رسول اللَّه يعلّمه القضاء - حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) - نسخه متنی

سید اصغر ناظم زاده قمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

و عنه أيضاً: بإسناده عن مغيرة، عن الشعبي، قال: ليس منهم أحد أقوى قولاً في الفرائض من عليّ بن أبي طالب. [ المصدر السابق، ج 3، ص 38، ح 1069. ]

و روى ابن سعد في "الطبقات" بسنده عن أبي إسحاق: أنّ عبداللَّه بن مسعود كان يقول: أقضى أهل المدينة ابن أبي طالب. [ الطبقات لابن سعد، ج 2، ص 339. ]

و روى الحاكم بسنده، عن عبداللَّه بن مسعود، قال: كنّا نتحدّث أنّ أقضى أهل المدينة عليّ بن أبي طالب.

قال الحاكم: هذا حديث صحيح. [ المستدرك للحاكم النيشابوري، ج 3، ص 35. ]

رسول اللَّه يعلّمه القضاء


في "السيرة النبويّة": بعث رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عليّ بن أبي طالب عليه السلام إلى اليمن [ في هامش مسند زيد، ص 261، قال: في سيرة صنعاء، كان نزول عليّ عليه السلام في اليمن على اُمّ سعيد ابنة برزخ، و هي أوّل مَن أسلم من أهل اليمن، و بَنَتْ مسجداً و سمّته مسجد عليّ عليه السلام، و هذا المسجد موجود إلى يومنا هذا، مشهور في سوق الحلقة، و سمّي الحلقة لأنّ أهل اليمن اجتمعوا على عليّ بن أبي طالب عليه السلام في هذا المحل وحلقوا عليه، و لبث عليّ عليه السلام بصنعاء أربعين يوماً، و دخل أماكن اليمن منها عدن أبين و عدن لاعة من بلاد حجة. ] في شهر رمضان سنة عشر،و عقد له لواء، و عمّمه بيده، و قال له: 'امض و لا تلتفت'.

فقال عليّ عليه السلام: 'يا رسول اللَّه، ما أصنع؟'. قال صلى الله عليه و آله: 'إذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتّى يقاتلوك، و ادعهم إلى قول لا إله إلّا اللَّه، فإن قالوا: نعم، فَمُرهم بالصلاة، فإن أجابوا فلا تبغِ منهم غير ذلك، و اللَّه لأن يهدي اللَّه بك رجلاً واحداً خيرٌ لك مِمّا طلعت عليه الشمس أو غربت'. [ السيرة النبوية لزيني دحلان الشافعي بهامش السيرة الحلبية، ج 2، ص 345. ]

و روى أبوداود و غيره من حديث عليّ عليه السلام قال: 'بعثني النبيّ صلى الله عليه و آله إلى اليمن، فقلت: يا رسول اللَّه، تبعثني إلى قوم أسنّ منّي، و أنا حديث السنّ لا أبصر القضاء'. قال: 'فوضع يده في صدري و قال: أللّهمّ ثَبّت لسانه و اهدِ قلبه، و قال: يا عليّ، إذا جلس إليك الخصمان فلا تقضِ بينهما حتّى تسمع من الآخر، فإنّك إذا فعلت ذلك تبيّن لك القضاء'.

قال عليّ عليه السلام: 'و اللَّه ما شككت في قضاء بين اثنين' فخرج عليّ عليه السلام في ثلاثمائة فارس، الحديث. [ سنن أبي داود، ج 3، ص 301، ح 3582؛ وروى عنه المصدر السابق، ج 2، ص 346. ]

و روى النسائي في الخصائص و كذا أحمد في الفضائل نحوه. [ خصائص أميرالمؤمنين للنسائي، ص 42، ح 32؛ و فضائل أحمد، ص 152، ح 280. ]

و في المناقب لابن المغازلي الشافعي: بإسناده عن أبي البختري، عن عليّ عليه السلام، قال: 'بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إلى اليمن لأقضي بينهم، قال: فقلت: يا رسول اللَّه، إنّي لا علم لي بالقضاء، فضرب يده على صدري، و قال: أللّهمّ اهدِ قلبه، و ثبّت لسانه'.

