حوار مع فضل الله حول الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حوار مع فضل الله حول الزهراء - نسخه متنی

سید هاشم هاشمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


تسمية مصحف فاطمه


و قد لا حظنا ان فضل الله فى عدة مواضع يؤكد تعبيره السابق «مصحف الزهراء ليس قرآنا» فقال هنا: «انها كانت تكتب فيما يسمى مصحف الزهراء الذى هو ليس مصحفا بمعنى القرآن»، و بعد الرجوع الى الروايات الواردة لم نعثر على رواية واحدة فيها تعبير «مصحف الزهراء» بل انها تشير الى عبارة «مصحف فاطمة».

و قد ورد ذكر مصحف فاطمه 32 مرة فى كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسى، و بعد حذف المتكرر او المذكور فى روايات غير مسندة كالمذكور فى كتاب المناقب لابن شهر آشوب يكون المجموع منها 28 رواية،و بعد التفحص فيها وجدنا انها عبرت جميعا عن المصحف ب«مصحف فاطمة» باستثناء روايتين جاءت احداهما فى علل الشرائع للشيخ الصدوق ص 207، و الاخرى فى كتاب بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار ص 189، حيث عبرتا عنه ب«كتاب فاطمة».

[لم نورد ذكر رواية الكافى لعدم معلومية ارادة «مصحف فاطمة» منها بخلاف روايتى العلل و البصائر التى تشهد القرائن بارادتهما لمصحف فاطمه. و سياتى ان رواية الكافى كروايتى العلل و البصائر كلها ضعيفة السند.]

و بالطبع لا ندعى ان العلامة المجلسى استقصى كل الروايات الواردة فى مصحف فاطمه من جميع مصادرنا الروائية، فقداغفل على سبيل المثال رواية اوردها محمد بن جرير الطبرى فى كتابه دلائل الامامة، و لكن ما اورده يوجب الاطمئنان بالحصول على الاعم الاغلب من الروايات خصوصا بعد البحث و التقصى فى مظان وجود الروايات المتعرضة لمصحف فاطمه فى المصادر الاخرى.

و ليس الغرض من التعرض لهذه النقطة هو تكثير عدد الاشكالات لان الدقة و الامانة العلمية و التعبد بنصوص اهل البيت عليهم السلام تقتضى ان نلتزم بما جاء فيها بنفس الالفاظ و العبارات و خصوصا ان فضل الله كان فى مقام تعيين الاسم الذى اشتهر به المصحف فكان ينبغى ان يقول: «فيما يسمى مصحف فاطمه»- كما التزم به علماؤنا- لا ان يقول: «فيما يسمى مصحف الزهراء». بل ان عدم الدقة فى التعاطى مع المصطلحات و العبائر الواردة قد اوقع فضل الله فى خطا ظاهر كما سياتى فى مبحث محتوى مصحف فاطمه حيث ادعى ان محتواه عبارة عن الاحكام الشرعية مستشهدا بما جرى بين الامام الصادق عليه السلام و بعض بنى عمه.

تجدر الاشارة الى ان الروايات التى عبرت عن «مصحف فاطمه» ب«كتاب فاطمه» كلها ضعيفة السند، فرواية بصائر الدرجات ضعيفة بالقاسم بن محمد الجوهرى، و رواية العلل ضعيفة به و بالحسين بن الحسن بن ابان و بالفضيل بن سكرة، و رواية الكافى ضعيفة بسلمة بن الخطاب البراوستانى.

[بصائر الدرجات: ص 189، ح 3. علل الشرائع: ص 207، ح 7. الكافى: ج 3، ص 507 ، ح 2.]

كاتب مصحف فاطمه


بعد ان عبر فى شريطه المسجل عن الزهراء بانها «اول مؤلفة و كاتبة فى الاسلام» و «كانت تكتب فيه ما كانت تسمعه...» نراه يعيد الكرة ثانية ليقول: «انها كانت تكتب فيما يسمى مصحف الزهراء» و «كان ينقل- اى الامام الحسن عليه السلام- اليها ما يسمعه من جده رسول الله فتكتبه»، و بعد الرجوع الى الروايات فاننا لم نعثر فى مجموع ما بحثنا عنه حتى على رواية واحدة تشير الى ان الزهراء عليهاالسلام هى التى كانت تكتب «مصحف فاطمة»، و لا ادرى على اى اساس ابتنى فضل الله زعمه فى العدد 19 من نشرة «فكر و ثقافة» ان هناك بعض الروايات (!) التى تدل على ان فاطمه الزهراء عليهاالسلام هى التى كتبت مصحف فاطمه؟!

