حوار مع فضل الله حول الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حوار مع فضل الله حول الزهراء - نسخه متنی

سید هاشم هاشمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و يظهر ذلك من عدم تراجعه بشكل صريح و لو فى موقف واحد منذ اول كلامه حتى يومنا هذا وفق ما لدينا من اجوبته المتعددة و محاوراته المتكررة، كما انه يدعى ان غرضه من اثارة شبهاته هو الدعوة الى التحقيق، و لكن عندما يسئل عن آخر راى له حول السقط محسن و بعد اكثر من أربع سنوات من اثارته للموضوع يقول: «ما عندى ضرورة لتحقيقها و ما حققتها و ما استطيع ان اقول فيه هناك او لا»، فهل يصح ان يدعو الآخرين الى التحقيق فى حين لم يحقق هو شخصيا فى هذه المسالة؟ و هل ينسجم هذا مع ما يكرره من انه لا يعتنى بهذه القضية لانها ليست من المسائل التى تهمه؟ و لقد «صرح المحض عن الزبد».

هذا مع ما اورد على كلامه من الحجج والادلة الدامغة، لكنه كابر و عاند حتى بلغ به الامر الى الجرأة فى الرد على جميع علمائنا و مراجعنا بعبارات لا تخلو من التعريض بهم و الطعن فيهم، فهو يرد على الامام الخمينى (قدس سره) فى رايه حول مصحف فاطمه؛ لان الروايات تذهب الى خلاف ذلك و لانه يستلزم منه القول بنبوة الزهراء عليهاالسلام! و يرى نفسه فوق ان يحاسبه السيد الكلبايكانى (قدس سره) على آرائه، و يرد على الميرزا جواد التبريزى فى دفاع مستميت عن آرائه المنحرفة باجوبة يخجل طالب المقدمات فى الحوزة العلمية ان تنسب اليه. «و اطرق كرا ان النعامة فى القرى».

و ليست القضية- فى واقع الامر- كما حاول «فضل الله» عرضها من انه ناقش كل العلماء فى هذا الموضوع فى ايران و فى غير ايران و لكنه لم يجد لتشكيكاته جوابا، و يا ليته يذكر لنا فقط اسماء عشرة من العلماء بل و خمسة فقط! و هذه من اقبح اساليب الدعاية و الاعلام التى اجادها واتقنها ايما اتقان و اجادة! فالانسان البسيط من عامة المؤمنين لايملك الا ان يدخل الامر فى نطاق «تعدد الآراء» و «اختلاف الاجتهادات» بين العلماء، لا الا الشذوذ و الانحراف و الضلال...

و خلاصة الامر، ان حقيقة الموقف و التمييز بين الرفض و التشكيك لا تكون عبر الالفاظ و العبارات فقط، و انما تستنبط الحقيقة من مجموع المواقف المتخذة فى امر معين، فمن الغريب استشهاد «فضل الله» بقراءة خطيب فى مجلسه لواقعة كسر الضلع و قوله له: «طيب الله انفاسكم» كدليل على عدم ممانعته من هذا الراى! فان هذا القول يطلقه الحاضرون فى المجلس عادة كدعاء للمقرى و ليس فيه اى دلالة على تاييد راى صدر منه او رفضه، و اذا كان «فضل الله» فى كلامه يريد الايحاء بعدم اصراره على موقفه من قضية كسر الضلع و ما شابهها فما هو السر فى اصراره على التشكيك؟! و من يتابع موقف «فضل الله» منذ البداية يلاحظ انه ياخذ منحى معينا واضحا يكشف عن نفسه بلا حاجة الى اجهاد النفس فى فك لغز عبارة مجملة او معالجة طلسم جملة مبطنة، «فسيرة المرء تنبى عن سريرته».

