غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب جلد 6

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب - جلد 6

عبدالحسین احمد الامینی النجفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


فشكوا ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال عمر لابن مسعود: ما يقول هؤلاء؟ قال: قد فعلت ذلك. قال: أورأيت ذلك؟ قال: نعم. فقال: نعم ما رأيت. فقالوا: أتيناه نستأذنه فإذا هو يسأله

___________________________________

أخرجه الطبرانى والهيثمى في مجمع الزوائد 6 ص 270 وقال: رجاله رجال الصحيح.

نعم: للقارئ أن يفرق بين ما نحن فيه وبين تلكم المواقف التي حكم فيها بالتعزير بأن الحكم هناك قد دار مدار اللحاف ولم يكن لحاف على المغيرة وام جميل في فحشائهما: والقول بمثل هذه الخزاية أهون من تلكم الكلم التي توجد في الدفاع عن الخليفة حول هذه القضية ولدتها.

هذا مغيرة وهذا إلى أمثالها بوائقه، وكان يعرف بها في إسلامه وقبله، وقد أتى أميرالمؤمنين عليه السلام عند ما تولى الخلافة يظهر بزعمه النصح له باقرار معاوية في ولايته على الشام ردحا ثم يفعل به ما أراد، وبما أن أميرالمؤمنين عليه السلام لم يكن ممن يداهن ويجامل أعداء الله في أمرالدين ولا يؤثر الدهاء على حكم الشريعة، وكان يرى أن مفاسد إبقاء معاوية على الامر لا تكافئ مصلحة إغفاله عن المقاومة، فإنه غير صالح لتولي أمر المسلمين فيومه لدة سنته، وساعته كمثل عمره في الفساد، رفض ذلك الرأي المغيري، ولم يكن بالذي يتخذ المضلين عضدا فبهض ذلك المغيرة فولى عنه منشدا:

نصحت عليا في ابن هند نصيحة++

فردت فلم اسمع لها الدهر ثانية

وقلت له: أوجز عليه بعهده++

وبالامر حتى يستقر معاويه

وتعلم أهل الشام أن قد ملكته++

وأن اذنه صارت لامرك واعيه

فتحكم فيه ما تريد فإنه++

لداهية فارفق به أي داهية

فلم يقبل النصح الذي قد نصحته++

وكانت له تلك النصيحة كافيه

___________________________________

مروج الذهب 16 :2، تاريخ الطبرى 160 :5، تاريخ ابن كثير 128 :8، الاستيعاب 251 :1، تاريخ أبى الفداج 172 :1.

وأجاب عنها العلامة الاوردبادي بقوله:

أتيت إمام المسلمين بغدرة++

فلم تلف نفسا منه للغدر صاغيه

وأسمعته إدا من القول لم يصخ++

له إذ رأى منه الخيانة باديه

رغبت إليه في ابن هند ولاية++

أبى الدين إلا أن ترى عنه نائيه

أيؤتمن الغاوي على إمرة الهدى؟++

تعاد على الدين المعرة ثانيه

ويرعى القطيع الذئب والذئب كاسر++

ويأمن منه في الاويقة عاديه؟

وهل سمعت اذناك قل لي هنيهة++

بزوبعة هبت فلم تعد سافيه؟

وهل يأمن الافعى السليم سويعة++

ومن شدقها قتالة السم جاريه؟

فيوم ابن هند ليس إلا كدهره++

فصفقته كانت من الخير خاليه

وللشر منه والمزنم جروه++

ووالده شيخ الفجور زبانيه

متى كان للتقوى علوج امية؟++

وللغي منهم كل باغ وباغيه

وللزور والفحشاء منهم زبائن++

وللجور منهم كل دهياء داهيه

هم أرهجوها فتنة جاهلية++

إذ انتهزوا للشر أجواء صافيه

فماذا على حلف التقى وهو لايرى++

يراوغ في أمر الخلافة طاغيه؟

وشتان في الاسلام هذا وهذه++

فدين "علي" غير دنيا معاويه

أتنقم منه إن شرعة "أحمد"++

تجذ يمينا لابن سفيان عاديه؟

وتحسب أن قد فاته الرأي عنده++

كأنك قد أبصرت ما عنه خافيه

ولولا التقى ألفيت صنو "محمد"++

لتدبير أمر الملك أكبر داهيه

عرفناك يا أزنى ثقيف ووغدها++

عليك بيوميك الشنار سواسيه

وإنك في الاسلام مثلك قبله++

وام جميل للخزاية راويه

وكان المغيرة في مقدم اناس كانوا ينالون من أميرالمؤمنين عليه السلام قال إبن الجوزي قدمت الخطباء إلى المغيرة بن شعبة بالكوفة فقام صعصعة بن سوحان فتكلم، فقال المغيرة: أخرجوه فأقيموه على المصطبة فليلعن عليا. فقال: لعن الله من لعن الله ولعن علي بن أبي طالب، فأخبره بذلك فقال: اقسم بالله لتقيدنه فخرج فقال: إن هذا يأبى إلا علي بن أبي طالب فالعنوه لعنه الله. فقال المغيرة: أخرجوه أخرج الله نفسه. رسائل الجاحظ ص 92، الاذكياء ص 98.

وأخرج أحمد في مسنده 4 ص 369 عن قطبة بن مالك قال: نال المغيرة بن شعبة من علي فقال زيد بن أرقم: قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن سب الموتى

فلم تسب عليا وقد مات.

وأخرج في المسند أيضا ج 1 ص 188 أحاديث نيله من أميرالمؤمنين عليه السلام في خطبته واعتراض سعيد بن زيد عليه.

كل أفقه من عمر حتى العجائز


لما رجع عمر بن الخطاب من الشام إلى المدينة إنفرد عن الناس ليعرف أخبارهم فمر بعجوز في خبائها فقصدها فقالت: يا هذا ما فعل عمر؟ قال: هوذا قد أقبل من الشام قالت: لا جزاه الله عني خيرا، قال: ويحك ولم؟ قالت: لانه والله ما نالني من عطائه منذ ولي إلى يومنا هذا دينار ولا درهم، فقال: ويحك وما يدري عمر حالك وأنت في هذا الموضع؟ فقالت: سبحان الله ما ظننت أن أحدا يلي على الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها، قال: فأقبل عمر وهو بيكي ويقول: واعمراه واخصوماه كل واحد أفقه منك يا عمر. الحديث. وفي لفظ: كل واحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر.

ألرياض النضرة 2 ص 57، ألفتوحات الاسلامية 2 ص 408، نور الابصار ص 65.

قال الاميني: نحن ندرس من هذه القصة ان فكرة إحاطة علم الامام بالاشياء كلها أوجلها فضلا عن الشرائع والاحكام فكرة بسيطة عامة يشترك في لزومها الرجال والنساء، فهي غريزة لا تعزب عن أي ابن انثى وقد فقدها الخليفة واعترف بأن كل واحد أفقه منه.

استشارة الخليفة في متسابين


أخرج البيهقي في السنن الكبرى 8 ص 252: ان رجلين استبا في زمن عمر بن الخطاب فقال أحدهما على الآخر: والله ما أرى أبي بزان ولا امي بزانية. فاستشار عمر الناس في ذلك فقال قائل: مدح أباه وامه. وقال آخرون. قد كان لابيه وامه مدح غير هذا نرى أن تجلده الحد. فجلده عمر الحد ثمانين.

وذكره النيسابوري في تفسيره في سورة النور عند قوله تعالى: ألذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة.

قال الاميني: أنا لا أدري لاي المصيبتين أنحب؟ أبقصور الخليفة عن حكم المسألة؟ أم بقصر المعلمين له عن حقيقته؟ وكل يفوه برأي ضئيل، والافظع جري العمل على ما قالوه.

