حوار مع فضل الله حول الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حوار مع فضل الله حول الزهراء - نسخه متنی

سید هاشم هاشمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


اما رابعا: اشار «فضل الله» فى حديثه ان الدكتور سهيل زكار استدل على امور لاثبات عدم وجود الابواب، و من جملتها ما جاء فى سنن ابى داود، و بالرجوع الى ما يحتمل ان يكون مستندا فى الاستدلال على رايه راينا ان الرواية التالية هى اقرب شى ء لما اشار اليه.

و ماذا عن رواية ابى داود؟


فقد روى ابوداود فى سننه باسناده الى سفينة ابى عبدالرحمن قال: «ان رجلا اضاف على بن ابى طالب فصنع له طعاما، فقالت فاطمه: لو دعونا رسول الله صلى الله عليه و آله فاكل معنا، فدعوه فجاء فوضع يده على عضادتى الباب، فراى القرام قد ضرب به فى ناحية البيت فرجع، فقالت فاطمه لعلى: الحقه فانظر ما رجعه، فتبعته فقلت: يا رسول الله ما ردك؟ فقال: انه ليس لى او لنبى ان يدخل بيتا مزوقا».

[سنن ابى داود- كتاب الاطعمة باب اجابة الدعوة اذا حضرها مكروه: ج 2، ص 138 ط دار الكتاب العربى.]

و القرام على وزن كتاب هو الستر الاحمر او ثوب ملون من صوف فيه رقم و نقوش او ستر رقيق كالمقرم.

[القاموس المحيط فصل القاف باب الميم: ج 4، ص 165 ط دار مكتبة التربية.] و قال ابن منظور فى مادة زوق: «وفى الحديث ليس لى و لنبى ان يدخل بيتا مزوقا اى مزينا».

[لسان العرب: ج 10، ص 150.]

و قد جاء بمضمون هذه الرواية احاديث اخرى كثيرة، منها ما رواه الشيخ الصدوق فى اماليه باسناده عن محمد بن قيس، قال: «كان النبى صلى الله عليه و آله اذا قدم من سفر بدا بفاطمه عليهاالسلام فدخل عليها فاطال عندها المكث، فخرج مرة فى سفر فصنعت فاطمه عليهاالسلام مسكتين من ورق و قلادة و قرطين و سترا لباب البيت لقدوم ابيها و زوجها، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و آله دخل عليها، فوقف اصحابه على الباب لا يدرون يقفون او ينصرفون لطول مكثه عندها، فخرج عليه رسول الله صلى الله عليه و آله و قد عرف الغضب فى وجهه حتى جلس عند المنبر، فظنت فاطمه عليهاالسلام انه انما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه و آله لما راى من المسكتين و القلادة و القرطين و الستر، فنزعت فلادتها و قرطيها و مسكتيها و نزعت الستر، فبعثت به الى رسول الله صلى الله عليه و آله و قالت للرسول: قل له صلى الله عليه و آله تقرا عليك ابنتك السلام، و تقول اجعل هذا فى سبيل الله، فلما اتاه و خبره قال: فعلت فداها ابوها- ثلاث مرات-، ليست الدنيا من محمد و لا من آل محمد، و لو كانت الدنيا تعدل عند الله من الخير جناح بعوضة ما سقى منها كافرا شربة ماء، ثم قام فدخل عليها».

[امالى الصدوق: ص 194، ح 7.]

و روى الاربلى عن مسند احمد بن حنبل ان ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه و آله قال: «كان رسول الله صلى الله عليه و آله اذا سافر آخر عهده بانسان من اهله فاطمه عليهاالسلام، و اول من يدخل عليه اذا قدم فاطمه عليهاالسلام، قال: فقدم من غزاة فاتاها فاذا هو بمسح على بابها و راى على

الحسن و الحسين قلبين من فضة، فرجع و لم يدخل عليها. فلما رات ذلك فاطمه ظنت انه لم يدخل عليها من اجل ما راى، فهتكت الستر و نزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما فبكى الصبيان فقسمته بينهما، فانطلقا الى رسول الله صلى الله عليه و آله و هما يبكيان، فاخذه رسول الله منهما و قال: يا ثوبان اذهب بهذا الى بنى فلان- اهل بيت بالمدينة- و اشتر لفاطمه قلادة من عصب و سوارين من عاج، فان هؤلاء اهل بيتى و لا احب ان ياكلوا طيباتهم فى حياتهم الدينا».

