حوار مع فضل الله حول الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حوار مع فضل الله حول الزهراء - نسخه متنی

سید هاشم هاشمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


بالحكم الشرعى من المرة الاولى فلا داعى لتكرار النبى امرها الا ان تكون فى دور الوسيط و المبلغ للحكم الالهى للمؤمنات، و هذا ما يتناسب مع دور النبى و اهل بيته عليهم افضل الصلاة و السلام فى تبليغ الاحكام للناس، فان المؤمنات كثيرات و تكرار امرهن بالحكم الالهى لكى يبلغ الحكم مسامع من لم يبلغها الحكم، و لكى يترسخ فى ذهن من سمعته لتنقله الى غيرها.

[استفدت اصل هذا المعنى مما نقله العلامة محمد باقر السبزوارى عن كلام صاحب المنتقى.

راجع ذخيره المعاد: ص 76.

و استنادا لما مر من الادلة يتضح ان ليس هناك اى تعارض بين الاحاديث الصحيحة الدالة على طهارة الزهراء عليهاالسلام و بين صحيحتى زرارة و على بن مهزيار، و فى احسن الاحوال و على فرض التنزل فانه من معارضة النص مع الظاهر او الاظهر مع الظاهر و النص و الاظهر مقدمان عليه بلا شك، و هو تعارض لا بالمعنى الاصطلاحى لان الجمع العرفى ممكن هنا.

و بعد كل هذا، اليس من السخيف استدلال فضل الله لاثبات رؤية الزهراء عليهاالسلام للدم بانها قد ولدت الحسن و الحسين و زينب؟! بل أليس من الجهل اعتبار القول بطهارة الزهراء عليهاالسلام من الامور الواضح بطلانها بحيث يعد فى حكم من لو قال شخص بان الشمس غير طالعة فى وضوح النهار؟

اما اهمية هذا البحث فيكفينا فى ذلك حرمة تزوج اميرالمؤمنين عليه السلام لاى امرأة فى حياة الزهراء عليهاالسلام كما نطقت به رواية الشيخ الطوسى فى الامالى و التهذيب،

[فقد روى باسناده الى ابى بصير عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: «حرم الله النساء على على عليه السلام ما دامت فاطمه عليهاالسلام حية، قال: قلت: كيف؟ قال: لانها طاهرةلا تحيض». الامالى: ج 1، ص 42، ط مكتبة الداورى. تهذيب الاحكام: ج 7، ص 475، ح 116 باب من الزيادات فى فقه النكاح. و كذلك قدرتها على مباشرة الصلاة و الصوم و العبادات و الاعمال المنوطة بالطهارة الحدثية، هذا مع ان رؤية المرأة للدم سواء كان حيضا او نفاسا او استحاضة مما يوجب الحدث بلا شك، و الحدث عبارة عن قذارة معنوية لا تزول الا بالطهارة عبر الوضوء ان كان الحدث حدثا اصغر او الغسل ان كان الحدث حدثا اكبر، و اختصاص الزهراء عليهاالسلام من بين بقية النساء بالتنزه عن هذا الحدث و هذه القذارة لهو من الكرامات العظيمة.

و على فرض عدم قدرتنا معرفة السر فى اختصاص الزهراء عليهاالسلام بهذه المكرمة فلا يجوز ذلك رده و انكاره و اعتبار خلافه هو الامر المسلم كما فعل فضل الله حيث اعتبر رؤية الزهراء عليهاالسلام للدم امرا مفروغا منه. و هذا نظير ما ورد من اختصاص مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام بدخول مسجد النبى صلى الله عليه و آله و ان كان جنبا، فانه على فرض عدم قدرتنا لفهم مغزى هذا الاختصاص فلا ينبغى التشكيك فى اصل الصدور بعد وروده بالاسانيد الصحيحة.

اعتراض من غير فحص!


و العجيب ان مؤلف «هوامش نقدية» فى سبيل تشكيكه باختصاص الزهراء بهذه المنقبة و الفضيلة اخذ بالعن على العلامة السيد جعفر مرتضى الذى ذهب الى تواتر الروايات الدالة على طهارتها فلم يناقش فى اسانيدها و انما اشار احيانا الى بعضها، و ذلك لانه لا يبحث فى اسانيد الرواية من ناحية الصحة و الضعف لتحقق العلم بالصدور من خلال التواتر، و لذا نذهب الى تواتر حديث الثقلين فى روايات اهل السنة مع ان معظم رجال السند فى الاحاديث الواردة من غير الموثقين عند علمائنا الرجاليين.

