خصائص الفاطمیه جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خصائص الفاطمیه - جلد 1

محمد باقر کجوری؛ مترجم: السید علی جمال اشرف

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الخصيصة الرابعة عشر (من الخصائص العشرين) في معنى «الصديقة الكبرى»


الصديقة الكبرى: و هو لقب شريف عظيم مدح الله تبارك و تعالى به مريم عليهاالسلام في القرآن المجيد قال تعالى: (ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل و أمه صديقة كانا يأكلان الطعام أنظر كيف نبين الايات ثم انظر أنى يؤفكون)

[المائده: 75.]

و لقب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فاطمة الطاهرة ب«الصديقة الكبرى» قال صلى الله عليه و آله و سلم: «و هي الصديقة الكبرى و على معرفتها دارت القرون الاولى»

[البحار 43/ 105 ح 19 باب 5.]

والصديق على وزن فعيل من أبنية المبالغة كما يقال: و هو كثير الصدق، والصدق نقيض الكذب، و منه قوله تعالى: (واجعل لي لسان صدق في الآخرين)

[الشعراء: 84.]

والصديق والصديقة بالتخفيف: الخل والمحب، رجلا أو امرأة، والصديق يطلق على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث.

و بديهي أن مقام الصدق والإستقامة في القول والفعل يأتي تلو مقام النبوة و منه قوله تعالى: (و من يطع الله و رسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين و حسن أولئك رفيقا)

[النساء: 69.]

و قال أيضا: (والذين آمنوا بالله و رسوله أولئك هم الصديقون)

[الحديد: 19.]

و قال أيضا: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين)

[التوبه: 119.]

و قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في مدح أميرالمؤمنين عليه السلام: «هذا خير الأولين و خير الاخرين من أهل السماوات و أهل الأرضين، و هذا سيد الصديقين و سيد الوصيين»

[البحار 26/ 309 ح 75 باب 6 و 26/ 316 ح 81 باب 6 و 27/ 315 ح 14 باب 9.]

و قد مدح القرآن الكريم يحيى بن زكريا و نعته بالتصديق فقال: (إن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله)

[آل عمران: 39.]

روي أنه لما دخلت مريم على أم يحيى لم تقم، لها فأذن الله تعالى ليحيى و هو في بطن أمه فناداها: يا أمة تدخل إليك سيدة نساء العالمين مشتملة على سيد رجال العالمين فلا تقومين لما، فانزعجت و قامت إليها و سجد يحيى و هو في بطن أمه لعيسى ابن مريم، فذلك كان أول تصديقه له»

[تفسير الصافى 1/ 334 ذيل الايه 39 من سوره آل عمران، و الحديث طويل اقتطع منه المولف رحمه الله موضع الحاجه.]

و إنما مدحت مريم و وصفت ب«الصديقة» لصدقها في دعواها أن عيسى منها

و لم يمسسها بشر، فشهد الله لها بالصدق، فصارت صديقة لأن الله صدقها.

و سميت فاطمة الزهراء عليهاالسلام: الصديقة الكبرى عليهاالسلام لأنها صدقت بوحدانية الحق تعالى و نبوة أبيها و إمامة بعلها و إمامة أبناءها المعصومين واحدا بعد واحد و هي في رحم أمها و عند ولادتها.

ثم إنها كانت- و هي طفلة صغيرة- أول من سبق إلى التصديق بنبوة النبى صلى الله عليه و آله و سلم بعد أمها، و عاشت في كنف الرسالة، واقتدت في جميع أحوالها و أفعالها و أقوالها بمربيها العظيم، و أكملت منذ طفولتها ملكاتها القدسية النفسانية، و عاشت مع الصادقين والصديقين، و قد وصفها أبوها- و هو أصدق القائلين و أفضل الصديقين- بأنها «الصديقة الكبرى» و فضلها بذلك على مريم العذراء، و قد قال: «فاطمة مريم الكبرى»

[انظر البحار 22/ 484 ح 31 باب 1.]

و شهد لها بذلك- أيضا- عائشة بنت أبى بكر على ما رواه المشاهير والنحارير من العلماء أنها قالت مرارا «ما رأيت امرأة أصدق منها إلا أباها»

[البحار 43/ 53 ح 48 باب 3.]

