حوار مع فضل الله حول الزهراء نسخه متنی

This is a Digital Library

With over 100,000 free electronic resource in Persian, Arabic and English

حوار مع فضل الله حول الزهراء - نسخه متنی

سید هاشم هاشمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


التهافت فى النقل يجعلنا نشك اكثر فى حقيقة الحوار الذى جرى بينه و بين السيد عبدالحسين شرف الدين، علما بانه قد صرح فى اول حديث له فى مسجد بئر العبد انه التقى بالسيد شرف الدين فى اوائل الخمسينات!! فاين هى الحقيقة بين هذه الاقوال المتضاربة؟! و هل يمكن الاطمئنان بانه لم يكن من قبيل من «اساء سمعا فاساء اجابة»!

نقل خاطى لراى الامام الخمينى!


غير ان عدم الدقة فى نقل آراء الغير لم تقتصر على هذه المجالات بل تعدتها لنقل الآراء الفقهية لمراجع التقليد، فعندما سئل عن جواز زواج المسلم من الكتابية اجاب: «حسب الفتوى الموجودة الآن من المراجع انه يجوز للانسان ان يتزوج امرأة مسيحية مع بقائها على دينها، و ان كان الاحوط استحبابا ترك ذلك».

[الموسم: العدد 21، السؤال 557.] و لكن الامام الخمينى و هو احد مراجع التقليد الذين اكثر «فضل الله» النقل عنهم فى حواره المذكور فى مجلة الموسم يقول: «و الاقوى الجواز فى المنقطع، و اما فى الدائم فالاحوط المنع».

[تحرير الوسيلة: ج 2، ص 255، و لا يقال: ان مقصود «فضل الله» قد يكون هو العقد المنقطع فان ذلك هو مورد وفاق بين المراجع الذين كان يكثر النقل عنهم.]

خلاصة الشبهات الخمسة


و بملاحظة كلمات «فضل الله» السابقة نلاحظ ان اهم الشبهات التى يرتكز عليها كلامه هى الشبهات التالية:

1- الشبهة الاولى: عدم وجود ابواب فى المدينة آنذاك، و بناء على ذلك فان جميع الروايات التى تدل على احراق باب البيت و عصر فاطمه عليهاالسلام و كسر ضلعها و اسقاط جنينها بواسطة الباب ساقطة عن اى قيمة و اعتبار.

2- الشبهة الثانية: ان ضرب المرأة كان امرا مستهجنا و قبيحا عند العرب منذ ايام الجاهلية، فكيف يعقل ان يضرب القوم بنت نبيهم و صاحب اشرف بيت بينهم.

3- الشبهة الثالثة: عدم تطرق الزهراء عليهاالسلام فى اى واحدة من خطبها لما جرى عليها من المصائب رغم ان هذا اوقع فى بيان المظلومية.

4- الشبهة الرابعة: ان بيت فاطمه عليهاالسلام كان فيه الكثير من الرجال و فيهم المسلحون فكيف سمحوا بالاعتداء على الزهراء بمراى منهم؟ و لماذا تخرج الزهراء عليهاالسلام لفتح الباب مع وجودهم و تهديد عمر و اصحابه بحرق البيت و تصريحهم بان المستهدف هم الرجال الموجودون فى البيت و بالاخص الامام على عليه السلام، هذا فضلا عن امكانية فتح الباب بواسطة الخادمة فضة.

5- الشبهة الخامسة: عدم امكان رؤية اميرالمؤمنين لضرب الزهراء عليهاالسلام و هو ذلك البطل الضرغام و عدم تحمل غيرته ان يقف مكتوف اليدين امام الاعتداء على زوجته؛ و ان القبول بالاعتداء مستلزم للقول بان عليا عليه السلام- و العياذ بالله- جبان و ليس غيورا.

هل هى شبهاته ام شبهات غيره؟!


و قبل الاجابة على هذه الشبهات لابد من الاشارة الى نقطة و هى ان «فضل الله» فى مجموع ما طرحه من شبهات لم يكن الا «كحاطب ليل»، فقد حاول قدر المستطاع ان يكثر من عدد الشبهات للايحاء بقوتها من دون ان يميز بين الغث و السمين، كما انه لم يات بشى ء جديد، و كل ما فعله هو اجترار كلام الآخرين و جمعه مع تغيير فى الالفاظ و اضافة بعض التحسينات! و تبن له بشكل اقوى، فالشبهة الاولى صرح بانها لاستاذ التاريخ فى جامعة دمشق الدكتور سهيل زكار، و الشبهة الثانية صرح بانها للشيخ كاشف الغطاء فى كتابه، و نحن ننقلها بطولها حتى ننصف مثير الشبهات من امره و لكى نذكر المصدر الذى استقيت منه الشبهة من غير حاجة لذكر كلام الناقلين!

