صبره على شدّة العيش - حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة امیرالمؤمنین علی(علیه السلام) - نسخه متنی

سید اصغر ناظم زاده قمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

قال: يا رسول اللَّه، أفلا أضع سيفي على عاتقي، فأبيد خضراءَهم؟ قال: بل تصبر.

قال: فان صبرت؟ قال: تلاقي جَهداً. قال: أفي سلامة مِن ديني؟ قال: نعم، قال: فإذن لا اُبالي'. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 4، ص 107 و 108. ]

و أخرج نحوه الموفق بن أحمد في المناقب، [ المناقب، 26. ] و الجويني في الفرائد، [ فرائد السمطين، ج 1، ص 152، ح 115. ] و ابن عساكر في تاريخ دمشق، [ ترجمة علي عليه السلام، ج 2، ص 322، ح 834. ] و الهيثمي في المجمع [ مجمع الزوائد. ج 9، ص 118. ] وأحمد بن حنبل في الفضائل [ فضائل الصحابة، ج 2، ص 651، ح 1109. ] و الخطيب في التاريخ. [ تاريخ بغداد، ج 12، ص 398. ]

صبره على شدّة العيش


1- روى المحبّ الطبري عن أسماء بنت عميس، عن فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أتاها يوماً فقال: أين ابناي - يعني حسناً و حسيناً -؟ قالت: أصبحنا و ليس في بيتنا شي ء يذوقه ذائق، فقال عليّ عليه السلام: أذهب بهما،فإنّي أتخوّف أن يبكيا عليك و ليس عندك شي ء، فذهب بهما إلى فلان اليهودي، فوجّه إليه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فوجدهما يلعبان في مشربة [ أي غرفة. ] بين أيديهم فضل من تمر، فقال صلى الله عليه و آله: يا عليّ، ألا تقلب [ أي ترجعهما. ] ابنيّ قبل أن يشتدّ الحرّ عليهما.

قال: فقال عليّ عليه السلام: أصبحنا و ليس في بيتنا شي ء، فلو جلست- يارسول اللَّه- حتّى أجمع لفاطمة تمرات، فجلس رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و عليّ عليه السلام ينزع لليهودي كلّ دلو بتمرة حتّى اجتمع له شي ء من تمر فجعله في حجزته، ثمّ أقبل فحمل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أحدهما، و حمل عليّ عليه السلام الآخر'. [ ذخائر العقبى، 49و104. ]

2- روى محبّ الدّين الطبري، عن سهل بن سعد: أنّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام دخل على فاطمة و حسن و حسين يبكيان، فقال: 'ما يبكيهما؟'. قالت: 'الجوع' فخرج عليّ عليه السلام فوجد ديناراً في السوق، فجاء إلى فاطمة فأخبرها، فقالت:'إذهب إلى فلان اليهوديّ، فخُذ لنا به دقيقاً' فجاء إلى اليهوديّ فاشترى به دقيقاً. فقال اليهودي: أنت ختن [ الختن: الصهر. ] هذا الّذي يزعم أنّه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ؟ قال: 'نعم' قال: 'فخذ دينارك، و خذ الدقيق'.

فخرج عليّ عليه السلام حتّى جاء فاطمة فأخبرها، فقالت: 'إذهب إلى فلان الجزّار، فخذ لنا بدرهم لحماً' فذهب فرهن الدينار بدرهم في لحم فجاء به، فعجنت و خبزت و طبخت، و أرسلت إلى أبيها صلى الله عليه و آله فجاءهم، و قالت: 'يا رسول اللَّه، أذكر لك، فإن رأيته حلالاً أكلنا و أكلت، من شأنه كذا و كذا'. فقال صلى الله عليه و آله: 'كلوا باسم اللَّه' فأكلوا فبينما هم بمكانهم، و إذا بغلام ينشد اللَّه و الإسلام الدينار، فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عليّاً: 'يا عليّ، اذهب إلى الجزّار فقل له: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول لك: ارسل إليّ بالدّينار، و درهمك عليَّ' فأرسل به فدفعه إليه.

