حوار مع فضل الله حول الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حوار مع فضل الله حول الزهراء - نسخه متنی

سید هاشم هاشمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


قال (قدس سره):

«و قد بكى يعقوب اذ غيب الله ولده (و قال يا اسفاه على يوسف و ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) (سورة يوسف: الآية 84)؛ حتى قيل كما فى تفسير هذه الآية فى الكشاف، ما جفت عيناه من وقت فراق يوسف الى حين لقائه ثمانين عاما و ما على وجه الارض اكرم على الله منه، و عن رسول الله صلى الله عليه و آله كما فى تفسير هذه الآية من الكشاف ايضا: انه سئل جبرائيل عليه السلام: ما بلغ وجد يعقوب على يوسف؟ قال: وجد سبعين ثكلى، قال: فما كان له من الاجر؟ قال: اجر مائة شهيد، و ما ساء ظنه بالله قط. قلت: اى عاقل يرغب عن مذهبنا فى البكاء بعد ثبوته عن الانبياء (و من يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه)... و من وقف على كلام ائمة اهل البيت فى هذا الشان، لا يتوقف فى ترتيب آثار الحزن عليهم مدى الدوران لكننا منينا بقوم لا ينصفون... فانا لله و انا اليه راجعون...

... و اما ائمة العترة الطاهره الذين هم كسفينة نوح و باب حطة و امان اهل الارض و احد الثقلين الذين لا يضل من تمسك بهما، و لا يهتدى الى الله من صد عنهما فقد استمرت سيرتهم على الندب و العويل، و امروا اولياءهم باقامة مآتم الحزن جيلا بعد جيل، فعن الصادق عليه السلام- فما رواه ابن قولويه فى الكامل، و ابن شهر آشوب فى المناقب، و غيرهما- ان على بن الحسين عليهماالسلام بكى على ابيه مدة حياته، و ما وضع بين يديه طعام الا بكى، و لا اتى بشراب الا بكى، حتى قال له احد مواليه: جعلت فداك يا ابن رسول الله انى اخاف ان تكون من الهالكين، قال عليه السلام: (انما اشكو بثى و حزنى الى الله و اعلم من الله ما لا تعلمون). و روى ابن قولويه و ابن شهر آشوب ايضا و غيرهما انه لما كثر بكاؤه قال له مولاه: اماآن لحزنك ان ينقضى، فقال:و يحك ان يعقوب عليه السلام كان له اثنا عشر ولدا، فغيب الله واحدا منهم، فابيضت عيناه من كثرة بكائه عليه، واحدودب ظهره من الغم، و ابنه حى فى الدنيا، و انا نظرت الى ابى و اخى و عمومتى و سبعة عشر من اهل بيتى مقتولين حولى، فكيف ينقضى حزنى... و بكى- اى الامام الرضا- صلوات الله عليه اذ انشده دعبل بن على الخزاعى قصيدته التائية السائرة حتى اغمى عليه فى اثناءها مرتين كما نص عليه الفاضل العباسى فى ترجمة دعبل عن معاهد التنصيص و غيره من اهل الاخبار. و فى البحار و غيره: انه عليه السلام امر قبل انشادها بستر فضرب دون عقائله فجلسن خلفه يسمعن الرثاء، و يبكين على جدهن سيدالشهداء، و انه قال يومئذ: يا دعبل من بكى او ابكى على مصابنا و لو واحدا كان اجره على الله، يا دعبل من ذرفت عيناه على مصابنا حشره الله معنا... و روى الكشى بسند معتبر عن زيد الشحام قال: كنا عند ابى عبدالله عليه السلام فدخل عليه جعفر بن عثمان فقربه و ادناه، ثم قال: يا جعفر، قال: لبيك، جعلنى الله فداك، قال: بلغنى انك تقول الشعر فى الحسين عليه السلام و تجيد، فقال له: نعم، جعلنى

