لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء - نسخه متنی

محمد علی بن احمد القراچه داغی التبریزی الانصاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




و في الزيارة الجامعة: «السلام على محالّ معرفة اللَّه، و مساكن بركة اللَّه، و معادن حكمة اللَّه...الخ».


فهي مباركة لافاضة جميع الفيوضات التشريعيّة و التكوينيّة منها، و هي الشجرة الكلّية النابتة في مقام (أو أدنى)، و بيداء الإبداع و الإختراع، و صحراء المشيئة و الإرادة، لتشعّب وجوه تعلّقاتها بذرّات الوجود التي لا تتناهى في مراتب الإمكان شعوباً و قبائل و هي أصل البركة و فرعها: «إنْ ذكر الخير كنتم أوّله و آخره و أصله و فرعه... الخ».


و هي لا شرقيّة و لا غربيّة أي لا يهوديّة و لا نصرانيّة، لأنّ اليهود تصلّي إلى المغرب و النصارى الى المشرق، أو ليس من شرق عالم الوجوب و القدم، و لا من غرب عالم الإمكان الخاصّ و الحدوث، بل أمر بين الأمرين، أي ليس بخالق و لا مخلوق بل هو من عالم الأمر و إن كان مخلوقاً أيضاً.


قال (عليه السّلام): «نحن صنائع اللَّه و الخلق بَعْدُ صنائع لنا، أو صنائعنا»


[مشارق الأنوار: 39، البحار 33: 58 ح 398.]، و هو كائن بالكينونة لا بالتكوين مع قولهم (عليهم السّلام) حقّ و خلق و لا ثالث بينهما.


أو ليست من الإمكان الصرف و لا الكون الخالص، بل الإمكان الراجح «يكاد زيتها يضي ء» أي يكاد نور محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله) يتبيّن للناس و لو لم يتكلّم أي نور نبوّته أو نور ظهوره، أو نور علمه و حكمته، أو نور وجوده لغاية استعداده، «و لو لم تمسسه نار» الأمر الإلهي تشريعاً أو تكويناً.


أو المراد من نور اللَّه هو نور محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله) أي نور علمه و ولايته و نحوهما ظهر في فاطمة (عليهاالسّلام)، و منها ظهر في الأئمة (عليهم السّلام)، ففاطمة (عليهاالسّلام) هي الزجاجة و الأئمة (عليهم السّلام) المشكاة.


قال الرضا (عليه السّلام): نحن المشكاة فيها المصباح محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله) يهدي اللَّه لولايتنا من أحبّ


[مجمع البيان الجزء الثامن عشر/ سورة النور، عنه البحار 4: 23.]، فيوقد هذا المصباح من


الشجرة المباركة أي شجرة القدرة الإلهيّة لا جبر فيها و لا تفويض، و بركتها لكثرة مقدورات الباري سبحانه، يكاد آثار تلك القدرة تظهر في صفحة الإمكان بالتكوين و لو لم تمسسها نار أمر اللَّه.


أو الشجرة المباركة هي سلسلة إبراهيم (عليه السّلام)، و بركتها لكونها مشتملة على الأنبياء الكثيرة، يكاد آثار نور محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله) تسطع و لو لم يأن وقت ظهوره، فنور محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله) نور على نور، أي نور طرء آثاره على نور آخر هي فاطمة (عليهاالسّلام)، أو المراد هو نفس محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله) فإنّه نور اللَّه في السماوات و الأرضين.


قال تعالى: «يا أيّها النّبيّ انّا أرسلناك شاهداً و مبشّراً و نذيراً- و داعياً إلى اللَّه بإذنه و سراجاً منيراً»


[الأحزاب: 45- 46.] و هو في صلب عبد اللَّه و هو في صلب عبدالمطلب، أو محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله) في صلب إسماعيل و هو في صلب إبراهيم (عليه السّلام).


