لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء - نسخه متنی

محمد علی بن احمد القراچه داغی التبریزی الانصاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




و قد يطلق النور الأخضر على نور النفس أيضاً، و هذا أيضاً صحيح باعتبار طرفها الأسفل الناظر إلى الطبيعة التي هي جبل القاف المحيط بالدنيا، و هو من زمرّدة خضراء منه اخضرّت سماوات النفوس الكلّيّة، و انتقال نور فاطمة (عليهاالسّلام) إلى الحسن و الحسين (عليهماالسّلام)، ثمّ الأئمّة من ولد الحسين، إنّما هو عبارة عن ظهور آثاره فيهم (عليهم السّلام) من حيث المضهريّة، فزال عنها (عليهاالسّلام) صفة المظهريّة لهذه الأنوار الفائضة، و ليس المراد انّها صارت خالية من هذا النور بالمرّة.


و أمَّا تنوّر أهل السماء بنورها، فلأنّ الكدورات الدنيويّة قد غلبت على أهل الأرض بالكلّية، فلا يستضيئون بنورها بل هم منها عمون، بخلاف أهل السماوات فإنّهم عن الكدورات الدنيويّة منزّهون، فبنورها (عليهاالسّلام) يستضيئون سواء كانوا أهل السماوات الظاهريّة أو السماوات الباطنيّة، أي سماوات العوالم العالية الغير الجسمانيّة، فإنّ للباطن أيضاً سماوات كما للظاهر.


و هذا التنوير على نحو الكمال إنّما هو من حيث باطن المعصومين، فوجههم بالحقيقة إلى العوالم الباطنيّة، و هي السماوات الأصليّة، و ظاهرهم إلى أعلى هذا العالم بمنزلة الظهر، كما ورد أنّ ظهر الشمس إلى أهل الأرضين، و وجهها إلى فوق


[راجع البحار 58: 141 ح1، وفيه: «إنّ وجهها لأهل السماء و قفاها لأهل الأرض».]


فإذا كان يوم القيامة جعل وجه الشمس إلى الناس بعكس هذه الحالة، و ذلك بترقّي النّاس إلى السماوات الأصليّة أي إلى العوالم


[كذا الظاهر، و في الأصل بياض.] العالية التي منها نزلوا و إليها يصعدون، إنّا للَّه و إنّا إليه راجعون، إذ ما من أمر إلّا و له أصل و فصل، و كلّ شي ء يرجح إلى أصله و ينصرف إلى محلّه و فصله.




  • فرقتي لو لم تكن في ذا السكون
    راجع آن باشد كه باز آيد به شهر
    سوى وحدت آيد از تفريق دهر



  • لم يقل إنّا إليه راجعون
    سوى وحدت آيد از تفريق دهر
    سوى وحدت آيد از تفريق دهر




و لمّا كان توجّه النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) غالباً إلى إرشاد الاُمّة و الهداية المتحقّقة منه (صلّى اللَّه عليه و آله) بالنسبة إليهم بعد البعثة، لم يفد إلّا تنوير ظاهر المكلّفين في هذه النشأة، فبظهور نور ولاية أميرالمؤمنين (عليه السّلام) زادت النوريّة، فصارت سارية إلى البواطن أيضاً لكن إلى نهاية محدودة.


ثمّ تعمّق إلى عالم الباطن بتوجّه فاطمة (عليهاالسّلام)، و معرفة النّاس إيّاها، ثمّ بتوجّه الحسن (عليه السّلام) إليهم، ثمّ بتوجّه الحسين (عليه السّلام) مجدّاً في إنقاذ الاُمّة، فيصحّ أن يقع ذكر خلق السماوات و الأرض و ما فوقهما إلى منتهى العوالم العالية بعكس التدريج الأصلي، كما وقع في الخبر الأخير المرويّ عن عبد اللَّه بن مسعود.


و بعبارة اُخرى انّ هذا الترتيب المذكور في هذه الرواية إنّما هو باعتبار القوس الصعودي في مقام (أقبل فأقبل) لا النزولي في مقام (أدبر فأدبر) فتبصّر و تدبّر.


الأخبار في تسميتها بالانسيّة الحوراء



و منها الإنسيّة الحوراء، و قد ورد في التسمية بها أخبار مستفيضة.


