حوار مع فضل الله حول الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حوار مع فضل الله حول الزهراء - نسخه متنی

سید هاشم هاشمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


ثم لو فرضنا جدلا ان احراق بيت الزهراء لم يحصل فان اقرار الشهيد الصدر باقتحام القوم بيت فاطمه عليهاالسلام يفتح الباب على مصراعيه حول حجم القسوة و البطش المصبوبتين على فاطمه الزهراء عليهاالسلام ساعة الهجوم، ففاطمة ليست لها حرمة تمنع عمر ان يفعل بها كما فعل بسعد بن عبادة حين امر الناس بقتله؟ و الم يكن عمر جادا حين امر بقتل سعد؟ و ما الذى يردعه عن قتل فاطمه عليهاالسلام؟

كما انه لا توجد اى ملازمة بين ما ذكره الشهيد الصدر من قصد التهديد بالاحراق و بين التحفظ على ما عدا ذلك من المظالم، اذ لابد من الملازمة بين امرين ان تكون الملازمة بينة و واضحة و قائمة دائما، بمعنى ان الانسان اذا ذكر رواية التهديد بحرق الدار و اكتفى بذلك فان ذلك يلازم دائما التوقف فى حصول الاحراق بالفعل و كذلك التوقف فى حصول بقية الجرائم، و مثل هذه الملازمة غير موجودة ابدا حتى يصح نسبتها الى الشهيد الصدر لان الانسان قد يكون فى بعض الاحيان بصدد اثبات بعض الحقائق من البحث بغض النظر عن بقية الحقائق، و «فضل الله» يصح له ان يستدل على التحفظ المزعوم اذا كان الشهيد الصدر فى معرض البحث عن حصول الاحراق و عدمه وفق الاثبات التاريخى، او استقصاء جميع الجرائم التى جرت على اهل البيت عليهم السلام، و ليست هناك اية اشارة فى كلام الشهيد الصدر ان محط بحثه هو ذلك.

و كشاهد على ذلك فان ابن شهر آشوب المازندرانى المتوفى سنة 588 ه يؤكد فى كتابه المناقب على مسالة الاعتداء على الزهراء عليهاالسلام بالضرب و اسقاط الجنين- كما سياتى-، و لكنه فى كتابه متشابه القرآن و مختلفه، يقول تعليقا على قوله تعالى: (محمد رسول الله و الذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم) ما يلى:

«... و قال: رحماء بينهم، و الاول قد ظهرت منه الغلظة على فاطمه عليهاالسلام فى كبس بيتها و منع حقها حتى خرجت من الدنيا و هى غضبى عليه، و قال لخالد بن الوليد: لا تفعل ما امرتك، و قتل مالك بن نويره، و اما الثانى فعادته معروفة حتى قال المسلمون: و ليت علينا هذا الفظ الغليظ، و قال هو يوم السقيفة: اقتلوا سعدا، و هو الهاجم على بيت فاطمه...».

[متشابه القرآن و مختلفه: ج 2، ص 67.]

فان هذا القول اذا القى على ذى مسكة فانه لا يعده مناقضا لما ذكره فى المناقب، لان المؤلف لم يكن بصدد اثبات كل ما جرى على الزهراء عليهاالسلام من الظلم حتى يقال بان اكتفاءه بذكر الهجوم فقط يعنى انكاره لكسر الضلع مثلا.

و لكن «فضل الله» لا ستعجاله فى الحكم على الامور من دون ترو و تان و اطلاع كاف و لضعف استدلالاته و لقصور فهمه فى معرفة ما بين المسائل من ارتباط «اخذ فى ترهات البسابس» و حكم بالتلازم بين ما قاله الشهيد الصدر و بين التشكيك فى الاعتداء على الزهراء عليهاالسلام.

و ليس هذا عنه بغريب فقد عودنا على نظائرها فى مواضع اخرى، و منها ما استدل به من القرآن لاثبات عدم ذم اصل الضحك حيث قال: «من قال بان الضحك غير جيد، كثرة الضحك تميت القلب، و الا فالله يقول: (فليضحكوا قليلا) ليس معناها انه لا يضحك احد، لا، لازم دائما يبتسم المؤمن...».

[مجلة الموسم: العدد 21، السؤال 1145.]

و من يرجع الى القرآن الكريم يجد ان المقطع السابق مذكور فى قوله تعالى: (فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله و كرهوا ان يجاهدوا باموالهم و انفسهم فى سبيل الله و قالوا لا تنفروا فى الحر قل نار جهنم اشد حرا لو كانوا يفقهون- فليضحكوا قليلا و ليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون).

[سورة التوبة: الآية 81- 82.]

