ليقف عائقاً بوجه عليّ عليه السلام، و هو يؤدّي أعماله هذه، فهل سنجد في زاوية من هذا العالم أو على صفحة من صفحات التأريخ حاكماً كعليّ عليه السلام نذر نفسه لخدمه النّاس و يرى في كلّ مكان من أماكن المجتمع، لا يخشى غدر الخائنين و كيد الأعداء، و يقف إلى جانب المظلوم ضدّ الظالم بكلّ قوّة؟ و لا عجب من ذلك، فهو الّذي يقول: ''كونُوا للظالم خصماً، و للمظلوم عوناً''. لا شك في أنّنا سوف لا نجد مثيلاً له، و لم ير التأريخ له نظيراً .
هيهات أن يأتي الزمان بمثله
إنّ الزمان بمثله لعقيم
إنّ الزمان بمثله لعقيم
إنّ الزمان بمثله لعقيم
موارد ممّا ظهر من إعانة المظلوم و إغاثة الملهوف
كان عليّ عليه السلام في مدى حكومته و حين قدرته معيناً للمظلوم، مغيثاً للملهوف، و خصماً للظالم، و الموارد الّتي شهدت و تشهد بأفعال عليّ عليه السلام هذه، كثيرة، اُشيرَ إلى بعضها في طيّات الفصول المختلفة، و نحن نشير هنا إلى صورة منها كمثال لذلك.
وفود سودة بنت عمارة الهمدانية على معاوية
و قد ذكرنا آنفاً، كانت سودة شاعرة و ذات بيان، و فدت على معاوية و دخلت عليه، فقال لها معاوية: كيف أنتِ يا سودة؟ قالت: بخير يا أميرالمؤمنين.
قال لها: أنتِ القائلة لأخيك:
شمِّر كفِعْل أبيك يابن عُمارة
و انصُر عليّاً و الحسين و رَهْطَه
إنّ الإمام أخو النبيّ محمّد
فَقُدِ الجيوش و سِر أمام لوائه
قُدُماً بأبيضَ صارمٍ و سِنَانِ
يومَ الطِّعان و مُلتقى الأقرانِ
و اقصِد لِهندٍ و ابنها بهوانِ
عَلَم الهُدى و مَنارة الإيمانِ
قُدُماً بأبيضَ صارمٍ و سِنَانِ
قُدُماً بأبيضَ صارمٍ و سِنَانِ
قالت: نعم إي و اللَّه، ما مثلي مَن رغب عن الحقّ، أو اعتذر بالكذب.
قال: ما حملك على ذلك؟ قالت: حبّ عليّ و اتّباع الحقّ.
قال: ماحاجتك؟ قالت: هذا بسر بن أرطاة قدم علينا من قِبَلِكَ، فَقَتَل رجالنا، و أخَذ مالنا، و لولا الطّاعة لكان فينا عزّ و منعة، فإمّا عزلته عنّا فشكرناك، و إمّا لا فعرفناك.
فقال معاوية: إيّاي تُهدِّدين بقومك! و اللَّه لقد هممت أن أرُدَّك إليه على قتب أشرس [ القتب: الإكاف الصغير على قدر سنام البعير، و أشرس: صفة لموصوف محذوف، و هو البعير. و الأشرس: الخشن الغليظ. و تكون صفة للقتب. ]، فيُنفّذ حُكمه فيك، فسكتت ثمّ قالت:
صَلّى الإله عَلى جسمٍ تَضَمَّنه
قد حالفَ الحقّ لا يبغي به ثمنا
ًفصار بالحقّ و الإيمان مقروناً
قبرٌ فأصبح فيه العدل مدفوناً
ًفصار بالحقّ و الإيمان مقروناً
ًفصار بالحقّ و الإيمان مقروناً
قال: و ما صنع بك حتّى صار عندك كذلك؟ قالت: قدمتُ عليه في رجل وَلّاه صَدَقاتنا، فكان بيني و بينه ما بينه الغثِّ و السمين، فأتيتُ عَليّاً عليه السلام لأشكوه إليه، فوجدتُه قائماً يُصلي، فلمّا نظر إليَّ، انفتل مِن الصلاة، ثمَّ قال لي برأفةٍ و تعطّف ''ألك حاجة''. فأخبرته الخبر، فبكى ثمّ قال: ''أللّهمَّ إنّك أنتَ الشاهد عليَّ و عليهم أنّي لم آمرهم بظلم خلقك، و لا بترك حقّك''، ثمَّ أخرج من جيبه قطعةً كهيئة طرف الجراب فكتب فيها: ''بسم اللَّه الرحمن الرحيم ''قد جاءتكم بيّنةٌ من ربّكم فأفوا الكيل و الميزان بالقسط و لا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تعثوافي الأرض مفسدين بقية اللَّه خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين و ما أنا عليكم بحفيظ'' [ الآيات من الأعراف، 85، الشعراء، 183، هود، 86. ] إذا أتاك كتابي هذا فاحتفظ بما في يديك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك
و السلام''. فأخذته منه يا معاوية، ما خزمه بخزام و لا ختمه بختام.