[ ذخائر العقبى، ص 105. ]

حلم علي


الحلم: هو طمأنينة النفس بحيث لا يحرّكها الغضب بسهولة، و لا يزعجها المكروه بسرعة، فهو الضدّ الحقيقي للغضب لأنّه المانع من حدوثه. قال الراغب: الحلم ضبط النفس و الطبع عن هيجان الغضب، و جمعه أحلام... و قوله تعالى:'و إذا بلغَ الأطفالُ منكم الحُلُم' [ النور، 59. ] أي زمان البلوغ، و سمّي الحُلم لكون صاحبه جديراً بالحلم. [ مفردات الراغب حرف الحاء، ص 129. ]

و الحلم هو أشرف الكمالات النفسيّة بعد العلم، قال عليّ عليه السلام: 'لا شرف كالعلم، و لا عزّ كالحلم' [ نهج البلاغة، قصار الحكم 109. ] بل لا ينفع العلم بدون الحلم أصلاً، و لذا كثيراً ما يمدح العلم إذا اقترن بالحلم.

فقد كان عليّ عليه السلام أحلم النّاس عن ذنب، و أصفحهم عن مسي ء، و يحلم عند جهل النّاس، و هو مثال للحلم، صدق رسول اللَّه صلى الله عليه و آله حيث قال في خبر: 'لو كان الحلم رجلاً لكان عليّاً عليه السلام'. [ فرائد السمطين، ج 2، ص 68، رقم 392. ]

قال ابن أبي الحديد في شرحه: و أما الحلم و الصفح فكان عليّ عليه السلام أحلم الناس عن ذنب، و أصفحهم عن مسي ءٍ، و قد ظهر صحّة ما قلناه يوم الجَمَل حيث ظفر بمروان بن الحكم- و كان أعدى النّاس له و أشدّهم بغضاً- فصفح عنه.

و كان عبداللَّه بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد، و خطب يوم البصرة فقال: قد أتاكم الوغد اللئيم عليّ بن أبي طالب!!!، و كان عليّ عليه السلام يقول: 'ما زال الزّبير رجلاً منّا أهل البيت حتّى شبَّ عبداللَّه' فظفر به يوم الجمل، فأخذه أسيراً، فصفح عنه، و قال: 'إذهب فلا أرَينّكَ' لم يزده على ذلك.

و ظفر بسعيد بن العاص بعد وقعة الجمل بمكّة، و كان له عدوّاً، فأعرض عنه و لم يقل له شيئاً.

و قد علمتم ما كان من عائشة في أمره، فلمّا ظفر بها أكرمها و بعث معها إلى المدينة عشرين امرأة من نساء عبد القيس، عَمّمهنّ بالعمائم، وَ قلَّدهنّ بالسيوف،فلمّا كانت ببعض الطريق ذكرته بما لا يجوز أن يذكر به و تأفّفت و قالت: هتك ستري برجاله و جنده الّذين وكّلهم بي، فلمّا وصلت المدينة ألقى النساء عمائمهُنّ، و قلن لها: إنّما نحن نسوة.

ثمَّ قال ابن أبي الحديد: و حاربه أهل البصرة، و ضربوا وجهه و وجوه أولاده بالسيوف، و شتموه و لعنوه، فلمّا ظفر بهم رفع السيف عنهم، و نادى مناديه في أقطار العسكر: 'ألا لا يُتبع مُولٍّ، و لا يُجهَز على جريح، و لا يُقتل مستأسر، و من ألقى سلاحه فهو آمن، و من تحيّز إلى عسكر الإمام فهو آمن، و لم يأخذ من أثقالهم ولا سبى ذراريهم، و لا غَنم شيئاً من أموالهم' و لو شاء أن يفعل كلّ ذلك لفعل، و لكنّه أبى إلّا الصفح و العفو، و تقيّل سنّة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يوم فتح مكّة فإنّه عفا والأحقاد لم تبرد و الإساءة لم تُنس.