و بعد ان جعل مؤلف الهوامش روايات طهارة الزهراء فى مستوى المشهور و المستفيض و ليس المتواتر عمد الى القول بان شهرة الرواية فى امر لا يعنى قبوله و عدم البحث فى الاسانيد، ثم اخذ فى ملاحظته الثالثة الى التشكيك فى جميع الروايات التى رواها السيد جعفر مرتضى فقال: «و نلا حظ على هذه الروايات انها من الضعيف و المرسل و المضطرب، فكيف حصل لسماحته الوثوق بهذه الحقيقة التى ربما يكون اثباتها اصعب بكثير من اثبات القضايا التاريخية».

[هوامش نقدية: ص 44.

و غير خفى ما فى كلامه من المغالطة فان الاعتراض بعدم تطرق السيد جعفر مرتضى لصحة و ضعف اسانيد الروايات مبتن على مبناه بكونها من المتواتر الذى لا يناقش فى سندها، و اعتراض مؤلف الهوامش مبتن على كونها مشهورة، و الاشكال انما يصح مع وحدة المبنى لا تعدده. هذا بالاضافة الى ما ذكرناه انه على فرض عدم تحقق التواتر فالاستفاضة حاصلة و هى كافية فى الوثوق بالصدور.

ثم ان مؤلف الهوامش انتقد السيد جعفر مرتضى لايراده رواية معقبا عليها بوصف المجلسى لها بالقوة، رغم انها لا تتوفر على شروط الصحة السندية فضلا عن صعوبة تفسيرها، و لكنه عندما تعرض السيد جعفر مرتضى لرواية على بن جعفر- و هو الحديث الخامس حسب تصنيفنا- واصفا اياها بالصحة قال: «و اشار الى الرواية رقم 21 بقوله: «و فى الصحيح»، و لم يتح لى مراجعة ذلك، على انها ليست صريحة باثبات مطلوب السيد مرتضى اذ انها غير دالة على اختصاص الزهراء بهذه الكرامة».

[المصدر السابق نفسه.

و لا ادرى... لماذا حكم على جميع الروايات بالضعف، و احتج على السيد جعفر مرتضى لنقله و صف العلامة المجلسى (رضوان الله عليه) لاحدى الروايات بالقوة من غير التحقيق فى صحة قوله، و لكنه لم يشا ان يبحث فى مدى صحة هذه الرواية لانه لم يتح له مراجعة ذلك؟!

فان كان صادقا فيما يقول، فنصيحتنا له و لا مثاله ان يوكل امر البحث للمتفرغين للتحقيق و اهل الاختصاص لانه من اوليات البحث و الحوار ان يكون المحاور و المعترض متفرغا للبحث و اكتشاف صحة ما يقوله الطرف الآخر، و خاصة مع ادعائه فى مقدمة الهوامش انه يهدف الى «تصحيح مسار الحوار وفقا للضوابط الشرعية و المعايير الاخلاقية و الاصولية العلمية»! «و لا تقعن البحر الا سابحا».

اما ان لم يكن صادقا فيما يقول و يهدف الى تضليل القارى و خداعه، فاننا نقول له: لا موضع للمخادعين فى الحوار!

اما اعتراضه على دلالة الرواية فى عدم صراحتها فى الدلالة على المطلوب فقد بينا انه لو لم تكن مناسبة فى المقام لكان المقطع اجنبيا، و ذلك لا يصح لان المقام مقام المدح و ذكر الفضائل و من جملتها انها لا ترى الدم باعتبارها بنت نبى، اما الاعتراض بانها غير دالة على اختصاص الزهراء عليهاالسلام بهذه المنقبة اد يشاركها غيرها من بنات الانبياء فى هذه المكرمة فغير وارد لعدم وجود مانع فى ذلك، و الاختصاص بالمكرمة لا يعنى دائما عدم مشاركة الغير بتاتا فى الفضيلة و المكرمة بل قد ياتى بمعنى حيازة المكرمة التى قل الحائز لها، نظير قولنا ان من مختصات النبى ابراهيم عليه السلام انه من اولى العزم من الرسل، و لا نعنى انه لا يمكن لغيره ان يشاركه فى هذا المقام.