فقال معاوية: اكتبوا لها بالإنصاف لها و العدل عليها.
فقالت: أليَّ خاصّة، أم لقومي عامّة؟
قال: و ما أنتِ و غيركِ؟ قالت: هي و اللَّه إذن الفحشاء و اللؤم إن لم يكن عدلاً شاملاً، و إلّا أنا كسائر قومي. قال: هيهات، لَمَّظكم [ لمّظه الشي ء: آذاقه إياه، يريد علّمكم الجرأة على الحكّام، أو ملأكم غيظاً عليهم. ] ابن أبي طالب الجرأة على السلطان، فبطيئاً ما تفطمون، و غرّكم قوله:
''فلو كنتُ بوّاباً على باب جنّة
لقلت لهمدان ادخلوا بسلام''
لقلت لهمدان ادخلوا بسلام''
لقلت لهمدان ادخلوا بسلام''
و كم له "صلوات اللَّه عليه" من الآثار و الأخبار و المناقب التي لا تُستر، أو يُستروجه النهار؟! و المفاخر الّتي يتعلّم منها من فخر، و المآثر الّتي تعجز من بقي كما أعجزت من غبر.
علي و المروة و العفو
في مفهومي الانتقام و العفو
الانتقام: هو أن يأتي المرء بمثل ما فعل به أو بأزيد منه، و إن كان محرّماً ممنوعاً في الشريعة في بعض الاُمور، إذ ليس كلّ انتقام بجائز، فلا يجوز مقابلة الغيبة بالغيبة، و البهتان بالبهتان، و الفحش بالفحش، و السعاية إلى الظلمة بمثلها، و هكذا في سائر المحرّمات. و أمّا العفو فهو ضدّ الانتقام و هو: إسقاط ما يستحقّه من قصاص أو غرامة، أو دية، و الآيات و الأخبار في مدح العفو و حسنه كثيرة، و قد أُشير إليها في مظانّها.
في عفو عليّ و مروءته
قال جورج جرداق المسيحي في مقتل أميرالمؤمنين علي عليه السلام: كلّ ما في الطبيعة كان يعصف بالثورة إلّا وجه عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقد انبسط لا يحدّث بانتقام، و لا يشير إلى اشتباك، فإنّ العوّاد وقفوا بباب الإمام و كلّهم جازع متألّم باك يدعو إلى اللَّه أن يرحم أميرالمؤمنين فيشفيه، و يشفي به آلام النّاس، و كانوا قد شدّوا على ابن ملجم فأخذوه، فلمّا أدخلوه عليه قال: ''أطيبوا طعامه، و ألينوا
فراشه''. [ الإمام عليّ صوت العدالة الانسانية، ج 4، ص 1004. ]
و قال أيضاً: و مروءة الامام أندر من أن يكون لها مثل في التاريخ، و حوادث المروءة في سيرته أكثر من أن تعدّ.
منها: أنّة أبى على جنده - و هم في حال من النقمة و السخط - أن يقتلوا عدوّاً تراجع، و أن يتركوا عدوّاً جريحاً فلا يسعفوه، كما أبى عليهم أن يكشفوا ستراً، أو أن يأخذوا مالاً.
و منها: أنّه صلّى في وقعة الجمل على القتلى من أعدائه و سأل لهم الغفران، و أنّه حين ظفر بألدّ أعدائه الّذين يتحيّنون الفرص للتخلّص منه - و هم عبداللَّه بن الزّبير و مروان بن الحكم، و سعيد بن العاص - عفا عنهم و أحسن إليهم، و أبى على أنصاره أن يتعقّبوهم بسوءٍ، و هم على ذلك قادرون...