الله فداك، قال عليه السلام: قل، فانشدته فبكى و من حوله حتى صارت الدموع الى وجهه و لحيته، ثم قال: يا جعفر و الله لقد شهدت الملائكة المقربون قولك فى الحسين عليه السلام، و لقد بكوا كما بكينا و اكثر... الى ان قال: ما من احد قال فى الحسين شعرا فبكى و ابكى الا اوجب الله له الجنة و غفر له. و روى ابن قولويه فى الكامل بسند معتبر حديثا عن الصادق عليه السلام جاء فيه: و كان جدى على بن الحسين عليهماالسلام اذا ذكره- يعنى الحسين عليه السلام- بكى حتى تملا عيناه لحيته، و حتى يبكى لبكائه رحمة له من رآه، و ان الملائكة الذين عند قبره ليبكون فيبكى لبكائهم كل من فى الهواء و السماء، و ما من باك يبكيه الا و قد وصل فاطمه و اسعدها، و وصل رسول الله صلى الله عليه و آله و ادى حقنا».

[المجالس الفاخرة: ص 23- 25 ط دار الزهراء، و النص المذكور هنا منقول عن طبعة سعيد بن جبير، و بين الطبعتين تفاوت بسيط.]

و ان من يتمعن فى كلام السيد شرف الدين (رضوان الله عليه) و خصوصا فيما فعله نبى الله يعقوب عليه السلام و الامامان السجاد و الرضا عليهماالسلام يجد ما يغنى للرد على شبهة منافاة كثرة البكاء للصبر.

الايراد الثامن:


ارتكز انكار «فضل الله» لكثرة بكاء الزهراء عليهاالسلام على استلزام ذلك للجزع، و بما ان الجزع امر قبيح فى حد ذاته- كما يزعم- فلذا لا يمكن صدوره عن المعصوم عليه السلام، و بالتالى يكون كل ما ينسب الى المعصوم من روايات تدل على صدور الجزع منه باطلا، اما ادعاؤه بعدم امكان صدور ما يشبه الجزع من المعصوم فلم نعرف له وجها، لان الحرمة او الكراهية فى كلمات فقهائنا متوجهة الى خصوص الجزع لا الى ما يشبه الجزع!

ثم انه يمكن مناقشة هذا الزعم صغرويا و كبرويا.

اما من ناحية الصغرى، فمن اين ل«فضل الله» ان يثبت بالدليل ان البكاء الكثير الذى ياخذ معظم وقت الانسان من مصاديق الجزع، و اذا كان يمكنه ان يرفض رواية البكائين الخمسة بحجة ضعفها السندى فماالذى سيفعله مع بكاء النبى يعقوب و قد ذهبت عيناه من كثرة البكاء كما نص على ذلك القرآن الكريم؟! فهل سيحذف هذه الآية من القرآن لانها تدل على صدور الجزع من النبى المعصوم؟! ام انه سيغير رايه فى عصمة الانبياء عليهم السلام؟! و ما هو الفرق بين كثرة بكاء يعقوب عليه السلام المستوجب لفقدان احد حواسه لمجرد فراق ابنه مع علمه انه على قيد الحياة و بين كثرة بكاء فاطمه عليهاالسلام على فقدان اعظم انسان على وجه البسيطة بحيث لا يكون الاول من مصاديق الجزع و يكون الثانى من افراده؟ فهل انكار كثرة بكاء الزهراء عليهاالسلام ناشى عن استدلال و برهان ام استمزاج و استحسان؟!

اما من ناحية الكبرى فانه و ان ثبت بالدليل ان الجزع من الامور المحرمة غير انه لا يوجد دليل يقول بقبحه الذاتى بحيث يستقل العقل فى اثبات قبحه كاستقلاله بحسن

العدل و قبح الظلم، و بالتالى يحكم العقل برفض كل حديث و ان كان صحيحا يفيد جواز الجزع، نظير رده للاحاديث الدالة على التجسيم، و يبدو ان عمدة الخطا الذى وقع فيه «فضل الله» يرجع الى هذا الجانب اى عدم التمييز بين المستقلات العقلية و غيرها.

