حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) - نسخه متنی

سید اصغر ناظم زاده قمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


منها: حديث الغدير


إنّه لمّا نزل قوله تعالى: ' يا أيُّها الرَّسولُ بَلِّغْ ما اُنْزِلَ إليكَ مِنْ رَبِّك فإنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رسالتَه و اللَّه يَعْصِمُك مِن النّاس ' حين رجوع النبيّ صلى الله عليه و آله و أصحابه عن حجّة الوداع، نزل بغدير خمّ وقت الظهيره و قال: 'معاشر المسلمين ألستُ أولى بكم من أنفسكم؟' قالوا: بلى، فأخذ بضبع عليّ بن أبي طالب و رفعه حتّى نظر النّاس إلى بياض إبطه، و قال: 'من كنتُ مولاه فعليّ مولاه، أللّهمّ والِ من والاه، و عادِ من عاداه، و انصر من نصره، و اخذُل من خذله' الحديث.

ثم لم يتفرّقوا حتّى نزل أمين وحي اللَّه بقوله: ' أليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَ اتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي ' الآية. [ المائدة، 3. ] فقال رسول اللَّه: 'أللَّه أكبر على إكمال الدّين، و إتمام النعمة و رضا الرّب برسالتي، و الولاية لعليّ من بعدي'.

ثمّ أخذ النّاس يهنئون عليّاً و يبايعونه، و ممّن هنّأه و بايعه في مقدّم الصحابة أبوبكر، ثمّ عمر، كلٌّ يقول: بَخٍ بَخٍ لك يابن أبي طالب، أصبحت مولاي و مولى كلّ مؤمن و مؤمنة.

هذا مجمل الحديث في واقعة الغدير، و قد تقدم شرح الحديث مع الاستدلال به في ولاية عليّ بن أبي طالب و إمامته، فلاحظه و انظر شرح الحديث في كتب التاريخ و الحديث و كذا في كتابنا الفصول المائة. [ انظر في تفصيل خطبة الغدير: تاريخ الطبري، ج 2، ص 321؛ معالم التنزيل، ج 4، ص 279؛ الكامل في التاريخ، ج 2، ص 63؛ شرح ابن أبي الحديد، ج 13، ص 211؛ كنز العمال، ج 13، ص 131، ح 36419. و نصّ الحديث مخرج في سنن الترمذي، ج 5، ص 633، ح 3713؛ مسند أحمد، ج 1، ص 84 و 88 و 119 و 152، ج 4، ص 281 و 368 و 370 و 372؛ و ج 5، ص 358 و 347 و 366 و 419 و غيرها. المستدرك للحاكم، ج 3، ص 110 و 134 و 371 و 533؛ مصابيح السنة، ج 4، ص 172، ح 4767؛ سنن ابن ماجة، ج 1، ص 45، ح 12؛ تاريخ بغداد، ج 5، ص 474 و ج 7، ص 377، و ج 8، ص 290 و ج 12، ص 344 و ج14، ص 236 و غيرها من المصادر التي خرجته عن الثقات العدول بطرق صحيحة و أسانيد معتبرة تجاوزت حدّ التواتر. ]

و منها: حديث المنزلة


و هو قول رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لعليّ بن أبي طالب عليه السلام في مواطن كثيرة تبلغ عشرة مواطن، منها حين خلّفه على أهله في المدينة عند خروجه إلى تبوك، فأرجف به المنافقون، و قالوا: ما خلّفه إلّا استثقالاً له، و تخوّفاً منه، فلمّا قال ذلك المنافقون، أخذ عليّ بن أبي طالب عليه السلام سلاحه و خرج حتّى أتى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و هو نازل بالجرف [ الجُرف: موضع على بُعد ثلاثة أميال من المدينة. ] فقال ما قال المنافقون، فقال رسول اللَّه: 'كذبوا و لكنّي خلّفتك لما تركتُ ورائي، فارجع، فاخلفني في أهلي و أهلك، أفلاترضى- ياعليّ- أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي؟'. فرجع عليّ إلى المدينة، و مضى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله على سفره.

