حوار مع فضل الله حول الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حوار مع فضل الله حول الزهراء - نسخه متنی

سید هاشم هاشمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و روى الكلينى (رضوان الله عليه) باسناده الى ابى عبدالله الصادق عليه السلام قال: «ما انتم و البراءة يبرء بعضكم من بعض، ان المؤمنين بعضهم افضل من بعض، و بعضهم اكثر صلاة من بعض، و بعضهم انفذ بصرا من بعض، و هى الدرجات» .

[الكافى: ج 2، ص 45، ح 4.] و عقب المجلسى (قدس سره) على هذا الحديث بقوله: «اى بصيرة كما فى بعض النسخ، يعنى فهما و فطانة».

[مراة العقول: ج 7، ص 281.]

الاخبار الدالة على تفاضل الايمان بالمعرفة


و فيما قاله المجلسى اشارة الى ان من جهات التفاضل فى الايمان التفاضل فى المعرفة و الفهم، و يدعم هذا طوائف من النصوص، منها:

الطائفة الاولى: اخبار تفاوت ايمان سلمان و ابى ذر و المقداد و عمار من حيث الدرجة الايمانية و تقدم سلمان عليهم لرتبته و مستواه فى المعرفة.

فقد روى الشيخ المفيد و الكشى عن ابى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله لسلمان: «يا سلمان لو عرض علمك على مقداد لكفر»،

[الاختصاص: ص 11. اختيار معرفة الرجال: ص 11، ح 23.] و روى الفتال النيسابورى المتوفى سنة 508 ه عن ابى عبدالله عليه السلام قال: «الايمان عشر درجات: فالمقداد فى الثامنة، و ابوذر فى التاسعة، و سلمان فى العاشرة»،

[روضة الواعظين: ص 307.] و روى الشيخ المفيد عن عيسى بن حمزة، قال: قلت لابى عبدالله عليه السلام: «الحديث الذى جاء فى الاربعة؟ قال: و ما هو؟ قلت: الاربعة التى اشتاقت اليهم الجنة، قال: هم سلمان و ابوذر و المقداد و عمار، قلت: فايهم افضل؟ قال: سلمان، ثم اطرق، ثم قال: علم سلمان علما لو علمه ابوذر كفر».

[الاختصاص: ص 12.] و روى الكشى عن الامام الصادق عليه السلام، عن ابيه عليهماالسلام، قال: «ذكرت التقية يوما عند على عليه السلام فقال: ان علم ابوذر ما فى قلب سلمان لقتله، و قد آخا رسول الله بينهما، فما ظنك بسائر الخلق».

[اختيار معرفة الرجال: ص 17، ح 40. و رواه الكلينى فى الكافى: ج 1، ص 401، ح 2.]

فهذه الاحاديث و غيرها كثير تبين ان الجهة التى رفعت ايمان سلمان عن ايمان غيره كانت فيما يتصل بالفهم و العلم و المعرفة و ما هو كائن فى القلب، و لم تكن من الامور المرتبطة بالعمل.

و قد علق المحدث النورى على الاحاديث السابقة بما يلى:

«ثم ان المقصود من تلك الاخبار واضح بعد ما عرفت ان للايمان- و نعنى به هنا التصديق التام الخالص بالله و برسوله و الائمة الاطهار عليهم صلوات الله الملك الجبار- و لمعرفتهم مراتب و درجات، و لكل مرتبة و درجة احكام و حدود مختصة بها ما دام

صاحبها فيها و لم يترق الى ما فوقها، فاذا اخذ بالحظ الوافر و النصيب المتكاثر انقلب احكامه و تكاليفه، كما انشرح صدره الذى كان ضيقا بنور معرفة الله و اوليائه، و العلم بحقائق الاشياء كما هى، فيرى حينئذ ان ما كان عليه قبل ذلك كفر و ضلال لاحاطته بقصور المقام و نقصانه بالنسبة الى ما هو عليه من المرتبة و الكمال، كما انه و هو فى تلك الحالة لو كشف له ما لم يصل اليه يراه كفرا، لعجزه عن دركه و مخالفته لما بنى عليه امره، و لذا نهى فى الاخبار السابقة عن ان يقول صاحب الواحد لصاحب الاثنين: لست على شى ء و هكذا، و كذا عن اسقاط من هو دونه، و من هنا كانوا يمسكون عن اشياء كان علمها مختصة بذوى الهمم العالية و القلوب الصافية لو سئل عنها من انهمك فى الجهل و الغرور، و ذلك واضح بعد التتبع التام فى تراجم الرواة و اصحاب الائمة الهداة.