هل يوجد تعارض فى الروايات المثبتة!


و قد تبع مؤلف «هوامش نقدية» صاحبه فى جعل غير المتعارض متعارضا! (حتى كان الكاتب هو شخص واحد باسمين مختلفين، ام ان الثانى يتبع الاول على طريقة الامعة!) فقال عن الاخبار الدالة على طهارة الزهراء عليهاالسلام ما يلى:

«بعض هذه الاخبار يعارض البعض الآخر، اذ بعضه يؤكد ان ذلك من مختصات السيده الزهراء عليهاالسلام لخصوصية فى طبيعتها الانسية الحورية، او لانعقادها من تفاحة الجنة و هو ما اكده السيد مرتضى، و بعضه ينفى الحيض عن غير الزهراء من بنات الانبياء و امهات الائمة، و ان لم يمكن من وقوع التعارض فلا اقل من الاختلاف...».

[هوامش نقدية: ص 43. اقول: و شمول امهات الائمة بمكرمة التنزه عن دم الحيض قد ورد فى روايتين ذكرهما الشيخ الصدوق فى كمال الدين: ص 433، ح 14 و 15.

و يرد عليه- بالاضافة الى ما قلناه من ان الاختصاص بالمكرمة لا يعنى دوما نفيها عن الغير-:

ان من المتفق عليه انه لا تعارض بين المثبتات و ان اثبات شى ء لا ينفى ما عداه ، هذا مع ان الروايات المثبتة لطهارة الزهراء عليهاالسلام تثبت طهارتها من كل دم سواء كان دم حيض او نفاس او غيره، اما رواية: «و ان بنات الانبياء لا يطمثن» تنفى عنهن خصوص دم الحيض فقط، و عليه فالقول باختصاص الزهراء عليهاالسلام عن بقية النساء بمكرمة التنزه عن جميع الدماء العارضة للنساء غير بعيد.

شبهات متبقية


بقيت هنا بعض الشبهات التى قد يستشهد بها للقول برؤية الزهراء عليهاالسلام للدم نذكرها لكى نستوفى حق البحث، و هى:

الشبهة الاولى:


ان بعض الروايات التى ذكرت ان الزهراء عليهاالسلام لم تر حمرة قط جاء فيها اسم مريم عليهاالسلام مقرونا بالزهراء عليهاالسلام، فهى بتول كما ان فاطمه عليهاالسلام بتول، و من ذلك ما جاء فى الحديث الاول الذى ذكرناه ضمن الروايات المثبتة لطهارة الزهراء عليهاالسلام، الا ان بعض الروايات تتنافى مع طهارة مريم عليهاالسلام و بالتالى يسرى التشكيك لمن هى على شاكلتها فى هذه الخصوصية كالزهراء عليهاالسلام، و من تلك الروايات:

1- روى الشيخ الصدوق عن ابيه، عن سعد بن عبدالله، عن احمد بن ابى عبدالله البرقى، عن محمد بن على، عن محمد بن احمد، عن ابان بن عثمان، عن اسماعيل الجعفى قال: «قلت لابى جعفر عليه السلام:ان المغيرة يزعم ان الحائض تقضى الصلاة كما تقضى الصوم، فقال: ما له لا وفقه الله، ان امرأة عمران قالت: (انى نذرت لك ما فى بطنى محررا) و المحرر للمسجد لا يخرج منه ابدا،فلما وضعت مريم (قالت رب انى وضعتها انثى... و ليس الذكر كالانثى)، فلما وضعتها ادخلتها المسجد، فلما بلغت مبلغ النساء اخرجت من المسجد، انى كانت تجد اياما تقضيها و هى عليها ان تكون الدهر فى المسجد».

[علل الشرائع: ص 578، ح 6، و رواه العياشى ايضا باسناده الى اسماعيل الجعفى بنفس المتن، فراجع تفسير العياشى: ج 1، ص 172، ح 42، عنهما البحار: ج 14، ص 201، ح 12. و فى السند ضعف بمحمد بن على و محمد بن احمد.

