حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) - نسخه متنی

سید اصغر ناظم زاده قمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و حاذقاً في ذلك، لم يجتمع عليه إلّا القليل من الناس، و هم أهل الآخرة خاصّة، الّذين لا ميل لهم إلى الدنيا، فلمّا وجدناه دَبّر الأمر حين وليه، و اجتمع عليه من العساكر و الأتباع ما يتجاوز العدّ و الحصر، و قاتل بهم أعداءه الّذين حالُهم حالهم، فظفر في أكثر حروبه، و وقف الأمر بينه و بين معاوية على سواء، و كان هو الأظهر و الأقرب إلى الانتصار، علمنا أنّه من معرفة تدبير الدّول و السّلطان بمكان مكين. [ المصدر السابق، ج 10، ص 231؛ و من أراد الاطلاع على حيل معاوية و مكره و بعض حالاته فليراجع المصدر السابق، ج 1، ص 334. ]

عدالته


عليّ و جوهرة العدالة

لقد لازمت شخصيّة أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام السامية جوهرة العدالة الثمينة، و اقترن اسمه المقدّس بالعدالة، فقد كان عادلاً يأنس بالعدالة و يهتمّ بها.

إنّ كلّ مجتمع أو جماعة أو فرد منادٍ بالعدالة، و يأمل في تكوين مجتمع يقوم على أساس القسط والعدل، يضع عدل عليّ عليه السلام نصب عينه، ويتّخذ اُسلوب عليّ عليه السلام في تطبيق العدالة و نظامه العادل قدوة له في برنامجه الّذي يسعى إلى تطبيقه.

حقّاً لم يعرف تاريخ الانسانية شخصاً كعليّ عليه السلام خُلِّد اسمه إلى الأبد و ارتسمت صورة عدالته في أذهان البشر، فقدكان عاشقاً للعدالة مولعاً بها إلى الغاية القصوى.

عليّ مصداق بارز لآية كونوا قوّامين بالقِسطِ


نعم، لقد كانت هذه العدالة ضالّة عليّ عليه السلام، و كان كالظامي ء الذي يبحث عن
عين ماء تروي ظمأه، كان عليّ عليه السلام يسعى إلى معين العدالة العذب. كان عليّ عليه السلام مظهر العدالة و جوهرتها حقّاً، فقد بَعُد عن كلّ ظلم و جور، و في فكر عليّ عليه السلام السامي لم يكن ممكناً أن تقاس العدالة بأيّ أمر آخر، و كان لا يعبأ حتّى بأعزّ إنسان عليه من أجل الحقّ، و ذلك أنّ ربّه قد أمره بذلك، فكيف يعصي مولاه؟ 'إنّ اللَّه يَأمر بالعدل و الإحسان'. [ النحل، 90. ]

لم يكن عليّ عليه السلام يرضى بالكفّ عن تطبيق العدالة و التراجع عنها مهما كلّف الثمن، و لم يرض أن يتخطّى العدالة خطوة حتّى من أجل تثبيت أركان حكومته الفتية، و أبى أن يساوم أو يتّبع المصالح السياسية مهما عظم الثمن، كما أنّه لم يرض أن يضحّي بالعدالة و يقع تحت تأثير الرحمة و التحرق شفقة، فيعرّض بذلك هذا الركن المقدّس للتزلزل و الانهيار، فقد كان مصداقاً و مظهراً بارزاً للآية الشريفة: 'يا أيُّها الَّذينَ آمنُوا كُونُوا قوّامينَ بِالقِسطِ'.

[ النساء، 135. ] القسط هو العدل، و القيام بالقسط العمل به و التحفّظ له، فالمراد بالقوّامين بالقسط القائمون به أتمّ قيام و أكمله، من غير انعطاف و عدول عنه إلى خلافه لعامل من هوى و عاطفة، أو خوف، أو طمع، أو غيرذلك، و هل توجد هذه الصفة بتمامها و كمالها في غير عليّ بن أبي طالب عليه السلام؟! إنّه مصداق بارز و كامل لهذه الصفة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، كما سيظهر ذلك من المباحث الآتية إن شاء اللَّه تعالى.