مصحف فاطمه بخط الامام على


نعم، الروايات الواردة و المعترضة الى كاتب مصحف فاطمه تشير كلها الى انه بخط اميرالمؤمنين عليه السلام، و نكتفى بذكر ثلاث روايات منها فقط:

الرواية الاولى:


روى الكلينى فى الكافى بسنده عن محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ابى عبيدة، عن ابى عبدالله الصادق عليه السلام قال : «... ان فاطمه عليهاالسلام مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه و آله خمسة و سبعين يوما، و كان يدخلها حزن شديد على ابيها، و كان جبرائيل عليه السلام ياتيها فيحسن عزاءها على ابيها، و يطيب نفسها، و يخبرها عن ابيها و مكانه، و يخبرها بما يكون بعدها فى ذريتها، و كان على عليه السلام يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة».

[الكافى: ج 1، ص 241.] و روى محمد بن الحسن الصفار نفس هذه الرواية بهذا السند: احمد بن محمد و محمد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن على بن رئاب، عن ابى عبيدة.

[بصائر الدرجات: ص 173، الرواية 6.] و السندان صحيحان.

و لكن فضل الله قال فى مجلة الموسم: «ان بعض الناس قد يناقش فى سندها!» و لم يفصح من المقصود من ذلك البعض، فاننا لم نجد اى واحد من علمائنا قد شكك فى صحة سند هذا الحديث، و لكنه فى جوابه السادس بين من هو المقصود من ذلك البعض حيث زعم هو شخصيا ان الرواية ضعيفة.

ضغث على ابالة...


و من اغرب ما نسجه خيال فضل الله تثبيتا لرايه الاستحسانى هو الادعاء بان اباعبيدة فى الرواية هو المدائنى، و هو مجهول فالرواية ضعيفة! فانه لم يسبقه احد فى التفكير بمثل هذا، و كلامه باطل جزما لوجهين:

الوجه الاول: ان المدائنى قد اختلفت كنيته فى الاسانيد هل هو ابوعبيدة ام ابوعبيد، و قد ذكر السيد الخوئى انه قد ورد ذكره فى روايتين فقط رواهما عن الباقر و الصادق عليهماالسلام،

[معجم رجال الحديث: ج 21، ص 232 و 236.] و الظاهر ان المراد به شخص واحد لا تعلم حقيقة كنيته، اما الحذاء فمن المتفق عليه ان كنيته هى ابوعبيدة.

الوجه الثانى: لو سلمنا ان كنية المدائنى هى ابوعبيدة لا ابوعبيد، فالقول بانه المراد هنا لا يصح و ذلك لان اباعبيدة الذى يروى عن الامام الصادق عليه السلام ان كان بدون اى قيد فالمراد به زياد بن عيسى الملقب بالحذاء و هو ثقة بلا اشكال، و قد ذكر السيد الخوئى ان اسمه جاء فى عشرات الروايات، و قد اكثر على بن رئاب من الرواية عنه،

[راجع معجم رجال الحديث: ج 21، ص 417- 423.] فكيف يصح حمل ابى عبيدة على المدائنى الذى لم يات له ذكر الا فى رواية واحدة و لا يحمل على الحذاء الذى ذكر فى عشرات الروايات مع اكثار ابن رئاب الرواية عنه؟! و قد مر علينا فى مبحث طهارة الزهراء عليهاالسلام ان السيد الخوئى اعترض على حمل فاطمه على فاطمه بنت ابى حبيش بدليل ان الاسم اذا اطلق ينصرف الى الفرد المشهور و المعروف، و لا يصح حمله على غير المعروف، و العرف شاهد صدق على ذلك فانه لو قال شخص مثلا: زرت السيد المرعشى فى قم، فان السامع يفهم انه يعنى المرجع الاب لا الابن الا اذا كانت هناك قرينة فى المقام كمعرفة السامع وجود علاقة حميمة بين المتحدث و الابن بحيث انه كلما سافر الى قم فانه ينزل ضيفا عنده.