و لم نجد بين علمائنا من ذهب الى ما ذهب اليه «فضل الله» من دعوة الآية الى الضحك القليل، لان سياق الآية- و هى خطاب للمنافقين- يبطل هذا الاحتمال الغريب، قال الشيخ الطوسى (قدس سره): «و معنى الآية ان يقال لهؤلاء المنافقين: فاضحكوا بقليل تمتعكم فى الدنيا فانكم ستبكون كثيرا يوم القيامة اذا حصلتم فى العقاب الدائم».

[تفسير التبيان: ج 5، ص 270.]

و قال الشيخ الطبرسى: «هذا تهديد لهم فى صورة الامر، اى فليضحك هؤلاء المنافقون فى الدنيا قليلا لان ذلك يفنى و ان دام الى الموت، و لان الضحك فى الدنيا قليل لكثرة احزانها و همومها، و ليبكوا كثيرا فى الآخرة لان ذلك يوم مقداره خمسون ألف سنة و هم فيه يبكون، فصار بكاؤهم كثيرا».

[مجمع البيان: ج 5، ص 86.]

و قال العلامة الطباطبائى: «و اما حمل الامر فى قوله: (فليضحكوا) و قوله: (و ليبكوا) على الامر المولوى لينتج تكليفا من التكاليف الشرعية فلا يناسبه قوله: (جزاء بما كانوا يكسبون)».

[الميزان: ج 9، ص 359.]

و حقا ان تفسير «فضل الله» للآية الكريمة مما يبعث على الضحك! «و شر البلية ما يضحك». و مما ينبغى ادخاله فى الطرائف و النوادر لا التفسير و التاويل و لا الاستدلال العلمى و الاستنباط الفقهى!

و من تختلط عليه الامور و يتخبط خبط عشواء فى مثل هذه القضايا السهلة الواضحة، كيف سيدلى برايه فى المسائل الصعبة و العميقة؟ و هل يحق ان يضع نفسه فى مقام الافتاء و المرجعية ليستنبط الحكم الشرعى و ينظر للافكار و المفاهيم الاسلامية؟ «و رايه دون الحداب يقصر»...!

راى السيد شرف الدين


و قد حاول «فضل الله» التاكيد المستمر على هذه النقطة، و انها احد منطلقاته فى طرح الموضوع، و لنا على ما قاله بعض الملاحظات:

1- على فرض صحد النسبة فان المنهج العلمى يقوم على البحث و التحقيق بغض النظر عن آراء الغير، و قد يحصل ان ينفرد بعض علمائنا ضمن دوائر ضيقة بآراء شاذة تخالف المشهور. و لو اردنا ان نعتبر المقياس فى عرض الآراء و الاحتمالات هو وجود قول فى المسالة فان هذا سيشكل لنا مذهبا جديدا قائما على التلفيق، فيقول شخص: من الممكن ان يسهو النبى لاننى رايت ان الشيخ الصدوق يفهم من كلامه ذلك، و من المحتمل ان لا يكون خبر الواحد حجة لاننى وجدت ان السيد المرتضى يستشف من كلامه ذلك... و هكذا، سنخرج بمذهب لا يمت بصلة الى تبنى الادلة و الاثباتات العلمية. و قد مر الكلام فى فصل محتوى مصحف فاطمه ان السيد شرف الدين قد اخطا فيما ذهب اليه، فراجع.

2- نطالب «فضل الله» على دليل يثبت من خلاله ان مقصود السيد شرف الدين هو خصوص التحفظ على ما عدا التهديد من الظلم دون قصده لامر آخر.

و لا نريد ان نكذب «فضل الله» فيما ذكره الا اننا بعد ملاحظتنا لخلطه فى مسائل كثيرة كاعتبار ان ما صدر منه كان مجرد جواب على سؤال و لم يكن مبادرة، او اعتبار الشهيد الصدر من موافقيه فى الراى، و غيرها من الاخطاء الواضحة فان من حقنا التحفظ فى المقصود من النسبة ان كانت صحيحة و خصوصا ان مدعاه على خلاف ما تسالم عليه علماء الشيعة، فلعل ما فهمه «فضل الله» فيما نسبه الى السيد شرف الدين (قدس سره) هو نفس ما فهمه فيما ادعاه حول راى الشيهد الصدر (قدس سره) فى كتابه فدك فى التاريخ. هذا و قد عرف المرحوم السيد شرف الدين العاملى بالمضى على منهج علمائنا السابقين و تثبيت عقائدهم، و لم يعرف بالشذوذ و الابتداع.

