حوار مع فضل الله حول الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حوار مع فضل الله حول الزهراء - نسخه متنی

سید هاشم هاشمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


قال: «هو نبيهم، هو استاذ على الذى هو استاذهم و سيدهم، النبى لا يرقى اليه احد حتى على بن ابى طالب، هو افضل ولد آدم، و هو سيد ولد آدم، ثم يا جماعة هذا النوع من الاسئلة التى هى مال ترف فكرى سخيف، لو فرضنا اننا فهمنا ان النبى افضل او انهم افضل، او مثل ما يقولون الانبياء افضل ام الامام على افضل؟ السيدة الزهراء افضل ام السيدة مريم افضل؟ ذاك علم لا ينفع من علمه و لا يضر من جهله، اذا كنتم تريدون ان تختلفوا اختلفوا فى القضايا التى ترتكز على الجانب العقيدى الذى اذا جهلتموه خسرتم و اذا عرفتموه ربحتم، او الجانب الشرعى او الجانب السياسى، ان مثل هذا يمثل حالة الترف الفكرى السخيف... اذ يمكن ان يكون بعض الترف الفكرى فيه قليل فائدة، اما هذا فهو ترف فكرى سخيف و يدل على تخلف، و يدل على ان هناك اناسا بلا عمل، ما عندهم شغل الا الكلام فى هذا الامر، انا دائما كنت اقول للناس الذين يقولون الامام على افضل ام الانبياء افضل؟ السيدة الزهراء افضل ام السيدة مريم افضل؟ كنت اقول: الجماعة غير مختلفين مع بعضهم، فلماذا نخلف (نفرق) بينهم؟ كلهم عندالله سبحانه غير مختلفين مع بعضهم، فنحن ندخل الان و نقوم و نخلف بينهم، على اى اساس؟».

سؤال: ماذا تقصدون بالترف الفكرى...؟

الجواب (فى العدد 21 من مجلة الموسم): «الترف الفكرى هو الفكر الذى ليس فيه جانب يتصل بالعقيدة. مثل واحد ياتى و يتحدث عن الملائكة كيف هى؟ كم جناح لها؟ كيف يطيرون؟ او فى القبر كيف ياتى منكر و نكير مثلا؟ او يتحدثون ان الزهراء عليهاالسلام افضل او مريم افضل؟ الائمة افضل او الانبياء افضل؟... بالنسبة للائمة يكفى ما يجعلنا ان نعتقده فيهم هو انهم خلفاء رسول الله صلى الله عليه و آله و اوصياؤه. اما انهم افضل من الانبياء او الانبياء افضل منهم... المقصود من الترف الفكرى انما هو الافكار التى يدار الحديث عنها مما لا يتصل بالجانب العلمى للانسان و لا بالجانب العقيدى، يعنى بعض الناس كل افكارهم فى الليل و النهار بانه اذا ظهر صاحب الزمان (عج) ماذا يفعل؟ كيف يجاهد؟ كم عدد الناس؟».

سؤال: احيانا تجيبون على بعض الاسئلة بقولكم بالقول المشهور: «هذا علم لا يضر من جهله و لا ينفع من عمله»، فلماذا؟

الجواب فى العدد 38 من نشرة «فكر وثقافة»: «الواقع ان هذه الكلمة ليست لى و انما هى للنبى صلى الله عليه و آله على ما روى فى كتاب «الكافى» انه عندما دخل النبى صلى الله عليه و آله المسجد فراى قوما مجتمعين حول شخص فقال: ما هذا؟ فقالوا: علامة، فقال: و ما العلامة؟ قيل: اعرف الناس باخبار العرب و اشعارها و غزواتها، قال: ذاك علم لا ينفع من علمه و لا يضر من جهله، انما العلم آية محكمة و فريضة قائمة و سنة متبعة، اى ان النبى صلى الله عليه و آله كان يقول لتكن اهتماماتكم فيما تتعلمونه بما يتصل بمسؤولياتكم و هى عبارة

