حوار مع فضل الله حول الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حوار مع فضل الله حول الزهراء - نسخه متنی

سید هاشم هاشمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و خلاصةالقول فانه لا يكفى للقول بان فاطمه عليهاالسلام هى اول مؤلفة و كاتبة فى الاسلام الاستدلال بعدم وجود المانع كما يشير اليه فضل الله فى جوابه السادس، بل لابد من وجود الدليل، و فضل الله لا يملك حتى وجود رواية واحدة ضعيفة لكى يبرر بعد ذلك رايه بمبناه من كفاية عدم وجود ما يدعو الى الكذب فى وثاقة الخبر، و الغريب ان فضل الله كان قد اكد مرارا للتشكيك فى شهادة الزهراء على مقولة «انه لا يملك دليلا على النفى لكنه لم يجد دليلا على الاثبات»، فلماذا لم يلتزم بمقولته التى استخدمها للتشكيك هناك فى التشكيك هنا فيما يدعيه ان فاطمه الزهراء عليهاالسلام هى التى كتبت مصحف فاطمه؟!

هل انزل مصحف فاطمه مكتوبا؟!


نعم وردت رواية واحدة فى دلائل الامامة يدل ظاهرها على ان مصحف فاطمه قد انزل مكتوبا من السماء الى الزهراء عليهاالسلام، فقد روى الطبرى الامامى عن ابى الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبرى، قال: حدثنا ابى، قال: حدثنا ابوعلى محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزارى، قال: حدثنا محمد بن احمد بن حمدان، قال: حدثنى على بن سليمان و جعفر بن محمد، عن على بن اسباط، عن الحسين بن ابى العلاء و على بن ابى حمزة، عن ابى بصير، قال: سالت اباجعفر محمدبن على عليه السلام عن مصحف فاطمه فقال: «انزل عليها بعد موت ابيها...، فلما اراد الله ان ينزله عليها امر جبرائيل و ميكائيل و اسرافيل ان يحملوا المصحف فينزلوا به عليها، و ذلك فى ليلة الجمعة من الثلث الثانى من الليل، هبطوا به عليها و هى قائمة تصلى، فما زالوا قياما حتى قعدت، فلما فرغت من صلاتها سلموا عليها، و قالوا: السلام يقرئك السلام، و وضعوا المصحف فى حجرها، فقالت: الله السلام، و منه السلام، و اليه السلام، و عليكم يا رسل الله السلام.

ثم عرجوا الى السماء فما زالت من بعد صلاة الفجر الى زوال الشمس تقراه حتى اتت عليه على آخره. و لقد كانت طاعتها مفروضة على جميع من خلق الله من الجن و الانس، و الطير و البهائم، و الانبياء و الملائكة. فقلت: جعلت فداك، فلما مضت الى من صار ذلك المصحف؟ فقال: دفعته الى اميرالمؤمنين، فلما مضى صار الى الحسن ثم الى الحسين، ثم عند اهله حتى يدفعوه الى صاحب هذا الامر.

[دلائل الامامة: ص 104، ح 34.

و مع غض النظر عن ضعف سندها كما سياتى فى فصل محتوى مصحف فاطمه فانه لا منافاة بين كتابه اميرالمؤمنين عليه السلام لما كان يمليه جبرائيل عليه السلام على الزهراء عليهاالسلام و بين نزول المصحف من السماء اليها، اذ لعله كان مكملا لما كتبه اميرالمؤمنين عليه السلام، او لعله كان مطابقا لما كتبه اميرالمؤمنين انزل عليها اتحافا و اكراما لتقراه بصورة مجموعة، و قد دلت صحيحة ابى عبيدة السابقة ان نزول جبرائيل عليه السلام كان متكررا خلال الفترة التى

عاشتها الزهراء عليهاالسلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله و المحددة بخمسة و سبعين يوما، و لا مانع ان يكون جبرائيل عليه السلام قد اتى فى احدى المرات بالمصحف مكتوبا بعد الانتهاء من اخبارها مشافهة بمحتواه.