و اقوى شاهد على ذلك ما ذكره فى مسجد الشهيد الصدر (التابع لحزب الدعوة الاسلامية) فى مدينة قم المقدسة فى 21 شعبان عام 1414 ه حيث قال: «و عندما انطلقوا من اجل ان ياخذوا عليا عليه السلام وقفت و عانت الكثير، و حفل التاريخ و الحديث و تظافرت الروايات من انها ضربت و انها اسقطت جنينها و انها... و انها... و لكن الزهراء عليهاالسلام بقيت شامخة قوية اصلية رسالية».

[مجلة قضايا اسلامية، العدد الاول.

و فى كلامه تلويح بل اقرب ما يكون الى التصريح من انه يتبنى الضرب و اسقاط الجنين و خصوصا مع ملاحظة قوله: «و حفل التاريخ و الحديث و تظافرت الروايات»، و لكن ذلك كان فى حقيقة الحال مناورة اقتضتها الظروف فى تلك الفترة و سرعان ما «عادت لعترها لميس»! و لذا نجده فى احاديثه المتاخرة كما فى العدد 18 و 57 من نشرة «فكر و ثقافة» يكرر نفس تشكيكاته التى اطلقها فى البداية مع الاصرار على استخدام عبارة (وفاة) الزهراء عليهاالسلام لا شهادتها. و هل سينفعه بعد هذه المكابرة و انكار التاريخ البديهى الذى «لا ينكره الا معاند مبغض» على حد تعبير آية الله العظمى اللنكرانى ان يطرح اسبوعا باسم «اسبوع الزهراء عليهاالسلام»؟! و هل يكون معالجة الانراف بالتطرق الى امور اخرى خارجة عن موضع البحث للتغطية على مواضع الانحراف فى الراى؟!

تقييم كتاب سليم بن قيس


و كان من اللازم تناول هذه المسالة باعتبار تصور البعض ان التشكيك فى صحة نسبة الكتاب الى سليم بن قيس سيستتبع التشكيك فى الاعتداء على الزهراء عليهاالسلام و استشهادها، و لكن قبل دفع هذا الوهم ينبغى البحث و لو بشكل مختصر فى منزلة سليم بن قيس و كتابه.

نبذة مختصرة عن سليم:


اما سليم بن قيس فكنيته ابوصادق، و عده الشيخ الطوسى و البرقى فى اصحاب اميرالمؤمنين و الحسن و الحسين و السجاد و الباقر عليهم السلام، و ذكره النجاشى ضمن زمرة سلفنا الصالح فى الطبقة الاولى، اما البرقى فاعتبره من الاولياء من اصحاب اميرالمؤمنين عليه السلام، و اورد الكشى بعض الروايات الواردة عن الامامين السجاد و الباقر عليهماالسلام فى مدحة و صدقة...

يقول السيد الخوئى (قدس سره): «ان سليم بن قيس- فى نفسه- ثقة جليل القدر عظيم الشان، و يكفى فى ذلك شهادة البرقى بانه من الاولياء من اصحاب اميرالمؤمنين عليه السلام المؤيدة بما ذكره النعمانى فى شان كتابه، و قد اورده العلامة فى القسم الاول و حكم بعدالته».

[معجم رجال الحديث: ج 8، ص 220.

الاختلاف فى صحة كتاب سليم:


اما كتابه فمما لا شك فيه انه كتاب جمع فيه الاحاديث عن اميرالمؤمنين عليه السلام و اصحابه كسلمان المحمدى (الفارسى) و المقداد بن الاسود، غير انه وقع الخلاف فى ان ما وصل الينا هو الذى جمعه ام انه كتاب آخر نالته يد التحريف، و قد ذهب الى كل راى طائفة.

