غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب - جلد 1

عبدالحسین احمد الامینی النجفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا وهو يوم غدير خم لما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي بن أبي طالب فقال: ألست ولي المؤمنين قالوا: بلي يا رسول الله قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. فقال عمر بن الخطاب: بخ بخ لك يابن أبي طالب؟ أصبحت مولاى ومولى كل مسلم فأنزل الله: أليوم أكملت لكم دينكم. ومن صام يوم سبعة وعشرين من رجب، كتب له صيام ستين شهرا وهو أول يوم نزل جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة.

ورواه بطريق آخر عن علي بن سعيد الرملي. وأخرج العاصمي في 'زين الفتى' قال:أخبرنا محمد بن أبي زكريا، أخبرنا أبوإسماعيل بن محمد الفقيه، أخبرنا أبومحمد يحيى بن محمد العلوي الحسيني، أخبرنا إبراهيم بن محمد العامي، أخبرنا حبشون بن موسى البغدادي، حدثنا علي بن سعيد الشامي، حدثنا ضمرة عن إبن شوذب، إلي آخر السند والمتن المذكورين من دون ذكر صوم المبعث.

وأخرجه إبن المغازلي الشافعي في مناقبه عن أبي بكر أحمد بن محمد بن طاوان قال: أخبرنا أبوالحسين أحمد بن الحسين بن السماك، حدثني أبومحمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدثني علي بن سعيد الرملي. إلى آخر السند والمتن. ورواه سبط إبن الجوزي في تذكرته ص 18، والخطيب الخوارزمي في مناقبه ص 94 من طريق الحافظ البيهقي عن الحافظ الحاكم النيسابوري إبن البيع صاحب 'المستدرك' عن أبي يعلى الزبيري عن أبي جعفر أحمد بن عبدالله البزاز عن علي بن سعيد الرملي. إلخ. و شيخ الاسلام الحموينى في 'فرايد السمطين' في الباب الثالث عشر من طريق الحافظ البيهقي.

رجال سند صوم الغدير


1- أبوهريرة أجمع الجمهور على عدالته وثقته فلا نحتاج إلى بسط المقال فيه.

2- شهر بن حوشب الاشعري، عده الحافظ أبونعيم من الاولياء وأفرد له ترجمة ضافية في حليته 6 ص 67 -59، وحكى الذهبي في ميزانه ثناء البخاري عليه، وذكر عن أحمد بن عبدالله العجلي ويحيى وإبن شيبة وأحمد والنسوي ثقته. وترجمه الحافظ

إبن عساكر في تاريخه 6 ص 343 وقال سئل عنه الامام أحمد فقال: ما أحسن حديثه ووثقه وأثنى عليه، وقال مرة: ليس به بأس، وقال العجلي: هو شامي تابعي ثقة، ووثقه يحيى بن معين، وقال يعقوب بن شيبة: هو ثقة على أن بعضهم طعن فيه.

وترجمه إبن حجر في تهذيب التهذيب 4 ص 170 وحكى عن أحمد ثقته وحسن حديثه والثناء عليه، وعن البخاري حسن حديثه وقوة أمره، وعن إبن معين ثقته و ثبته، وعن العجلي ويعقوب والنسوي ثقته، وعن أبي جعفر الطبري انه كان فقيها قارئا عالما. وهناك من ضعفه فهو كما قال أبوالحسن القطان: لم يسمع له حجة. وقد أخرج الحديث عنه البخاري ومسلم والائمة الاربعة الآخرين أرباب الصحاح: الترمذي. أبوداود. النسائي. إبن ماجة.

3- مطر بن طهمان الوراق أبورجاء الخراساني، مولى علي سكن البصرة و أدرك أنس،عده الجافظ أبونعيم من الاولياء وأفرد له ترجمة في حليته 3 ص 75 و روى عن أبي عيسى انه قال: ما رأيت مثل مطر في فقهه وزهده. وترجمه إبن حجر في تهذيبه 10 ص 167 ونقل قول أبي نعيم المذكور، وذكر إبن حبان له في الثقات وعن العجلى صدقه ونفي البأس عنه، وعن البزاز: ليس به بأس رأى أنسا ولا نعلم أحدا يترك حديثه مات 125، وقيل: 129. وقيل: قتله المنصور قرب 140. أخرج عنه الحديث البخاري ومسلم وبقية الائمة الستة أرباب الصحاح.