[كشف الغمة: ج 2، ص 78، و رواه فى بشارة المصطفى: ص 203، و مسند احمد: ج 5، ص 275، و نقله ابن شهر آشوب عن مسند احمد و ابن شاهين فى المناقب: ج 3، ص 343، و قد روى مضمون هذا الحديث فى موارد متعددة من دون التطرق للستار على باب البيت و من ذلك ما روى بالاسانيد الثلاثة فى عيون اخبار الرضا: ج 2، ص 44، ح 161، و ما روى فى صحيفة الرضا ايضا: ص 256، ح 185.]

و ترتكز الشبهة التى طرحها «فضل الله» و اعتبرها من الشواهد على عدم وجود باب لبيت فاطمه عليهاالسلام على ان اول ما واجه النبى صلى الله عليه و آله عندما قصد الدخول لبيت الزهراء عليهاالسلام هو الستار و ليس الباب، فالحديث يقول ان النبى صلى الله عليه و آله راى القرام بمجرد وضع يده على عضادتى الباب، و قد يقال فى تاييد ذلك ان الحديث يقول ان القرام قد ضرب به، و الضمير يعود للباب و فى ذلك دلالة على ان الستر كان موضوعا على الباب، اى انه يحل محله.

و لكن دفع هذين القولين امر سهل، فان القول الاول يدفعه عدم المنافاة بين وجود الباب و وجود الستار، فنحن نشهد ان وضع الستار قبال باب البيت هى عادة قديمة كانت موجودة و لا تزال سارية فى بعض البلدان، و الحديث لم يتطرق لذكر باب البيت هل كان مفتوحا ام ان الرسول قد فتحه و لم يذكر الراوى ذلك لانه لم يكن محط نظره ام انه لم يكن هناك باب اساسا كما يسعى «فضل الله» تثبيته، و اذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال. هذا رغم ان وضع النبى صلى الله عليه و آله يده على عضادتى الباب فيه اشعار بوجود الباب و انه كان مفتوحا لاستقبال النبى لقدومه من السفر.

اما القول اثانى فيدفعه ان معنى قول الراوى: «فراى القرام قد ضرب به فى ناحية البيت» هو ان الستر كان ممدودا من ناحية البيت و متصلا بباب البيت، و هذا يؤكد ما قلناه فى دفع القول الاول ان القرام كان قد وضع قبال الباب للستر على من فى داخل البيت فيما لو فتح الباب، كما هى العادة الجارية حاليا فى بعض البلدان. و يشهد لذلك ما ذكره الشريف الرضى ان الامام على عليه السلام قال فى خطبة له يصف رسول الله صلى الله عليه و آله: «و يكون الستر على باب بيته فتكون فيه التصاوير فيقول: يا فلانة- لاحدث ازواجه- غيبيه عنى، فانى اذا نظرت اليه ذكرت الدنيا و زخارفها».

[نهج البلاغة: الخطبة 160.] اى ان الستر كان موجودا مع وجود الباب، و امر النبى صلى الله عليه و آله برفعه لا من جهة كونه سترا بل من جهة التصاوير الموجودة فيه و التى تذكره بالدنيا.

و غاية ما يدل عليه حديث سنن ابى ادود هو ان الستار كان موجودا على باب البيت ملاصقا به او قباله على مسافة قصيرة عنه، و ليس فى ذلك اى دلالة على نفى وجود الباب او كون الستار بمثابة الباب، بل ان فى الاحاديث السابقة دلالة على ان الستار كان موضوعا لفترة و جيزة و لم يكن كذلك دائما، حيث جاء فى مسند احمد: «ان فاطمه عليهاالسلام جعلت وقتا سترا»، و لو كان وضع الستار امرا دائما فى البيوت يضعونه لكى يعوضوا به عن الباب لما كان هناك اى داع من الزهراء عليهاالسلام لوضع الستار او نزعه.

و يؤيد كون وضع الستار ليس امرا دائما فى بيوت المدينة ما رواه الترمذى باسناده الى ابى ذر ان رسول الله صلى الله عليه و آله قال: «... و ان مر الرجل على باب لا ستر له غير مغلق فنظر فلا خطيئة عليه، و انما الخطيئة على اهل البيت».

[الجامع الصحيح: ج 5، ص 63، ح 2707، كتاب الاستئذان، باب ما جاء فى الاستئذان قبالة البيت.] فالحديث فيه اشارة الى ان بعض البيوت ليس فيها ستر على الباب او قباله، كما انه يدل على التغاير و الاثنينية ما بين الستر و الباب، و فى الحديث تاييد ايضا لما رواه البخارى ان بعض الابواب كانت من جريد النخل مما يعنى وجود فواصل بينها تسمح لرؤية ما وراءها لمن يقرب عينه منها، و هذا ما يفسر ما رواه الصدوق فى الفقيه ان رجلا نظر فى شق باب احدى حجرات النبى صلى الله عليه و آله، و لهذا السبب كان يعمد البعض الى وضع الستر ملاصقا بالباب.