... و يعجبنى كلام الحافظ البرسى فى المشارق حيث قال بعد كلام له فى تفسير بعض الايات: (و من الناس من يعبد الله على حرف): اى ايمانه غير متمكن فى القلب، لان الحرف هو الطرف و ذاك بغير برهان و لا يقين، فان اصابه خير يعنى ان سمع ما يلائم عقله الضعيف اطمان به و ركن اليه، و ان اصابه فتنة، و هو سماع ما لم يحط به خبرا، فهناك لا يوسعك عذرا بل يبيح منك محرما و يتهمك كفرا، و اليه الاشارة بقوله عليه السلام: «لو علم ابوذر ما فى قلب سلمان لقتله»، و فى رواية «لكفره»، لان صدر ابى ذر ليس بوعاء لما فى صدر سلمان من اسرار الايمان و حقائق و لى الرحمن، و لذلك قال النبى صلى الله عليه و آله: «اعرفكم بالله سلمان».

ثم قال: و ذلك لان مراتب الايمان عشرة، فصاحب الاولى لا يطلع على الثانية، و كذا كل مقام منها لا ينال ما فوقه، و لا يزدرى من تحته لان من فوقه اعلى منه، و غاية الغايات منها معرفة على عليه السلام بالاجماع، و انما قال: «لقتله»، لان اباذر كان ناقلا للاثر الظاهر و سلمان كان عارفا بالسر الباطن، و وعاء الظاهر لا يطيق حمل الباطن، (قد علم كل اناس مشربهم). و يويده ما فى كنز الكراجكى: «ان سلمان قال مخاطبا لاميرالمؤمنين عليه السلام:بابى انت يا قتيل كوفان، والله لو لا ان يقول الناس: و اشوقاه، رحم الله قاتل سلمان لقلت فيك مقالا تشمئز منه النفوس»، الخبر.

فظهر ان اباذر لو اطلع على ما فى قلب سلمان لقتله لزعمه ان تلك المرتبة من المعرفة كفر و ارتداد، و كذا بالعكس صاعدا و نازلا» (انتهى كلام المحدث النورى).

[نفس الرحمن: ص 223.]

و يحسن ان نختم هذه الطائفة من الاخبار بما ذكره الشيخ الطوسى فى تفضيل الامامين الحسن و الحسين عليهماالسلام على غير هما من الصحابة فى ذيل تفسير آية المباهلة، قال (قدس سره): «و قالوا ايضا- اعنى اصحابنا- انهما كانا افضل الصحابة بعد ابيهما و جدهما لان كثرة الثواب ليس بموقوف على كثرة الافعال، فصغر سنهما لا يمنع من

ان يكون معرفتهما و طاعتهما لله و اقرارهما بالنبى صلى الله عليه و آله وقع على وجه يستحق به من الثواب ما يزيد على ثواب كل من عاصر هما سوى جدهما و ابيهما، و قد فرغنا من الكلام فى ذلك و استقصيناه فى كتاب الامامة».

[تفسير التبيان: ج 2، ص 485.]

فالشيخ الطوسى اعتبر لمعرفة الامامين الحسن و الحسين عليهماالسلام دورا فى استحقاق تلك المنزلة من الله، و فى كلامه ايضا تاكيد على ان صورة العمل و كثرته ليست هى المقياس فى افضليته بل محتواه و حقيقته، و سياتى كلام مشابه لهذا عن السيد المرتضى (رضوان الله عليه) فى الفصل الثانى من هذا الباب عند البحث فى افضلية مولاتنا الزهراء عليهاالسلام على بقية النساء.

الطائفة الثانية: الاخبار الدالة على ان حديثهم صعب مستصعب.

و هى احاديث مستفيضة ان لم نقل انها متواترة رويت فى كتب الحديث و بالاخص بصائر الدرجات و الكافى، و من تلك الاخبار:

1- روى الصفار فى بصائر الدرجات بسند صحيح عن محمد بن الحسين، عن وهيب بن حفص، عن ابى بصير قال: قال ابوجعفر عليه السلام: «حديثنا صعب مستصعب، لا يؤمن به الا ملك مقرب او نبى مرسل او عبد امتحن الله قلبه للايمان، فما عرفت قلوبكم فخذوه، و ما انكرت فردوه الينا».