2- روى الكلينى عن الحسين بن محمد، عن معلى، عن الوشاء، عن ابان بن عثمان، عن اسماعيل الجعفى، قال: قلت لابى جعفر عليه السلام: «ان المغيرة بن سعيد روى عنك انك قلت له: ان الحائض تقضى الصلاة؟ فقال: ما له لا وفقه الله، ان امرأة عمران نذرت ما فى بطنها محررا، و المحرر للمسجد يدخله ثم لا يخرج منه ابدا، فلما وضعتها (قالت رب انى وضعتها انثى... و ليس الذكر كالانثى)، فلما وضعتها ادخلتها المسجد فساهمت عليها الانبياء فاصابت القرعة زكريا، و كفلها زكريا فلم تخرج من المسجد حتى بلغت فلما بلغت ما تبلغ النساء خرجت، فهل كانت تقدر على ان تقضى تلك الايام التى خرجت و هى عليها ان تكون الدهر فى المسجد».

[الكافى: ج 3، ص 105، ح 4، عنه البحار: ج 14، ص 202، ح 13. و قد جاء فى سند الرواية المعلى بن محمد البصرى و هو مختلف فى امره، فالامام الخمينى و العلامة المجلسى و المشهور ذهبوا الى تضعيفه، و السيد الخوئى ذهب الى توثيقه استنادا لروايته فى تفسير القمى، و ذهب المامقانى الى عده من الحسان لكونه شيخ اجازة.

[المكاسب المحرقة : ج 1، ص 359 و مرآة العقول: ج 13، ص 249. معجم رجال الحديث: ج 18، ص 250 و 257. تنقيح المقال: ج 3، ص 233.

و يظهر من متن هذا الحديث و انتهاء السند فيه الى اسماعيل الجعفى عن طريق ابان بن عثمان ان مصدر هذا الحديث و الحديث السابق الذى رواه الشيخ الصدوق واحد. و يؤيد ذلك ما رواه العياشى باسناده الى اسماعيل الجعفى عن الامام الباقر عليه السلام و جاء فيه: «فساهم عليها النبيون، فاصاب القرعة زكريا، و هو زوج اختها و كفلها و ادخلها المسجد، فلما بلغت ما تبلغ النساء من الطمث و كانت اجمل النساء، فكانت تصلى و يضى ء المحراب لنورها».

[تفسير العياشى: ج 1، ص 170، ح 36.

3- وروى العياشى عن حفص بن البخترى، عن ابى عبدالله عليه السلام: فى قول الله (انى نذرت لك ما فى بطنى محررا): المحرر يكون فى الكنيسة و لا يخرج منها، فلما وضعتها انثى (قالت رب انى وضعتها انثى و الله اعلم بما وضعت و ليس الذكر كالانثى) ان الانثى تحيض فتخرج من المسجد، و المحرر لا يخرج من المسجد».

[المصدر السابق: ح 37. عنه البحار: ج 14، ص 204، ح 19.

4- وروى العياشى عن على بن مهزيار فى قوله تعالى: (فلما وضعتها قالت رب انى وضعتها انثى و الله اعلم بما وضعت و ليس الذكر كالانثى و انى سميتها مريم و انى اعيذها بك و ذريتها من الشيطان) قال: «قلت: اكان يصيب مريم ما يصيب النساء من الطمث؟ قال عليه السلام: نعم ما كانت الا امرأة من النساء».

[المصدر السابق: ج 1، ص 173، ح 48، عنه البحار: ج 14، ص 193. و السند كسابقه مرسل.

و الاحاديث السابقة قد اختلفت فى دلالتها و ظهورها، فبعضها نص فى رؤية مريم عليهاالسلام للطمث كالحديث الرابع الذى رواه على بن مهزيار، و الروايات الثلاثة الاولى و فيها الصحيح- على مبنى السيد الخوئى و المامقانى- لا يبعد القول بظهورها فى ذلك، و بالتالى فيكون القول بطهارة مريم عليهاالسلام غير تام بل الثابت خلافه، و من ثم يسرى التشكيك الى طهارة الزهراء عليهاالسلام.

جواب الشبهة الاولى:


و لكن يجاب عن هذا الاستدلال ان الرواية التى قرنت بين طهارة مريم و طهارة الزهراء عليهاالسلام- و هى الرواية الاولى من الروايات المثبتة لطهارة الزهراء عليهاالسلام- قد مر ضعف سندها، فلا يصح سريان التشكيك لان الروايات النافية لطهارة مريم عليهاالسلام فيها الصحيح على مبنى البعض و الروايات المثبتة لطهارتها ليس فيها الصحيح و لا تعارض بين الصحيح و غير الصحيح، بل لو كانت الرواية المثبتة لطهارة مريم عليهاالسلام صحيحة فان التشكيك لا يسرى الى طهارة الزهراء عليهاالسلام ايضا لانه فى تلك الحالة يتحقق التعارض بين الروايات المثبتة لطهارة مريم عليهاالسلام و النافية لها فقط، و لا يتحقق التعارض بالنسبة لطهارة الزهراء عليهاالسلام لانه لا توجد رواية تنفى طهارتها من الدم، و الرواية التى فرضنا صحتها تثبت الطهارة للزهراء عليهاالسلام ايضا و لا تنفيها.