اقوال اعلام الطائفة فى المراد من ابى عبيدة:


و لتسالم ارادة الحذاء من ابى عبيدة فان علماءنا كالعلامة المجلسى و الامام الخمينى و الميرزا جواد التبريزى و غيرهم ذهبوا الى صحة سند هذا الحديث و اعتباره،

[راجع مرآة العقول:ج 3، ص 59، و صحيفه نور: ج 19، ص 278.] و لم نجد من شراح اصول الكافى من قال بضعف الرواية لحمل ابى عبيدة على المدائنى.

قال السيد الخوئى فى معجمه عند بيان المقصود من ابى عبيدة اذا اطلق من غير اى قيد: «هذا هو ابى عبيدة الحذاء الآتى الا فى مورد واحد روى عنه ابن سيرين، فانه من المحتمل ان يكون اباعبيدة الجراح الآتى».

[معجم رجال الحديث: ج 21، ص 235.] ثم ان القول ان المراد فى كل ما ورد من الروايات عن ابى عبيدة من غير تقييد هو المدائنى يستلزم اسقاط الكثير من الروايات التى يترتب عليها آثار فقهية متعددة فى مختلف الابواب الفقهية، و نحن نكتفى بذكر مثال واحد فقط فى المسائل الشرعية نبين من خلاله اتفاق اعلام الطائفة قاطبة على ان المقصود من ابى عبيدة عند الاطلاق هو الحذاء الثقة لا المدائنى المجهول، و قد تعمدنا فى هذا المثال ان يكون الراوى عن ابى عبيدة على بن رئاب ايضا حتى تتطابق مع مورد روايتنا حول مصحف فاطمه عليهاالسلام و ما نحن فيه.

فقد روى الشيخ الكلينى عن محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن على بن رئاب، عن ابى عبيدة قال: «سالت اباجعفر عليه السلام عن الطامث تسمع آية السجده، قال: ان كانت من العزائم فلتسجد اذا سمعتها».

[الكافى: ج 3، ص 106 ح 3، كتاب الحيض- باب الحائض و النفساء تقرا القرآن.] و السند صحيح بالاتفاق الى ابن رئاب كما هو حال رواية مصحف فاطمه ايضا، و يبقى الامر فيمن يروى عنه ابن رئاب هل هو ابوعبيدة الحذاء ام المدائنى؟

لم نجد فى كلمات اى واحد من اعلامنا حتى على نحو الاحتمال الضعيف اشارة الى ان المراد هو المدائنى، بل اتفقت كلمتهم على ان المقصود هو ابوعبيدة الحذاء الثقة، و هذه نبذة مختصرة من اسماء بعض علمائنا الذين نصوا على ارادة الحذاء من هذه الرواية:

1- العلامةالحلى (المتوفى سنة 726 ه) فى مختلف الشيعة: ج 1، ص 34.

2- احمد بن محمد بن فهد الحلى (المتوفى سنة 841 ه) فى المهذب البارع: ج 1، ص 166.

3- الشهيد زين الدين بن على الجبعى العاملى (المتوفى سنة 996 ه) فى روض الجنان: ص 76.

4- السيد محمد بن على الموسوى العاملى (المتوفى سنة 1009 ه) فى مدارك الاحكام: ج 1، ص 348.

5- الحسن بن الشهيد الثانى (المتوفى سنة 1011 ه) فى منتقى الجمان: ج 1، ص 211.

6- بهاءالدين محمد بن الحسين العاملى (المتوفى سنة 1030 ه) فى مشرق الشمسين: ص 260.

7- الملا محمد باقر السبزوارى (المتوفى سنة 1090 ه) فى ذخيرة المعاد: ص 71.

8- الشيخ يوسف البحرانى (المتوفى سنة 1186 ه) فى الحدائق الناظرة: ج 3، ص 257.

9- السيد محمد جواد الحسينى العاملى (المتوفى سنة 1226 ه) فى مفتاح الكرامة : ج 1، ص 372.

10- السيد على الطباطبائى (المتوفى سنة 1231 ه) فى رياض المسائل: ج 1، ص 383.