و الذى يدعو الى المزيد من الشك فى مقصود السيد عبدالحسن شرف الدين ان ما ذكره «فضل الله» عنه هو ان الثابت لديه هو مجرد قصد القوم لاحراق بيتها فقط، اما ما سوى ذلك فلم يثبت لديه شى ء، و لكننا نلاحظ ان هذا يتنافى مع نفس ما صرح به السيد عبدالحسين شرف الدين (قدس سره) فى كتابه «الفصول المهمة فى تاليف الامة» و ذلك فى موضعين:

اولهما: ما ذكره (رضوان الله عليه) فى الصفحة 99: «غير انه قعد فى بيته و لم يبايع حتى اخرجوه كرها».

و ثانيهما: ما ذكره فى الصفحة 53- 55: «و قد نص الشيخان البخارى و مسلم فى صحيحهما على تخلف على عن البيعة، و صرح بتخلفه المؤرخون كابن جرير الطبرى فى موضعين من احداث السنة الحادية عشرة من تاريخه المشهور، و ابن عبدربه المالكى

فى حديث السقيفة من الجزء الثانى من العقد الفريد، و ابن قتيبة فى اوائل كتابه الامامة و السياسة و ابن الشحنة حيث ذكر بيعة السقيفة فى كتابه (روضة المناضر)، و ابى الفداء حيث اتى على اخبار ابى بكر و خلافته فى تاريخه الموسوم بالمختصر فى اخبار البشر، و نقله المسعودى فى مروج الذهب عن عروة بن الزبير فى مقام الاعتذار عن اخيه عبدالله اذ هم بتحريق بيوت بنى هاشم عليهم حين تخلفوا عن بيعته، و رواه الشهرستانى عن النظام عند ذكره للفرقة النظامية فى كتابه الملل و النحل، و اورده ابن ابى الحديد المعتزلى الحنفى فى اوائل الجزء السادس من شرح النهج، و نقله العلامة فى نهج الصدق عن كتاب المحاسن و انفاس الجواهر و غرر ابن خيزرانة و غيرها من الكتب المعتبرة، و افرد ابومخنف لبيعة السقيفة كتابا على حدة فيه تفصيل ما اجملناه من تخلف على عن البيعة و عدم اقراره بالطاعة» انتهى كلامه.

و المصادر التى استند اليها السيد شرف الدين لاثبات مدعاه تختلف فى مداليلها ، فبعضها يشير الى مجرد التهديد كما هو مفاد تاريخ الطبرى و تاريخ ابى الفداء و العقد الفريد لابن عبد ربه، اما مفاد بعضها الآخر فيفيد الاخراج قسرا و اجبارا كما هو صريح عبارة شرح نهج البلاغة لابن ابى الحديد المعتزلى و ظاهر كلام الامامة و السياسة لابن قتيبة. و قد مر ذلك عند تعرضنا لمسالة دخول بيت الزهراء عليهاالسلام، و لكن لننظر الى ما استشهد به السيد شرف الدين مما رواه الشهرستانى، و اليك نص كلام الشهرستانى حسب ما جاء فى كتابه عند تعرضه للفرقة الثالثة من فرق المعتزلة المسماة بالنظامية: «اصحاب ابراهيم بن سيار بن هانى النظام، و قد طالع كثيرا من كتب الفلاسفة و خلط كلامهم بكلام المعتزلة، و انفرد عن اصحابه بمسائل:... الحادية عشرة: ميله الى الرفض و وقيعته فى كبار الصحابة، قال: اولا لا امامة الا بالنص و التعيين ظاهرا مكشوفا، و قد نص النبى عليه الصلاة و السلام على على رضى الله عنه فى مواضع، و اظهره اظهارا لم يشتبه على الجماعة، الا ان عمر كتم ذلك، و هو الذى تولى بيعة ابى بكر يوم السقيفة، و نسبه الى الشك يوم الحديبية فى سؤاله الرسول عليه السلام حين قال: السنا على الحق؟ اليسوا على الباطل؟ قال: نعم، قال عمر: فلم نعطى الدنية فى ديننا؟ قال: هذا شك و تردد فى الدين و وجدان حرج فى النفس مما قضى و حكم، و زاد فى الفرية فقال: ان عمر ضرب بطن فاطمه يوم البيعة حتى القت الجنين من بطنها، و كان يصيح احرقوا دارها بمن فيها، و ما كان فى الدار غير على و فاطمه و الحسن و الحسين، و قال تغريبه نصر بن الحجاج من المدينة الى البصرة، و ابداعه التراويح، و نهيه عن متعة الحج، و مصادرته العمال، كل ذلك احداث».