[بصائر الدرجات: ص 41، ح 4، باب فى ائمة آل محمد عليهم السلام حديثهم صعب مستصعب.]

2- روى الكشى بسنده الى جابر بن يزيد الجعفى قال: قال ابوجعفر عليه السلام: «يا جابر حديثنا صعب مستصعب، امرد ذكوان، و عر اجرد، لا يحتمله و الله الا نبى مرسل او ملك مقرب او مؤمن ممتحن، فاذا ورد عليك يا جابر شى ء من امرنا فلان له قلبك فاحمد الله، و ان انكرته فرده الينا اهل البيت، و لا تقل كيف جاء هذا؟ و كيف كان؟ و كيف هو؟ فان هذا و الله الشرك بالله العظيم».

[اختيار معرفة الرجال: ص 193، ح 341.]

و فى الروايتين تحذير عن رد الاحاديث و انكارها اذا لم يقدر الانسان على فهمها و استيعابها، فهى من جهة ما تحتويه من اسرار و علوم رفيعة يقصر من لم يبلغ المراتب العالية من الايمان عن ادراكها، فتهجم عليه موجبات الارتياب و تلتبس عليه الامور، و عندما تضيق به سبل المعرفة يلجا الى انكار الحديث مع انه صادر عنهم عليهم السلام الا انه لم يكن المخاطب فيه و المقصود افهامه منه.

و هكذا الامر بالنسبة للقرآن الكريم اذ لم تات جميع آياته لكى يفهمها عامة الناس (بمختلف مستوياتهم)، ففيه الكثير من الايات التى لا يفهم حتى ظاهرها الفرد الاعتيادى، بل و لن يقدر على فهمها حتى لو قصد افهامه لان وعاء معرفته لا يتسع لتلك العلوم و المعارف السامية.

و فى هذا الجانب يقول الامام الخمينى (رضوان الله عليه):

«فى القرآن ايضا آيات كثيرة لا نعلم مرادها مثل اوائل السور، فما هو المعنى الصحيح الذى لديكم لهذه الايات: (الم، المر، حم، حمعسق، كهيعص، ق، ن) و مثيلاتها؟ و هنا لابد ان نلفت القراء الى نكتة يجب معرفتها لحل الكثير من الاشكالات، و هى انه قلنا ان الاحاديث اساسا على قسمين، احداهما الاحاديث التى لها جانب عملى و هى القوانين الموضوعة للعيش فى هذا العالم او ذاك العالم، و الاخرى هى الاحاديث التى لا يوجد لها جانب عملى، و هى ليست من قبيل القوانين الحكومية و العسكرية و امثالها التى يجب ان تخضع للتنفيذ و التطبيق مثل الاحاديث الواردة فى باب القضاء و القدر، و الجبر و الاختيار، او فى باب الهيئة و النجوم و نظائرها، و فى القران كذلك ورد هذان الصنفان من الايات، احدهما الايات العملية التى يجب على عامة الناس العمل بها و ان تقع موضع التنفيذ فى البلد، و الاخر الايات العلمية التى ليست كذلك، و عليه فلابد فى الاحاديث و الايات التى من القسم الاول بما انها عمومية و جاءت للعمل ان تتفق مع فهم العموم و ليس فيها طريق للتاويل و التوجيه، و بالطبع فالقانون الذى يدون لبلد ما يجب ان لا يوضع بشكل لا يفهمه اهالى ذلك البلد، نعم من الممكن ان يكون توضيح القانون و شرحه محتاجا ايضا الى علماء، و لكن هذا امر غير التاويل، اما الايات و الاحاديث التى ترجع الى العلميات و ليس لها جنبة عملية فلا يلزم على المتحدث ان يتكلم بطريقة يفهمها الكل، بل من غير الممكن ان تبين هذه الامور بما يتلائم مع فهم العموم. مثلا قد يريد طبيب احيانا ان يكتب دستورا لاهالى البلد للمحافظة على الصحة، فهو مضطر لان يكتبه بطريقة تفهمها العامة لان هذا الدستور من اجل العمل به، و لكنه احيانا يريد ان يؤلف كتابا علميا، فمن الطبيعى ان لا يستطيع ان يكتبه باسلوب يفهمه جميع الناس، فالكتاب المبتنى على قواعد علمية دقيقة جدا يكتب لا محالة الى مجموعة من العلماء و لا يحق للاخرين التدخل فيه، و لو انهم كانوا جهلة بمحتواه فانهم لا يعترضون على مؤلفه بانك لماذا لم تكتبه باسلوب يفهمه حتى المشتغلين بحمل الامتعة و حفظ ملابس المستحمين!!

