غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب جلد 7

This is a Digital Library

With over 100,000 free electronic resource in Persian, Arabic and English

غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب - جلد 7

عبدالحسین احمد الامینی النجفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


لفيف آخر 'ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا'.

قال أحمد بن محمد الوتري البغدادي في روضة الناظرين ص 2: إعلم أن جماهير أمل السنة والجماعة يعتقدون ان أفضل الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبوبكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله تعالى عنهم، وان المتقدم في الخلافة هوالمقدم في الفضيلة لا ستحالة تقديم المفضول على الفاضل لانهم كانوا يراعون الافضل فالافضل، والدليل عليه: إن أبابكر رضي الله عنه لما نص على عمر رضي الله عنه قام إليه طلحة رضي الله عنه فقال له: ما تقول لربك وقد وليت علينا فظا غليظا قال أبوبكر رضي الله عنه: فركت لي عينيك، ودلكت لي عقبيك، وجئتني تكفني عن رأيي، وتصدني عن ديني أقول له إذا سألني: خلفت عليهم خير أهلك. فدل على أنهم كانوا يراعون الافضل فالافضل. ا ه. وأنت ترى أن هذه المزعمة فيها دجل لاغراء البسطاء من الامة المسكينة و هي تصادم رأي الجمهور ونظريات علماء الكلام منهم، وعمل الصحابة ونصوصهم، وقبل كل شيئ رأي الخليفة أبي بكر، وكأن ما حسبه من الاستحالة قد خفي علي الخليفة وعلى من آزره على أمره، واعتنق إمامته في القرون والاجيال من بعده وكأن أفضلية الرجل الفظ الغليظ كانت تخفى على الصحابة، ولم يكن يعلمها أحد فأعرب عنها أبوبكر، وكأن التاريخ ونوادر الاثر لم تكن بين يدي "الوتري" حتى يعرف مقادير الرجال، ولا يغلو فيهم ولا يتحكم ولا يجازف في القول ولا يسرف في الكلام ويعلم بأن عمر لو كان خير الامة وتلك سيرته ونوادر أثره فعلى الاسلام السلام.

نعم: إنما هي أهواء وشهوات أخذ كل بطرف منها، وفتاوى مجردة هملج ورائها كل حسب ميوله، ونحن نضع عقلك السليم مقياسا بين هذين الامامين: من نصفه نحن، ومن يقول به هؤلاء. فراجعه إلى أيهما يجنح، وأيا منهما يتخذه وسيلة بينه وبين ربه سبحانه، وأيهما يحق له أن يستحوذ على رقاب المسلمين ونفوسهم ونواميسهم وأحكامهم في دنياهم واخراهم؟ إن لم تكن في ميزان نصفته عين. فويل للمطففين.

راي الخليفة في القدر


أخرج اللاكائي في السنة عن عبدالله بن عمر قال: جاء رجل إلى أبي بكر فقال: أرأيت الزنا بقدر؟ قال: فان الله قدره علي ثم يعذبني؟ قال: نعم، يابن اللخناء أما والله لو كان عندي إنسان أمرت أن يجأ

___________________________________

وجأ عنقه: ضربه، ووجأه: رضه ودقه. أنفك.

___________________________________

تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 65.

قال الاميني: أترى الخليفة عرف معنى القدر الصحيح؟ بمعنى ثبوت الامر الجاري في العلم الازلي الآلهي، مع إعطاء القدرة على الفعل والترك، مع تعريف الخير والشر وتبيان عاقبة الاول ومغبة الاخير.

إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا

___________________________________

سورة الانسان: 3. إنا هديناه النجدين

___________________________________

سورة البلد: 10. ومن شكر فإنما يشكر لنفسه، ومن كفر فان ربي غني كريم

___________________________________

سورة النمل: 40. ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه، ومن كفر فإن الله غني حميد.

___________________________________

سورة لقمان: 12.

كل ذلك مع تكافؤ العقل والشهوة في الانسان مع خلق عوامل النجاح تجاه النفس الامارة بالسوء، فمن عامل بالطاعة بحسن اختياره، ومن مقترف للمعصية بسوء الخيرة.

فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات

___________________________________

سورة فاطر: 33. من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها

___________________________________

سورة يونس: 108 الاسراء: 15. من اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها

___________________________________

سورة الزمر: 41. من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلي ربكم ترجعون

___________________________________

سور ة الجاثية: 15. فمن أبصر فلنفسه ومن عمي فعليها

___________________________________

سورة الانعام: 104. قل إن ضللت فانما أضل على نفسي، وإن اهتديت

فبما يوحي إلي ربي

___________________________________

سورة سبأ: 5. إن أحسنتم أحسنتم لانفسكم وإن أسأتم فلها

___________________________________

سورة الاسراء: 7. إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى

___________________________________

سورة النجم: 30. ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين.

فالقدر لا يستلزم جبرا وعلم المولى سبحانه بمقادير ما يختاره العباد من النجدين ويأتون به من العمل من خير أو شر لا ينافى التكليف. كما لا أثر له في اختيار المكلفين، ولا يقبح معه العقاب على المعصية، ولا يسقط معه الثواب على الطاعة.

فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره

___________________________________

سورة الزلزلة: 7 و 8. ونضع الموازين القسط يوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا، وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين

___________________________________

سورة الانبياء: 47. اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم

___________________________________

سورة غافر: 17. فكيف إذا جمعناهم ليوم لاريب فيه ووفيت كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون.

___________________________________

سورة آل عمران: 25.

فهل الخليفة عرف هذا المعنى من القدر، فأجاب بما أجاب؟ لكن السائل لم يفهم ما أراده فانتقده بما انتقد، غير انه لو كان يريد ذلك لما جابه المنتقد بالسباب المقذع والتمني بأن يكون عنده من يجأ أنفه قبل بيان المراد فيفئ الرجل إلى الحق.

او أن الخليفة لم يكن يعرف من القدر إلا ما ارتفعت به عقيرة جماهير من أشياعه من القول بخلق الاعمال؟ فيتجه إذن ما قاله المنتقد سبه الخليفة أولم يسبه.

والذي يؤثر عن إبنته عائشة هو الجنوح إلى المعنى الثاني يوم اعتذرت عن نهضتها على مولانا أميرالمؤمنين، وتبرجها عن خدرها المضروب لها تبرج الجاهلية الاولى بعد أن ليمت على ذلك: بأنها كانت قدرا مقدورا وللقدر أسباب، أخرجه الخطيب البغدادي باسناده في تاريخه 160:1.

وإن كان يوقفنا موقف السادر ما يؤثر عنها فيما أخرجه الخطيب أيضا في تاريخه 185:5 عن عروة قال: ما ذكرت عائشة مسيرها في وقعة الجمل قط إلا بكت حتى

تبل خمارها وتقول: ياليتني كنت نسيا منسيا

___________________________________

وذكره ابن الاثير في النهاية 151:4، وابن منظور في لسان العرب. 196:2، والزبيدى في تاج العروس 367:1. قال سفيان الثوري: النسي المنسي: الحيضة الملقاة.

كأنها كانت ترى مسيرها حوبا كبيرا جديرا أن تبكي عليه مدى الدهر، وتبل بدمعها خمارها، وتتمني ماتمنت وهذا ينافي ذلك الاعتذار البارد المأخوذ أصله عن رأي أبيهاالخليفة الذي لم يجد مساغا في دفع ما يتجه عليه إلا السباب.

ترك الخليفة الضحية مخافة أن تستن


قد مر في الجزء السادس ص 177 ط 2 من الصحيح الوارد في أن أبابكر وعمر كانا لا يضحيان كراهة أن يقتدى بهما، فيظن فيها الوجوب. وقد استوفينا حق القول هناك فراجع.

ردة بني سليم


عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان في بني سليم ردة فبعث إليهم أبوبكر خالد بن الوليد فجمع رجالا منهم في الحظائر ثم أحرقها عليهم بالناز فبلغ ذلك عمر فأتى أبا بكر فقال: تدع رجلا يعذب بعذاب الله عزوجل، فقال أبوبكر: والله لا أشيم سيفا سله الله على عدوه حتى يكون هذا الذي يشيمه، ثم أمره فمضى من وجهه ذلك إلى مسيلمة.