«يوقد من شجرة مباركة» أي الشجرة النبوّة أي سلسلة إبراهيم (عليه السّلام) لكون أكثر الأنبياء من صلبه، و ذلك من آثار البركة، و لأنّ من صلبه نبيّنا (صلّى اللَّه عليه و آله) الذي هو أصل البركة و فرعها، «لا شرقيّة و لا غربيّة» أي ما كان إبراهيم يهوديّاً و لا نصرانيّاً فيكون شرقيّاً أو غربيّاً، أو شجرة الملّة الإبراهيميّة التي ليست يهوديّة و لا نصرانيّة.


يكاد آثار النبّوة تطلع من تلك الشجرة و السلسلة، أو آثار الهدى من تلك الملّة، «و لو لم تمسسه نار» الأمر الإلهي بإبداء آثار النبّوة «نور على نور» نبيّ من نسل نبيّ أو وليّ، أو لامتياز ملّة إبراهيم (عليه السّلام) عن الملل الشرعيّة الاُخر بمزايا كثيرة، أو المراد هو نور العلم في صدر النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله).


و «المصباح في زجاجة» قال الباقر (عليه السّلام): الزجاجة صدر عليّ (عليه السّلام)


[البحار 23: 311 ح 17، عن تفسير فرات الكوفي: 281 ح 381، و نحوه مجمع البيان سورة النور.]، أي صار علم النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) صدر


عليّ (عليه السّلام)، قال النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): يا عليّ أنت نفسي التي بين جنبيّ، و فسّر العلم هنا بالنبوة أيضاً، فيكون المراد العلوم الحاصلة بها لا نفسها.


قال الباقر (عليه السّلام): «يوقد من شجرة مباركة» هي نور العلم الإلهي، «لا شرقيّة و لا غربيّة» لا يهوديّة و لا نصرانيّة، يكاد العالم من آل محمّد يتكلّم بالعلم قبل أن يُسأل، «نور على نور» أي إمام مؤيّد بنور العلم و الحكمة في أثر الإمام من آل محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله)، و ذلك من لدن آدم (عليه السّلام) إلى أن تقوم الساعة، فهؤلاء الأوصياء الذين جعلهم اللَّه خلفاء في أرضه و حججه على خلقه، لا تخلو الأرض في كلّ عصر من كلّ واحد منهم.


قيل: و يدلّ عليه قول أبي طالب سلام اللَّه عليه:




  • أنت الأمير محمّد
    قرمٌ



  • قرمٌ
    قرمٌ



[القَرْمُ من الرجال: السيد المعظّم/ لسان العرب.

أَغَرٌّ


[الغُرَّة]




  • بالضمّ
    : بياض في الجبهة، و رجل أَغَرٌّ: كريم الأفعال واضحها/ لسان العرب.



  • : بياض في الجبهة، و رجل أَغَرٌّ: كريم الأفعال واضحها/ لسان العرب.
    : بياض في الجبهة، و رجل أَغَرٌّ: كريم الأفعال واضحها/ لسان العرب.




مسوّدُ


[المُسَوَّدُ: السيّد/ لسان العرب.]



]




  • لمسوّدين أطاهر
    أنت السعيد من السعود
    من لدن آدم لم يزل
    و لقد عرفتك صادقاً
    ما زلت تنطق بالصواب
    و أنت طفل أمردُ



  • كرموا و طاب المولدُ
    تكنّفتك الأسعدُ
    فينا وصيٌّ مرشدُ
    و القول لا يتفنّدُ
    و أنت طفل أمردُ
    و أنت طفل أمردُ



[راجع توحيد الصدوق: 158 ح 4، و نحوه مجمع البيان، الجزء الثامن عشر، في سورة النور.







أو من شجرة النقي و الرضوان، أو دوحة الهدى و الإيمان، شجرة أصلها النبوة و فرعها الإمامة، و أغصانها التنزيل، و أوراقها التأويل، و خدمها جبرئيل و ميكائيل، أو من شجرة عليّ (عليه السّلام) كما في بعض الأخبار، أي يظهر العلم من عليّ، و هو الشجرة المباركة التي ليست بشرقيّة و لا غربيّة، أي ليس هو بيهود و لا نصارى... الخ.






