و هذا المعنى لطيف و مناسب للمعنى السابق، و نظائر هذا الإستعمال موجودة بكثرة كما روي «كل بني آدم من التراب، و علي أميرالمؤمنين عليه السلام أبوالتراب».
و لما صار النبي صلى الله عليه و آله و سلم- بهذا المعنى- أبا، و هو جدهم لأمهم، صارت فاطمة الزهراء عليهاالسلام أم أبيها.
و أراد النبي صلى الله عليه و آله و سلم هذا القول أن يظهر شرف فاطمة و يعطي شرفا آخر لأبنائها من حيث نسبتهم إليه، و بعبارة اخرى أراد أن يقول تشريفا إني لست أبتر من الأب والولد، فأمي فاطمة و أبنائى أبناؤها.
و بناء على ذلك و بمفاد قوله (أبناءنا و أبناءكم) [آل عمران: 61.] يقول ولد ابنتي ولدي، و أصلهم متصل بأصل العصمة والطهارة و شجرة النبوة والرسالة المباركة، و شرف البنوة للنبوة شرف خاص، والأئمة المعصومين عليهم السلام- و إن كانوا أبناء أميرالمؤمنين عليه السلام من فاطمة- إلا أنهم كانوا يفتخرون ببنوتهم للنبي صلى الله عليه و آله و سلم، و هو شرف فوق شرف و فضيلة فوق فضيلة.
و هذا المعنى لا يخلو من التكلف والتعقيد.
الوجه السادس
لما نزل قوله تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم و أزواجه أمهاتهم) [الاحزاب: 6.]
في المدينة، و تكنت كل واحدة من أزواج سيد الكائنات ب«أم المؤمنين» وافتخرن بأنهن صرن أمهات المؤمنين والمؤمنات، فسألت فاطمة الزهراء عليهاالسلام لنفسها تشريفا و مزية عليهن، فضمها النبى المختار إلى صدره كما يم روحه العزيزة الحلوة، و قبلها و شمها و كناها ب«أم أبيها» يعني إن كن نسائى أمهات أمتي، فأنت أعلى قدرا و أجل رتبة لأنك «أمي».
و يؤيد ذلك قوله تعالى في تحريم نكاح زوجات النبي المطهر (و لا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) [الاحزاب: 53.] حيث أن الواضح من هذه الآية الكريمة أن أمومة زوجات النبي صلى الله عليه و آله و سلم الطاهرات للمسلمين أمومة من جهة التشريف والتعظيم، و ليست أمومة حقيقة. و ذهب العامة إلى أن نساء النبى أمهات رجال المسلمين دون نسائهم. روي أن امرأة من نساء المسلمين دعت عائشة قائلة «أمي» فقالت عائشة: إنى أم رجالكم دون النساء، لأن الحرمة وردت بخصوص الزوجات و لا تتعدى إلى بناتهن، بل يمكن خطبتهن والزواج بهن، و كيف يمكن الزواج ببنت الأم- إذا كانت أما حقيقة-؟
والخلاصة: كان النبي الخاتم صلى الله عليه و آله و سلم يدعو فاطمة عليهاالسلام ب«أم أبيها»، و من جهة أخرى كان ينفى أبوته لأحد (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم» [الاحزاب: 40.] و يسمي الحسنين عليهماالسلام ولده كما في الآية المباهلة [آل عمران: 61. قال تعالى: (فقل تعالوا ندع ابناءنا و ابناءكم. نساءنا و نساءكم و انفسنا و انفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين).] من جهة أخرى، لئلا يدعي أحد غيرهم هذه النسبة و هذا الشرف، و يسمي أميرالمؤمنين- في نفس هذه الآية- نفسه
النفيسة ليثبت له الأولوية على النفوس الثابتة له بجميع مراتبها التي كانت له، فهو أولى بالمؤمنين من أنفسهم كما أن النبي كان كذلك إلا ما خرج بالدليل.
و هذه الآيات الشريفة تدل على غاية الإتحاد والوحدة بينهم و لا تبقى لأحد مقاما و فضلا مما ثبت في حق هؤلاء الأبرار الكرام والسادات العظام.
و بهذا الوجه الوجيه المذكور للعالم الثقة النابه نقطع الكلام، حيث تبين شأن النزول و علة التسمية والتكنية و ابتداء استعمالها و رواجها.