و بهذا يتضح جواب شبهة «فضل الله» التى حاول من خلالها الربط بين نفى وجود الابواب و بين كون الستر هو اول ما رآه عندما قصد بيت فاطمة.

و لا ادرى هل يريد «فضل الله» القول بان الزهراء عندما نزعت الستر عن بيتها، و بتعبير آخر- وفق تشكيك «فضل الله»- نزعت باب بيتها، بقى بيتها مكشوفا للنظار؟ فاذا كان كذلك فما هو تفسير قوله فى الجواب الخامس: «انه من المؤكد انهم جاءوا بالحطب ليحرقوا باب البيت»؟ فاذا لم يكن الباب موجودا و لم يكن الستار موجودا فما الذى سيحرق اذن؟

نفى وجود الابواب فى مكة:


نعم عقد الحر العاملى بابا منفردا من ابواب مقدمات الطواف و ما يتبعها اورد فيه احاديث عديدة تنص على عدم وجود ابواب لدور مكة و ان اول من فعل ذلك هو معاوية بن ابى سفيان، و نحن نقتطف منه هذين الحديثين:

1- الكلينى عن عدة من اصحابنا، عن احمد بن محمد، عن على بن الحكم، عن الحسين بن ابى العلاء، قال: قال ابوعبدالله عليه السلام: «ان معاوية اول من علق على بابه مصراعين بمكة فمنع حاج بيت الله ما قال الله عز و جل (سواء العاكف فيه و الباد)، و كان الناس اذا قدموا مكة نزل البادى على الحاضر حتى يقضى حجه، و كان معاوية

صاحب السلسلة التى قال الله تعالى: (فى سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه انه كان لا يؤمن بالله العظيم) و كان فرعون هذه الامة».

[وسائل الشيعة- كتاب الحج- الباب 32 من ابواب مقدمات الطواف و ما يتبعها، باب انه يكره ان يعلق لدور مكة ابواب، الحديث الاول: ج 9، ص 367، عن الكافى،: ج 4، ص 244.] و سند الحديث صحيح.

2- الصدوق عن ابيه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن احمد و عبدالله ابنى محمد بن عيسى، عن محمد بن ابى عمير، عن حماد بن عثمان الناب، عن عبيدالله بن على الحلبى، عن ابى عبدالله عليه السلام قال: سالته عن قول الله تعالى (سواء العاكف فيه و الباد) فقال: «لم يكن ينبغى ان يضع على دور مكة ابواب لان للحجاج ان ينزلوا معهم فى دورهم فى ساحة الدار حتى يقضوا مناسكهم، و ان اول من جعل لدور مكة ابواب معاوية».

[المصدر السابق- الحديث الثالث- عن علل الشرائع، الباب 135، ص 396.] و اسناد الصدوق صحيح ايضا.

و قد جاء الحديث بهذا المضمون فى كتب اهل السنة ايضا، فقد اورد عبدالرزاق بن همام الصنعانى (المتوفى سنة 211 ه) بابا تحت عنوان «باب الكراء فى الحرم ، و هل تبوب دور مكة، و الكراء فى منى» ضمن كتاب الحج، روى فيه عن معمر، عن منصور عن مجاهد: ان عمر بن الخطاب قال: يا اهل مكة، لا تتخذوا لدوركم ابوابا لينزل البادى حيث يشاء. قال: و اخبرنى منصور، عن مجاهد: نهى عن اجارة بيوت مكة و بيع رباعها. قال: و اخبرنى معمر و اخبرنى بعض اهل مكة قال: لقد استخلف معاوية و ما لدار بمكة باب.

[المصنف: ج 5، ص 147، ح 9211.]

غير ان كون هذه الحالة فى مكة لا يعنى باى حال وجودها فى بقية الاماكن فى شبه الجزيرة و خصوصا مع تصريح الاحاديث بوجود الابواب فيها، بل يستشف من نفس هذين الحديثين و غيرهما من احاديث هذا الباب ان هذه الحالة كانت من مختصات بيوت مكة، اذ لو لم يكن الامر كذلك لما كان اى داع لتخصيصها بالذكر.