[ حديث المنزلة لا يكاد يخلو منه كتاب من كتب الحديث و السيرة النبوية، و ممن أخرجه البخاري في الصحيح، ج 5، ص 89، ح 2 و 52؛ مسلم في الصحيح، ج 4، ص 1870، ح 2404؛ في ستة طرق، و الترمذي في السنن، ج 5، ص 3730؛الحاكم في المستدرك، ج 2، ص 227؛ أحمد في المسند، ج 1، ص 173 و 175 و 182 و 331؛ مصابيح السنة، ج 4، ص 170، ح 6762؛ جامع الاصول، ج 9، ص 468، ح 6477 و غيرها. ]

و قد بيّن اللَّه تعالى منزلة هارون من موسى في كثيرمن آيات القرآن الكريم، و أوضح أبعادها بما لا يقبل الجدل و التأويل، و من ذلك ما جاء في دعاء موسى عليه السلام في سورة طه، آية 32 -29، قوله تعالى: ' و اجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخى اُشدد به أزري و أشركه في أمري ' و قوله تعالى في سورة الفرقان
آية 35: 'و لقد آتينا موسى الكتاب و جعلنا معه أخاه هارون وزيراً' و قال تعالى في سورة الأعراف آية 142: ' و قال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي و أصلح... ' فهارون وزير موسى و من أهله و أخوه و خليفته في قومه، و كذلك منزلة علي عليه السلام من خاتم النبيين إلّا النبوّة.

و منها: حديث الثقلين


روى أصحاب الصحاح عن النبيّ الأكرم أنّه قال: 'يا أيّها الناس إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب اللَّه و عترتي أهل بيتي، و لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما'. [ روي حديث الثقلين في أغلب كتب الصحاح و السنن و بطرق عدّة و بأسانيد مقيدة، فمن أخرجه مسلم في الصحيح، ج 4،ص 1873، ح 2408؛ بعدة طرق، و الترمذي في السنن، ج 5، ص 663، ح 3788؛ الحاكم في المستدرك، ج 3، ص 148؛ أحمد في المسند، ج 5، ص 182 و 189، و ج 3، ص 14 و 17، والفضائل له أيضاً، ج 2، ص 603، ح 1035، و غيرها. ]

و قد قال به في غير موقف، تارةً بعد انصرافه من الطائف، واُخرى يوم عرفة في حجّة الوداع، وثالثة يوم غديرخمّ، ورابعة على منبره في المدينة، و في غير ذلك من موارد اُخر و بنصوص متقاربة.

فعدم الافتراق إلى يوم القيامة "حتّى يردا عليَّ الحوض" دلالة كون عترة الرسول صلى الله عليه و آله معصومين فيما يقولون ويروون، و إلّا فكيف يمكن أن يكون قرناء القرآن أعداءهُ، أو أن يكونوا من الخاطئين فيما يحكمون و يُبرمون، أو يقولون و يحدّثون؟!! لا سامح اللَّه، و قد تقدّم الحديث مع بحثٍ مفصلٍ حوله، فراجع.

و منها: حديث السفينة


روى المحدّثون عن النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله أنّه قال: 'إنّما مَثلُ أهلِ بيتي في اُمّتي كَمَثَلِ سفينة نوح، مَن ركبها نجا، و مَن تخلّف عنها غرق' [ المستدرك للحاكم، ج 2، ص 213؛ و ج 3، ص 151؛ الخصائص الكبرى، ج 2، ص 466؛ الجامع الصغير، ج 2، ص 533؛ المعارف لابن قتيبة، ص 146؛ روح المعاني، ج 25، ص 32؛ تفسير ابن كثير، ج 4، ص 123؛ تاريخ بغداد، ج 12، ص 91؛ حلية الأولياء، ج 4، ص 306؛ مجمع الزوائد، ج 9، ص 168 و غيرها. ] فشبّه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أهل البيت بسفينة نوح في أنَّ من لجأ إليهم في الدين و أخذ اُصوله و فروعه عنهم، نجا من عذاب النّار، و من تخلّف عنهم كمن يأوي يوم الطوفان إلى جبل ليعصمه من أمر اللَّه، و لا تكون عاقبة ذلك إلّا غرقاً في الماء و هذا هو العذاب الأليم.

و غير ذلك من الأحاديث الصريحة كقوله صلى الله عليه و آله: 'إنّ عليّاً وصييّ و خليفتي، و زوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي'.

و راجع في هذا المجال بحث "عليّ عليه السلام أوّل من آمن باللَّه" و "عليّ عليه السلام يوم الإنذار" و "حديث سدّ الأبواب" و "حديث الطير المشوي" و "مَثَلُ عليّ كَمَثَل عيسى" و غير ذلك من الأحاديث المتقدمة في تضاعيف الكتاب.