11- المولى احمد بن محمد مهدى النراقى (المتوفى سنة 1245 ه) فى مستند الشيعة: ج 2، ص 465.

12- الشيخ محمد حسن النجفى (المتوفى سنة 1266 ه) فى جواهر الكلام: ج 3، ص 224.

13- الشيخ مرتضى الانصارى (المتوفى سنة 1281 ه) فى كتاب الطهارة- كتاب الغسل: ص 433.

14- السيد محمد الفشاركى (المتوفى سنة 1316 ه) فى الرسائل الفشاركية: ص 328.

15- السيد محسن الطباطبائى الحكيم (المتوفى سنة 1390 ه) فى مستمسك العروة الوثقى: ج 3، ص 315.

16- السيد ابوالقاسم الموسوى الخوئى (المتوفى سنة 1413 ه) فى التنقيح فى شرح العروةالوثقى- كتاب الطهارة: ج 6، ص 433.

17- السيد عبدالاعلى الموسوى السبزوارى (المتوفى سنة 1414 ه) فى مهذب الاحكام : ج 3، ص 230.

و على فرض التنزل عن القول بان اباعبيدة هو الحذاء الثقة، فهل يملك فضل الله دليلا يثبت من خلاله استظهار ارادة المدائنى؟

منشا الخبط:


انها كلمة قصيرة اطلقها فضل الله فقال: «و الظاهر انه المداينى» ! تسببت فى كتابة كل هذه الاسطر و التطويل على القارى الكريم، و منشا ذلك واضح، انه الجهل و القاء الكلام من غير تفحص، و حقا فان الاجابة على مثل هذه الآراء التى تنم عن عدم المعرفة باوليات ما يدرس فى الحوزة العلمية لمما يجهد الروح اكثر مما يجهد الفكر و الجسد و خصوصا اذا صدرت عمن يزعم الفقاهة و انه «آية الله»! و لا ادرى اين مؤلف «هوامش نقدية» عن هذه الابداعات التى اختص بها صاحبه فمضى عنها و لم ينبس ببنت شفة!

الرواية الثانية:


روى الكلينى فى الكافى عن عدة من اصحابنا، عن احمد بن محمد، عن عمر بن عبدالعزيز، عن حماد بن عثمان، قال: سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول: «تظهر الزنادقة فى سنة ثمان و عشرين و مائة و ذلك انى نظرت فى مصحف فاطمه عليهاالسلام، قال: قلت: و ما مصحف فاطمه؟ قال: ان الله لما قبض نبيه صلى الله عليه و آله دخل على فاطمه عليهاالسلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه الا الله عز و جل، فارسل اليها ملكا يسلى غمها و يحدثها، فشكت ذلك الى اميرالمؤمنين عليه السلام فقال لها: اذا احسست بذلك و سمعت الصوت قولى لى. فاعلمته بذلك،فجعل اميرالمؤمنين عليه السلام يكتب كل ما سمع، حتى اثبت من ذلك مصحفا. قال: ثم قال: اما انه ليس فى شى ء من الحلال و الحرام و لكن فيه علم ما يكون».

[الكافى:ج 1،ص 240، ح 2.] و ليس فى السند من يخدش فيه سوى عمر بن عبدالعزيز فقد ضعفه

العلامة المجلسى و المامقانى، اما السيد الخوئى فوفقا لما ذهب اليه من توثيق من جاء فى اسناد تفسير القمى فهو يرى و ثاقته،

[معجم رجال الحديث: ج 13، ص 41.] و لا يعارضه قول النجاشى عنه انه مخلط، فان التخليط ليس من موجبات التضعيف كما ذكر ذلك العلامة المامقانى فى مقباس الهداية،

[راجع مقباس الهداية: ج 2، ص 302- 305.] و كما نص السيد الخوئى فى معجمه مرارا على ذلك، و على سبيل المثال ذكر النجاشى عن جابر بن يزيد الجعفى: «و كان فى نفسه مختلطا»، و لكن السيد الخوئى لم يعتبر ذلك من موجبات الضعف التى تعارض توثيقه، و لذا حكم بوثاقته.

[معجم رجال الحديث:ج 4، ص 25.]