شبهتا الشيخ كاشف الغطاء:


قال الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء (رضوان الله عليه) فى كتابه جنة الماوى:

«طفحت و استفاضت كتب الشيعة من صدر الاسلام فى القرن الاول: مثل كتاب سليم بن قيس و من بعده الى القرن الحادى عشر و ما بعده و الى يومنا، كل كتب الشيعة التى عنيت باحوال الائمة و ابيهم الآية الكبرى و امهم الصديقه الزهراء صلوات الله عليهم اجمعين و كل من ترجم لهم و ألف كتابا فيهم، اطبقت كلمتهم تقريبا او تحقيقا فى ذكر مصائب تلك البضعة الطاهرة، انها بعد رحلة ابيها المصطفى ضرب الظالمون وجهها، و لطموا خدها حتى احمرت عينها و تناثر قرطها، و عصرت بالباب حتى كسر ضلعها و اسقطت جنينها، و ماتت و فى عضدها كالدملج، ثم اخذ شعراء اهل البيت عليهم السلام هذه القضايا و الرزايا، و نظموها فى اشعارهم و مراثيهم و ارسلوها ارسال المسلمات: من الكميت و السيد الحميرى و دعبل الخزاعى و النميرى و السلامى و ديك الجن و من بعدهم و من قبلهم الى هذا العصر، و توسع اعاظم شعراء الشيعة فى القرن الثالث عشر والرابع عشر الذى نحن فيه كالخطى و الكعبى و الكوازين و آل السيد مهدى الحليين و غيرهم ممن يعسر تعدادهم و يفوت الحصر جمعهم و آحادهم. و كل تلك الفجائع و الفظائع و ان كانت فى غاية الفظاعة و الشناعة و من موجبات الوحشة و الدهشة و لكن يمكن للعقل ان يستسيغها، و للافكار ان تتقبلها و تهضمها، و لا سيما و ان القوم قد اقترفوا فى قضية الخلافة و غصب المنصب الالهى من اهله ما يعد اعظم و افظع.

و لكن قضية ضرب الزهراء و لطم خدها مما لا يكاد يقبله وجدانى و يتقبله عقلى و يقتنع به مشاعرى، لا لان القوم يتحرجون و يتورعون من هذه الجرأة العظيمة، بل لان السجايا العربية و التقاليد الجاهلية التى ركزتها الشريعة الاسلامية و زادتها تاييدا و تاكيدا تمنع بشدة ان تضرب المرأة او تمد اليها يد سوء، حتى ان فى بعض كلمات اميرالمؤمنين عليه السلام ما معناه: ان الرجل كان فى الجاهلية اذا ضرب المرأة يبقى ذلك عارا فى اعقابه و نسله.

و يدلك على تركز هذه الركيزة بل الغريزة فى المسلمين و انها لم تفلت من ايديهم و ان فلت منهم الاسلام: ان ابن زياد و هو من تعرف فى الجرأة على الله و انتهاك حرماته لما فضحته الحوارء زينب عليهاالسلام و افلجته و صيرته احقر من نملة و اقذر من قملة و قالت له: ثكلتك امك يا ابن مرجانة. فاستشاط غضبا من ذكر امه التى يعرف انها من ذوات الاعلام، و هم ان يضربها، فقال له عمرو بن حريث و هو من رؤوس الخوارج و ضروسها: انها امرأة، و المرأة لا تؤاخذ بشى ء من منطقها.

فاذا كان ابن مرجانة امتنع من ضرب العقيلة خوف العار و الشنار، و كله عار و شنار و بؤرة عهار، مع بعد العهد من النبى صلى الله عليه و آله، فكيف لا يمتنع اصحاب النبى صلى الله عليه و آله مع قرب العهد به من ضرب عزيزته، و كيف يقتحمون هذه العقبة الكؤود و لو كانوا اعتى و اعدى من عاد و ثمود، و لو فعلوا او هموا ان يفعلوا، اما كان فى المهاجرين و الانصار مثل عمرو بن حريث فيمنعهم من مد اليه الاثيمة، و ارتكاب تلك الجريمة.