انّه أفضل النّاس بعد رسول اللَّه


يجب أن يكون الإِمام- المنصوب من قبل اللَّه تعالى- أفضل أهل زمانه لقبح تقديم المفضول على الفاضل، أمّا عقلاً فواضح، و أمّا سمعاً لقوله سبحانه: ' أفَمَنْ يَهدي إلَى الْحَقِّ أحَقُّ أن يُتّبع أمَّن لا يَهدّي إلّا أنْ يُهْدى فَمالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ '

[ يونس، 35. ] و أمّا كون عليّ بن أبي طالب عليه السلام أفضل النّاس بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فيكفي شاهداً
على ذلك قوله تعالى في آية المباهلة:' وَ أنْفُسنا وَ أنْفُسكُم ' إد جعل اللَّه سبحانه عليّاً نفس الرّسول في الآية، بناءً على ما صرّح به أئمة التفسير و الرّوايات الصحاح المتواترة من أنّ المراد من "أنْفُسنا" هو عليّ بن أبي طالب، إذ دعاه يوم المباهلة دون غيره من الأصحاب، و من البيّن أنّه ليس المراد من النفسية حقيقة الإِتحاد لامتناعه عقلاً، بل المراد منها المساواة فيما يمكن المساواة فيه من الفضائل و الكمالات، لأنّه أقرب المعاني المجازيّة إلى المعنى الحقيقي، فيحمل عليها عند تعذّر الحقيقة، على قاعدة الاُصول، و لا ريب أنّ الرسول أفضل النّاس إتفاقاً، و مساوي الأفضل على جميع النّاس أفضل عليهم قطعاً، و قد ذكرنا توضيح الحديث مع مسانيده في بحث "عليّ عليه السلام و آية المباهلة" فراجعه.

انّه أعلمُ الصحابة


يجب أن يكون المتقدّم لإمامة المسلمين أعلم النّاس في عصره و زمانه، و تقدّم غير الأعلم عليه قبيح عقلاً، لأنّ الإِمامة- كما قلنا في تعريفها- هي رئاسة عامّة إلهية في اُمور الدّين و الدّنيا، فلابدّ أن يكون الإِمام النائب عن النبيّ صلى الله عليه و آله أعلم بالأحكام الإلهية و العلوم الدينيّة، و وجهه واضح.

و قد استدلّ على كونه عليه السلام أعلم النّاس بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بوجوه:

1- إنّه كان شديد الحدس و الذكاء و الحرص على التعلّم و دائم المصاحبة للرسول صلى الله عليه و آله الّذي هو الكامل المطلق بتسديد اللَّه تعالى، و كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله شديد المحبّة له و الحرص على تعليمه حتّى علّمه صلى الله عليه و آله- في مرضه الّذي قُبض فيه- ألف باب من العلم، و انفتح له من كلّ باب ألف باب آخر. [ راجع بحث "علمه عليه السلام". ]
2- إنّه تربّى في حجر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من صغره، و في كبره كان أخاه و وصيّه و حامل لوائه، و ختناً له يدخل عليه في كلّ وقت و يستفيد من فيوضات علمه. [ راجع "موضعه عليه السلام من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في هذا الكتاب". ]

3- رجوع أكابر الصحابة و التابعين إليه في الوقائع الّتي تعرض لهم، و يأخذون بقوله و يرجعون عن اجتهادهم، و ذلك بيّن في كتب التاريخ و السّير. [ سيأتيك في رجوع الخلفاء إليه في مشاكلهم في "قضاء عليّ عليه السلام". ]

4- قوله عليه السلام: 'لو ثنيتْ لي الوسادة فجلستُ عليها لحكمتُ بين أهل التوراة بتوراتهم، و بين أهل الإِنجيل بإِنجيلهم، و بين أهل الزّبور بزبورهم، و بين أهل الفرقان بفرقانهم، و اللَّه ما مِن آية نزلتْ في ليل أو نهارٍ أو سهلٍ أو جبلٍ إلّا و أنا أعلم فيمن نزلتْ و في أيّ شي ء نزلتْ'، و ذلك يدلّ على إحاطته عليه السلام بمجموع العلوم الإِلهية. [ راجع "عليّ عليه السلام و سعة علمه". ]

5- قول النبيّ صلى الله عليه و آله في حقّه: 'أقضاكم عليّ' و معلوم أنّ القضاء يحتاج إلى العلوم الكثيرة و الذكاء و الدراية، و 'أقضى الاُمّة'، معناه أكثرهم علماً و فهماً و درايةً. [ سيأتي بحث مفصّل في قضاء عليّ عليه السلام فراجع. ]

و هذه الوجوه الخمسة دالّة على أعلميّة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فإِذا كان الأعلم، كان متعيّناً للإِمامة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

انّه صاحب سائر الكمالات


يجب اتّصاف الإمام بجميع صفات الكمال، و يجب أن يكون أفضل و أكمل
من كلّ أحد من أهل زمانه، و يجب أن يكون أيضاً منزّهاً عن الرذائل الخُلقيّة و العيوب الخَلقيّة، كما أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لابدّ أن يكون كذلك. و وجهه واضح لا يحتاج إلى دليل، و أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام صاحب جميع الكمالات و الفضائل، و المنزّه عن كلّ العيوب الخلقيّة و الرذائل الخُلقيّة.