[الملل و النحل: ص 59، و اقول: نسبة الافتراء للنظام التى اوردها الشهرستانى تجعل المرء يذعن بان ما اورده هو عين الحقيقة، لانه مما لا شك فيه بان باقى ما نسبه الى عمر من الامور المشهورة و المعروفة عنه مما ورد فى الصحاح و غيرها كابداعه لصلاة التراويح و نهيه عن متعة الحج، فيكون تشنيع الشهرستانى لهو اكبر قرينة و شاهد على صدق ما اخبر به النظام و خصوصا ان مسالة اسقاط الجنين فى كلام النظام مقرونه بقضية التهديد، و هى مما لا غبار عليها فى كتب الحديث والتاريخ.]

و هكذا نلاحظ ان المقطع المرتبط باسقاط الجنين مرتبط تماما فى نفس كلام النظام بواقعة التهديد باحراق الدار. تجدر الاشارة الى ان السيد عبدالحسين شرف الدين اقر بوجود السقط محسن فى كتابه المراجعات فقد كتب فى المراجعة 34 مايلى: «تتبع سيرة النبى صلى الله عليه و آله، تجده يصور عليا و هارون كالفرقدين فى السماء، و العينين فى الوجه، لا يمتاز احدهما فى امته عن الآخر بشى ء ما. الا تراه كيف ابى ان تكون اسماء بنى على الا كاسماء بنى هارون، فسماهم حسناو حسينا و محسنا، و قال: انما سميتهم باسماء ولد هارون شبر و شبير و مشبر، اراد بهذا تاكيد المشابهة بين الهارونين و تعميم الشبه بينهما فى جميع المنازل و سائر الشؤون».

و قال فى الهامش تعليقا على الحديث: «فيما اخرجه المحدثون بطرقهم الصحيحة من سنن رسول الله صلى الله عليه و آله، و دونك ص 165 و 168 من الجزء 3 من المستدرك، تجد الحديث صريحا فى ذلك، صحيحا على شرط الشيخين. و قد اخرجه الامام احمد ايضا من حديث على فى ص 98 من الجزء الاول من مسنده. واخرجه ابن عبدالبر فى ترجمة الحسن السبط من الاستيعاب، و اخرجه حتى الذهبى فى تلخيصه مسلما بصحته مع قبح تعصبه و ظهور انحرافه عن هارون هذه الامة و عن شبرها و شبيرها، و اخرج البغوى فى مجمعه و عبدالغنى فى الايضاح، كما فى ص 115 من الصواعق المحرقة، عن سلمان نحوه، و كذلك ابن عساكر».

[المراجعات: ص 233، المراجعة 34.] و من المعلوم ان الذين يذهبون الى وجود المحسن من اهل العامة لا يملكون اى تفسير حول الغموض الذى يكتنف حياته، فهم فى المجموع يقرون بانه مضى سقطا، اما كيف اسقط؟ و لماذا؟ فهذا ما يقفون امامه بلا جواب جهلا او تجاهلا، اما عند الشيعة الامامية فان امر السقط محسن فى غاية الوضوح، و نحن اذا ما ربطنا كلام السيد شرف الدين فى المراجعات حول اصل وجود السقط محسن بما ذكره فى الفصول المهمة عند استشهاده بكلام النظام فان حجم الاستفسار و الاستغراب يكون كبيرا فيما ينقله «فضل الله» عن السيد عبدالحسين شرف الدين (قدس سره)!!

و الخلاصة ان ما نقله «فضل الله» عن السيد شرف الدين يتعارض مع نص كلامه باخراج اميرالمؤمنين عليه السلام من بيته، فان الاخراج كرها فى مثل تلك الحالة يقتضى بطبعه ان يكون عنيفا و من غير اختيار من المخرج- كما دلت عليه عبارة ابن ابى الحديد ايضا- و هو يلازم بطبيعة الحال دخول البيت، و كذلك فان ما نقله يتعارض ايضا مع ظاهر كلام السيد شرف الدين (قدس سره) من خلال استشهاده بمصادر الهجوم على بيت فاطمه الزهراء عليهاالسلام التى تتضمن حدوث ظلم اكبر مما ينسب الى السيد شرف الدين، و هذا ادعى لاثبات ما نقل عنه بحجة لا تدع اى مجال للشك فيها.

الآراء المتعددة


حاول «فضل الله» ان يوحى بوجود آراء متعددة فيما جرى على الزهراء عليهاالسلام من الظلم، فهو يكرر ان هناك تفاصيل وقع فيها الخلاف، و كان هذا الموضوع قد حلت فيه مناقشات كثيرة و آراء متباينة و تبلورت فى كل مرة منها اضافة منكر و مشكك آخر الى جانبه، و كانه قد راجع بنفسه جميع تلك الآراء و احاط بالموضوع من كل زواياه!!