و تبيينا للحقيقة ننقل كلام العلامة الشعرانى (قدس سره) لما فيه من التبسيط و الوضوح فى بيان الحسن و القبح العقليين الذاتيين و مورد تطبيقهما، قال:

«احتجوا- اى الاشاعرة- بوجوه: منها: قوله تعالى: (و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا). و منها: ان الحسن و القبح يختلفان باختلاف الازمان و البلاد كقبح ذبح الحيوان عند اهل الهند دون المسلمين و قبح التزويج للعلماء عند النصارى دون المسلمين. و منها: انهما لو كانا ذاتيين لم يجز نسخ الاحكام فى الشرائع. و منها: انه لو قال: (لاكذبن غدا)، فان وفى بعهده و كذب لزم كون كذبه حسنا لوفائه بما وعد، و قبيحا لانه كذب، و لو كانا وصفين ثابتين لزم اجتماع الضدين فى فعل واحد، فعلم منه ان هذين ليسا بوصفين ثابتين للافعال من حيث هى.

و الجواب عن الآية الشريفة: انا لا ندعى احاطة العقل بجميع وجوه محاسن الافعال و مقابحها، بل هى كالامور التكوينية بعضها تعرف بالضرورة كقبح الظلم، و قد تعرف بالاستدلال، و قد لا تعرف بالعقل اصلا كحسن صوم رمضان و هو الاكثر، و لا يجوز للشارع ان يعذب الناس على ما لا يعرفون، و هذا لا يدل على عدم وجود جهة الحسن فى الافعال ذاتا...

و الجواب عن الثانى: ان اختلاف الناس فى حسن بعض الافعال او قبحها كاختلافهم فى كثير من الامور التكوينية لا يوجب الحكم بعدم قدرة العقل على ادراك شى ء منها، فاختلافهم فى قبح ذبح الحيوان نظير اختلافهم فى ان كل موجود محسوس و فى مكان، و كل جسم يميل الى السفل، و لو كان الاختلاف دليلا على عدم صلاحية العقل للادراك لوجب الاعراض عن جميع العلوم لاختلاف العقلاء فى بعض مسائلها.

و عن الثالث: ان نسخ الاحكام يجوز لتبدل العناوين او لتعارض الجهات المحسنة و المقبحة، مثلا قطع اليد قبيح لانطباق عنوان الظلم عليه لا لانه قطع اليد، و اذا كان حدا للسرقة او قصاصا صار حسنا، فموضوع الحسن شى ء و موضع القبح شى ء آخر، و كذلك الكذب قبيح ذاتا و قد يعارضه جهة حسن فيه اقوى كانجاء نبى مثلا فيصير حسنا لا بمعنى ان الكذب حسن بل انجاء النبى حسن يرتكب لرجحانه على قبح الكذب، و يمكن ان يكون نسخ الاحكام فى الشرائع لمثل ذلك.

و عن الرابع: ان عملا واحدا ذا عنوانين حسن و قبيح اذا تعارض فيه الجهتان فمتابعة الارجح حسنة و متابعة الآخر قبيحة، و يمكن ان يقال فى المثال المذكور ان مراعاة قبح الكذب اولى من مراعاة حسن الوفاء بالعهد».

[المدخل الى عذب المنهل: ص 199.]

و بناء على ذلك فان ثبت كون الجزع قبيحا كقبح الكذب صح القول بحرمته، الا ان القول بحرمته فى جميع الاحوال من دون استثناء مبنى على كون الجزع من مصاديق الظلم فى جميع الاحوال و ان قبحه كقبح الظلم نفسه و ذلك اول الكلام، فقد تكون بعض الصفات مذمومة و محرمة فى معظم الاحيان ولكن قد توجد بعض حالات الاستثناء التى يرتفع فيها القبح و الحرمة اما لتبدل العنوان او لتعارض جهات الحسن و القبح نظير الكذب، فهو من المحرمات التى شدد الشاعر المقدس على حرمتها و لكنه اباحه بل اوجبه فى بعض الاحيان- كما فى انقاذ النفس المحترمة- نظرا لاختلاف متعلق الحكم و طروء عنوان جديد مما يجعله فى دائرة الاستثناء.