و هذا الخبر صحيح و معتبر عندهم، و مع ذلك فقد آذاها أبو عائشة و أعوانه حينما طالبت بحقها الثابت، و غمها و خذلها المهاجرون والأنصار و هي تشكو و تتظلم بينهم و تستنصرهم لإحقاق حقهم، فلم تجد منهم ناصرا و لا من مغيث، و لا يصدقوا قول تلك الصادقة المصدقة، و كانت العاقبة أن عاشت أياما قليلة تكابد الهم والألم، و فارقت الدنيا لتقف لهم غدا يوم القيامة بين يدي المنتقم الحق، و تحاسب الرجال والنساء القساة الجفاة الذين صدقوا قولها و أذعنوا أن الحق معها

و لها، فدعواها حق و قولها الصدق، ولكنهم ما تبعوا تصديقهم القولي بالعمل،فكذبت أفعالهم أقوالهم و ناقضوا أنفسهم، و ستحاجهم و تخاصمهم و تتظلم إلى الله، فينصرها الله المنتقم نصرا عزيزا و يجازيهم بما كسبوا.

قال الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان في ذيل الآية المذكورة (و من يطع الله و رسوله... الخ)

[النساء: 69.] الصديق المداوم على التصديق- أي دائما الصدق- بما يوجبه الحق. و قيل: الصديق الذي عادته الصدق، و هذا البناء يكون لمن غلب على عادته فعل، يقال لملازم الشرب شريب (و لملازم الشكر شكير) و قيل في معنى الصديق: إنه المصدق بكل ما أمر الله به و أنبيائه، لا يدخله في ذلك شك، و يؤيده

[مجمع البيان 3/ 126.] قوله: (والذين آمنوا بالله و رسوله أولئك هم الصديقون)

[الحديد: 19.]

و سيأتي في غسل فاطمة الزهراء عليهاالسلام أن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: «والصديقة لا يغسلها إلا صديق»

[البحار 43/ 206 ح 22 باب 7.]

و بناء على ما مر، فقد اتفق المخالف والمؤالف على أن فاطمة الزهراء هي الصديقة الكبرى قولا و قلبا و فعلا، لم تكذب قط كذبة واحدة، و كانت تفعل ما تقول، و لم تتخلف قط في أداء أي تكليف أو امتثال أي أمر، و كان لها في ذلك صدق نية و عزم و ثبات و مداومة و مراقبة تامة.

قال أهل التحقيق: إن التصديق يلازمه التبعية في الأقوال والأفعال، كما صنع يحيى عليه السلام حين صدق بنبوة عيسى عليه السلام و تابعه متابعة كاملة من المهد إلى اللحد.

و قال النبي صلى الله عليه و آله و سلم

[الايه المذكوره على لسان ابراهيم عليه السلام و ليست على لسان النبى الكريم صلى الله عليه و آله و سلم.]: (فمن تبعني فإنه مني).

و قد صدقت فاطمة عليهاالسلام بما أمر الله و بما جاء به النبى صلى الله عليه و آله و سلم واتبعته، و لا شك أن التابع يعد من المتبوع، فهي من النبي والنبي منها لاتحاد التابع والمتبوع المذكور في قوله (فمن تبعني فإنة مني)، إضافة إلى جهة النسب والقرابة، والأبوة والنبوة، و أما حديث «فاطمة مني و أنا من فاطمة» فشرف آخر و فضيلة خاصة.

فإن قال المخالف: إن أبابكر صديق أيضا، لما ورد في حديث المعراج من أنه صدق الني صلى الله عليه و آله و سلم.

نقول: إن تصديقه بالمعراج لا يدل على ثبوت الصدق والدوام عليه، ثم إنه صدق بما جاء به النبي صلى الله عليه و آله و سلم في قصة المعراج- على ما هو المفروض- و تصديق قول من أقوال النبي لا يدل على تصديق جميع أقواله، لأن التصديق بالفرد لا يلازم التصديق بالكل سيما في صيغة المبالغة، والحال أن «صدق» صيغة مبالغة داله على الدوام والإستقامة، إلا أن يقال أنه أكثر من التصديق في قصة المعراج فصحت المبالغة!!!