و ممن اكد على صحة كتاب سليم بن قيس الشيخ محمد بن ابراهيم النعمانى تلميذ الكلينى الذى عاش فى القرن الرابع حيث قال: «... و ليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم و رواه عن الائمة عليهم السلام خلاف فى ان كتاب سليم بن قيس الهلالى اصل من اكبر كتب الاصول التى رواها اهل العلم من حملة اهل البيت عليهم السلام و اقدامها؛ لان جميع ما اشتمل عليه هذا الاصل انما هو عن رسول الله صلى الله عليه و آله و اميرالمؤمنين عليه السلام و المقداد و سلمان الفارسى و ابى ذر و من جرى مجراهم ممن شهد رسول الله صلى الله عليه و آله و اميرالمؤمنين عليه السلام و سمع منهما، و هو من الاصول التى ترجع الشيعة اليها و يعول عليها...».

[الغيبة: ص 101.

و وافقه على هذا القول كثير من علماء الطائفة كالشيخ محمد تقى المجلسى (المتوفى سنة 1070 ه)، و الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملى (المتوفى سنة 1104 ه)، و السيد هاشم البحرانى (المتوفى سنة 1107 ه)، و العلامة محمد باقر المجلسى (المتوفى سنة 1111 ه)، بالاضافة الى العديد من المتاخرين.

[راجع روضة المتقين: ج 14، ص 372. وسائل الشيعة: ج 2، ص 36 و 42. غاية المرام: ص 546. بحارالأنوار: ج 1، ص 32.

قال السيد الخوئى: «ان كتاب سليم بن قيس- على ما ذكره النعمانى- من الاصول المعتبرة بل من اكبرها، و ان جميع ما فيه صحيح قد صدر من المعصوم عليه السلام او ممن لابد من تصديقه و قبوله روايته، و عده صاحب الوسائل فى الخاتمة فى الفائدة الرابعة من الكتب المعتمدة التى قامت القرائن على ثبوتها و تواترت عن مؤلفيها او علمت صحة نسبتها اليهم بحيث لم يبق فيه شك».

[معجم رجال الحديث: ج 8، ص 220.

و فى قبال ذلك قال الشيخ احمد بن عبيدالله الغضائرى و هو من مشايخ النجاشى: «سليم بن قيس الهلالى العامرى، روى عن ابى عبدالله و الحسن و الحسين و على بن الحسين عليهم السلام، و ينسب اليه هذا الكتاب المشهور، و كان اصحابنا يقولون ان سليما لا يعرف و لا ذكر فى خبر، و قد وجدت ذكره فى مواضع من غير جهة كتابه، و لا من رواية ابان بن ابى عياش، و قد ذكر ابن عقدة فى رجال اميرالمؤمنين عليه السلام احاديث عنه، و الكتاب موضوع لا مرية فيه، و على ذلك علامات فيه تدل على وضعه، منها ما ذكر ان محمد بن ابى بكر وعظ اباه عند الموت، و منها ان الائمة ثلاثة عشر، و غير ذلك».

[معجم رجال الحديث : ج 8، ص 218. قاموس الرجال: ج 5، ص 233.

و قال الشيخ محمد بن محمد بن النعمان المفيد (المتوفى سنة 413 ه) فى آخر كتابه تصحيح الاعتقاد: «و اما ما تعلق به ابوجعفر (رحمه الله) من حديث سليم الذى رجع فيه الى الكتاب المضاف الهى برواية ابان بن ابى عياش فالمعنى فيه صحيح غير ان هذا الكتاب غير موثوق به و لا يجوز العمل على اكثره، و قد حصل فيه تخليط و تدليس،

فينبغى للمتدين ان يجتنب العمل بكل ما فيه، و لا يعول على جملته و التقليد لروايته، و ليفزع الى العلماء فيما تضمنه من الاحاديث ليوقفوه على الصحيح منها و الفاسد، و الله الموفق للصواب».

[شرح عقائد الصدوق او تصحيح الاعتقاد المللحق بكتاب اوائل المقالات: ص 247، ط مكتبة داورى. و تبعه على ذلك الشهيد الثانى زين الدين الجبعى العاملى (المتوفى سنة 965 ه).