و من هذا القبيل الجزع فانه قابل للتخصيص و الاستثناء، بل لقد ورد فيه التخصيص، فقد روى الشيخ الطوسى فى الامالى بسند معتبر عن الشيخ المفيد، قال: حدثنا ابوالقاسم جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثنى ابى، قال: حدثنى سعد بن عبدالله، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن ابى محمد الانصارى، عن معاوية بن وهب، قال: «كنت جالسا عند جعفر بن محمد عليه السلام اذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر، فقال: السلام عليك و رحمةالله و بركاته، يا شيخ ادن منى، فدنا منه فقبل يده فبكى، فقال له ابوعبدالله عليه السلام: ما يبكيك يا شيخ؟ قال له: يا بن رسول الله، انا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مائة سنة، اقول هذه السنة و هذا الشهر و هذا اليوم، و لا اراه فيكم، افتلومنى ان ابكى! قال: فبكى ابوعبدالله عليه السلام ثم قال: يا شيخ ان اخرت منيتك كنت معنا، و ان عجلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول الله صلى الله عليه و آله، فقال الشيخ: ما ابالى ما فاتنى بعد هذا يابن رسول الله. فقال له ابوعبدالله: يا شيخ ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال: انى تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله المنزل، و عترتى اهل بيتى، تجى ء و انت معنا يوم القيامة.

قال: يا شيخ ما احسبك من اهل الكوفة، قال: لا، قال: فمن اين انت؟ قال: من سوادها جعلت فداك، قال: اين انت من قبر جدى المظلوم الحسين عليه السلام؟ قال:انى لقريب منه. قال: كيف اتيانك له؟ قال: انى لآتيه و اكثر. قال: يا شيخ ذاك دم يطلب الله به، ما اصيب ولد فاطمه و لا يصابون بمثل الحسين عليه السلام، و لقد قتل فى سبعة عشر من اهل بيته، نصحوا لله و صبروا فى جنب الله، فجزاهم الله احسن جزاء الصابرين، انه اذا كان يوم القيامة اقبل رسول الله صلى الله عليه و آله و معه الحسين عليه السلام و يده على راسه يقطر دما فيقول:يا رب، سل امتى فيم قتلوا ولدى. و قال عليه السلام: كل الجزع و البكاء على الحسين».

[امالى الطوسى: ص 161، ح 268 ط دار الثقافة، عنه وسائل الشيعة: ج 10، ص 395، ح 10؛ و البحار: ج 45، ص 313، ح 14.]

و روى ابن قولويه عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: «ان البكاء و الجزع مكروه للعبد فى كل ما جزع ما خلا البكاء و الجزع على الحسين بن على فانه فيه ماجور».

[كامل الزيارات: ص 100 ط المرتضوية، ص 201 ط مؤسسة نشر الثقافة.]

و روى ايضا باسناده الى مسمع بن عبدالملك كردين البصرى انه قال: قال لى ابوعبدالله عليه السلام: يا مسمع انت من اهل العراق، اما تاتى قبر الحسين عليه السلام؟ قلت: لا، انا رجل مشهور عند اهل البصرة، و عندنا من يتبع هوى هذا الخليفة، و عدونا كثير من اهل القبائل من النصاب و غيرهم، و لست آمنهم ان يرفعوا حالى عند ولد سليمان فيمثلون بى، قال لى: افما تذكر ما صنع به؟ قلت: نعم، قال: فتجزع؟ قلت: اى و الله، و استعبر لذلك حتى يرى اهلى اثر ذلك على فامتنع من الطعام حتى يستبين ذلك فى وجهى، قال عليه السلام: «رحم الله دمعتك، اما انك من اهل الجزع لنا...».

[كامل الزيارات: ص 101 ط المرتضوية، ص 203 ط مؤسسة نشر الثقافة.]

كما روى ابن قولويه و الشيخ الطوسى عن الامام ابى جعفر الباقر عليه السلام انه قال: «... ثم ليندب الحسين عليه السلام و يبكيه و يامر من فى داره بالبكاء عليه، و يقيم فى داره مصيبته باظهار الجزع عليه».

[كامل الزيارات: ص 175 ط المرتضوية، و مصباح المتهجد: ص 772، عنه الوسائل: ج 10، ص 398.] و استنادا للاحاديث السابقة افتى الفقهاء كالسيدالخوئى بجواز الجزع على الامام الحسين عليه السلام بل ذهب بعضهم الى رجحانه.

[راجع التنقيح فى شرح العروة الوثقى: كتاب الطهارة، ج 9، ص 227.]