منها الخبر عن ابن عباس قال: دخلت عائشة على رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) و هو يقبّل فاطمة (عليهاالسّلام)، فقالت له: أتحبّها يا رسول اللَّه؟ قال (صلّى اللَّه عليه و آله): أما و اللَّه لو علمت حبّي لها لازددتِ لها حبّاً، انّه لما عرج بي إلى السماء الرابعة أذّن جبرئيل و أقام ميكائيل، ثمَّ قال لي: اُدن يا محمَّد، فقلت: أتقدّم و أنت بحضرتي يا جبرئيل.


قال: نعم، إنّ اللَّه عزّوجلّ فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين، و فضّلك أنت خاصّة عليهم، فدنوتُ و صلّيتُ بأهل السماء الرابعة، ثمَّ التفتُّ عن يميني فإذا أنا بإبراهيم في روضة من رياض الجنّة، و قد اكتنفها جماعة من الملائكة.


ثمَّ إنّي سرت إلى السماء الخامسة، و منها إلى السادسة، فنوديت: يا محمّد، نعم الأب أبوك إبراهيم، و نعم الأخ أخوك عليّ، فلمّا صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل


بيدي فأدخلني الجنّة، فإذا أنا بشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان له الحلل و الحلّي، فقلت: حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة؟ فقال: هذه لأخيك عليّ بن أبي طالب، و هذان الملكان يطويان له الحلّي و الحلل إلى يوم القيامة.


ثمَّ تقدّمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد، و أطيب رائحة من المسك، و أحلى من العسل، فأخذت برطبة فأكلتها فتحوّلت الرطبة نطفة في صلبي، فلمّا أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة، فحملت بفاطمة، ففاطمة (عليهاالسّلام) حوراء انسيّة، فإذا اشتقتُ إلى الجنّة شممت رائحة فاطمة


[علل الشرائع: 183 ح 2 باب 147، عنه البحار 43: 5 ح 5، و العوالم 11: 34 ح 1، و نحوه في تفسير فرات الكوفي: 75 ح 49، و كشف الغمة 2: 86.]


و في خبر آخر انّه قال (صلّى اللَّه عليه و آله): دخلت الجنّة في ليلة الاسراء، فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى و ناولني من ثمارها، فأكلته فحوّل اللَّه ذلك ماء في ظهري خلق منه فاطمة، فما قبّلتها قطّ إلّا وجدت رائحة شجرة طوبى منها


[راجع تفسير القمّي 1: 365/ سورة الرعد، عنه البحار 6:43 ح 6، و العوالم 11: 40 ح 16.]


و عن الصادق (عليه السّلام)، عن آبائه، قال: قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): خلق اللَّه نور فاطمة قبل أن يخلق الأرض و السماء، فقال بعض الناس: يا نبيّ اللَّه فليست هي انسيّة؟ فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): فاطمة حوراء انسيّة، قالوا: يا نبيّ اللَّه و كيف هي حوراء انسيّة؟.


قال (صلّى اللَّه عليه و آله): خلق اللَّه عزّوجلّ إيّاها من نوره قبل أن يخلق آدم (عليه السّلام)، إذ كانت الأرواح، فلمّا خلق اللَّه آدم عرضت على آدم، قيل: يا نبيّ اللَّه و أين كانت فاطمة؟ قال: كانت في حقّة تحت ساق العرش، قالوا: يا نبيّ اللَّه فما كان طعامها؟.


قال (صلّى اللَّه عليه و آله): التسبيح و التهليل و التمجيد، فلمّا خلق اللَّه عزّوجلّ آدم (عليه السّلام) و أخرجني من صلبه، و أراد اللَّه عزّوجلّ أن يخرجها من صلبي جعلها تفّاحة في الجنّة، و أتاني بها جبرئيل فقال لي: السلام عليك و رحمة اللَّه


و بركاته يا محمّد، قلت: و عليك السّلام و رحمة اللَّه حبيبي جبرئيل، فقال: يا محمّد إنّ ربّك يقرئك السّلام، قلت: منه السّلام و إليه يعود السّلام، قال: يا محمّد إنّ هذه تفّاحة أهداها اللَّه عزّوجلّ إليك من الجنّة.