عن الآية المحكمة التى تمثل المسؤوليات الفكرية و العقيدية و المنهجية، و الفريضة القائمة و هى الواجبات، و السنة المتبعة و هى الاشياء التى حث الله و رسوله على العمل بها. و لذلك نحن نتحدث فى كثير من الحالات فى بعض القضايا على اساس انها مسائل متنازع بشانها و هى ليست القضايا الاساسية، ففى قضية التفاضل بين الزهراء عليهاالسلام و مريم قد يقول قائل هل ان الزهراء عليهاالسلام افضل او ان السيدة مريم عليهاالسلام، و يرجع الى الاحاديث التى تقول ان الزهراء عليهاالسلام افضل نساء العالم، لكننا نقول بان هذا الجدل لا يتصل بالعقيدة، و لو ثبت فليس محلا للنزاع، فنحن نعظم السيدة مريم عليهاالسلام و نعظم السيدة الزهراء عليهاالسلام، و قضية ان هذه افضل او تلك افضل و ان وردت فيها احاديث فهى ليست من الامور التى ينبغى ان نتنازع فيها مع وجود اشياء كثيرة تتصل بعقائدنا و شريعتنا، حيث ينبغى ان تكون اهتماماتنا الاولى هى فيما نحتمل مسؤوليته فى عالم العقيدة و فى عالم الشريعة و فى المنهج و الواقع، فهذه امور قد تكون لها حقائق و لكن ليس من الضرورى ان نجعل نزاعنا و خلافنا فيها، و هذا هو المقصود من قول الرسول صلى الله عليه و آله الذى اشار اليه».

سؤال (ان الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساءالعالمين)، كيف نعلم ان السيدة الزهراء صلوات الله عليها هى سيدة نساءالعالمين؟

الجواب (فى الشريط المسجل): «هناك حديث ان مريم سيدة نساء عالمها باعتبار ان الله اصطفاها، و ان فاطمة سيدة نساءالعالمين، و يمكن اثنينهم (كلاهما) يكونان سيدات نساءالعالمين، ما فى (لا توجد) مشكلة، يعنى الان يمكن فاطمة سيدة نساءالعالمين و مريم سيدة نساءالعالمين، و انا غالبا - ترى هذه الاسئلة - يعنى اقول الجماعة غير مختلفين، نحن نخلف (نفرق) بينهم ليش لماذا؟ الان فاطمة طاهرة مطهرة، و مريم طاهرة مطهرة و هما فى مواقع القرب عند الله، هساع (الان) هم غير مختلفين، هساع نحن نكون (نقول) ان فاطمة افضل او مريم افضل، هذه كانت افضل او مو (لم تكن) افضل، هذه سيدة النساء؟! يعنى هذه ليس دخيلا فى العقيدة... و هذا شى ء موجود عند العلماء يتكلمون فيه، و لكن ليس هو (يجب ان) نهتم بالقضايا التى تمس اس العقيدة، اقول يمكن حل الانثين ان نقول ان فاطمة سيدة نساءالعالمين و ان مريم سيدة نساءالعالمين، الحسن و الحسين سيدا شباب اهل الجنة، الحسن سيد شباب اهل الجنة و الحسين سيد شباب اهل الجنة، و هما سيدا شباب اهل الجنة، و هما ايضا سيدتا نساءالعالمين، و بذلك ما نخرب علاقاتهم مع بعضهم». و قال فى موضع آخر من الشريط المسجل: «هناك مفردات صغيرة جدا فى حياتها كزوجة و فى حياتها كام، حتى نشاطها داخل المجتمع الاسلامى كان فى التاريخ محدودا برواية او روايتن، ثم نلاحظ ان التاريخ يفيض فيما لا نحتاجه فى مسالة زواجها و الجوانب الغيبيه فى زواجها فيما تحتفل به السماء و فيما الاحتفالات التى حدثت هناك و ما الى ذلك».

سؤال: بماذا نرد على من يقول ان الصديقة الطاهرة لم تر الدم؟

الجواب (فى الشريط المسجل): «هذا كما يقول بان الشمس غير طالعة فى وضوح النهار، فنحن نعلم ان الزهراء عليهاالسلام ولدت الحسن و الحسين كما ولدت زينب و ام كلثوم كذلك، الا ان هذا الكلام كلام سخيف جدا و لا يحتاج الى رد، فهذا امر، علم لا يضر من جهله و لا ينفع من علمه، فسواء كانت ترى دما او ليست ترى دما فانه ان اتاها الدم لا ينقص من قدرها، و عدم رؤية الدم لا يعتبر فضيلة كبرى من فضائلها».

سؤال: خلق الله نور فاطمة قبل ان يخلق الارض و السماء، ما رايكم بهذا الحديث، بعض الاخوة و الاخوات اعتراض عليه و قالوا بانه غير مسند؟

الجواب (فى الشريط المسجل): «طبيعة الحال، هكذا احاديث قد لا تفهم فهما كاملا لانها من احاديث الغيب، و قد يناقش بعض الناس فى اسانيدها».