نعم بالنسبة لصحيحة على بن جعفر فانه قد يقال بتحقق التعارض بين اثبات الطهارة لمريم عليهاالسلام باعتبارها بنت نبى، و بين الروايات النافية لطهارتها، و لكن قد ثبت ان لا تعارض بين العام و الخاص، فلا تنافى الروايات النافية لطهارة مريم عليهاالسلام عموم صحيحة على بن جعفر من ان بنات الانبياء لا يطمثن، فتخرج مريم عن حكم العام لتكون مشمولة بحكم الخاص، و لا يؤثر ذلك الخروج فى بقاء حكم العام فى بقية الافراد بما فيهم الزهراء عليهاالسلام.

وجوه اخرى فى تفسير الآية:


و الملاحظ فى الروايات الاربعة السابقة انها اعتمدت فى نفى تنزه مريم عليهاالسلام عن الحيض على تفسير قوله تعالى (و ليس الذكر كالانثى) على ان مريم كانثى لا يمكن ان تكون محررة للمسجد لاصابتها لدم الحيض و بالتالى لزوم خروجها من المسجد لقضاء صلاتها.

و لكن هناك وجوها اخرى فى تفسير الآية الشريفة سواء فى الروايات او فى اقوال مفسرى الامامية، و منها:

أ- وجه التفاوت هو عدم صلاحية المرأة للرسالة:

و يدل على هذا المعنى عدة روايات، تفيد ان امرأة عمران قد بشرت بنبى، فلما ولدت مريم قالت و ليس الذكر كالانثى لانها تعلم ان البنت لا تكون رسولا، و من تلك الروايات:

1- روى الكلينى عن محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد و على بن ابراهيم، عن ابيه جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ابى بصير، عن ابى عبدالله الصادق عليه السلام قال: «ان الله تعالى اوحى الى عمران انى واهب لك ذكرا سويا مباركا يبرى الاكمه و الابرص و يحيى الموتى باذن الله، و جاعله رسولا الى بنى اسرائيل، فحدث عمران امرأته حنة بذلك و هى أم مريم، فلما حملت كان حملها بها عند نفسها غلام، فلما وضعتها قالت: (انى وضعتها انثى و ليس الذكر كالانثى)، اى لا تكون البنت رسولا، يقول الله عز و جل: (و الله اعلم بما وضعت)، فلما وهب الله تعالى لمريم عيسى كان هو الذى بشر به عمران و وعده اياه، فاذا قلنا فى الرجل منا شيئا و كان فى ولده او ولد ولده فلا تنكروا ذلك».

[الكافى: ج 1، ص 535، ح 1، عنه البحار: ج 14، ص 203، ح 15. و سند الحديث صحيح. و كذلك رواه القمى فى تفسيره بنفس المتن و بسند صحيح، عن ابيه ثم باقى السند.

[تفسير القمى: ج 1 ، ص 101، عنه البحار: ج 14، ص 200، ح 8.

2- روى العياشى بسنده عن جابر، عن ابى جعفر عليه السلام قال: سمعت يقول: «اوحى الله الى عمران انى واهب لك ذكرا يبرى الاكمه و الابرص و يحيى الموتى باذن الله، و رسولا الى بنى اسرائيل، قال: فاخبر بذلك امرأته حنة، فحملت فوضعت

مريم، فقالت: رب انى وضعتها انثى، و الانثى لا تكون رسولا، و قال لها عمران، انه ذكر يكون منها نبيا، فلما رات ذلك قالت ما قالت، فقال الله و قوله الحق (و الله اعلم بما وضعت)، فقال ابوجعفر عليه السلام: فكان ذلك عيسى بن مريم، فان قلنا لكم ان الامر يكون فى احدنا فكان فى ابنه و ابن ابنه و ابن ابن ابنه فقد كان فيه، فلا تنكروا ذلك ».