فأخذتها و ضممتها إلى صدري، قال: يا محمّد يقول اللَّه جلّ جلاله: كلها، ففلقتها فرأيت نوراً ساطعاً و فزعت منه، فقال: يا محمّد مالك لا تأكلها؟ كلها و لا تخف فإنّ ذلك النور للمنصورة في السماء، و هي في الأرض فاطمة.


قلت: حبيبي جبرئيل و لم سمّيت في السماء المنصورة و في الأرض فاطمة؟ قال: لأنّها تفطم شيعتها من النار و أعداءها عن حبّها، و هي في السّماء المنصورة، و ذلك قوله تعالى: «و يومئذٍ يفرح المؤمنون- بنصر اللَّه ينصر من يشاء»


[الروم: 4 و 5.] يعني نصر فاطمة لمحبّيها


[معاني الأخبار: 396 ح 53، عنه البحار 43: 4 ح 3، و العوالم 11: 39 ح 15، و تفسير البرهان 3: 258 ح 6.]


و في حديث طويل في البحار عن عمّار، قال: شهدت عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) و قد ولج فاطمة- و ساق الحديث في مكالمة عليّ معها إلى أن قال:- فقالت فاطمة لعليّ: إعلم يا أبا الحسن انّ اللَّه خلق نوري و كان يسبّح اللَّه جلّ جلاله، ثمَّ أودعه بشجرة من شجرة الجنّة فأضاءت، فلمّا دخل أبي الجنّة أومأ اللَّه إليه إلهاماً أن اقتطف الثمرة من تلك الشجرة، و أدرها في لهواتك ففعل، فأودعني اللَّه سبحانه صلب أبي، ثمّ أودعني خديجة بنت خويلد، فوضعتني و أنا من ذلك النور، أعلم ما كان و ما يكون و ما لم يكن، يا أبا الحسن المؤمن ينظر بنور اللَّه تعالى


[البحار 43: 8 ح 11، و العوالم 11: 18 ح 1 عن عيون المعجزات: 57.]


و عن الصّادق (عليه السّلام)، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): معاشر النّاس خلقت فاطمة حوراء انسيّة لا انسيّة، خلقت


من عرق جبرئيل و من زغبه، قالوا: يا رسول اللَّه إستشكل ذلك علينا، تقول حوراء انسيّة لا انسيّة، ثمَّ تقول من عرق جبرئيل و من زغبه؟! قال (صلّى اللَّه عليه و آله): إذاً اُنبئكم، أهدى إليّ ربّي تفّاحة من الجنّة أتاني بها جبرئيل، فضمّها إلى صدره فعرق جبرئيل و عرقت التفاحة، فصار عرقهما شيئاً واحداً، فأمرني بأكلها، ففلقتها فرأيت منها نوراً ساطعاً فزعت من ذلك النور، قال: كُلْ فإنّ ذلك النور نور المنصورة فاطمة.


قلت: يا جبرئيل و من المنصورة؟ قال: جارية تخرج من صلبك، و اسمها في السماء منصورة و في الأرض فاطمة، فقلت: يا جبرئيل و لم سمّيت في السماء بمنصورة و في الأرض فاطمة؟ قال: لأنّها تفطم شيعتها من النار، إلى آخر ما مرّ


[تفسير فرات الكوفي: 321 ح 435، عنه البحار 43: 18 ح 17، و العوالم 11: 86 ح 1.]


بيان: قال الفاضل المجلسي (رحمه اللَّه): و الزغب الشعيرات الصفر على ريش الفرخ، و كونها من زغب جبرئيل امّا لكون التفّاحة فيها و عرقت من بينها، أو لأنّه التصق بها بعض الزغب فأكله النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله)، إنتهى


[البحار 43: 18، ذيل حديث 17.]


و يمكن أن يكون المراد أنّ التفّاحة المهداة من الجنّة إلى النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله)، هو نور فاطمة (عليهاالسّلام) أهدي إلى النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) في عالم البشريّة ليظهر من صلبه في صورة البشر في هذه النشأة، كما كان ذلك مقتضى طبعها في أصل الخلقة، و هذه التفاحة يعبّر عنها في بعض الأخبار برطب شجرة رآها النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) في الجنّة، أو بثمرة شجرة طوبى، أو غير ذلك.


