حوار مع فضل الله حول الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حوار مع فضل الله حول الزهراء - نسخه متنی

سید هاشم هاشمی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





حوار مع فضل الله حول الزهراء



الاهداء...





  • احلما و كادت تموت السنن
    و او شك دين ابيك النبى
    و هذى رعاياك تشكو اليك
    شخصنا اليك بابصارنا
    و فيك استغثنا فان لم تكن
    مغيثا مجيرا و الا فمنن



  • بطول انتظارك يا ابن الحسن
    يمحى و يرجع دين الوثن
    ما نالها من عظيم المحن
    شخوص الغريق لمر السفن
    مغيثا مجيرا و الا فمنن
    مغيثا مجيرا و الا فمنن




سيدى ايها العزيز، مسنا و اهلنا الضر و جئنا ببضاعة مزجاة فاوف لنا الكيل و تصدق علينا...


و اسالك مولاى ان تكون صدقتك الشفاعة لى و لمن يعنينى امرهم فى العتق من النار، و ان نرزق حسن العاقبة و نكون ممن ينتصر بهم لدينكم و لا يستبدل بنا غيرنا.


و هى صدقة عظيمة عندى صغيرة لديك، و قد جئتك مستجديا فلا تردنى بغيرها بحرمة امك فاطمة الزهراء عليهاالسلام.


و هل رجع من حط رحاله بفنائكم خائبا؟



المقدمة



بسم الله الرحمن الرحيم


و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف الخلق و سيد المرسلين محمد و على اهل بيته الطيبين الطاهرين.


برزت منذ سنوات عديدة على ساحتنا الاسلامية و بالخصوص الشيعية منها ظاهرة خطيرة فى شكلها و مضمونها، و هى ظاهرة الطعن و التشكيك فى العقائد النقية للشيعة الامامية و تاريخها المشرق، و خطورة هذه الظاهرة لم تقتصر على كمية التشكيكات و الطعون بل تعدتها الى الكيفية و مستوى المسائل التى نالها هذا التشكيك.


و كانت بداية بروز هذه الظاهرة على شكل اثارة بعض الاراء الغريبة و الشاذة فى مسائل فكرية و احيانا فقهية، و لم يعر لذلك فى حينه اى اهتمام، باعتبار الحرية التى امتازت بها الامامية فى مناقشة جميع الاراء، ففتحت المجال للحوار على مصراعيه، لان الدليل الذى سيقام فى قبال تلك الاثارات سيكون كافيا فى اقناع المحاورين ان كانوا جادين فى بلوغ الحقيقة.


و لكن سرعان ما تغيرت الاوضاع عند ما وصل المشككون الى مسائل من ضرورات المذهب الامامى و يعتبر منكرها من المنحرفين و اصحاب البدع و الضلال كالنقاش فى وجود صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، او ان الرسول صلى الله عليه و آله لم يبلغ ولاية اميرالمؤمنين عليه السلام يوم الغدير بشكل قاطع للشك و الخصومة، او ان بيعة الغدير لا تلزم المبايعين بالطاعة، او ان الزهراء عليهاالسلام لم تمض شهيدة، او انه لم يثبت سيادتها على نساءالعالمين من الاولين و الاخرين، او ان عصمة الانبياء و الائمة عليهم السلام جبرية، او ان الائمة عليهم السلام و سائط للهداية فقط لا وسائط للشفاعة و التوسل، او ان الامامة ليست من الثوابت التى لا مجال للاختلاف فيها، الى غير ذلك مما يطول المقام بذكره.


و كان حجم هذا التشكيك و تقارن الهجوم من عدة اطراف، و توفر الامكانيات الاعلامية الضخمة، التى قد تفوق امكانية بعض الدول مما يبعث على الريب فى اهداف هذه الحملة و نوايا الجهات التى تقف خلفها.