الرياض النضرة 1 ص 100.

لبس في هذا الجواب مخرج عن إعتراض عمر فقد جاء في الكتاب العزيز قوله تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الارض، ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم.

"المائدة آية 33"

وصح عنه صلى الله عليه وآله النهي عن الاحراق وقوله: لا يعذب بالنار إلا رب النار. و

قوله: إن النار لا يعذب بها إلا الله. وقوله: لا يعذب بالنار إلا ربها:

___________________________________

صحيح البخارى 325:4 كتاب الجهاد باب: لا يعذب بعذاب الله، مسند احمد 494:3 وج 207:2 سنن ابى داود 219:2، صحيح الترمذى سنن البيهقى 71:9 و 72، مصابيح السنة 2 ص 57 و 58، تيسير الوصول 1 ص 236.وقوله: من بدل دينه فاقتلوه

___________________________________

صحيح البخارى 10 ص 83 كتاب استتابة المرتدين، سنن ابى داود 2 ص 219، مصابيح السنة 2 ص 57. وقوله: لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا آله إلا الله وان محمدا رسول الله إلا باحدى ثلاث: زنا بعد احصان فانه يرجم، ورجل يخرج محاربا لله ورسوله فأنه يقتل، أو يصلب، أو ينفى من الارض، أو يقتل نفسا فيقتل بها.

سنن أبي داود 2 ص 219، مصابيح السنة 59:2، مشكاة المصابيح ص 300. وأما فعل أميرالمؤمنين عليه السلام بعبدالله بن سبا وأصحابه فلم يكن إحراقا ولكن حفرلهم حفائر، وخرق بعضها إلى بعض، ثم دخن عليهم حتى ماتوا كما قال عمار الدهني: فقال عمرو بن دينار: قال الشاعر:

لترم بي المنايا حيث شاءت++

إذا لم ترم بي في الحفرتين

إذا ما أججوا حطبا ونارا++

هناك الموت نقدا غير دين

___________________________________

سنن البيهقى 9 ص 71.

وأما قول أبي بكر: لا اشيم سيفا الخ. فهو تحكم تجاه النص النبوي، وما كان السيف أنطق من القول، ومتى شهر الله سبحانه هذا السيف صاحب الدواهي الكبرى والطامات في يومه هذا، ويومه الآخر المخزي في بني حنيفة ومع مالك بن نويرة و أهله، ويومه قبلهما مع بني جذيمة الذي تبرأ فيه رسول صلى الله عليه وآله من عمله، إلى غيرها من المخاريق والمخازي التي تغمد بها هذا السيف.

حرق الخليفة الفجاءة


قدم على أبي بكر رجل من بني سليم يقال له: الفجاءة وهو اياس بن عبدالله بن عبد باليل بن عميرة بن خفاف فقال لابي بكر: إني مسلم وقد أردت جهاد من ارتد من الكفار فاحملني وأعني فحمله أبوبكر على ظهر وأعطاه سلاحا فخرج يستعرض الناس

المسلم والمرتد يأخذ أموالهم ويصيب من امتنع منهم ومعه رجل من بني الشريد يقال له: نجبة بن أبي الميثاء فلما بلغ أبابكر خبره كتب إلى طريفة بن حاجز:إن عدو الله الفجاءة أتاني يزعم أنه مسلم ويسألني أن اقويه على من ارتد عن السلام فحملته وسلحته ثم انتهى إلي من يقين الخبر ان عدو الله قد استعرض الناس المسلم والمرتد يأخذ أموالهم ويقتل من خالفه منهم فسر إليه بمن معك من المسلمين حتى تقتله أو تأخذه فتأتيني به فسار إليه طريفة فلما التقى الناس كانت بينهم الرميا بالنبل فقتل نجبة بن أبي الميثاء بسهم رمي به فلما رأي الفجاءة من المسلمين الجد قال لطريفة: والله ما أنت بأولى بالامر مني أنت أمير لابي بكر وأنا أميره، فقال له طريفة: إن كنت صادقا فضع السلاح وانطلق إلى أبي بكر فخرج معه فلما قدما عليه أمر أبوبكر طريفة بن حاجز فقال: أخرج به إلى هذا البقيع فحرقه فيه بالنار. فخرج به طريفة إلى المصلى فأوقد له نارا فقذفه فيها. وفي لفظ الطبري: فأوقد له نارا في مصلى المدينة على حطب كثير ثم رمي فيها مقموطا. وفي لفظ ابن كثير: فجمعت يداه إلى قفاه والقي في النار فحرقه وهو مقموط.