الا ان من الامور التى تدعو للتعجب رد «فضل الله» على آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزى (دام ظله) بانه ينبغى رد علم الحديث الذى يدعو الى الجزع على الامام الحسين عليه السلام الى اهله اى الائمة عليهم السلام، فهذا القول مع ما فيه من تعريض باحد ابرز اساتذة البحث الخارج فى الحوزة العلمية فى قم مخالف لما سلكه جميع الفقهاء فى مقام استنباط الاحكام، لان رد الحديث الى اهله انما يكون بعد التباس الامر و غموض الحديث و صعوبته بما لا يجد الفقيه طريقا لقبوله و لا لرفضه، اما هنا فانه بعد ورود الحديث الصحيح سندا و الصريح دلالة فى الاستثناء فما معنى القول بلزوم رد الحديث الى اهله؟ و ما هو دور الفقيه اذن فى عملية الاستنباط؟

و على سبيل المثال لو ثبت للفقيه بالادلة القطعية من آيات و روايات التشديد على حرمة الكذب و الربا ثم وردت رواية صحيحة تفيد جواز ارتكاب الكذب فى حال الاصلاح بين الاخوة و جواز الربا بين الولد و ولده، فهل يعطل عملية الاجتهاد و الافتاء بالجواز بحجة ان الكذب قبيح فى حد ذاته؟ و ان ما ذهب اليه «فضل الله» ليؤكد على ترسيخ اختياره للاستحسان مقابل الدليل، و الاجتهاد مقابل النص و انه بعيد كل البعد عن الفضل فكيف بالاجتهاد؟! و هل يصح لمثله ان يرد على كلمات فقهائنا فى هذا الامر و بهذا المستوى من الاستدلال، «و ان سلمت من الاسد فلا تطمع فى صيده».

كما ان المسالة هنا ليست مشمولة لاعراض المشهور حتى يقال بان اعراض المشهور عن الخبر الصحيح يوهن اعتباره و يسقط حجيته كما عليه الامام الخمينى و آخرون،

[الخلل فى الصلاة: ص 83، 165، 177.] مع ان هذا محل بحث لدى الاصوليين، فالآخوند الخراسانى و السيد الخوئى و غيرهم يذهبون الى اعتبار الخبر حتى مع اعراض المشهور عنه.

[مصباح الاصول: ج 2، ص 241.]

ثم انه قد وردت العديد من الروايات التى تفيد ان يتذكر المصاب بمصابه برسول الله صلى الله عليه و آله، فان ذلك اعظم المصائب، و انه لن يصاب بمصيبة اعظم منها،

[اوردها الحر العاملى فى الباب 79 من ابواب الدفن، حيث نقل ثمانى روايات بهذا الخصوص، فمن شاء فليراجع الوسائل: ج 2، ص 911.] و كانت مصيبة الزهراء عليهاالسلام هى نفس هذه المصيبة العظمى اى ارتحال الرسول الكريم صلى الله عليه و آله، و قد روى ابوالقاسم على بن محمد الخراز القمى باسناده الى محمود بن لبيد قال: «لما قبض رسول الله صلى الله عليه و آله كانت فاطمه تاتى قبور الشهداء و تاتى قبر حمزة و تبكى هناك، فلما كان فى بعض الايام اتيت قبر حمزة رضى الله عنه فوجدتها صلوات الله عليها تبكى هناك فامهلتها حتى سكنت، فاتيتها و سلمت عليها، و قلت يا سيدة النسوان قدو الله قطعت انياط قلبى من بكائك، فقالت: يا اباعمر يحق لى البكاء، و لقد اصبت بخير الآباء رسول الله صلى الله عليه و آله، و اشوقاه الى رسول الله...».

[كفاية الاثر: ص 197.]

و روى الكلينى بسندين صحيحين احدهما عن على بن ابراهيم، عن ابيه، عن ابن ابى عمير، عن هشام بن سالم، و الآخر عن عدة من اصحابنا، عن احمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن ابى عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: «عاشت فاطمه بعد ابيها خمسة و سبعين يوما لم تر كاشرة و لا ضاحكة، تاتى قبور الشهداء فى كل جمعة مرتين: الاثنين و الخميس، فتقول: ههنا كان رسول الله صلى الله عليه و آله، ههنا كان المشركون».