و لا يقاس هذا بما ارتكبوه و اقترفوه فى حق بعلها عليه السلام من العظائم حتى قادوه كالفحل المخشوش، فان الرجل قد تنال من الرجال ما لا تناله النساء. كيف و الزهراء عليهاالسلام شابة بنت ثمانية عشر سنة، لم تبلغ مبالغ النساء، و اذا كان فى ضرب المرأة عار و شنار فضرب الفتاة اشنع و افظع، و يزيدك يقينا بما اقول انها- و لها المجد و الشرف- ما ذكرت و لا اشارت الى ذلك فى شى ء من خطبها و مقالاتها المتضمنة لتظلمها من القوم و سوء صنيعهم معها مثل خطبتها الباهرة الطويلة التى القتها فى المسجد على المهاجرين و الانصار، و كلماتها مع اميرالمؤمنين عليه السلام بعد رجوعها من المسجد، و كانت ثائرة متاثرة اشد التاثر حتى خرجت عن حدود الآداب التى لم تخرج من حظيرتها مدة عمرها، فقالت له: يا ابن ابى طالب، افترست الذئاب و افترشت التراب، الى ان قالت: هذا ابن ابى فلانة يبتزنى نحلة ابى و بلغة ابنى، لقد اجهد فى كلامى، و الفيته الالد فى خصامى، و لم تقل انه او صاحبه ضربنى، او مدت يد الى، و كذلك فى كلماتها مع نساء المهاجرين و الانصار بعد سؤالهن كيف اصبحت يا بنت رسول الله؟ فقالت: اصبحت و الله عائفة لدنياكن، قالية لرجالكن، و لا اشارة فيها الى شى ء عن ضربة او لطمة، و انما تشكو اعظم صدمة و هى غصب فدك و اعظم منها غصب الخلافة و تقديم من اخر اليه و تاخير من قدم الله، و كل شكواها كانت تنحصر فى هذين الامرين، و كذلك كلمات اميرالمؤمنين عليه السلام بعد دفنها، و تهيج اشجانه و بلابل صدره لفراقها ذلك الفراق المؤلم، حيث توجه الى قبر النبى صلى الله عليه و آله قائلا: السلام عليك يا رسول الله عنى و عن ابنتك النازلة فى جوارك الى آخر كلماته التى ينصدع لها الصخر الاصم لو وعاها، و ليس فيها اشارة الى الضرب و اللطم، و لكنه الظلم الفظيع و الامتهان الذريع، و لو كان شى ء من ذلك لاشار اليه عليه السلام، لان الامر يقتضى ذكره و لا يقبل ستره، و دعوى انها اخفته عنه ساقطة لان ضربة الوجه و لطمة العين لا يمكن اخفاؤها.

و اما قضية قنفذ و ان الرجل لم يصادر امواله كما صنع مع سائر ولاته و امرائه و قول الامام على عليه السلام: انه شكر له ضربته، فلا امنع من انه ضربها بسوطه من وراء الرداء، و انما الذى استبعده او امنعه هو لطمة الوجه، و قنفذ ليس ممن يخشى العار لو ضربها من وراء الثياب او على عضدها، و بالجملة فان وجه فاطمه الزهراء هو وجه الله المصون الذى لا يهان و لا يهون و يغشى نوره العيون، فسلام الله عليك يا ام الائمة الاطهار ما اظلم الليل و اضاء النهار، و جعلنا الله من شيعتك الابرار، و حشرنا معك و مع ابيك و بنيك فى دار القرار».

[جنة الماوى: ص 133- 138.]

شبهات ابن حجر و ابن رزبهان!


و هكذا يتبين ان الشبهة الثالثة التى لم يذكر «فضل الله» مصدرها هى من قبل الشيخ كاشف الغطاء (رضوان الله عليه)، اما بخصوص الشبهة الرابعة و الخامسة فمن المؤسف القول بانها شبهة ابن حجر الهيثمى فى كتابه «الصواعق المحرقة» و شبهة ابن رزبهان فى رده على كتاب «نهج الحق و كشف الصدق» للعلامة الحلى، «و لست باول من غره السراب».