أما الحد فليس إلا بالقذف البين والنفي البين وهو المستفاد من قوله تعالى: والذين يرمون المحصنات

___________________________________

سورة النور آية 4. وعلى هذا كان عمل الصحابة والتابعين لهم بإحسان كما قال القاسم بن محمد: ما كنا نرى الجلد إلا في القذف البين والنفي البين

___________________________________

السنن الكبرى للبيهقي 8 ص 252. وأما قول- ليس أبى بزان- فنناقش أولا في كونه تعريضا إذ لعله يريد طهارة منبته التي تزعه عن النزول إلى الدنايا من بذاؤة في القول، أو خسة في الطبع، أو حزازة في العمل، فمن الممكن أنه لا يريد إلا هذا فحسب، وهو الذي فهمه فريق من الصحابة فقالوا: إنه مدح أباه. وإن لم يجدوا لما أبدوه اذنا واعية وعلى فرض كونه تعريضا فإنما يوجب الحد إذا كانت دلالته مقطوعا بها، أو أن يعترف المعرض بأنه لم يقصد إلا القذف، والا فالحدود تدرأ بالشبهات. ألا ترى سقوط الحكم عمن عرض بسب النبي صلى الله عليه واله وسلم ولم يصرح كما في الصحاح.

وإلى نفي الحد بالتعريض ذهب أبوحنيفة والشافعي وأبويوسف وزفر ومحمد بن شبرمة والثوري والحسن بن صالح وبين يديهم الحديث المذكور وما رواه الاوزاغي عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: كان عمر يضرب الحد في التعريض

___________________________________

السنن الكبرى 8 ص 252.

قال أبوبكر الجصاص في 'احكام القرآن' 3 ص 330: ثم لما ثبت أن المراد بقوله: والذين يرمون المحصنات، هو الرمي بالزنا لم يجز له ايجاب الحد على غيره، إذ لا سبيل إلى إثبات الحدود من طريق المقاييس، وإنما طريقها الاتفاق أو التوقيف وذلك معدوم في التعريض، ومشاورة عمر الصحابة في حكم التعريض دلالة على أنه لم يكن عندهم فيه توقيف وإنه قال اجتهادا ورأيا، وايضا فان التعريض بمنزلة الكناية المحتملة للمعاني وغير جائز ايجاب الحد بالاحتمال لوجهين: أحدهما أن القائل برئ الظهر من الجلد

فلا نجلده بالشك والمحتمل مشكوك فيه، ألا ترى أن يزيد بن ركانة لما طلق امرأته البتة استحلفه النبي صلى الله عليه وسلم "فقال": ما أردت إلا واحدة فلم يلزمه الثلاث بالاحتمال، ولذلك قال الفقهاء في كنايات الطلاق: انها لا تجعل طلاقا إلا بدلالة.

والوجه الآخر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال: إدرؤا الحدود بالشبهات. و أقل أحوال التعريض حين كان محتملا للقذف وغيره أن يكون شبهة في سقوطه.

وايضا قد فرق الله تعالى بين التعريض باالنكاح في العدة وبين التصريح فقال: ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله انكم ستذكرونهن ولكم لا تواعدوهن سرا. يعني نكاحا فجعل التعريض بمنزلة الاضمار في النفس فوجب أن يكون كذلك حكم التعريض بالقذف، والمعنى الجامع بينهما ان التعريض لما كان فيه احتمال كان في حكم الضمير لوجود الاحتمال فيه. اه.

م- هذه كلها كانت بمنتأى عن مبلغ الخليفة من العلم، غير أنه كان يستشير الناس كائنا من كان في كل مشكلة ثم يرى فيه رأيه وافق دين الله أم خالفه.

راي الخليفة في شجرة الرضوان


عن نافع قال: كان الناس يأتون الشجرة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها بيعة الرضوان فيصلون عندها فبلغ ذلك عمر فأوعدهم فيها وأمر بها فقطعت.