قال: 'فما شككت في قضاء بين اثنين حتّى جلست مجلسي هذا'. [ المناقب لابن المغازلي، ص 248، رقم 298. ]

موقف علي من القضاة


لا يخفى على من راجع تواريخ الاُمم و الأجيال في العالم أنّ لأمر القضاء و فصل الخصومات مكانة خاصّة حسّاسة في جميع الاُمم و المجتمعات البشرية، إذ عليه و على سلامة نظامه تبنى سلامة المجتمع، و أمنه، و استقرار العدل فيه، و حفظ الحقوق و الحرمات.

و لو لم يكن القضاء سالماً أو فوّض أمره إلى غير أهله، فشا الجور و الفساد، و ضاعت الحقوق و ضعفت الدولة، بل ربّما أعقب ذلك سقوطها و زوالها.

و ذلك واضح لأنّ عالم الطبيعة عالم التزاحم و التصادم، و الإنسان في طبعه مجبول على الولع و الطمع، و قد زيّن له حبّ الشهوات من النساء و الأموال و المشاغل، فربما يستغل الشخص قوّته و قدرته أو غفلة الآخرين، فينزو على أموال الناس و حقوقهم، و يستعقب ذلك التنازع و البغضاء، بل ربما ينتهي الأمر إلى القتال و إتلاف النُفوس و الأموال.

فلا محيص عن وجود سُلطة عالم عادل نافذ الأمر، تصلح بينهم أو تقضي بالحق و العدل فيرتفع النزاع و يجد كلّ ذي حقّ حقّه.

عهده إلى مالك الأشتر النخعي


قال السيد الرضيّ رحمهم الله: من عهدٍ له عليه السلام كتبه للأشتر النخعي

[ و هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث النخعي المعروف بالأشتر- و الشتر: استرخاء الجفن الأسفل، و لعلّ ذلك صفته "ره"- و الأشترأمير من كبار الشجعان، و كان رئيس قومه، شهد اليرموك و ذهبت عينه فيها، و شهد الجمل و صفّين مع عليّ عليه السلام و أبلى فيهما بلاءً حسناً، و ولاّه أميرالمؤمنين عليه السلام مصر فقصدها بعد اضطراب الأمر على و اليها، و قد اختاره الإمام عليه السلام لحكومة مصر لماضي مصر العريق في العلم و الفلسفة سيّما الفلسفة اليونانية الّتي كانت تدرّس هناك، فهو الرجل المناسب لتطوّر المجتمع المصري آنذاك لأنه من العلماء الفصحاء، و قد سمّه في الطريق إلى مصر "نافع" غلام عثمان بتخطيط من معاوية، إذ أنّ استقرار حكومته في مصر يعني تصفية الحساب مع و الي الشام، قال عليّ عليه السلام حينما بلغه خبر شهادته: 'رحم اللَّه مالكاً، فلقد كان لي كما كنت لرسول اللَّه' و قال: 'إنّا للَّه! مالك و ما مالك! و هل موجود مثل مالك؟ لو كان حديداً لكان قيداً، و لو كان حجراً لكان صلداً، على مثله فلتبكِ البواكي'... .انظر: الإصابة، "8343"، تهذيب التهذيب، 11:10. ] لمّا ولاّه على مصر و أعمالها حين اضطرب أمر أميرها محمّد بن أبي بكر، و هو أطول عهدٍ كتبه و أجمعه للمحاسن.

و في عهده هذا، قسّم عليه السلام طبقات المجتمع إلى سبعة أقسام و ذلك وفقاً للعمل و الحرفة:

1- جنود اللَّه.

2- كُتّاب العامّة و الخاصّة.

3- قضاة العدل.

4- عمّال الإنصاف و الرفق.

5- أهل الجزية و الخراج من أهل الذمّة و مسلمة النّاس.

6- التّجار و أهل الصناعات.

7- الطبقة السفلى من ذوي الحاجة و المسكنة.

و ممّا لا شك فيه أنّه صلى الله عليه و آله لم يفضّل أحداً على أحدٍ من حيث العمل، و ليس هو في معرض الترجيح بين الطبقات، إذ كلّهم يعملون و يكسبون ما يتناسب مع عملهم.

و يظهر من عهده عليه السلام خصوصيّة للقُضاة و رؤساء القضاء في الحكومات الإسلامية، فنشير إليها في التالي:

القاضي في نظره


و في عهده إلى مالك رضى الله عنه أوضح أميرالمؤمنين عليه السلام ما يجب أن يتحلّى به القاضي من صفات و فضائل، و سنبيّن باختصار ما جاء في هذا العهد بخصوص الطبقة الثالثة من طبقات الناس "قضاة العدل".