فقد نسب ابن حجر كذبا الى بعض ائمة اهل البيت النبوى انه قال: «و قد تاملت كلماتهم فرايت قوما اعمى الهوى بصائرهم فلم يبالوا بما ترتب على مقالاتهم من المفاسد، الا ترى الى قولهم: ان عمر قاد عليا بحمائل سيفه و حصر فاطمه فهابت فاسقطت ولدا اسمه المحسن، فقصدوا بهذه الفرية القبيحة و الغباوة التى اورثتهم العار و البوار و الفضيحة ايغار الصدور على عمر، و لم يبالوا بما يترتب على ذلك من نسبة على رضى الله عنه الى الذل و العجز و الخور بل و نسبة جميع بنى هاشم و هم اهل النخوة و النجدة و الانفة الى ذلك العار اللاحق بهم الذى لا اقبح منه عليهم، بل و نسبة جميع الصحابة الى ذلك، و كيف يسع من له ادنى ذوق ان ينسبهم الى ذلك مع ما استفاض و تواتر عنهم من غيرتهم لنبيهم و شدة غضبهم عند انتهاك حرماته حتى قاتلوا و قتلوا الآباء و الابناء فى طلب مرضاته... الخ».

[الصواعق المحرقة: ص 51.] .

و من المؤكد ان ابن حجر اراد ان يطرح هذه الشبهة فوجد ان افضل اسلوب لذلك هو نسبتها الى بعض ائمة اهل البيت النبوى، و لكنه لم يجرؤ على ذكر اسمه؛ لان كذبه سيفتضح.

كلام العلامة الحلى:


اما شبهة ابن رزبهان فقبل التعرض لها يحسن نقل نص كلام العلامة الحلى فى كتابه ضمن مطاعن و مثالب الخليفة الاول، و الذى رد عليه ابن رزبهان لا حقا، قال العلامة الحلى (رضوان الله عليه):

«و منها: انه طلب هو و عمر احراق بيت اميرالمؤمنين عليه السلام، و فيه اميرالمؤمنين عليه السلام و فاطمه، و ابناهما، و جماعة من بنى هاشم، لاجل ترك مبايعة ابى بكر. ذكر الطبرى فى تاريخه قال: اتى عمر بن الخطاب منزل على فقال: و الله لاحرقن عليكم او لتخرجن للبيعة، و ذكر الواقدى: ان عمر جاء الى على فى عصابة فيهم اسيد ابوالحصين و سلمة بن اسلم، فقال: اخرجوا او لنحرقنها عليكم، و نقل ابن خيزرانة فى غرره: قال زيد بن اسلم: كنت ممن حمل الحطب مع عمر الى باب فاطمه حين امتنع على و اصحابه عن البيعة ان يبايعوا فقال عمر لفاطمه: اخرجى من فى البيت و الا احرقته و من فيه، قال: و فى البيت على و فاطمه، و الحسن، و الحسين، و جماعة من اصحاب النبى صلى الله عليه و آله فقالت فاطمه: تحرق على ولدى؟ فقال: اى والله او ليخرجن و ليبايعن. و قال ابن عبدربه و هو من اعيان السنة: فاما على و العباس فقعدوا فى بيت فاطمه، و قال له ابوبكر: ان ابيا فقاتلهما، فاقبل بقبس من نار على ان يضرم عليهما الدار، فلقيته فاطمه فقالت: يا ابن الخطاب اجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم. و نحوه روى مصنف كتاب المحاسن و انفاس الجواهر، فلينظر العاقل من نفسه: هل يجوز له تقليد مثل هؤلاء ان كان هذا نقلهم صحيحا، و انهم قصدوا بيت النبى صلى الله عليه و آله لاحراق اولاده على شى ء لا يجوز هذه العقوبة مع مشاهدتهم تعظيم النبى صلى الله عليه و آله لهم.

و كان ذات يوم يخطب فعبر الحسن و هو طفل صغير فنزل من منبره و قطع الخطبة و حمله على كتفه و اصعده المنبر، ثم اكمل الخطبة، و بال الحسين يوما فى حجره و هو صغير فزعقوا به فقال: لا ترزموا على ولدى بوله. مع ان جماعة لم يبايعوا فهلا امر بقتلهم، و باى اعتبار وجب الانقياد الى هذه البيعة؟ و النص غير دال عليها و لا العقل. فهذا بعض ما نقله السنة من الطعن على ابى بكر و الذنب فيه على الرواة من السنة».

[دلائل الصدق: ج 3، ص 78، عن نهج الحق: ص 271.]