و في خبر آخر عن الباقر (عليه السّلام) انّ معنى الآية: أنا هادي من في السماوات و الأرض مثل العلم الذي أعطيته، و هو نوري الذي يُهتدى به مثل المشكاة فيها المصباح، فالمشكاة قلب محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله)، و المصباح نوره الذي فيه العلم.


و قوله: «المصباح في زجاجة» يقول: إنّي اُريد أن أقبضك فاجعل الذي عندك عند الوصيّ كما يجعل المصباح في الزجاجة، «كأنّها كوكب درّي» فأعلمهم فضل الوصيّ، «يوقد من شجرة مباركة» هي إبراهيم (عليه السّلام) و هو قوله تعالى: «رحمت اللَّه و بركاته عليكم أهل البيت إنّه حميد مجيد»


[هود: 73.]


و هو قوله تعالى: «إنّ اللَّه اصطفى آدم و نوحاً و آل إبراهيم و آل عمران على العالمين- ذرّية بعضها من بعض و اللَّه سميع عليم»


[آل عمران: 33- 34.]


«لا شرقيّة و لا غربيّة» يقول: لستم بيهود فتصلّوا قبل المغرب، و لا بنصارى فتصلّوا قبل المشرق، و أنتم على ملّة إبراهيم (عليه السّلام)، و قد قال تعالى: «ما كان إبراهيم يهوديّاً و لا نصرانيّاً و لكن كان حنيفاً مسلماً و ما كان من المشركين»


[آل عمران: 67.]


و قوله: «يكاد زيتها يُضي ء» مثل أولادكم الذين يولدون منكم مثل الزيت الذي يعصر من الزيتون، يكادون أن يتكلّموا بالنبوة و لو لم ينزل عليهم ملك


[الكافي 8: 380 ح 574، عنه البحار 4: 19 ح 7، و تفسير الصافي 3: 435، و تفسير كنز الدقائق 9: 306.]


أو المراد من نوره تعالى هو محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله)، «كمشكاة» هو صدر عليّ (عليه السّلام)، «فيها مصباح» نور العلم من محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله) في صدر عليّ (عليه السّلام)، «المصباح في زجاجة» هو الحسن بن عليّ (عليه السّلام)، «الزجاجة» هو الحسين (عليه السّلام)، «كأنّها كوكب درّيّ»


فاطمة (عليهاالسّلام) تزهر لأهل السماء، «يوقد من شجرة» عليّ بن الحسين (عليه السّلام)، «مباركة» محمّد بن عليّ (عليه السّلام)، «زيتونة» جعفر بن محمّد (عليه السّلام)، «لا شرقيّة» موسى بن جعفر (عليه السّلام)، «و لا غربيّة» عليّ بن موسى (عليه السّلام)، «يكاد زيتها يضي ء» محمّد بن عليّ الجواد (عليه السّلام)، «و لو لم تمسسه نار» عليّ بن محمّد الهادي (عليه السّلام)، «نور على نور» الحسن بن عليّ العسكريّ (عليه السّلام)، «يهدي اللَّه لنوره من يشآء» القائم المهديّ (عليه السّلام)، هكذا ورد في بعض الروايات


[راجع شرح توحيد الصدوق للقاضي سعيد القمي 2: 666، نحوه.]


و روى أخبار اُخر في تفسير هذه الآية، أي تأويلها بالأئمة (عليهم السّلام) بغير ترتيب هذه الرواية، و تطبيق الآية على معنى يستفاد منه هذا الترتيب يحتاج إلى بسط و تفصيل لا يليق بالمرحلة.


أو المراد من النور نور محمّد في روح محمّد في نفس محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله)، يوقد من شجرة العقل الكلّي المجرّد عن التعلّق بالبدن و عن الإرتباط، أو نور محمّد في نفس محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله) في جسم محمّد، يوقد من شجرة الروح الكلّيّة التي هي لا شرقيّة مجرّدة عن الإرتباط و تعلّق الإنحطاط، و لا غربيّة منكرة لمبدئها لغلبة طبيعتها و غلظ مادّتها كالأجسام.