4- أبوعبدالرحمن بن شوذب، ذكره الحافظ أبونعيم من الاولياء في حليته 6 ص 135 -129، وروى عن كثير بن الوليد إنه قال: كنت إذا رأيت إبن شوذب ذكرت الملائكة. وحكى الجزري في خلاصته ص 170 عن أحمد وإبن معين ثقته. و في تهذيب إبن حجر 5 ص 255 ما ملخصه: سمع الحديث وتفقه كان من الثقات قال سفيان الثوري: كان من ثقات مشايخنا، ونقل إبن خلفون توثيقه عن إبن نمير وغيره. وعن أبي طالب والعجلي وإبن عمار وإبن معين والنسائي: انه ثقة ولد 86 وتوفي 157/156/144. أخرج حديثه الائمة الستة غير مسلم. وصحح حديثه الحاكم في 'المستدرك' ولذهبي في تلخيصه.

5- ضمرة بن ربيعة القرشي أبوعبدالله الدمشقي المتوفى 202/200/182

ترجمه الجافظ إبن عساكر في تاريخه 7 ص 36 وحكى عن أحمد انه قال: بلغني انه كان شيخا صالحا. وقال لما سئل عنه: ذلك الثقة المأمون رجل صالح مليح الحديث ونقل عن إبن معين ثقته. وعن إبن سعد: كان ثقة مأمونا خيرا لم يكن هناك أفضل منه. وعن إبن يونس: كان فقيها في زمانه. وذكر الجزرى في خلاصته ص 150 ثقته عن أحمد والنسائي وإبن معين وإبن سعد. وفي تهذيب إبن حجر ما ملخصه: عن أحمد:رجل صالح الحديث من الثقات المأمونين لم يكن بالشام رجل يشهبه، وعن إبن معين والنسائي وإبن حبان والعجلي: ثقة. وعن أبي حاتم: صالح. وعن إبن سعد وإبن يونس ما مر عنهما. أخرج الحديث من طريقه الائمة أرباب الصحاح غير مسلم وصحح حديثه الحاكم في 'المستدرك' والذهبي في تلخيصه.

6- أبونصر علي بن سعيد أبي حملة الرملي المتوفى 216 كذا أرخه البخاري، وثقه الذهبي في 'ميزان الاعتدال' 2 ص 224 وقال: ما علمت به بأسا ولا رأيت أحدا إلى الآن تكلم فيه، وهو صالح الامر، ولم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة مع ثقته. وترجمه بعنوان علي بن سعيد ايضا وقال: يثبت في أمره كأنه صدوق. واختار إبن حجر ثقته في لسانه 4 ص 227 وأورد على الذهبي وقال: إذا كان ثقة ولم يتكلم فيه أحد فكيف تذكره في الضعفاء؟.

7- أبونصر حبشون بن موسى بن أيوب الخلال المتوفى 331، ترجمه الخطيب البغدادي في تاريخه 8 ص 291 -289 وقال: كان ثقة يسكن باب البصرة 'من بغداد'وحكى عن الحافظ الدارقطني: أنه صدوق.

8- ألحافظ علي بن عمر أبوالحسن البغدادي الشهير بدارقطني صاحب السنن المتوفى 385، ترجمه الخطيب البغدادي في تاريخه 12 ص 40 -34 وقال: كان فريد عصره، وقريع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته، إنتهى اليه علم الاثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال وأحوال الرواة مع الصدق والامانة والفقه والعدالة وقبول الشهادة وصحة الاعتقاد وسلامة المذهب والاضطلاع بعلوم سوى علم الحديث وحكى عن أبي الطيب طاهر بن عبدالله الطبري انه قال: كان الدارقطني أميرالمؤمنين في الحديث، وما رأيت حافظا ورد بغداد إلا مضى إليه وسلم له، يعني: فسلم له التقدمة

في الحفظ وعلو المنزلة في العلم. ثم بسط القول في ترجمته والثناء عليه.