من المحرف و المزور؟


قال مؤلف «هوامش نقدية»: «ادعى السيد مرتضى ان صاحب الاستدلال قال: ان الاحاديث حول مصحف فاطمه متعارضة، و لكن الصحيح انه قال: هناك اختلاف فى الروايات المتعلقة بمصحف فاطمه، ثم قال فى بعض فقرات الاستدلال: فلابد من الترجيح، فسوغ مرتضى لنفسه ان يزور كلامه و يحرفه، و الاختلاف غير التعارض اصطلاحا، و قد كان صاحب الاستدلال دقيقا، اما قوله: فلابد من الترجيح، فليس معنى ذلك ان هناك تعارضا بمعنى التناقض و التكاذب بل يعنى انه لابد من دراسة الاحاديث بما يمكن ان تنتهى الى نتيجة معقولة».

[هوامش نقدية: ص 61.

و لكننا نجد ان «فضل الله» قد قال فى موضع من الشريط المسجل ما يلى: «فيه عدة روايات متعارضة»، و قال فى حواره المسجل: «فهذا استيحاء بعد تعارض الروايات»، فراجع الشريط المسجل و عندها يفتضح المزور و المحرف، «و هل يستقيم الظل و العود اعوج»؟ هذا فضلا عن ان وجود الاختلاف فى باقى الامور المتعلقة بمصحف فاطمه عليهاالسلام- لو قبلنا بمبنى الغاء الرواية الصحيحة بسبب اختلاف الروايات- لا تستوجب تاثيرا فى مورد بحثنا، فانه هنا خصوصية لا يصح معها ذلك و قد اشرنا اليها سابقا، و هى انه قد اتفقت روايات مصحف فاطمه و منها ما ورد بسند صحيح ان اميرالمؤمنين عليه السلام هو كاتب مصحف فاطمه و لا توجد رواية واحدة و ان كانت ضعيفه تقول ان كاتب المصحف هو فاطمه الزهراء عليهاالسلام، و الاستيحاء انما يصح اذا كان الاختلاف محققا بالفعل.

مصدر مصحف فاطمه


و مثلما ذكر سابقا بان الزهراء عليهاالسلام «كانت تكتب ما تسمعه من رسول الله» عاد هنا ليؤكد هذا الامر من جديد بعد ان اضاف اليه احتمالا آخر، فقال: «و اذا كانت بعض الاحاديث تختلف فى تقويم هذا المصحف، و بعض الاحاديث تقول ان جبرائيل كان يؤنسها و يحدثها عن ابيها و كان على يكتب ذلك فان الراى الاقرب هو ان مصحف الزهراء هو مجموعة العلوم التى كانت تسمعها من رسول الله فيما كانت تسمعه منه او فيما كان يحدثها على عنه، و ربما تنقل بعض الاحاديث ان ولدها الحسن و هو طفل صغير كان ينقل اليها ما كان يسمعه من جده رسول الله فتكتبه».

و يشتمل كلامه على امرين:

الامر الاول: ان هناك احاديث تقول ان مصدر هذا المصحف هو جبرائيل عليه السلام و كاتبه هو على عليه السلام ولكن الراى الاقرب هو خلاف ذلك، و لم يبين فضل الله السر فى عدم قبول كون مصدر مصحف فاطمه هو جبرائيل مع ورود الاحاديث به - و هى صحيحة سندا كما اسلفنا- سوى عدم امكان كون مصحف فاطمه ملهما من قبل الله تعالى للزهراء المرضية عليهاالسلام لاستلزام ذلك للنبوة كما جاء فى الحوار المسجل.

الامر الثانى: ان مصدر هذا المصحف هو الرسول صلى الله عليه و آله فكانت تسمع منه مباشرة او بوسائط كالامام على و الامام الحسن عليهماالسلام.

البحث فى الامر الاول


اما الامر الاول: ففيه ان عدم قبول راى معين وردت فيه الروايات لابد ان يكون له وجه معقول حتى لا يكون من باب الرد على الله و رسوله و الائمة الطاهرين، و هذا الوجه يمكن ان نتصوره من خلال الاحتمالات التالية:

1- ان هذه الروايات ضعيفة الاسناد بينما التى تقابلها صحيحة الاسناد.

2- ان هذه الروايات تتنافى فى مضمونها مع النص القرآنى و السنة القطعية و العقل و العقائد المسلمة بين المسلمين.

3- ان الروايات التى تقابل هذه الروايات مفسره لها، فيجب حمل هذه على تلك. و الاحتمالات الثلاثة باطلة باجمعها.