[راجع منتهى المقال: ج 3، ص 375.

الوجوه التى طعن فيها بالكتاب و مناقشتها:


و يبدو ان منشا الشك فى صحة كتاب سليم بن قيس يعود الى ثلاثة وجوه ذكرها السيد الخوئى فى معجمه، انقلها عنه باختصار:

«الوجه الاول: انه موضوع و علامة ذلك اشتماله على قصة وعظ محمد بن ابى بكر اباه عند موته مع ان عمر محمد و قتئذ كان اقل من ثلاث سنين، و اشتماله على ان الائمة ثلاثة عشر.

و يرد على هذا الوجه اولا انه لم يثبت ذلك و السند فى ذلك ما ذكره ابن الغضائرى، و قد تقدم غير مرة: انه لا طريق الى اثبات صحة نسبة الكتاب المنسوب الى ابن الغضائرى، كيف و قد ذكر صاحب الوسائل فى ترجمة سليم بن قيس : «و الذى وصل الينا من نسخة الكتاب ليس فيه شى ء فاسد و لا شى ء مما استدل به على الوضع، و لعل الموضوع الفاسد غيره و لذلك لم يشتهر و لم يصل الينا»، انتهى.

و قال الميرزا فى رجاله الكبير: «ان ما وصل الى من نسخة هذا الكتاب، المذكور فيه ان عبدالله بن عمر وعظ اباه عند الموت و ان الائمة ثلاثة عشر مع النبى صلى الله عليه و آله، و شى ء من ذلك لا يقتضى الوضع»، انتهى.

و قال الفاضل التفريشى فى هامش النقد: «قال بعض الافاضل: «رايت فيما وصل الى من نسخة هذا الكتاب ان عبدالله بن عمر وعظ اباه عند موته و ان الائمة ثلاثة عشر من ولد اسماعيل و هم رسول الله صلى الله عليه و آله مع الائمة الاثنى عشر و لا محذور فى احد هذين»، انتهى.

و انى لم اجد فى جميع ما وصل الى من نسخ من هذا الكتاب الا كما نقل هذا الفاضل و الصدق مبين فى وجه احاديث هذا الكتاب من اوله الى آخره، فكان ما نقل ابن الغضائرى محمول على الاشتباه»، انتهى كلام الفاضل التفريشى.

ثم ذكر السيد الخوئى روايات عديدة للتدليل على صحة ما ذكره صاحب الوسائل و الفاضلان التفريشى و الاسترابادى، ثم قال: «و بما ذكرناه يظهر ان ما نسبه ابن الغضائرى الى كتاب سليم بن قيس من وراية ان الائمة ثلاثة عشر لا صحة له، غاية الامر ان النسخة التى وصلت اليه كانت مشتملة على ذلك، و قد شهد الشيخ المفيد ان فى النسخة تخليطا وتدليسا، و بذلك يظهر الحال فيما ذكره النجاشى فى ترجمة هبة الله

بن احمد بن محمد من انه عمل كتابا لابى الحسين العلوى الزيدى و ذكر ان الائمة ثلاثة عشر مع زيد بن على بن الحسين عليهم السلام، و احتج بحديث فى كتاب سليم بن قيس الهلالى: ان الائمة اثنا عشر من ولد اميرالمؤمنين عليه السلام».

[معجم رجال الحديث: ج 8، ص 221- 225.

و قال الشيخ محمد تقى التسترى: «ثم الحق فى كتابه ان اصله كان صحيحا، و قد نقل عنه الاجلة المشايخ الثلاثة و النعمانى و الصفار و غيرهم، الا انه حدث فيه تخليط و تدليس من المعاندين- فالعدو لا يالو خبالا- كما عرفت من المفيد، لا كما قال ابن الغضائرى: من كون الكتاب موضوعا لخبر وعظ محمد بن ابى بكر اباه، فالكتاب الموضوع ان اشتمل على شى ء صحيح يكون فى الاقلية كما فى التفسير الذى افتروه على العسكرى عليه السلام، و الكتاب بالعكس، بل لم نقف فيه على كذب محقق سوى خبر الوعظ. و اما خبر عدد الائمة فقد عرفت انه سوء تعبير من بعض الرواة، و وقوع اخبار خمسة مثله فى الكافى، و حينئذ فلابد ان يراعى القرائن فى اخباره، كما عرفت من المفيد».