اعتراض ابن رزبهان على العلامة:


اما ابن رزبهان فقد اعتراض على العلامة الحلى و جاء بنفس الشبهة التى ذكرها «فضل الله»، و سنذكر نص كلامه استكمالا لذكر كل الشبهات الواردة فى المقام و ان لم يذكرها «فضل الله» و لكى نريح انفسنا من عناء الرد عليها مستقبلا، فقد قال:

«من اسمج ما افتراه الروافض هذا الخبر، و هو احراق عمر بيت فاطمه و ما ذكر ان الطبرى ذكره فى التاريخ، فالطبرى من الروافض مشهور بالتشيع، مع ان علماء بغداد هجروه لغلوه فى الرفض و التعصب، و هجروا كتبه و رواياته و اخباره، و كل من نقل هذا الخبر فلا يشك انه رافضى متعصب يريد ابداء القدح والطعن على الاصحاب، لان العاقل المؤمن الخبير باخبار السلف ظاهر عليه ان هذا الخبر كذب صراح و افتراء بين، لا يكون اقبح منه و لا ابعد من اطوار السلف، و ذلك لوجوه سبعة:

الاول:ان بيت فاطمه كان متصلا ببيوت ازواج النبى، و متصلا بالمسجد و قبر النبى، و هل كان عمر يحرق بيوت النبى و المسجد و القبر المكرم؟! نعود بالله من هذا الاعتقاد الفاسد، لان بيوتهم كانت متصلة معمولة من الطين و السعف اليابس، فاذا اخذ الحريق فى بيت، كان يحترق جميع البيوت و المسجد و القبر المكرم. اكان عمر يقدم على احراق جميع هذا و لا يخاف لومة لائم و لا اعتراض معترض؟ من تامل هذا علم انه من المفتريات الواضحة.

الثانى: ان عيون بنى هاشم و اشراف بنى عبدمناف و صناديد قريش كانوا مع على، و هم كانوا فى البيت و عندهم السيوف اليمانية، و اذا بلغ امرهم الى ان يحرقوا من فى البيت، اتراهم طرحوا الغيرة و تركوا الحمية راسا و لم يخرجوا بالسيوف المسلة فيقتلوا من قصد احراقهم بالنار.

الثالث: دفع الصائل على النفس واجب، و ترك الدفع ثم، و اى صولة على النفس اشد من صولة الاحراق، فكان يجب على على ان يدفعه و الا قدح فى عصمته.

الرابع: لو صح هذا دل على عجز على- حاشاه عن ذلك- فان غاية عجز الرجل ان يحرق هو و اهل بيته و امرأته فى داره و هو لا يقدر على الدفع، و مثل هذا العجز يقدح فى صحة الامامة.

الخامس: ان امراء الانصار و اكابر الصحابة كانوا مسلمين منقادين محبين لرسول الله، اتراهم سكتوا و لم يكلموا ابابكر فى هذا، و ان احراق اهل بيت النبى لا يجوز و لا يحسن؟

السادس: لو كان هذا امرا واقعا لكان اقبح و اشنع من قتل عثمان، و قتل الحسين، و لكان ينبغى ان يكون منقولا فى جميع الاخبار لتوافر العزائم و الرغبات على نقل امثال هذا. و ما راينا احد روى هذا، الا ان الروافض ينسبونه الى الطبرى، و نحن ما راينا هذا فى تاريخه، و ان كان فى تاريخه فلا اعتداد به لانه من الواقعات العظيمة المشهورة. و فى امثال هذا لا يكتفى برواية واحد لم يوافقه احد، و اهل الحديث يحكمون بان هذا منكر شاذ؛ لان الوقائع العظيمة يتوفر الدواعى الى نقلها و حكايتها، فاذا نقل مثل هذه الواقعة احد من الناس او جماعة من المجهولين المتعصبين فهى غير مقبولة عند اهل الحديث.

السابع: انه ينافى هذا رواية الصحاح فان ارباب الصحاح ذكروا فى بيعة على لابى بكر ان بنى هاشم لم يبايعوا ابابكر الا بعد وفاة فاطمه و لم يتعرض ابوبكر لهم و تركهم على حالهم، و كانوا يترددون عند ابى بكر و يدخلون فى المشاورات و المصالح و المهمات و تدبير الجيوش، فلما توفيت فاطمه بعث اميرالمؤمنين على ابى بكر و قال: ائتنى وحدك، فجاءه ابوبكر فى بيته فجلسا و تحدثا، ثم قال على لابى بكر: انك استاثرت هذا الامر دوننا، ما كنا نمنعك عن هذا الامر و لا نحن نراك غير اهل لهذا،