و قد تكون هناك احتمالات و وجوه أخرى يمكن الإشارة إليها [كما قيل من: ان فاطمه عليهاالسلام من بين الانوار الالهيه بمنزله الماهيه و كل الانوار فى مرتبه الوجود، فهى الماهيه الكليه والخزانه التى فيها الصور العلميه، فهى ام لجميع الموجودات من البدايات والنهايات.] في هذه الخصيصة، و لكنا تركناها خوفا من إطالة الحديث في هذا الكتاب و أحلناها إلى الأذهان السليمة والآراء الصائبة لأهل الفضل والصواب، راجيا الإغماض عن الزلل عما توصل إليه الخاطر القاصر.
و نشرع الآن ببيان الألقاب الشريفة لتلك المخدرة الكبرى صلوات الله عليها:
في ألقابها المباركة و هى في عشرين خصيصة
الخصيصة الأولى: في شرف اللقب و فضله
في معنى اللقب
اللقب: جمعه ألقاب، قال تعالى: (و لا تنابزوا بالألقاب) [الحجرات: 11.]
و قال في مجمع البحرين: «قد يكون اللقب علما من غير نبز، فلا يكون حراما» [مجمع البحرين 2/ 167 ماده «لقب».] واللقب ممدوح بعد الكنية، و هو إما مشعر بالمدح أو بالذم، والنهي في الآية للألقاب المذمومة التي يكرهها المدعو بها لما فيها من الذم، والتنابز هو التلقيب بالمذموم.
والمؤمن لا يدعى باس إكراما و تعظيما و احتراما، بل يدعى باللقب الممدوح، و لو لم يكن التلقيب مستحسنا لما نزل لقب «أميرالمؤمنين» من السماء لسلطان الولاية علي بن أبى طالب صلى الله عليه و آله و سلم، و لما أظهر جبرائيل الأمين عليهاالسلام كل ذلك
السرور والفرح لما نزل به، و لما انبسط رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم وابتهج لهذه الموهبة العظمى [انظر كشف الغمه 1/ 341 فى ذكر مخاطبته باميرالمومنين عليه السلام.] و لما أعطى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لقب أسدالله و أسد رسوله لعمه الأكرم حمزة عليه السلام [انظر البحار 7/ 233 ح 4 باب 8.] و جعل هذا اللقب المبارك فخرا له.
و في الحديث: «حق المؤمن على أخيه أن يسميه بأحب أسمائه» [سياتى حسن هذا المدح و الاحترم و الاكرام فى ذيل قوله تعالى: (و لا تجعلوا دعاء الرسول كدعاء بعضكم بعضا) فى الخصيصه الاتيه انشاءالله. (منه).]
تبين أن كثرة الأسماء والألقاب دليل الشرف و علو القدر و رفعة المقام، و كل لقب يكون- عادة- إشارة إلى صفة خاصة يتصف بها الملقب، و ذكر الصفة يدل على الموصوف، بل يدخل السرور والإبتهاج عليه.
و قد ذكرت الصديقة الطاهرة عليهاالسلام على لسان الله و ملائكته والأئمة المعصومين في موارد عديدة بأسماء مباركة و ألقاب شريفة تحكي شرف صفاتها الخاصة التي اتصفت بها ذاتها المقدسة.
و قد عبر- أحيانا- عن معنى واحد بألفاظ عديدة و عبارات شتى و «كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى».
و في كتاب المناقب و بحارالأنوار: «و أسماؤها على ما ذكره أبوجعفر القمي: فاطمة، البتول، الحصان، الحرة، السيدة، العذراء، الزهراء، الحوراء، المباركة، الطاهرة، الزكية، الراضية، المرضية، المحدثة، مريم الكبرى، الصديقة الكبرى.
و يقال لها في السماء: النورية، السماوية، الحانية» [المناقب لابن شهر آشوب 3/ 406 فى حليتها و تواريخها. البحار 43/ 16 ح 15 باب 2.]
و لما أسماء اخرى غير الألقاب المذكورة تجدها في كتب المناقب، ولكني أحببت أن أتيمن بذكر (135) لقبا على عدد حروف اسمها المبارك، و أشرح منها عشرين لقبا من سادات ألقابها، واستشهد لذلك بما يناسبه من الأحاديث الواردة في الكتب المعتبرة، لتقر به عيون الشيعة و تتنور أبصارهم.