[قاموس الرجال: ج 5، ص 239. و لكن السيد الخوئى قد اجاب عن خبر الوعظ فقال: «و اما وعظ محمد بن ابى بكر اباه عند موته، فلو صح فهو و ان لم يمكن عادة الا انه يمكن ان يكون على نحو الكرامة و خرق العادة. و على ذلك فلا وجه لدعوى وضع كتاب سليم بن قيس اصلا.

و ثانيا: ان اشتمال كتا بعلى امر باطل فى مورد او موردين لا يدل على وضعه، كيف و يوجد ذلك فى اكثر الكتب حتى كتاب الكافى الذى هو امتن كتب الحديث و اتقنها».

[معجم رجال الحديث: ج 8، ص 225.

«الوجه الثانى: ان راوى كتاب سليم بن قيس هو ابان بن ابى عياش و هو ضعيف على ما مر، فلا يصح الاعتماد على الكتاب بل قد مر عن العقيقى انه لم يروه عن سليم بن قيس غير ابان بن ابى عياش.

و الجواب عن ذلك: ان ما ذكره العقيقى باطل جزما، فقد روى عن سليم بن قيس فى الكافى و غيره من غير طريق ابان. و اما ما ذكره ابن الغضائرى من انحصار راوى كتاب سليم بن قيس بابان فيرده ما ذكره النجاشى و الشيخ من رواية حماد بن عيسى عن ابراهيم بن عمر الصنعانى عن كتابه.

الوجه الثالث: ان راوى كتاب سليم بن قيس ابان بن ابى عياش و هو ضعيف، و ابراهيم بن عمر الصنعانى و قد ضعفه ابن الغضائرى، فلا يمكن الاعتماد على كتاب سليم بن قيس. و الجواب: ان ابراهيم بن عمر وثقه النجاشى و لا يعارضه ابن الغضائرى على ما مر الكلام فى ترجمته.

هذا و الصحيح انه لا طريق لنا الى كتاب سليم بن قيس المروى بطريق حماد بن عيسى عن ابراهيم بن عمر عنه، و ذلك فان فى الطريق محمد بن على الصيرفى اباسمينة، و هو ضعيف كذاب...، و كيفما كان فطريق الشيخ الى كتاب سليم بن قيس بكلا سنديه ضعيف و لا اقل من جهة محمد بن على الصيرفى ابى سمينة».

[معجم رجال الحديث: ج 8، ص 225- 227.

و هكذا يظهر ان عمدة الوجوه فى مناقشة صحة الكتاب هو الوجه الثالث، اى ان الطريق الى كتاب سليم بن قيس ضعيف، و اذا لم نقل بان السيد الخوئى قد يستفاد من قوله السابق- ان كتاب سليم بن قيس صحيح كل ما فيه لما دلت عليه القرائن- انه يتبنى صحة مضمون الكتاب، فاقل ما يمكن ان يقال هو ان السيد الخوئى لم يجد فى متن الكتاب ما يكون فى حد ذاته امرا باطلا او غير معقول كما يدعيه فضل الله عبر شبهاته التى اثارها، و كما حاول مؤلف «هوامش نقدية» التلويح اليه عند القول بوجود ما يشير الى سهو المعصوم عليه السلام.