مع العلم اننا اذا ما استبعدنا رايه الشاذ فاننا لا نشهد اى خلاف يذكر فى هذا الموضوع، فهذا المحقق الكركى المتوفى سنة 940 ه يقول فى رسالة عقدها لتعيين المخالفين لاميرالمؤمنين عليه السلام: «و من رؤوس اعدائه عمر بن الخطاب العدوى القرشى، و هو الفظ الغلظ الجاش الجانى، و امر عداوته و ايذائه لعلى و فاطمه و اهل البيت عليهم السلام اشهر من الشمس».

[رسائل المحقق الكركى: ج 2، ص 226.] و لا يخفى ما فى عبارته من اشارة واضحة الى قصة الاعتداء و الهجوم على بيت الامام على عليه السلام لان المحقق الكركى نسب ايذاء الزهراء عليهاالسلام الى عمر و لم ينسبه الى ابى بكر، و يؤيد ذلك انه قرن ايذاءها بايذاء اميرالمؤمنين و اهل البيت صلوات الله عليهم اجمعين.

نعم قد يوجد فى الروايات و كلمات العلماء التعرض لجزء من الماساة دون التعرض لجزء آخر لا بمعنى نفيه، و هذا كثيرا ما يحدث فى كتب التاريخ و غيرها فانك تجد مقطعا من حادثة معينة فى هذا الكتاب، بينما يسلط مؤلف آخر الضوء على مشهد آخر من نفس الحادثة، و لا يضر ذلك بالانسجام و التوافق بين اجزاء الحادثة، فان غرض كل مؤلف يختلف بحسب اختلاف الموارد و الخصوصيات المستوجبة لذكر مقطع معين دون الآخر و ان كان المقطعان من حادثة واحدة.

و الذى يدل على ذلك ان الشيخ الصدوق (رضوان الله عليه) و هو ممن تبنى مسالة اسقاط الجنين كما سياتى يروى بنفسه فى خصاله حديثا عن الامام الصادق عليه السلام جاء فيه: «و حب اولياء الله و الولاية لهم واجبة، و البراءة من اعدائهم واجبة، و من الذين ظلموا آل محمد عليهم السلام و هتكوا حجابه فاخذوا من فاطمه عليهاالسلام فدك، و منعوها ميراثها، و غصبوها و زوجها حقوقهما، و هموا باحراق بيتها، و اسسوا الظلم، و غيروا سنة رسول الله صلى الله عليه و آله، و البراءة من الناكثين و القاسطين و المارقين واجبة».

[الخصال: ج 2، ص 607.]

فالشيخ الصدوق لم ير فيما رواه هنا من قصد القوم احراق بيت الزهراء عليهاالسلام اى منافاة لما تبناه من اسقاط الجنين و لما رواه فى كتاب الامالى من الاحاديث المتعرضة لظلم الزهراء و الاعتداء عليها، و ذلك لوضوح ما ذكرناه من ان الرواية قد تكون احيانا فى صدد اثبات جزء من الواقعة لا كلها، هذا بالرغم من ان الاختلاف فى بعض التفاصيل لا يضر فى اصل الواقعة ما دامت محافظة على روحها و مؤيدة بالدليل و النص.

ثم ان محاولة «فضل الله» اثبات الآراء المتعددة يتنافى مع اقراره بتحقق الشهرة فى كسر ضلع الزهراء عليهاالسلام و اسقاط جنينها- كما جاء فى جوابه الثانى-، كما يتنافى ايضا مع تنصيص الشيخ الطوسى (رضوان الله تعالى عليه) حيث قال: «و المشهور الذى لا خلاف فيه بين الشيعة» و كذلك قوله: «و الرواية بذلك مشهورة عندهم»، و سنوردها ضمن ما جاء فى كتبنا عن السقط محسن عليه السلام، و من المعلوم ان قضية ما وقع على الزهراء عليهاالسلام هى قصة مترابطة الاجزاء و الفصول، و الاقرار بجزء من الواقعة يستتبعه الاقرار ببقية الاجزاء. بل يكفى فى اشتهار وقوع الظلم على الزهراء اعتراف علماء السنة بان ذلك مما اختصت به الشيعة من دون تمييز فى اعترافهم لطائفة دون اخرى، و لو كان بالفعل خلاف حقيقى بين علماء الشيعة لتشبثوا به فى مقام الاحتجاج و الانكار.