[الكافى: ج 3، ص 228، باب زيارة القبور، ح 3؛ ج 4، ص 561، ح 4. و الكشر بدو الاسنان عند التبسم. راجع لسان العرب: ج 5، ص 142.]

و روى ابن سعد و المزى عن ابى جعفر الباقر عليه السلام قال: «ما رايت فاطمه عليهاالسلام ضاحكة بعد رسول الله صلى الله عليه (و آله) و سلم الا انه قد تمودى بطرف فيها».

[و فى رواية: «الا انهم قد امتروا فى طرف نابها»، راجع الطبقات الكبرى: ج 2، ص 248 ط دار صادر؛ و ج 2، ص 373 و 405 ط دار احياء التراث العربى. تهذيب الكمال: ج 35، ص 251.] و روى الخوارزمى باسناده الى اميرالمؤمنين عليه السلام قال: «غسلت النبى فى قميصه، فكانت فاطمه تقول: ارنى القميص، فاذا شمته غشى عليها، فلما رايت ذلك غيبته».

[مقتل الحسين: ص 77، و رواه المجلسى فى البحار: ج 43، ص 157، ح 6 عن بعض كتب المناقب.]

و قال الشيخ الصدوق: «و روى انه لما قبض النبى صلى الله عليه و آله امتنع بلال من الآذان و قال: لا اؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه و آله، و ان فاطمه عليهاالسلام قالت ذات يوم: انى اشتهى ان اسمع مؤذن ابى عليه السلام بالاذان، فبلغ ذلك بلالا، فاخذ فى الاذان، فلما قال: الله اكبر الله اكبر، ذكرت اباها عليه السلام و ايامه فلم تتمالك من البكاء، فلما بلغ الى قوله اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه و آله شهقت فاطمه عليهاالسلام شهقة و سقطت لوجهها و غشى عليها، فقال الناس لبلال: امسك يا بلال فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه و آله الدنيا، و ظنوا انها ماتت، فقطع اذانه و لم يتمه، فافاقت فاطمه عليهاالسلام و سالته ان يتم الاذان فلم يفعل، و قال: يا سيدة النسوان انى اخشى عليك ما تنزلينه بنفسك اذا سمعت صوتى بالاذان فاعفته عن ذلك».

[من لا يحضره الفقيه: ج 1، ص 194، ح 44، عنه البحار: ج 43، ص 157، ح 7.]

و قال محمد بن الفتال النيسابورى: «و روى ان فاطمه عليهاالسلام لا زالت بعد النبى معصبة الراس، ناحلة الجسم، منهدة الركن من المصيبة بموت النبى صلى الله عليه و آله، و هى مهمومة مغمومة محزونة مكروبة كئيبة حزينة، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، و حين تذكره و تذكر الساعات التى كان يدخل فيه عليها فيعظم حزنها...».

[روضة الواعظين: ص 150.]

و لو قيل بان الجزع على اعظم المصائب جائز لم يكن ذلك جزافا، فلا يستبعد الحديث الوارد ان كان يفيد جزع الزهراء عليهاالسلام على ابيها صلى الله عليه و آله، و على ادنى تقدير لا يصح الجزم بالنفى.

[لست هنا فى مقام تقرير الحكم الشرعى فذلك ليس من اختصاصى بل هو شان الفقهاء العدول و هم بالباب لمن يحب ان يستفتيهم، و لكننى احببت اثارة احتمال فى المقام لكى انفى اصل الاستبعاد و للتاكيد على ان المسالة قابلة للبحث و ليست بالشكل القاطع الذى يصوره فضل الله بحيث رد فيه الحديث الصحيح الصادر عن المعصوم عليه السلام.]

بيت الاحزان


كلمات «فضل الله»


قال فى جوابه الثالث: «ان هناك احاديث كثيرة تتحدث عن بيت الاحزان و تختلف فى مضامينها و لكنها تلتقى بفكرة واحدة و هى ان الزهراء كانت تعيش مع النبى صلى الله عليه و آله كما تعيش الام مع ولدها و البنت مع ابيها و الصديقه مع صديقها...».