الاستشهاد بقصة زنا المغيرة:


ثم ان «فضل الله» لتثبيت شبهة عدم وجود الابواب ايد كلامه بشاهدين:

الشاهد الاول: حديث الستار على باب بيت فاطمه عليهاالسلام، و قد تعرضنا له قبل قليل.

الشاهد الثانى: قصة زنا المغيرة بن شعبة الذى افتضح امره لانكشاف الستار عن الدار التى زنى فيها بام جميل.

[راجع تفصيل هذه الواقعة بمصادرها، كتاب الغدير: ج 6، ص 137- 144.]

و قد ارتكب «فضل الله» عدة مغالطات بهذا الاستشهاد، فهو اولا قد استشهد بقصة دارت فى زمن عمر بن الخطاب و فى الكوفة مع ان محل البحث هو زمن النبى صلى الله عليه و آله و فى المدينة، اى انه قياس مع فارق الزمان و المكان، و لو كان يصح الاستدلال بكل ما

روى و فى اى زمان و مكان لصح لنا الاستشهاد مثلا بما رواه الكلينى فى فروع الكافى بسند موثق عن على بن ابراهيم، عن ابيه، عن النوفلى، عن السكونى، عن ابى عبدالله عليه السلام: «ان اميرالمؤمنين عليه السلام رفع اليه رجل استاجر رجلا يصلح بابه فضرب المسمار فانصدع الباب فضمنه اميرالمؤمنين».

[الوسائل: ج 13، ص 274، ح 10.]

ان مثل هذا الاستشهاد مع وضوح بطلانه وضعفه ليكشف عن شى ء من المستوى العلمى ل«فضل الله»، فمن ينقب عن ادلته يجدها فى مهب الريح و اهون من بيت العنكبوت، و لذا كان من الضرورى الانتباه الى ان قيمة الراى ليس فى اسلوب الخطابة و لا فى استخدام الكلمات الطنانة بل فى متانة الدليل، فهو الميزان و المقياس فى تقويم الآراء.

اما ثانيا: فانه بعد الرجوع الى المصادر التى تطرقت لذكر قصة زنا المغيرة بن شعبة بام جميل لم نجد فيها ما يدل على عدم وجود الابواب بل فيها دلالة معاكسة، فالطبرى يذكر قصة مشاهدة المغيرة متلبسا بالزنا ضمن احداث سنة 17 ه كما يلى:

«كان الذى حدث بين ابى بكرة و المغيرة ان المغيرة كان يناغيه، و كان ابوبكرة ينافره عند كل ما يكون منه، و كانا بالبصرة، و كانا متجاورين بينهما طريق، و كانا فى مشربتين متقابلتين لهما فى داريهما فى كل واحدة منهما كوة مقابلة الاخرى،

[المشربة: الغرفة، و الكوة: الخرق فى الحائط و الثقب فى البيت و نحوه، و هو هنا بمعنى النافذة، راجع لسان العرب: ج 1، ص 491؛ ج 15، ص 236.] فاجتمع الى ابى بكرة نفر يتحدثون فى مشربته، فهبت ريح ففتحت باب الكوة، فقام ابوبكرة ليصفقه، فبصر بالمغيرة- و قد فتحت الريح باب كوة مشربته- و هو بين رجلى امرأة... الخ».

[تاريخ الطبرى: ج 2، ص 493 ط الكتب العلمية.] فهذه الرواية ليس فيها ذكر لستار، بل تتحدث عن باب الكوة، و ان منشا مشاهدة المغيرة هو انفتاح باب الكوة بسبب الريح مما يعنى انه لم يكن محكم الاغلاق بمزلاج ونحوه، و يفهم من الرواية ايضا القرب ما بين الغرفتين المتقابلتين من البيتين، و بالتالى ضيق الطريق الفاصل بين البيتين.

اما رواية البيهقى فتقول: «ان ابابكرة و زيادا و نافعا و شبل بن معبد كانوا فى غرفة، و المغيرة فى اسفل الدار فهبت ريح ففتحت الباب و رفعت الستر فاذا المغيرة بين رجليها... الخ».

[السنن الكبرى: ج 8، ص 235، عنه الغدير: ج 6، ص 137، و ذكر فى هامش ص 139 بعض المصادر الاخرى فليراجع.] و هذه الرواية و ان ذكرت وجود الستار لكنها اكدت وجود الباب ايضا، و نفس تعددهما دليل على الغيرية؛ اذ لو كان الستار و الباب بمنزلة واحدة لم يكن داع للتكرار و خاصة مع تباين التعبير بينهما بالفتح المناسب للباب والرفع المناسب للستر، و يؤيد وجود الباب فى البيت الذى مورست فيه الفاحشة ان من يريد ان

يرتكب الزنا يعمد الى اختيار الاماكن المستورة فلا يعقل ان يفعل ذلك مثلا امام مدخل بيته حيث لا يكون مانع لرؤيته سوى ستار قد يرفعه الطفل الصغير!