والألقاب المشعرة بالكمالات الذاتية والفضائل الخارجية لفاطمة الزكية المرضية هي كالتالي:
الأول: أمة الله [ورد هذا اللقب في كثير من المصادر والأحاديث و أنه مكتوب على باب الجنة. عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أدخلت الجنة فرأيت على بابها مكتوبا بالذهب: لا إله إلا الله، محمد حبيب الله، علي ولى الله، فاطمة أمة الله، الحسن والحسين صفوة الله، على مبغضيهم لعنة الله». انظر البحار 8/ 191 ح 167 باب 23.]
الثاني: آية الله
الثالث: بضعة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم
الرابع: زوجة ولي الله
الخامس: كلمة الله التامة
السادس: حجاب الله المرخى
السابع: نخبة أبيها
الثامن: ستر الله الكبرى
التاسع: كلمة التقوى
العاشر: المزوجة في الملأ الأعلى
الحادي عشر: الغرة الغراء
الثاني عشر: الزهرة الزهراء
الثالث عشر: العارفة بالأشياء
الرابع عشر: المعروفة في السماء
الخامس عشر: سيدة الإماء
السادس عشر: حاملة البلوى
السابع عشر: مبشرة الأولياء
الثامن عشر: عديلة مريم
التاسع عشر: زجاجة الوحي
العشرون: مشكاة الأنوار
الحادي والعشرون: ثمرة النبوة
الثاني والعشرون: بقية النبوة
الثالث والعشرون: ابنة الصفوة
الرابع والعشرون: عقيلة الرسالة
الخامس والعشرون: والدة الحجج
السادس والعشرون: صاحبة الجنه السامية
السابع والعشرون: فلذة الكبد
الثامن والعشرون: تفاحة الفردوس
التاسع والعشرون: الفاضلة المحدثة
الثلاثون: جمال الآباء
الواحد والثلاثون: شرف الأبناء
الثاني والثلاثون: صفوة الشرف
الثالث والثلاثون: معدن الحكمة
الرابع والثلاثون: موطن الرحمة
الخامس والثلاثون: ريحانة النبي
السادس والثلاثون: الروح بين جنبي المصطفى
السابع والثلاثون: المشرقة الرباعية
الثامن والثلاثون: البيضاء البضة
التاسع والثلاثون: وديعة الرسول
الأربعون: الناطقة بالشهادتين
الحادي والأربعون: الوليدة في الإسلام
الثانى والأربعون: شفيعة الأمة
الثالث والأربعون: قلادة الوجود
الرابع والأربعون: ركن الدين
الخامس والأربعون: الدعوة المستجابة
السادس والأربعون: الطاهرة الميلاد
السابع والأربعون: مقتولة الولد
الثامن والأربعون: إحدى الكبر
التاسع والأربعون: صاحبة المصحف
الخمسون: صاحبة الأحزان الطويلة
الواحد والخمسون: سيدة نساء الجنة
الثاني والخمسون: سيدة الأئمة
الثالث والخمسون: سيدة نساء هذه الأمة
الرابع والخمسون: سيدة بنات آدم
الخامس والخمسون: سيدة نساء الأولين والآخرين
السادس والخمسون: الكوكب الدري
السابع والخمسون: أعز البرية
الثامن والخمسون: الخيرة من الخير
التاسع والخمسون: المنعوتة في الإنجيل
الستون: درة التوحيد
الحادي والستون: قرة عين الخلائق
الثانى والستون: ليلة القدر
الثالث والستون: الصلاة الوسطى
الرابع والستون: من برها خير العمل
الخامس والستون: العالمة
السادس والستون: الصابرة
السابع والستون: الصادقة
الثامن والستون: المتهجدة
التاسع والستون: القانعة
السبعون: القانية
الواحد والسبعون: الحبة النابتة
الثاني والسبعون: الذروة الشامخة
الثالث والسبعون: العابدة
الرابع والسبعون: الشهيدة
الخامس والسبعون: الرشيدة
السادس والسبعون: المضطهدة
السابع والسبعون: صاحبة القبة الفاطمية
الثامن والسبعون: منهدة الركن
التاسع والسبعون: الممتحنة
الثمانون: المغصوبة حقها
الحادي والثمانون: الممنوعة حقها
الثانى والثمانون: الكريمة
الثالث والثمانون: المظلومة
الرابع والثمانون: التقية
الخامس والثمانون: النقية
السادس والثمانون: المتعوبة
السابع والثمانون: عين المحجة
الثامن والثمانون: ناحلة الجسم
التاسع والثمانون: وديعة المصطفى
التسعون: بضعة النبي صلى الله عليه و آله و سلم
الواحد والتسعون: ثالثة الشمس والقمر