و فى تعليقه على سؤال وجه لاية الله العظمى الميرزا التبريزى، هذا نصه: شكك احدهم بالروايات الواردة فى كون نور فاطمة عليهاالسلام قد خلق قبل ان يخلق الله الارض و السماء، ما رايكم بذلك؟ علما ان التشدد السندى لا يخرج بعض الروايات من دائرة الاعتبار، كما نرى ذلك فى رواية سدير الصيرفى التى يذكرها الشيخ الصدوق فى معانى الاخبار (ص 396، باب نوادر المعانى، ح 53).

جواب الميرزا جواد التبريزى: «بسمه تعالى: ورد فى بعض النصوص و منها المعتبر ان النبى صلى الله عليه و آله و آله المعصومين و منهم الزهراء عليهاالسلام كانوا موجودين باشباحهم النورية قبل خلق آدم عليه السلام و خلقتهم المادية متاخرة عن خلق آدم كما هو واضح، و الله العالم».

تعليق «فضل الله» فى الجواب السادس: «نحن لا نمانع (حديث الانوار) اذا ثبت بحجة شرعية. الا ان الحجية اذا كانت ثابتة بطريقة تعبدية - كما يرى بعض العلماء فى حجية الخبر الواحد بانها ثابتة بالتعبد - حينئذ لابد ان يكون لهذه الحجية اثر شرعى. و عليه فلابد - وفق وجهة النظر هذه - من تحصيل القضايا المتصلة بالعقائد و تفاصيلها بالقطع او الاطمئنان لعدم ترتب اثر تعبدى عليها. لكن بناء على راينا فى ثبوت الحجية ببناء العقلاء، فان مقتضاه ثبوت الامور الشرعية و غير الشرعية بالخبر الموثوق به نوعا».

و وفقا لكلام فضل الله الذى جاء فى اجاباته يمكن تقسيم البحث الى اربع مسائل :

المسالة الاولى: هل البحث فى التفضيل يعتبر من الترف الفكرى؟

المسالة الثانية: هل السيدة الزهراء عليهاالسلام افضل من السيدة مريم؟ و هل الجمع الذى طرحه فى كونهما سيدتا نساءالعالمين صحيح؟

المسالة الثالثة: هل ان فاطمة بتول طهرها الله مما هو معتاد فى باقى النساء؟

المسالة الرابعة: هل هناك احاديث تدل على نور فاطمة و خلقتها النورية؟ و هل هى ثابتة ام لا؟ و ما معناها؟

و بما ان موضوع المسالة الرابعة مرتبط بالبحث فى انوار اهل البيت عليهم السلام، لذا او كلنا البحث فيها الى كتاب لا حق سياتى (بحول الله و قوته)، و يبقى الكلام فى المسائل الثلاثة المتبقية.

و قبل الدخول فى تفاصيل البحث حول مرتكزات كلامه و مناقشتها ضمن الفصول التالية، كان من الضرورى التنبيه الى ان البحث فيها و انتقادها، خاصة فيما يتعلق بمبحث منزلة الزهراء و مصحف فاطمة عليهاالسلام، يستوجب التعرض لاسانيد الروايات، لذا كان من اللازم الاشارة الى اننا التزمنا آراء السيد الخوئى (قدس سره) فى التوثيق و التضعيف، حتى تكون حجتنا على صاحب الراى الاخر ابلغ و اتم مع الاشارة غالبا الى وجود راى آخر فى الرواة المختلف فى امرهم، و ذلك لاننا لا حظنا ان فضل الله حاول و فى اكثر من مناسبة ان يصور اتحاد رايه مع راى السيد الخوئى (قدس سره) ليضفى انطباعا عن عمق آرائه و دقتها رغم ان الدقة ليست فى الاتحاد فى الراى بل فى نوعية الاستدلال و متانته، هذا بالاضافة الى ان المذكور كان على طرف نقيض من آراء السيد الخوئى (قدس سره) بحيث عد بعض الاراء التى ذهب سماحته حد تحقق العلم فيها، عدها فضل الله من الكلام السخيف! كما سياتى فى مبحث طهارة الزهراء عليهاالسلام.