قال ابن ابى الحديد المعتزلى: «فاما الامور الشنيعة المستهجنة التى تذكرها الشيعة من ارسال قنفذ الى بيت فاطمه عليهاالسلام، و انه ضربها بالسوط فصار فى عضدها كالدملج و بقى اثره الى ان ماتت، و ان عمر اضغطها بين الباب و الجدار، فصاحت: يا ابتاه يا رسول الله! و القت جنينا ميتا، و جعل فى عنق على عليه السلام حبل يقاد به و هو يعتل، و فاطمه خلفه تصرخ و تنادى بالويل و الثبور، و ابناه حسن و حسين معهما يبكيان، و ان عليا لما احضر سالوه البيعة فامتنع، فتهدد بالقتل، فقال: اذن تقتلون عبدالله و اخا رسول الله! فقالوا: اما عبدالله فنعم، و اما اخو رسول الله فلا، و انه طعن فيهم فى اوجههم بالنفاق، و سطر صحيفة الغدر التى اجتمعوا عليها، و بانهم ارادوا ان ينفروا ناقة رسول الله صلى الله عليه و آله ليلة العقبة، فكله لا اصل له عند اصحابنا، و لا يثبته احد منهم، و لا رواه اهل الحديث و لا يعرفونه، و انما هو شى ء تنفرد الشيعة بنقله».

[شرح نهج البلاغة: ج 2، ص 59.]

و جاء بقرنى حمار...


و ينقل ابن حجر العسقلانى عمن ادعى انهم من ائمة اهل البيت النبوى: «الا ترى الى قولهم- اى الروافض- ان عمر قاد عليا بحمائل سيفه و حصر فاطمه فهابت فاسقطت ولدا اسمه المحسن...».

[الصواعق المحرقة: ص 51.] و علامات الكذب بادية على كلامه بوضوح حيث جعل الاسقاط متسببا عن الرعب لا الحصر، مع انه لم يفصح عن اسم من زعم انهم من الائمة اهل البيت النبوى، و رغم انه نقل فى لسان الميزان عن الحافظ محمد بن احمد الكوفى ان رجلا كان يقرا على احمد بن السرى بن ابى دارم ان «عمر رفس فاطمه حتى اسقطت بمحسن»، و سياتى فى فصل اسقاط الجنين، و المهم فى كلامه انه اقرار باشتهار امر الاعتداء بالحصر بين الامامية، و فى هذا كفاية لنا.

ضرب الزهراء


كلمات «فضل الله»


قال فى الشريط المسجل: «و انا لا اتفاعل مع كثير من الاحاديث التى تقول ان القوم كسروا ضلعها او ضربوها على وجهها او ما الى ذلك».

هذا ما قاله «فضل الله»، و لكن هناك جملة من الروايات و النصوص التاريخية لا تدع اى مجال له فى التشكيك فى هذا الامر، و مع اقراره بوجود «كثير من الاحاديث» بهذا الخصوص فلايحق له الانكار ما لم يثبت نصوصا صريحة تكذبها، اما الاعتماد فى الانكار على التحليلات التاريخية الواهية و النظريات المعتمدة على الاستحسانات فان هذا اقرب الى المنهج الذى يقر و يسمح بالاجتهاد مقابل النص. و من المصادر التى صرحت بان القوم ضربوا الزهراء عليهاالسلام سواء باليد ام بالسوط ما يلى:

1- كتاب سليم بن قيس الهلالى المتوفى حدود سنة 76 ه حيث جاء فيه: «... فاغرم عمر بن الخطاب تلك السنة جميع عماله انصاف اموالهم لشعر ابى المختار و لم يغرم قنفذ العدوى شيئا و قد كان من عماله، ورد عليه ما اخذ منه و هو عشرون ألف درهم، ولم ياخذ منه عشره و لا نصف عشره... قال سليم: فلقيت عليا فسالته عما صنع عمر، فقال عليه السلام: هل تدرى لم كف عن قنفذ و لم يغرمه شيئا؟ قلت: لا، قال: لانه هو الذى ضرب فاطمه بالسوط حين جاءت لتحول بينى و بينهم فماتت و انه اثر السوط لفى عضدها مثل الدملج. قال سليم: انتهيت الى حلقة فى مسجد رسول الله صلى الله عليه و آله ليس فيها الا هاشمى غير سلمان و ابى ذر و المقداد و محمد بن ابى بكر و عمر بن ابى سلمة و قيس بن سعد بن ابى عبادة، فقال العباس لعلى عليه السلام: ما ترى عمر منعه من ان يغرم قنفذا كما اغرم جميع عماله؟ فنظر على عليه السلام الى حوله ثم اغرورقت عيناه ثم قال: نشكو له ضربة ضربها فاطمه بالسوط فماتت و فى عضدها اثر كانه الدملج».

[كتاب سليم بن قيس: ص 96، و كذلك ما ذكره فى الصفحة 134 ط دار الفنون، و عنه الاحتجاج لاحمد بن على بن ابى طالب الطبرسى المتوفى سنة 588 ه، ج 1، ص 109 ط مؤسسة النعمان: ج 1، ص 212 ط دار الاسوة.] و الدملج و الدملوج: المعضد من الحلى.