ألطبقات الكبرى لابن سعد ص 607، سيرة عمر لابن الجوزي 107، شرح إبن أبي الحديد 3 ص 122، ألسيرة الحلبية 3 ص 29، فتح الباري لابن حجر 7 ص 361 وقد صححه، إرشاد الساري 6 ص 337 وحكى تصحيح ابن حجر، شرح المواهب للزرقاني 2 ص 207، الدر المنثور 6 ص 73، عمدة القاري 8 ص 284 وقال: إسناد صحيح. م- وذكره إبن أبي الحديد في شرحه 1 ص 60 ولفظه:

كان الناس بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يأتون الشجرة التي كانت بيعة الرضوان تحتها فيصلون عندها فقال عمر: أراكم أيها الناس رجعتم إلى العزى ألا لاأوتى منذ اليوم بأحد عاد لمثلها إلا قتلته بالسيف كما يقتل المرتد ثم أمر بها فقطعت.

راي الخليفة في آثار الانبياء


عن معرور قال: خرجنا مع عمر بن الخطاب رضوان الله عليه في حجة حجها قال: فقرأ بنا في الفجر: ألم تركيف فعل ربك بأصحاب الفيل ولايلاف قريش فلما انصرف فرأى الناس مسجدا فبادروه فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هكذا هلك أهل الكتاب قبلكم، اتخذوا آثار أنبيائهم بيعا، من عرضت له صلاة فليصل ومن لم تعرض له صلاة فليمض.

___________________________________

سيرة عمر لابن الجوزى ص 107، شرح ابن ابى الحديد 3 ص 122 وفيه بدل معرور المغيرة بن سويد، فتح البارى 1 ص 450.

قال الاميني: ليت شعري ما المانع من تعظيم آثار الانبياء وفي مقدمهم سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه واله وسلم إذا لم يكن خارجا عن حدود التوحيد كالسجود إلى تماثيلهم واتخاذها قبلة؟ ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، ومتى هلكت الامم باتخاذهم آثار أنبيائهم بيعا؟ وأي مسجد تكون الصلاة فيه أزلف إلى الله سبحانه من مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم؟ وأي مكان أشرف من مكان حل به النبي الاعظم وبويع فيه بيعة الرضوان وحظي المؤمنون فيه برضى الله عنهم؟ أولا يكسب ذلك كله المحل فضلا يزيد في زلفة المتعبدين بفنائه؟ وما ذنب الشجرة المسكينة حتى اجتثت اصولها؟ ولا من ثائر لها أو مدافع عنها. أو ليس ذلك توهينا للمحل ولمشرفه؟ م- أيسوغ ادب الدين للخليفة قوله: أراكم أيها الناس رجعتم إلى العزى؟ والذين كانوا يرون حرمة تكلم الآثار ويعظمونها ويصلون عندها إنما هم حملة علم الدين من الصحابة العدول، مراجع الخليفة في الاحكام والشرايع، كان يعول عليهم حيثما أعيته المسائل قائلا: كل الناس أفقه منك يا عمر.

هذه أسؤلة جمة عزب عن الخليفة العلم بالجواب عنها، أو أنها لم تدر في خلده، أو أنه متأول فيها جمعاء وأنت ترى..

ومن الصحابة التي كانت تتبرك بتلك الاماكن وتصلي فيها عبدالله بن عمر، قال موسى بن عقبة:

___________________________________

صحيح البخاري كتاب الصلاة باب: المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التى صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم. رأيت سالم بن عبدالله يتحرى أماكن من الطريق فيصلي فيها

ويحدث أن أباء كان يصلي فيها، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلى في تلك الامكنة.

وعن نافع عن إبن عمر أنه كان يصلي في تلك الامكنة. فالمراجع إلى الصحاح والسنن يجد كثيرا من لدة هذه يعلم بها أن رأى الخليفة إنما يخص به ولايتبع ولم يتبع لن يتبع.