و جدير بالذكر ان السيد الخوئى كان يقول بتوثيق كل من جاء اسمه فى اسناد كتاب كامل الزيارات لابن قولويه سواء من روى عنهم مباشرة ام بواسطة الا ان يكون له معارض، و لكنه تراجع عن هذا القول قبل وفاته، و ذهب الى توثيق من يروى عنهم ابن قولويه مباشرة، و هذا هو نص السؤال الذى وجه الى سماحته و جوابه عليه:

سؤال: ذكرتم سيدى فى الجزء الاول من معجمكم القيم فى رجال الحديث انكم تعتمدون على رواة على بن ابراهيم فى تفسيره - ما لم يتعارض مع غيره - و قد ورد فى هذا التفسير من جملة من ورد القاسم بن محمد، و الاصفهانى يختلف بنظركم عن الجوهرى، فالاول لم يوثق و الثانى ورد فى اسانيد كامل الزيارات فهو موثق، و قد ذكرتم فى الجزء الرابع عشر الصفحة 56 انهما يشتركان فى رواية على بن محمد القاسانى و رواية ابراهيم بن هاشم عنهما، و روايتهما عن سليمان بن داود المنقرى، فكيف تميزون بينهما فى الروايات المشتركة؟ و هل هناك قرينة تبين انه الجوهرى او الاصفهانى او هى مجملة فلا يمكن الاعتماد عليها؟

الجواب: «اما بالنسبة الى من ورد فى اسانيد كامل الزيارات فقد راينا اخيرا اختصاص التوثيق بخصوص المشايخ المروى عنهم بلا واسطة، و عليه فلم تثبت وثاقة الجوهرى ايضا، و اما التمييز فى الروايات المشتركة باشتراك الراوى و المروى عنه - على تقدير وثاقة الجوهرى - فهو منتف طبعا فتسقط الرواية عن الاعتبار».

[صراط النجاة: ج 2 ص 457.

قيمة المعرفة


عقد الشيخ الصدوق بابا خاصا فى كتابه «عيون اخبار الرضا عليه السلام» تحت عنوان «ما جاء عن الرضا عليه السلام فى الايمان و انه معرفة بالجنان و اقرار باللسان و عمل بالاركان» اورد فيه ستة احاديث بهذا المضمون، و نكتفى بذكر واحدة منها لما لها علاقة بمحل بحثنا فى هذه المسالة.

قال الشيخ الصدوق: حدثنا حمزة بن محمد بن احمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن على بن الحسين بن على بن ابى طالب عليهم السلام بقم فى رجب سنة تسع و ثلاثين و ثلاثمائة، قال: حدثنى ابوالحسن على بن محمد البزاز، قال: حدثنا ابواحمد داود بن سليمان الغازى، قال: حدثنا على بن موسى الرضا عليهم السلام، قال: حدثنى ابى موسى بن جعفر، قال: حدثنى ابى جعفر بن محمد، قال: حدثنى ابى محمد بن على الباقر، قال: حدثنى ابى على بن الحسين، قال: حدثنى ابى الحسين بن على، قال: حدثنى ابى اميرالمؤمنين على بن ابى طالب عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «الايمان اقرار باللسان و معرفة بالقلب و عمل بالاركان».

قال حمزة بن محمد العلوى (رضى الله عنه)، و سمعت عبدالرحمن بن ابى حاتم يقول: وسمعت ابى يقول: و قد روى هذا الحديث عن ابى الصلت الهروى عبدالسلام بن صالح، عن على بن موسى الرضا عليه السلام مثله. قال ابوحاتم: لو قرى ء هذا الاسناد على مجنون لبرا.

[عيون اخبار الرضا: ج 1، ص 227، ح 5،. و كذلك روى مثله فى معانى الاخبار: ص 186، ح 2. و راجع ايضا امالى الطوسى: ص 36، ح 39، ص 448، ح 1001 - 1004 ط دار الثقاقة).

و هذا الحديث يؤكد على ان قوام الايمان على ثلاثة امور هى: التصديق و العقد القلبى، و الاقرار او التلفظ باللسان، و العمل.

و مما لا شك فيه ان الايات و الروايات قد اطبقت على ضرورة عدم الانفكاك بين الاعتقاد القلبى و العمل، قال تعالى: (و من ياته مؤمنا قد عمل الصالحات فاولئك لهم الدرجات العلى)،

[الآية 75 من سورة طه. و قال عز و جل: (ان الذين امنوا و عملوا الصالحات يهديهم ربهم بايمانهم)،

[الآية 9 من سورة يونس. و روى عن رسول الله صلى الله عليه و آله انه قال: «الايمان ما وقر فى القلوب و صدقته الاعمال»،

[البحار: ج 50، ص 208. تحف العقول: ص 276. و روى عن اميرالمؤمنين عليه السلام انه قال: «الايمان و العمل اخوان توامان و رفيقان لا يفترقان، لا يقبل الله احدهما الا بصاحبه»،

[غرر الحكم: ص 55. و اعتبرت بعض الروايات صدور العمل لا عن الاعتقاد الحق من النفاق. كما اكد القران الكريم ايضا