و حديثه هذا دليل آخر على انه «ركب المغمضة» و تقول بغير علم، فهو يتحدث عن وجود روايات كثيرة عن بيت الاحزان، و لكن بعد الرجوع الى مصادرنا الروائية لم نعثر حتى على رواية واحدة منسوبة الى احد المعصومين عليهم السلام! و انما جاء بيت الاحزان مرة واحدة فى كتاب بحار الأنوار ضمن قصة شهادة الزهراء عليهاالسلام، و هى منسوبة الى فضة خادمة الزهراء عليهاالسلام، و قد قدم المجلسى (رضوان الله عليه) لهذه القصة بقوله: «وجدت فى بعض الكتب خبرا فى وفاتها عليهاالسلام فاحببت ايراده و ان لم آخذه من اصل يعول عليه»،

[بحار الأنوار: ج 43، ص 177.] و سواء ثبتت هذه القصة ام لا فانها لا تتنافى مع ما استفاض عن احزان الزهراء عليهاالسلام و بكائها.

نعم، ورد ذكر بيت الاحزان فى بعض مصادر اهل السنة الا انه ليس فيها اى تعرض لذكر رواية او حديث- و لا نريد بالطبع ان نحصر الحقائق التاريخية بالروايات فقط-، و من تلك المصادر ما ذكره نورالدين على بن القاضى عفيف الدين عبدالله بن احمد بن على بن عيسى الحسنى المعروف بالسمهودى الشافعى مفتى المدينة المنورة و نزيلها المتوفى سنة 911 ه فى كتابه (وفاء الوفاء باخبار دار المصطفى) حيث كتب فى بيان المشاهد المعروفة اليوم بالبقيع و غيره من المدينة المشرفة ما يلى:

«و منها: مشهد سيدنا ابراهيم بن سيدنا رسول الله صلى الله عليه (و آله) و سلم، و قبره على نعت قبر الحسن و العباس، و هو ملصق الى جدار المشهد القبلى، و فى هذا الجدار شباك، قال المجد: و موضع تربته يعرف ببيت الحزن، يقال: انه البيت الذى اوت اليه فاطمه رضى الله عنها، والتزمت الحزن فيه بعد وفاة ابيها سيد المرسلين صلى الله عليه (و آله) و سلم، انتهى.

و المشهور بيت الحزن انما هو الموضع المعروف بمسجد فاطمه فى قبلة مشهد الحسن و العباس، و اليه اشار ابن جبير بقوله: ويلى القبة العباسية بيت لفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه (و آله) و سلم، و يعرف ببيت الحزن، يقال: انه الذى اوت اليه و التزمت الحزن فيه عند وفاة ابيها صلى الله عليه (و آله) و سلم، انتهى».

[وفاء الوفاء: ج 3، ص 918.]

و المقصود بالمجد هو مجدالدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادى صاحب (القاموس المحيط) المتوفى سنة 817 ه. اما ابن جبير فهو ابوالحسين محمد بن احمد بن جبير الكنانى الاندلسى البلنسى السائح الرحال المتوفى سنة 614 ه فقد قال فى كتابه المعروف ب«رحلة ابن جبير» فيما يتعلق بذكر المشاهد المكرمة التى فى بقيع الغرقد و صفح جبل احد ما يلى:

«ويلى هذه القبة العباسية بيت ينسب لفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه (و آله) و سلم، و يعرف ببيت الحزن، يقال انه الذى اوت اليه و التزمت فيه الحزن على موت ابيها المصطفى صلى الله عليه (و آله) و سلم».

[رحلة ابن جبير: ص 144.]

و على هذا، فالاساس لبيت الاحزان او بيت الحزن هو ما وصل الينا من رواية صاحب البحار و ما وصل من شهادة المؤرخين من غير الشيعة على وجود هذا البيت قبل قرون فى آثار المدينة المنورة. و قد يكون هذا الاثر التاريخى بهذا الاسم اقوى عند الباحثين من الفقهاء و المؤرخين من بعض الروايات لانه دليل مادى ملموس اقامه المسلمون المحبون لاهل البيت عليهم السلام على مراى و مسمع من الجميع...

فاين هى «الروايات الكثيرة»؟! و اين هو الاختلاف فى مضامينها؟!!