و يمكن للشيعي أن يقول: لما طالبت فاطمة الزهراء عليهاالسلام بفدك كذب أبوبكر قولا و فعلا، والحال أن ابنته عائشة شهدت بصدق فاطمة و كذا صدقها سيد الصديقين أميرالمؤمنين و ثلة من الصحابة من محي أهل البيت عليهم السلام، فتكون أن عائشة شهدت على أبيها بالكذب.




  • أمور يضحك السفهاء منها
    و يبكي من عواقبها اللبيب



  • و يبكي من عواقبها اللبيب
    و يبكي من عواقبها اللبيب






  • أرى تحت الرماد و ميض حجر
    و يوشك أن يكون له ضرام



  • و يوشك أن يكون له ضرام
    و يوشك أن يكون له ضرام



واستحضر الان ما ورد في البحار في حديث طويل: أن فاطمة عليهاالسلام وعدت الحسن والحسين عليهماالسلام بثوب جديد يأتى به إليهما الخياط، فأمر لله جبرئيل أن ينزل بثوبين إلى فاطمة عليهاالسلام، فصدق الله قول تلك الصادقة المصدقة.

معرفة دائرة لفاطمة الطاهرة


لقد رأيت قول النبى صلى الله عليه و آله و سلم: «فاطمة هي الصديقة الكبرى و على معرفتها دارت القرون الاولى»

[انظر البحار 43/ 288 ح 52 باب 12.

كثيرا في كتب المناقب، ولكني لا أجد أي إشارة إلى ما فيه من رموز و أسرار، و لذا ارتأيت أن أشير إليه في هذا المقام إشارة إجمالية، فكيف دارت على معرفتها القرون الاولى مع أنها لم تكن من زمرة الأنبياء أو الخلفاء؟

أولا: يطلق القرن: على كل ثمانين سنة، أو سبعين، أو ثلاثين، أو أهل كل زمان، أي من يعيشون في جيل واحد و في فترة زمانية واحدة و يبعث فيهم نبى، أو أنه غالب عمر الناس، أي المعدل الذي يعمر فيه الإنسان

[انظر مجمع البحرين 6/ 298 ماده «قرن».]

قيل:




  • إذا ذهب القرن الذي أنت فيه
    و خلفت في قرن فأنت غريب



  • و خلفت في قرن فأنت غريب
    و خلفت في قرن فأنت غريب



[مجمع البحرين 6/ 298.]


و قال تعالى: «فما بال القرون الاولى)

[طه: 51.]] أي سعادة الامم السابقة و شقاوتها، والمراد بالقرن «الزمان» فذكر الزمان و أراد الحال.

و في الحديث: «أولي العزم من الرسل سادة المرسلين والنبيين، عليهم دارت الرحى»

[البحار 16/ 357 ح 47 باب 11.]

ثانيا: إن في الحديث إشارة صريحة إلى عظمة أولئك النفر الذين دارت الأرض والسماوات على وجودهم، كما في الحديث إشارة صريحة إلى عظمتهم لمطاعيتهم في جميع الأملاك و سكان الأرض دون استثناء أحد.

و قد عبر الإمام أميرالمؤمنين عن هذا المضمون بتعبير أدق حيث قال: «إن محلي منها محل القطب من الرحى»

[نهج البلاغه 48 خطبه 3 (الشقشقيه).]، و إن كان المراد هنا رحى الخلافة، ولكن يكشف- أيضا- لان دوران العالم كله قائم بوجود خليفة الله والأنبياء من خلفاء الله أيضا.

بناء على ذلك، تبين من الحديث النبوي السابق أن جميع الأنبياء والمرسلين أمروا أممهم بمعرفة الصديقة الكبرى، و كلفوهم عرفان المقامات الفاطمية، أي أن أحكام جميع الأمم و تكاليفهم الشرعية منوطة بمعرفة الزهراء عليهاالسلام قطب فلك الجاه والعصمة، فلو أن أية أمة من الأمم و أي قرن من القرون لم يعرفا حقيقة العصمة و تلك الذات المقدسة، لكان أداءهم لجميع الواجبات باطلا غير مقبول، بل كان عملهم كله هباء منثورا.