و لكن كان ينبغى ان تؤخره الى حضورنا، فقال ابوبكر: يا اباالحسن كان الانصار يدعون هذا الامر لانفسهم، و كانوا يريدون ان ينصبوا اميرا منهم، وكان يخاف منهم الفتنة فتسارعت الى اطفاء الفتنة و اخذت بيعة الانصار، و ان كان فى هذا الامر رغبة فانا اخطب الناس و اقيل بيعتهم و ابايعك و الناس. فقال اميرالمؤمنين: الموعد بينى و بينك بعد صلاة الظهر، فلما صلوا الظهر رقى ابوبكر المنبر و قال: اقيلونى فلست بخيركم و على فيكم، فقام على و خطب و قال: ان بينى و بين ابى بكر شى ء فانه استاثر هذا الامر دوننا، و لم يتوقف بحضورنا و هم اولى للخلافة، ثم قال: ابسط يدك لابايعك، فبايعه فى محضر الناس و بايع بنوهاشم و تم الامر... الخ».

[دلائل الصدق: ج 3، ص 79- 82.]

تاييد «فضل الله» لاعتراض ابن رزبهان:


و هكذا نلاحظ ان الاعتراض الثانى و الثالث و الرابع لابن رزبهان هى نفس الشبهة الرابعة و الخامسة ل«فضل الله»، فالمنبع و المستقى لهاتين الشبهتين واحد! فهل كان عدم ذكر المصدر الذى استقيت منه الشبهتان خوفا من الانعكاس السلبى عله بين الشيعة فيمالو علموا انه يثير شبهة ناصبى معاند ذكرها ضد العلامة الحلى؟

اما الشبهة الخامسة فقد صرح ان سنيا اثارها عندما سمع قارى التعزية، و انه يوافقه فى اثارة الشبهة نفسها! و بقيت اربعة من اعتراضات ابن رزبهان و هى الاعتراض الاول و الخامس و السادس و السابع، و بما حررناه من تقسيم الشبهات يتضح ان الاعتراض السادس مندرج ضمن الشبهة الثالثة، و يبقى الكلام فى الاعتراض الاول و الخامس و السابع، و سنتطرق لها بعد تفنيد الشبهات الخمسة.

جواب الشبهة الاولى


اما بالنسبة للشبهة الاولى فان «فضل الله» تعرض لها بشكل من يريد- كما هى عادته!- اثارة الشبهة و الايحاء بقوتها من دون تحمل تبعاتها، فنحن لم نسمع عن تفصيل هذه الشبهة سوى ان للدكتور سهيل زكار ادلته! و ان هناك حديثا فى سنن ابى داود يشير الى هذه الشبهة. هذا مع ما بلغنا ان الدكتور زكار قد اكد على انه لم يحقق فى موضوع عدم وجود الابواب فى المدينة و كل ما فى الامر انه لم يعثر ضمن قراءاته المحدودة ما يدل على وجود الابواب، و بالتالى فلا يصح ل«فضل الله» ان يستند على كلامه مع عدم تحقيقه فى هذا الامر. مع ان المنهج العلمى يقوم على تبنى الآراء وفقا للادلة و الاثباتات لا محاكاة الآخرين فى آرائهم.

النصوص الدالة على وجود الابواب فى المدينة:


و على كل حال فلا يسعنا فى هذا المجال الا الاجابة على كل ما يحتمل من اثارته فى تقوية هذه الشبهة، فنقول:

اما اولا: فهناك مجموعة من النصوص تدل على وجود ابواب للمدينة آنذاك، و يمكن تقسيم النصوص الى قسمين:

القسم الاول: النصوص التى يستظهر منها او تنص على وجود الابواب فى المدينة المنورة، و منها:

1- روى الشيخ الصدوق بسند صحيح عن حماد بن عيسى، عن ابى عبدالله الصادق عليه السلام قال: «بينا رسول الله صلى الله عليه و آله فى بعض حجراته اذ اطلع رجل فى شق الباب و بيد رسول الله صلى الله عليه و آله مذراة فقال: لو كنت قريبا منك لفقات به عينك».

[من لا يحضره الفقيه: ج 4، ص 74، الباب 21، ح 1. و قد ذكر السيد الخوئى فى معجمه ثلاثة طرق من الشيخ الصدوق الى حماد بن عيسى و كلها صحيحة (معجم رجال الحديث: ج 6، ص 230)، و المذارة و المذرى: خشبة ذات اطراف، و هى الخشبة التى يذرى بها الطعام و تنقى بها الاكداس (لسان العرب: ج 14، ص 283).] فان وجود كلمة «الشق» يتناسب مع وجود الباب الخشبى و لا ينسجم مع وجود الستار على الباب.