[لسان العرب: ج 2، ص 276 ط دار صادر.]

2- تفسير العياشى لمحمد بن مسعود بن عياش السلمى الذى عاش فى اواخر القرن الثالث، و جاء فيه: فى رواية عن احدهما عليه السلام: «ان نبى الله صلى الله عليه و آله لم يقبض حتى اعلم الناس امر على عليه السلام فقال: من كنت مولاه فعلى مولاه، و قال: انه منى بمنزلة هارون من موسى غير انه لا نبى بعدى، و كان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه و آله فى المواطن كلها، و كان معه فى المسجد يدخله على كل حال، و كان اول الناس ايمانا، فلما قبض نبى

الله صلى الله عليه و آله كان الذى كان لما قد قضى من الاختلاف، و عمد عمر فبايع ابابكر و لم يدفن رسول الله صلى الله عليه و آله بعد، فلما راى ذلك على عليه السلام و راى الناس قد بايعوا ابابكر خشى ان يفتتن الناس ففرغ الى كتاب الله و اخذ بجمعه فى مصحف، فارسل ابوبكر اليه ان تعال فبايع، فقال على: لا اخرج حتى اجمع القرآن، فارسل اليه مرة اخرى فقال: لا اخرج حتى افرغ، فارسل اليه الثالثة عمر رجلا يقال له قنفذ فقامت فاطمه بنت رسول الله صلوات الله عليه تحول بينه و بين على عليه السلام فضربها».

[تفسير العياشى: ج 2، ص 307- 308.]

3- الهداية الكبرى للحسين بن حمدان الخطيبى المتوفى سنة 334 ه، فقد جاء فيه: من حديث الامام الصادق عليه السلام: «و ضرب عمر لها بسوط ابى بكر على عضدها حتى صار كالدمج الاسود المحترق و انينها من ذلك و بكاها... و صفعة (صفقة) عمر على خدها حتى ابرى قرطها تحت خمارها فانتثر و هى تقول: يا ابتاه يا رسول الله ابنتك فاطمه تضرب».

[الهداية الكبرى: ص 407، و كذلك ص 179، و نقل الحسن بن ابى الحسن الديلمى فى ارشاد القلوب حديثا بنفس هذا المضمون كما حكاه عنه المجلسى فى بحار الأنوار: ج 8، ص 240- 241.]

4- كامل الزيارات لجعفر بن محمد بن قولويه المتوفى سنة 367 ه فقد روى حديثا عن الامام الصادق عليه السلام جاء فيه ان مما اخبر الله سبحانه و تعالى نبيه ليلة اسرى به الى السماء: «و اما ابنتك فتظلم و تحرم و يؤخذ حقها غصبا الذى تجعله لها و تضرب و هى حامل».

[كامل الزيارات: ص 332 ط المرتضوية، ص 548 ط مؤسسة نشر الثقافة.]

5- الامالى للشيخ محمد بن على بن الحسين بن بابويه القمى «الصدوق» المتوفى سنة 381 ه فقد اسند الى الامام على عليه السلام انه قال: «بينما انا و فاطمه و الحسن و الحسين عند رسول الله صلى الله عليه و آله اذ التفت الينا فبكى فقلت: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: ابكى مما يصنع بكم بعدى. فقلت: و ما ذاك يا رسول الله؟ قال: ابكى من ضربتك على القرن و لطم فاطمه خدها...».

[الامالى: ص 115.]

6- الاختصاص لمحمد بن محمد بن النعمان المفيد المتوفى سنة 413 ه، فقد روى حديثا عن الامام الصادق عليه السلام جاء فيه: «ثم لطمه.ا (اى عمر) فكانى انظر الى قرط فى اذنها حين نقفت».

[الاختصاص: ص 185.]

7- الفرق بين الفرق لعبد القاهر بن طاهر الاسفرائينى التميمى المتوفى سنة 429 ه، فقد نقل فى مجال ذكر مذهب ابراهيم بن سيار بن هانى النظام انه طعن فى عمر فى جملة امور و منها: «و انه ضرب فاطمه».

[الفرق بين الفرق: ص 147- 148.]