مناقشة الاحتمال الاول:


اما الاحتمال الاول فقد مر ان الرواية التى اوردها الكلينى باسناده الى ابى عبيدة صحيحة، يضاف اليها رواية صحيحة اخرى رواها الصفار فى بصائر الدرجات بسنده عن احمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد الجمال، عن احمد بن عمار، عن ابى بصير عن ابى عبدالله عليه السلام قال:«... انما هو شى ء املاها الله و اوحى اليها».

[بصائر الدرجات: ص 171- 172، ح 3.

هذا مضافا الى ما سياتى من ان الروايات التى تقابلها ليست فيها رواية واحدة متفق على صحتها حتى يؤخذ بها، و على فرض وجودها فلا يمكن الاخذ بها من دون النظر فى دلالتها و ما سيؤول اليه امرها بعد التعارض.

مناقشة الاحتمال الثانى:


و اما الاحتمال الثانى و القول بان هذه الروايات تتنافى مع القرآن و السنة فمردود ايضا لان القرآن الكريم يؤكد على ان جبرائيل تحدث الى اناس لم يكونوا انبياء كمريم عليهاالسلام، قال تعالى: (فاتخذت من دونهم حجابا فارسلنا اليها روحنا فتمثل له بشرا سويا قالت انى اعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا- قال انما انا رسول ربك لاهب لك غلاما زكيا)،

[الآيات 17- 19 من سورة مريم. و كذلك زوجة نبى الله ابراهيم تحدثت مع الملائكة كما اشارت اليه الآية 74 من سورة هود، قال تعالى: (... و امرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحاق و من وراء اسحاق يعقوب)، و لم نر فى السنة ما يخالف هذا المعنى بل جاء فيها ما يعضده، فقد روى الطبرى عن الشريف ابى محمد الحسن بن احمد العلوى المحمدى النقيب، قال: اخبرنى ابوجعفر محمد بن على بن الحسين بن موسى القمى (رضى الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن موسى المتوكل، قال: حدثنا على بن الحسن السعد آبادى، عن احمد بن ابى عبدالله البرقى، قال: حدثنى الحسن بن عبدالله، عن يونس بن ظبيان، قال: قال ابوعبدالله عليه السلام:«لفاطمه عليهاالسلام تسعة اسماء: فاطمه، و الصديقه، و المباركه، و الطاهره، و الزكيه، و الراضيه، و المرضيه، و المحدثة، و الزهراء».

[دلائل الامامة:ص 79، ح 19. علل الشرائع:ج 1، ص 178، ح 3. الخصال: ص 414، ح 3. امالى الصدوق: ص 474، ح 18.

كما روى الشيخ الصدوق فى كتابه علل الشرائع حول العلة التى من اجلها سميت فاطمه عليهاالسلام محدثة، عن احمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن على السكرى، عن محمد بن زكريا الجوهرى، قال: حدثنا شعيب بن واقد، قال:حدثنى اسحاق بن جعفر بن محمد بن عيسى بن زيد بن على، قال: سمعت اباعبدالله الصادق عليه السلام يقول: «انما سميت فاطمه عليهاالسلام محدثة لان الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادى مريم بنت عمران فتقول: يا فاطمه (ان الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساءالعالمين)، يا فاطمه (اقنتى لربك و اسجدى و اركعى مع الراكعين)، فتحدثهم و يحدثونها، فقالت لهم ذات ليلة: اليست المفضلة على نساءالعالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا: ان مريم كانت سيدة نساء عالمها، و ان الله عز و جل جعلك سيدة نساء عالمك و عالمها، و سيدة نساء الاولين و الآخرين».

[علل الشرائع: ج 1 ، الباب 146، ص 182. و كذلك ما رواه الطبرى فى دلائل الامامة: ص 80، ح 20.