1- قال عليه السلام: 'ثمُّ اخْتَر لِلْحُكْم بَيْنَ النَّاس أفْضَلَ رَعِيَّتِكَ'.

لابدّ من اختيار أفضل النّاس للتصدّي للقضاء؛ لأنّ الناس لا يمكن أن يطيعوا شخصاً هم أفضل منه، حيث إنّ تقديم المفضول عل الفاضل خلاف العقل، كما أنّ حكم غير المتّقى على المتّقي و كذلك حكم غير المتعلّم على المتعلّم ممنوع و قبيح عقلاً.

2- 'مِمَّنْ لاَ تَضِيْقُ بِهِ الاُموْرُ'.

يجب أن يكون القاضي متعلّماً بحيث إنّه قادر على تحليل و تجزئة المسائل و أن لا يكون في حَرَج و ضيق ممّا يواجه من الحوادث.

3- 'وَ لاَ تَمْحَكُهُ الْخُصُوْمُ'.

تمحكه من المحك و هو التجربة و الاختبار، يعني أنّ القاضي يجب أن يكون في الهيبة و الوقار بحيث لا يسمح للخصمين أن يحاولا اختباره فيما إذا كان يقبل الرشوة بالمال أو بإظهار المحبّة و الاحترام، و جاء في شرح ابن أبي الحديد: تجعله ماحكاً أي لجوجاً، محك الرجل: لجّ، ماحك زيد عمراً: لاجّه [ شرح ابن ابي الحديد، ج 17، ص 59. ]، يعني: يجب أن يكون عليه من صفات الهيبة و الوقار بحيث لم يجرؤ الطرفان المتخاصمان أن يلجّا في حكمه أو يناقشاه.

4- 'و لا يَتَمادَى في الزَّلَّة'.

إذا أخطأالقاضي في حكمه و أحسّ بالخطأ، فعليه أن لا يصرّ و لا يستمرّ عليه، بل عليه الاعتراف و عدم التمادي؛ لأنّ ذلك يؤدّي به إلى مجانبة الحقّ و العدل. 5- 'و لا يحصرُ مِنَ الفي ء إلى الحَقّ إذا عَرَفَهُ'.

يحصر: أي يعيا في المنطق، و الفي ء: الرجوع إلى الحقّ، يعني يجب أن يكون القاضي صريحاً في عودته إلى الحقّ إذا عرفه دون تردّد أو شكّ كي يحقّ الحقّ و يبطل الباطل.

6- 'و لا تشرفُ نَفْسُه عَلَى طَمَعٍ'.

يجب أن لا يشغل نفسه بالنظر إلى ما في أيدي الناس، و أن لا يكون من أهل الطمع، فهو ذو مقامٍ عالٍ استلهمه من الخالق العزيز للحكم بين النّاس، لذا يجب عليه الحفاظ على هذا المقام و أن لا ينزل به إلى مستوىً منحطّ، إلى المادة و طمع الدّنيا.

7- 'و لا يكتفي بأدْنَى فهم دُوْنَ أقْصاه'.

يجب على القاضي التروّي في الحكم و أن لا يقضي بسرعة و بأدنى فَهمْ؛ لأنّ ذلك يؤدّي به إلى الخطأ و الزلل، فعليه أن يناقش القضيّة من كلّ جوانبها، و يسمع من الخصمين سماعاً دقيقاً، كي تتّضح المسألة لديه و يحكم على أساسها.

8- 'وَ أَوْقَفهُم في الشُّبُهاتِ'.

الشبهات: ما لا يتضّح الحكم فيه بالنصّ، و فيها ينبغي الوقوف على القضاء حتّى يردّ الحادثة إلى أصل صحيح، فعلاوة على كون القاضي أفضل الرعيّة فعليه أيضاً أن يتوقّف عند الشبهة، و أن لا يأخذه الغرور بما لديه من المعلومات، و أن لا يعتبر السؤال و المشاورة عيباً و عاراً عليه، بل العيب و العار هو التكبّر و الغرور و الوقوع في مزالق الباطل.

9- 'و آخذَهُم بالْحُجَج'.

أي عليه الاعتماد على الدليل و البرهان، و أن يحكم على أساس الحُجج و القوانين و الأحكام، و لا يكتفي بما يتصوره في ذهنه و حسب. 10- 'وَ أَقَلَّهُمْ تَبَرُّمَاً بِمُراجَعَةِ الخَصْمِ'.