و فضلا عن ذلك فان الكارثة الكبرى كانت فى ان الذين طرحوا هذه القضايا يعتبرون انفسهم شيعة اماميين يسعون لتنزيه المذهب عما علق به من عقائد باطلة و خرافات بالية!


و كان على راس هؤلاء المتصدين لهذه الحملة محمد حسين فضل الله الذى اخذ يطرح الافكار المنحرفة فى مجال العقائد و التاريخ بشكل مثير جدا و بكل ما يملك من طاقات و امكانيات مادية. اى ان المصيبة هذه المرة- و بعبارة اكثر تحديدا و وضوحا- كانت فى ان الذى تولى النخر فى اعمدة البيت و كيانه ممن يحسب على البيت نفسه بل و يزعم انه يحرسه! «و ارقب البيت من راقبه».


و قد لا يكون غريبا على ساحتنا ان تظهر عينات من قبيل موسى الموسوى او احمد الكاتب و اضرابهم من الشخصيات المغمورة التى تثير بين الحين و الاخر شبهات الوهابية فى قالب خاص، كما لا نستعبد ان يطالب بعض المستبصرين و حديثى العهد باتشيع فى بعض مولفاتهم الاخيرة بالغاء الشهادة الثالثة فى الاذان و التخلى عن مظاهر العزاء الحسينى، و لكن مما لم نالفه فى طوال المسيرة التى و اكبها التشيع بكل ما فيها من تقلبات و ظروف قاسية ان يكون احد ابرز اصحاب راية الضلال شخص يطمع فى التسلق الى المرجعية الدينية- و بوسائل خاصة ليس هنا مجال الحديث عنها- و هى من اكثر المناصب قدسية و احتراما فى عهد الغيبة الكبرى، و اخذ يجاهر من موقع مرجعيته المدعاة بافكاره التى حكم كبار مراجعنا العظام و علماء الحوزات العلمية بانها من الضلالات و الانحرافات التى يعتبر متبنيها مرتكبا لاكبر المحرمات.


و كان للموقف الصريح و الواضح للحوزة العلمية، فى حركة سيذكرها التاريخ بكل اجلال و اكبار، الدور الاساسى فى التصدى لهذا الانحراف و تقويض اركانه، حتى تحول شهرا جمادى الاولى و الثانية من كل عام الى كابوس يدق على رؤوس كل من سولت له نفسه الطعن و التشكيك فى موقف الطائفة المحقة من منزلة الزهراء البتول عليهاالسلام و شهادتها و ما برتبط بمقاماتها الثابتة بالنص و الدليل.


اننا نرى ان اهم اسباب هذا الموقف الحازم تعود الى ما يلى:


1- استغلال موقع المرجعية فى الترويج للانحراف:



فلم يكن منشا الحساسية لدى مراجعنا العظام هو مجرد تصدى من ليس اهلا للمرجعية لها، فقد شهد تاريخنا القديم و المعاصر برزو مثل هذه الحالة، و كانت ادنى درجات الوعى العام كفيلة فى علاج المسالة، و لكن الامر كان مختلفا مع فضل الله،


اذ لم يكتف باخوض فى شؤون المرجعيه و الافتاء بل سعى الى اضفاء جو من القدسية على آرائه التى تهدم البنية التحتية للمذهب الامامى، فهو يبرر اراءه المنحرفة و الشاذة بالقول: «ان من اصاب الحق فله اجران و من اخطاه فله اجر و احد و هو اجر الاجتهاد»! فكان لابد من موقف حازم تجاه ضرب اسس المذهب باسم المذهب، و كان راى المراجع و العلماء صريحا لا مساومة فيه و لا مهادنة، جزاهم الله عن الاسلام و مذهب اهل البيت عليهم السلام خير الجزاء.