و قد روى الصدوق ايضا فى نفس الباب السابق من كتابه علل الشرائع عن ابيه قال: حدثنا عبدالله بن الحسن المؤدب، عن احمد بن على الاصبهانى، عن ابراهيم بن محمد الثقفى، عن اسماعيل بن بشار قال: حدثنا على بن جعفر الحضرمى بمصر منذ ثلاثين سنة، قال: حدثنا سليمان، قال محمد بن ابى بكر لما قرا: (و ما ارسلنا من قبلك من رسول و لا نبى و لا محدث) و هل يحدث الملائكة الا الانبياء؟ قال: مريم لم تكن نبية و كانت محدثة، و ام موسى بن عمران كانت محدثة و لم تكن نبية، و سارة امرأة ابراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها باسحاق و من وراء اسحاق يعقوب و لم تكن نبية، و فاطمه بنت رسول الله صلى الله عليه و آله كانت محدثة و لم تكن نبية». و هذه الرواية و ان لم تنسب لاهل البيت الا انها تاكيد لحقيقة وردت عنهم عليهم السلام، و يكفى فى ذلك صدورها عن محمد بن ابى بكر (رضوان الله تعالى عليه) ربيب حجر اميرالمؤمنين عليه السلام، و لذا نجد ان الشيخ الصدوق يعلق عليها قائلا: «و قداخبر الله عز و جل فى كتابه بانه ما ارسل من الانبياء احدا من النساء فى قوله تبارك و تعالى: (و ما ارسلنا من قبلك الا رجالا نوحى اليهم) و لم يقل نساء، المحدثون ليسوا برسل و لا انبياء».

[علل الشرائع: ج 1، ص 182، و قد اورد الصفار رواية شبيهة بما رواه الصدوق عن محم بن ابى بكر، فراجع بصائر الدرجات: ص 392، ح 16، و يشهد لصدق هذا الخبر ما مر فى مبحث منزلة الزهراء عند التعرض للشبهة الاولى من الشبهات الموهمة لعدم طهارة الزهراء عليهاالسلام، حيث اوردنا روايتين صحيحتين رواهما القمى و الكلينى، و قد جاء فيهما: «لان البنت لا تكون رسولا».

و الى هذا ذهب الشيخ الطوسى فى تفسير الآية 42 من سورة آل عمران الواردة فى رواية العلل الفائتة، فقد قال: «و فى ظهور الملائكة لمريم قالوا قولين: احدهما: ان ذلك معجزة لزكريا عليه السلام لان مريم لم تكن نبية لقول الله تعالى: (و ما ارسلنا من قبلك الا رجالا نوحى اليهم)، و الثانى: ان يكون ذلك برهانا لنبوة عيسى عليه السلام كما كان ظهور الشهب و الغمامة و غير ذلك معجزة للنبى قبل بعثته، فالاول قول الجبائى، و الثانى قول ابن الاخشاد. و يجوز عندنا ان يكون ذلك معجزة لها و كرامة و ان لم تكن نبية، لان اظهار المعجزات عندنا يجوز على يد الاولياء و الصالحين؛ لانها انما تدل على مدى صدق من ظهرت على يده سواء كان نبيا او اماما او صالحا».

[تفسير التبيان: ج 2، ص 457.

استنكار راى الامام الخمينى!


و يحسن بنا هنا التوقف قليلا عند استنكار فضل الله لراى الامام الخمينى (رضوان الله تعالى عليه)، فالامام يقول فى وصيته العظيمة: «و نحن نفتخر بان... الصحيفة الفاطمية ذلك الكتاب الملهم من قبل الله تعالى للزهراء المرضيه مختص بنا».

[صحيفه نور: ج 21، ص 171.

و «فضل الله» يظهر من مجموع اجوبته انه يتحاشى ان يصرح بان جبرائيل هو الذى تحدث مع الزهراء عليهاالسلام و اذا اقتضى الامر فهو يقول ان ملكا كان يحدثها، و هو فى جوابه

السادس و ان قال بعدم وجود مانع من كون الملك هو جبرائيل و لكنه ضعف رواية ابى عبيدة و رواية حماد بن عثمان الدالتين على تحدث جبرائيل و الملك معها، و فى كتاب الندوة جعل المتحدث مع فاطمه عليهاالسلام مرددا بين جبرائيل عليه السلام او ملك آخر، و يبدو انه فرارا من اثبات تحدث جبرائيل معها على وجه الخصوص استنكر فى الحوار المسجل ذلك معتمدا على الربط و التلازم ما بين كون مصحف فاطمه ملهما من قبل الله تعالى و منزلا من عنده سبحانه و بين كون الزهراء نبية!