التبرّم: الملل و الضجر، حيث ينبغي أن يكون القاضي أقلّ النّاس تضجرّاً من الطرفين المتنازعين، و أن يكون متحمّلاً صبوراً في الإصغاء للخصمين حتّى تنتهي الدعوى و لا يملّ من كلامهما.

11- 'وَ أَصْبَرهُمْ عَلَى تَكَشُّف الاُمور'.

يجب أن يكون القاضي أكثر النّاس صبراً، و ذلك لأجل كشف الحقائق و تجلّيها، و أن لا يقطع بالحكم حتّى تتبيّن له كلّ مطالب القضيّة، و لا يكتفي بتقرير إجمالي لها و حسب.

12- 'وَ أَصْرَمَهُمْ عِنْدَ اتّضاحِ الْحُكْم'.

أصرمهم: أي أقطعهم للخصومة و أمضاهم، فإن اتّضح الأمر، عليه أن يكون قاطعاً حاسماً في اتخاذ القرار، و أن لا يؤجّله و يسوّفه جاعلاً النّاس في حيرة.

13- 'مِمَّنْ لاَ يَزْدَهِيةِ إطْرَاءٌ'.

لا يزدهيه إطراء: أي لا يستخفّه زيادة الثناء عليه، فعليه أن لا يشعر بالكبر و الزهو لما يسمعه من إطراء و مدح الآخرين.

14- 'و لاَ يَسْتَمِيْلُهُ إغراءٌ'.

على القاضي أن لا يحكم وفقاً للمغريات الّتي يقدمها أحد طرفي النزاع و لا تنطلي عليه حيلة أحد الطرفين بحيث يستهويه و يحكم له.

من الطبيعي أنّ وجود قاضٍ تتمثّل به هذه الصفات القيّمة يعدّ نادراً و قليلاً، و قد قال أميرالمؤمنين عليه السلام: 'و اُولئك قليل'. [ انظر العهد كاملاً في نهج البلاغة، الكتاب 53. ]

واجب رئيس القضاء تجاه القضاة في عهده


ليس من وجهة نظر أميرالمؤمنين عليه السلام أن يُترك القاضي بمجرّد تعيينه و حسب، و أن لا يخضع للمراقبة و الفحص و الاختبار من قبل رئيس القضاء أو رئيس الدولة، و في عهده عليه السلام إلى مالك الأشتررحمهم الله أوصاه بالقضاة من جانبين:

الأول: مراقبة القاضي من حيث الأحكام الصادرة.

الثاني: متابعة الوضع المادّي و المعنوي للقاضي، يقول عليه السلام استمراراً لنفس العهد:

1- 'ثمّ أَكْثِرْ تَعَاهُد قَضَائِه'.

أي تتبّعه بالاستكشاف و التعرّف، فإنّك يا مالك بعد أن عيّنت القاضي، عليك أن تراقبه و تتابعه و تناقش قضاياه الّتي حكم بها؛ لأنّ القاضي قد يخطأ، فرئيس القضاء يجب أن يناقش القضيّة، و إن اكتشف أدنى خلاف فيها عليه إعادتها إلى القاضي ليستأنف الحكم.

2- 'وَ افْسح لَهُ في الْبَذْلِ مَا يُزِيلُ عِلَّتَهُ'.

أي أوسع له في العطاء بما يكفيه، و يسدّ حاجاته، و حاجات و متطلبات بيته و عائلته، كي لا يكون ممّن ينظر إلى ما في أيدي النّاس، و لا تغرّه الرشوة، و لكي تكون لك الحجّة عليه إذا ارتشى.

3- 'وَ تَقِلُّ مَعَهُ حَاجَتُهُ إلى النّاس'.

فإذا أجزلت له العطاء الكافي كفيته من حاجة النّاس، حتّى لا يكون متحيّزاً في إصدار الحكم لأحد.

4- 'و أعْطِهِ مِنَ المَنْزِلَة لديك مَا لاَ يَطْمَعُ فِيْهِ غيرُهُ مِنَ خَاصَّتِك لِيَأمَنَ بذلِك اغتيالَ الرِّجالِ لَهُ عِنْدكَ'.