2- المستوى الكمى و الكيفى للمسائل المشكك فيها:


فقد طال التشكيك مسائل كثيرة جدا سواء فى مجال العقيدة او التاريخ او الفقه، مما شكل فى مجموعه منهجا قائما بذاته و لم يدع مجالا للتغاضى و التوجيه بانها كلمة عابرة و هفوة غير مقصودة. كما انه شمل اهم المرتكزات و نقاط الخلاف بين الشيعة الامامية و غير هم، مما كان السكوت عنه يعنى السكوت على تضييع الهوية الشيعية و تمييع الفوارق بين الامامية و غير هم من المذاهب الاخرى، و قد جاء فى الحديث عن النبى صلى الله عليه و آله: «اذا ظهرت البدع فعلى العالم ان يظهر علمه، فان لم يفعل سلب نور الايمان».


3- عدم نفع النصح و التحذير:



فقد شهدت فتنة فضل الله العديد من المحاولات لثنيه عن مقولاته، و من تلك المحاولات المتكررة للعلامة السيد جعفر مرتضى العاملى لاقناعه بتغيير موقفه، و كذلك الرسالة التى بعثها السيد محمد جواد نجل المرجع آيةالله العظمى السيد الكلبايكانى رحمه الله يدعوه فيها الى معالجة الموضوع و انهائه بحكمة، هذا بالاضافة الى العديد من الشخصيات الذين كانوا ينبهونه شفهيا و تحريريا على ما فى كلامه من الاخطاء العلمية الواضحة و ان يعرف قدره و يبصر عجزه و يحفظ لسانه. و كان البعض يكتفى منه بمجرد السكوت عن ارائه المنحرفة الا ان كل تلك الجهود فشلت، فقد كابر و عاند و استمر يخوض فى باطله لا تؤثر فيه نصيحة مشفق و لا تحذير غيور، فلم يكن سبيل امام مراجعنا- مقابل خطورة الانحرافات و تاثر البعض بها والاهم من ذلك كله نسبتها الى المذهب الامامى- الا الحكم على فضل الله بانه من اصحاب الضلال و انه يحمل افكارا تخالف الضرورة المذهبية. فلو لا مكابرة فضل الله و تشبثه بباطله لم تصدر الفتاوى ضده و لا صدر مثل كتاب «ماساة الزهراء» و غيره، و لكن «قد يدفع الشر بمثله اذا اعياك غيره».


و بدلا من ان يرضخ للحق و يقر بالخطا و يعلن عن توبته و يتراجع عن مقولاته، نراه قد «عجعج لما عضه الظعان» و اخذ يتهم المراجع بعدم التقوى و عدم التثبت و عدم فهم مراده! و طعن فى مخالفيه بخدمة المخابرات الامريكية و ممارسة الكذب و التحريف و السب و الشتم!


نعم كانت بعض الفترات اليسيرة تشهد تراجعا طفيفا من فضل الله، و ذلك عند ما كان الغضب الجماهيرى يزداد ضده، و كان فضل الله يضطر لشى ء من التكتيك و اللف و الدوران و التلاعب بالكلمات للايحاء بحصول تغير فى موقفه، و لكن ما ان تضعف الحملة حتى يعود الى مقولاته الاولى، و فى هذا يقول: «و لذلك المحكى بانا اعتذرنا، فى الواقع لم يكن هذا اعتذارا و لكنه كان مواجهة للحملة الظالمة! التى كادت ان تتحول الى فتنة (!) فى قم، و طلب منى الكثيرون من الفضلاء ان اتحدث بطريقة (!) تمنع الاخرين من اثارة الفتنة الغوغائية التى حدثت من اكثر من جانب».


و لم يقتصر اسلوب فضل الله و تكتيكه بتصوير التصدى لانحرافاته بانه حملة ظالمة و فتنة غوغائية موجهة ضده، فان ذلك لم يكن كافيا لسيل الاسئلة و الاستفسارات التى كانت تخطر فى اذهان بعض من تبقى شى ء يسير من الاحترام لفضل الله عند هم، و لذا عمد الى تحريك بعض اتباعه ممن اغتر به و بما يملكه من اموال فى طباعة بعض الكتيبات التى تسعى الى حفظ ما تبقى من ماء الوجه، ولكنه اخطا الطريق ثانية، فقد «افرط للهيم حبينا اقعس»، و لم يكن بامكان هؤلاء ممن لم يكونوا افضل حالا من فضل الله نفسه اصلاح الفساد الضارب فى الجذور، فكانوا «كدابغة و قد حلم الاديم».