و بعبارة واضحة: إن السعادة والشقاء لأهل كل زمان تدور مدار «التولي والتبري» لجناب الصديقة الكبرى، و إن دين الأنبياء جميعا منوط بحبها، فكيف- والحال هذه- لا تدور هذه الشريعة على معرفتها و حبها؟! و كيف لا تدور

بوجودها المقدس رحى الإسلام والدين المبين؟!!

فأسال الله الذي أكرمني بمعرفتها و معرفة عترتها، ورزقني البراءة من أعدائها، أن يجعلني من موالي مواليها، و من محبى محبى ذريتها و بنيها، و أن يثبت لي عندها قدم صدق في الدنيا والآخرة، و أن يجري لساني فيما بقي من عمري بمناقب المعصومين من العترة الطاهرة، والحمد لله على وضوح الحجة و كشف المحجة.

و لقد قلت آنفا في حقها عليهاالسلام نظما واسترسل القلم في ذكر بعض الأبيات فقلت:




  • هي والله آية لرسول الله
    هي عند الإله أعظم خلقا
    هي مشكاة عصمة علقت
    أم آل الرسول عصبتهم
    بأبى ثم اسرتي ثم أهلي
    بأبي فاطما و قد فطمت
    بأبى فاطما شفيعة حشر
    بأبي من تكون خالصة
    شمس أم القرى و أم أبيها
    و لقد قلت أنها علمت
    كل من يجتني ثمار علوم
    كيف أحصي ثنائها و لعمري
    عجز الناس عن أداء ثناها



  • بل رحمة بها أهداها
    و بها دار في القرون رحاها
    من سماء الوجود مثل ركاها
    هي لولاها لم يكن آل طه
    ثم مالي و من سواها فداها
    باسمها نار حشرها ولظاها
    بأبى من بحكمها شفعاها
    عن ميولات نفسها و هواها
    بأبى أمها و أمي أباها
    آخر الكاينات من مبداها
    هي والله أمها و مناها
    عجز الناس عن أداء ثناها
    عجز الناس عن أداء ثناها



الخصيصة الخامسة عشر (من الخصائص العشرين) في معنى «الزكية»


هذا اللقب المبارك يدل على طهارة الذات المباركة لفاطمة الزهراء صلوات الله عليها و هي من صفات المعصومين عليهم السلام.

و في بعض النسخ «زاكية» بدل «زكية» والجمع أولى.

قال تعالى في القرآن المجيد عن لسان الروح الأمين في قصة مريم عليهاالسلام (لأهب لك غلاما زكيا)

[مريم: 19.

أي تصدر منه أعمال البر و أفعال الخير دون تقصير في إتيانها و أدائها.

والتزكية في اللغة بمعنى التطهير، و إنما سميت الزكاة زكاة لأنها تطهر الأموال.

قال المفسرون في قوله تعالى: (قد أفلح من زكاها)

[الشمس: 9.]]: التزكية التطهير من الأخلاق الذميمة الناشئة من الغضب والحسد والبخل و حب الجاه و حب الدنيا والكبر والعجب؛ فمن عاج هذه الأمراض بالأعمال الصالحة صارت نفسه مطهرة مزكاة

[انظر مجمع البيان 10/ 370.]

و قد ورد لفظ «زكية» في القرآن بالوصف المذكور في خطاب موسى عليه السلام قال تعالى: (أقتلت نفسا زكية)

[الكهف: 74.] أي طاهرة لا ترتكب جناية توجب القتل.

و قرأ البعض «زاكية».

و فرقوا بين معنى «الزاكية» و «زكية»، فالأول من لم يرتكب ذنبا من رأس، الثاني من ارتكب ذنبا ثم غفر له.

والزكاة في اللغة النماء، يقال: زكى الزرع أي نمى و حصل فيه نمو كثير و بركة، و منه تزكية القاضي الشاهد. و كذا الصلوات الزاكية، و كذا قوله (ذلك أزكى لكم و أطهر)

[البقره: 223.]

على أي حال من معاني الزكية: الطاهرة، و قد مر معنى الطاهر.