و استنكاره و ربطه ليس فى محله فاننا نعلم ان الذى يميز النبى عن غيره ليس هو فى تحدث جبرائيل عليه السلام معه، فكما اشرنا وردت بعض الآيات القرآنية التى تنص على تحدث جبرائيل مع غير الانبياء، و نعلم ايضا ان التحدث بما يشكل فى مجموعه كتابا و مصحفا ليس هو الميزان فى كون المتحدث اليه نبيا و المتحدث به كتابا سماويا كالتوراة و الانجيل و القرآن، فان الكتاب السماوى هو الكتاب الذى يوحى بمضمونه الى النبى بعنوان كونه نبيا و بعنوان انه الكتاب المرسل به، اما مجرد ان يلهم غير النبى بامر فى غير الاحكام الشرعية ثم تدوين ذلك فى كتاب فلا يلازم النبوة اصلا. نعم ذهب القرطبى الى ان مريم عليهاالسلام نبية مستدلا على ذلك بان الله اوحى اليها بواسطة الملك،

[الجامع لاحكام القرآن: ج 4، ص 83. و لكنه راى مرفوض من قبل علماء الامامية بالاتفاق، و لم يقل احد منهم بالتلازم بين النبوة و الوحى حتى يقال بانكار نزول الوحى على فاطمه لانه مستلزم للنبوة، مع ما فى القول بنبوتها ايضا خرق لضرورة دينية و هى عدم وجود نبى بعد خاتم الانبياء صلى الله عليه و آله.

جواب الامام الخمينى:


قال الامام الخمينى: «اننى ارى نفسى قاصرا عن التحدث حول السيدة الصديقة عليهاالسلام، و اكتفى بذكر رواية منقولة بسند معتبر فى الكافى الشريف، و تلك الرواية هى ان الامام الصادق عليه السلام قال: «ان فاطمه مكثت بعد رسول الله خمسة و سبعين يوما، و كان يدخلها حزن شديد على ابيها، و كان جبرائيل ياتيها فيحسن عزاءها على ابيها، و يطيب نفسها، و يخبرها عن ابيها و مكانه، و يخبرها بما يكون بعدها فى ذريتها، و كان على عليه السلام يكتب ذلك»

[الكافى: ج 1، ص 241. و ظاهر الرواية انه كانت تحصل مراودة خلال هذه الخمسة و السبعين يوما، اى ان هبوط جبرائيل و صعوده كان كثيرا، و لا اظن انه قد ورد فى حق احد غير الطبقة الاولى من الانبياء العظام مثل ما ورد فى شانها من ان جبرائيل الامين و خلال مدة خمسة و سبعين يوما كان يهبط عليها و يذكر لها القضايا التى ستقع فى المستقبل و ما سيجرى على ذريتها، و كان الامير يكتب ذلك، و كما كان اميرالمؤمنين كاتبا لوحى رسول الله فقد كان كاتبا لوحى السيدة الصديقه خلال الخمسة و السبعين يوما، و بالطبع فان الوحى بمعنى الاتيان بالاحكام قد انتهى بموت الرسول الاكرم صلى الله عليه و آله.

ان مسالة مجى ء جبرائيل لشخص ليست مسالة بسيطة، فلا يظن ان جبرائيل قد هبط او يمكن ان يهبط لكل فرد، فان هذا يستلزم تناسبا ما بين روح ذلك الشخص الذى سيهبط عليه جبرائيل و بين مقام جبرائيل الذى هو الروح الاعظم...، و كان مثل هذا التناسب متحققا بين جبرائيل الذى هو الروح الاعظم و بين الانبياء ذوى الدرجة الاولى مثل رسول الله و موسى و عيسى و ابراهيم و امثالهم، و لم يكن هذا قد حصل لكل الافراد و لم يقع بعد ذلك لشخص آخر، بل اننى لم ار حتى فى حق الائمة ان جبرائيل قد نزل عليهم بهذا الشكل، و كل ما شاهدته انه نزل على الزهراء عليهاالسلام فقط و بشكل متكرر خلال هذه الخمسة و السبعين يوما، و كان يحدثها بما سيجرى على ذريتها...، و على كل حال فاننى اعد هذا الشرف و هذه الفضيلة اعظم من جميع الفضائل التى ذكروها للزهراء رغم انها فضائل عظيمة، حيث انه لم تقع مثل هذه الفضيلة لغير الانبياء عليهم السلام بل انها لم تقع لكل الانبياء، بل للطبقة الرفيعة من الانبياء عليهم السلام و لبعض الاولياء الذين هم فى رتبتهم».