[راجع هوامش نقدية: ص 102- 103. و المحقق التسترى اشار قبل قليل الى ان الخبر المسلم كذبه هو خبر وعظ محمد بن ابى بكر، و لكن السيد الخوئى نفى استبعاده صدوره، على انه لو سلم كذبه فلا يعنى اسقاط اعتبار اصل الكتاب، اذ ان وجود اخبار باطلة او مكذوبة قلما يخلو منه كتاب، و لاستلزم هذا اسقاط اعتبار معظم الكتب الحديثية.

اختلاف العلماء فى ابان:


ثم لا يخفى ان حكم تصحيح او تضعيف سند كتاب سليم بن قيس مبتن على بعض المبانى دون الآخر، فقد ذهب بعض علمائنا الى اعتبار اخبار ابان بن ابى عياش، كالعلامة المامقانى و الشيخ موسى الزنجانى و السيد الصفائى الخونسارى و آخرون، فقد قال المامقانى فى نتائج التنقيح عنه: «حسن بل ثقة على الاقوى»،

[نتائج التنقيح: ص 4، رقم 14. و قال فى تفصيل ترجمته: «الجزم بضعفه مشكل بعد تسليم مثل سليم بن قيس كتابه اليه و خطابه بابن الاخ، و من لاحظ حال سليم بن قيس مال الى كون الرجل متشيعا ممدوحا و ان نسبة وضع كتاب سليم اليه لا اصل لها، و اذا انضم الى ذلك قول الشيخ ابى على فى المنتهى: «انى رايت اصل تضعيفه من المخالفين من حيث التشيع» تقوى ذلك، و العلم عندالله تعالى، بل بعد اثبات وثاقة سليم كما سياتى انشاءالله تثبت و ثاقة ابان هذا بتسليمه الكتاب المذكور».

[تنقيح المقال: ج 1، ص 3.

و قال الشيخ موسى الزنجانى: «الاقرب عندى قبول رواياته تبعا لجماعة من متاخرى اصحابنا اعتمادا بثقات المحدثين كالصفار و ابن بابويه و ابن الوليد و غيرهم و الرواة الذين يروون عنه، و لاستقامة اخبار الرجل وجودة المتن فيها».

[الجامع فى الرجال: ج 1، ص 11.

اما السيد احمد الصفائى الخونسارى فقال: «و اذا انتهت اسانيد الكتاب الى ابان فالاجماع يكشف عن وثاقته جدا».

[كشف الاستار: ج 2، ص 126.

هل يلزم من تضعيف ابان سقوط الكتاب؟


و لو قبلنا بضعف حال ابان فلا يستلزم ذلك سقوط اعتبار كتاب سليم لان القرائن تشهد بصحته، و قد مر علينا فى مبحث كسر الضلع قول ابن ابى الحديد المعتزلى فى نسبة كتاب نهج البلاغة الى الامام على عليه السلام من خلال ملاحظة متنه، و معرفة صحة او عدم صحة نسبة بعض الابيات الشعرية الى بعض الشعراء من خلال ملاحظة الاسلوب، و نفس هذا قابل للتطبيق فى موردنا هذا، فقد استند الشيخ الزنجانى على امور فى توثيق ابان من جملتها استقامة اخباره وجودة متنه، و قال الرجالى ابوعلى محمد بن اسماعيل المازندرانى الحائرى: «ثم اعلم ان اكثر الاحاديث الموجودة فى الكتاب المذكور موجود فى غيره من الكتب المعتبرة، كالتوحيد و اصول الكافى و الروضة و اكمال الدين و غيرها، بل شذ عدم وجود شى ء من احاديثه فى غيره من الاصول المشهورة».

[منتهى المقال: ج 3، ص 381.

