما تُغلَبُونَ عليه من الجهاد، الجهادُ بأيديكم، ثمّ بألسنتكم، ثمّ بقلوبكم، فمن لم يَعرف بقلبه مَعروفاً و لم يُنكر منكراً، قُلِبَ فَجُعل أعلاهُ أسفلَه و أسْفلُهُ أعلاهُ'. [ المصدر السابق، ص 1254، قصار الحكم 367. ]

و السّر في ذلك أنّ قوام كلّ الفرائض و بقاءها رهينٌ بإقامة هاتين الفريضتين، مضافاً إلى أنّ الجهاد كفاح خارجيٌّ، و لا أثر له و لا أهميّة ما لم يصلح الداخل، فالواجب أوّلاً تطهير الداخل و إصلاحه، ثمّ الإقدام على إصلاح الخارج. [ ُنظر: دراسات في ولاية الفقيه، ج 2، ص 1013.215 - 2. ]

صور من أمره بالمَعروف و نهيه عن المنكر


في "التراتيب الإدارية" للكتّاني، عن مسند عبد بن حميد، عن مطرف، قال: خرجت من المسجد فإذا رجل ينادي من خلفي: 'ارفع إزارك فانّه أنقى لثوبك و أبقى له' فمشيتُ خلفه و هو بين يديّ مؤتزر بإزارٍ، مرتدٍ برادءٍ و معه الدّرة كأنه أعرابيُّ بدويّ، فقلت: من هذا؟.

فقال لي رجل: هذا عليّ بن أبي طالب أميرالمؤمنين عليه السلام، حتّى انتهى إلى الإبل، فقال: 'بيعوا و لا تحلفوا، فإنّ اليمين تُنفق السّلعة و تُمحق البركة'، ثمَّ أتى إلى أصحاب التمر، فإذا خادمٌ يبكي فقال: 'ما يُبكيك؟'، قال: باعني هذا الرجل
تمراً بدرهم فردّه عليَّ مولاي، فقال له عليّ عليه السلام: 'خذ تمرك و أعطه درهمه، فإنّه ليس له من الأمر شي ء' فدفعه. [ التراتيب الإدارية للشيخ عبدالحي الكتاني، ج 1، ص 289. ]

و روى الحديث في الغارات، و كذا كنزالعمال في باب فضائل الصحابة عن أبي مطر مع تفاوت في بعض ألفاظه. [ الغارات، ج 1، ص 104؛ كنزالعمال، ج 13، ص 183، ح 36547. ]

عن العلاّمة المطرّز "المداخل في اللغة": قال ابن الأعرابي: و منه خبر عمر بن الخطّاب أنّه كان يطوف بالبيت فقال له رجل: يا أميرالمؤمنين إنّ عليّاً لطم عيني؟ فوقف عمر حتّى جاءه عليّ عليه السلام فقال: يا أبا الحسن ألطَمتَ عين هذا؟ قال: 'نعم، يا أميرالمؤمنين'، قال: و لِمَ، يا أبا الحسن، قال: 'لأنّي رأيتهُ يَنظر إلى حرم المسلمين في الطّواف'، فقال له عمر: أحسنت، ثمّ أقبل على الملطوم: فقال له: وقعت عليك عينٌ من عيون اللَّه تعالى.

قال أبوالعبّاس ثعلب: فسألت ابن الأعرابي عنها، فقال: خاصّة من خواصّ اللَّه تعالى، و وليٌّ من أوليائه، و حبيب من أحبّائه. [ المداخل في اللغة، ص 69 لأبي عمر الزاهد، المعروف بالمطرّز، و غلام ثعلب؛ نقلاً عن الاحقاق. ]

عليّ و إعانة المظلوم


لقد كان لعليّ عليه السلام في أيام خلافته و باقي حياته المباركة من الصفات ما لم يكن في عالم الوجود إلّا لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و إذا نظرنا إلى تاريخ النماذج البشريّة العُليا، و الحكومات العادلة في تاريخ الدّنيا، فلا يمكن أن نقف على من تمتّع بتلك الصفات الّتي تمتّع بها عليّ عليه السلام في أيّام خلافته ....

نعم، يمكن أن نرى بعض الخصائص في بعض الحكّام العادلين، لكن لا يمكن أن نرى ما كان لعليّ عليه السلام على مدى سنوات حكمه الخمس من كلّ تلك الفضائل و الآثار النفيسة الّتي تمثّلت في اُسلوب حياته و سلوكه، بحيث طغى نوره في كلّ خصلة حميدة، و من هنا كان عليّ عليه السلام قدوة لكلّ إنسان عادل و حاكم مقسط.

و إنّ كون عليّ عليه السلام مرجعاً للقضاء و الفصل في المنازعات الّتي كانت تقوم في أيّام حكومته إحدى خصائصه البارزة، فقد كان يأخذ بحقّ المظلومين بنفسه، و يتابع مشاكل النّاس، بل و قد يقوم بأعمال البعض بنفسه إنْ سمحت له الفرصة... ربما خرج يتمشّى جنب داره حيناً، و اُخرى يمشي في الأسواق ليعظ النّاس، و يجلس ثالثة في المسجد لينصُر مظلوماً و يأخذ بحقّه من الظالم، و قد يذهب بنفسه مع المظلوم من أجل حلّ معضلته، و لم يكن الحرّ و القرّ أو الليل و النهار

/ 74