و يبقى السؤال الاهم و هو: كيف بلغ الوضع الى ما هو عليه؟ و ما هو السبب فى طرح فضل الله لهذه الاراء التى اثارت فى وجهه موجة عارمة من السخط فى جميع الاوساط العلمية و الشعبية؟ فهل كان تحولا مفاجئنا و تغيرا سريعا فى افكاره؟


الحق يقال ان مثل هذه الافكار و بمراتب ادنى مما طرحها اخيرا كانت مبثوثة فى كتبه و محاضراته السابقة، و لكن هناك عوامل عديدة فتحت الطريق له ليطرح كل ما كان يخطر فى باله سابقا. و المتتبع لوضع فضل الله و الطفرة غير الطبيعية فى بروزه يجد ان من اهم العوامل لذلك ما يلى:


1- الجهل:



فضحالة المستوى العلمى لفضل الله و عدم قدرته الحصول على شهادة اجتهاد من احد المراجع رغم سعيه الحثيث فى هذا المجال جعلته يلتزم منهجا معينا سفى الكتابة و الخطابة، و يعتمد هذا المنهج فى الاسلوب الخطابى و اثارة الاحتمال حتى فى المسائل المتفق عليها و اظهار اتحاد نتيجة رايه مع ما راه غيره من كبار العلماء و استخدام بعض المصطلحات العلمية التى لا يعرفها عامة الناس و كثرة طباعة التاليفات رغم سطحيتها و تكرر الكثير من مطالبها كل ذلك للتغطية على عجزه العلمى.


و قد انعكس هذا المنهج على مؤيديه و اتباعه، و لذا لا تجد من يؤيد فضل الله فى انحرافاته الا من كان على شاكلته من الجهل و قلة المعرفة و الظهور بغير زيه و حقيقته... (قل كل يعمل على شاكلته).


و كان اتباع فضل الله للاسلوب السياسى الملتوى تاثير ما فى تاخير بعض الردود حتى تجتمع الادلة القوية على تحديد مقصوده، و لا يكون هناك مجال للتذرع بعدم قصده الراى المنحرف، و كان لهذا التاخير تاثير سلبى فى الجانب الاخر، فقد اغراه ذلك فى المضى قدما لطرح المزيد من الاثارات، و لكن لكل شى ء حدودا، فاذا كان الحرص على سلامة الساحة و وحدة الصف قد استوجب الاغماض عن بعض الانحرافات و ذلك للسعى الى اقناع مثير الفتنة عن التراجع او التوقف على اقل تقدير من الاثارة، فان السكوت امام سيل البدع و الضلالات بعد اجتماع كافة الادلة و الشواهد على ارادته لها ستكون له نتائج و خيمة على عقائد الناس و ستبعث على جراة بقية اصحاب البدع على هدم اسس المذهب و مبانيه.


و لا اخفى على القارى الكريم ان من اصعب الامور التى و اجهتنى فى تاليف هذا الكتاب و واجهت غيرى ايضا ممن تصدى للرد، ان يكون طرفه الاخر فى النقاش ممن لا يعرف الاستدلال و اصوله و منهجه و يخلط الغث بالسمين، فلم تكن الصعوبة فى الرد عليه فى العثور على جواب بل كانت فى العناء و الجهد النفسى لسلوك الطرف الاخر الطرق الملتوية فى الحوار و طرح الافكار.