و المراد في الجميع واحد، و إنّما اختلفت العبارات للإشارة إلى خواصّها الباطنيّة و الظاهريّة، كتقوية قلوب الشيعة، و دفع رطوبات عالم الطبيعة و غير ذلك، و جبرئيل ملك الخلقة، و هو في الباطن مرتبة من مراتب عقل النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) أي الحقيقة المحمّديّة، و الزغب هو الريش الصغار، و الريش


سبب قوّة الطائر في الطيران، و اختلاط زغب جبرئيل للتفاحة مع عرقه الذي هو العصارة إشارة إلى تعلّق الخلقة بها خلقة كاملة، يظهر بها في فاطمة (عليهاالسّلام) آثار نور الحقيقة المحمّديّة، فتكون حوراء من جنس الحور التي هي من مكان الجنّة، و لكن ظهرت في الصورة الإنسانيّة بمقتضى البشريّة، فتكون حوراء إنسيّة لا إنسيّة حقيقة.


و المراد من كونها حوراء أنّها ليست بانسيّة، و إن كانت انسيّة في الصورة لا أنّها من جنس حور الجنّة، فإنّ الحور من جنس الملائكة أي من تلك الطينة، و فاطمة (عليهاالسّلام) ليست من هذه الطبيعة، فكونها حوراء بين الحور العين من أهل الجنّة نظير كونها بشراً بين الأفراد البشريّة، فهي منها في الصورة لا الحقيقة، و إن كان الملك أيضاً جوهراً مجرّداً نورانياً، يتشكّل بأشكال مختلفة حسنة لقوّة الروحانيّة، لكن:




  • فرق دارد آن سكون با اين سكون
    اشتباهى هست لفظى در ميان
    ليك خود كو ز آسمان تا ريسمان



  • گرچه نام هر دو باشد يك سخن
    ليك خود كو ز آسمان تا ريسمان
    ليك خود كو ز آسمان تا ريسمان




و أصل الحور العين من طبيعة الملك في كونها نوريّة محضة، إلّا أنّ الملائكة ليست بحالة الذكوريّة و الأنوثيّة، بخلاف الحور المراد بها في أغلب الموارد من هي في صورة النسوة، فإنّها مؤنّثة مثل مؤنّث الطائفة البشرية.


و لا يخفى أنّ الحور جمع الأحور و الحوراء، و العين جمع الأعين و العيناء، و المراد بالحور العين في أغلب الموارد هو جمع المؤنّث، و قد يستشكل في قولهم (عليهم السّلام) في الأدعية: «و زوّجني من الحور العين» أنّه لو قرأ هذا الدعاء طائفة الاناث فما معناه؟ فيقال: إنّ المرأة الداعية بذلك تقصد الحور العين جمع المذكّر، و غفل بعضهم عن ذلك فقال: إنّ هذا الدعاء مخصوص بقراءة المذكّر، توهّماً أنّ الحور العين مخصوص بالمؤنّث، و ليس كذلك فتأمّل.


الفرق بين الملك و الجنّ و الشيطان



و أمَّا الجنّ و الشياطين فلهما مذكّر و مؤنّث البتة، و هل توالدهما و تناسلهما






على نحوما تقرّر في نوع البشر، أو انّهما تبيضان و تفرخان كالطيور، أو بسحق الأرجل بعضها ببعض، أو بنحو آخر؟ وجوه محتملة ليس في تحقيقها كثير فائدة، لكنّ اللّازم هنا هو بيان الفرق في الجملة بين البشر و الملك، و الجنّ و الشيطان من حيث الجنس و الطبيعة.


و هو أنّ البشريّة مستلزمة للكثافة الجسميّة بخلاف البواقي، فإنّها إمّا أجسام لطيفة، أو أرواح لطيفة متعلّقة بالقوالب المثاليّة، و الملك من بينها نوريّ صرف، كما أنّ الشيطان ناريّ محض، و الجنّ مركّب من القوّتين النوريّة و الناريّة، فلا يكون الملائكة إلّا كراماً بررة، و لا الشياطين إلّا لئاماً، و الجنّ يكون منه أبرار و منه أشرار كما في نوع الإنسان.