يحسن بنا الوقوف هنا لملاحظة الاسلوب الذى اتخذه «فضل الله» فى اثارته التشكيك بغرض انكار وجود الابواب و بالتالى انكار ما وقع على الزهراء عليهاالسلام من الجرائم المتصلة بوجود الباب كاحراقه مثلا، فهو يقول: «السنة يقولون، مش السنة، الدكتور سهيل زكار هذا ناقش رسالة حسن جابر المنتصر من هذا المنطلق، استاذه هو، استاذ التاريخ فى جامعة دمشق، هذا بيقول انه فى المدينة فى ذلك الوقت ما فيه ابوابه، كان ستائر، و عنده ادلة، انا ناقشته، قلت له: و لكن فيه جذوع النخل، قال لى: جذوع كانوا يعملونها (ابوابا و لكن) اخيرا هذا (قد حصل)، يقول: اساسا ما فيه هناك (ابواب)، حتى فى سنن ابى داود فيه شى ء موجود، هساع ما جا نقول حقيقة، ولكن اريد اقول لو فرضنا جاءك نص لغوى او تاريخى، يقول لك ان المسالة انه فى المدينة ما كان فيها الا برادى»، فهو يثبت شيئا فى البداية و ينسبه الى غيره موحيا بقوته حيث ان له ادلته! و لكنه لا يريد تحمل مسؤوليته فى نفس الوقت فيما لو نوقش فى كلامه و لذا لا يثبت انها حقيقة، و بعد ذلك يسعى الى ان يؤسس تشكيكه على ما اعتبره افتراضا فيدعمه بقوله: «و هذا ايضا فيه شواهد»!

فانظر- اخى المؤمن- الى اسلوب المناورة و التحايل و التلاعب بالالفاظ لزرع الشك فى قلب المستمع على اساس الظن و الاحتمال الخاطى، و حقا ما قيل ان هذا لهو الفن الذين يحسن «فضل الله» اتقانه، فلا اظن ان «فضل الله» يعتبر الدكتور سهيل زكار اعلى منه رتبة بحيث لا يستطيع ان يفند رايه و يدلى برايه فيما قاله (هذا اذا كان ما نسب الى الدكتور صادرا عنه بالفعل، اذ يقال انه نفاه و تنكر له!)، فما معنى ان يقول ان «عنده ادلته» رغم مناقشته اياه؟! فاما ان يقبل الادلة او يرفضها، اما ان يعلق الامر بين الاثبات و النفى- «كراكب اثنين»- على اساس ان هناك وجهة نظر فهذا يدعو للشك بان فى نفس المشكك امرا يخفيه! فكيف اذا اجتمع هذا مع نفى الدكتور سهيل زكار لما نسبه اليه «فضل الله»؟! «و نجارها نارها».

جواب الشبهة الثانية


و لابد فى البداية الى التنبيه على امر و هو ان «فضل الله» اخذ يستند فى تشكيكه فى كل ما جرى على الزهراء عليهاالسلام من الظلم على كلام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، بالرغم من ان الشيخ كاشف الغطاء انحصر تشكيكه فى خصوص الضرب على الوجه المستلزم للمس بدن الاجنبى لجسمها الشريف الطاهر، فعبارته صريحة فى قبول بعض ما جرى عليها من اعتداء، فهو يقول: «و كل تلك الفجائع و الفظائع و ان كانت فى غاية الفظاعة و الشناعة و من موجبات الوحشة و الدهشة و لكن يمكن للعقل ان يستسيغها، وللافكار ان تتقبلها و تهضمها، و لا سيما و ان القوم قد اقترفوا فى قضية