[صحيفه نور: ج 19، ص 278- 279.

و هكذا نلاحظ ان الامام الخمينى (رضوان الله تعالى عليه) دفعا لشبهة استلزام تحدث جبرائيل لشخص ما للنبوة اشار لمسالة نزول الاحكام و ان هذا مختص بالنبى و انتهى بموته، و هو فى هذا قريب من راى العلامة المجلسى.

الفرق بين النبى و المحدث


و قد اورد الشيخ الكلينى فى الكافى بسند صحيح عن محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الاحوال، قال: سالت اباجعفر عليه السلام عن الرسول، و النبى و المحدث، قال: «الرسول الذى ياتيه جبرائيل قبلا فيراه و يكلمه فهذا الرسول، و اما النبى فهو الذى يرى فى منامه نحو رؤيا ابراهيم و نحو ما كان راى رسول الله صلى الله عليه و آله من اسباب النبوة قبل الوحى حتى اتاه جبرائيل عليه السلام من عند الله بالرسالة، و كان محمد صلى الله عليه و آله حين جمع له النبوة و جاءته الرسالة من عند الله يجيئه بها جبرائيل و يكلمه بها قبلا، و من الانبياء من جمع له النبوة و يرى فى منامه و ياتيه الروح و يكلمه و يحدثه، من غير ان يكون يرى فى اليقظة؛ و اما المحدث فهو الذى يحدث فيسمع؛ و لا يعاين و لا يرى فى منامه».

[الكافى: ج 1، ص 176، ح 3.

راى العلامة المجلسى:


و قد عقب المجلسى على هذا الحديث بقوله: «و علم ان تحقيق الفرق بين النبى و الامام عليهماالسلام و استنباطه من تلك الاخبار لا يخلو من اشكال، و كذا الجمع بينهما و بين سائر الاخبار التى سياتى بعضها و اوردنا اكثرها فى كتاب البحار، فى غاية الاشكال، و الذى ظهر لى من اكثرها هو ان الامام لا يرى الحكم الشرعى فى المنام، و النبى قد يراه

فيه، و اما الفرق بين الامام و النبى و بين الرسول، ان الرسول يرى الملك عند القاء الحكم و النبى غير الرسول و الامام لا يريانه فى تلك الحال، و ان راياه فى سائر الاحوال، و يمكن ان يخص الملك الذى لا يريانه بجبرائيل عليه السلام، و يعم الاحوال لكن فيه ايضا منافرة لبعض الروايات، و مع قطع النظر عن الاخبار لعل الفرق بين الائمة عليهم السلام و غير اولى العزم من الانبياء ان الائمة عليهم السلام نواب للرسول صلى الله عليه و آله لا يبلغون الا بالنيابة، و اما الانبياء و ان كانوا تابعين لشريعة غيرهم لكنهم مبعوثون بالاصالة و ان كانت تلك النيابة اشرف و اعلى رتبة من تلك الاصالة، و ربما يفرق بينهما بان الملك يلقى الى النبى على وجه التعليم، و الى الامام للتنبيه.

و بالجملة لابد لنا من الاذعان بعدم كونهم انبياء، و انهم افضل و اشرف من جميع الانبياء سوى نبينا صلوات الله عليه و عليهم، و من ساير الاوصياء عليهم السلام، و لا نعرف سببا لعدم اتصافهم بالنبوة الا رعاية جلالة خاتم الانبياء صلى الله عليه و آله، و لا يصل عقولنا الى فرق بين النبوة و الامامة، و ما دلت عليه الاخبار فقد عرفته و الله يعلم حقائق احوالهم صلوات الله عليهم.