اما قول الفضل بن شاذان عنه بانه يروى المناكير و ليس بغال كما نقله عنه الكشى فلا يعتد به لان فى طريقه عبدالله بن حمدويه البيهقى و هو لم يرد فى حقه توثيق و لا ذكر فى كتب الرجاليين فلا يكون ما نقله عنه ما يوجب تضعيفا فيه، نعم ورد فى كتاب للامام العسكرى عليه السلام ترحمه عليه، و الامام الخمينى و السيد الخوئى لا يريان ان ذلك من موجبات الوثاقة، نعم من يرى ذلك يذهب الى حسنه كالمامقانى.

هذا كله بعد التسليم بكون رواية شخص للمناكير من موجبات التضعيف، و هو محل كلام عندهم، و قد ذكر المولى الوحيد ان ذلك ليس من موجبات الطعن فى الراوى على راى المتاخرين،

[مقباس الهداية: ج 2، ص 301.] و صرح السيد الخوئى بان رواية المناكير لا تستوجب التضعيف،

[راجع معجم رجال الحديث: ج 2، ص 358.] و بناء على ما سبق فالسند صحيح وفقا لراى السيد الخوئى (قدس سره). نعم ذهب العلامة المامقانى الى ضعفه لانه لم يتبن توثيق من جاء فى اسانيد تفسير القمى، و المسالة مبنائية.

و قد قال فضل الله ان رواية حماد بن عثمان ضعيفة بعمر بن عبدالعزيز استنادا لقول النجاشى و الكشى من دون تمحيص لمدلول كلاميهما، و من دون ملاحظة الخدشة الواردة فى نقل الكشى، و من دون ان يبين مبناه- ان كان يصح اعتباره صاحب مبنى !- فى اسس قبول الراوى او تضعيفه على اساس التخليط و رواية المناكير و الترحم و الورود فى اسناد تفسير القمى و غير ذلك، و دليله على ذلك،اما ما نقله عن العلامة الحلى فى الخلاصة فليس فيه جديد، فقد اكتفى العلامة الحلى بتكرار ما ذكره النجاشى و الكشى عنه. هذا وقد اخطا فضل الله فيما نقله عن العلامة الحلى، فانه لا يوجد فى كتابه عبارة: «عربى مصرى مخلط»،

[راجع رجال العلامة الحلى المعروف بالخلاصة ص 240 قسم الضعفاء، الفصل 16، الباب 6،رقم 6.] بل هو من قول النجاشى، كما ان عمر بن عبدالعزيز بصرى لا مصرى.

[راجع رجال النجاشى: ص 248، رقم 754. معجم رجال الحديث:ج 13، ص 41.]

اما مؤلف «هوامش نقدية» فكان «كابنة الجبل» اذ لم يزد عن تكرار ما قاله فضل الله، فقال: «... مع انه كان الاجدر ان يرد رواية حماد هذه الاخيرة لان فى طريقها عمر بن عبدالعزيز و قد وصف بالمخلط و ان له مناكير».

[هوامش نقدية: ص 64. هذا مع انه قد اشار العلامة السيد ياسين الموسوى من قبل الى ان السند صحيح على مبنى السيد الخوئى، و ان التخليط لا يستوجب التضعيف وفقا لرايه، فلماذا لا تنقل الحقائق للقارى؟! راجع «ملاحظات على منهج السيد محمد حسين فضل الله»: ص 84.]

جواب تشكيكات «فضل الله»:


و قد حاول فضل الله التشكيك فى مضمون هذه الرواية من جهتين:

الجهة الاولى: ان الملك جاء مسليا للزهراء عليهاالسلام فكيف تشكو لاميرالمؤمنين عليه السلام، فان مقتضى التسلية ان تبعث على تخفيف الغم لا الشكوى و الضيق. و قد اجاب العلامة المجلسى عن هذه الشبهة فقال: «و المراد بالشكاية مطلق الاخبار او كانت الشكاية لعدم حفظها جميع كلام الملك، و قيل: لرعبها من الملك حال وحدتها به و انفرادها بصحبته، و لا يخفى بعد ذلك عن جلالتها».

[مرآة العقول: ج 3، ص 57.]