الخلافة و غصب المنصب الالهى من اهله ما يعد اعظم و افظع...، و اما قضية قنفذ و ان الرجل لم يصادر امواله كما صنع مع سائر ولاته و امرأته و قول الامام على عليه السلام: انه شكر له ضربته، فلا امنع من انه ضربها بسوطه من وراء الرداء، و انما الذى استبعده او امنعه هو لطمة الوجه»، بل عباراته تفيد التاكيد على ظلمها فيما عدا ما شكك فيه، فهو يقول: «طفحت و استفاضت كتب الشيعة من صدر الاسلام فى القرن الاول: مثل كتاب سليم بن قيس و من بعده الى القرن الحادى عشر و ما بعده و الى يومنا، كل كتب الشيعة التى عنيت باحوال الائمة وابيهم الآية الكبرى و امهم الصديقة الزهراء صلوات الله عليهم اجمعين و كل من ترجم لهم و ألف كتابا فيهم، اطبقت كلمتهم تقريبا او تحقيقا فى ذكر مصائب تلك البضعة الطاهرة، انها بعد رحلة ابيها المصطفى ضرب الظالمون وجهها، و لطموا خدها حتى احمرت عينها و تناثر قرطها، و عصرت بالباب حتى كسر ضلعها و اسقطت جنينها، و ماتت و فى عضدها كالدملج، ثم اخذ شعراء اهل البيت عليهم السلام هذه القضايا و الرزايا، و نظموها فى اشعارهم و مراثيهم و ارسلوها ارسال المسلمات».

و لوضوح كون محط اعتراض الشيخ كاشف الغطاء ما ذكرناه علق شهيد المحراب الاول السيد القاضى الطباطبائى عند قول كاشف الغطاء «لو ضربها من وراء الثياب او على عضدها» بما يلى:

«يظهر من هذا الكلام ان مراد شيخنا الامام (رحمه الله) من اول هذا المقال الى آخره هو استبعاد ان تصل يد اثيمة من اجنبى الى بدن الصديقه الطاهره و وجهها عليهاالسلام بالضرب و اللطم، و هذا الاستبعاد فى محله، فانه لا يمكن ان يصل اجنبى الى بدنها قطعا، و اما الضرب من وراء الثياب و الرداء فلا استبعاد فى ذلك فى نظره رحمه الله، كيف و قد طفحت و استفاضت كتب الشيعة من صدر الاسلام الى اليوم و اطبقت كلمتهم على انها ضربت بعد ابيها حتى كسر ضلعها و اسقطت جنينها و ماتت وفى عضدها كالدملج».

[جنة الماوى: ص 137.]

و لا اظن انه سيعارضهما فيما قالاه احد، فقد جاء فى بعض روايات الاعتداء ما يشهد لذلك، و من ذلك ما روى عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: «وصفقة عمر على خدها حتى ابرى قرطها تحت خمارها فانتثر، و هى تجهر بالبكاء تقول: يا ابتاه يا رسول الله، ابنتك فاطمه تضرب و يقتل جنين فى بطنها و تصفق، يا ابتاه و يسقف خد لها كنت تصونه من ضيم الهوان يصل اليه من فوق الخمار، و ضربها بيده على الخمار لتكشفه... الخ».

[الهداية الكبرى: ص 407.] فهذا النص لا يدع اى مجال للترديد او الشك فى انها عليهاالسلام لم يمس بدنها الشريف ظفر اجنبى، و انما كان الضرب من فوق الحجاب و الخمار.

انكار و تشويه...!


و لكن مؤلف «هوامش نقدية» سعى الى انكار امر و التشويه على امر آخر من كلام الشيخ كاشف الغطاء (قدس سره)، فقد انكر ان يكون فى كلامه ما يشير الى تحقق الاجماع حول ما جرى على الزهراء عليهاالسلام، فقد قال: «اما دعوى الاجماع الذى ذكرها الشيخ كاشف الغطاء كما يقول مرتضى العاملى فلا عين لها و لا اثر فى كلماته».

[هوامش نقدية: ص 74.]

و لكن من يراجع عبارة كاشف الغطاء يجد فيها ذلك، اذ ليست هناك خصوصية لاستخدام لفظ الاجماع بل يتحقق بكل لفظ يؤدى معناه، و مما يشهد بهذا المعنى قوله: «طفحت و استفاضت كتب الشيعة... كل كتب الشيعة... اطبقت كلمتهم تقريبا او تحقيقا فى ذكر مصائب تلك البضعة الطاهرة، انها بعد رحلة ابيها المصطفى ضرب الظالمون وجهها... ثم اخذ شعراء اهل البين عليهم السلام هذه القضايا و الرزايا، و نظموها فى اشعارهم و مراثيهم و ارسلوها ارسال المسلمات»، ففى كلامه اقرار بالاستفاضة فى كل كتب الشيعة بل اطباق الكلمة و ارسال شعراء اهل البيت عليهم السلام ذلك ارسال المسلمات، و هو و ان قال: «اطبقت كلمتهم تقريبا او تحقيقا»، و لكن مع ملاحظة قوله: «كل كتب الشيعة» يعلم انه لم يكن مخالف فى البين، و الاطباق التقريبى لا يعنى وجود المخالف بالضرورة اذ قد يشمل عدم التعرض لذلك ايضا و كما فعل ذلك الاربلى على سبيل المثال فى كشف الغمة، وقد ذكرنا انه كان يستخدم التقية فى كتابه.