راى الشيخ المفيد:


قال الشيخ المفيد (قدس الله روحه) فى شرح عقائد الصدوق (رحمه الله): اصل الوحى هو الكلام الخفى، ثم تطلق على كل شى ء قصد به الى افهام المخاطب على السر له من غيره، و التخصيص له به دون من سواه، فاذا اضيف الى الله تعالى كان فيما يخص به الرسل خاصة دون من سواهم على عرف الاسلام و شريعة النبى صلى الله عليه و آله، قال تعالى: (و اوحينا الى ام موسى ان ارضعيه)،

[الآية 7 من سورة القصص. فاتفق اهل الاسلام على ان الوحى كان رؤيا مناما و كلاما سمعته ام موسى فى منامها على الاختصاص، و قال تعالى : (و اوحى ربك الى النحل)

[الآية 68 من سورة النحل. يريد به الالهام الخفى اذ كان خاصا بمن افرده دون من سواه، فكان علمه حاصلا للنحل بغير كلام جهر به المتكلم فاسمعه غيره.

و ساق (رضوان الله عليه) الكلام الى ان قال: و قد يرى الله فى المنام خلقا كثيرا ما يصح تاويله و يثبت حقه لكنه لا يطلق بعد استقرار الشريعة عليه اسم الوحى، و لا يقال فى هذا الوقت لمن اطلعه الله على علم شى ء انه يوحى اليه، و عندنا ان الله يسمع الحجج بعد نبيه صلى الله عليه و آله كلاما يلقيه اليهم اى الاوصياء فى علم ما يكون، لكنه لا يطلق عليه اسم الوحى لما قدمناه من اجماع المسلمين على انه لا يوحى لاحد بعد نبينا صلى الله عليه و آله و انه لا يقال فى شى ء مما ذكرناه انه وحى الى احد، و لله تعالى ان يبيح اطلاق الكلام احيانا و يحظره احيانا و يمنع السمات بشى ء حينا و يطلقها حينا، فاما المعانى فانها لا تتغير عن حقائقها على ما قدمناه. و قال (رحمه الله) فى كتاب المقالات: ان العقل لا

يمنع من نزول الوحى اليهم عليهم السلام و ان كانوا ائمةغير انبياء، فقد اوحى الله عز و جل الى ام موسى عليهاالسلام (ان ارضعيه...) الآية، فعرفت صحة ذلك بالوحى، و عملت عليه و لم تكن نبيا و لا رسولا و لا اماما، و لكنها كانت من عباد الله الصالحين، و انما منعت من نزول الوحى اليهم و الايحاء بالاشياء اليهم للاجماع على المنع من ذلك و الاتفاق على انه من زعم ان احدا بعد نبينا صلى الله عليه و آله يوحى اليه فقد اخطا و كفر، و لحصول العلم بذلك من دين النبى، كما ان العقل لم يمنع من بعثة نبى بعد نبينا صلى الله عليه و آله و نسخ شرعه كما نسخ ما قبله من شرايع الانبياء، و انما منع الاجماع و العلم بانه خلاف دين النبى صلى الله عليه و آله من جهة اليقين و ما يقارب الاضطرار، و الامامية جميعا على ما ذكرت ليس بينها فيه على ما و صفت خلاف. ثم قال: «القول فى سماع الائمة كلام الملائكة الكرام و ان كانوا لا يرون منهم الاشخاص»، و اقول بجواز هذا مه جهة العقل، و انه ليس يمتنع فى الصديقين من الشيعة، المعصومين من الضلال، و قد جاءت بصحته و كونه للائمة و من سميت من شيعتهم الصالحين الابرار الاخيار واضحة الحجة و البرهان، و هو مذهب فقهاء الامامية و اصحاب الآثار منهم، و قد اباه بنو نوبخت و جماعة من الامامية لا معرفة لهم بالاخبار، و لم يتعمقوا النظر و لا سلكوا طريق الصواب»، انتهى كلامه.

[مرآة العقول: ج 2، ص 289.

الروايات المؤيدة لراى المفيد:


و يشهد لكلام الشيخ المفيد الاخير من تحدث الملائكة مع الائمة ما رواه الصفار بسند صحيح عن احمد بن محمد، عن على بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن داود بن فرقد، قال: سالته عن قول عز و جل: (انا انزلناه فى ليلة القدر- و ما ادراك ما ليلة القدر)، قال عليه السلام: «نزل فيها ما يكون من السنة الى السنة من موت او مولود، قلت له: الى من؟ فقال عليه السلام: الى من عسى ان يكون! ان الناس فى تلك اليلة فى صلاة و دعاء و مسالة، و صاحب هذا الامر فى شغل تنزل الملائكة اليه بامور السنة من غروب الشمس الى طلوعها من كل امر، سلام له الى ان يطلع الفجر».