ما قاله النبيّ


أخرج السيوطي و الحافظ الكنجي، بإسنادهما عن أبي هريرة، قال: جئت إلى النبيّ صلى الله عليه و آله و بين يديه تمر، فسلّمت عليه، فردّ عليَّ، و ناولني من الّتمر مل ء كفّه،
فعددته ثلاثاً و سبعين تمرة، ثمّ مضيت من عنده إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام و بين يديه تمر، فسلّمت عليه، فردّ عليّ، و ضحك إليّ، و ناولني من الّتمر مل كفّه، فعددته فإذا هو ثلاث و سبعون تمرة، فكثر تعجّبي من ذلك، فرجعتُ إلى النبيّ صلى الله عليه و آله. فقلت: يا رسول اللَّه، جئتك و بين يديك تمرٌ، فناولتني مل ء كفّك فعددته ثلاثاً و سبعين تمرة، ثم مضيت الى علي بن أبي طالب عليه السلام و بين يديه تمر، فناولني مل ء كفّه، فعددته ثلاثاً و سبعين تمرة، فعجبت من ذلك، فتبسّم النبيّ صلى الله عليه و آله و قال: 'يا أبا هريرة، أما علمت أنّ يدي و يد عليّ بن أبي طالب في العدل سواء'.

[ السيوطي في ذيل اللآلئ ص 54 و الحافظ الكنجي في الباب 62 ص 256. ]

و في "المناقب" لابن المغازلي و "فرائد السمطين" للجويني، بإسنادهما إلى حُبشي بن جُنادة، قال: كنت جالساً عند أبي بكر، فأتاه رجل، فقال: يا خليفة رسول اللَّه، إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و عدني أن يحثو لي ثلاث حثيات من تَمر؟ قال أبو بكر: ادعوا لي عليّاً.

فجاء عليّ عليه السلام فقال أبوبكر: يا أبا الحسن، إنّ هذا يزعم أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وعده أن يحثو له ثلاث حثيات من تمر، فاحثها له. فَحثا له ثلاث حَثَيات. ثمّ قال: 'عدّوها' فَعدُّوها فوجدوا في كلّ حثوةٍ ستّين تمرة لا تزيد واحدة على الاُخرى.

فقال أبوبكر: صدق اللَّه و رسوله، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ليلة الهجرة و نحن خارجون من مكّة إلى المدينة يقول: 'يا أبا بكر كفّي و كفّ عليّ في العدل سواءٌ'. [ المناقب لابن المغازلي الشافعي، ص 129، ح 170؛ و فرائد السمطين للجويني، ج 1، ص 50، ح 15 مع اختلاف يسير في بعض ألفاظه بلا تفاوت في المعنى. ]

وأخرجه بهذا السند و اللفظ الخطيب في تاريخ بغداد، و الخوارزمي في
المناقب، و العلاّمة القندوزي في ينابيع المودّة عن صاحب الفردوس. [ تاريخ بغداد، ج 5، ص 37؛ المناقب للخوارزمي، ص 235؛ ينابيع المودّة، ص 233؛ الفردوس، ج 5، ص 305، ح 8265. ]

المجتمع لا يُطيق عدالته


لقد كان عليّ عليه السلام يعلم أنّ ذلك المجتمع لا يتحمّل تطبيق العدالة الّتي يريد تطبيقها، و لمّا كان عليه السلام لا يتّبع إلّا الحقّ و إقامة العدل فإنّه رفض قبول الخلافة بالرغم من ضغط النّاس عليه و تسابقهم بالبيعة له، لأنّه كان يعلم أنّ الانحرافات، و التفاوت الطبقي، و عدم المساواة الّذي عمّ المجتمع، لا يمكن أن يدعه يطبّق العدالة دون إثارة العراقيل و المشاكل في وجهه و وضع الصعوبات في طريقه، و لذلك قال عليه السلام: 'دَعُوني وَ الَْتمِسُوا غَيري، فإنّا مُسْتَقْبِلُونَ أمراً لَهُ وَجُوهٌ وَ ألوَانٌ لا تَقُومُ لَهُ القُلُوبُ وَ لا تَثْبُتُ عَلَيهِ العُقُولُ، و إنَّ الآفاقَ قَدْ أغامَتْ و الَْمحَجَّةَ قَدْ تَنَكَّرتْ، و اعْلَمُوا أنّي إنْ أجَبْتُكُمْ رَكِبْتُ بِكُمْ ما أعلَمُ، وَ لَمْ أصْغ إلى قَولِ القائِل وَ عَتَبِ العاتِب، و إنْ تَرَكْتُمُوني فَأنَا كَأحَدِكُمْ، وَ لَعلّي أسْمَعُكُمْ وَ أطْوَعُكُمْ لِمَن وَلَّيْتُمُوهُ أمْرَكُمْ، وَ أنَا لَكُم وزيراً خَيْرٌ لَكُمْ مِنّي أميراً'. [ نهج البلاغة، الخطبة 91. ]