و تفاديا للدخول فى تفاصيل بعض المسائل العلمية التخصصية حاولت التركيز فى كتابى هذا على الموارد التى يمكن لاى فرد ان يعرف الخطا و موقع الجهل الذى وقع فيه فضل الله، ليكشف عن قرب ان مدعى المرجعية لا يفرق بين الراوى الثقة من غيره، و انه يستبعد امرا ثم يقر انه لم يكن مطلعا على رواياته، و انه يزعم انه توجد رواية واحدة فقط فى احدى فضائل اميرالمؤمنين عليه السلام رغم وجود ما يزيد عن عشرين رواية فى تلك الفضيلة، و امثال هذه الاخطاء المكشوفة التى لا تحتاج فى تفاديها الى عمق دراية و اطلاع او خلفية علمية كبيرة.


و من هنا، كان اهم هدف توخيته فى كتابى هذا بعد تشييد الحقائق بالادلة القاطعة للريب هو بيان ان الاراء المنحرفة لفضل الله لا تمثل راى الطائفة المحقة، و كان الطريق لاثبات ذلك يتم عبر التركيز على مواطن الجهل لديه، و دون مبالغة و اغراق، فان تلك المقولات الباطلة لا تصدر ممن له حظ من علم، و ان تلبس بزى اهل العلم، فهو جاهل بابسط المقدمات العلمية التى يبتنى عليها الراى، فلا يجوز ان ينسب اليه راى المذهب.


2- التزييف الاعلامى:



و قد لا يكون من المبالغة لو قلنا ان حجم الشبكة الحزبية و المؤسسات الاعلامية التابعة لفضل الله المنتشرة فى كثير من بلدان العالم بما تصدره من مجلات و صحف و نشرات و كتب، و تمارسه من اساليب و انشطة العمل الحزبى، يفوق فى طاقته الامكانيات المتاحة لاى مرجع تقليد او مؤسسة اسلامية اخرى.


و قد سعت مؤسسته الاعلامية ان تغطى على عجزه العلمى «و تجعل الزج قدام السنان»، ففى حين لم يكن يعرف الا بلقب «العلامة» و هو لقب حصل عليه من اتباعه و لا يدل فى حد ذاته على ان الملقب به مجتهد، نجد ان جهازه الاعلامى اخذ منذ العام 1406 ه يروج للقب «آية الله» و هو ما يطلق على خصوص المجتهدين، و تمكن جهازه بهذا التزييف من خداع بعض الناس و اخذ هذا الامر اخذ المسلمات، فى حين عجز فضل الله من الحصول على اعتراف و احد من احد المراجع المعروفين باجتهاده، فما هو فى نظرهم الا «شجر يرف»!


و لكن طموح فضل الله لم يكن يكفيه الا لقب «آية الله العظمى» و تسلق المرجعية ليروج لارائه من ذلك الموقع، فسخر كل قدراته لتثبيت هذا اللقب، فلا تجد اصدارا باسمه الا و يحمل هذا اللقب، و قد غاب عنه ان هذه الالقاب قد ادعاها البعض ممن لا يستحقها و افتضح امره فى ذلك، و بقى المحك الحقيقى و هو الحصول على اجازة الاجتهاد من المراجع و المجتهدين المعروفين، «و سحابة صيف عن قليل تقشع».


و لكن ما لم يتوقعه فضل الله و لم يحسب له هو ان تاتيه الضربة من هذا الاسلوب الاعلامى بالذات، فيتعر قل بالحبال التى لعب عليها! فمحاولة جهازه فى قلب الحقائق و تزويرها للصعود بفضل الله و التغطية على اخطائه جعلته يمارس انواعا من التحريف و التلاعب فى كلماته مما افقدت مصداقيته و كشفت عن مواطن الانحراف فى افكاره و الموارد التى يسعى الى اخفاء رايه الحقيقى فيها، و هذا ما ستجده بوضوح فى خاتمة هذا الكتاب.


