غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب - جلد 3

عبدالحسین احمد الامینی النجفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


بالله الغرور وسيحول الله بينك وبين ماتريد، ويجعل لنا العاقبة، وليأتين عليك يوم أكسر فيه اللات والعزى وساف ونائلة وهبل ياسفيه بني غالب.

ولم يزل يحاد الله ورسوله حتى سار رسول الله صلى الله عليه وسلم لفتح مكة فأتى به العباس ابن عبدالمطلب رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أردفه، وذلك انه كان صديقه و نديمه في الجاهلية، فلما دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يؤمنه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ويلك يا أبا سفيان؟ ألم يأن لك أن تعلم ان لا إله إلا الله؟ فقال: بأبي أنت وامي ماأوصلك وأجملك وأكرمك، والله لقد ظننت انه لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئا. فقال ياأبا سفيان؟ ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ فقال: بأبي أنت وامي ما أوصلك وأجملك وأكرمك، أما هذه ففي النفس منها شئ. فقال له العباس: ويلك؟ إشهد لشهادة الحق قبل أن تضرب عنقك. فشهد وأسلم. فهذا حديث إسلامه كما ترى، واختلف في حسن إسلامه فقيل: إنه شهد حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الازلام معه يستقسم بها، وكان كهفا للمنافقين، وانه كان في الجاهلية زنديقا، وفي خبر عبدالله بن زبير إنه رآه يوم اليرموك قال: فكانت الروم إذا ظهرت قال أبوسفيان: ايه بني الاصفر، فإذا كشفهم المسلمون قال أبوسفيان:

وبنو الاصفر الملوك ملوك الر وم++

لم يبق منهم مذكور

___________________________________

هذا البيت من جملة ابيات للنعمان بن امرئ القيس.

فحدث به الزبير أباه فلما فتح الله على المسلمين فقال الزبير: قاتله الله يأبى إلا نفاقا، أو لسنا خيرا من بني الاصفر؟.

وذكر المدايني عن أبي زكريا العجلاني عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: حج أبوبكر رضي الله عنه ومعه أبوسفيان بن حرب فكلم أبوبكر أبا سفيان فرفع صوته فقال: أبوقحافة اخفض صوتك ياأبا بكر عن إبن حرب. فقال: أبوبكر ياأبا قحافة إن الله بنى بالاسلام بيوتا كانت غير مبنية، وهدم به بيوتا كانت في الجاهلية مبنية وبيت أبي سفيان مما هدم.

وكان يوم بويع أبوبكر يثير الفتن ويقول: إني لارى عجاجة لايطفئها إلا دم، يا آل عبد مناف؟ فيم أبوبكر من اموركم؟ أين المستضعفان؟ أين الاذلان علي و

عباس؟ مابال هذا الامر في أقل حي من قريش؟ ثم قال لعلي: ابسط يدك ابايعك، فوالله لئن شئت لاملانها عليه خيلا ورجلا، فأبى علي عليه السلام عليه فتمثل بشعر المتلمس:

___________________________________

هو جرير بن عبد المسيح من بني ضبية، توجد ترجمته في "الشعر والشعراء" لابن قتيبة، و "معجم الشعراء".

ولن يقيم على خسف يرادبه++

إلا الاذلان غير الحي والوتد

هذا على الخسف مربوط برمته++

وذا يشج فلا يبكي له أحد

فزجره علي وقال: والله ماأردت بهذا إلا الفتنة، وإنك والله طالما بغيت للاسلام شرا، لاحاجة لنا في نصحك.

___________________________________

الكامل لابن الاثير 2 ص 135. وجعل يطوف في أزقة المدينة ويقول:

بني هاشم لاتطمعوا الناس فيكم++

ولا سيما تيم بن مرة أو عدي

فما الامر إلا فيكم وإليكم++

وليس لها إلا أبوحسن علي

فقال عمر لابي بكر: إن هذا قد قدم وهو فاعل شرا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستألفه على الاسلام فدع له مابيده من الصدقة. ففعل فرضي أبوسفيان وبايعه

___________________________________

العقد الفريد 2 ص 249.