أو نور محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله) في مادّة محمّد في جسم محمّد، يوقد من شجرة النفس المطمئنّة، لا أمّارة في عالمه، و لا لوّامة تلوم على الخير و الشر بل مطمئنّة، أو لا شرقيّة عالية و لا غربيّة غالية، أو لا شرقيّة مسرفة و لا غربيّة مقترة، أو لا شرقيّة متعزّزة على من يأهل له الذلّة، و لا غربيّة متذلّلة لمن يأهل عليه العزّة، بل أذلّة على المؤمنين أعزّة على الكافرين.


أو لا شرقيّة ناصبة للدين، و لا غربيّة تابعة للمجاهدين


[كذا في المتن، و لعلّ الأنسب: تابعة للجاهلين.]]، أو لا شرقيّة تثبت الألوهيّة و المعبوديّة لشي ء من المخلوقين، و لا غربيّة تجحد ولاية


أميرالمؤمنين (عليه السّلام)، أو لا مدّعية ما ليس لها و لا منكرة لما لها، أو لا قانطة من رحمة اللَّه و لا آمنة من مكر اللَّه، و الحاصل في الجميع انّها متوسّطة بين طرفي الإفراط و التفريط و معتدلة.


أو يوقد ذلك النور في الجميع من شجرة الأرض الجرز، و الأرض الميتة التي هي مغرس أغصان الحكمة و منشأ هياكل التوحيد، و هي أرض الماهيّات و القابليّات و الإستعدادات، أو من شجرة الإمكان و الصلوح المجرّد التي لها فروع متكثّرة.


يكاد زيتها يضي ء أي يكاد قابليّة عقله أو روحه أو نفسه و نحو ذلك تظهر في الكون لشدّة تأهّلها للوجود قبل أن تنفعل من نار الجود، أو تكاد تفنى ظلمتها قبل أن يستولي عليها نور الحقّ، أو تكاد تنوجد الماهيّة لقرب رتبتها من المبدأ قبل أن توجد بتبعيّة الوجود، أو تكاد أن تنبت أرض الماهيّة تلك الأشجار المباركات، أو تكاد شجرة الإمكان تثمر بثمار الموجودات.


أو المراد من النور هو النبوّة، و الزجاجة قلب النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله)، و المشكاة صدره، و هذا النور يوقد من شجرة الوحي المباركة بإفاضة الأحكام الشرعيّة، و هذه الشجرة حادثة في عالم الأمر لا عالم الخالق أو المخلوق، كما ورد انّ القرآن لا خالق و لا مخلوق بل هو من عالم الأمر


[تفسير العيّاشي 1: 6، ح 14، عنه البحار 92: 120 ح 8.]


يكاد زيت هذه الشجرة و هو الحجج القرآنيّة تتّضح و إن لم تُقرأ، أوانّ حجج اللَّه تُضي ء و إن لم ينزل القرآن و لم يُتدبّر، و هذا المصباح نور على نور أي مع سائر الأدلّة قبله في الآفاق و الأنفس، أو مع سائر الكتب الإلهيّة.


أو المراد من النور هو القرآن في قلب النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) في صدره الشريف، قال تعالى: «نزل به الروح الأمين- على قلبك لتكون من المنذرين- بلسان عربّي مبين»


[الشعراء: 193- 195.] و قال تعالى أيضاً: «و أنزلنا إليكم نوراً مبيناً»


[النساء: 174.] و الأنوار


الحقيقيّة ترجع كلّها إلى القرآن الظاهري و الباطني، و البواقي كما مرّ.


أو المراد من النور هو الأدلّة الدالّة على توحيده، و هي في القرآن في قلب النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله)، و الشجرة هو الوحي، و معنى لا شرقيّة و لا غربيّة كما مرّ، أو بمعنى انّه ليس بمجمل بالكلّية و لا بمفصّل بالكلّيّة.