3- عدم المواجهة وردة الفعل الشديدة:



فقد امتاز فضل الله باسلوبه الخاص و هو التدرج فى طرح آرائه المنحرفة، فقد كان فى البداية يثير القضية من خلال الاحتمالات المطروحة فيها بما فيها الراى الباطل من دون تاييد للراى الحق الذى تبناه علماء الطائفة، و عندما لا يجد معارضة لمثل هذه الاثارة يعمد الى طرح احتمال قوة الراى المنحرف و ذكر بعض ما يتوهمه من عناصر القوة فيه و التقليل من قيمة الراى الحق و ذكر ما يظن انه من موجبات ضعفه من دون الجزم فى الموضوع المتنازع فيه، و حينما يفقد مواجهة هذا الترجيح او يجدها ليست بالشكل القوى يفصح عن مكنون رايه و ما يضمره فى باطنه!


و لعل موقفه من الاعتداء على مولاتنا الزهراء عليهاالسلام و شهادتها هو احد ابرز مصاديق اسلوب التدرج فى تبنى الراى المنحرف، و لكن هذا الاسلوب كان يستبطن فى حقيقته عملية الا ستدراج الالهى- نستجير بالله منها- للكشف عن حقيقة توجهاته و متبنياته، اذ لم يكن من الممكن اقناع البعض بانه يعنى و يقصد الراى الباطل الا من خلال افساح المجال له للادلاء برايه و اظهار ما كان يحذر من بيانه للوهلة الاولى، «و برد غداة غر عبدا من ظما».


و وقع ما لم يكن يتوقعه فضل الله، و راى نفسه فى دوامة لم يجد منها مهربا، و لم تنفعه امواله و لا صحفه و مجلاته من تحسين صورته امام موجة الاعتراضات الكبيرة من مراجع و علماء الحوزة العلمية و الجماهير المؤمنة، و بقى امام مفترق طريقين، فاما ان يعلن عن تراجعه و توبته و هو بذلك يقر بان منشا ما قاله من انحرافات هو الجهل بالاسس العلمية فتذهب اتعابه فى تسلم زمام المرجعية سدى، و اما ان يكابر و يستمر فى باطله فتشتد عليه الاحتجاجات و الاعتراضات، «و ما هو الا غرق او شرق».


و يبدو ان فضل الله قد اختار الطريق الثانى ظنا منه انه اسلم له، معتمدا على قدرته على المناورة و الضغط التى يحسب ان بامكانها ان تنقذه من المخمصة، فقد اكد على عدم استعداده للرد على احد مبررا ذلك بانه منصرف الى مواجهة الاستكبار العالمى، و ان كتابة الردود تشغل الساحة بامور هامشية! و يكفى لتفنيد هذا التبرير ان نعرف ان فضل الله يعتبر اشد الناس خوضا و اثارة لمختلف القضايا كبيرها و صغيرها بحجة انه «ليس هناك ما هو تافه فى السؤال و الحوار»، بل انه لم يلجا لهذا التبرير الا بعد عجزه و سقوط كل احتجاجاته، فقد دخل فى نقاشات مع بعض العوام الذين لا يملكون خلفية علمية مناسبة حول ما صنفه قضايا هامشية، فى حين تجنب اى حوار علنى مع العلماء و المحققين المتخصصين!


ثم متى كانت كتابة الردود على الانحرافات و البدع و ترسيخ البنية العقائدية فى نفوس المؤمنين مانعة من الجهاد و الوقوف فى وجه مؤامرات العدو حتى فى اشد الفترات ضراوة؟ بل هما يسيران جنبا الى جنب ان لم يكن الاهتمام بالاسس العقائدية مقدما لان العمل الاسلامى لا يمكن ان يكون مثمرا اذا لم يعتمد على البنية الفكرية الصلبة، و لذا نلا حظ ان اكبر دعاة الوحدة الاسلامية و اكثر هم تحذيرا من الفرقة لم يهملوا الجوانب العقائدية و الفكرية و التاريخية فى حركتهم، لانهم يدركون جيدا ان قوام الحركة بها، فها هو الامام الخمينى (رضوان الله عليه) يتحدث فى وصيته العظيمة عن مصحف فاطمة بما يعتبره بعض القاصرين ادعاء لنبوتها! و يؤكد ايضا على ان حديث الثقلين حجة على كل المسلمين و خاصة علماء المذاهب الاخرى، و يتطرق الى حديث الغدير و المقامات الرفيعة لاهل البيت عليهم السلام و شهادة الزهراء عليهاالسلام، و ان الامام المهدى (عجل الله تعالى فرجه) سيحقق ما لم يستطع احد قبله من تحقيقه، و هو يعلم مع ذلك حجم المتابعة و الرصد الاعلامى للاستكبار لمحاولة التصيد من اقل كلمة يظن انها ستنفعه فى اثارة اجواء التشويه و الادانة.