وترجمه إبن خلكان في تاريخه 1 ص 359 وأثنى عليه. والذهبي في تذكرته 3 ص 203-199 وقال: قال الحاكم: صار الدارقطني أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع، وإماما في القراء والنحويين، وأقمت في سنة سبع وستين ببغداد أربعة أشهر وكثر إجتماعنا فصادفته فوق ما وصف لي، وسألته عن العلل والشيوخ، وله مصنفات يطول ذكرها فأشهد أنه لم يخلف على أديم الارض مثله. إلخ.

وهناك توجد في كثير من المعاجم جمل الثناء عليه في تراجم ضافية لا نطيل بذكرها المقام، ولقد أطلنا القول في إسناد هذا الحديث لان نوقفك على مكانته من الصحة وان رجاله كلهم ثقات، وبلغت ثقتهم من الوضوح حدا لا يسع معه أي محور للقول أو متمحل في الجدل أن يغمز فيها، فتلك معاجم الرجال حافلة بوصفهم بكل جميل. على ان ما فيه من نزول الآية الكريمة "أليوم أكملت لكم دينكم" يوم غدير خم معتضد بكل ما أسلفناه من الاحاديث الناصة بذلك، وفي رواتها مثل الطبري وإبن مردويه وأبي نعيم والخطيب والسجستاني وابن عساكر والحسكاني وأضرابهم من الائمة والحفاظ راجع ص 238 -230.

فإذا وضح لديك ذلك فهلم معي إلى ما يتعقبه إبن كثير

___________________________________

قلد الذهبى في قوله هذا كما يظهر من تاريخه 5 ص 214.] هذا الحديث، ويحسب انه حديث منكر بل كذب لما روي من نزول الآية يوم عرفة من حجة الوداع، وإن تعجب فعجب أن يجزم جازم بمنكرية أحد الفريقين في الروايات المتعارضة وهما متكافئان في الصحة، فليت شعري أي مرجح في الكفة المقابلة لحديثنا بالصحة وما المطفف في الميزان في كفة هذا الحديث؟ مع إمكان معارضة إبن كثير بمثل قوله في الجانب الآخر لمخالفته لما أثبتناه من نزول الآية الكريمة، وهل لمزعمة إبن كثير مبرر؟ غير انه يهوي أن يزحزح القران الكريم عن هذا النبأ العظيم، وإلا لكان في وسعه أن يقول كما قال سبط إبن الجوزي في تذكرته ص 18: بإمكان نزولها مرتين كما وقع في البسملة وآيات اخرى قدمنا ذكرها ص 257.

نقد على ابن كثير حول صوم الغدير


ولابن كثير في تاريخه 5 ص 214 شبهة اخرى في تدعيم إنكاره للحديث، وهو:

حسبان أن ما فيه من أن صوم يوم الغدير يعدل ستين شهرا يستدعي تفضيل المستحب على الواجب، لان الوارد في صوم شهر رمضان كله انه يقابل بعشرة أشهر، وهذا منكر من القول باطل. اه.

ويقال في دحض هذه المزعمة بالنقض تارة وبالحل اخرى، أما النقض فبما جاء من أحاديث جمة لا يسعنا ذكر كلها بل جلها

___________________________________

راجع نزهة المجالس 1 ص 158-151 و 176 -167.] ونقتصر منها بعدة أحاديث وهي:

1- حديث من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر. أخرجه مسلم بعدة طرق في صحيحه 1 ص 323، وأبوداود في سننه 1 ص 381، وإبن ماجة في سننه 1 ص 524، والدارمي في سننه 2 ص 21، وأحمد في مسنده 5 ص 417 و 419، وإبن الديبع في تيسير الوصول 2 ص 329 نقلا عن الترمذي ومسلم: وعليه أسند قوله كل من ذهب إلى استحباب صوم هذه الايام الستة.