وقد سبق الخضري في رأيه هذا معاوية فقال فيما كتب إلى علي أميرالمؤمنين: نحن بنو عبد مناف ليس لبعضنا على بعض فضل. فأجاب عنه أميرالمؤمنين بقوله: لعمري إنا بنو أب واحد ولكن ليس امية كهاشم. ولاحرب كعبد المطلب. ولا أبوسفيان كأبي طالب. ولا المهاجر كالطليق. ولا الصريح كاللصيق. ولا المحق كالمبطل. ولا المؤمن كالمدغل. ولبئس الخلف خلف يتبع سلفا هوى في نار جهنم، وفي أيدينا بعد فضل النبوة.

___________________________________

كتاب صفين لابن مزاحم 538 و 539، الامامة والسياسة 1 ص 100، مروج الذهب 2 ص 61، نهج البلاغة 2 ص 12، شرح بن أبى الحديد 3 ص 424، م - ربيع الابرار للزمخشري باب 66.

قال الاميني ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم؟! قل: هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون.

فكرة معاوية فى اختيار يزيد


قال: نقول إن فكر معاوية في إختيار الخليفة بعده حسن جميل، وإنه

مادام لم توضع قاعدة لانتخاب الخلفاء، ولم يعين أهل الحل والعقد الذين يرجع إليهم، فأحسن مايفعل هو أن يختار الخليفة ولي عهد قبل أن يموت، لان ذلك يبعد الاختلاف الذي هو شر على الامة من جور إمامها. ص 119.

وقال: ومما انتقد الناس معاوية انه اختار ابنه للخلافة وبذلك سن في الاسلام سنة الملك المنحصر في اسرة معينة بعد أن كان أساسه الشورى ويختار من عامة قريش وقالوا: إن هذه الطريقة التي سنها معاوية تدعو في الغالب إلى انتخاب غير الافضل الاليق من الامة، وتجعل في اسرة الخلافة الترف والانغماس في الشهوات والملاذ والرفعة على سائر الناس.

أما رأينا في ذلك فإن هذا الانحصار كان أمرا حتما لابد منه لصلاح أمر المسلمين والفتهم ولم شعثهم، فإنه كلما اتسعت الدائرة التي منها يختار الخليفة كثر الذين يرشحون أنفسهم لنيل الخلافة، وإذا انضم إلى ذلك اتساع المملكة الاسلامية، وصعوبة المواصلات بين أطرافها، وعدم وجود قوم معينين يرجع إليهم الانتخاب، فإن الانتخاب واقع، ونحن نشاهد انه مع تفوق بني عبد مناف على سائر قريش، واعتراف الناس لهم بذلك وهم جزء صغير من قريش فإنهم تنافسوا الامر وأهلكوا الامة بينهم، فلو رضي الناس عن اسرة ودانوا لها بالطاعة واعترفوا باستحقاق الولاية لكان هذا خير مايفعل لضم شعث المسلمين ص 124.

إن أعظم من ينتقد معاوية في تولية إبنه هم الشيعة مع أنهم يرون إنحصار ولاية الامر في آل علي، ويسوقون الخلافة في بنيه، بتركها الاب منهم للابن، وبنو العباس أنفسهم ساروا على هذه الخطة.

جواب: لم ينتقد معاوية من ينتقده لمحض اختياره وإنما انتقده من ناحيتين: ألاولى عدم لياقته للتفرد وهو كما قال أميرالمؤمنين في كلام له: لم يجعل الله عزوجل له سابقة في الدين، ولاسلف صدق في الاسلام، طليق إبن طليق، حزب من هذه الاحزاب لم يزل لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين عدوا هو وأبوه دخلا في الاسلام كارهين

___________________________________

تاريخ الطبري 6 ص 4. وفي الامة أهل الحل والعقد الذين اختاروا خلافة أبي بكر، ثم وافقوا

على الوصية إلى عمر وأقروها، وأصفقوا مع أهل الشورى على خلافة عثمان، وأطبقوا على البيعة طوعا ورغبة لمولانا أميرالمؤمنين فثبتت خلافته، ووجبت طاعته، ولزمت معاوية بيعته، فكان هؤلاء موجودين بأعيانهم أو بنظرائهم وهم الذين نقموا على معاوية ذلك العقد المشوم.