عن ابن عباس، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'لو أنّ الغياض أقلام، 9و البحر مداد، و الجنّ حسّابٌ، و الإنس كُتّابٌ ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب'.[ المناقب للخوارزمي، ص 2؛ فرائد السمطين، ج 1، ص 16. ]

و اعترف بفضائله و مناقبه الموافق و المخالف، و المحبّ و المبغض، و نشير هنا إلى بعض كلماتهم:

1- في "أسنى المطالب" للحافظ الجزري الشافعي، عن أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحدٍ من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من الفضائل ما جاء لعليّ بن أبي طالب. [ أسنى المطالب، ص 46. ]

2- و في "الصواعق المحرقة" لأبن حجر الهيتمي الشافعي، عن إسماعيل القاضي و النسائي و أبي علي النيشابوري قالوا: لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان أكثر ممّا جاء في عليّ عليه السلام.[ الصواعق المحرقة، ص 120. ]

3- و في "تذكرة الخواص" لسبط ابن الجوزي الحنفي قال: و فضائل عليّ عليه السلام أشهر من الشمس و القمر، و أكثر من الحصى و المدر. [ تذكرة الخواص، ص 23. ]

4- و في "شواهد التنزيل" للحاكم الحسكاني الحنفي، عن ابن عباس، قال: لقد كان لعليّ عليه السلام ثماني عشرة منقبة، لو كانت واحدة منها لرجل من هذه الاُمّة لنجا
بها، و لقد كانت له اثتنا عشرة منقبة ما كانت لأحد من هذه الاُمّة.
[ شواهد التنزيل، ج 1، ص 16. ]

5- و فيه أيضاً عن مجاهد: أنّ لعليّ عليه السلام سبعين منقبة، ما كانت لأحد من أصحاب النبيّ مثلها، و ما من شي ء من مناقبهم إلا و قد شركهم فيها.
[ المصدر السابق، ج 1، ص 17. ]

6- و فيه أيضاً عن عكرمة، عن ابن عبّاس قال: ما في القرآن آية 'الَّذينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَالِحات' إلّا و على أميرها و شريفها، و ما من أصحاب محمد صلى الله عليه و آله رجلٌ إلّا و قد عاتبه اللَّه، و ما ذكر عليّاً إلّا بخير، ثمّ قال عكرمة: إنّي لأعلم أنّ لعليّ منقبة لو حدثت بها لنفدت أقطار السموات و الأرض- أو قال- الأرض. [ المصدر السابق، ج 1، ص 21. ]

7- و في "المناقب" لموفق بن أحمد الخوارزمي الحنفي، عن عيسى بن عبداللَّه، عن أبيه، عن جدّه: قال: قال رجل لابن عباس: سبحان اللَّه! ما أكثر مناقب عليّ و فضائله، إنّي لأحسبها ثلاثة آلاف؟! فقال ابن عباس: أوَ لا تقول إنّها إلى ثلاثين ألفاً أقرب [ المناقب للخوارزمي، ص 3. ]

و لقد حاولنا في كتابنا هذا إلقاء بعض الضوء على كمالات و فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، و مع كلّ الجهد المتواضع الّذي بذلناه في فصوله المختلفة، كإسلامه، و هجرته، و جهاده، و شجاعته، و زهده، و إنفاقه، و عبادته، و خلوصه، و خشوعه و غير ذلك، فهو لا يعدو كونه قطرة في بحر فضائله و مناقبه الزّاخر الفيّاض.