أو المراد من النور الهدى، أو العلم و المعرفة في القلوب في صدور الذين اُوتوا العلم، يوقد من شجرة الطينة الصافية، كما ورد انّه ليس العلم في السماء فينزل إليكم، و لا في تخوم الأرض فيصعد إليكم، و إنّما جبل في جبلّتكم فتخلّقوا بأخلاق اللَّه يظهر لكم.


لا (شرقية و لا غربيّة): لا يهوديّة و لا نصرانيّة، أو لا عالمة بالضرورة و البداهة و لا جاهلة بليدة، أو لا نورانيّة صرفة و لا ظلمة محضة، و نحو ذلك، أو لا مشتبهة صرفة لا تفيق من جهلها، و لا مستقيمة أصيلة غير محفوفة بظلمات الأوهام و الحجب و الخيالات، يكاد من قابليّتها تعلم العلوم بداهة، و لو لم تمسسه نار الإكتساب بالنظر.


أو المراد من النور هو القرآن في لسان المؤمن في فمه، يوقد هذا النور من شجرة الوحي المباركة بكونها منشأ الأحكام الشرعيّة الموجبة للنجاة الاُخرويّة، و البواقي على نحو ما مرّ.


أو المراد عدله تعالى أو أمره الذي قامت به السماوات و الأرض، أو وجهه الباقي بعد فناء كلّ شي ء، أو صفته تعالى أيّ صفة كانت كلّ ذلك في قلب النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) في صدره، أو سبحات جلاله و جماله الدالة على توحيده تعالى ذاتاً و وصفاً و فعلاً و عبادة، أو الأدلّة الآفاقيّة و الأنفسيّة كذلك في قلب المؤمن في صدره، و الشجرة هو الفيض الإلهي الجاري من عالم الأمر و المشيّة و الإرادة، يكاد ذلك الفيض يجري في أودية العوالم الإمكانيّة، و لو لم تمسسه نار المشيّة و الإرادة.


أو المراد ميل الطاعة في قلب المؤمن في صدره، يوقد من شجرة الطينة


النورانيّة الإعتداليّة، يكاد الإيمان يظهر منه من جهة كمال الإستعداد و القابليّة.


أو المراد النور الذي خلق منه المؤمن، فهو في طينته الكامنة في باطنه، يوقد من شجرة القدرة الإلهيّة، أو الرحمة الرحيميّة التي لا إفراط فيها و لا تفريط، يكاد زيتها يضي ء لأنّه أرحم الراحمين و أقدر القادرين، و لو لم تمسسه نار تتّقد من أشجار القابليّات.


أو المراد هو نور الإيمان في قلب المؤمن في صدره، و يؤيّده قراءة اُبيّ: مثل نور من آمن به، أو مثل نوره الذي أعطى المؤمن، قال محمّد بن إبراهيم البوسيجي: من قال انّ النّور الذي في قلب المؤمن هو مخلوق فهو جهنّمي.


أو المراد من النور هو الحق، شبّهه بالنّور في ظهوره و بيانه كما في آية: «يخرجهم من الظلمات إلى النور»


[البقرة: 257.] أي من الباطل إلى الحقّ، يوقد هذا النور من شجرة مباركة هي المؤمن نفسه، كما في الخبر، أو هي نفس المؤمن فإنّ النفس كالشجرة في تطوّراتها، و تشعّب تعلّقات أفعالها، و ثمرتها الأحكام الوجوديّة و التشريعيّة، و المؤمن أو نفسه لا يهودي و لا نصراني، يكاد نوره الأصلي يظهر بالإيمان و لو لم تمسسه نار الدعوة.


أو الشجرة هي شجرة الإخلاص للَّه وحده لا شريك له في مراتب التوحيد الأربع، و هذه الشجرة لا يصيبها الشمس على أيّ حال لا إذا طلعت و لا إذا غربت، و كذلك المؤمن يحترز من أن يصيبه شي ء من الفترة، فهو بين خصال أربع: إن اُعطي شكر، و إن ابتلي صبر، و إن حَكَمَ عَدَلَ، و إن قال صَدَقَ، نور على نور أي ينقلب في خمسة من نور: علمه نور، و كلامه نور، و مدخله نور، و مخرجه نور، و مصيره يوم القيامة إلى الجنّة نور


[مجمع البيان/ الجزء الثامن عشر/ سورة النور، عنه البحار 4: 23 ح 7.]