اقول: الذى يظهر من سياق الحديث ان شكوى الزهراء لاميرالمؤنين عليهماالسلام كانت من جهة خوفها من عدم استفادة من ياتى بعدها من مضمون ما يلقيه عليها الملك فى حال عدم تدوينه، فالمراد من اسم الاشارة «ذلك» فى الحديث فوات ما يذكره الملك عن التدوين و ليس نفس تحدث الملك اليها كما يحاول فضل الله اثارته، و على فرض التنزل فان المراد من كلمة «ذلك» مجمل، و معه فلا يصح حمل الكلمة على الشبهة المثارة، كما لا يصح رد الرواية الصحيحة لاجلها فان ذلك مما ينبغى رد علمه الى اهله، بل و على فرض وجود خلل فى المتن ايضا فانه ينبغى الاقتصار على مورد الخطا لا رد الحديث كلية كما هو الحال فى الاحاديث الفقهية،

[راجع على سبيل المثال ما قاله الامام الخمينى فى كتاب الطهارة: ج 1، ص 285، و كذلك ما ذكره السيد الخوئى فى كتاب التنقيح فى شرح العروة الوثقى: ج 7، ص 141، كتاب الطهارة.] فلو قلنا ان الخطا هو فى تحدث الملك معها فانه يلزم القبول بباقى المتن الخالى عن الخطا من كون اميرالمؤمنين عليه السلام هو كاتب مصحف فاطمه، و انه يحتوى على علم ما يكون.

الجهة الثانية: ان الامام على عليه السلام لم يكن يعلم باتيان الملك الا من خلال اخبار الزهراء عليهاالسلام له، و فى هذا اشعار بتفوق للزهراء عليهاالسلام عليه. و يجاب عن هذا اولا:بان اثبات شى ء لا يستلزم نفى ما عداه، و ليس فى الرواية ما ينفى سماع اميرالمؤمنين عليه السلام لصوت الملك.

و ثانيا: انه لا يوجد اى مانع من ذلك، فالله سبحانه و تعالى اراد ان يكرم الزهراء عليهاالسلام فى هذا المورد بهذه الفضيلة و المنقبة كما اختص اميرالمؤمنين عليه السلام ببعض المناقب، علما بان بعض الروايات قد دلت على ان اميرالمؤمنين عليه السلام كان

يسمع صوت جبرائيل عليه السلام،

[كما دلت عليه الرواية الصحيحة التى رواها الصفار فى بصائر الدرجات: ص 341.] و اختصاص بعض الاشخاص بامور لا يعنى الافضلية المطلقة، فمثلا اختص النبى ابراهيم عليه السلام بكونه خليل الله و موسى عليه السلام بكونه كليم الله و لا يلزم من ذلك افضليتهم من النبى محمد المصطفى صلى الله عليه و آله.

و قد ذكر فضل الله فى هذه الجهة التى اثارها حول المتن عبارة غير واضحة الدلالة، فقد قال «و ان المسالة كانت سماع صوت الملك لا رؤيته»، فان كان مقصوده ان الامام على و الزهراء عليهاالسلام لم يكونا يشاهدان الملك بل يسمعان صوته فقط، فان الدليل لا يمنع ذلك فى حد ذاته بل جاءت الرواية صحيحة بان المحدث لا يعاين الملك بل يسمع صوته فقط، و سياتى الكلام عنها قريبا فى فصل مصدر مصحف فاطمه عليهاالسلام.

اما ان كان مقصوده ان الزهراء عليهاالسلام كانت تسمع الملك دون الامام على عليه السلام الذى كان يسمع صوت فاطمه عما يذكره الملك لها فليس فى هذا استبعاد لعين ما ذكرناه قبل قليل من اختصاصها بذلك كرامة لها و لا يلزم منه الافضلية المطلقة.