ثمّ قال: و لمّا ملك عسكر معاوية عليه الماء و أحاطوا بشريعة الفرات، و قالت رؤساء الشام له: اقتلهم بالعطش كما قتلوا عثمان عطشاً، سألهم عليّ عليه السلام و أصحابه أن يشرعوا [ و فى نسخة: يسوغوا. ] لهم شرب الماء، فقالوا: لا و اللَّه و لا قطرة حتّى تموت ظمأً كما مات ابن عفان، فلمّا رأى عليه السلام أنّه الموت لا محالة، تقدّم بأصحابه، و حمل على عساكر معاوية حملاتٍ كثيفة حتّى أزالهم عن مراكزهم بعد قتل ذريع، سقطت منه الرؤوس و الأيدي، و ملكوا عليهم الماء، و صار أصحاب معاوية في الفلاة لا ماء لهم، فقال له أصحابه و شيعته: إمنعهم الماء- يا أميرالمؤمنين- كما منعوك، و لا تَسقهم منه قطرة، و اقتلهم بسيوف العطش، و خذهم قبضاً بالأيدي، فلا حاجة لك إلى الحرب. فقال: 'لا و اللَّه، لا أُكافئهم بمثل فعلهم، أفسحوا لهم عن بعض الشريعة، ففي حدّ السيف ما يغني عن ذلك' فهذه إن نَسبتَها إلى الحلم و الصفح فناهيك بها جمالاً و حسناً، و إن نسبتها إلى الدّين و الورع فأخلق بمثلها أن تصدر عن مثله عليه السلام. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 1، ص 22. ]

سخاءُه و انفاقه


في مفهومي البخل و السخاء

البخل هو الإمساك فيما ينبغي البذل، كما أنّ الإسراف هو البذل فيما ينبغي الإمساك، و كلاهما مذمومان، و المحمود هو الوسط، و هو الجود و السخاء، إذ لم يؤمر المسلم إلّا بالسخاء كما خاطب القرآن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'وَ لاَ تَجْعَل يَدَك مَغْلُولَةً إلى عُنُقِك وَ لاَ تَبْسطْهَا كُلّ البَسْطِ'. [ الاسراء، 29. ] و قوله تعالى: 'وَ الّذِينَ إذَا أنْفَقُوا لَم يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْترُوا وَ كانَ بَيْنَ ذَلكَ قَواماً'. [ الفرقان، 67. ]

و في القرآن و السنّة ذمّ للبخل، لأنّه من ثمرات حبّ الدّنيا، و من خبائث الصفات و رذائل الأخلاق، قال اللَّه تعالى: ' وَ لا يَحْسَبَنّ الّذينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتاهُم اللَّه مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَومَ القِيامةِ'. [ آل عمران، 180. ]

و السخاء، وسط بين الإقتار و الإسراف، و بين البسط و القبض، و هو ضدّ البخل، و من ثمرة الزهد، كما أنّ البخل من ثمرة حبِّ الدّنيا، فينبغي لكلِّ سالكٍ لطريق الآخرة أن تكون له حالة القناعة إن لم يكن له مال، و لا ريب في أنّه من شرائف الصفات و معالي الأخلاق، و هو من أشرف أوصاف النبيّين و المرسلين، و ورد في مدحه و بيان فضله الكثير من الأخبار:

قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'السخاء شجرة في الجنّة، فمن كان سخيّاً أخذ بغصنٍ منها فلم يتركه الغُصنُ حتّى يدخله الجنّة'. [ كنز العمال، ج 6، ص 391، ح 16208. ]

نظرة في سخاء علي


كان علي عليه السلام نموذج الإنسانيّة العالي الّذي يُحتذى به في كلّ خلقٍ حسنٍ و سجيّة تثير الإعجاب، فهو مَظهرُ و مُظهرُ الصّفات الكمالية للحقّ تعالى ذكره.

و عليّ عليه السلام نموذج الإنسانيّة الرائع و الاُسوة الحسنة الّتي تستحقّ الاقتداء من قِبَل كلِّ أتباعه في مجال الجود و السخاء سيّما اُولئك الّذين قطعوا أنفسهم عن التعلّق بزخارف الدّنيا و أموالها.