و القرآن و الحديث عرضا القوانين العلمية التى جى ء بها للطبقة العامة بشكل يفهمه الناس، لكن علوم القرآن و الحديث لا يمكن لاى شخص ان يفهمها و لم تات لاى شخص، بل ان بعضها يعتبر رمزا بين المتكلم و مجموعة معينة، كما هو الامر فى الدولة عندما تبعث بالبرقيات الرمزية التى ليس من صلاح البلد انكشافها، حتى العاملين فى قسم البرقية لا يفهمون من امرها شيئا، و فى القرآن توجد مثل هذه الرموز، و بحسب الروايات فان جبرائيل الذى نزل بالقرآن لا يعلم معناها، و نبى الاسلام و كل من قام بتعليمه فقط هم القادرون على كشف رمزها مثل الحروف المقطعة

فى اوائل السور، و قد صرح القرآن و ابلغ مسامع الناس فى الآية السابعة من سورة آل عمران: (هو الذى انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب و أخر متشابهات فاما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تاويله و ما يعلم تاويله الا الله و الراسخون فى العلم)، ففى هذه الاية تصريح بان الايات على قسمين: الاولى الايات المحكمات التى لا تاويل لها و يفهمها الجميع، و الثانية الايات المتشابهات التى لها تاويل و هى من قبيل الرمز، و لا يعلم تاويلها الا الله و الراسخون فى العلم».

[كشف الاسرار: ص 321- 323.]

3- روى الكلينى فى الكافى بسنده عن احمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن منصور بن العباس، عن صفوان بن يحيى، عن عبدالله بن مسكان، عن محمد بن عبدالخالق و ابى بصير، قال: قال ابوعبدالله عليه السلام: «يا ابامحمد ان عندنا و الله سرا من سر الله، و علما من علم الله، و الله ما يحتمله ملك مقرب و لا نبى مرسل و لا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، و الله ما كلف الله ذلك احدا غيرنا، و لا استعبد بذلك احدا غيرنا، و ان عندنا سرا من سر الله، و علما من علم الله، امرنا الله بتبليغه فبلغنا عن الله عز و جل ما امرنا بتبليغه، فلم نجد له موضعا و لا اهلا و لا حمالة يحتملونه حتى خلق الله لذلك اقواما، خلقوا من طينة خلق منها محمد و آله و ذريته عليهم السلام و من نور خلق الله منه محمدا و ذريته، و صنعهم بفضل صنع رحمته التى صنع منها محمدا و ذريته، فبلغنا عن الله ما امرنا بتبليغه، فقبلوه واحتملوا ذلك، و بلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم الى معرفتنا و حديثنا».

[الكافى: ج 1، ص 402، ح 5.] و فى السند ضعف بمنصور بن العباس، و يمكن القول بوثاقته لمن يذهب الى توثيق من جاء فى اسانيد كامل الزيارات.

و هذه الاحاديث و ما شابهها تدل على ان اكمل الناس من حيث الايمان من يتمكن و يطيق معرفة علومهم و اسرارهم و الاعتقاد بها، و لذا روى عن اميرالمؤمنين عليه السلام انه قال: «ان القلوب اوعية فخيرها اوعاها».

[نهج البلاغة: الحكمة 147.]

الطائفة الثالثة: الاحاديث المادحة لبعض اصحاب الائمة كيونس بن عبدالرحمن.

فقد قال الفضل بن شاذان: سمعت الثقة يقول: سمعت الرضا عليه السلام يقول: «ابوحمزة الثمالى فى زمانه كسلمان فى زمانه، و ذلك انه خدم منا اربعة: على بن الحسين، و محمد بن على، و جعفر بن محمد، و برهة من عصر موسى بن جعفر عليهم السلام، و يونس فى زمانه كسلمان فى زمانه». و قال الفضل بن شاذان ايضا: «ما نشا فى الاسلام رجل من سائر الناس كان افقه من سلمان الفارسى، و لا نشا رجل بعده افقه من يونس بن عبدالرحمن».