و منها: أنّه ظفر بعمرو بن العاص، فأعرض عنه و تركه ينجو بحياته و يستمرّ في مؤامرته ضدّه، لأنّ عَمْراً هذا رجاه على اُسلوب خاصّ [ و هو كشف عورته في أرض المعركة خشية من سيف أميرالمؤمنين عليه السلام الذي تمكّن من رقبته. ] أن يعفو عنه، و قد أصبح ذوالفقار فوق هامته، إلى آخر كلامه. [ الإمام عليّ صوت العدالة الانسانية، ج 1، ص 82. ]
و قال العقّاد في بيان مروءته عليه السلام: و يزيدها تشريفاً أنّها ازدانت بأجمل الصفّات الّتي تزين شجاعة الشجعان الأقوياء، فلا يعرف النّاس حلية للشجاعة أجمل من تلك الصفّات الّتي طبع عليها عليّ عليه السلام بغير كلفة، و لا مجاهدة رأي، و هي التورّع عن البَغي، و المروءة مع الخصم، قويّاً أو ضعيفاً على السواء، و سلامة الصدر من الضغن على العدوّ بعد الفراغ من القتال.
فمن تورّعه عن البغي، مع قوّته البالغة و شجاعته النادرة، أنّه لم يبدأ أحداً قطّ
بقتالٍ و له مندوحة عنه، و كان يقول لابنه الحسن: ''لا تدعونَّ إلى مبارزة، فإن دعيت إليها فأجب، فإنّ الدّاعي إليها باغ، و الباغي مصروع''.
و علم أنّ جنود الخوارج يفارقون عسكره ليحاربوه، و قيل له: إنّهم خارجون عليك فبادرهم قبل أن يبادروك، فقال: ''لا أُقاتلهم حتّى يقاتلوني... و سيفعلون''.
و كذلك فعل قبل وقعة الجمل، و قبل وقعة صفّين، و قبل كلّ وقعة صغرت أو كبرت و وضح فيها عداءُ العدوّ أو غمُض... يدعوهم إلى السّلم، و ينهى رجاله عن المبادأة بالشرّ، فما رفع يده بالسّيف قطّ إلّا و قد بسطها قبل ذلك للسلم؛ و ساق الكلام إلى أن قال:
و أمّا مروءته في هذا الباب، فكانت أندر بين ذوي المروءة من شجاعته بين الشجعان، فأبى على جنده و هم ناقمون أن يقتلوا مُدبراً أو يجهزوا على جريحٍ، أو يكشفوا ستراً، أو يأخذوا مالاً، و صلّى في وقعة الجمل على القتلى من أصحابه و من أعدائه على السواء، و ظَفر بعبداللَّه بن الزّبير، و مروان بن الحكم، و سعيد بن العاص، و هم ألدّ أعدائه المؤلّبين عليه، فعفا عنهم و لم يتعقّبهم بسوء، و ظفر بعمرو ابن العاص و هو أخطر عليه من جيش ذي عدّة، فأعرض عنه و تركه ينجو بحياته حين كشف عن سوأته إتّقاءً لضربته.
و حال جند معاوية بينه و بين الماء في معركة و هم يقولون له: و لا قطرة حتّى تموت عطشاً... فلمّا حمل عليهم و أجلاهم عنه سوّغ لهم أن يشربوا منه كما يشرب جنده.
و زار السيّدة عائشة بعد وقعة الجمل فصاحت به صفيّة أم طلحة الطلحات: أيتم اللَّه منك أولادك كما أيتمتَ أولادي. فلم يردّ عليها شيئاً، ثمَّ خرج فأعادت عليه ما استقلبته به فسكت و لم يردّ عليها، فقال رجل أغضبه مقالها: يا أميرالمؤمنين، أتسكت عن هذه المرأة و هي تقول ما تسمع؟ فانتهره و هو يقول:
''ويحك، إنّا اُمرنا أن نكفّ عن النساء و هنُ مشركات، أفلا نكفّ عنهنّ و هنّ مسلمات؟''، ثمّ ودّع السيدة عائشة أكرم و داع و سار في ركابها أميالاً و أرسل معها من يخدمها و يخفّ بها.