8- الشافى فى الامامة للسيد على بن الحسين الموسوى «المرتضى» المتوفى سنة 436 ه، حيث جاء فيه: «فاما حكايته عن ابى على انكاره ما روى من ضربها و ادعاؤه ان جعفر بن محمد عليه السلام كان يتولاهما و كان ابوه و جده كذلك، فاول ما فيه ان انكار ابى على لما وردت به الرواية من غير حجة لا يعتد به، و كيف لا ينكر ابوعلى هذه الرواية و عنده ان القوم لم يجلسوا من الامامة الا مجلسهم، و لا تناولوا الا بعض حقهم و انهم كانوا على كثب عظيم من التوفيق و التاييد و التحرى للدين و لو اخرج من قبله هذه الاعتقادات المبتدا لعرف امثال هذه الرواية او الشك على اقل احواله فى صحتها و فسادها... و بعد، فلا فرق بين ان يهدد بالاحراق للعلة التى ذكرها و بين ضرب فاطمه عليهاالسلام لمثل هذه العلة، فان احراق المنازل اعظم من ضربه بالسوط، و ما يحسن الكبير ممن اراد الخلاف على المسلمين و اولى بان يحسن الصغير، فلا وجه لا متعاض صاحب الكتاب من ضربة السوط و تكذيب ناقلها، و عنده مثل هذا الاعتذار» .

[الشافى فى الامامة: ج 4، ص 115 و 120.]

9- تلخيص الشافى لمحمد بن الحسن الطوسى المتوفى سنة 460 ه، فقد ذكر: «و مما انكر عليه ضربهم لفاطمه عليهاالسلام، و قد روى انهم ضربوها بالسياط».

[تلخيص الشافى: ج 3، ص 156.]

10- احوال السقيفة او كامل البهائى للحسن بن على بن محمد على بن الحسن الطبرى المشهور بعمادالدين طبرى، و هو من اعلام القرن السابع الهجرى و من معاصرى العلامة و المحقق الحليين و نصيرالدين الطوسى، و قد جاء فى كتابه: «و فى اليوم التالى اقبل الناس لبيت فاطمه للصلاة على جنازتها، و عندما راى المقداد ابابكر قال له: لقد دفناها البارحة، فقال له عمر: يا ابابكر الم اخبرك انهم فاعلون ذلك، قال المقداد: لقد اوصت بذلك حتى لا تصليا على جنازتها، فاخذ عمر يضرب المقداد على وجهه و راسه حتى اجهده كثرة الضرب، فخلصه الناس من بين يديه، فقام المقداد و قال له: لقد رحلت بنت رسول الله صلى الله عليه و آله من الدنيا و الدم ينزف من ظهرها و ضلعها من ضربكم بالسيف و السوط اياها، و اننى لاحقر عندكم من على و فاطمه. فقال عمر: و الله لا حق الناس بالضرب و العقوبة على بن ابى طالب، فجاءوا الى على و كان جالسا عند باب بيته و اصحابه مجتمعون حوله، فقال عمر: يا على، الن تدع حسدك القديم، فقد غسلت رسول الله من غير حضور منا، و صليت على فاطمه من دوننا، و حملت الحسن عليه السلام على ان يصرخ فى وجه ابى بكر ان انزل من منبر جدى، فلم يقل على فى جوابه شيئا. فقال عقيل: و انتم و الله لاشد الناس حسدا و اقدم عداوة لرسول الله و آله، ضربتموها بالامس و خرجت من الدنيا و ظهرها بدم و هى غير راضية عنكما».

[كامل بهائى: ج 1، ص 312، و قسم من النص معرب من الفارسية. و عن هذا الكتاب القيم يقول الشيخ عباس القمى (رضوان الله عليه): «و مما هو معلوم من وضع الكتاب ان النسخ الاصلية و الكتب القديمة للاصحاب كانت موجودة لديه مثل (فعلت فلا تلم) و هو كتاب فى المثالب من مصنفات ابى جيش المظفر بن محمد الخراسانى الذى يعد من متكلمى الشيعة و العارفين بالاخبار و من تلاميذ ابى السهل النوبختى، و كذلك كتاب (الحاوية) و هو كتاب فى مثالب معاوية و مؤلفه القاسم بن محمد بن احمد المامونى، و هو من اهل السنة». الفوائد الرضوية: ص 111.

و يقول العلامة آقا بزرگ الطهرانى: «كامل البهائى فارسى فى الامامة و شرح ما جرى بعد الرسول صلى الله عليه و آله فى السقيفة، و لذا يسمى ب(كامل السقيفة) ايضا...، و يظهر من اواخره انه صنفه فى طول اثنى عشر سنة، و فرغ منه 675 ه». الذريعة: ج 17، ص 252.

و فى الكتاب الكثير من المطالب التاريخية المهمة المختصة به، و فيه على سبيل المثال بعض الاحداث المتعلقة باسر اهل بيت النبى صلى الله عليه و آله فى الشام مما يظنها بعض المتسرعين فى الحكم نظرا لعدم وجودها فى كتب المقاتل انها من الموضوعات و المفتريات.]

/ 42