ألثانية: عدم لياقة من عينه من بعده وهو ذلك الماجن المتخلع المتظاهر بالفجور إن لم نقل بالكفر والالحاد.

أما عدم تعيين أهل الاختيار فإن أراد عدم تعينهم فذلك بهتان عظيم لان الموجودين في الصدر الاول في عاصمة الاسلام المدينة المنورة الذين تصدوا لتعيين الخليفة هم أهل الحل والعقد، وكان أكثرهم موجودين إلى ذلك العهد، وأما من توفي منهم فقد قيضت الظروف من بعدهم من يد مسدهم، فإن يكن هؤلاء مفوضا إليهم أمر الخلافة بادء بدء فهم المفوض إليهم أمرها مهما تناقلت الخلافة، فليس لاحد أن يختار من دون رضا منهم، وإن هؤلاء القوم تعينهم الظروف والاحوال والمقتضيات المكتنفة بهم، ولا يعينهم نص من الكتاب أو السنة.

وإن أراد عدم تعيين هؤلاء الخليفة من بعد معاوية فإن ظرف التعيين ساعة موت الخليفة لاقبله. نعم: قد تنعقد الضمائر على انتخاب من يرون له الاهلية في أبان الانتخاب، وما أدرى معاوية انهم سوف يهملون أمر الامة ساعة هلاكه؟ ولماذا تفرد بالانتخاب من دون رضى منهم؟ ولماذا خضع أفرادا من القوم بالتخويف وآخرين بالتطميع؟ ومتى أبعد إنتخابه الاختلاف الذي هو شر على الامة؟ وفي الملا الديني امم ينقمون منه ذلك، وجموع ينتقدونه، وشراذم يضمرون السخط ويتظاهرون به حذار بادرته. نعم: هناك زعانفة اشتروا رضى المخلوق بسخط الخالق، وأعمتهم الصرر والبدر، فأبدوا الرضا.

ولو كانت هذه الفكرة حسنة جميلة فلماذا فاتت رسول الله صلى الله عليه وآله حين دنت منه الوفاة؟ فلم يرحض عن امته معرة الخلاف، وترك المراجل تغلي حتى اليوم. وهل ترى لوكان أوصى إلى معين من امته بالخلافة يوجد هناك لاحد مطمع غير المنصوص عليه؟ ودعى سعد بن عبادة إلى نفسه؟ وقال قائل الانصار منا أمير، ومنكم أمير؟ وهتف

هاتف أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب؟ وازدلف المهاجرون إلى أبي بكر؟ واجتمع ناس إلى العباس؟ وبنو هاشم ومن يمت بهم وينتمي إليهم يقولون: إنها لامير المؤمنين صلوات الله عليه؟ هذه أسئلة حافلة ليس للخضري عنها جواب إلا أن يدعي ان معاوية كان أشفق بالامة من رسول الله صلى الله عليه وآله.

وأي خلاف رفعه تعيين يزيد وعلى عهده كانت واقعة الطف، وتلاها فاجعة الحرة، وأعقبهما أمر ابن الزبير، وقصة البيت المعظم؟! كل ذلك من جراء ذلك الاختيار، وثمرة تلك الفكرة الفاسدة، وفي الناقمين سبط النبوة حسين العظمة صلوات الله. عليه وبقية بني عبد مناف وعامة المهاجرين والانصار في المدينة المنورة.