و عند ما اضطر علي عليه السلام أن يقبل الخلافة، و سار على كتاب اللَّه و سنّة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و اجتهاده و رأيه الّذي كان يعني إقامة العدل في المجتمع الاسلامي بالرغم من غضب أصحاب الثروات غير المشروعة و المتساهلين في أمر الدّين و رفضهم لاُسلوب عليّ عليه السلام و طريقته في إقامة العدل، و هي طريقة رسول اللَّه عليه السلام، و كان عليه السلام قد أشار إلى أهمية العدالة في تقسيم المال في أول خطبة خطبها حين اجتمع إليه المهاجرون و الأنصار بعد مقتل عثمان، حيث قال عليه السلام: 'إنّي قد كنتُ
كارهاً لأمركم، فأبيتم إلّا أن أكون عليكم، ألا و إنّه ليس لي أمرٌ دونكم، إلّا أنّ مفاتيح مالكم معي، ألا و إنّه ليس لي أن آخذ منه درهماً دونكم، رضيتم؟ قالوا: نعم، قال: اللّهم اشهد عليهم، ثم بايعهم على ذلك' [ تاريخ الطبري، ج 4، ص 428، حوادث سنة 35. ] و لذلك ثارت نائرة الحقد في صدورهم فأشعلوا تلك الحروب ضد علي عليه السلام.

عدالة عليّ شهد بها العدوّ و الصديق


لقد كان عليّ عليه السلام مثالاً للعدل و المساواة و عاشقاً للحقّ و الإنصاف، و كان نموذجاً متكاملاً لمحبّة النّاس و الرحمة و الرأفة و الإحسان، و كانت عدالته عليه السلام ذِكراً يلهج به لسان الخاصّ و العامّ و العدوّ و الصديق حتّى كانت كثرة عدله سبباً لقتله عليه السلام، و نشير هنا إلى ما قاله البعض في عدله.

1- يقول شبلي شميل- و هو من المادّيين- في عليّ عليه السلام: إنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام إمام بني الانسان و مقتداهم، و لم يرَ الشرق و الغرب نموذجاً يطابقه أبداً لا في الغابر و لا في الحاضر. [ انظر الإمام عليّ صوت العدالة الانسانية، ج 1، ص 7. ]

2- و يقول الكاتب المسيحي جبران خليل جبران: قتل عليّ في محراب عبادته لشدّة عدله. [ ملحمة الشمس لهادي دستباز، ص 329. ]

3- و قال ابن الاثير في "اُسد الغابة": إنّ زهده و عدله لا يمكن استقصاؤهما.

[ اُسد الغابة في معرفة الصحابة، ج 4، ص 25. ]

4- و قال ابن عبدالبرّ في "الاستيعاب": كان عليّ عليه السلام إذا ورد عليه مال
لم يبقِ منه شيئاً إلّا قسّمه، و لا يترك في بيت المال منه إلّا ما يعجز عن قسمته في يومه ذلك، و يقول: يا دنيا غرّي غيري، و لم يكن يستأثر من الفي ء بشى ءٍ، و لا يخصّ به حميماً و لا قريباً، و لا يخصّ بالولايات إلّا أهل الدّيانات و الأمانات، و إذا بلغه عن أحدهم خيانة كتب إليه: 'قَد جَاءتْكم موعظةٌ من رَبّكم فأوفُوا الكيلَ و الميزانَ بالقسطِ و لا تَبخَسُوا النّاس أشياءهُم و لا تَعثوا في الأرض مفسدينَ، بقيّةُ اللَّه خيرٌ لكم إن كُنتم مؤمنينَ وَ مَا أنا عليكم بحفيظ'