و لعمرى اذا كان الاستدلال على هذا النحو و بهذه الكيفية، فلماذا الاجتهاد و التخصص، و لماذا بذل العمر و مكابدة الصعاب فى التحصيل و الدراسة؟

و فى ختام هذا الباب و تمهيدا للباب الآتى انقل قصيدة لآية الله الصدر تتعرض لبعض ما جرى على الزهراء عليهاالسلام من مصائب و آلام و محن، و ما صاحب ذلك من احزانها و بكائها. قال (قدس سره):














































يا خليلى احبسا الجرد المهارا و ابكيا دارا عليها الدهر جارا
و ربوعا اقفرت من اهلها و غدت بعدهم قفرا برارا
حكم الدهر على تلك الربى فانمحت و الدهر لا يرعى ذمارا
كيف يرجى السلم من دهر على اهل بيت الوحى قد شن المغارا
لم يخلف احمد الا ابنة و لكم اوصى الى القوم مرارا
كابدت بعد ابيها المصطفى غصصا لو مست الطود لمارا
هل تراهم ادركوا من احمد بعده فى آله الاطهار لثارا
غصبوها حقها جهرا و من عجب ان تغصب الزهرا جهارا
من لحاها اذ بكت والدها قائلا فلتبك ليلا او نهارا
ويلهم ما ضرهم لو بكت بضعة المختار اياما قصارا
من سعى فى ظلمها؟ و من راعها؟ من على فاطمه الزهراء جارا؟

















































من غدا ظلما على الدار التى تخذتها الانس و الجن مزارا
طالما الاملاك فيها اصبحت تلثم الاعتاب فيها و الجدارا
و من النار بها ينجو الورى من على اعتابها اضرم نارا
و النبى المصطفى كم جاءها يطلب الاذن من الزهرا مرارا
و عليها هجم القوم و لم تك لاثت لا و علياها الخمارا
لست انساها و يا لهفى لها اذ وراء الباب لاذت كى توارا
فتك الرجس على الباب و لا تسالن عما جرى ثم صارا
لا تسلنى كيف رضوا ضلعها و اسالن الباب عنها و الجدارا
و اسالن اعتابها عن محسن كيف فيها دمه راح جبارا
و اسالن لؤلؤ قرطيها لما انتثرت و العين لم تشكو احمرارا
و هل المسمار موتور لها فغدى فى صدرها يدرك ثارا




الاعتداء على الزهراء


دخول بيت الزهراء


كلمات «فضل الله»


قال فى الشريط المسجل: «و هى التى ظلمت بغصبها فدك و هى التى ظلمت بالاتيان بالنار لاحراق بيتها، اما بقية التفاصيل هل دخلوا بيتها ام لم يدخلوا بيتها؟ هل كسر ضلعها؟ هذه قضية تاريخية قد يختلف فيها الراى و ليست من اصول العقيدة».

و قال فى جوابه الخامس: «و الخلاصة بعد كل هذا انه من المؤكد انهم جاءوا بالحطب ليحرقوا باب البيت و لكن هناك من يقول انهم دخلوا البيت و آخر من يقول انهم اكتفوا بالتهديد... حيث وقع الخلاف حول التفاصيل مما ادى الى وجود آراء متعددة حول المسالة».

و قال فى العدد 57 من نشرة «فكر و ثقافة» عن محاضرة له بتاريخ 11 جمادى الاولى 1418 ه الموافق 13/ 9/ 1997: «و لهذا فاننا نعتبر هذه الكلمة تعبر عن ابشع الظلم على الزهراء عليهاالسلام سواء صدق الرواة فيما يتحدثون به عن دخولهم البيت و فعلهم ما فعلوا ام لم يصدقوا فى ذلك».

و الملاحظ من كلامه ان هناك تشكيكا فى هذه القضية، الا ان مراجعة لما جاء فى كتب الحديث و التاريخ ينقشع معها ضباب هذه الاوهام و تسفر الحقيقه لمن يرومها، و سنكتفى بالاشارة الى بعض المصادر الواردة من الفريقين على اساس ان البعض الآخر منها سيرد ذكرها ضمن الامور الاخرى التى تعرضت لها الزهراء عليهاالسلام من الظلم، و من هذه المصادر ما يلى:

/ 42