ثم إن كان معاوية لم يجد بدا من الاختيار فلماذا لم يختر صالحا من صلحاء الصحابة؟ وفي مقدمهم سبط رسول الله ألامام الطاهر، ولامعدل عنه في حنكة أوعلم أو تقوى أو شرف.

وكيف راق "الخضري" أن يرى هذا الاختيار حسنا جميلا صالح الامة ولم يره حيفا وجناية عليها وعلى إسلامها ورسولها وكتابها وسنتها؟! ورسول الله صلى الله عليه وآله يوقظ شعور امته قبل ذلك بأعوام بقوله: إن أول من يبدل سنتي رجل من بني امية

___________________________________

الخصايص الكبرى 2 ص 139، تطهير الجنان في هامش الصواعق ص 145. وقوله: لايزال هذا الامر معتدلا قائما بالقسط حتى يثلمه رجل من بني امية يقال له يزيد

___________________________________

الخصايص الكبرى 2 ص 139، تطهير الجنان في هامش الصواعق ص 145 وقال: مسند رجاله رجال الصحيح الا ان فيه انقطاعا.

وأخرج إبن أبي شيبة وأبويعلى: ان يزيد لما كان أبوه أمير الشام غزا المسلمون فحصل لرجل جارية نفيسة فأخذها منه يزيد فاستعان الرجل بأبي ذر فمشى معه إليه وأمره بردها ثلاث مرات وهو يتلكأ فقال: أما والله لئن فعلت فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أول من يبدل سنتي لرجل من بني امية: ثم ولى، فتبعه يزيد فقال: اذكرك بالله أنا هو؟ فقال: لا أدري، وردها يزيد.

قال إبن حجر في تطهير الجنان هامش الصواعق ص 145: لاينافي هذا ألحديث

المذكور المصرح بيزيد إما لانه بفرض كلام أبي ذر على حقيقته لكون أبي ذر لم يعلم بذلك المبهم، فقوله: لاأدري. أي في علمي وقد بين إبهامه في الرواية الاولى، و المفسر يقضي على المبهم. وإما لان أبا ذر علم أنه يزيد ولكنه لم يصرح له بذلك خشية الفتنة، لاسيما وأبوذر كان بينه وبين بني امية امور تحملهم على انهم ينسبونه إلى التحامل عليهم.

وأما رأيه في حصر الخلافة باسرة فإنا لانناقشه إلا من عدم جدارة الاسرة التي يجنح إليها "الخضري" للخلافة. نعم: لا بأس به إذا حصرت باسرة كريمة تتحلى باللباقة والحذق من الناحية الدينية والسياسية، ونحن لانقول بلزوم الحصر المذكور مع عدم اللياقة، فإنه غير واف لقم جذور الفساد، وقمع حذوم الاختلاف، فالامة متى وجدت من خليفتها الحيف والجنف تثور عليه وتخلعه، وبطبع الحال يطمع في الخلافة عندئذ من هو أزكى منه نفسا، وأطيب ارومة، وأكرم خلقا، وحتى من يساويه في الغرائز، فأي مفسدة اكتسحها حصر الخلافة والحالة هذه؟!

جير: إذا حصرت بمن ذكرناه وشاهدت الامة منهم التأهل، فإن فيه منقطع أطماع الخارجين عن الاسرة من ناحية خروجهم عن البيت المعين لها، ودحض معاذير الثوار والمشاغبين من ناحية عدم وجود أحداث توجب الثورة والخروج، وعندئذ تتأكد خضوع الامة لخليفة شأنه ما ذكرناه، فتعظم شوكته، وتتسق اموره، وتمتثل أوامره، فلا يدع معرة إلا اكتسحها، ولا صلاحا إلا بثه، والشيعة لاتقول بحصر الخلافة في آل علي عليهم السلام إلا بعد إخباتها إلى سريان ناموس العصمة في رجالات بيتهم المعينين للخلافة المدعومة بالنصوص النبوية المتواترة راجع ص 79 - 82 من هذا الجزء.