فباطن الإنسان كالجنّ مركّب من القوّتين النوريّة الملكيّة العقلانيّة و الناريّة الشيطانيّة الوهميّة، مع زيادة قوّتين هما من لوازم القوّة الشيطانيّة، و هما: الشهويّة البهيميّة و الغضبيّة السبعيّة.


و الجن إذا غلب ناريّته كان من الشيطان، و إذا غلب نوريّته كان من الملائكة، نظير الإنسان لكن مع حصول فضيلة كاملة من جهة تغليب القوّة العاقلة على الوهميّة و بالعكس، فيكون أفضل من الملائكة أو أشرّ من الشيطان.


و إبليس كان من الجنّ، كما في صريح الآية: «فسجدوا إلّا إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه»


[الكهف: 50.] و من جهة شرارته سمّى بالشيطان فيسمّى أولاده أيضاً شياطين، و يطلق على شرير الإنسان أيضاً أنّه شيطان، قال تعالى: «و كذلك جعلنا لكلّ نبيّ عدوّاً شياطين الإنس و الجنّ يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً»


[الأنعام: 112.]


و أمَّا قوله تعالى: «فسجد الملائكة كلّهم أجمعون- إلّا إبليس»


[الحجر: 30- 31.] فالاستثناء منقطع كما قيل، أو متصل باعتبار لحوق إبليس بالملائكة و دخوله فيهم في


الصورة، و قيل: ليس الشيطان نوعاً على حدة و إنّما هم أشرار الجنّ، و على الوجهين يكون بين الملك و الجنّ مباينة من حيث الطبيعة.


و قيل: الجنّ هم الروحانيّون المستترون من الحواس مطلقاً في مقابل الإنس، فيدخل فيه الملائكة و الشياطين، فيكون بينهما العموم المطلق، و ينقسم إلى أقسام ثلاثة: الأخيار و هم الملائكة، و الأشرار و هم الشياطين، و المختلط الذي منه أشرار و منه أخيار و هم الجنّ بالمعنى الأخص، و هذا قول الجاحظ على ما نقل في بعض شروح قصيدة البردة.


أو ينقسم إلى قسمين: الملائكة و الشياطين، و على المباينة أيضاً قد يُطلق الجنّ على الملائكة لاستتارهم عن الحواس الظاهريّة، و الجنّي منسوب إلى أجنّ و المراد واحد من هذا النوع، فيكون ياء النسبة لافادة معنى الوحدة، كما في نحو روم و زنج و زنجيّ على ما ذكر.


و إنّ الفرق بين إسم الجنس و مفرده يكون بأحد وجوه ثلاثة، إمّا بادخال ياء النسبة على الجنس كما ذكر، أو تاء الوحدة كما في نحو تمر و تمرة، أو حذف التاء كما إذا كان إسم الجنس إسماً له مع التاء، نحو كمأة و كمؤ.


و الجِنّة طائفة الجنّ أيضاً فالتاء للوحدة الجنسيّة، و الجانّ إسم جمع للجنّ، و قال الزمخشري و غيره: إنّ الجانّ أبو الجنّ كآدم أبو البشر، و المراد من أبي الجنّ حينئذٍ قيل إبليس، و قيل غيره و إنّما إبليس أبو الشياطين، و قيل: إنّ الجانّ قوم مخصوص من الإنسان خلقوا قبل آدم (عليه السّلام)، و أصل الجنّ بمعنى الإستتار أو المستتر.


و وضع هذه المادّة مطلقاً- أي الجيم مع النون المشدّدة- بمعنى الإستتار، و منه الجنّ لاستتاره من العيون، و الجنّة للجنّ لاستتار الإنسان به في الحرب، و الجنون لاستتار العقل بسببه، و يقال للجنّ بالفارسيّة: «پري» كما يقال للشيطان بها: «ديو»، و هذا أيضاً يدلّ على المغايرة بين الجنّ و الشيطان و عدم كونهما من واد واحد.


و أصل الشيطان من شطن أي بعد، أو من الشطو بمعنى البعد أيضاً لبعده عن


الحقّ و الرحمة، أو من الشيط بمعنى الإحتراق لكونه مخلوقاً من القوّة الناريّة، أو من الشيط بمعنى الهلاك لهلاكه في نفسه أو إهلاكه الإنسان، و التسمية أيضاً دليل المغايرة.