___________________________________

تأريخ الطبرى 3 ص 234، تأريخ ابن كثير 6 ص 319، الكامل لابن الاثير 2 ص 146، الاصابة 2 ص 322.

قال الاميني: القول في هذا كالذي سبقه من عدم جواز الاحراق بالنار والتعذيب بها، على أن الفجاءة كان متظاهرا بالاسلام وتلقاه الخليفة بالقبول يوم أعطاه ظهرا و سلحه، وإن كان فاسقا بالجوارح على ما انتهى إلى الخليفة من يقين الخبر، ولم يكن سيف الله مشهورا هاهنا حتى يتورع عن اغماده، ولا يدعى مثله لطريفة حتى يكون معذرا في مخالفة النص الشريف، ولعل لذلك كله ندم أبوبكر نفسه يوم مات عن فعله ذلك كما في الصحيح الآتي انشاء الله تعالى. فإلى الملتقى.

والعجب كل العجب من دفاع القاضي عضد الايجي عن الخليفة بقوله في المواقف. إن أبابكر مجتهد، إذ ما من مسألة في الغالب إلا وله فيها قول مشهور عند أهل العلم، وإحراق الفجاءة لا جتهاده وعدم قبول توبته لانه زنديق ولا تقبل توبة الزنديق في الاصح وجاء بعده القوشجي مدافعا عن الخليفة بقوله في شرح التجريد ص 482: إحراقه فجاءة بالنار من غلطة في اجتهاده فكم مثله للمجتهدين؟

اقراواضحك او ابك زه زه بالاجتهاد تجاه نص الكتاب والسنة، ومرحبا مجتهد يخالف دين الله.

راي الخليفة في قصة مالك


سار خالد بن الوليد يريد البطاح حتى قدمها فلم يجد بها أحدا وكان مالك بن نويرة قد فرقهم ونهاهم عن الاجتماع وقال: يا بني يربوع إنا دعينا إلى هذا الامر فأبطأنا عنه فلم نفلح، وقد نظرت فيه فرأيت الامر يتأتى لهم بغير سياسة، وإذا الامر لا يسوسه الناس، فإياكم ومناوأة قوم صنع لهم فتفرقوا وادخلوا في هذا الامر، فتفرقوا على ذلك، ولما قدم خالد البطاح بث السرايا وأمرهم بداعية الاسلام وأن يأتوه بكل من لم يجب، وإن إمتنع أن يقتلوه، وكان قد أوصاهم أبوبكر أن يأذنوا ويقيموا إذا نزلوا منزلا فإن أذن القوم وأقاموا فكفوا عنهم، وإن لم يفعلوا فلا شيئ إلا الغارة ثم تقتلوا كل قتلة، الحرق فما سواه، إن أجابوكم إلى داعية الاسلام فسائلوهم فإن أقروا بالزكاة فاقبلوا منهم وإن أبوها فلا شئ إلا الغارة، ولا كلمة، فجاءته الخيل بمالك بن نويرة في نفر معه من بني ثعلبة بن يربوع من عاصم وعبيد وعرين وجعفر فاختلفت السيرة فيهم، وكان فيهم أبوقتادة فكان فيمن شهد أنهم قد أذنوا وأقاموا و صلوا، فلما اختلفوا فيهم أمر بهم فحبسوا في ليلة باردة لا يقوم لها شئ وجعلت تزداد بردا، فأمر خالد مناديا فنادى: ادفئوا اسراكم وكانت في لغة كنانة القتل فظن القوم أنه أراد القتل ولم يرد إلا الدف ء فقتلوهم، فقتل ضرار بن الازور مالكا وسمع خالد الواعية فخرج وقد فرغوا منهم فقال: إذا أراد الله أمرا أصابه، وتزوج خالد ام تميم امرأة مالك فقال أبوقتادة: هذا عملك؟ فزبره خالد فغضب ومضى. وفي تاريخ أبي الفدا: كان عبدالله بن عمرو أبوقتادة الانصاري حاضرين فكلما خالدا في أمره فكره كلامهما. فقال مالك: يا خالد إبعثنا إلى ابى بكر فيكون هو الذي يحكم فينا. فقال خالد: لا أقالني الله إن أقلتك وتقدم إلى ضرار بن الازور بضرب عنقه. فقال عمر لابي بكر: إن سيف خالد فيه رهق وأكثر عليه في ذلك فقال: يا عمر تأول فأخطأ فارفع لسانك عن خالد فإني لا أشيم سيفا سله الله على الكافرين.