2- حديث من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة. أخرجه إبن ماجة في سننه 1 ص 524، والدارمي في سننه 2 ص 21، وأحمد في مسنده 3 ص 308 و 324 و 344 وج 5 ص 280، والنسائي وإبن حبان في سننهما وصححه السيوطي في الجامع الصغير 2 ص 79.

3- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام الايام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة و خمس عشرة ويقول: هو كصوم الدهر أو كهيئة الدهر. أخرجه إبن ماجة في سننه 1 ص 522، والدارمي في سننه 2 ص 19.

4- ما من أيام الدنيا أيام أحب إلى الله سبحانه أن يتعبد له فيها من أيام العشر "في ذي الحجة" وإن صيام يوم فيها ليعدل صيام سنة وليلة فيها بليلة القدر. أخرجه إبن ماجة في سننه 1 ص 527، والغزالي في إحياء العلوم 1 ص 227 وفيه: من صام ثلاثة أيام من شهر حرام: الخميس والجمعة والسبت كتب الله له بكل يوم عبادة تسعمائة عام.

م 5- عن أنس بن مالك قال: كان يقال في إيام العشر بكل يوم ألف يوم، ويوم عرفة عشرة آلاف يوم. قال: يعني في الفضل. أخرجه المنذري في 'الترغيب والترهيب'

2 ص 66 نقلا عن البيهقي والاصبهاني.

6- صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وإفطاره. أخرجه أحمد في مسنده 5 ص 34، وإبن حبان في صحيحه، وصححه السيوطي في الجامع الصغير 2 ص 78، وأخرجه النسائى وأبويعلى في مسنده والبيهقي عن جرير بلفظ: صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر. كما في الجامع الصغير 2 ص 78. وأخرج الترمذي والنسائي كما في تيسير الوصول 2 ص 330: من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر. فأنزل الله تعالى تصديق ذلك في كتابه: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها. أليوم بعشرة أيام. وأخرجه بلفظ يقرب من هذا مسلم في صحيحه 1 ص 319 و 321، وأخرج النسائي من حديث جرير: صيام ثلاثة أيام من كل شهر كصيام الدهر ثلاث أيام البيض م و أخرجه الحافظ المنذري في 'الترغيب والترهيب' 2 ص 33". وذكره إبن حجر في 'سبل السلام' 2 ص 234 وصححه.

7- صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم. أخرجه إبن حبان عن عايشة كما في 'الجامع الصغير' 2 ص 78، م- وأخرجه الطبراني في الاسط والبيهقي كما في 'الترغيب و والترهيب' 2 ص 27 و 66.م

8- عن عبدالله بن عمر قال: كنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعدل صوم يوم عرفة بسنتين. رواه الطبراني في الاوسط، وهو عند النسائي بلفظ: سنة. كما في الترغيب والترهيب 2 ص 27.

9- من صام يوم سبع وعشرين من رجب كتب الله تعالى له صيام ستين شهرا. أخرجه الحافظ الدمياطي

___________________________________

قال الذهبى في تذكرته 4 ص 268: شيخنا الامام العلامة الحافظ الحجة الفقيه النسابة شيخ المحدثين شرف الدين ابومحمد عبدالمؤمن الدمياطى الشافعى. ثم اكثر في الثناء عليه وقال: توفى 705.] في سيرته كما في 'السيرة الحلبية' 1 ص 254، ورواه الصفوري في 'نزهة المجالس' 1 ص 154.

10- عن أبي هريرة وسلمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن في رجب يوما وليلة من صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة كان له من الاجر كمن صام مائة سنة وقامها وهي:

لثلاث بقين من رجب. رواه الشيخ عبدالقادر الجيلاني في 'غنية الطالبين' كما في 'نزهة المجالس' للصفوري 1 ص 154.

11- شهر رجب شهر عظيم من صام منه يوما كتب الله له صوم ثلاثة آلاف سنة. رواه الكيلاني في غنبته كما في 'نزهة المجالس' للصفوري 153.

12- من صام يوم عاشوراء فكأنما صام الدهر كله، مكتوب في التوراة. ذكره الصفوري في نزهته 1 ص 174.