و إذا لم يكن بالإمكان أن نصبح كعليّ عليه السلام في فضائله المتألّقة الكاملة، فإنّنا نستطيع التحلّي بصفات الفضيلة الّتي تحلّى بها الإمام عليه السلام أو أكّد عليها، كما قال عليه السلام: 'لا تَقدِرُون عَلى ذلك، بَل أعيِنُوني بِورعٍ و اجتهاد'. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 16، ص 205. ]

لا شكّ أنّكم كثيراً ما سمعتم عن كرم حاتم الطائي وجوده الّذي أصبح مضرباً للأمثال في كلّ الأعصار، إلّا أنّه بالمقارنة مع سخاء عليّ عليه السلام وجوده فهو ذرّة غير قابلة للقياس.

و إذا قلنا: إنّه لا يمكن لأيّ مخلوق بعد الرّسول الأكرم صلى الله عليه و آله أن يصل إلى مقام عليّ عليه السلام في الجود و السخاء، فإنّنا لم نكن مبالغين، و لن نعدو الصواب و الحقّ، و لم يكن قولنا جزافاً بقدر ما هو حقّ، لأنّ عليّاً عليه السلام كان سخيّاً في كلّ أحواله، في السعة و ضيق ذات اليد، في العلن و في الخفاء، في توزيع المال و بذل الطعام.

و في مطالعتنا للأحاديث الّتي تحكي جوده و كرمه، نَجده عليه السلام في كثير من الأحيان يبذل ما في يده- و إن كان محتاجاً إليه حاجة ماسّة- للفقراء و المساكين.

و لا يتوقّف على هذا الحدّ بل إنّه يعطي أحياناً قوت عائلته الّذي لا يملكون سواه، و يطوي الليل معهم جائعاً. و لا يمكن لشخص غير عليّ عليه السلام أن يُعطي قوت عياله الوحيد إلى الفقير، و قد عمله عليه السلام انطلاقاً من نور الإمامة و الولاية و على أساس التسديد الإلهي.

كلّ هذا يجعل الإنسان الّذي ينظر بعين الانصاف و الحقّ غارقاً بالدهشة والتعجب،و لعلّ القرآن الكريم خير شاهد و دليل على ما نقول، فعليّ عليه السلام و عياله هم الّذين نزل فيهم قوله تعالى: 'و يُطعمُونَ الطعامَ عَلى حُبّه مسكيناً و يتيماً و أسيراً' [ الانسان، 8. ] و قوله تعالى: 'وَ يُؤثِرونَ عَلى أنْفُسِهُمْ وَ لو كانَ بِهِم خَصاصَة' [ الحشر، 9. ] و غيرهما من الآيات الّتي تحكي لنا صوراً من جوده و كرمه عليه السلام.

و جوده عليه السلام و سخاؤه كسائر فضائله و مناقبه عليه السلام، إذ نلاحظ أنّ العدوّ والصديق وقف أمامها وقفة تجليل و تثمين، و لا شكّ أنّ تعظيم الأعداء قد تأتّى دون اختيارهم، إذ أنّ بلوغه عليه السلام الدرجات الرفيعة في الفضائل جعلهم مضطرّين لتبجيلها و تجليلها.

أمّا في مجال الانفاق فقد حاز أميرالمؤمنين عليه السلام قصب السبق في كلّ مشاريع الانفاق، الواجب منها و المستحبّ، فهو عليه السلام السخيّ الذي لا يُجارى،و الكريم الذي لا يُبارى، و لا يمكن أن يدانيه أحدٌ من الصحابة في هذا الفضيلة المباركة، و لا يصل إلى مقامه أحد بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

و لعلّ الأوقاف التي أوقفها، و المساجد التي بناها، و الآبار التي أحياها و وضعها في خدمة المحرومين، و الطرق التي أصلحها، خير شاهد و دليل على ما نقول، و لم يكن عليه السلام سخياً بماله و حسب، بل كان جواداً بنفسه المقدّسة، يلقي بها في مهاوي الردى، في سبيل نصرة الحقّ و الاسلام، حينما تعزّ النفوس و يضنّ بها، و يقلّ الناصر و يشمت العدوّ. و لأجل توضيح هذه الحقائق، نشير إلى بعض الأقوال و الروايات الواردة في هذا الخصوص:

1- قال ابن أبي الحديد: و أمّا السخاء و الجود، فحاله فيه ظاهرة، كان يصوم و يطوي، يؤثر بزاده، و فيه اُنزل: 'و يُطعِمونَ الطَّعامَ على حُبّهِ مِسكِيناً و يتِيماً و أسيراً- إنّما نُطْعِمُكم لوجهِ اللَّه لا نريدُ مِنكُم جزاءً و لا شكوراً'.