و الملك أصله (مَلأك) بالإتفاق لقولهم في جمعه: ملائك و ملائكة، و استعمل أصله أيضاً في قوله:




  • فَلَسْتَ بانسيّ و لكن بِمَلْأَكٍ
    تَنَزَّلَ من جوّ السماء يَصُوبُ



  • تَنَزَّلَ من جوّ السماء يَصُوبُ
    تَنَزَّلَ من جوّ السماء يَصُوبُ



[راجع لسان العرب 13: 186/ ملك.



]


ثم قيل أصله مألك من الألوكة بمعنى الرسالة، فقلب قلباً مكانياً و رجّح هذا القول، لقوله تعالى: «جاعل الملائكة رسلاً...»


[فاطر: 1.] و غير ذلك، و قيل: فعال من الملك، و أورد عليه بانّا لا نعرف فيه معنى الملك، و فيه نظر، و قيل: مفعل من اَلْأَكَ أي أرسل، و أورد عليه بانّه مرسَل (بالفتح) لا مرسِل (بالكسر)، و اُجيب بجواز جعله بمعنى موضع الرسالة، أو مصدراً بمعنى المفعول.


و السعلاء و السعلاة (بكسر السين فيهما) قيل: ساحرة الجنّ و يقال لها: الجادو، و المهول، و المهيب، و الجمع: السعالي، و في إطلاق لفظ الساحرة دلالة على انّ من يسحر من الجنّ لا يكون إلّا من طائفة النسوان، كما في الإنسان كذلك غالباً.


و يقال للسعلاة الغول أيضاً، فتتصوّر تلك الساحرة في البوادي، و تتراءَى للناس فتقول للقافلة: ها هو الطريق فتضلّ الناس و توقعهم في الهلكة، و باتصافها بهذه الصفة تسمّى غولاً من الغيلة بمعنى الهلكة، و ذكر بعضهم أنّها تظهر بصورة سوداء طويلة كالنخلة، و قد رأوها غالباً في شطوط البحار و أطراف الجزائر، و انّها تخاف من سمك الجري، و الظاهر أنّ هذا نوع من أنواع الساحرة المذكورة لا أنّها هي مطلقاً.


و بالجملة قال المولوي:





  • بانك غولان هست بانك آشنا
    چون بود آن بانك غول آخر بگو
    از درون خويش اين آوازها
    ذكر حق كن بانك غولان را بسوز
    چشم نرگس را از اين كركس بدوز



  • آشنائى كه كِشد سوى فنا
    مال خواهم جاه خواهم آبرو
    قطع كن تا كشف گردد رازها
    چشم نرگس را از اين كركس بدوز
    چشم نرگس را از اين كركس بدوز




و قال (صلّى اللَّه عليه و آله): إذا تغوّلت الغيلان فبادروا بالأذان


[النهاية 3: 396/ غول، عنه البحار 63: 268.

، فقوله (صلّى اللَّه عليه و آله): (لا غول و لكنّ السعالى)


[النهاية 3: 396/ غول، و في البحار 84: 162.]] إشارة إلى ردّ ما هو مشهور بين العامة من كون الغول من حيوانات البوادي و يتراءَى، حتّى قيل: إنّه قد يأكله الذِئاب، و نقلوا انّ تأبّط شرّاً قد قتل واحداً منه


[راجع القاموس المحيط: 1344/ غول.]، و نحو ذلك.


و قيل: إنّ الغول هي التوهّمات و الخيالات الحاصلة من فعل الواهمة في حال الوحشة إلى غير ذلك، بل أنكر الفلاسفة الجن و الشياطين بالمرة و قالوا: كلّ ما يتوهّم من ذلك فإنّما هي خيالات وهميّة مستندة إلى السوداء و الصفراء، أي إلى غالبتهما.