2- روى الشيخ الصدوق فى علل الشرائع باسناده الى ابى عبدالله عليه السلام، عن ابيه عليه السلام، عن جابر بن عبدالله الانصارى قال: قال رسول الله صلى الله عليه و آله: «اجيفوا ابوابكم... الخ».

[علل الشرائع: ص 582، ح 21، عنه الوسائل: ج 3، ص 576.] قال فى لسان العرب ضمن مادة جوف: «و فى حديث الحج: انه دخل البيت و اجاف الباب اى رده عليه، و فى الحديث: اجيفوا ابوابكم اى ردوها».

[لسان العرب: ج 9، ص 35.]

فان كلمة «اجيفوا» لم تستخدم فى اللغة مع الستار و انما استخدمت مع الباب، و عدم صحة الاستخدام هو بحد ذاته دليل على عدم كون الابواب سترا و كونها ابوابا خشبية. هذا كله على فرض صحة اطلاق كلمة الباب على الستار.

و مما روى بمعنى الاغلاق المناسب للباب لا الستار ما رواه الترمذى عن عائشة انها قالت: «جئت رسول الله صلى الله عليه (و آله) و سلم يصلى فى البيت، و الباب عليه مغلق».

[الجامع الصحيح: ج 2، ص 497، ح 601، باب ما يجوز من المشى و العمل فى صلاة التطوع.] و روى الترمذى ايضا باسناده الى جابر بن عبدالله، عن رسول الله صلى الله عليه و آله انه قال: «اغلقوا الباب، و اوكئوا السقاء... الخ».

[الجامع الصحيح: ج 4، ص 263، ح 1812، كتاب الاطعمة، باب ما جاء فى تخمير الاناء و اطفاء السراج و النار عند المنام، و عقب الترمذى عليه: «هذا حديث حسن صحيح، و قد روى من غير وجه جابر»، و كذلك رواه ابن ماجة فى سننه: ج 2، ص 1129، ح 3410، كتاب الاشربة، باب تخمير الاناء.] و روى البخارى باسناده الى النبى صلى الله عليه و آله انه قال: «و اغلقوا الابواب و اذكروا اسم الله، فان الشيطان لا يفتح بابا مغلقا».

[صحيح البخارى: ج 4، ص 157.]

3- و روى البخارى باسناده الى ابى موسى الاشعرى انه قال ضمن حديث: «فجلست عند الباب و بابها من جريد»،

[صحيح البخارى: ج 5، ص 10.] فان هذا نص لا لبس فيه على وجود الابواب الخشبية فى المدينة و كون بعضها من جريد النخل.

و نحن لا نريد ان نقر بباقى مضمون الرواية، و انما ذكرناها كشاهد فى مقام الاحتجاج، حيث ان المثبت لعدم وجود الابواب او فلنقل المشكك فى ذلك استشهد بما جاء فى سنن ابى داود، فنلزمه بما جاء من طريق السنة بما هو اصح لديهم من ناحية السند و الاعتبار.

النصوص الدالة على وجود الباب لبيت فاطمه:


القسم الثانى: النصوص التى يستظهر منها او تنص على وجود الباب الخشبى لبيت فاطمه و اميرالمؤمنين عليهماالسلام، و منها ما يلى:

1- حديث سد الابواب الا باب على الذى رواه اهل السنة باسانيد صحيحة، فقد رواه الحاكم فى المستدرك على شرط الشيخين، و صححه الذهبى ايضا،

[راجع المستدرك: ج 3، ص 125 و 132، و نقله ابن الاثير الجرزى عن الترمذى كما فى جامع الاصول: ج 8، ص 659، ح 650، و له مصادر اخرى كثيرة، فمن يحب المزيد فليراجع الصحيح من سيرة النبى: ج 4، ص 89- 101.] فانه لو كان بيت الامام على عليه السلام من الستار لكان اللازم ان يقال: اسدلوا الستائر لا ان يقال سدوا الابواب، فعدم صحة الاستخدام برهان على كون باب بيت فاطمه عليهاالسلام ليس من الستائر.

2- روى الكلينى باسناده الى ابى جعفر عليه السلام، عن جابر بن عبدالله الانصارى، قال: «خرج رسول الله يريد فاطمه و انا معه، فلما انتهينا الى الباب وضع يده عليه فدفعه ثم قال السلام عليكم...».

[الوسائل: ج 14، ص 158، ح 3.]