جدير بالذكر ان فضل الله فى حواره فى الشريط المسجل اشار الى ان هناك احاديث صحيحة تدل على خلاف ما ذهب اليه من كون الزهراء عليهاالسلام هى التى كتبت مصحف فاطمه مضيفا انه يمكن للانسان ان يناقش متنها، و لكنه فى جوابه السادس انكر كل الاحاديث الصحيحة و لم يذكر حديثا صحيحا واحدا يشير الى خلاف ما يتبناه، فالروايات التى ناقش متنها هى رواية ابى عبيدة و حماد و قد ضعفها معا، فاين هى الروايات الصحيحة؟

الرواية الثالثة:


روى محمد بن الحسن الصفار فى بصائر الدرجات الكبرى، عن محمد بن الحسين، عن احمد بن محمد، عن على بن الحكم، عن ابان بن عثمان، عن على بن حمزة، عن ابى عبدالله الصادق عليه السلام قال: «... و عندنا مصحف فاطمه، اما و الله ما فيه حرف من القرآن و لكنه املاء رسول الله و خط على».

[بصائر الدرجات: ص 181، ح 33.] و رواة الحديث ثقاة كلهم الا على بن ابى حمزة البطائنى الواقفى، فقد ضعفه السيد الخوئى فى معجمه، و استظهر الامام الخمينى وثاقته،

[المكاسب المحرمة: ج 1، ص 350.] اما العلامة المامقانى فيرى انه يؤخذ بخبره ما لم يعارض الخبر الصحيح. و من الاحاديث التى اكدت على ان الامام على عليه السلام هو الذى كتب مصحف فاطمه ما رواه الصفار فى بصائر الدرجات- باب الائمة عليهم السلام انهم اعطوا الجفر و الجامعة و مصحف فاطمه عليهاالسلام، الرواية رقم 5، 14، 18، 19.

[بصائر الدرجات: ص 173، 175، 177.]

سر الاجتهاد قبال النص...!


و من الغريب ان فضل الله قال فى العدد 19 من نشرة «فكر و ثقافة»: «بل هو كتاب كتبته فاطمه كما فى بعض الروايات»، و لكنه فى جوابه السادس بل و جميع اجوبته المكتوبة و المسجلة لم يذكر حتى رواية واحدة تدل على ما ذهب اليه! و اقصى ما استطاع بلوغه هو «الاستيحاء»! و ليس هو فى حقيقة الامر الا الاستحسان و الاجتهاد مقابل النص، فانه- و كما اشرنا اليه- لا توجد اى رواية تذكر ان فاطمه الزهراء عليهاالسلام هى التى كتبت مصحف فاطمة. فكيف سمح لنفسه ان يجتهد مقابل ما اعترفه به من وجود الروايات الصحيحة؟ و فضلا عن صحتها فهى صريحة فى الافادة، فلماذا يصر على استخدام العبارات الفضفاضة و يقول: «و ان كان الانسان يمكن ان يناقش فى متنها»، فهل الروايات التى تحدد كاتب مصحف فاطمه باميرالمؤمنين عليه السلام تتحدث عن طلاسم و الغاز؟

و ليته اكتفى بمجرد هذا الاجتهاد مقابل النص او ما يعبر عنه ب«الاستيحاء» لو لم يتعرض للوجه و السر فى الاخذ به، و لكننا نجده يقول: «هناك مسيحيون ، و هناك شيوعيون، فنقول ان فاطمه كانت اول مؤلفة فى الاسلام، اول معارضة فى الاسلام، فنحن نريد ان نعظم الزهراء عليهاالسلام»، فهل ان تعظيم الزهراء عليهاالسلام امام الكفار و الملحدين يكون بالعمل وفق النصوص الصحيحة الواردة عنهم عليهم السلام و ان لم تستمزجه اذهاننا القاصرة، ام يكون بنسبة امور لم تصدر عنهم عليهم السلام اليهم لكى نبرز للكفار صورة مشرقة عن موقع الزهراء عليهاالسلام و المرأة النموذجية فى الاسلام امامهم؟! و كان هذا التعظيم سيزول و سيخدش مقام الزهراء عليهاالسلام لو لم نثبت تاليفها لمصحفها و انها اول مؤلفة فى الاسلام؟ و هل تغير الوجه المشرق لرسولنا الكريم صلى الله عليه و آله مع انه لم يكتب فى حياته امام الناس شيئا؟ و هل حط ذلك من قدره؟

تجدر الاشارة الى ان فضل الله قد ارتكب الكثير من الزلات و قدم الكثير من التنازلات لنفس هذا السبب اى مراعاة ما سيقوله المسيحيون و غيرهم من غير المسلمين، و ليس هذا مجال ذكرها.