و لعل الفرق بين الطاهرة والزكية في أن الزكية تعني المزكاة، والطاهرة ليست كذلك، و إنما هي طاهرة مهما بقيت حتى لو لم تزك، فهي منزهة من الأخلاق الرذيلة، بينما الزكية نحتاج إلى تزكية لتكون كذلك.

و بعبارة أخرى: إن نتيجة التزكية الطهارة، والطاهرة هي نفس الطهارة، فتكون الطاهرة أوفى و أقوى.

فيكون معنى تسمية الزهراء الطاهرة بالزكية، أنها فازت و أفلحت بالزكاة والطهارة الفطرية الذاتية، و كانت بعيدة عن الأخلاق الدنية الردية، و فازت بكل موجبات النجاة يوم القيامة.

قال تعالى: (قد أفلح من زكاها)

[الشمس: 9.] أي تزكية النفس.

ولكن التزكية على قسمين:

الأول: من جانب الحق تعالى.

والثاني: من جانب الخلق.

أما الأول: فهو هبة و قذف و خلق و فطرة (فطرة الله التي فطر الناس عليها)

[الروم: 30.] و هو معنى الطاهر.

و أما الثاني: فهو سعي و اجتهاد و كسب، أي أن الملكة الإلهية والقوة العقلية تتغلب مع وجود الملكات المتضادة والقوى الأخرى المنازعة- فتقهر القوى بالأعمال الصالحة والأفعال القوية القاهرة، فهو تصد لتنمية قوى الخير و تقويتها بالمثابرة والإجتهاد.

قال علماء الأخلاق: إن النفس تحتاج إلى التزكية من الأهواء الفاسدة والميولات الكاسدة كما نحتاج الأرض المزروعة إلى التطهير من الحشائش والأوغال لتصفو التربة للبذرة، و كما تحتاج الحنطة إلى التصفية والغربلة لتنقى من القش.

والتزكية بمعنى إظهار الأفعال الصالحة، والإقبال على الطاعات المفروضة لا تنافي الطهارة الأصلية، بل هي ثمرة لذلك، أي أن كل من جاء بالطهارة الذاتية لابد أن يكون موصوفا بالتزكية و لابد أن تظهر منه هذه الآثار.

والفرق الآخر بين الطاهرة والزكية: أن العصمة الكبرى ولدت طاهرة من

الأرجاس الأخباث الظاهرية، فقد ورد في حديث طويل: «فوضعت فاطمة طاهرة مطهرة»

[البحار 43/ 3 ح 1 باب 1.]، و قالت سادات الجنان لخديجة: «خذيها طاهرة مطهرة زكية ميمونه»

[نفس المصدر.]

فهذا الوصف خاص بالأخباث الظاهرية بشهادة القرائن الحالية، ولكنه إذا استعمل مطلقا بدون قرائن، دل على العموم و شمل الطهارة المعنوية أيضا. أما لفظ الزكية فيدل على الطهارة و تزكية الأخلاق بالنحور المذكور.

و بناء على ذلك يكون لقب «زكية» أقوى من «الطاهرة»، و هذا البيان لا يحتاج إلى برهان، فالأفضل الإمساك عن الكلام.

تلميح: ذكرنا سابقا أن الزكاة في اللغة بمعنى النماء، و لربما سميت فاطمة عليهاالسلام بالزكية شاء جسدها العنصري وجثتها الحسية، على خلاف العادة المألوفة في بقية الأجساد، فقد روى في حديث المفضل «فكانت فاطمة تنمى في اليوم كما ينمى الصبي في الشهر، و تنمى في الشهر كما ينمى الصبي في السنة»

[البحار 43/ 3 ح 1 باب 1 عن الامالى.]

و في مصباح الأنوار مثله

[المصدر السابق.]

و في بحارالأنوار عن دلائل الإمامة لمحمد بن جرير الطبري الإمامي عن ابن عباس: لم تزل فاطمة تشب في اليوم كالجمعة، و في الجمعة كالشهر، و في الشهر كالسنة

[البحار 43/ 10 ح 16 عن دلائل الامامه.].. إلى آخر الحديث.

/ 58