أو انّ إيمان المؤمن من نور، و قلبه نور، و صدره نور، بل ظلّه نور، و إلّا لم يقبل الإيمان، و حاصل إخلاصه نور، و نظير الوجهين هنا في معنى (نور على نور)


يجري في جميع الوجوه السابقة، أو انّ إيمانه نور على نور أي فريضة على فريضة، و سنَّة على سنّة، و شجرة الإخلاص مستقيمة في القلب لا تميل إلى أحد الطرفين، و هي مباركة إذ جميع الخير انّما يحصل من هذه الشجرة، يكاد زيتها و هو النور الذي جعله اللَّه في قلبه يضي ء و إن لم يتكلّم به.


تتميم الكلام بكلام أربعة نفر من الأعلام:



الأوّل: ما ذكره القاضي البيضاوي


[تفسير البيضاوي 3: 198، عنه البحار 4: 20.] بقوله: «اللَّه نور السماوات و الأرض» النور في الأصل كيفيّة تدركها الباصرة أوّلاً و بوساطتها سائر المبصرات، كالكيفيّة الفائضة من النيرين على الأجرام الكثيفة المحاذية لهما، و هو بهذا المعنى لا يصحّ إطلاقه على اللَّه إلّا بتقدير مضاف أو ارتكاب تجوّز، أي اللَّه تعالى منوّر السماوات و الأرض بالكواكب و ما يفيض عنها من الأنوار، أو بالملائكة و الأنبياء.


أو مدبّرها من قولهم للرئيس الفائق في التدبير: نور القوم، لأنّهم يهتدون به في الأمور، أو موجدهما فإنّ النور ظاهر بذاته مظهر لغيره، و أصل الظهور هو الوجود كما انّ أصل الخفاء هو العدم، و اللَّه سبحانه موجود بذاته موجد لما عداه، أو الذي به يدرك أو يدرك أهلهما من حيث انّه يطلق على الباصرة لتعلّقها به، أو لمشاركتها له في توقّف الإدراك عليه، ثمّ على البصيرة لأنّها أقوى إدراكاً، فإنّها تدرك نفسها و غيرها من الكلّيات و الجزئيّات الموجودات و المعدومات، و يغوص في بواطنها، و يتصرّف فيها بالتركيب و التحليل.


ثمَّ إنّ هذه الإدراكات ليست لذاتها و إلّا لما فارقتها، فهي إذن من سبب يفيضها عليها، و هو اللَّه سبحانه و تعالى إبتداء أو بتوسّط الملائكة و الأنبياء و لذلك سمّوا أنواراً، و يقرب منه قول ابن عباس: معناه هادي من فيهما، فهم بنوره يهتدون.


ثمَّ ذكر في بيان التمثيل وجهين، أحدهما الهدى الذي دلّ عليه الآيات


البيّنات، و الثاني ما نوّر اللَّه به قلب المؤمن من العلوم و المعارف، ثمَّ قال: أو أنّه تمثيل لما منح اللَّه به عباده من القوّة الدرّاكة الخمس المترتبة التي يناط بها المعاش و المعاد، و هي الحسّاسة التي تدرك المحسوسات بالحواس الخمس، و الخياليّة التي تحفظ صور تلك المحسوسات لتعرضها على القوّة العقليّة متى شاءت، و العقليّة التي تدرك الحقائق الكلّية، و المفكّرة و هي التي تؤلّف المعقولات لتستنتج منها علم ما لم يعلم، و القوّة القدسيّة التي يتجلّى فيها لوائح الغيب، و أسرار الملكوت المختصّة بالأنبياء و الأولياء، و المعنيّة بقوله تعالى: «و لكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا»


[الشورى: 52.] بالأشياء الخمسة المذكورة في الآية، و هي المشكاة، و الزجاجة، و المصباح، و الشجرة، و الزيت.