و بناء على ما مر فاننا نستكشف صحة مضمون الاحاديث المتعرضة لمظلومية الزهراء عليهاالسلام من خلال الاحاديث الاخرى الواردة فى كتب الاخرى، و تلك الاحاديث اكبر قرينة تشهد بصدق كتاب سليم، حتى لو قلنا بعدم وجود طريق صحيح الى الكتاب، و لذا فما نورده لاثبات ما جرى على الزهراء عليهاالسلام من الظلم استنادا لكتاب سليم انما هو من باب الشاهد الذى قامت القرينة على صحته، و قد ذكرنا سابقا فى مبحث كسر الضلع ان السيد الخوئى تبنى كسر الضلع مع ان من عمدة مصادره كتاب سليم بن قيس.

و ماذا عن سهو المعصوم؟


و قد اشار مؤلف «هوامش نقدية» الى هذا الاعتراض مؤكدا على ان بعض ما ورد من روايات الاعتداء يدل على سهو المعصوم، و من جملة ما ورد فى هذا الخصوص ما رواه سليم بن قيس بالنحو التالى: «فوثب على عليه السلام فاخذ بتلابيبه ثم نتره فصرعه، و وجا انفه و رقبته، و هم بقتله فذكر قول رسول الله صلى الله عليه و آله و ما اوصاه به، فقال: و الذى كرم محمدا بالنبوة- يابن صهاك- لو لا كتاب من الله سبق و عهد عهده الى رسول الله صلى الله عليه و آله لعلمت انك لا تدخل بيتى».

[كتاب سليم: ص 84.

و لكن يجاب عن هذا التوهم بان استخدام لفظ (فذكر) لا يستلزم منه دوما تحقق النسيان و الغفلة بل قد يستعمل بمعنى الخطور الذهنى بغض النظر عن وجود سهو فى

البين، و قد وردت بعض الروايات بهذا المعنى، منها: ما رواه ابن قولويه و الكلينى و الصدوق باسنادهم الى داود الرقى قال: «كنت عند ابى عبدالله عليه السلام اذا استسقى الماء، فلما شربه رايته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه، ثم قال لى: يا داود لعن الله قاتل الحسين عليه السلام، فما انغض ذكر الحسين عليه السلام للعيش، انى ما شربت ماء باردا الا ذكرت الحسين عليه السلام...».

[وسائل الشيعة: ج 17، ص 216، باب 27، ح 1.

و يعلم من هذا ان التذكر يكون على نوعين، فمرة يكون بان يكلف الانسان بشى ء ثم يغفل عن ذلك الامر ثم يتذكره بعد فواته و بعد ان خالف المطلوب منه نسيانا و سهوا، و هذا هو الممنوع على المعصوم، و مرة يكون من قبيل تذكر الانسان ما وقع فى الايام الخوالى و الازمنة الغابرة، او التذكر للامر الالهى قبل فوات المطلوب، و هذا نظير ما ورد فى الروايات العديدة من غضب بعض الائمة عليهم السلام عما يرتكبه بعض خدمهم ثم كظمهم للغيظ، فلا منافاة بين تحقق الغضب كما فى مقامنا هذا حيث اعتدى القوم على الزهراء عليهاالسلام و بين امساك الامام عليه السلام عن القتل، و لا يعنى امر النبى صلى الله عليه و آله بعدم قتال القوم ان يقف الامام على عليه السلام مكتوف الايدى من دون اى ردة فعل، و من هنا كان موقفه فى وجه عمر و خالد بن الوليد، و هذا ما تقتضيه شجاعة الامام و غيرته و هو منبعهما و معينهما، و القول بسهو الامام على عليه السلام عما امره النبى صلى الله عليه و آله انما يصح منعه و ابطاله اذا كان متحققا و واقعا فى الخارج، و الرواية ليس فيها ما يدل على ذلك بل فيها ما يدل على عدم وقوعه، و لهذا التزم الامام عليه السلام بوصية النبى صلى الله عليه و آله اليه.

تجدر الاشارة الى ان السيد الخوئى او غيره لم يورد اشكال سهو المعصوم للطعن فى الكتاب او للقول بوضعه، و هذا كاشف عن ضعف مثل هذا الايراد.

/ 42