إلى أن قال: و هذه المروءة كانت سنّته مع خصومه، من استحقّ منهم الكرامة و من لم يستحقّها، من كان في حرمة عائشة، و من لم تكن له قطّ حرمة، و هي أندر مروءة عرفت من مُقاتل في و غر القتال. [ عبقرية الإمام عليه السلام لعباس محمود العقاد، ص 18. ]
و علينا أن نذكر موارد من عفوه و مروءته حين حكومته و قدرته حتّى تتضح للقرّاء الكرام سيرة اُسوة التقوى و إمام الهدى في هذا المجال.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي في "شرح نهج البلاغة": و حاربه أهل البصرة و ضربوا وجهه و وجوه أولاده بالسّيوف و شتموه و لعنوه، فلمّا ظفر بهم رفع السّيف عنهم، و نادى مناديه في أقطار العسكر: ألا لا يتبع مولّ، و لا يُجهز على جريح، و لا يقتل مستأسر، و من ألقى سلاحه فهو آمن، و من تحيّز إلى عسكر الإمام فهو آمن، و لم يأخذ أثقالهم و لا سبى ذراريهم و لا غنم شيئاً من أموالهم، و لو شاء أن يفعل كلّ ذلك لفعل، و لكنّه أبى إلّا الصّفح و العفو، و تقيّل سنّة رسول اللَّه عليه السلام يوم فتح مكّة، فإنّه عفا و الأحقاد لم تبرد، و الإساءة لم تنس. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 1، ص 23. ]
و قال ابن أبي الحديد أيضاً: و لمّا ملك عسكر معاوية عليه الماء و أحاطوا بشريعة الفرات، و قالت رؤساء الشام له: اقتلهم بالعطش كما قتلوا عثمان عطشاً، سألهم عليّ عليه السلام و أصحابه أن يسوّغوا لهم شرب الماء، فقالوا: لا و اللَّه و لا قطرة حتّى تموت ظمأً كما مات ابن عفان، فلمّا رأى عليه السلام أنّه الموت لا محالة، تقدّم بأصحابه و حمل على عساكر معاوية حملات كثيفة حتّى أزالهم عن مراكزهم بعد
قتل ذريع، سقطت منه الرؤوس و الأيدي، و ملكوا عليهم الماء، و صار أصحاب معاوية في الفلاة لا ماء لهم، فقال له أصحابه و شيعته: امنعهم الماء - يا أميرالمؤمنين - كما منعوك، و لا تسقهم منه قطرة، و اقتلهم بسيوف العطش، و خذهم قبضاً بالأيدي فلا حاجة لك إلى الحرب، فقال: ''لا و اللَّه لا أُكافئهم بمثل فعلهم، افسحوا لهم عن بعض الشريعة، ففي حدّ السّيف ما يغني عن ذلك. [ نفس المصدر. ]
ملكنا فكان العفو منا سجيّة
فحسبكم هذا التفاوت بيننا
فكلّ إناء بالّذي فيه ينضح
فلمّا ملكتم سال بالدم أبطح
فكلّ إناء بالّذي فيه ينضح
فكلّ إناء بالّذي فيه ينضح
[ الإمام عليّ للرحماني، ص 482. ]
عفوه عن رجل من الخوارج رماه بالكفر
في نهج البلاغة: أنّه عليه السلام كان جالساً في أصحابه فمرّت بهم امرأة جميلةٌ فرمَقها القَوم بأبصارهم، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: ''إنّ أبصار هذه الفُحُول طَوامِح [ طوامح: مرتفعات. ]، و إنَّ ذلك سببُ هِبابِها [ الهباب: الهيجان. ]، فإذا نَظر أحدُكم إلى امرأةٍ تُعجِبُه فليلامس أهله، فإنّما هي امرأةٌ كامرأته''.