و قال بعض الفلاسفة: إنّ المراد من الملائكة السماويّة القوى السمائيّة، و من الملائكة الأرضيّة القوى


[كذا الظاهر، و في الأصل: الملائكة الأرضيّة.] الأرضيّة، و ملائكة الإنسان: العقل، و الفكر، و القوى الروحانيّة العلميّة و العمليّة، و شيطانه: النفس الأمّارة و الوهم المسمّى بالوسواس الخناس، و القوى النفسانيّة العلميّة و العمليّة أيضاً، كما قال إمام الحرمين في كتابه الشامل:


«إعلموا رحمكم اللَّه انّ بعض العقلاء أنكروا الملائكة و أوّلوها بالقوى الروحانيّة، و انّ كثيراً من الفلاسفة و جماهير القدريّة و كافة الزنادقة أنكروا الشياطين و الجنّ أصلاً و رأساً، و لا يبعد ذلك ممّن لا يتشبّث بالشريعة، و إنّما


العجب من إنكار القدريّة و معظم أهل الإعتزال ذلك مع تمسكهم بنصوص القرآن و الأخبار، إنتهى».


و بالجملة إنّ الغول هي السعالى، و هي سواحر الجنّ، و الجنّ موجود محقّق على ما دلّ عليه الشرع و أجمع عليه جميع الملّيين، و لكنّهم ممنوعون عن الاضرار بالناس إلّا الغول منهم، فإنّه قد يتلاعب بالإنسان و ينادي في البادية لا ضلال القافلة، لكنّه لا يفعل كذلك إلّا لأرباب الأرواح الخبيثة أو الطبائع الكثيفة، و في خصوص الجانّ و الشياطين مباحث مفصّلة، و هذه جملة تكفي في المرحلة.


في كونها اُمّ أبيها



و منها اُمّ أبيها كما ذكره الفاضل المجلسي (رحمه اللَّه)، و قال: إنّ لها (عليهاالسّلام) خمس كنى هي: اُمّ الحسن، و اُمّ المحسن، و اُمّ الحسين، و اُمّ الأئمّة، و اُمّ أبيها


[البحار 43: 61 ح 15، و العوالم 11: 89 ح 2، عن مناقب ابن شهرآشوب 3: 357/ في حليتها و تواريخها.]، و مرادنا في تعداد بعض أسمائها هنا أعمّ من الإسم و اللقب و الكنية، كما مرّت إليه الإشارة.


و قد روي في مقاتل الطالبيين بإسناده إلى جعفر بن محمّد (عليه السّلام)، عن أبيه: إنّ فاطمة كانت تكنّى اُمّ أبيها


[مقاتل الطالبيين: 57/ ترجمة الإمام الحسن (عليه السّلام)، عنه البحار 43: 19 ح 19، و العوالم 11: 89 ح 1، و نحوه في المناقب لابن المغازلي: 340 ح 392، و الاستيعاب 40: 380 و المعجم الكبير للطبراني 22: 397 ح 985 و الإصابة 4: 377.]، و ذكر في كشف الغمة انّ النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) كان يحبّها و يكنّيها باُمّ أبيها


[كشف الغمة 2: 90.]


و ذكر بعضهم انّ من جملة كناها: اُمّ الخيرة، و اُمّ المؤمنين، و اُمّ الأخيار، و اُمّ الفضائل، و اُمّ الأزهار، و اُمّ العلوم، و اُمّ الكتاب، و عليه أوّل بعضهم قوله تعالى في


كتابه الكريم: «و انّه في اُمّ الكتاب لدينا لعليّ حكيم»


[الزخرف: 4.]


و لا إشكال في الكنى الأخيرة، و إنّما الكلام في بيان معنى الكنية الأولى، و هي أدقّ كناها من حيث المعنى، و الأظهر في توجيهها ما اختاره النوّاب الأشرف الأعلى، و الجناب الأرفع الأسنى، المقتعد على غارب المعالي، و المؤسّس لهذا الأساس العالي، مؤيّد الدولة و الملّة
أدام اللَّه تأييده- و هو انّ النكتة في هذه التكنية انّما هي محض إظهار المحبّة، فإنّ الإنسان إذا أحبّ ولده أو غيره و أراد أن يظهر في حقّه غاية المحبّة، قال: يا أمّاه في خطاب المؤنّث، و يا أباه في خطاب المذكرّ، تنزيلاً لهما بمنزلة الاُمّ و الأب في المحبّة و الحرمة، على ما هو معروف في العرف و العادة.