الخليفة وقوم من أحبار اليهود


لما ولي أميرالمؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة أتاه قوم من أحبار اليهود فقالوا: يا عمر أنت ولي الامر بعد محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبه وانا نريد أن نسألك عن خصال إن أخبرتنا بها علمنا أن الاسلام حق وأن محمدا كان نبيا، وإن لم تخبرنا به علمنا أن الاسلام باطل وأن محمدا لم يكن نبيا، فقال: سلوا عما بدالكم، قالوا: أخبرنا عن أقفال السموات ما هي؟ وأخبرنا عن مفاتيح السموات ماهي؟ وأخبرنا عن قبر سار بصاحبه ما هو؟ وأحبرنا عمن أنذر قومه لا هو من الجن ولا هو من الانس؟ وأخبرنا عن خمسة أشياء مشوا على وجه الارض ولم يخلقوا في الارحام؟ وأخبرنا ما يقول الدراج في صياحه؟ وما يقول الديك في صراخه؟ ومايقول الفرس في صهيله؟ وما يقول الضفدع في نقيقه؟ ومايقول الحمارفي نهيقه؟ ومايقول القنبر في صفيره؟

قال: فنكس عمر رأسه في الارض ثم قال: لا عيب بعمر إذا سئل عما لايعلم أن يقول: لا أعلم، وأن يسئل عما لا يعلم. فوثبت اليهود وقالوا: نشهد أن محمدا لم يكن نبيا وأن الاسلام باطل، فوثب سلمان الفارسي وقال لليهود: قفوا قليلا ثم توجه نحو علي بن أبى طالب كرم الله وجهه حتى دخل عليه فقال: يا أبا الحسن أغث الاسلام. فقال: وماذاك؟ فأخبره الخبر فأقبل يرفل في بردة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نظر إليه عمر وثب قائما فاعتنقه وقال: يا أبا الحسن أنت لكل معضلة وشدة تدعى فدعا علي كرم الله وجهه اليهود فقال: سلوا عما بدالكم فإن النبي صلى الله عليه وسلم علمني ألف باب من العلم فتشعب لي من كل باب ألف باب، فسألوه عنها فقال علي كرم الله وجهه: إن لي عليكم شريطة إذا أخبرتكم كما في توراتكم دخلتم في ديننا وآمنتم. فقالوا: نعم. فقال: سلوا عن خصلة خصلة. قالوا:

أخبرنا عن أقفال السموات ماهي؟ قال. أقفال السموات ألشرك بالله لان العبد والامة إذا كانا مشركين لم يرتفع لهما عمل. قالوا: فأخبرنا عن مفاتيح السموات ماهي؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. فجعل بعضهم ينظر إلى بعض ويقولون: صدق الفتى، قالوا: فأخبرنا عن قبر سار بصاحبه؟فقال ذلك الحوت الذي إلتقم يونس بن متى فسار به في البحار السبع. فقالوا: أخبرنا عمن أنذر قومه لا هو من الجن ولا هو من الانس؟ قال: هي نملة سليمان بن داود قالت: يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون. قالوا: فأخبرنا عن خمسة مشوا على الارض ولم يخلقوا في الارحام؟ قال: ذلكم: آدم، وحواء. وناقة صالح. وكبش إبراهيم. وعصى موسى. قالوا: فأخبرنا ما يقول الدراج في صياحه؟ قال: يقول: ألرحمن على العرش استوى. قالوا: فأخبرنا ما يقول: الديك في صراخه؟ قال: يقول: اذكروا الله يا غافلين. قالوا: أخبرنا ما يقول الفرس في صهيله؟ قال: يقول إذا مشى المؤمنون إلي الكافرين إلى الجهاد: اللهم انصر عبادك المؤمنين على الكافرين. قالوا: فأخبرنا ما يقول الحمار في نهيقه؟ قال: يقول لعن الله العشار وينهق في أعين الشياطين. قالوا: فأخبرنا ما يقول الضفدع في نقيقه؟ قال: يقول سبحان ربي المعبود المسبح في لجج البحار. قالوا: فأخبرنا ما يقول القنبو في صفيره؟ قال: يقول: أللهم العن مبغضي محمد وآل محمد.