م 13- من صام يوما من المحرم فله بكل يوم ثلاثون يوما. رواه الطبراني في الصغير كما ذكره الحافظ المنذرى فى 'الترغيب والرهيب' 2 ص 28.

"وأما الحل" فليس عندنا أصل مسلم يركن إليه في لزوم زيادة أجر الفرائض

على المثوبة في المستحبات، بل أمثال الاحاديث السابقة في النقض ترشدنا إلى إمكان العكس بل وقوعه، وتؤكد ذلك ألاحاديث الواردة في غير الصيام من الاعمال المرغب فيها.

على أن المثوبة واقعة تجاه حقايق الاعمال ومقتضياتها الطبيعية، لا ما يعروها من عوارض كالوجوب والندب حسب المصالح المقترنة بها، فليس من المستحيل أن يكون في طبع المندوب في ماهيات مختلفة، أو بحسب المقارنات المحتفة به في المتحدة منها، ما يوجب المزيد له.

ويقال في المقام: إن ترتب المثوبة على العمل إنما هو بمقدار كشفه عن حقيقة الايمان، وتوغله في نفس العبد، ومما لا شك فيه أن الاتيان بما هو زايد على الوظايف المقررة من الواجبات وترك المحرمات من المستحبات والتجنب عن المكروهات أكشف عن ثبات العبد في مقام الامتثال، وخضوعه لمولاه، وحبه له، وبه يكمل الايمان، ولم يزل العبد يتقرب به إلى المولى سبحانه حتى أحبه كما ورد فيما أخرجه البخاري في صحيحه 9 ص 214 عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عزوجل قال: ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى احبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده الذي يبطش بها، ورجله التي

يمشي بها، ألحديث

___________________________________

وأخرجه البيهقى في الاسماء والصفات ص 416، والذهبي في ميزانه 1 ص 301.]

بل من الممكن أن يقال: انه ليس في نواميس العدل ما يحتم ترتيب أجر على إقامة الواجب وترك المحرم، زايدا على ما منح به من الحيات والعقل والعافية ومأن الحيات، ومعدات العمل، والنجاة من النار في الآخرة، بل إن كلا من هاتيك النعم الجزيلة يصغر عنه صالحات العبد جمعاء وليس هناك إلا الفضل.

وهذا الذي يستفاد من غير واحد من آيات الكتاب العزيز نظير قوله تعالى: إن المتقين في مقام أمين، في جنات وعيون، يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين، كذلك وزوجناهم بحور عين، يدعون فيها بكل فاكهة آمنين، لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى ووقاهم عذاب الجحيم، فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم 'سورة الدخان' فكل ما هناك من النعيم والمثوبات إنما هو بفضله و إحسانه سبحانه وتعالى.

قال الفخر الرازي في تفسيره 7 ص 459: إحتج أصحابنا بهذه الآية على أن الثواب يحصل تفضلا من الله تعالى لا بطريق الاستحقاق لانه تعالى لما عد أقسام ثواب المتقين بين انها بأسرها إنما حصلت على سبيل الفضل والاحسان من الله تعالى ثم قال تعالى: ذلك هو الفوز العظيم. واحتج أصحابنا بهذه الآية على أن التفضيل أعلى درجة من الثواب المستحق فإنه تعالى وصفه بكونه فضلا من الله ثم وصف الفضل من الله بكونه فوزا عظيما، ويدل عليه ايضا، ان الملك العظيم إذا أعطى الاجير اجرته ثم خلع على إنسان آخر فإن تلك الخلعة أعلى حالا من إعطاء تلك الاجرة: إنتهي.

وقال إبن كثير نفسه في الآية الشريفة في تفسيره 4 ص 147: ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: إعملوا وسددوا وقاربوا وإعلموا ان أحدا لن يدخله عمله ألجنة. قالوا: ولا أنت يارسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل. إنتهى.

وبوسعك إستشعار هذا المعنى من الصحيح الذي أخرجه البخاري في صحيحه

4 ص 264 عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا. وأنت جد عليم بان هذا المقدار من الحق الثابت على الله للعباد إنما هو بتقرير العقل السليم، و أما الزايد عليه من النعيم الساكت عنه نبي البيان فليس إلا الفضل والاحسان من المولى سبحانه.