و روى الكشى عن جعفر بن عيسى قال: «كنت عند ابى الحسن الرضا عليه السلام و عنده يونس بن عبدالرحمن، اذ استاذن عليه قوم من اهل البصيرة فاومى ابوالحسن عليه السلام الى يونس ادخل البيت، فاذا بيت مسبل عليه ستر، و اياك ان تتحرك حتى يؤذن لك، فدخل البصريون و اكثروا القول من الوقيعة و القول فى يونس، و ابوالحسن عليه السلام مطرق، حتى لما اكثروا و قاموا فودعوا و خرجوا، فاذن ليونس بالخروج فخرج باكيا، فقال: جعلنى الله فداك انا احامى عن هذه المقالة و هذه حالى عند اصحابى، فقال له ابوالحسن عليه السلام: يا يونس، فما عليك مما يقولون اذا كان امامك عنك راضيا، يا يونس حدث الناس بما يعرفون و اتركهم مما لا يعرفون كانك تريد ان يكذب على الله فى عرشه، يا يونس و ما عليك لو كان فى يدك اليمنى درة ثم قال الناس بعرة، او بعرة و قال الناس درة، هل ينفعك ذلك شيئا؟ فقلت: لا، فقال: هكذا انت يا يونس اذا كنت على الصواب و كان امامك عنك راضيا لم يضرك ما قال الناس».

و قال ابوجعفر البصرى: «دخلت مع يونس بن عبدالرحمن على الرضا عليه السلام فشكا اليه ما يلقى من اصحابه من الوقيعة، فقال الرضا عليه السلام: دارهم فان عقولهم لا تبلغ».

و روى الكشى باسناد صحيح الى يونس بن عبدالرحمن انه قال: قال العبد الصالح: «يا يونس ارفق بهم فان كلامك يدق عليهم، قال: قلت: انهم يقولون لى زنديق، قال لى: و ما يضرك ان يكون فى يدك لؤلؤة فيقول الناس هى حصاة، و ما ينفعك ان يكون فى يدك حصاة فيقول الناس لؤلؤة».

و بالفعل فقد اتبع يونس بن عبدالرحمن (رضوان الله عليه) امر الامام المعصوم عليه السلام و خلقه،فعندما قيل له ان كثيرا من هذه العصابة يقعون فيك و يذكرونك بغير الجميل، قال: «اشهدكم ان كل من له فى اميرالمؤمنين عليه السلام نصيب فهو فى حل مما قال».

[معجم رجال الحديث: ج 20، ص 202- 204.]

ان هذه الطائفة من الاحاديث فى مجموعها تسلط الضوء على فكرة محورية و هى ان اهم ما كان يتميز به يونس بن عبدالرحمن عن بقية اصحابه فى المقام هو ما رزقه الله من المعرفة و القدر على تحمل اسرار اهل البيت عليهم السلام و المطالب العميقة فى المسائل العقائدية، و بالتالى علو درجة ايمانه و قربه من الله عز و جل، و قد روى عن رسول الله صلى الله عليه و آله انه قال: «افضلكم ايمانا افضلكم معرفة».

[جامع الاخبار: ص 36، ح 18.]

تفاوت حب الله للاختلاف فى معرفته


و هنا كلام لطيف للعلامة محمد مهدى النراقى المتوفى سنة 1209 ه حول منشا تفاوت المؤمنين فى محبة الله نذكره لمناسبة مع المقام، قال (قدس سره):

«اعلم ان المومنين جميعا مشتركون فى اصل محبة الله لاشتراكهم فى اصل الايمان، لكنهم متفاوتون فى قدرها، و سبب تفاوتهم امران:

احدهما اختلافهم فى المعرفة و حب الدنيا، فان اكثر الناس ليس لهم من معرفة الله الا ما قرع اسماعهم من كونه متصفا بصفات كذا و كذا، من دون وصول الى حقيقة معناها، و الى اعتقادهم بان الموجودات المشاهدة صادرة عنه، من غير تدبر فى عجائب القدرة و غرائب الحكمة المودعة فيها، و اما العارفون فلهم الخوض فى بحر التفكر و التدبر فى انواع المخلوقات، و استخرج ما فيها من الحكم الخفية، و المصالح العجيبة التى كل واحد منها كمشعلة فى ازالة ظلمة الجهل، و الهداية الى كمال عظمة الله، و نهاية جلاله و كبريائه، فمثل الاكثرين كمثل عامى احب عالما بمجرد استماعه انه حسن التصنيف، من دون علم و دراية بما فى تصانيفه، فتكون له معرفة مجملة، و يكون له بحسنه ميل مجمل، و مثل العارفين كمثل عالم فتش عن تصانيفه، و اطلع على ما فيها من دقائق المعانى و بلاغة العبارات...، ثم كما ان دقائق الحكم و عجائب القدرة غير متناهية و لا يمكن لاحد ان يحيط بها، و انما ينتهى كل الى ما يستعد له، فينبغى ان تكون مراتب الحب ايضا غير متناهية، و كل عبد ينتهى الى مرتبة تقتضيها معرفته».

[جامع السعادات: ج 3، ص 170.]

معرفة مقامات اهل البيت من موجبات التفاضل


و من جوانب المعرفة المهمة التى بها يتفاضل المؤمنون فى درجات الايمان معرفة مقامات اهل البيت و منزلتهم عندالله سبحانه و تعالى، و على هذا الاساس ما روى ان سلمان الفارسى قال لاميرالمؤمنين عليه السلام: «بابى انت و امى يا قتيل كوفان، و الله لو لا ان يقول الناس و اشوقاه، رحم الله قاتل سلمان، لقلت فيك مقالا تشمئز منه النفوس».

[نفس الرحمن: ص 225.]

و روى الكشى بسنده عن خطبة لسلمان المحمدى جاء فيها: «الا ايها الناس اسمعوا منى حديثى ثم اعقلوه عنى فقد اوتيت العلم كثيرا، و لو اخبرتكم بكل ما قد اتيت لقالت طائفة مجنون، و قالت طائفة اخرى، اللهم اغفر قاتل سلمان».

[نفس الرحمن: ص 208.]

و روى الكلينى بسند صحيح عن على بن ابراهيم، عن ابيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زراة، عن ابى جعفر عليه السلام قال: «ذروة الامر و سنامه و مفتاحه و باب الاشياء و رضا الرحمن تبارك و تعالى الطاعة للامام بعد معرفته».

[الكافى: ج 1، ص 185، ح 1.]

و نظرا لتفاوت المؤمنين فى هذا الجانب نجد ان بعض اصحاب الائمة يتهمون بابشع التهم و اشنعها لمجرد روايتهم بعض ما لا يستسيغه و لا يتقبله ذوو العقول الضعيفة، فقد روى الكشى بسند صحيح عن حمدويه، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن ابى عمير، عن عبدالحميد بن ابى العلاء، قال: «دخلت المسجد حين قتل الوليد فاذا الناس

مجتمعون، قال: فاتيتهم فاذا جابر الجعفى عليه عمامة خز حمراء، و اذا هو يقول: حدثنى وصى الاوصياء و وارث علم الانبياء محمد بن على عليه السلام، قال: فقال الناس: جن جابر، جن جابر».

[اختيار معرفة الرجال: ص 192، ح 337.]

و روى الكشى ايضا باسناده الى جابر بن يزيد الجعفى قال: «حدثنى ابوجعفر عليه السلام بسبعين الف حديث لم احدث بها احدا قط و لا احدث بها احدا ابدا، قال جابر: فقلت لابى جعفر عليه السلام: جعلت فداك انك قد حملتنى و قرا عظيما حدثتنى به من سركم الذى لا احدث به احدا، فربما جاش فى صدرى حتى ياخذنى منه شبه الجنون! قال: يا جابر فاذا كان ذلك فاخرج الى الجبان فاحفر حفيره و دل راسك فيها ثم قل: حدثنى محمد بن على بكذا و كذا».

[اختيار معرفة الرجال: ص 194، ح 343.]

واى مصيبة اعظم من زوال هذه الكنوز و ضياعها بين التراب و الحفر حيث لم تجد اوعية تتلقاها و قلوبا تضمها و تقدر ثمنها!

و نظرا لتفاوت درجات المعرفة و قصور ايمان البعض بمقامات اهل البيت عليهم السلام، و فى اجواء تسلط مخالفى اهل البيت عليهم السلام على زمام الامور، نلاحظ ان بعض الشيعة يستغرب من بعض الحقائق التى ثبت روايتها عن طريق اهل السنة باسانيد صحيحة.