تخطأة الحسين فى نهضته والجواب عنها


قال: وعلى الجملة فإن الحسين أخطأ خطأ في خروجه هذا الذي جر على الامة وبال الفرقة والاختلاف، وزعزع عماد الفتها إلى يومنا هذا، وقد أكثر الناس من الكتابة في هذه الحادثة لايريدون بذلك إلا أن تشتعل النيران في القلوب فيشتد تباعدها، غاية ما في الامر ان الرجل طلب أمرا لم يهيأ له، ولم يعد له عدته، فحيل بينه وبين مايشتهي وقتل دونه، وقبل ذلك قتل أبوه، فلم يجد من

أقلام الكاتبين ومن يبشع أمر قتله ويزيد به نار العداوة تأجيجا، وقد ذهب الجميع إلى ربهم يحاسبهم على مافعلوا؟ والتاريخ يأخذ من ذلك عبرة وهي: انه لاينبغي لمن يريد عظائم الامور أن يسير إليها بغير عدتها الطبيعية، فلا يرفع سيفه إلا إذا كان معه من القوة مايكفل النجاح أو يقرب من ذلك، كما انه لابد أن تكون هناك أسباب حقيقية لمصلحة الامة، بأن يكون جور ظاهر لايحتمل، وعسف شديد ينوء الناس بحمله، أما الحسين فإنه خالف يزيد وقد بايعه الناس، ولم يظهر منه ذلك الجور ولا العسف عند إظهار هذا الخلاف 129 - 130. وقبل هذه الجمل يبرر ساحة يزيد عن الظلم والجور ويراه قرب علي بن الحسين إليه وأكرمه ونعمه.

جواب: ليت الرجل كتب ماكتب بعد الحيطة بشئون الخلافة الاسلامية و شروطها، وما يجب أن يكتنفه الخليفة من حنكة لتدبير الشئون، وملكة لتهذيب النفوس، ونزاهة عن الرذائل ليكون قدوة للامة، ولاينقض مايدعو إليه ببوائقه، إلى أمثالها من غرائز يجب أن يكون حامل ذلك العب ء الثقيل متحليا بها، لكنه كتب وهو يجهل ذلك كله، وكتبه على حين انه لم يحمل إلا نفسا ضئيلة تقتنع بما يحسبه دعة تحت نير الاضطهاد، وعلى حين أن ضعف الرأي ودقة الخطر يحبذان له راحة مزعومة في ظل الاستعباد، فلا نفس كبيرة تدفعه إلى الهرب من حياة الذل، ولا عقل سليم يعرفه مناخ الضعة، ولا إحاطة بتعاليم الاسلام تلقنه دروس الاباء والشهامة، ولامعرفة بعناصر الرجال ليعلم من نفسياتهم الكم والكيف، فلا عرف يزيد الطاغية حتى يعلم أنه لامقيل له في مستوى الخلافة. ولاعرف حسين السؤدد والشرف والاباء و والشهامة، حسين المجد والامامة، حسين الدين واليقين، حسين الفضل والعظمة، حسين الحق والحقيقة، حتى يخبت إلى أن من يحمل نفسا كنفسه لايمكنه البخوع ليزيد الخلاعة والمجون، يزيد الاستهتار والفسوق، يزيد النهمة والشره، يزيد الكفر والالحاد.

لم ينهض بضعة المصطفى إلا بواجبه الديني، فإن كل معتنق للحنيفية البيضاء يرى في أول فرايضه أن يدافع عن الدين بجهاد من يريد أن يعبث بنواميسه، ويعيث في طقوسه، ويبدل تعاليمه، ويعطل أحكامه، وان أظهر مصاديق كلي ينطبق عليه هذه الجمل هو: يزيد الجور والفجور والخمور، الذي كان يعرف بها على عهد أبيه كما قال مولانا الحسين