شبهة ركيكة


اما شبهة عدم معقولية نسبة الكتاب الى شخص مع عدم وجود دخل له فيه فهى اوهن من بيت العنكبوت، اذ يكفى فى تصحيح النسبة اختصاص الزهراء عليهاالسلام بالتحدث بمحتوى المصحف من قبل جبرائيل عليه السلام و الملك، و اعظم بها من منقبة و منزلة!

و لقد نسب الله تعالى كلامه الموجود فى الكتب السماوية الى نفس النبى المرسل بملاحظة هذه العناية، اى عناية من ارسل اليه الكتاب و خوطب بمحتواه، قال تعالى: (ان هذا لفى الصحف الاولى صحف ابراهيم و موسى).

[الآيتان 18- 19 من سورة الاعلى.]

و من باب التشبيه و التقريب فى عصرنا الحاضر فان محاضرات المتحدث و خطاباته و التى يقوم شخص آخر بتدوينها و جمعها فى كتاب تنسب الى المحاضر و الخطيب دون المدون بلحاظ هذه العناية، و فى الماضى كانت فكرة كتب الامالى كامالى الصدوق و المفيد و الطوسى قائمة على هذا الاساس، فينسب الكتاب الى من سرد الحديث و قراه لا الى من كتبه و دونه، فتبادر كون كتاب على عليه السلام هو لاميرالمؤمنين عليه السلام لا يعنى بالضرورة كونه كاتبا له و من تاليفه حتى يقاس عليه الامر بمصحف فاطمه، و لو سلمنا بوجود مثل هذا التبادر فانه انما يصح مع عدم وجود النص على خلافه، و حيث قام النص الريح كما فى صحيحة ابى عبيدة و صحيحة حماد بن عثمان على ان الامام على عليه السلام هو كاتب مصحف فاطمه فلا مجال للقول بالتبادر، فان التبادر من باب الظهور، و النص مقدم على الظهور بلا شك. هذا كله على فرض ان الامام على عليه السلام كان يكتب مصحف فاطمه لحظة تحدث جبرائيل لفاطمة عليهاالسلام بمضمون المصحف كما قد تلمح اليه رواية حماد بن عثمان،

[بصائر الدرجات: ص 177 ، ح 18.] اما اذا كانت الكتابة تحصل بعد الفراغ من ذلك بان تقوم الزهراء باخبار الامام على عليهماالسلام بمضمون حديث جبرائيل فالامر فى غاية السهولة.

الجهل بحقيقة التعارض


ثم ان فضل الله فى تعليقه على جواب الميرزا جواد التبريزى (حفظه الله) ارتكب مغالطة عند محاولته لتصوير التعارض فى روايات مصحف فاطمه، حيث ان الروايتين اللتين تتحدثان عن انه بخط على عليه السلام عما يحدثه الملك لا تتنافى فى متنها مع الروايات التى لا تدل على ذلك، لانه من شروط التعارض ان يكون هناك تناف بين دلالة كلتا الروايتين او مدلوليهما- على حسب المبنى-، و لا يوجد اى تعارض و تناف بين اقرار رواية بامر و بين عدم دلالة رواية اخرى عليه، و التعارض انما يكون بين اقرار رواية بامر و اقرار رواية اخرى بما يكون نقيضا للاول، و على سبيل المثال فالتعارض يكون محققا بين ما يدل على الوجوب و بين ما يدل على عدم الوجوب او ما يدل على الحرمة، اما لو دلت رواية على الوجوب و لم تدل رواية اخرى عليه فلا يكون هناك اى تعارض فى البين. و فى مفروض الكلام فان رواية سليمان بن خالد و حبيب الخثعمى لم تنفيا ان يكون كاتب مصحف فاطمه هو الامام على عليه السلام حتى يقال بانها متعارضة مع رواية حماد و ابى عبيدة، فما رتب عليه فضل الله بقوله: «فلابد من الترجيح بينهما» باطل؛ لانه مبتن على اساس باطل.

و مثل هذا الخطا المكشوف يثبت ان فضل الله لم يفهم ما جاء فى اول ما يدرس فى كتب الحوزة العلمية من كتب اصول الفقه عن حقيقة التعارض و احكامه.

[راجع اصول الفقه: ج 3، ص 210.]

/ 42