وفي لفظ الطبري وغيره: إن أبابكر كان من عهده إلى جيوشه أن إذا غشيتم دارا من دور الناس فسمعتم فيها أذانا للصلاة فأمسكوا عن أهلها حتى تسألوهم ما الذي نقموا، وإن لم تسمعوا أذانا فشنوا الغارة فاقتلوا وحرقوا، وكان ممن شهد لمالك بالاسلام أبوقتادة الحارث بن ربعي، وقد كان عاهد الله أن لا يشهد مع خالد بن الوليد حربا أبدا بعدها، وكان يحدث أنهم لما غشو القوم راعوهم تحت الليل فأخذ القوم السلاح، قال: فقلنا: إنا المسلمون. فقالوا: ونحن المسلمون، قلنا: فما بال السلاح معكم؟ قالوا لنا: فما بال السلاح معكم؟ قلنا: فإن كنتم كما تقولون؟ فضعوا السلاح. قال: فوضعوها ثم صلينا وصلوا، وكان خالد يعتذر في قتله: انه قال وهو يراجعه: ما أخال صاحبكم إلا وقد كان يقول كذا وكذا. قال: أو ما تعده لك صاحبا. ثم قدمه فضرب عنقه وعنق أصحابه.

فلما بلغ قتلهم عمر بن الخطاب تكلم فيه عند أبي بكر فأكثر وقال: عدو الله عدا على امرئ مسلم فقتلته ثم نزا على امرأته، وأقبل خالد بن الوليد قافلا حتى دخل المسجد وعليه قباء له عليه صدأ الحديد، معتجرا بعمامة له قد غرز في عمامته أسهما فلما أن دخل المسجد قام إليه عمر فانتزع الاسهم من رأسه فحصلها ثم قال: أرئاء؟ قتلت امرءا مسلما ثم نزوت على امرأته، والله لارجمنك باحجارك ولا يكلمه خالد بن وليد ولا يظن إلا أن رأي أبي بكر على مثل رأي عمر فيه، حتى دخل على أبي بكر فلما أن دخل عليه أخبره الخبر واعتذر اليه فعذره أبوبكر وتجاوز عنه ما كان في حربه تلك. قال فخرج خالد حين رضي عنه أبوبكر، وعمر جالس في المسجد فقال خالد: هلم إلي يا بن ام شملة؟ قال فعرف عمر أن ابابكر قد رضي عنه، فلم يكلمه ودخل بيته. وقال سويد:كان مالك بن نويرة من أكثر الناس شعرا وإن أهل العسكر اثفوا برؤسهم القدور فما منهم رأس إلا وصلت النار إلى بشرته ما خلا مالكا فان القدر نضجت وما نزج رأسه من كثرة شعره، وقى الشعر البشر حرها أن يبلغ منه ذلك.