و من ذلك ما رواه الحاكم النيشابورى عن ابى العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن على بن عفان العامرى، و اخبرنا محمد بن على بن دحيم بالكوفة، حدثنا احمد بن حاتم بن ابى غرزة، قالا: حدثنا عبدالله بن محمد بن سالم، حدثنا حسين بن زيد بن على، عن عمر بن على، عن جعفر، عن ابيه، عن على بن الحسين، عن ابيه، عن على (رضى الله عنه)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله لفاطمة عليهاالسلام: «ان الله يغضب لغضبك و يرضى لرضاك». و عقب الحاكم على هذا الحديث بالقول: «هذا حديث صحيح الاسناد، و لم يخرجاه».

[مستدرك الصحيحين: ج 3، ص 153.]

و روى الطبرانى نفس هذا الحديث كما نقله عنه الهيثمى، و قد عبر الهيثمى عن اسناده بانه حسن.

[مجمع الزوائد: ج 9، ص 203.] و لكن الذهبى علق على رواية الحاكم فى التلخيص بالقول: «بل حسين منكر الحديث لا يحل ان يحتج به».

مناقشة مع الذهبى


لقد داب الذهبى و امثاله على رد اى حديث (اذا علموا ان النتائج المترتبة عليه لا تكون فى صالح مذهبهم) بان راويه منكر الحديث ان لم يتهم بالكذب! و هى طريقة سهلة لتضعيف الراوى، و ان كان معروفا بالوثاقة، و يشهد بذلك امور عديدة منها:

1- ان الذهبى قال فى ترجمة الحسين بن زيد ان على بن المدينى قال عنه: فيه ضعف، و قال ابوحاتم: يعرف و ينكر، و قال ابن عدى: وجدت فى حديثه بعض النكرة، و ارجو انه لا باس به. ثم استشهد ابن عدى بهذا الحديث.

[ميزان الاعتدال: ج 1، ص 535، رقم 2002.]

و يعلم من قول ابن عدى عدم وجود ضعف فى الحسين فى حد ذاته و ان منشا ضعفه يعود الى روايته لبعض ما اعتبروه من الاحاديث المنكرة مثل هذا الحديث.

2- ان ابن حجر العسقلانى نقل توثيق الدارقطنى له، و ان ابن ماجة روى له حديثا فى الجنائز من سننه، و نقل عن ابن معين قوله: لقيته و لم اسمع منه و ليس بشى ء.

[تهذيب التهذيب: ج 2، ص 293، رقم 600.] و لكن الذهبى لم ينقل توثيق الدارقطنى له ضمن كلامه فى ميزان الاعتدال!

3- عدم وجود ضابطة معينة فى اعتبار الحديث منكرا او غير منكر بل يعتمد على حسب هوى المحدث و ميله، فالهيثمى مثلا اعتبر سند هذا الحديث حسنا مع وجود الحسين بن زيد فى اسناد الطبرانى، و لم يعتبر متن الحديث منكرا، اما الذهبى فقد ضعف سند الحديث لوجود الحسين فيه و اعتبره منكر الحديث.

و لكن الذهبى ناقض نفسه فى ترجمة قيس بن ابى حازم حيث قال: «الامام ابوعبدالله الاحمسى البجلى الكوفى، محدث الكوفة، سار ليدرك النبى صلى الله عليه و آله ليبايعه فتوفى نبى الله و قيس فى الطريق،... و كان عثمانيا...، و ثقه يحيى بن معين و غيره، و قال ابن المدينى: قال لى يحيى بن سعيد: هو منكر الحديث، ثم ذكر له حديث كلاب الحواب، قلت: حديثه محتج به فى كل دواوين الاسلام».

[تذكرة الحفاظ: ج 1، ص 61.]

فيحيى بن سعيد اعتبر قيس الاحمسى منكرا لروايته حديث كلاب الحواب و فيه اشارة الى ذم عائشة، اما الذهبى فلم يعتن بذلك معتمدا على توثيق يحيى بن معين و غيره، و على الاحتجاج بحديثه فى دواوين الاسلام، و لكن الغريب ان الذهبى لم يعتن بتوثيق الذار قطنى للحسين بن زيد و قول ابن عدى عنه: ارجو انه لا باس به، بحجة انه منكر الحديث ! فما هو السر فى هذا التفاوت فى الموقف، هل هو فى ان الحسين بن زيد قد روى فضيلة للزهراء عليهاالسلام لم يطق الذهبى تحملها ، اما قيس البجلى فقد كان عثمانيا فلا ضير من الاخذ بخبره و ان قالوا بانه منكر الحديث!