فإنّ الحسّاسة كالمشكاة لأنّ محلّها كالكُوى، و وجهها إلى الظاهر لا يدرك و راؤها، و إضاءتها بالمعقولات لا بالذات، و الخياليّة كالزجاجة في قبول صور المدركات من الجوانب، و ضبطها للأنوار العقليّة، و إنارتها بما يشتمل عليها من المعقولات، و العاقلة كالمصباح لاضاءتها بالإدراكات الكلّية و المعارف الإلهيّة، و المفكّرة كالشجرة المباركة لتأدّيها إلى ثمرات لا نهاية لها، و الزيتونة المثمرة للزيت الذي هو مادّة المصابيح التي لا تكون شرقيّة و لا غربيّة، لتجرّدها عن اللواحق الجسميّة، أو لوقوعها بين الصور و المعاني متصرّفة في القبيلتين منتفعة من الجانبين، و القوّة القدسيّة كالزيت فإنّها لصفائها و شدّة ذكائها تكاد بالمعارف من غير تفكّر و لا تعليم.


أو تمثيل للقوّة العقليّة في مراتبها بذلك، فإنّها في بدء أمرها خالية عن العلوم، مستعدّة لقبولها كالمشكاة، ثمَّ ينتقش بالعلوم الضروريّة بتوسّط إحساس الجزئيّات بحيث يتمكّن من تحصيل النظريّات، فيصير كالزجاجة متلألئة في


نفسها قابلة للأنوار، و ذلك التمكّن إن كان بفكر و اجتهاد فكالشجرة الزيتونة، و إن كان بالحدس فكالزيت، و إن كان بقوّة قدسيّة فكالذي يكاد زيتها يضي ء، لأنّها تكاد تعلم و لو لم تتصل بملك الوحي و الإلهام الذي مثله النار من حيث انّ العقول تشتعل عنها، ثمَّ إذا حصلت لها العلوم بحيث تتمكّن من استحضارها متى شاءت كانت كالمصباح، فإذا استحضرتها كانت نوراً على نور على نور.


الثاني: ما ذكره حسام الدين الحلبي تلميذ المولوي المعنوي، الذي ألّف و نظم لأجله المثنوي، في تفسيره بقوله: «اللَّه نور السماوات و الأرض» أي وجود السماوات و الأرض و ظهورهما، فإنّ النور و الوفور و الظهور ألفاظ مترادفة، و مفهومها المطابقي الحقيقي و لازمها الذاتي- و هو الظاهر بذاته و المظهر لغيره- واحد.


و يطابق هذا قوله تعالى: «و للَّه المشرق و المغرب أينما تولّوا فثمّ وجه اللَّه»


[البقرة: 115.] أي ذاته و وجوده، و كذا قوله: «هو الأوّل و الآخر و الظاهر و الباطن»


[الحديد: 3.]


و هذا حكم صريح، و إدراك واضح، و علم صحيح، فإنّ اللَّه تعالى وجود السماوات و الأرض و ما فيهما من الموجودات الكائنات، فليس للأشياء وجود سوى اللَّه، و انّ اللَّه تعالى عين الأشياء الظاهرة و الباطنة و الأوّليّة و الآخريّة، و وجودها إجمالاً و تفصيلاً، و وجود كلّ شي ء من المجرّدات الإلهيّة و الكونيّة، العقليّة و النفسيّة، و الجسميّة و الجوهريّة، و العرضيّة البسيطة و المركبة، فإطلاق كلام اللَّه تعالى على المعنى المجازي الغير الظاهري المطابقي و على غير مراده، خارج عن حسن الأدب و الإنصاف.


نعم انّ هذا النوع من الأسرار الإلهيّة، و الأطوار الغيبيّة الغير المتناهية طور وراء طور العقل، و لا يدركه العقل بالإستقلال من غير التأييد الإلهي، و التوفيق الرباني، و الجهاد الصمداني، و الرياض السبحاني، بل المؤثّر في طور التحقيق


/ 83