على تقارن الاعتقاد مع القول و حذر من تغايرهما، قال الله سبحانه: (و من الناس من يقول امنا بالله و اليوم الاخر و ما هم بمومنين)،

[الآية 8 من سورة البقرة. و قال عز و جل: (قالت الاعراب امنا قل لم تومنوا و لكن قولوا اسلمنا و لما يدخل الايمان فى قلوبكم)،

[الآية 14 من سورة الحجرات. و جائت الايات و الاحاديث لتؤكد على تقارن القول و العمل و النهى عن فصل احدهما عن الاخر، قال تعالى: (و من احسن قولا ممن دعا الى الله و عمل صالحا)،

[الآية 33 من سورة فصلت. و قال عز و جل: (احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا و هم لا يفتنون- و لقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الكاذبين)،

[الايتان 2 و 3 من سورة العنكبوت. و قال عز من قائل: (يا ايها الذين امنوا لم تقولون ما لا تفعلون- كبر مقتا عندالله ان تقولوا ما لا تفعلون)،

[الايتان 2 و 3 من سورة الصف. و روى عبدالله بن جعفر الحميرى عن محمد بن عيسى، عى عبدالله بن ميمون القداح، عن جعفر بن محمد الصادق، عن ابيه الباقر عليهماالسلام، قال: قال النبى صلى الله عليه و آله: «الايمان قول و عمل، اخوان شريكان».

[قرب الاسناد: ص 15 ط مكتبة نينوى، ص 25 ط مؤسسة آل البيت عليهم السلام.

و لو تتبع الانسان فى نفسه مراحل الايمان لوجد انها تبدا بالعقد القلبى الذى يدعوه الى الاقرار بما صدق به ثم العمل وفق ما اعتقده، و هو سير طبيعى فى جميع الناس الذين يؤمنون باديان و مذاهب مختلفة.

اى هذه المرتكزات اهم؟


و تكامل ايمان الفرد السائر على هدى الاسلام و التشيع يكون باجتماع هذه المرتكزات الثلاثة معا، و قد روى عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: «الايمان اقرار و عمل ونية»،

[تحف العقول: ص 276. و كلما ازداد رصيد الشخص من هذه المرتكزات ازدادت درجة ايمانه، لان الايمان متقوم بها، و لكن ذلك لا ينافى ان يكون لبعضها - مع القول بضرورة اجتماعها معا - اهمية اكثر من الاخر. فمثلا اهمية الاقرار اكثر ما تبرز فى جريان حكم الاسلام على الشخص المقر، فيحكم بطهارته و تحل ذبيحته و يصح له الزواج من المسلمة و غير ذلك من الاحكام الكثيرة المدونة فى الفقه و المترتبة على الاقرار و النطق بالشهادتين.

و لكن قد يكون الشخص مع هذا الاقرار بلا عقد قلبى و انما يظهر الايمان بلسانه فقط، و مثل هذا يكون فى عداد المنافقين، فلا يستحق شيئا من الثواب على اقراره و اعماله لانها صادرة عن نفس غير صادقة بما تقول و تظهر. و يظهر من بعض الروايات

ان الاساس فى الثواب و قبول الاعمال على الاذعان القلبى بالعقائد الحقة، فان لم يكن الشخص حائزا له فانه تجرى عليه احكام الاسلام فقط و لكنه لا يعتبر مؤمنا، ففى صحيحة الفضيل بن يسار عن الامام الصادق عليه السلام قال: «ان الايمان ما وقر فى القلوب، و الاسلام ما عليه المناكح و المواريث و حقن الدماء».

[الكافى: ج 2، ص 26، ح 3. و فى رواية القاسم الصير فى عن الامام الصادق عليه السلام: «الاسلام يحقن به الدم و تؤدى به الامانة و تستحل به الفروج، و الثواب على الايمان».

[الكافى: ج 2، ص 25، ح 6.