و لقد كفانى العلامة الجليل السيد جعفر مرتضى العاملى مؤونة الاجابة عن كثير من امثال هذه الشبهات و الاثارات بما ذكره فى كتابه الاخير «لماذا كتاب ماساة الزهراء؟»، و لذا اوصى اخوانى المؤمنين بقراءته.


و قبل الدخول فى الكتاب احببت التنبيه على امور:


1- عمدت فى بداية كل باب او فصل الى عرض كلمات فضل الله فى ذلك الموضوع، سواء من كتبه او رسائله او اشرطته المسجلة، و نقلت نماذج من المطبوع منها فى ملاحق هذا الكتاب، و ذلك لتوثيق كلماته حتى لا يقال بان فى الهجوم عليه تحاملا او تحميلا. و لم انقل من الاشرطة المسجلة الا ما استمعت اليه شخصيا ثم دونته، و لم انقل الكثير مما اشتهر عنه و لم املك عليه دليلا حسيا ملموسا، وسيلا حظ القارى انه قلما يوجد كلام نسبناه اليه من الاشرطة الا و له مماثل و شاهد فى كتبه و مجلاته و نشراته. و لى رجاء من كل من بلغه تكذيب فضل الله لاى عبارة منسوبة اليه فى كتابنا ان يتفضل على بارسال نص خطى منه بتكذيب ذلك المقطع.


و بالطبع لا ادعى اننى بتوثيق كلمات فضل الله قد عالجت مشكلة تشكيك جماعته فى اقواله و كتبه معالجة جذرية، فان بعضهم يعمد الى كل اساليب الخداع و المكر دفاعا عن انحرافات فضل الله، فنجدهم يطرحون وجود اجهزة حديثة تحاكى صوت فضل الله! و يكذبون تنديد مراجعنا بفضل الله فى مجالسهم الخاصة، و عندما يخطب احد المراجع فى مجلس علنى شاجبا لاراء فضل الله يقولون انه قد تعرض لضغوط شديدة و نقل له كلام فضل الله بشكل خاطى! و هكذا يسعون الى تحسين صورة الانحراف بمختلف اساليب التضليل الشيطانية.


و لكننى استطيع القول اننى و فرت على «طلاب الحقيقة» قسما من عناء البحث لمعرفة صحة او كذب ما نسبناه الى فضل الله عبر تحديد المصادر التى استقينا منها كلماته. كما ان لى رجاء آخر ايضا ممن يروم نيل الحقيقة ان يقرا بتان و دقة ما نذكره فى صدر الابواب و الفصول من كلمات فضل الله، فان ذلك سيؤثر كثيرا فى معرفة الثغرات الموجودة فيها.


2- ذكرت اقوى ما يمكن ان يستدل به صاحب الراى الاخر، و لم استعمل اسلوب اظهار ما يسند رايى فقط و التغاضى عما يخالفه لان ذلك لا يتفق مع المنهج العلمى. كما عمدت الى كتابة الرد بشكل تتم فيه الاجابة على الاعتراضات المقدرة التى قد تثار، و هذا هو احد الاسباب المهمة فى التطويل الملاحظ فى بعض الفصول.