عليه السلام لمعاوية لما أراد أخذ البيعة له: تريد أن توهم الناس؟ ! كأنك تصف محجوبا، أو تنعت غائبا، أو تخبر عما كان مما أحتويته بعلم خاص، وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه فخذ يزيد فيما أخذبه من إستقرائه الكلاب المهارشة

___________________________________

المهارشة، تحريش بعضها على بعض. عند التحارش، والحمام السبق لاترابهن، والقينات ذوات المعازف

___________________________________

المعازف ج معزف: الات يضرب بها كالعود. وضروب الملاهي، تجده ناصرا، دع عنك ماتحاول، فما أغناك أن تلقى الله بوزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه

___________________________________

الامامة والسياسة 1 ص 153.

وقال عليه السلام لمعاوية ايضا: حسبك جهلك آثرت العاجل على الآجل. فقال معاوية: وأما ماذكرت من: أنك خيرمن يزيد نفسا. فيزيد والله خير لامة محمد منك. فقال الحسين: هذا هو الافك والزور، يزيد شارب الخمر ومشتري اللهو خير مني؟

___________________________________

الامامة والسياسة 1 ص 155.

الكلام حول معاوية و يزيد


وفي كتاب المعتضد الذي تلي على رؤوس الاشهاد في أيامه مانصه: ومنه: إيثاره "يعني معاوية" بدين الله، ودعاؤه عباد الله إلى ابنه يزيد المتكبر الخمير صاحب الديوك والفهود والقرود، وأخذه البيعة له على خيار المسلمين بالقهر والسطوة والتوعيد والاخافة والتهدد والرهبة، وهو يعلم سفهه، ويطلع على خبثه ورهقه، ويعاين سكرانه وفجوره وكفره، فلما تمكن منه مامكنه منه ووطأه له وعصى الله ورسوله فيه، طلب بثارات المشركين وطوائلهم عند المسلمين، فأوقع بأهل الحرة الوقيعة التي لم يكن في الاسلام أشنع منها ولا أفحش مما ارتكب من الصالحين فيها، وشفى بذلك عبد نفسه وغليله، وظن أن قدانتقم من أولياء الله، وبلغ النوى لاعداء الله فقال مجاهرا بكفره ومظهرا لشركه:

ليت أشياخي ببدر شهدوا++

جزع الخزرج من وقع الاسل

قد قتلنا القرم من ساداتهم++

وعدلنا ميل بدر فاعتدل

فأهلوا واستهلوا فرحا++

ثم قالوا: يايزيد لاتشل

لست من خندف إن لم أنتقم++

من بني أحمد ماكان فعل

لعبت هاشم بالملك فلا++

خبر جاء ولا وحي نزل

هذا هو المروق من الدين، وقول من لايرجع إلى الله وإلى دينه ولا إلى كتابه ولا إلى رسوله، ولا يؤمن بالله ولا بما جآء من عند الله، ثم من أغلط ما انتهك، و أعظم مااخترم سفكه دم الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع موقعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانه منه ومنزلته من الدين والفضل وشهادة رسول الله له ولاخيه بسيادة شباب أهل الجنة إجتراء على الله، وكفرا بدينه، وعداوة لرسوله ومجاهدة لعترته، وإستهانة بحرمته، فكأنما يقتل به وبأهل بيته قوما من كفار أهل الترك والديلم، لا يخاف من الله نقمة، ولا يرقب منه سطوة، فبتر الله عمره، واجتث أصله وفرعه، وسلبه ماتحت يده، وأعد له من عذابه وعقوبته مااستحقه بمعصيته. إلخ.

راجع تأريخ الطبري 11 ص 358

اضرار خلافة مثل يزيد


وقبل هذه كلها مامر ص 257 من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أن أول من يبدل سنته رجل من بني امية، ولا يزال الامر معتدلا قائما بالقسط حتى يثلمه رجل من بني امية يقال له: يزيد.