3- روى الجوينى الشافعى باسناده عن انس قال: «لما زوج النبى صلى الله عليه و آله فاطمه قال: يا ام انس زفى ابنتى الى على، و مريه ان لا يعجل عليها حتى آتيه، فلما صلى العشاء اقبل بركوة فيها ماء فتفل فيها بماشاءالله و قال: اشرب يا على و توضا، و اشربى و توضئى، ثم اجاف عليهماالباب».

[فرائد السمطين: ج 1، ص 92، ح 61.]

4- المناقب لابن شهر آشوب عن كتاب ابن مردويه: «ثم اتاها- اى النبى- فى صبيحتهما و قال السلام عليكم، ادخل رحمكم الله؟ ففتحت اسماء الباب».

[المناقب: ج 3، ص 356.]

5- و روى ابن بابويه ضمن حديث طويل اورده فى تزويج اميرالمؤمنين بفاطمه عليهماالسلام: «ان النبى صلى الله عليه و آله اخذ فى فيه ماء و دعا فاطمه عليهاالسلام فاجلسها بين يديه، ثم مج الماء فى المخضب- و هو المركن- و غسل فيه قدميه و وجهه، ثم دعا فاطمه عليهاالسلام و اخذ كفا من ماء فضرب به على راسها و كفا بين يديها، ثم رش جلدها، ثم دعا بمخضب آخر، ثم دعا عليا فصنع به كما صنع بها، ثم التزمهما فقال: اللهم انهما منى و انا

منهما، اللهم كما اذهبت عنى الرجس و طهرتنى تطهيرا فاذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، ثم قال: قوما الى بيتكما جمع الله بينكما و بارك فى سيركما و اصلح بالكما، ثم قام و اغلق عليهما الباب بيده».

[كشف الغمة: ج 2، ص 100.]

فان استخدام عبارة (فدفعه) فى الحديث الثانى، و (ثم اجاف عليهما الباب) فى الحديث الثالث، و (فتحت اسماء الباب) فى الحديث الرابع، و (اغلق عليهما الباب بيده) فى الحديث الخامس لا يستقيم مع ارادة الستار اذ كان اللازم ان يقال (ازاحه) او (اسدله).

6- و روى الخصيبى ضمن قصة الاعتداء و احراق بيت الزهراء عليهاالسلام: «و اخذ النار فى خشب الباب».

[الهداية الكبرى: ص 407.]

7- و روى العياشى ضمن قصة الاعتداء عن لسان الراوى الذى شهد الهجوم على بيت الزهراء عليهاالسلام: «فلما انتهينا الى الباب فراتهم فاطمه، اغلقت الباب فى وجوههم و هى لا تشك ان يدخل عليها الا باذنها، فضرب عمر الباب برجله فكسره، و كان من سعف».

[تفسير العياشى: ج 2، ص 67.]

فهاتان الروايتان صريحتان فى الاخبار عن كون باب فاطمه عليهاالسلام من الخشب و بالتحديد من سعف النخيل.

اما ثانيا: فان «فضل الله» يقر بان القوم هددوا باحراق بيت الزهراء، و انهم كانوا يريدون الامام على عليه السلام ليبايع، و ان فى البيت جمعا من انصار الامام على عليه السلام، فاذا كان المطروح على باب بيت الزهراء هو مجرد الستار، فلماذا لم يتم اقتحام البيت بازاحة الستار و دخول البيت و اخراج اميرالمؤمنين عليه السلام منه؟ اذ الطريق ستكون مفتوحة امامهم.

اما ثالثا: فان «فضل الله» قال فى جوابه الخامس: «انه من المؤكد انهم جاءوا بالحطب ليحرقوا باب البيت»، و قد ذكرنا سابقا فى فصل احراق بيت الزهراء عليهاالسلام ان بعض المصادر السنية كالعقد الفريد و الامامة و السياسة و تاريخ ابى الفداء ذكرت ان عمر بن الخطاب قد اقبل بقبس من نار، فلو كان باب البيت ستارا لما كانت هناك اى حاجة للاتيان بالحطب اذ كان بالامكان الاكتفاء بقبس النار لاشعال الستار. هذا بالاضافة الى ان الاقبال بالنار و وضع الحطب على الباب و التهديد باحراقه يثير استفهاما حول سبب الحاجة للتهديد بالاحراق مع امكان الاقتحام بازاحة الستار، فان التهديد بالاحراق مع احضار الخشب ينسجم مع وجود الباب الخشبى الموصد، و هذا ما تشهد به روايات الهجوم التى تقول ان عمر كسر باب البيت برجله.

/ 42