وقال ابن شهاب: إن مالك بن نويرة كان كثير شعر الرأس، فلما قتل أمر خالد برأسه فنصب اثفية لقدر فنضج ما فيها قبل أن يخلص النار إلى شؤون رأسه. وقال عروة: قدم أخو مالك متمم بن نويرة ينشد أبابكر دمه ويطلب اليه في

سبيهم فكتب له برد السبي، وألح عليه عمر في خالد أن يعزله، وقال: إن في سيفه رهقا. فقال: لا يا عمر لم أكن لاشيم سيفا سله الله على الكافرين. وروى ثابت في الدلائل: ان خالدا رأى امرأة مالك وكانت فائقة في الجمال فقال مالك بعد ذلك لامرأته: فتلتيني. يعني سأقتل من أجلك.

___________________________________

تأريخ الطبرى 3 ص 241، تأريخ ابن الاثير 3 ص 149، اسد الغابة 295:4، تأريخ ابن عساكر 5 ص 105 و 112، خزانة الادب 237:1، تأريخ ابن كثير 6 ص 321، تاريخ الخميس، 233:2، الاصابة ج 1 ص 414 وج ص 357.

وقال الزمخشري وابن الاثير وأبوالفدا والزبيدي: ان مالك بن نويرة رضي الله عنه قال لامرأته يوم قتله خالد بن وليد: أقتلتني. أي عرضتني بحسن وجهك للقتل لوجوب الدفع عنك، والمحاماة عليك، وكانت جميلة حسناء تزوجها خالد بعد قتله فأنكر ذلك عبدالله بن عمر. وقيل فيه:

أفي الحق أنا لم تجف دماؤنا++

وهذا عروسا باليمامة خالد؟

___________________________________

الفائق 2 ص 154، النهاية 3 ص 257، تاريخ أبى الفدا ج 1 ص 158، تاج العروس 8 ص 75.

وفي تاريخ ابن شحنة هامش الكامل 7 ص 165: أمر خالد ضرارا بضرب عنق مالك فالتفت مالك إلى زوجته وقال لخالد: هذه التي قتلتني. وكانت في غاية الجمال،فقال خالد: بل قتلك رجوعك عن الاسلام فقال مالك: انا مسلم. فقال خالد: يا ضرار اضرب عنقه فضرب عنقه وفي ذلك يقول أبونمير السعدي:

ألا قل لحي أوطؤا بالسنابك++

تطاول هذا الليل من بعد مالك

قضى خالد بغيا عليه بعرسه++

وكان له فيها هوى قبل ذلك

فأمضى هواه خالد غير عاطف++

عنان الهوى عنها ولا متمالك

وأصبح ذا أهل وأصبح مالك++

إلى غير أهل هالكا في الهوالك

فلما بلغ ذلك أبابكر وعمر قال عمر لابي بكر: إن خالدا قد زنى فاجلده. قال أبوبكر: لا، لانه تأول فأخطأ قال: فإنه قتل مسلما فاقتله. قال: لا، إنه تأول فأخطأ. ثم قال: يا عمر ما كنت لاغمد سيفا سله الله عليهم، ورثى مالكا أخوه متمم بقصائد عديدة. وهذا التفصيل ذكره أبوالفدا ايضا في تاريخه 185:1.

صفحه161@

وفي تاريخ الخميس 233:2: اشتد في ذلك عمر وقال لابي بكر: ارجم خالدا فانه قد استحل ذلك، فقال أبوبكر: والله لا أفعل، إن كان خالد تأول أمرا فأخطأ وفي شرح المواقف: فأشار عمر على أبي بكر بقتل خالد قصاصا، فقال أبوبكر: لا أغمد سيفا شهره الله على الكفار. وقال عمر لخالد: لئن وليت الامر لاقيدنك به.

وفي تاريخ ابن عساكر 112:5: قال عمر: إني ما عتبت على خالد إلا في تقدمه وما كان يصنع في المال. وكان خالد إذا صار إليه شيئ قسمه في أهل الغنى ولم يرفع إلى أبي بكر حسابه، وكان فيه تقدم على أبي بكر يفعل الاشياء التي لا يراها أبوبكر، واقدم على قتل مالك بن نويرة ونكح امرأته، وصالح اهل اليمامة ونكح ابنة مجاعة بن مرارة، فكره ذلك أبوبكر وعرض الدية على متمم بن نويرة وأمر خالدا بطلاق امرأة مالك ولم ير أن يعزله وكان عمر ينكر هذا وشبهه على خالد."