وإلى مثل هذه كان يرمي كل من ينقم بيعة يزيد، فخلافة مثله وهو على هذه الحالة خطر عظيم على الدين والمسلمين من شتى النواحي: ژ

1- فقوم تتضعضع ضمايرهم عن الدين لما تمركز في الادمغة من أن الخليفة يجب أن يكون مسانخا لمن يتخلف عنه، والناشئة الذين لم يدركوا عصر النبوة و لم يكهربهم التعاليم الصحيحة في العصور المظلمة، تخالجهم هذه الشبهة بأسرع مايكون، فيحسبون أن قداسة النبي الاعظم كانت ملوثة "ألعياذ بالله" بأمثال هذه الادناس من دون علم بأن الرجل خليفة أبيه لاخليفة رسول الله، وإنما سنمه ذلك العرش المطامع والشره من جانب، والتخويف والارهاب من جانب.

2- قوم يروقهم اقتصاص أثر الخليفة في تهتكه لميل النفوس إلى الاستهتار ورفض القيود تارة، ومن جهة حب التشبه بالعظماء والساسة طورا، والناس على دين مليكهم والناس إذا استهوتهم الشهوات لايقفون على حد، فتكثر فيهم الموبقات، وتشيع الفواحش، فمن فجور إلى مثله، ومن فاحشة إلى اخرى، فلا يمر يسير من

الزمن إلا ومملكة الاسلام مبائة للمنكرات، ومستوى للفواحش، حتى لاتبقى من نواميس الدين عين ولا أثر.

3- وهناك أقوام ينكرون هذه المظاهر وقد أفلتت من أيديهم المظاهر الدينية، فهم بين حائر لايدري إين يولي وجهه وممن يأخذ معالم دينه، وبين من تتسرب إليه الشبه خلال هاتيك الظلمات الدامسة، فلا يشعر حتى يرى نفسه في هلكة الجاهلية الاولى.

4- إذا سادت الخلاعة بين أي امة من ملوكها وسوقتها وامرائها وزعمائها فهي بطبع الحال تلتهي عن الشئون الاجتماعية والادارية ودحض الفوضى، ومقاومة القلاقل الداخلية، فهنالك يسود فيها الضعف إختلال نظامها، فتنبو عن الدفاع عن ثغورها واستقلالها، فتطمع فيها الاجانب، وتكثر عليها الهجمات، فلايمر عليها ردح قصير من الزمن إلا وهو فريسة الضاري، واكلة الجشع، وطعمة كل مخالف.

5- إن نواميس الاسلام كانت بطبع الحال تبلغ إلى امم نائية عن مملكته فيروقها جمالها البهيج، وحكمتها البالغة، وموافقتها العقل والمنطق، وأعمال رجالها المخلصين، فيكون فيهم من يتأثر بجاذبتها، أو يكون على وشك من اعتناقها، ولا أقل من الحب الممتزج لنفسياتهم، لكن بينما القوم على هذه الحالة إذا تعاقب تلك الانباء مايضادها من عادات هذا الدور الجديد الحالك، وأخبارها الموحشة تحت رأية تلك الخلافة الجائرة، وبلغهم ان هاتيك التعاليم الوضيئة قد هجرت، والمطرد في مملكة الاسلام غيرها بشهوة من الخليفة، وانهماك من القواد. وتهالك من الزعامة، وتفان من السوقة، فسرعان ماتعود تلك السمعة مشوهة، ويعود ذلك الحب بغضا من غير تمييز بين الاصيل والدخيل من الاعمال، فتكون الحالة معثرة في سبيل سير الاسلام وتسريه إلى الاجانب.

6- أضف إلى هذه كلها ماكان يظهر من فلتات ألسنة الامويين، ويرى في فجوات أعمالهم من نواياهم السيئة على الدين والمسلمين، وقد علمنا من ذلك أنهم لم يقلعهم عن دينهم الوثني الارل إلا خشية السيف، والطمع في الزعامة، فأقل شئ ينتظر منهم على ذلك عدم إهتمامهم ينشر معالم الدين إن لم يرد الامة عن سيرها الديني

/ 43