و روى الكلينى بسند صحيح ان حمران بن اعين قال: سمعت الامام الباقر عليه السلام يقول: «الايمان ما استقر فى القلب و افضى به الى الله عز و جل و صدقه العمل بالطاعة لله و التسليم لامره، و الاسلام ما ظهر من قول او فعل، و هو الذى عليه جماعة الناس من الفرق كلها، و به حقنت الدماء و عليه جرت المواريث و جاز النكاح و اجتمعوا على الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج، فخرجوا بذلك من الكفر و اضيفوا الى الايمان، و الاسلام لا يشرك الايمان و الايمان يشرك الاسلام و هما فى القول و الفعل يجتمعان، كما صارت الكعبة فى المسجد و المسجد ليس فى الكعبة، و كذلك الايمان يشرك الاسلام و الاسلام لا يشرك الايمان، و قد قال الله عز و جل: (قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا اسلمنا و لما يدخل الايمان فى قلوبكم)، فقول الله عز و جل اصدق القول . قلت: فهل للمؤمن فضل على المسلم فى شى ء من الفضائل و الاحكام و الحدود و غير ذلك؟ فقال: لا هما يجريان فى ذلك مجرى واحدا و لكن للمؤمن فضل على المسلم فى اعمالهما و ما يتقربان به الى الله عز و جل، قلت: اليس الله عز و جل يقول: (من جاء بالحسنة فله عشر امثالها) و زعمت انهم مجتمعون على الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج مع المومن؟ قال عليه السلام: اليس قد قال الله عز و جل: (يضاعفه له اضعافا كثيرة)، فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله عز و جل لهم حسناتهم لكل حسنة سبعون ضعفا، فهذا فضل المؤمن و يزيده الله فى حسناته على قدر صحة ايمانه اضعافا كثيرة و يفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير، قلت: ارايت من دخل فى الاسلام اليس هو داخلا فى الايمان؟ فقال عليه السلام: لا، و لكنه قد اضيف الى الايمان و خرج من الكفر، و ساضرب لك مثلا تعقل به فضل الايمان على الاسلام، ارايت لو بصرت رجلا فى المسجد اكنت تشهد انك رايته فى الكعبة؟ قلت: لا يجوز لى ذلك، قال: فلو بصرت رجلا فى الكعبة اكنت شاهدا انه قد دخل المسجد الحرام؟ قال: نعم، قال: و كيف ذلك؟ قلت: لانه لا يصل الى دخول الكعبة حتى يدخل المسجد، فقال: فقد اصبت و احسنت، ثم قال: كذلك الايمان و الاسلام».

[الكافى: ج 2، ص 26، ح 5.

فالانسان المقر ان لم يكن اقراره بل و عمله ايضا صادرا عن الاعتقاد القلبى فليس لاقراره و عمله اى قيمة، و لا يستحق المقر و الفاعل شيئا عندالله عز و جل، و يختص المؤمن فقط بالاجر و الثواب و الدرجة و المقربة من الله سبحانه و تعالى، اما المقر غير المعتقد قلبا بالاعتقاد الحق فانه ستنطبق عليه الاحكام الظاهرية للاسلام فقط.

[قد يكون المراد هنا من هذه الاحاديث اشتراط قبول الاعمال بالايمان اى ولاية اهل البيت عليهم السلام كما يظهر من بعض الاحاديث الاخرى ايضا، و لكن لسنا هنا فى صدد التشعب فى هذا البحث و ذكر الاحتمالات الواردة فى كل حديث و تحقيقها، فهذا مما سيخرج البحث عن غايته، و لذا فنحن نكتفى بما يصلح ان يكون شاهدا على الكلام فقط، و قد اسهب العلامة المجلسى فى بيان حقيقة الايمان و الفرق بينه و بين الاسلام فى المجلد الخامس و الستين من البحار من الصفحة 225- 309، فمن شاء فليراجع.

و تؤكد مجموعة من الروايات على اهمية العمل و تخرج غير العامل عن دائرة الايمان كما جاء فى مكاتبة الامام الصادق عليه السلام لعبدالرحيم القصير: «فاذا اتى العبد كبيرة من كبائر المعاصى او صغيرة من صغائر المعاصى التى نهى الله عز و جل عنها كان خارجا من الايمان ساقطا عنه اسم الايمان و ثابتا عليه اسم الاسلام، فان تاب و استغفر عاد الى دار الايمان».

[الكافى: ج 2، ص 27.

و لا يخفى ان العامل المذنب و المقصر قد يحظى بالعفو و الشفاعة يوم القيامة و لكن مع محافظته على العقد القلبى و الاعتقاد بالعقائد الحقة، اما غير المؤمن بالعقيدة الحقة و ولاية اهل البيت فلا يستحق شيئا من ذلك لما دل عليه الدليل من اشتراط قبول الاعمال بالاعتقاد بولاية اهل البيت عليهم السلام، بل اشتراط الايمان بالله عز و جل و النبى صلى الله عليه و آله بهذا الاعتقاد.