[تفسير العياشى: ج 1، ص 171، ح 39.

ب- وجه التفاوت هو عدم صلاحية المرأة للخدمة:

و يظهر من بعض الروايات ان الانثى لا تتمكن من خدمة الرجال فى المسجد بعد بلوغها لمنافاته مع الستر و العفة، كما فى رواية حريز عن احدهما عليهماالسلام قال: «نذرت ما فى بطنها للكنيسة ان تخدم العباد، و ليس الذكر كالانثى فى الخدمة، قال: فشبت فكانت تخدمهم و تناولهم حتى بلغت، فامر زكريا ان يتخذ لها حجابا دون العباد، فكان يدخل عليها...».

[تفسير العياشى: ج 1، ص 170، ح 38.

و قال القمى فى تفسيره: «فلما بلغت مريم صارت فى المحراب، و ارخت على نفسها سترا و كان لا يراها احد، و كان يدخل عليها زكريا المحراب...».

[تفسير القمى: ج 1، ص 101.

و ذهب بعض المفسرين ان وجه التفاوت يعود الى هذا الوجه و رؤية الانثى للدم، قال الشيخ الطوسى: «و قوله (و ليس الذكر كالانثى) اعتذار بان الانثى لا تصلح لما يصلح له الذكر، و انما كان يجوز لهم التحرير لخدمة المسجد المقدس، لما يلحقها من الحيض و النفاس، و الصيانة عن التبرج من الناس».

[تفسير التبيان: ج 2، ص 444، و مثله فى مجمع البيان: المجلد 1، ص 435، ط دار احياء التراث العربى.

و مع وجود الاختلاف الوارد فى تفسير الآية مع صحة سند بعض الوجوه الاخرى كعدم صلاحية المرأة للرسالة، و بناء على ضعف سند رواية اسماعيل الجعفى بالمعلى بن محمد البصرى على راى المشهور فانه لا يوجد اى دليل معتبر على رؤية مريم عليهاالسلام للطمث، و بالتالى ترتفع الشبهة الاولى من الاساس. و لذا نجد ان بعبض علماء الامامية ذهبوا الى طهارة مريم عليهاالسلام كالطبرسى فى تفسير قوله تعالى: (اذ قالت الملائكة يا مريم ان الله اصطفاك و طهرك و اصطفاك على نساءالعالمين) حيث قال: «... (و طهرك) من الادناس و الاقذار العارضة للنساء مثل الحيض و النفاس».

[تفسير جوامع الجامع: ج 1، ص 173.

و كلام الطبرسى و ان كان مخالفا لما ذكره فى تفسيره مجمع البيان الذى يظهر منه رؤية مريم عليهاالسلام للدم الا ان تفسيره جوامع الجامع من اواخر الكتب التى الفها فى حياته، و قد نص فى مقدمته انه الفه بعد الفراغ من تاليف تفسير مجمع البيان،

[المصدر السابق: ج 1، ص 2.

فيكون قوله فى الجوامع هو المعول عليه. و قد ذهب الشيخ محمد جواد البلاغى الى نفس هذا الراى فى تفسيره.

[آلاء الرحمن فى تفسير القرآن: ج 1، ص 282. و للعلم فقد ذهب فضل الله فى تفسير قوله تعالى: (و ليس الذكر كالانثى) ان الوجه فى ذلك هو انه كان محرما على الاناث فى ذلك الوقت الخدمة فى الهيكل المقدس فى بيت المقدس !.

[الندوة: ج 2، ص 335 الطبعة الثانية فى قم.

راى العلامة المجلسى و مناقشته:


قال العلامة المجلسى تعليقا على صحيحة على بن جعفر فى الكافى:

«قوله عليه السلام: «و ان بنات الانبياء لا يطمثن»، اقول: لا ينافى ذلك الاخبار الواردة فى حيض حواء لانها مع ضعفها لم تكن من بنات الانبياء، و ما ورد من ان مريم حاضت، فيمكن ان يكون تقية و الزاما على المخالفين، و يمكن حمل هذا الخبر على اولى العزم منهم، و به يمكن الجواب عن حيض سارة ان ثبت كونها من بنات الانبياء بلا واسطة، اذ الظاهر ان المراد هنا بناتهم بلا واسطة، و يمكن الجواب عنها و عن مريم بانه لم يثبت كونهما من بنات الانبياء بلا واسطة».