ثم لو افترضنا ان كلام كاشف الغطاء لا يدل على تحقق الاجماع فان هذا لا يقلل من قيمة الاستفاضة، و هو اقل ما يمكن ان يكون مستفادا من كلامه، و قد مر بنا فى مبحث منزلة الزهراء عليهاالسلام الى ان السيد الخوئى ذهب الى توثيق عبدالله بن عباس لمجرد استفاضة الاخبار المادحة له مع اقراره بان جميع الروايات المادحة ضعيفة سندا.

ضابط قبول المستفيض:


قال مؤلف هوامش نقدية: «هذا على ان استفاضة و مشهورية الاخبار لا تعنى بالضرورة قبولها بلا مناقشة و الا لزم قبول الروايات المستفيضة التى تحدثت عن تحريف القرآن الكريم، و هى روايات بلغت من الشهرة ان رواها السنة و الشيعة، فهل يلتزم به السيد المرتضى؟! ارجو ان لا يضطر منهج السيد مرتضى قبوله بهذه الاخبار!».

[هوامش نقدية: ص 41.]

و هذا الاعتراض فى غاية الوهن؛ لان المناط فى الاخذ بالمستفيض لما يبعث على الاطمئنان بصحة مضمون ما ورد و ان كان باسانيد ضعيفة، و نفس الامر ينطبق بالنسبة للتواتر فانه لو فرضنا ان الاحاديث المادحة لابى بكر و عمر قد بلغت حد الاستفاضة او التواتر فهذا لا يعنى قبولها لانه قد حصل العلم و من خلال ادلة اخرى واضحة و نصوص صحيحة كثيرة ان واقع امرهما ليس لذلك، فينتفى تحقق العلم و الاطمئنان

من كثرة الاحاديث المادحة لهما، و نفس الامر ينطبق بالنسبة للروايات الدالة على تحريف القرآن، اذ قامت ادلة قاطعة موجبة للعلم تؤكد عدم وجود التحريف فيه، و لذا فيعرض عن جميع ما ورد مما يدل على التحريف، و بناء على ذلك فقد يبلغ عدد بعض الروايات على امر ما بحيث لو كانت لوحدها لحصل العلم بها و لكن ترد روايات بنفس الكثرة تخالفها، و حينها لا يتحقق العلم بالتواتر فيهما و لابد من الفحص عن الواقع من خلال ادلة و قرائن و شواهد اخرى.

اذن الاصل فى المستفيض و المتواتر الاخذ به ما لم يحصل قباله دليل علمى مثل تحقق استفاضة او تواتر يخالفان مضمون الاول، و ليس المقام فيما نحن فيه من هذا القبيل؛ اذ لم يرد دليل قاطع ينفى حصول الاعتداء على الزهراء عليهاالسلام، و لا يمكن رد المستفيض لمجرد عروض شبهة سخيفة او علامة استفهام سقيمة، و منشا هذا الخبط هو جهل مؤلف «هوامش نقدية» بضابطة قبول الاخبار، «و قد ضل من كانت العميان تهديه».

التخليط لتضييع الحقيقة:


اما الامر الآخر الذى حاول تشويهه فهو محاولة الخلط بين موضع تشكيك الشيخ كاشف الغطاء و هو خصوص الضرب على الوجه المستلزم للمس يد الاجنبى لوجه الزهراء عليهاالسلام و بين بقية ما جرى عليها، و قد استشهد على ذلك بقوله: «و لكن قضية ضرب الزهراء و لطم خدها مما لا يكاد يقبله وجدانى و يتقبله عقلى ...»، ثم علق قائلا: «و هى صريحة فى موقفه تجاه الاخبار المشار اليها».