[ الانسان، 8 و 9 و الحديث في المناقب لابن المغازلي، ص 273، ح 320. ]

و روى المفسّرون أنّه لم يكن يملك إلّا أربعة دراهم، فتصدّق بدرهم ليلاً، و بدرهم نهاراً، و بدرهم سرّاً، و بدرهم علانية، فاُنزل فيه: 'الَّذينَ يُنْفِقُونَ أموالَهم بالّليل و النّهارِ سِرّاً و علانيةً فلَهُم أجرُهُم عِندَ رَبِّهم وَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهم وَ لاَ هُم يَحْزَنُونَ'. [ البقرة، 274. ] و في الحديث: 'أنّه كان يسقي بيده لنخل قوم من يهود المدينة حتّى مجلت يده، و يتصدّق بالاُجرة، و يشدّ على بطنه حجراً'.

2- ثمَّ نقل ابن أبي الحديد، عن الشعبي: أن عليّاً عليه السلام، كان أسخى النّاس، و كان على الخُلق الّذي يحبّه اللَّه: السخاء و الجود، ما قال: لا، لسائل قطّ، و قال عدوّه ومبغضه الّذي يجتهد في وصمه و عيبه معاوية بن أبي سفيان، لِمحفن بن أبي محفن الضبي، لمّا قال له: جئتك من عند أبخل النّاس! فقال معاوية: ويحك! كيف تقول: إنّه أبخل النّاس؟! لو ملك بيتاً من تبر [ التبر: ذهب غير مسكوك. ] و بيتاً من تبن، لأنفد تبره قبل تبنه.

ثمَّ ذكر أنّه قال: و هو الّذي كان يكنس بيوت الأموال و يصلّي فيها، و هو الّذي قال: 'يا صفراء و يابيضاء، غُرِّي غَيري' و هو الّذي لم يخلف ميراثاً، و كانت الدّنيا كلّها بيده إلّا ما كان من الشام. [ شرح ابن أبي الحديد، ج 1،ص 21. ]

و هذا معاوية أعدى عدوّه اعترف بسخائه عليه السلام وجوده، و الفضل ما شهدت به الأعداء.

3- و نقل ابن عساكر الشافعي عن أبي إسحاق قال: جاء ابن أجور التميمي إلى معاويّة، فقال: يا أميرالمؤمنين، جئتُك من عند ألأم النّاس، و أبخل النّاس، و أعيا النّاس، و أجبن النّاس!!

فقال له معاوية: ويلك و أنّى أتاه اللؤم؟! و لكنّا نتحدّث أن لو كان لعليّ بيتٌ من تبنٍ و آخَرُ من تبر لأنفد التبر قبل التبن.

و أنّى أتاه العيّ! و إن كنّا لنتحدّث أنّه ما جرت المواسي على رأس رجل من قريش أفصح من عليّ! ويلك و أنّى أتاه الجبن؟! و ما برزله رجل قطّ إلّا صرعَه، و اللَّه- يا ابن أجور- لو لا أنّ الحرب خدعة لضربت عنقك، اُخرج فلا تقيمنّ في بلدي. قال عطاء: و إن كان معاوية يقاتله، فإنّه كان يعرف فضله. [ ترجمة الإمام عليّ من تاريخ دمشق، ج 3، ص 58، ح 1100. ]

4- عن عليّ عليه السلام قال: 'كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إذا أتي بجنازة لم يسأل عن شي ء من عمل الرجل، و يسأل عن دَينه، فان قيل: عليه دين، كفّ عن الصلاة عليه،

/ 74