يقول الامام الخمينى (قدس سره):

«ان ما مر من الحديث الشريف من ان ولاية اهل البيت و معرفتهم شرط فى قبول الاعمال يعتبر من الامور المسلمة، بل تكون من ضروريات مذهب التشيع المقدس و تكون الاخبار فى هذا الموضوع اكبر من طاقة مثل هذه الكتب المختصرة على استيعابها، و اكثر من حجم التواتر... و الاخبار فى هذا الموضوع كثيرة، و يستفاد من مجموعها ان ولاية اهل البيت عليهم السلام شرط فى قبول الاعمال عندالله سبحانه، بل هو شرط فى قبول الايمان بالله و النبى الاكرم صلى الله عليه و آله».

[الاربعون حديثا: ص 512.

و هنا احب التنبيه على خطا شائع و دراج، فالبعض يظن ان دعوة الامام الخمينى الى الوحدة الاسلامية على اساس القواسم المشتركة من الايمان بالله تعالى و نبى الاسلام صلى الله عليه و آله و القبلة الواحدة تعنى الغاء الفوارق التى يكون الثواب و العقاب يوم القيامة على اساسها عند الله عز و جل، تلك الفوارق المبتنية على الايمان بامامة و ولاية اهل البيت عليهم افضل الصلاة و السلام، فالعمل و الجهاد ضد اسرائيل يدا واحدة و التكاتف و التعاون بين السنة و الشيعة شى ء، و قبول ذلك العمل عند الله عز و جل و قرب الشخص منه تعالى شى ء آخر، و بناء على ذلك فلا توجد اى منافاة بين الالتزام الحر فى بمعتقدات المذهب الحق و بين الوحدة فى الموقف خارج نطاق المعتقدات الخاصة، و من هنا تنشا دعوة الامام الخمينى فى وصيته المسلمين جميعا و خاصة علماء المذاهب الاخرى الى التامل فى حديث الثقلين لما فيه من الحجة

البالغة عليهم، و هذا هو منشا افتخاره بالمذهب الامامى فى وصيته ايضا و بانه مما اختص به مذهبنا «نهج البلاغة» و «الصحيفه السجادية» و «مصحف فاطمة» . بل ان الامام الخمينى (رض) يؤمن بان سلب الامامة عن اهل البيت عليهم السلام هو السبب الاساسى لما وقع على الامة منذ وفاة الرسول صلى الله عليه و آله و الى يومنا هذا من ويلات و محن و انعكاسات ذلك فى اختفاء الكثير من الحقائق، و لكن ذلك لم يمنعه من العمل بالوحدة، فهو يقول: «... فبالامامة يكمل الدين و يصير التبليغ تاما، و حينئذ يعلم معنى آية من آيات القران التى نزلت بشهادة السنة و اجماع الشيعة فى حجة الوداع بعد نصب اميرالمؤمنين عليه السلام للامامة و هى الآية 3 من سورة المائدة (اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتى و رضيت لكم الاسلام دينا)، و من الواضح و البين جدا ان الامامة لو جرت بالشكل الذى امر الله به و بلغه رسوله و سعى اليه لم تكن كل هذه الاختلافات و الحروب و اسالة الدماء فى البلاد الاسلامية لتحصل، و لم يكن النزاع ليقع فى دين الله بدءا بالاصول و انتهاءا بالفروع، بل ان الاختلاف بين المجتهدين من اتباع المذهب الامامى يجب ان نوعز امره الى يوم السقيفة، لان اختلاف الاراء يعود الى اختلاف الاخبار، و اكثر اسباب اختلافها يرجع الى صدورها تقية كما ذكرنا ذلك سابقا، و لو ان الامامة و كلت الى اهلها لم تكن التقية واقعة. اذن كل ما جرى على المسلمين الى يومنا هذا لابد ان نعتبره من اثار يوم السقيفة. (كشف الاسرار ص 135).

فهذا جانب تظهر فيه اهمية العقد القلبى اكثر من العمل، و لا نعنى ان هذا تقليل لقيمة العمل او انه دعوة لان يترك الشخص العمل كلية بحجة انه معتقد و مصدق بالعقيدة الحقة، فيقع فى التهاون و التسويف و الاستخفاف. و لكن الغرض بيان ان الشخص لو كان مكثرا من العمل الصالح كالصلاة و الصوم و الجهاد و غير ذلك و لم يملك العقيدة الصحيحة فان عمله سيكون هباء منثورا و سيكبه الله على منخريه فى نار جهنم، اما اذا كان مقلا من العمل و مرتكبا للمعاصى احيانا مع اعتقاده بالمذهب الحق فان حاله ستكون افضل من سابقه سواء بتخفيف العقاب الاخروى عنه او باسقاطه كلية عنه بلطف من الله عز و جل.