[ الآيات من سوره "يونس، 57؛ الأعراف، 85؛ الشعراء، 183؛ هود، 86". ] إذا أتاك كتابي هذا فاحتفظ بما في يديك من عملنا حتّى نبعث إليك من يتسلّمه منك' ثمّ يرفع طرفه إلى السّماء فيقول: 'اللهمّ إنّك تعلم أنّي لم آمرهم بظلم خلقك و لا بترك حقّك'. [ الاستيعاب بهامش الاصابة، ج 3، ص 48. ]

5- روى ابن أبي الحديد، عن علي بن محمّد بن أبي يوسف المدائني، عن فضيل بن الجَعد، قال: آكدُ الأسباب في تقاعد العرب عن أميرالمؤمنين عليه السلام، أمر المال، فإنّه لم يكن يُفضّل شريفاً على مشروف و لا عربيّاً على عجمّي، و لا يُصانع الرؤساء و اُمراء القبائل كما يَصنع الملوك، و لا يستميل أحداً إلى نفسه، و كان معاوية بخلاف ذلك فترك النّاس عليّاً و التحقوا بمعاوية. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 2، ص 197. ]

6- قال سيد قطب: لقد جاء عليّ عليه السلام ليدخل نظرية الإسلام في الحكم في قلوب القادة و النّاس من جديد و ليطبقها عملياً... جاء ليأكل خبز الشعير الّذي طحنته زوجته بيديها، و يختم على جرابه و يقول: 'لا اُحبّ أن آكل ما لا أعلم'... و ربما باع سيفه ليشتري بثمنه غذاءً و لباساً، و أبى أن يسكن القصور الزاهية
الفخمة. [ العدالة الاجتماعية في الاسلام لسيد قطب. ]

أقول: حقيق أن يقال: إنّ عليّاً عليه السلام ليس إمام زمانه فقط، بل هو مقتدى الأجيال و القرون، و هو التلميذ الأوّل لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله و المعلّم الثّاني للاُمم طول التأريخ.

و لو كان عليّ عليه السلام يمشي وراء السياسة لعرفه التأريخ رجلاً سياسيّاً فحسب، و ما كانت الملوك و العظماء، يطأطئون هاماتهم أمام عدالته و عظمته، و ينظرون إليه نظرة التقدير و التقديس، كما أنشأت سودة بنت عمارة الهمدانية عند معاوية أعدى عدوّه:




  • صلّى الإله على روح تضمّنها
    قد حالف الحقّ لا يبغي به بدلاً
    فصار بالحقّ و الإيمان مقرونا



  • قبر فأصبح فيه العدل مدفونا
    فصار بالحقّ و الإيمان مقرونا
    فصار بالحقّ و الإيمان مقرونا



[ بلاغات النساء، ص 48. ]

صور من عدله على مدى حكومته


و من أجل نتعرّف أكثر على عدل الامام عليّ عليه السلام و لترسم هذه الحقيقة بأجلى صورها نشير إلى موارد توضّح صورة تلك العدالة:

منها: صادر كلّ الأموال الموهوبة بغير حقّ في عهد عثمان


عندما تسلّم عليّ عليه السلام زمام حكومة المسلمين بعد عثمان صادر كلّ الأموال الموهوبة بغير حقّ إلى طبقة الأشراف، و قد بيّن سياسته للنّاس عبر خطبته الّتي يقول فيها "فيما ردّه على المسلمين من قطائع": 'و اللَّه و لو وَجَدتُهُ قَد تُزوّجَ به النساء و مُلِك به الاماءُ لَرَدَدْتُهُ، فإنّ في العدل سعةً، و من ضاق عليه العدل فالجورُ
عليه أضيَق'. [ نهج البلاغة، ص 57، الخطبة 15. ]

روى ابن أبي الحديد المعتزلي في ذيل هذه الخطبة، عن ابن معبّاس: أنّ عليّاً عليه السلام خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة، فقال: 'ألا إنّ كلّ قطيعة