وأنت تجد في معاملات الدول مع أفراد الموظفين انه ليس بإزاء واجباتهم وعدم الخيانة فيها من الاجر إلا الرتبة والراتب، وإنما يحظى أحدهم بترفيع في المرتبة أو زيادة في الرتبة بخدمة زايدة على مقرراتها عليهم، وليس في الناس من ينقم على الحكومات ذلك، وهذه الحالة عينا جارية بين الموالي والعبيد، وهي من الارتكازات المرتسخة في نفسيات البشر كلهم، غير ان الله سبحانه بفضله المتواصل يثيب العاملين بواجبهم باجور جزيلة.

كلمة الأمام زين العابدين


وهيهنا كلمة قدسية لسيدنا ومولانا زين العابدين الامام الطاهر علي بن الحسين صلوات الله عليهما وآلهما لا منتدح عن إثباتها، وهي قوله في دعائه إذا إعترف بالتقصير عن تأدية الشكر من صحيفته الشريفة:

أللهم؟ إن أحدا لا يبلغ من شكرك غاية إلا حصل عليه من إحسانك ما يلزمه شكرا،ولا يبلغ مبلغا من طاعتك وإن اجتهد إلا كان مقصرا دون إستحقاقك بفضلك، فأشكر عبادك عاجز عن شكرك وأعبدهم مقصر عن طاعتك، لا يجب لاحد أن تغفر له بإستحقاقه، ولا أن ترضى عنه باستيجابه، فمن غفرت له فبطولك، ومن رضيت عنه فبفضلك، تشكر يسير ما شكرت به، وتثيب على قليل ما تطاع فيه، حتى كأن شكر عبادك الذي أوجبت عليهم ثوابهم، وأعظمت عنه جزائهم، أمر ملكوا إستطاعة الامتناع منه دونك فكافيتهم، أو لم يكن سببه بيدك فجازيتهم، بل ملكت ياإلهي أمرهم قبل أن يملكوا عبادتك، وأعددت ثوابهم قبل أن يفيضوا في طاعتك، وذلك أن سنتك الافضال، وعادتك الاحسان، وسبيلك العفو، فكل البرية معترفة بأنك غير ظالم لمن عاقبت، وشاهدة بانك متفضل على من عافيت، وكل مقر على نفسه بالتقصير عما إستوجبت، فلو ان الشيطان يختدعهم عن طاعتك، ما عصاك عاص، ولولا أنه صور لهم الباطل في مثال الحق، ما ضل عن

طريقك ضال، فسبحانك ما أبين كرمك في معاملة من أطاعك أو عصاك، تشكر للمطيع ما أنت توليته له، وتملي للعاصي فيما تملك معاجلته فيه، أعطيت كلا منهما ما لم يجب له، وتفضلت على كل منهما بما يقصر عمله عنه، ولو كافأت المطيع على ما أنت توليته لاوشك أن يفقد ثوابك، وأن تزول عنه نعمتك، ولكنك بكرمك جازيته على المدة القصيرة الفانية بالمدة الطويلة الخالدة، وعلى الغاية القريبة الزائلة بالغاية المديدة الباقية.

ثم لم تسمه القصاص فيما أكل من رزقك الذي يقوى به على طاعتك، ولم تحمله على المناقشات في الآلات التي تسبب بإستعمالها إلى مغفرتك، ولو فعلت ذلك به لذهب بجميع ما كدح له، وجملة ما سعى فيه، جزاء للصغرى من أياديك ومننك، ولبقي رهينا بين يديك بسائر نعمك، فمتى كان يستحق شيئا من ثوابك لامتى؟ إلخ.

وفي يوم الغدير صلاة ألف فيها أبوالنضر العياشي، والصابوني المصري كتابا مفردا، راجع فيها وفي الادعية المأثورة يوم ذاك إلى التآليف المعدة لها.

هذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه

واتقوا لعلكم ترحمون

'ألانعام 155'

/ 42