لا عقد من دون معرفة


و العقد القلبى لا يتم كما هو واضح بالوجدان من دون المعرفة، فان الانسان لا يعتقد بشى ء من دون سبق معرفة له، و ليس من الجزاف القول بان اساس الايمان قائم فى الدرجة الاولى على المعرفة التى يبتنى عليها العقد القلبى، و لذا بنت بعض الروايات قبول الاعمال على المعرفة لا على الاعتقاد و ذلك بلحاظ ابتناء الاعتقاد عليها، و قد روى عن الامام الباقر عليه السلام انه قال: «لا يقبل عمل الا بمعرفة، و لا معرفة الا بعمل، و من عرف دلته معرفته على العمل، و من لم يعرف فلا عمل له».

[تحف العقول: ص 215. و روى الكلينى فى الكافى عن الامام الصادق عليه السلام حديثا بنفس هذا النص و لكن باستبدال عبارة: «و من لم يعرف فلا عمل له» بعبارة: «و من لم يعمل فلا معرفة له»، مع اضافة عبارة فى آخرة و هى: «الا ان الايمان بعضه من بعض».

[الكافى: ج 1، ص 44. و فى هذه الرواية تاكيد لما ذكرناه فى اول البحث من ابتناء الايمان الكامل على اجتماع العناصر الثلاثة معا و ان الايمان الصحيح و الكامل مبتن على التداخل فيما بينها.

دور المعرفة


اما اهمية المعرفه فتبرز فى تمييز الحق من الباطل من المعتقدات، فمن كانت معرفته سقيمة تبع المذاهب الباطلة بما لها من انعكاسات و تاثيرات على مختلف الاصعدة، فنراه يؤمن بالتجسيم و الجبر و الارجاء و ينكر عصمة الانبياء و خلق القرآن و عينية الذات للصفات و غير ذلك من المعتقدات. و فضلا عن هذا الجانب فان للمعرفة دورا مهما فى رقى درجات الايمان باعتبار اختلاف الناس فى قدرتهم على فهم و استيعاب بعض المعارف الحقة لاختلافهم فى مستوى عقولهم و ادراكاتهم.

و لقد ذكرت الايات و الاحاديث ان رتب المؤمنين و درجاتهم من حيث القرب و البعد من الله عز و جل تختلف بحسب درجات ايمانهم، قال تعالى: (هم درجات عند الله)،

[الآية 163 من سورة آل عمران. و قال عز و جل: (يرفع الله الذين امنوا منكم و الذين اوتوا العلم درجات)،

[الآية 11 من سورة المجادلة. و روى الكلينى باسناده الى عبدالعزيز القراطيسى قال: قال لى ابوعبدالله الصادق عليه السلام: «يا عبدالعزيز، ان الايمان عشر درجات بمنزلة السلم يصعد منه مرقاة بعد مرقاة، فلا يقولن صاحب الاثنين لصاحب الواحد لست على شى ء حتى ينتهى الى العاشر، فلا تسقط من هو دونك فيسقطك من هو فوقك، و اذا رايت من هو اسفل منك بدرجة فارفعه اليك برفق و لا تحملن عليه ما لا يطيق فتكسره، فان من كسر مؤمنا فعليه جبره».

[الكافى: ج 2، ص 44، ح 2، و رواه ايضا الصدوق فى الخصال: ص 168، ح 9 مع اضافة و تفاوت فى النقل.

و روى العياشى فى تفسيره عن ابى عمرو الزبيرى، عن ابى عبدالله عليه السلام قال: «بالزيادة بالايمان يتفاصل المؤمنون بالدرجات عندالله، قلت: و ان للايمان درجات و منازل يتفاصل بها المؤمنون عندالله؟ قال: نعم، قلت: صف لى ذلك رحمك الله حتى افهمه، قال: ما فضل الله به اولياؤه بعضهم على بعض، فقال: (و تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله و رفع بعضهم درجات)،

[الآية 253 من سورة البقرة. و قال: (و لقد فضلنا بعض النبيين على بعض)،

[الآية 55 من سورة الاسراء. و قال: (انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض و للاخرة اكبر درجات)،

[الآية 21 من سورة الاسراء. و قال: (هم درجات عندالله)،

[الآية 163 من سورة آل عمران. فهذا ذكر الله درجات الايمان و منازله عندالله».

[تفسير العياشى: ج 1، ص 135، ح 447، عنه البحار: ج 69، ص 171، ح 14.

/ 42