نظرة في القضية مالك


قال الاميني: يحق على الباحث أن يمعن النظرة في القضية من ناحيتين. الاولى: ما ارتكبه خالد بن الوليد من الطامات والجرائم الكبيرة التي تنزه عنها ساحة كل معتنق بالاسلام، وتضاد نداء القرآن الكريم والسنة الشريفة، ويتبر أمنها و ممن اقترفها من آمن بالله ورسوله واليوم الآخر. أيحسب الانسان أن يترك سدى؟

___________________________________

سورة القيامة آية: 3.

أيحسب أن لن يقدر عليه أحد؟

___________________________________

سورة البلد آية: 5.

أم: حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون؟

___________________________________

سورة العنكبوت آية: 4.

بأي كتاب أم بأية سنة ساغ للرجل سفك تلكم الدماء الزكية من الذين آمنوا بالله ورسوله واتبعوا سبيل الحق وصدقوا بالحسنى، وأذنوا وأقاموا وصلوا وقد علت عقيرتهم: بأنا مسلمون، فما بال السلاح معكم؟ لاتحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم.

___________________________________

سورة آل عمران آية: 188.

ما عذر الرجل في قتل مثل مالك الذي عاشر النبي الاعظم، وأحسن صحبته،

واستعمله صلى الله عليه وآله على صدقات قومه، وقد عد من أشراف الجاهلية والاسلام، ومن أرداف الملوك. ومن قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض، فكأنما قتل الناس جميعا.

___________________________________

سورة المائدة آية: 32.

ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاءه جهنم خالدا فيها "النساء: 93".

وما ذا أحل للرجل شن الغارة على أهل أولئك المقتولين وذويهم الابرياء و ايذائهم وسبيهم بغير ما اكتسبوا إثما، أو اقترفوا سيئة، أو ظهر منهم فساد في الملا الديني؟ الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا

___________________________________

سورة الاحزاب آية: 58.

ما هذه القسوة والعنف والفظاظة والتزحزح عن طقوس الاسلام، وتعذيب رؤس أمة مسلمة، وجعلها أثفية للقدر وإحراقها بالنار؟ فويل للقاسية قلوبهم، فويل للذين ظلموا من عذاب يوم اليم.

ما خالد وما خطره بعد ما اتخذ إلهه هواه، وسولته نفسه، وأضلته شهوته، وأسكره شبقه؟ فهتك حرمات الله، وشوه سمعة الاسلام المقدس، ونزى على زوجة مالك قتيل غيه في ليلته

___________________________________

الصواعق ص 21، تاريخ الخميس 333:2. انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا، ولم يكن قتل الرجل إلا لذلك السفاح، وكان أمرا مشهودا وسرا غير مستسر، وكان يعلمه نفس مالك ويخبر زوجته بذلك قبل وقوع الواقعة بقوله إياها: أقتلتني. فقتل الرجل مظلوما غيرة و محاماة على ناموسه. وفي المتواتر: من قتل دون أهله فهو شهيد

___________________________________

مسند احمد 1 ص 191، نص على تواترة المناوى في الفيض القدير 6 ص 195. وفي الصحيحة من قتل دون مظلمته فهو شهيد.

___________________________________

أخرجه النسائى والضياء المقدسى كما في الجامع الصغير، وصححه السيوطى راجع الفيض القدير 6 ص 195.

والعذر المفتعل من منع مالك الزكاة لايبرئ خالدامن تلكم الجنايات، أيصدق جحد الرجل فرض الزكاة ومكابرته عليها وهو مؤمن بالله وكتابه ورسوله ومصدق بما جاء به نبيه الاقدس، يقيم الصلاة ويأتي بالفرائض بأذانها وإقامتها ، وينادي بأعلي صوته: نحن المسلمون، وقد إستعمله النبي الاعظم على الصدقات ردحا من الزمن؟ لا ها الله.

/ 42