و على كل حال فانه على فرض عدم ثبوت صحة هذا الحديث فقد ثبت فى الصحيح كما رواه البخارى ان النبى صلى الله عليه و آله قال: «فاطمه بضعة منى، فمن اغضبها اغضبنى»

[صحيح البخارى: ج 5، ص 136.] و من المعلوم ان من اغضب رسول الله صلى الله عليه و آله و آذاه فقد اغضب الله عز و جل و آذاه، و هذا ما اقرت به عائشة حينما قالت للنبى صلى الله عليه و آله: «من اغضبك يا رسول

الله ادخله الله النار».

[صحيح مسلم ج 4، ص 34.] و روى ابن ماجة عن عائشة ايضا انها رأت الغضب فيى وجه رسول الله صلى الله عليه و آله فقالت: «من اغضبك؟ أغضبه الله».

[سنن ابن ماجة: ج 2، ص 993، ح 2982، باب فسخ الحج.]

حديث صحيح عند اهل السنة غريب على شيعى!


ان حديثا حول واحدة من مناقب فاطمه عليهاالسلام التى يذهب الحاكم الى صحة سنده و اعتبره الهيثمى حسنا و وثق الدار قطنى راويه يعد مضمونه غريبا على بعض الرواة من الشيعة! فقد روى الشيخ الصدوق بسنده عن ابى ذر يحيى بن زيد بن العباس بن الوليد البزاز بالكوفه، قال: حدثنا عمى على بن العباس، قال: حدثنا على بن المنذر، قال: حدثنا عبدالله بن سالم،

[و من هذا الموضع يشترك الشيخ الصدوق مع الحاكم النيشابورى و الطبرانى فى باقى الاسناد.] عن على بن عمر بن على، عن الصادق جعفر بن محمد، عن ابيه، عن على بن الحسين، عن الحسين بن على، عن على بن ابى طالب عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه و آله انه قال: «يا فاطمه، ان الله تبارك و تعالى ليغضب لغضبك و يرضى لرضاك، قال فجاء صندل فقال لجعفر بن محمد عليه السلام: يا اباعبدالله، ان هؤلاء الشباب يجيئونا عنك باحاديث منكره، فقال له جعفر عليه السلام: و ما ذاك يا صندل؟ قال: جاءنا عنك انك حدثتهم ان الله يغضب لغضب فاطمه و يرضى لرضاها، قال: فقال له جعفر عليه السلام: يا صندل الستم رويتم فيما تروون ان الله تبارك و تعالى ليغضب لغضب عبده المؤمن و يرضى لرضاه، قال: بلى، قال عليه السلام: فما تنكرون ان تكون فاطمه مؤمنه يغضب الله لغضبها و يرضى لرضاها، قال: فقال: (الله اعلم حيث يجعل رسالته)».

[امالى الصدوق: ص 313، المجلس 61، ح 1.]

و يظهر بشكل واضح مدى قصور معرفةالراوى فى مقامات اهل البيت عليهم السلام بحيث اضطر الامام الى مداراته و تنزل معه فى النقاش حتى جعل الزهراء عليهاالسلام كواحده من المؤمنات، و المؤمن يغضب الله لغضبه ! و لو اردنا ان نخوض فى مبحث ضعف معتقدات بعض الرواة و مداراة الائمة عليهم السلام لهم و التحدث معهم على قدر وعاء معرفتهم و عقولهم و ايمانهم للزمنا تأليف كتاب مستقل فى ذلك.

و على هذا الاساس ذهب كثير من علمائنا الابرار الى ان بعض الرواة انما تم تضعيفهم من قبل الرجاليين او نظرائهم من الرواة لعدم قدرتهم على استيعاب المعارف الرفيعه التى يطلقونها نظرا لضعف معرفتهم و ايمانهم و نظرا للاجواء التى كانوا محاطين فيها، و من هؤلاء محمد بن سنان الذى كان من حملة الاسرار و خزنة العلوم الخاصة.

[راجع على سبيل المثال: بهجة الآمال: ج 6، ص 441 فقد جاء فى منظومة زبدة المقال للبروجردى:

و كيف كان فهو ذو الاسرار و ذو و جادة من الاخبار.]

/ 42