لا يتوقف الإمام عليه السلام عند حدّ كفاية القاضي من الناحية الماديّة فقط، بل يتعدّاه إلى الناحية المعنوية، إذ يجب على رئيس الدولة أو رئيس القضاء أن يجعل للقاضي مكانة لديه، لكي لا يكون هدفاً لسعاية الآخرين، و لكي يتمكّن من تنفيذ الأحكام الحقّة، و لا يطمع الآخرون به، و إلّا فإنّ المحيطين برئيس القضاء أو برئيس الدولة سيطلبون منه أن يحكم لصالحهم، و إنّه سيعمل ذلك من فرط الخوف.

ثمّ في نهاية هذه الفقرة الخاصّة في القضاء من هذا العهد قال: 'فانظر في ذلك نَظَراً بليغاً، فإنَّ هذا الدينَ قدْ كَانَ أسيراً في أيْدي الأشرار يُعْمَلُ فيه بالهوى وَ تُطلَبُ بِهِ الدُّنيا'. [ انظر المصدر السابق. ]

سيرته مع القضاة


نذكر فيما يلي نبذة من مخالفات القضاة و موقف عليّ عليه السلام تجاههم حتّى يعرف القرّاء الكرام أنّ علمه عليه السلام كقوله سواء.

في "شرح ابن أبي الحديد" و في "فرائد السمطين" عن عبداللَّه بن عمر، قال: استعدى رجل على عليّ بن أبي طالب عليه السلام عمر بن الخطّاب، و عليٌ جالس، فالتفت عمر إليه، فقال: قم يا أبا الحسن، فاجلس مع خصمك، فقام فجلس معه و تناظرا، ثمّ انصرف الرجل و رجع عليّ عليه السلام إلى محلّه فتبيّن عمر التغيّر في وجهه، فقال: يا أبا الحسن، مالي أراك متغيّراً، أكرهتَ ما كان؟ قال عليه السلام:'نعم'. قال عمر: و ما ذاك. قال عليه السلام: 'كنّيتني بحضرة خصمي، هلاّ قلت: قم يا عليّ، فاجلس مع خصمك' فاعتنق عمر عليّاً و جعل يقبّل وجهه، و قال: بأبي أنتم! بكم هدانا اللَّه، و بكم أخرجنا من الظلمة إلى النور. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 17، ص 65، و في فرائد السمطين، ج 1، ص 348، ح 273 مع تفاوت في لفظه. ] و قال ابن الإخوة: يحكى أن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ولّى أبا الأسود الدؤلي القضاء ساعة من نهار ثمَّ عزله. فقال له: لِمَ عزلتني فَو اللَّه ما خُنتُ و لا خوّنتُ؟.

قال عليه السلام: 'بلغني أنّ كلامك يعلو كلام الخصمين إذا تحاكما إليك'.

[ معالم القربة في أحكام الحسبة، ص 203؛ نقلاً عن الإحقاق، ج 8، ص 548. ]

فعلى الولاة و رؤساء القضاء في الحكومات الإسلامية الاقتداء بهَدْي إمامهم عليّ عليه السلام و السير بسيرته، و أن يراقبوا جهاز القضاء مراقبة دقيقة، و يتحرّوا عن القائمين عليه، كي لا يتعسّفوا في الحكم على المتخاصمين و لا يرهبوا المراجعين أو يعنّفوهم، و إذا علموا بتخلّف موظّفيهم، و بّخوهم أو عزلوهم لكي تحافظ الحكومة على مسير الحقّ و العدل.

حكى الشعبي، قال: اشترى شريح القاضي داراً بثمانين ديناراً، فبلغ ذلك علياًعليه السلام، فاستدعاه، فقال له: 'يابن الحارث، بلغني أنك اشتريت داراً بكذا و كذا، و أشهدت على نفسك شهوداً، و كتبت كتاباً؟'

فقال: قد كان ذلك يا أميرالمؤمنين، فنظر إليه نظر المغضب، ثمّ قال: 'يا شريح،إنه سيأتيك من لا ينظر في كتابك حتى يخرجك منها شاخصاً، و يسلمك إلى قرارك خالصاً، فاحذر أن تكون ابتعت هذه الدار من غير مالك، أو نقدت الثمن من غير حلالك، فاذن خسرت الدنيا و الآخرة ...'. [ تذكرة الخواص، ص 149. ]

علي و قضاياه في مدى عمره الشريف


لقد قضى عليّ عليه السلام في مدى عمره الشريف الميمون بقضايا كثيرة، و لم نشر إلّا إلى نزر منها، و لكي لا تختلط على القارى ء الكريم، فقد سعينا إلى فصلها و تقسيمها إلى أربعة مباحث:

/ 74