[ القطائع: ما يقطعه الامام بعض الرعية من أرض بيت المال ذات الخراج و يُسقط عنه خراجه و يجعل عليه ضريبة يسيرة عوضاً عن الخراج، و قد كان عثمان أقطع كثيراً من بني اُميّة و غيرهم من أوليائه و أصحابه قطائع من أرض الخراج على هذه الصورة. شرح ابن أبي الحديد،ج 1، ص 269. ] أقطعها عثمان و كلّ مالٍ أعطاه من مالِ اللَّه، فهو مردودٌ في بيت المال، فإنّ الحقّ القديم لا يُبطله شي ء، و لو وجدتُه قد تزوّج به النّساء، و فُرّق في البلدان لرددتُه إلى حاله، فإنّ في العدل سعة، و من ضاق عنه الحقّ فالجور عليه أضيق [ تفسير هذا الكلام: أنّ الوالي اذا ضاقت عليه تدبيرات اُموره في العدل، فهي في الجور أضيق عليه؛ لأنّ الجائر في مظنّة أنّ يُمنعَ و يُصدَّعن جوره، شرح ابن أبي الحديد، ج 1، ص 270. ]' إلى أن قال: قال الكلبي: ثمّ أمر عليه السلام بكلّ سلاح وجد لعثمان في داره، ممّا تقوّى به على المسلمين فقبض، و أمر بقبض نجائب كانت في داره من إبل الصدقة فقبضت، و أمر بقبض سيفه و درعه، و أمر ألّا يعرض لسلاح وُجد له لم يقاتل به المسلمين، و بالكفّ عن جميع أمواله الّتي وجدت في داره و في غير داره، و أمر أن تُرتجع الأموال الّتي أجاز بها عثمان حيث اُصيبت أو اُصيب أصحابها.

فبلغ ذلك عمرو بن العاص، و كان بأيَلة من أرض الشام، أتاها حيث وثب النّاس على عثمان فنزلها، فكتب إلى معاوية: ما كنت صانعاً فاصنع، إذ قَشَرك ابن أبي طالب من كلّ مالٍ تملكه كما يُقشر عن العصا لحاها. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 1، ص 269. ]

و منها: إطفاؤه السراج لأنّ زيته من بيت المال


قال الكشفي الحنفي في المناقب المرتضويّة: كان أميرالمؤمنين عليه السلام قد دخل ليلة في بيت المال يكتب قسمة الأموال، فورد عليه طلحة و الزّبير، فأطفأ عليه السلام السراج الّذي بين يديه، و أمر بإحضار سراج آخر من بيته، فسألاه عن ذلك؟

فقال عليه السلام: 'كان زيته من بيت المال، لا ينبغي أن نصاحبكم في ضوئه'.

[ المناقب المرتضوية للكشفي الحنفي، ص 365. ]

خطابه الى عمّاله، و عتابه لهم بما بدر منهم


في هذا المجال خطابات كثيرة نشير إلى نبذة منها رعاية للإختصار:

منها: من كتاب له إلى مصقلة بن هبيرة


في "نهج البلاغة" من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، و هو عامله على أردشير خرّه [ أردشير خرّة: كورة من كور فارس، و الظاهر أنّه ما يسمّى في عصرنا "فيروز آباد". ]: 'بلغني عنك أمرٌ إن كنتَ فعلته فقد أسخطتَ إلهك و أغضبتَ إمامك، إنّك تقسم في ءَ المسلمين الّذي حازتْه رِماحُهُم و خُيولُهُم، و اُريقَتْ عليه دماؤُهُم فيمن اعتامَك [ اعتامك: اختارك من بين النّاس، أصله من العيمة بالكسر، و هي خيار المال. ] من أعراب قَومِك، فوالّذي فَلَقَ الحبّة و برأ الَنَّسَمةَ لئن كان ذلك حقّاً لَتَجِدنَّ بك عليَّ هواناً وَلَتَخِفَّنَّ عندي ميزاناً، فلا تَسْتَهن بحقِّ ربّكَ، وَلا تُصْلِح دُنياك بِمَحْقِ دِينكَ، فَتَكُونَ من الأخسرينَ أعمالاً، ألا و إنّ حقَّ مَن قِبَلَكَ [ القبل بكسر ففتح: ظرف بمعنى عند. ] وَ قِبَلَنا مِنَ المُسلمينَ في قِسْمَةِ هذا الفَي ء سواءٌ، يَرِدُونَ عِندي عَلَيه،

/ 74