[مرآة العقول: ج 5، ص 321.

و ما يهمنا من كلامه (قدس سره) هو ما يتعلق بمريم عليهاالسلام، اما ما يتعلق بسارة فانه سيدرج ضمن الشبهة الثانية.

فنقول: ان القول بظهور الحديث فى اختصاص عدم حيض بنات الانبياء بلا واسطة كلام فى محله، الا ان حمل الانبياء على كونهم من اولى العزم لا دليل عليه لا فى صحيحة على بن جعفر و لا فى غيرها، و اطلاق الصحيحة يقتضى الشمول لكل بنت نبى بلا فرق. اما القول بعدم وجود دليل على ان مريم عليهاالسلام كانت بنت نبى بلا واسطة فغير تام، و ذلك لان قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندى (المتوفى سنة 573 ه) ينقل عن الشيخ الصدوق رواية صحيحة السند، فقد رواها الصدوق عن محمد بن موسى بن المتوكل، حدثنا عبدالله بن جعفر الحميرى، عن احمد بن محمد بن عيسى، حدثنا الحسن بن محبوب، عن على بن رئاب، عن ابى بصير، قال : «سالت اباجعفر عليه السلام عن عمران اكان نبيا؟ فقال: نعم، كان نبيا مرسلا الى قومه، و كانت حنة امرأة عمران و حنانة امرأة زكريا اختين، فولد لعمران من حنة مريم، و ولد لزكريا من حنانة يحيى عليه السلام، و ولدت مريم عيسى عليه السلام، و كان عيسى ابن بنت خالته، و كان يحيى عليه السلام ابن خالة مريم، و خالة الامام بمنزلة الخالة».

[قصص الانبياء: ص 214، ح 278، عنه البحار: ج 14، ص 202، ح 14.

و اما احتمال التقية او الالزام فوارد، قال العلامة المجلسى تعليقا على رواية اسماعيل الجعفى: «و يمكن ان يكون هذا الزاما على المخالفين بما كانوا يعتقدونه من

الستحسانات و الا فيمكن ان يقال انما سقط ههنا للضرورة،... ثم انه يظهر من بعض الاخبار انها عليهاالسلام لم تكن ترى الدم كفاطمه عليهاالسلام فيمكن ان يكون الغرض الزام مغيرة بما كان يعتقده فى ذلك، و الله العالم».

[مرآة العقول: ج 13، ص 239. و المراد من المغيرة هو ابن سعيد، و قد روى الكشى روايات كثيرة دالة على لعنه و انه كان يضع الاخبار. راجع البحار: ج 78، ص 85.

الشبهة الثانية:


ان بعض الروايات ذكرت ان سارة قد رات الحيض، و يظهر منها انها اول من طمثت من بنات الانبياء عليهم السلام. و قد اعتبر مؤلف الهوامش ان فى الحديث دلالة منكرة.

[هوامش نقدية: ص 42. و مع انخرام قاعدة عدم حيض بنات الانبياء فليس هناك مانع من القول بعدم طهارة الزهراء عليهاالسلام.

جواب الشبهة الثانية:


هناك روايتان- حسب تتبعى- تعرضتا لرؤية سارة زوجة ابراهيم للطمث، و هما:

1- روى الشيخ الصدوق عن ابيه رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن على بن الحكم، عن ابى جميلة، عن ابى جعفر عليه السلام قال: «ان بنات الانبياء صلوات الله عليهم لا يطمثن، انما الطمث عقوبة، و اول من طمثت سارة».

[علل الشرائع: ص 290، الباب 215 ، ح 1، عنه البحار: ج 12، ص 107، ح 22. و فى السند ضعف بابى جميلة المفضل بن صالح.

2- روى الشيخ الصدوق ععن ابيه رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن ابى عمير، عن عبدالرحمن بن الحجاج، عن ابى عبدالله عليه السلام فى قول الله عز و جل: (فضحكت فبشرناها باسحاق) قال: حاضت.

[معانى الاخبار، باب معنى الضحك: ص 214، ط مكتبة المفيد ، عنه البحار: ج 12، ص 103، ح 11. و الرواية صحيحة السند.