3- تستلزم الاجابة على شبهات فضل الله و مزاعمه احيانا توضيح بعض المسائل التى تكون موضع اهتمام الدراسات فى الحوزة العلمية، و قد بذلت قصارى جهدى فى التوسط و الاعتدال بين توضيح ما يرفع الاشكال و بين مراعاة الاختصار و تجنيب البحث المطالب العلمية التى تستند على مقدمات كثيرة تبعث على الملل.


4- تعمدت فى تبويب الكتاب تقديم باب منزلة الزهراء عليهاالسلام و مصحف فاطمة على ما يتعلق بالاعتداء عليها رغم ان تلك الابواب هى الاكثر اثارة على المستوى العام و ذلك لامرين: الاول: ان بعض ما قاله فى البابين الاول و الثانى لا يقل خطورة عما


ذكره فى الابواب اللاحقة لهما. الثانى: ان قسما كبيرا مما هو مذكور فى هذين البابين يكشف عن مستوى التفكير و طريقة البحث و المرتكزات التى يعتمد عليها فضل الله.


5- لزم احيانا التعرض لمناقشة الروايات من ناحية السند فى الموارد التى كان يتوقف الاستدلال على ذلك فيها و فى الموارد التى رايت ان اثبات صحة السند مؤيد للدليل. و قد سعيت الى ادراج المباحث الرجالية الطويلة فى الهامش تجنبا للاطالة. و لم اذكر فى الهامش المصادر التى اعتمدت عليها فى توثيق و تضعيف الرواة الا فى الموارد التى اقتضتها الاهمية.


6- تم تمييز كلمات فضل الله بخط مغاير لخط الكتاب (مائل) تسهيلا على القارى اذا اراد الرجوع الى كلماته.


7- تعمدت ان يكون عنوان الكتاب محتويا على كلمة (الحوار) و ذلك لان فضل الله يعتبر نفسه من دعاة الحوار حتى مع اهل الباطل، و نحن نرجو ان يلتزم بما قطع على نفسه من ضرورة الحوار و استمراريته سواء بشكله المباشر او غير المباشر، و ان يدع جانبا مقولته: «انا ليس عندى وقت لارد على احد»، اذ كيف خاض فى الحوار على مختلف الاصعدة و المجالات و عند ما انكشف عجزه العلمى فيما كتبه مراجعنا و علماؤنا الكبار تذرع بان لا وقت لديه للحوار لان لديه مهمات كبيرة اخرى!! ان من يؤمن بالحوار و يدعو اليه يجب ان يلتزم بدعوته دائما و ان غلبه الحوار!


و اصرارنا على الحوار العلنى نابع من معرفتنا بان الحال لم تكن لتبلغ ما وصلت اليه لو ان فضل الله قبل منذ البداية دعوة العلامة السيد جعفر مرتضى العاملى بعقد حوار صريح و علنى حول المسائل المتنازع عليها، لتظهر الحقيقة امام الملا و يثبت زيف ادعاءات المدعين للعلم و الاجتهاد زورا، و يبدو انه ادرك مسبقا هذه النتيجة فتهرب من الحوار الا مع عوام الناس حتى يضمن عدم انكشاف اوارقه.


و آخر ما ارجو ان نستخلصه من هذه الفتنة هو ان لا نسمح للذين اخذوا سمعتهم و مكانتهم عن طريق السياسة و الشهرة و الاعلام كفضل الله ان يمسوا بالاسس العقائدية، لان العقيدة اهم و اعظم من ان نضحى بها لمصالح مؤقتة زائلة.


كما ينبغى الحذر من محاولات تحسين صورة فضل الله و التقليل من شان انحرافاته، و هى مهمة منوطة بالعلماء و المؤمنين، و قد اثبتوا انهم اهل لها و انهم حريصون على القيام بها.


و فوق كل ذلك فالبيت له رب يحميه و لاهل البيت عليهم السلام رب يدافع عنهم و يهيى ء من يدافع عنهم...


15 شعبان 1418 ه


/ 42