فقال رجل من الخوارج: قاتَلُه اللَّه كافراً ما أفقَهه! فوثَبَ القَومُ لِيقتلُوهُ فقال عليه السلام: ''رويداً إنّما هو سبٌّ بسبٍّ، أو عفوٌ عن ذَنبٍ''. [ نهج البلاغة، قصار الحكم 412. ]
وصيّته بقاتله
روي أنّه لمّا ضربه ابن ملجم أوصى إلى الحسن و الحسين عليهماالسلام وصية طويلة،في آخرها: يا بني عبدالمطلب، لا تخوضوا دماء المسلمين خوضاً، تقولون: قُتِل أميرالمؤمنين! ألاّ لا تقتلنّ بي إلّا قاتلي، انظروا إذا أنامُتُّ من ضربته هذه فاضربوه ضربة، و لا تمثلوا به، فاني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: ''إياكم و المثلة و لو بالكلب العقور''
و عن هشيم مولى الفضل، قال: لما قَتَل ابن ملجم علياً عليه السلام قال للحسن و الحسين عليهماالسلام: عزمت عليكما لمّا حبستم الرجل، فان مُتّ فاقتلوه و لا تمثّلوا به. [ الرياض النضرة، ج 3 و 4، ص 238. ]
علي و القضاء
كان عليّ عليه السلام أقضى الاُمّة و أعلمها بغوامض أحكام الإسلام و أعرفها بالقرآن و السنّة و بحوادث زمانه بحيث أصبح متداولاً على ألسنة الأصحاب بأنّه أقضى الاُمّة: وأقضى الصحابة، وأقضى أهل المدينة. و ذلك وفقاً لما سمعوه من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله .
و قد اختاره رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قاضياً و بعثه إلى اليمن في عهده صلى الله عليه و آله، و دعا له بالخير و أثنى عليه و أبان فضله في ذلك، فدلّ به على استحقاقه عليه السلام الأمر من بعده صلى الله عليه و آله، و وجب تقدّمه عليه السلام على من سواه في مقام الإمامة.
قال ابن الصبّاغ المالكي في "فصل" ذكر شي ء من علومه: فمنها علم الفقه الّذي هو مرجع الأحكام و منبع الحلال و الحرام، فقد كان عليّ عليه السلام مطّلعاً على غوامض أحكامه منقاداً جامحاً بزمامه، مشهوداً له فيه بعلوّ محلّه و مقامه، و لهذا خصّه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بعلم القضاء كما نقله الإمام أبومحمّد الحسين بن مسعود البغوي في كتابه "المصابيح" مرويّاً عن أنس بن مالك أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله خصّص جماعة من الصحابة كلّ واحد بفضيلة، و خصّص عليّاً بعلم القضاء، فقال صلى الله عليه و آله:
**صفحه=432
''@و أقضاكم عليّ''. [ الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي، ص 34. ]
علي أقضى الاُمّة
في الإحقاق عن "أخبار القضاة" و غيره بإسناده عن ابن عمر و جابر و شداد بن أوس قالوا: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: ''أقضى اُمّتي عليّ''. [ أخبار القضاة، ج 1، ص 88؛ و المعجم الصغير للطبراني، ص 115؛ نقلاً عن الاحقاق، ج 4، ص 321. ]
و فيه أيضاً: عن كتاب "التبصير في الدّين" قال: قال النبيّ صلى الله عليه و آله: في صفة عليّ عليه السلام: ''أقضاكم عليّ''. [ التبصير في الدين للاسفراييني، ص 161 نقلاً عن المصدر السابق. ]
و فيه أيضاً: عن "مصابيح السُنة" عن قتادة عن النبيّ صلى الله عليه و آله: ''أقضاهم عليّ''. [ مصابيح السنة، ج 2، ص 203 نقلاً عن المصدر السابق. ]
و روى ابن عساكر الشافعي: بإسناده عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس، قال: خطبنا عمر على منبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقال: عليّ أقضانا، و اُبيّ أقْرَأنَا،و إنّا لندع من قول اُبيّ أشياء، الحديث. [ ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق، ج 3، و ص 28، ح 1054، ص 32، ح 1062. ]
و عنه أيضاً عن عبداللَّه بن مسعود، قال: كنّا نتحدّث أنّ أقضى أهل المدينة عليّ بن أبي طالب عليه السلام. [ المصدر السابق، ج 3، ص 35، ح 1066. ]
و عنه أيضاً: عن أبي الأحوص، قال: قال عبداللَّه بن مسعود: أفرض أهل المدينة و أقضاهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام. [ المصدر السابق، ج 3، ص 35، ح 1067. ]