و يؤيّد ما اختاره المؤيّد الكاشف للغمّة ما ذكر في كشف الغمة في فضل فاطمة (عليهاالسّلام): إنّ النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) كان يحبّها و يكنّيها باُمّ أبيها


[كشف الغمة 2: 90.

، و لا إشكال في صحّة هذا التوجيه، و انّه الوجيه الخالي عن ارتكاب التكلّف في المقام، و كلام الملوك ملوك الكلام.


لكن ذكر الصدوق (رحمه اللَّه) في العلل عن الحسن بن فضّال انّه قال: سألت أبا الحسن (عليه السّلام) فقلت له: لم كنّى النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) بأبي القاسم؟ فقال: لأنّه كان له ابن يقال له (قاسم) فكنّى به، قال: قلت: يا ابن رسول اللَّه فهل تراني أهلاً للزيادة، أو لا تراني أهلاً لما فوق ذلك؟


فقال (عليه السّلام): نعم، أما علمت أنّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) قال: أنا و عليّ أبو ا هذه الاُمّة- بصيغة التثنية في الأب على النسخ المشهورة، و بصيغة المفرد على بعض النسخ- قلت: بلى، قل: أما علمت أنّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) أب لجميع الاُمّة؟ قلت: بلى، قال: أو لم يكن عليّ (عليه السّلام) من جملة اُمّته؟ قلت: بلى، قال (عليه السّلام): أو ليس عليّ (عليه السّلام) قاسم






الجنّة و النار؟ قلت: بلى، قال: فقيل له أبو القاسم، لانّه أبو قاسم الجنّة و النّار


[علل الشرائع: 127 ح 2 باب 106، و معاني الأخبار: 52 ح 3، عنه البحار 16: 95 ح 29.]]، إنتهى.


فعليّ (عليه السّلام) قاسم الجنّة و النار من جهة تميّز المؤمن و غيره بحبّه و بغضه، و إيجاب حبّه دخول الجنّة و بغضه دخول النار، و كونه باباً باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب، و كونه نعمة للأبرار و نقمة على الفجّار، قسيم الجنّة و النّار، بل كون رضوان و مالك خازنهما صادرين عن أمره (عليه السّلام) بأمر القادر المختار فيما يأمره عليّ (عليه السّلام) في خصوص الأبرار و الفجّار، كما نطق به الأخبار، فهو (عليه السّلام) قاسم و النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) أبوه في التربية و التقوية، فيكون (صلّى اللَّه عليه و آله) أبا القاسم بهذا المعنى لتلك النكتة.


فإذا كان نحو هذا الإعتبار وارداً في الأخبار، فيمكن إعتبار مثله أيضاً في المرحلة، بأن يقال: إنّ الاُمّ في اصطلاح أهل الحكمة يُطلق على ما يكون مظهر للشي ء و منشأ له، أو له جهة تقوية و تربية و لو بالنسبة، أو يكون محلّ تفاصيل الاُمور في الجملة، و لذا كان عليّ (عليه السّلام) اُمّ الاُمّة على تقدير التثنية في (أبوا هذه الاُمّة) مع البناء على التغليب كما هو الظاهر على معنى أنا أبو الاُمّة و عليّ اُمّ الاُمّة.


و الاسطقسّات أي العناصر الأربعة اُمّهات المو اليد الثلاثة، فهي امّهات سفليّة كما انّ الأفلاك آباء علويّة، و كذا كان الماهية اُمّ الوجود لكونها مظهره و متعلّقه، إلى غير ذلك.


و لمّا كانت فاطمة الزّهراء (عليهاالسّلام) في الدائرة العليا مظهر آثار تلك الأنوار العالية، و محلّ تفاصيل الآثار العلويّة، صارت اُمّاً بالنسبة إليها في هذه الدورة، لأنّ أوّل ما خلق اللَّه هو الحقيقة المحمديّة، كما تقرّر في الأخبار المرويّة، و هي مظهر الفيوضات الإلهيّة بالذات لا بالواسطة، ثمّ عليّ (عليه السّلام) بوساطة الحقيقة المحمديّة، ثمّ الأئمّة (عليهم السّلام) بوساطة الحقيقة العلويّة،


/ 83