و مع صحة سند الرواية الثانية فلابد من النظر فى الوجهين الذين ذكرهما العلامة المجلسى حول حيض سارة، و قد ذكرنا ان الوجه الذى ذكره من ان المراد من بنات الانبياء هم بنات اولى العزم منهم ضعيف لعدم وجود دليل يثبته، و يبقى الكلام فى الوجه الآخر اى عدم وجود ما يدل على ان سارة كانت بنت نبى. فقد وردت بعض الروايات التى تدل على ان سارة كانت بنت نبى، منها:

1- روى الكلينى عن على بن ابراهيم، عن ابيه وعدة من اصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن ابراهيم بن ابى زياد الكرخى قال: سمعت اباعبدالله يقول: «ان ابراهيم كان مولده بكوثى ربا و كان ابوه من اهلها، و كانت ام ابراهيم و ام لوط سارة و ورقة- و فى نسخة رقية- اختين، و هما ابنتان للاحج، و كان

اللاحج نبيا منذرا و لم يكن رسولا، و كان ابراهيم فى شبيبته على الفطرة التى فطر الله عز و جل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك و تعالى الى دينه و اجتباه، و انه تزوج سارة ابنة لاحج و هى ابنة خالته...».

[الكافى: ج 8، ص 370، ح 560، عنه البحار: ج 12، ص 44، ح 38. و السند ضعيف بسهل بن زياد على راى المشهور ام على راى الخمينى المامقانى و آخرون فهو حسن.

[راجع المكاسب المحرمة: ج 2، ص 21 و تنقيح المقال: ج 1، ص 71 من نتائج التنقيح. و كذلك فى السند ضعف بابراهيم الكرخى. و فى المتن بسبب اختلاف النسخ و توهم النساخ اختلاف و اضطراب فى تحديد العلاقة النسبية بين ابراهيم و سارة، ففى اكثر النسخ جعلت سارة ابنة لاحج ام ابراهيم ثم جاء فيها انه تزوجها و انها ابنة خالته! و هو خطا قطعا و الصحيح كما جاء فى بعض النسخ: امرأة ابراهيم و امرأة لوط، و قد ذهب العلامة المجلسى الى ان هناك سقطا فى الرواية من النساخ و ان الصحيح عن سارة انها ابنة ابنة خالته.

[مرآة العقول: ج 26، ص 556.

2- و ذكر قطب الدين الراوندى ان الشيخ الصدوق روى عن ابيه، عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن ابى عمير، عن ابان، عن عقبة، عن ابى عبدالله عليه السلام قال: «ان ابراهيم تزوج من سارة، و كانت من بنات الانبياء على ان لا يخالفها و لا يعصى لها امرا فيما و افق الحق».

[قصص الانبياء: ص 112، ح 109، عنه البحار: ج 12، ص 112، ح 38. و السند ضعيف بعقبة.

و من هذين الحديثين الضعيفين يعلم صحة كلام العلامة المجلسى من عدم وجود ما يدل على ان سارة كانت من بنات الانبياء، و لكن على فرض التسليم بصحتهما فليس فى ذلك اى محذور؛ لان العام و المطلق يقبل التخصيص و التقييد فلا مانع من الالتزام بالاستثناء، الا ان ذلك لا يضر فى بقاء العام و المطلق على حاله، و بالتالى لا يؤثر ذلك بتاتا فى موضوع البحث اى طهارة الزهراء عليهاالسلام مما ينال النساء، فاخراج اى فرد من حكم العام يحتاج الى دليل قطعى، و هو مفقود فى الزهراء عليهاالسلام.

هل فى حديث العلل دلالة منكرة؟


و قد ادعى مؤلف «هوامش نقدية» ان فى رواية علل الشرائع دلالة منكرة من دون بيان وجه الانكار، الا انه يمكن تصور تلك الدلالة اما فى كون سارة اول من طمثت او فى كون الطمث عقوبة كما هو الاظهر. اما اصل طمث سارة فلا اظن انه مقصود مؤلف الهوامش؛ اذ لا يعقل ان يستبعد طهارة الزهراء و هى افضل من سارة بلا شك و يستنكر طمث سارة! و لكن ما توهمه من الدلالة المنكرة موهون جزما، لان الحديث لم يقل ان سارة اول امرأة طمثت على وجه البسيطة، بل اخبر عن انها اول من حاضت من بنات الانبياء، ثم انه على الفرض الاول ايضا لا استبعاد فى ذلك فى حد ذاته، و لكن الاستبعاد ياتى من روايات اخرى تثبت ان بداية الحيض كان قبل ذلك.

/ 42