وكان اليهود ثلاثة نفر قال اثنان منهم: نشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. ووثب الحبر الثالث فقال: يا علي لقد وقع في قلوب أصحابي ما وقع من الايمان و التصديق وقد بقي خصلة واحدة أسالك عنها فقال: سل عما بدالك، فقال: أخبرني عن قوم في أول الزمان ماتوا ثلثمائة وتسع سنين ثم أحياهم الله فما كان من قصتهم؟ قال علي رضي الله عنه: يايهودي هؤلاء أصحاب وقد أنزل الله على نبينا قرآنا فيه قصتهم وإن شئت قرأت عليك قصتهم؟ فقال اليهودي: ما أكثر ما قد سمعنا قراءتكم إن كنت عالما فاخبرني بأسمائهم وأسماء آبائهم، وأسماء مدينتهم، واسم ملكهم، واسم كلبهم، واسم جبلهم، واسم كهفهم وقصتهم من أولها إلى آخرها، فاحتبى علي ببردة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا أخا العرب حدثني حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان بأرض رومية مدينة يقال لها 'أفسوس' ويقال هي 'طرسوس' وكان اسمها في الجاهلية 'أفسوس' فلما جاء الاسلام

سموها 'طرطوس' قال: وكان لهم ملك صالح فمات ملكهم وانتشر أمرهم فسمع به ملك من ملوك فارس يقال له: دقيانوس. وكان جبارا كافرا فأقبل في عساكر حتى دخل أفسوس فاتخذها دار ملكه وبنى فيها قصرا.

فوثب اليهودي وقال: إن كنت عالما فصف لي ذلك القصر ومجالسه. فقال: يا أخا اليهودي ابتنى فيها قصرا من الرخام طوله فرسخ وعرضه فرسخ واتخذ فيه أربعة آلاف اسطوانة من الذهب وألف قنديل من الذهب لها سلاسل من ا للجين تسرج في كل ليلة بالادهان الطيبة واتخذ لشرقي المجلس مائة وثمانين قوة، ولغربيه كذلك، و كانت الشمس من حين تطلع إلى حين تغيب تدور في المجلس كيفما دارت، واتخذ فيه سريرا من الذهب طوله ثمانون ذراعا في عرض أربعين ذراعا مرصعا بالجواهر، ونصب على يمين السرير ثمانين كرسيا من الذهب فأجلس عليها بطارقته، واتخذ أيضا ثمانين كرسيا من الذهب عن يساره فأجلس عليها هراقلته، ثم جلس هو على السرير ووضع التاج على رأسه. فوثب اليهودي وقال: يا علي إن كنت عالما فاخبرني مم كان تاجه؟ قال: يا أخا اليهود كان تاجه من الذهب السبيك له تسعة أركان على كل ركن لؤلؤة تضئ كما يضئ المصباح في الليلة الظلماء، واتخذ خمسين غلاما من أبناء البطارقة فمنطقهم بمناطق الديباج الاحمر، وسرولهم بسراويل القز الاخضر، وتوجهم ودملجهم وخلخلهم وأعطاهم عمد الذهب وأقامهم على رأسه، واصطنع ستة غلمان من أولاد العلماء وجعلهم وزرائه،فما يقطع أمرا دونهم وأقام منهم ثلاثة عن يمينه، وثلاثة عن شماله.