[بصائر الدرجات: ص 240، ح 2.

و كذلك روى الصفار بسند صحيح عن احمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن ابى ايوب، عن ابى بصير قال: سالت اباعبدالله عليه السلام عن قول عز و جل: (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الا تخافوا و لا تحزنوا و ابشروا بالجنة التى كنتم توعدون)،

[الآية 30 من سورة فصلت. قال عليه السلام: «هم الائمة من آل محمد».

[بصائر الدرجات: ص 113، ح 15.

و روى الصفار ايضا عن محمد بن الحسين، عن محمد بن اسلم، عن على بن ابى حمزة، عن ابى الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: «ما من ملك يهبطه

الله فى امر الا بدا بالامام فعرض ذلك عليه، و ان مختلف الملائكة من عندالله تبارك و تعالى الى صاحب هذا الامر».

[بصائر الدرجات: ص 115، ح 22. و السند صحيح بناء على راى من يذهب الى توثيق على بن ابى حمزة البطائنى كما عليه الامام الخمينى و الشيخ المامقانى، اما على راى السيد الخوئى فالسند ضعيف به. و ليست الاحاديث الدالة على تحدث الملائكة للامام على محدودة بما جاء فى مصادر الخالصة فقد وردت فى كتب العامة ايضا، و على سبيل المثال فقد روى محمد بن احمد بن تميم التميمى (المتوفى سنة 333 ه) باسناده الى ثعلبة الجمانى قال: «دخلت على على بن ابى طالب اليوم الثانى و هو يجود بنفسه مغمى عليه، و ام كلثوم تبكيه، فافاق و قال: ما هذا الصوت ؟ قالوا: ام كلثوم تبكيك؟ قال:ما يبكيك يا بنية؟ قالت: مما ارى بك يا اميرالمؤمنين، قال: اما انك لو ترين ما ارى ما بكيت، هذا موكب ملائكة السماوات السبع تاتى فوجتا فوجا يسلمون على، و هذا رسول الله صلى الله عليه و آله يقول: امامك خير لك».

[المحن: ص 100. و. على هذا فما جاء فى صحيحة ابى بصير السابقة بان مصحف فاطمه «انما هو شى ء املاها الله و اوحى اليها» لا اشكال فيه لان الوحى اعم من وحى النبوة و الالهام و بقية انواعه كما ذكر ذلك الشيخ الفيد.

اما العقل بحد ذاته فليس له سبيل لرفض تحديث الملائكة و جبرائيل لاحد من اوليائه؛ لان مجال المستقلات العقلية محدود، و لا يمكن ان يشمل مثل هذه القضية فهى ليست مثل مسائل تجسيم الله و تحديده او بنسبة الظلم الى البارى عز و جل حتى يستقل العقل برفضها. و هكذا الامر بالنسبة للعقائد المسلمة بين المسلمين.

و نحن نرجو ان لا يكون منشا استقراب فضل الله للراى الآخر هو استبعاد هذه الفضيلة و المكرمة لفاطمه الزهراء عليهاالسلام، فهل ان الزهراء عليهاالسلام اقل مقاما من السيده مريم عليهاالسلام التى تحدث معها جبرائيل عليه السلام مباشرة؟ مع ما ورد من الاحاديث بانها- اى الزهراء عليهاالسلام- سيده نساءالعالمين من الاولين و الآخرين؟

الملك ام جبرائيل؟


و يحسن الاشارة هنا الى ان بعض الروايات التى تطرقت لمصحف فاطمه لم تحدد الملك الذى كان يحدث الزهراء بجبرائيل بل اطلقت اسم الملك من غير تحديد،

[كما فى بصائر الدرجات: ص 172، الباب 14، ح 3. و ليس فى هذا اى تعارض و عبارة فضل الله فى الشريط المسجل تشعر بوجود تعارض بين روايد تحديد مصدر مصحف فاطمه بالملك، و بين رواية تحديده بجبرائيل عليه السلام، و لكنه فى جوابه السادس يصرح بعدم وجود اى مانع من كون الملك هو جبرائيل.

و السر فى ذلك ان هذا من موارد الجمع العرفى بين الروايات، و هو ما يعتبره الاصوليون خارج نطاق التعارض فى مداليل الروايات، فحيثما كان الجمع العرفى

/ 42