و أنّى لنا إحصاء فضائله و كمالاته؟ و هو الّذي مع النّبي صلى الله عليه و آله من شجرة
واحدة و باقي الخلائق من شجر شتّى، [ مستدرك الحاكم، ج 2، ص 240 بسنده عن جابر بن عبداللَّه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول لعليّ: 'يا عليّ'، النّاسُ من شجر شتّى و أنا و أنت من شجرة واحدة، ثمّ قرأ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: "و جناتٍ من أعناب و زرع و نخيل صنوان و غير صنوان تسقى بماء واحد"' قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد. ] بل إنّه من العسر الوصول إلى كُنه كمالاته و مناقبه، و إزاء هذه الصفات، أليس من الجدير و اللائق أن يكون الرّجل الّذي لا يماثله أحد و لا يناظره أحدٌ إماماً للمسلمين بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و خليفة له بلا فصل؟

انّه معصوم


يجب أن يكون الإمام المنصوص عليه من اللَّه تعالى معصوماً عند أهل الحقّ،
[ العصمة عند المحقّقين لُطفٌ، أي شي ء يقرّب العبد إلى الطاعة و يبعّده عن المعصية، يفعله اللَّه تعالى بالمكلّف و يوجده فيه، أي ملكة خلقها اللَّه فيه لطفاً بحيث لا يكون له داع يُفضي إلى ترك الطاعة و ارتكاب المعصية، مع قدرته على ذلك المذكور من ترك الطاعة و ارتكاب المعصية، لأنّه لو لا ذلك لم يحصل الوثوق بقوله،فانتفت فائدة البعثة و هو محال. "راجع: شرح الباب الحادي عشر للمحقّق الحليّ"ره"، ص 41". و تفسير الميزان، ج 8، ص 142، نقلاً عن الالهيات، ج 1، ص 148 و قد فسرّ العصمة بقوله: قوّة تمنع الإنسان عن اقتراف المعصية و الوقوع في الخطأ. ] و مَن ليس بمعصوم فليس بإمامٍ، و لا شك أنّه ليس أحدٌ ممَّن ادّعى الإمامة بعد النبيّ صلى الله عليه و آله غير عليّ بن أبي طالب عليه السلام بمعصوم إجماعاً، لسبق الكفر، و الشرك، و العصيان منهم، ممّا ينافي العصمة قطعاً، فلا يكون غيره إماماً، فاختصّت الإمامة به بعد رسول اللَّه عليه السلام.

الادلّة على عصمة الامام


يستدلّ على عصمة الامام بوجوه كثيرة، نشير هنا إلى بعضها و نحيل القرّاء
الأعزاء إلى مظانّها مِن الكتب المفصّلة في هذا المجال. [ استدل العلاّمة الحليّ"ره" ب "99" دليلاً على عصمة الإمام عليه السلام فراجع الألفين،ص 139 -52. ]

منها: آية الابتلاء


و قد استدل بقوله تعالى: 'و إذِ ابْتَلى إبراهيمَ رَبُّه بِكَلِماتٍ فَأتَمَّهُنَّ قالَ إنّي جاعِلُك لِلنّاسِ إماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيّتي قالَ لا يَنالُ عَهدِي الظّالمِين'. [ البقرة، 124. ]

وجه الاستدلال به: أنّ اللَّه تعالى قد بيّن صراحة أنّه لا يعهد بالإمامة إلى ظالم، و الظالم من ارتكب معصيةً في حياته مهما كان نوعها حتّى و لو تاب بعدها، فلن يكون العاصي إماماً، إذ الإمامة على شرافتها و عظمتها لا ينالها إلّا من كان سعيد الذات بنفسه، أمّا من تلبّست ذاته بالظلم و الشقاء و الكفر و الشرك و لو لحظة من عمره، لا يصلح لهذا المقام الرفيع بمقتضى الآية، و ممّا يوضح دلالة الآية على ذلك هو أنّ النّاس بحسب القسمة العقلية على أربعة أقسام:

1- من كان ظالماً في جميع عمره.

2- من كان طاهراً و نقيّاً جميع فترات عمره.

3- من هو ظالم في أوّل عمره و تائبٌ في آخره.

4- و من هو بعكس الثالث.

و قول إبراهيم عليه السلام: "و من ذرّيّتي" أجلّ شأناً من أن يسأل الإمامة للقسم الأوّل و الرابع من ذرّيّته، فبقي القسمان الآخران، و قد نفى اللَّه تعالى أحدهما، و هو الّذي يكون ظالماً في أوّل عمره و تائباً في آخره، فبقى القسم الثاني بمقتضى الآية، و هو الّذي كان نقيّ الصحيفة طيلة عمره، و لم يُرمنه أيّ انحراف عن جادّة الحقّ، و لم يعص اللَّه لحظة من عمره، وأميرالمؤمنين عليه السلام هو مصداق ذلك، فثبت أنّه الإمام

/ 74