فوثب اليهودي وقال: يا علي إن كنت صادقا فأخبرني ماكانت أسماء الستة؟ فقال علي كرم الله وجهه: حدثني حبيبي محمد صلى الله عليه واله وسلم إن الذين كانوا عن يمينه أسمائهم: "تمليخا، ومكسلمينا، ومحسلمينا" وأما الذين كانوا عن يساره "فمرطليوس، وكشطوس، و سادنيوس"، وكان يستشيرهم في جميع اموره، وكان إذا جلس كل يوم في صحن داره واجتمع الناس عنده دخل من باب الدار ثلاثة غلمة في يد أحدهم جام من الذهب مملوء من المسك، وفي يد الثاني جام من فضة مملوء من ماء الورد، وعلى يد الثالث طائر فيصيح به فيطير الطائر حتى يقع في جام ماء الورد فيتمرغ فيه فينشف مافيه بريشه وجناحيه، ثم يصيح به الثاني فيطير فيقع في جام المسك فيتمرغ فيه فينشف مافيه بريشه وجناحيه، فيصيح

به الثالث فيطير فيقع على تاج الملك فينفض ريشه وجناحيه على رأس الملك بما فيه من المسك وماء الورد، فمكث الملك في ملكه ثلاثين سنة من غير أن يصيبه صداع ولا وجع ولا حمى ولا لعاب ولا بصاق ولا مخاط، فلما رأى ذلك من نفسه عتا وطغى وتجبر واستعصى وادعى الربوبية من دون الله تعالى ودعا إليه وجوه قومه فكل من أجابه أعطاه وحباه وكساه وخلع عليه، ومن لم يجبه ويتابعه قتله، فأجابوه بأجمعهم فأقاموا في ملكه زمانا يعبدونه من دون الله تعالى، فبينما هو ذات يوم جالس في عيد له على سريره والتاج على رأسه إذ أتى بعض بطارقته فأخبره أن عساكر الفرس قد غشيته يريدون قتله فاغتم لذلك غما شديدا حتى سقط التاج عن رأسه وسقط هو عن سريره، فنظر أحد فتيته الثلاثة الذين كانوا عن يمينه إلى ذلك وكان عاقلا يقال له: تمليخا. فتفكر وتذكر في نفسه وقال: لو كان دقيانوس هذا إلها كما يزعم لما حزن ولما كان ينام ولما كان يبول و يتغوط، وليس هذه الافعال من صفات الاله، وكانت الفتية الستة يكونون كل يوم عند واحد منهم وكان ذلك اليوم نوبة 'تمليخا' فاجتمعوا عنده فأكلوا وشربوا ولم يأكل تمليخا ولم يشرب فقالوا: يا تمليخا مالك لا تأكل ولاتشرب؟ فقال: يا إخواني قد وقع في قلبي شئ منعني عن الطعام والشراب والمنام. فقالوا: وما هو يا تمليخا؟ فقال: أطلت فكري في هذه السماء فقلت: من رفعها سقفا محفوظا بلا علاقة من فوقها ولا دعامة من تحتها؟ وما أجرى فيها شمسها وقمرها؟ ومن زينها بالنجوم؟ ثم أطلت فكري في هذه الارض من سطحها على ظهر اليم الزاخر ومن حبسها وربطها بالجبال الرواسي لئلا تميد، ثم أطلت فكري في نفسي فقلت: من أخرجني جنينا من بطن امي؟ ومن غذاني ورباني؟ إن لهذا صانعا ومدبرا سوى دقيانوس الملك، فانكبت الفتية على رجليه يقبلونهما وقالوا: يا تمليخا لقد وقع في قلوبنا ما وقع في قلبك، فأشر علينا. فقال: يا إخواني ما أجد لي ولكم حيلة إلا الهرب من هذا الجبار إلى ملك السماوات والارض. فقال: ألرأي مارأيت فوثب تمليخا فابتاع تمرا بثلاثة دراهم وسرها في ردائه وركبوا خيولهم وخرجوا فلما ساروا قدر ثلاثة أميال من المدينة قال لهم تمليخا: يا إخوتاه قد ذهب عنا ملك الدنيا وزال عنا أمره، فانزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم لعل الله يجعل من أمركم فرجا ومخرجا. فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبع فراسخ حتى

/ 42