[هوامش نقدية: ص 41.] و قد افصح عن محاولة التخليط الفاشلة حينما انكر بعض مظاهر التعدى على الزهراء عليهاالسلام عبر التفصيل فى تلك المظاهر، مستغلا تفصيله فى تضييع بعض تلك المظاهر و اخفاء الحقيقة، فقد قال: «لان موضوع النزاع- فيما اعلم- ليس هو غصب فدك او محاولة دخول دار فاطمه او دخوله فعلا او محاولة الاحراق او الاحراق فعلا، او انتهاك حرمة على عليه السلام... فان ذلك كله مما لا يختلف فيه اثنان لا من الشيعة و لا من غيرهم. انما البحث فى ضربها و بالطريقة التى تصورها بعض الروايات بطريقة مذلة مهينة لم يتقبلها وجدان و عقل كاشف الغطاء و غيره لا تبرئة منهم للظالمين بل احتراما لمقام و قدسية الزهراء عليهاالسلام. هذا و ان الذى ناقش فى ذلك لا ينكر وجود الروايات بل و شهرتها ليقال له ان الروايات مشهورة و قد اشتملت عليها كتب الاصحاب، بل يناقش فى مدى صحتها او الوثوق بها، و فى خصوص الاعتداء بالضرب تحديدا، لا فى غيره من مظاهر الاعتداء الاخرى، و كفى بواحدة منها اساءة و جراة على مقام بيت العصمة عليهم السلام. و خير شاهد يدعم ما اقول هو موقف الشيخ كاشف الغطاء الذى استبعد وقوع الضرب على الزهراء عليهاالسلام مع انه اشار الى شهرة هذا الحادث روائيا و اشتمال كتب الاصحاب عليه، و لا تلازم بين الشهرة الروائية و الوثوق بها.

نعم يتوقف انكار امكانية المناقشة على دعوى التواتر الذى يوجب العلم، فلا يبقى معه مجال للانكار و المناقشة. و الظاهر انه ليس ثمة ما يشير الى تواتر الرواية بخصوص الاعتداء بالضرب».

[هوامش نقدية: ص 29.]

و يجاب عن هذه المزاعم بالآتى:

1- ذكرنا فى فصل دخول بيت الزهراء ان تحديد موضع النزاع بضرب الزهراء عليهاالسلام يتنافى مع تشكيكات صاحبه حول دخول البيت و احراقه.

2- انه سعى الى تعويم كلام كاشف الغطاء بالخلط بين عدم تقبل خصوص لطم الوجه المستلزم للمس يد الاجنبى و بنى مطلق الضرب من غير تفصيل بين انواعه، فلاحظ قوله: «بل يناقش فى مدى صحتها او الوثوق بها، و فى خصوص الاعتداء بالضرب تحديدا»، و قوله: «و خير شاهد يدعم ما اقول هو موقف الشيخ كاشف الغطاء الذى استبعد وقوع الضرب على الزهراء عليهاالسلام»، و قوله: «و الظاهر انه ليس ثمة ما يشير الى تواتر الرواية بخصوص الاعتداء بالضرب».

3- انه تغافل عن بقية انواع الاعتداء فى كلامه و هى اهمها مثل كسر الضلع و اسقاط الجنين، و تطرق اليها بشكل ملتو، فهو من جهة لا يذكر كسر الضلع و اسقاط الجنين فى جملة كلامه عند تحديد موضع النزاع و يضع نقاطا (..) فى كلامه بعد قوله: «او انتهاك حرمة على عليه السلام»، ثم يقول بعد ذلك: «... بل يناقش فى مدى صحتها او الوثوق بها، و فى خصوص الاعتداء بالضرب تحديدا، لا فى غيره من مظاهر الاعتداء الاخرى»، من غير اى تعرض لمسالة كسر الضلع و اسقاط الجنين.

فان كان يقصد من «مظاهر الاعتداء الاخرى» ما يشمل كسر الضلع و اسقاط الجنين فهذا حجة عليه، لان اسقاط الجنين لم يكن ليحصل لو لا ضربهم للزهراء عليهاالسلام، و هل يفرق فى صدق الضرب بين كونه باليد او السوط او برفسة الرجل او باللكز بنعل السيف؟! اعينونا ايها المتبحرون فى اللغة العربية! اما ان كان قاصدا لغير ذلك فهذا شكل من اشكال التدليس و تشويه الحقيقة.

جواب الشبهة بعد التسليم بالقصد:


اما اذا كان مقصود الشيخ كاشف الغطاء- على سبيل الفرض- هو قبح ضرب المرأة بمطلق انواع الضرب سواء لطم الوجه المستلزم للمس يد الاجنبى او غيره كضربها بالسوط و بالتالى انكار ضرب الزهراء عليهاالسلام بجميع انواع الضرب باعتبارها واحدة من النساء، فانه يمكن الجواب عن هذا الكلام بامور:

1- ان الاساس الذى اعتمد لتثبيت هذه العادة هو ما جاء فى نهج البلاغة من قول اميرالمؤمنين عليه السلام لعسكره قبل لقاء العدو بصفين: «و لا تهيجوا النساء باذى و ان شتمن

/ 42